الأربعاء، 28 مارس 2012

حوار في موضوع: احترام الشعور ..

مقالة : احترام الشعور .. مع حوار جرى حولها في منتدى مخرج :

الوراق :
الاستجابة السريعة للشعور تنتج العبقرية , لأن الشخص سوف يسمع كل أوامر الشعور فيقترب من سرعة الشعور السريع كسرعة الضوء, فالشعور سيعطي أوامر تخص الجسم وأوامر تتعلق بالأكل والشرب وأوامر تتعلق بوقت النوم , كما أنه يعطي أوامر عقلية, وغيرها كثير .

الاستجابة للشعور كلما كانت سريعة كلما أعطاك إحساسك أوامر أكثر , ففي الأكل مثلاً يجب أن يختار شعورك النوع والكم , فتعرض على الشعور الأنواع المتوفرة من الطعام أو الشراب وتجعله يختار منها ما يشاء , فكل شخص يحس أحيانا أنه يشتهي طعاماً مالحاً أو حلواً أو نوعا معينا من الخضار أو الفاكهة ... الخ .

كما أن من يستجيب لشعوره سيقوم بكل الواجبات أو الأعمال التي يأمره بها الشعور وبذلك سيتحول إلى إنسان نشيط , فتصور أنه عندما يقول لك شعورك : أصلح هذا الشيء , أو نظف هذا المكان , أو رتب هذه الأشياء وضعها في مكانها , أو اذهب وأحضر شيئا معينا ولا تؤخره , فإن هذه الاستجابات ستحولك إلى إنسان نشيط , وكل تأخير في الاستجابة للشعور فإنه مدفوع الثمن.
 
الإنسان أمام قضيتين : قضية الاستجابة , وقضية سرعة الاستجابة . لأن الشخص قد يستجيب ولكنه يتأخر في الاستجابة , وهذا محسوب لدى الشعور . والأوامر الشعورية تنطلق إما من الدوائر العليا أو الدوائر السفلى في الشعور , والاستجابة الأولى يجب أن تكون للدوائر العليا لأنها الأرقى , على حساب الدوائر السفلى , فمساعدة إنسان محتاج (وهي من الدوائر العليا) يجب أن تقدم على حاجة النوم (وهي من الدوائر السفلى).
 
كما أننا نجد شخصا يستجيب لشعوره بسرعة في جوانب , بينما تجد لديه جوانب أخرى لا يستجيب فيها لشعوره , لذلك يجب أن يحترم الإنسان كل الأوامر الشعورية , أي نحترم كل الجوانب الشعورية , ومن يريد ذلك فعليه أن يكون مع شعوره في اللحظة قدر الإمكان , فيكون على الدوام يأخذ رأي شعوره وينفِّذ ما يريده , وسيجد كل شخص أن تعامله مع شعوره سيكون أدق وأوضح تدريجياً.
 
كما أن الشعور كلما رأى منك استجابة سريعة أكثر , كلما أعطاك ثقة أكبر , بحيث تجد أمورا كان يمنعك شعورك منها , لكن لاحقا يسمح لك بأن تتعامل معها لأنه صار يثق بك بشكل أكبر . مثل أن تحس بأن شعورك يريد أن يبعدك عن أشخاص معينين أو يمنعك من الذهاب إليهم لخوفه عليك من تأثيرهم أو أفكارهم السيئة , وحين يثق شعورك بك وبعدم تأثرك , سيسمح لك بأن تتعامل معهم لأنه صار يثق بقربك منه وبعدم قدرتهم على التأثير عليك , فالشعور عندما يثق بصاحبه فإنه يعطيه مساحة أكبر للعمل الحركة.

ومن يستجيب للشعور بشكل دائم لا يمرض أو يكون أقل عرضة للأمراض , لأن الشعور يعطيك رسائل شعورية عن كل شيء بشكل مستمر, مثل الرسائل التي يعطيك حول جسمك , فتجد أنه لا يريدك أن تأكل طعاماً حلواً ويريد شيئاً مالحاً مثلا , أو يريد تغيير المكان الذي أنت فيه . فحقك من السعادة هو حقك من الاستجابة للشعور (قانون) , كما أن حق الإنسان من التعاسة أو الشرور هو حقه من كبته للشعور الفطري , لهذا فالإنسان الطبيعي أو من يريد الخير هو عكس الإنسان الصناعي أو من يريد الشر.  

.......................................................
ردود على الموضوع :

يتيمة حظ:
اوك طيب ماذا عن الشعور السلبي ؟؟
كره - بكاء - اكتئاب - احباط - رغبه في الادمان 
يعني لو استجاب لها الانسان راح تترك اثر سلبي على النفس 
هذا ان كانت الاستجابه للشعور استجابه مفتوحه غير محدده
 
.............................................
صدفة:
انا انصح بعدم الاستجابة للشعور ومخالفة هوى النفس ايضا


الوراق:

الالتباس حاصل حول ما أقصده من كلمة شعور في حالته المثالية الصافية من التشويش ، وهذا الوضع الصافي بالكمال نادر أو غير موجود ، لأن الكل عنده أفكار خاطئة ركبت على الشعور , حتى ما يسمى بالمشاعر السيئة هي أفكار ركبت على شعور وليست مشاعر بإطلاق الكلمة , لأن الشعور الصافي لا يحمل الشرور وهدفه أصلاً الوصول إلى الله , فلا يـوجـد شـيء اسـمـه شـعـور سـيء ولا خـاطـئ حـتـى ، وأنا أعتبر أن الشعور كله خيِّر في الأساس ، لكن بما أن الدنيا ليست كلها خيرة وجب أن يتحكم العقل في أولويات الشعور ، والعقل الراقي هو المبني على الشعور الراقي بالدرجة الأولى.

الشعور عبارة عن برلمان وأعضاؤه غير متساوين ، فليس القرار بالأغلبية دائماً , لأن هناك دوائر عليا في الشعور وهي ما تعطي الإنسان صفاته الإنسانية ، ودوائر دنيا تعطي الإنسان صفته المادية أو الحيوانية .

أنا طلبت الاستجابة للشعور من خلال محكمته ، فمثلاً شخص فقير يرى ما يمكن سرقته ، هنا سوف تُجرى المحاكمة في داخله ، فمشاعره المرتبطة بماديته تريده أن يأخذ هذا المال لكي يتنعم جسمه ويشبع شعور الجوع مثلا، أما مشاعره العليا فتقول له أن هذا ظلم والسرقة حرام ، وهنا يأتي دور العقل فيقيم المعطيات ويحسب النتائج وتبعات كلا الشعورين ويبحث عن بديل يرضي الطرفين ، كأن يقول له : اذهب واعمل بدلاً من السرقة فترضي شعورك الإنساني وشعورك الحيواني، والعقل السليم ينتصر للشعور الأعلى .

كل مشاعر سيئة تأتينا فهناك مشاعر حسنة تقابلها ، المشاعر السيئة سلبية أما الشعور بأصله فهو إيجابي ، فما قسونا مرة إلا وكان عندنا شعور يقول : ارحم . وما كذبنا مرة إلا وعندنا شعور كان يقول: اصدق . لكننا لم نختر الشعور الجيد واخترنا الأسوأ, أو بالأصح لم نختر الشعور وإنما اخترنا الفكرة . وهذا دليل على ما أسميناه شعوراً سيئاً ليس هو الشعور وإنما هو فكرة سيئة استغلت شعوراً منسحباً , والشعور لا يتحمل الانسحاب لأنه في أساسه إيجابي -بل هو الإيجابية فينا أصلاً- ويحاول أن يعود إلى سابق وضعه , وطبعاً لا يستطيع أن يعود من نفس المكان الذي انسحب منه فيحتقن يريد مخرجاً عقلياً , وهنا تأتي الفرصة للشيطان لتركيب فكرة سيئة على هذا الشعور المندفع من جديد بدون وجود فتحة عقلية مناسبة ليخرج من خلالها , والشيطان من الجن والإنس يصيد في الماء العكر ويستغل الفرص مثلما قال الشيطان :(لأقعدن لهم صراطك المستقيم) , فالشيطان يترصد للشعور وينتظر عودته ليوحي له بالأفكار السيئة بعد أن علم أنه ساحب , فانظر إلى دقة القرآن بقول "لأقعدن" أي أن الشيطان قاعد ينتظر حركة الشعور حتى يحرفها عن فطرتها السليمة.

ولا يوجد أي نشاط للإنسان إلا بدافع للشعور , فمثلاً تلميذ يرى أنه هو الأفضل في الفهم من بين بقية التلاميذ , فهنا شعوره إيجابي وغير منسحب في هذه الناحية , وانتقل فيما بعد إلى الفصل تلميذ جديد أُعجب المعلم بفهمه السريع , نرى أن الطالب الأول أصيب بالفتور وخف نشاطه وامتقع لونه , أي انسحب شعوره عما كان يغطيه بأنه هو أفضل تلميذ في الصف , وبما أن الشعور كما قلنا لا يحب أن يبقى منسحبا بل يريد الإيجابية, يأتي الشيطان ليركِّب فكرة شريرة على هذا الشعور الراجع بعد انسحاب من باب التعويض, فيوسوس له بالغيرة والحسد ليبني عليها أفكارا شريرة أخرى تحمل الإساءة لهذا التلميذ الجديد , ونلاحظ أن هذه الأفكار لم تكن معه عندما كان شعوره منسحباً , مع أن شعوره المنسحب يقول له : لا تفعل . وهو الذي يسبب له التردد , ويشعره بالذنب مما يجعل نظراته تتوتر وتدور من اليمين لليسار كلما أراد أن يشوه صورة ذلك التلميذ الجديد .

ولاحظ أن الشيطان أصبح شريراً لما أُمر بالسجود لآدم ولم يؤمر آدم بالسجود له , ولم يكن شريراً قبل ذلك , أي أن آدم أفضل منه . وهكذا الشعور ينبهنا في البداية على شكل ألم ثم يعود في النهاية ذلك الشعور الناصح ليظهر بقوة على شكل ندم بعد أن أهملناه. 

إذن ما يسمى بمشاعر سيئة ليست في حقيقتها إلا أفكاراً سيئة وليست مشاعر، وإنما جاءت من الشيطان أو من الناس الذين تأثروا بأفكار الشيطان ووسوسته ودخلت أفكارهم في عقولنا دون تمحيص ورُكّبت على الشعور . أما الشعور الخام فهو خير لا شر فيه ، فالزنا مثلاً فكرة خاطئة ركِّبت على شعور طبيعي أساسه بقاء النوع البشري ، لكن الزنا وما يؤدي إليه من شرور لا تعد ولا تحصى , هو فكرة شيطانية استغلت شعوراً طبيعياً. و مثلا شخص يريد أن يكسب المال ليطعم أولاده من خلال النصب على الناس ، فالشعور صحيح ، لكن الفكرة خاطئة . 

الغيرة والحسد مثلاً أساسها شعور سليم بأن نكون بالوضع الأفضل دائماً ، فهذا مطلب شعوري ، لكن ركب الشيطان عليها فكرة شريرة هي عداوة من نرى أنه أفضل منا فنحسده أو نغار منه ونقلل من شأنه وربما نؤذيه . وهنا نفهم أن الغيرة ليست أمراً طبيعياً كما يقول البعض خصوصاً من بعض النساء .

إذن ليس عندنا مشاعر سيئة بل تأتينا أفكار سيئة .

قال المتنبي :

كلما أنـبـت الزمان قـنـاة *** ركب الناس في القناة سنانا

ومراد النفوس أصغر من أن *** نـتـعادى فـيـه وأن نـتفـانـى

كذلك الكرامة من الشعور الفطري لكن يستغلها الشيطان أيضاً ، وربما حصلت جنايات فضيعة بسبب الإحساس بمساسها ، فشخص سب شخصاً آخر بكلمات بذيئة فيقتله بحجة الدفاع عن الكرامة , فيكون بهذا أساء لشعوره وشعور غيره . وكذلك مشاعر الغضب هي في أساسها شعور مندفع بعد انسحاب ليعود إلى ما كان يغطيه , مثل أن يكسر الطفل الكأس ويريق ما فيه هنا ينسحب الشعور للحظة بسبب هذه النتيجة السيئة , ثم يعود الشعور مندفعاً فتأتي الأفكار السيئة لأن الجو مناسب لإمكانية قبولها.

وهكذا يفعل الشيطان فيستغل ظروفنا لأنه هو عدونا كما أشار القرآن ولم يذكر لنا عدو غيره . أو مثل شخص أخافك فجأة فتجد أنك منسحب ومتراجع إلى الخلف ثم يعود شعورك مرة أخرى على شكل اندفاع لا يعرف الخوف ولا تحس بالألم , وهذا ما يحصل للجنود في الحرب فيحصل لهم سحب وخوف في بداية المواجهة وهذا ما يتسبب لبعضهم بالفرار , ثم بعد ذلك يأتيهم هيجان فلا يخافون الموت وهو الشعور المرتد لأن الشعور لا يطيق الانسحاب , -ومن هنا نفهم خطورة عدم احترام الشعور حتى على الصحة- . وهكذا لا شجاعة إلا بعد خوف , فالخوف انسحاب شعور والشجاعة انطلاق شعور , لهذا نجد الطفل الذي يريد أن يتصارع مع طفل آخر لا يهجم عليه مباشرة بل يستفزه ويتحرش به لكي يغضبه الطفل الآخر ليؤذيه أو يخيفه ثم ينطلق عليه هذا الطفل مرة أخرى , لذلك الحروب لا تقوم إلا بعد تحرش , وهنا نفهم سبب المبارزة في الحروب القديمة فهي لأجل تحفيز الشعور وانطلاقه بعد الخطبة العاطفية التي يلقيها القائد . فالشيطان يستغل الشعور المرتد بعد انسحاب ليُنتج منه المآسي من خلال الإيحاء بأفكار سيئة ينتج عنها العنف والطلاق والقتل إلى آخره من الشرور التي تلمع على شكل أفكار تستغل لحظة الغضب الهائج. 

وفي مجال الصحة نلاحظ أن مرض السرطان هو زيادة في الخلايا , وضغط الدم هو توتر في الأعصاب وفي العضلات يضغط على الشرايين ويضيقها , والصرع هو زيادة في الشحنات الكهربائية , والقولون هو تهيجات وتقلصات , والقرحة سببها زيادة في حموضة المعدة , كذلك الحساسية عبارة عن توتر وتهيج , أي كلها سلوكات إيجابية ومعروف ارتباط هذه السلوكيات والأعراض بالحالة النفسية للشخص أي ارتباطها بالشعور , أي أنها ليست إلا شعور راجع وتعبير عن عدم احترام الشعور وعدم تأمين ممرات ومخارج طبيعية له . حتى الأمراض النفسية بعضها يعبر عن انسحاب الشعور وبعضها يعبر عن اندفاعه , فالاكتئاب عبارة عن انسحاب والهيستريا عبارة اندفاع.


وهكذا نفهم خطورة التعامل مع الشعور , وخطورة عدم احترامه في كل مستوياته خصوصاً العليا منها , والتي لا يعتبرها الماديون من غرائز الإنسان مع الأسف مكتفين فقط بالغرائز الحيوانية , ولا أقصد بذلك الأفكار السيئة.

 
وشكراً ..

آراء في أشهر الآراء : سيجموند فرويد (تفسير الأحلام) -6- ..

الحلقة السادسة ..

هذا غير صحيح ، كل رغبة مقترنة بالزمن الحاضر . من الجنون أن يموت الزمن ولا تموت الرغبة ! على كلام فرويد : قد يكون الشخص قد شعر بالبرد قبل عشرين سنة ! اذا رغبته بالتدفئة لا تزال قائمة حتى الان ! اذا عليه ان يشتري مدفأة كهربائية و ملابس شتوية حتى لو كان في الصيف ، ليقضي تلك (الرغبة-الدين) . و هو يقول ان الحلم تحقيق رغبات مدفونة لم تحقق في حينها في الطفولة ، و ذهبت الطفولة و بقيت الرغبات مكبوتة ! اذا كلامه غير منطقي ولا واقعي ، لأن كل مكبوت ينتظر التنفيس ..

اذا سقطت فكرة المدفونات في اللاشعور كلها ، و سقط معها اللاشعور كله ؛ لانه لا رغبة تتعلق بالماضي اصلا .. الرغبة مرتبطة بالحاضر و المستقبل .. فالماضي مات و لا يمكن ان يحقق فيه اي شيء من رغباته ، مثلما ماتت معه مخاوفه و مثلما مات واقعه واسعار عملته .. كل يوم يـُنقل الانسان الى واقع جديد و تجربة جديدة و اختبار جديد ، و يـُنقـَل معه العالم كله .. لا يبق من الماضي الا ما له علاقة بالمستقبل .. اما الباقي فلا قيمة له .. ولهذا ندرس التاريخ لاخذ العبرة للمستقبل و الحاضر - الذي هو مستقبل قريب - ..

اذا الماضي ليس مجالا للشعور .. و اذا ندّمك الشعور على اشياء في الماضي ، فهذا لأجل مراعاتها مستقبلا و لتصحيح مسارك .. فالشعور ليس مجنونا لكي يهتم برغبات مات زمانها .. و كل رغبة معلقة حتى ولو كانت بدايتها في الماضي ، لم تـُعلّق إلا لأجل إمكانية تحقيقها في المستقبل ..

اذا على تفسير فرويد : ينبغي ان يكون هذا الشخص الحالم يرغب في موت والده مستقبلا و ليس في الماضي ، لأنه لا رغبة تـُقسَم على الماضي . و طبعا هذا التفسير سيكون مجنونا ايضا .. فالشخص يبكي حرقة على والده الذي مات في الحلم ، ثم يكون يريد له ان يموت مستقبلا حتى يضحك فرحا بعد ان بكى حرقة ؟؟!! هل تجتمع رغبتان متضادتان في شخص واحد و في وقت واحد ؟ هذه هي النكتة بعينها ، فالنكتة مبنية على التناقض ..

لماذا لا يقول ببساطة : ان هذا الشخص خائف على ان يموت والده ، وان يكون مقصرا في حقه ؟ وان يندم بعد موته ، فيقدمه له على انه مات حتى ينتبه .. و هذا اكبر دليل على ان هذا الشخص يحب والده .. على عكس تفسير فرويد انه يكره والده في اعماقه ويتمنى موته ، و اراد ان يلطفها فرويد بان قال ان تلك الرغبة في موته كانت في الماضي فقط ، وجاء الحلم ليحققها مع ان رغبته الان تغيرت وصار لا يريد له ان يموت !! على هذا المنطق الغريب : اذا كنا نحب تناول الساندويتش ، ثم اصبحنا لا نحبه ابدا : هذا يعني عند فرويد ان الرغبتين كلاهما موجودتان في دواخلنا ، بالرغم من انهما متناقضتان !! وأأسف عن استعمال مثال الساندويتش ، فقد تكون ترمز رمزا جنسيا و انا لا ادري !!

اما الحالم الذي يرى ان عزيزا عليه مات وهو لا يكترث له في الحلم ، فقد تكون نقطة التركيز الشعوري ليست على هذا الموضوع ، و سيكون لها تركيز آخر, و تكون هذه الرؤية لذلك العزيز الميت من باب إحداث التناقضات في الحلم ، حتى لا يُشكل مع الواقع ، ومن الممكن ان أسميها : (عملية تشطيب الحلم) ، كي لا يختلط مع الواقع في الذاكرة ، أو قد يكون رسالة لأن يستعد الشخص لمثل هذه الحوادث و يتحملها ، فربما ان تكثيف الشعور متناسب عكسيا مع عدم اكتراثنا الواقعي , بحيث يهتم بما لا نهتم به في العادة ويقلل المشاعر لما أخذ حقه من مشاعرنا في اليقظة , فالحلم عملية إخراج معقدة تشبه اخراج الفيلم ، و كلها غير عبثية .

* الشقاق والشجار:

كل هذا كلام تعميمي , ولا يوجد أطفال لا يكفون عن الشجار فيما بينهم أبدا دون أن يمروا بلحظات صفاء وانسجام ولعب . ونحن نعرف متى يتم الشجار بينهم .. دائما الشجار له اسباب واضحة و منطقية عند الأطفال, و يذكرونها إذا سألناهم عن سبب الشجار , فلماذا الذهاب بعيدا ؟ كثير من هذه الشجارات بسبب الأنانية ، و اكثرها بسبب الخطأ وعدم معرفة الاعتذار وعدم معرفة قبوله ..

انظر إلى أطفال يلعبون بالرمل و يرفعون التراب و يلقونه على الارض ، فلأن حركاتهم غير دقيقة تجد أن أحدهم رمى التراب على وجه صديقه دون أن يقصد ، مثلما رماه على شعره هو ، فيلجأ الآخر إلى العنف على اعتبار النية ؛ فالأطفال يعرفون النية , و هي ليست أمراً مكتسباً . أو أطفال يركبون في سيارة مثلا , فأحدهم يبكي و يضرب أخاه لأن الآخر يدوس على رجله دون أن يدري , و لو لم تكن المحبة هي الاساس لما اجتمعوا . أي أن أكثر أسباب الشجار غير مقصودة عند الأطفال , لأن الأطفال لم تتكامل الخبرة عندهم و كذلك المنطق ، و لا كيفية معالجة المشاكل ، فيلجأون إلى العنف .. فطفل يبكي لأنه يريد الحليب ، مع أنه يرى أمه وهي تعد الحليب له ، فلا يعرف أن هناك زمن يجب احترامه حتى يتحقق له ما يريد , لأنه لا يعرف آلية إعداد الحليب . و لو كان يعرفها لانتظر دون أن يبكي . كذلك يفعل هذا الطفل مع طفل آخر يريد منه شيئا ، فيعتقد هذا الطفل أن الآخر يتعمد التأخير فيغضب عليه و يشاجره .

الطفل يعرف النية أكثر من معرفته بالآليات والكيفيات , حتى إذا ضربه الجدار و ضُرِب الجدار وعنّف  يشعر بالراحة , مما يعني أن ربط العمل بالنية أمر أساسي يجب ان نتعلمه من الأطفال .. ومن الأخطاء التي تؤدي إلى ضعف الفهم هو تجريد العمل عن النية , أو القول عن النية ، كما تطالب الثقافة الغربية بإلحاح ؛ لأن فطرة الأطفال كشفت لنا أهمية هذا الأمر .. و الدين مع الفطرة ، لذلك تـُعتمد النية أساسا لقياس العمل في الدين الصحيح و ليس العكس ، فليس العمل هو المهم في الدين بل النية اهم منه .. و بسبب اعتماد الأطفال على النية فمن السهل خداع الأطفال عن طريق ادعاء إظهار النية الحسنة , و لو كانت طبيعة الإنسان شريرة لكان الأطفال أشرارا و لما كانوا مضرب المثل في البراءة .

إذا الطفل يراقب النية فقط و ما يدل عليها ، فإذا ضربته وأنت مكشر الوجه فإنه يبكي ، و إذا ضربته بنفس الضربة و أنت مبتسم فإنه يضحك .. إن الطفل ينظر إلى عينيك و أنت تتعامل معه .. فرويد يريد أن يجعل من الشذوذ قاعدة و من القاعدة شذوذ في كل الأمور , لهذا هو يدري أن أكثر القراء لن يتقبلوا فكرته ، لأن أكثر القراء عندهم منطق .

ليس صحيحا ان الشر هو الاساس والفطرة كما يريد فرويد .. لاحظ انه جعل الاصغر و الاكبر بمستوى عقلي واحد ! كثيرا ما يشعر الاصغر بأنه مظلوم ، في حين يكون الاخ الاكبر حريص على مصلحة الاصغر ويحبه ، لان الاكبر يعرف اكثر مما يعرف الاصغر .. هذا يشبه منظر الطفل الذي يصرخ في وجه امه وهي تعد الحليب ، لانه يراها قد اساءت اليه ، اذا : لماذا لا يقول فرويد ان صراخ هذا الرضيع يعني حقدا على الام و بغضا خفيا لها لانها اغضبته يوما من الايام؟

هو تناسى ان سوء الفهم يزول ، ومع الوقت نكتشف الحقيقة ، وأن آباءنا لم يكونوا يريدوا لنا الا  الخير ، في حين كنا نحسبهم يعاملونا بشر .. اين دور المعرفة في حسابات فرويد ؟ فشخص كنت تظنه يهملك و يتصدد عنك ، ثم اكتشفت انه يحبك : هل شعورك قبل ان يعرف هذه الحقيقة سوف يستمر موجودا فيه ؟ ام ان معرفة الاسباب ستزيله ؟ واذا عرف السبب بطل العجب .. الحقيقة ان سيئاته ستنقلب الى حسنات ..

اذا : تعميمات فرويد بوجود الحقد اللازم بين افراد الاسرة وبقاؤه مكبوتا في اللاشعور تعميم غير حقيقي ، لأنه أهمل تغير النظرة بعد نماء العقل .. والإنسان يسحب كل مشاعره السلبية عن اي احد إذا اكتشف انه قد فهمه فهما خاطئا ، فذاكرة الانسان ليست مستودعا : كل ما وضع فيها يستمر كما تصور فرويد ! هذا التصور خاطئ وغير واقعي البتة .. والا لاستمرت مشاعرنا عن الاشخاص رغم تغيرهم ، مع اننا كنا نفهمهم بطريقة خاطئة ! واصبحنا نفهم بطريقة جيدة .. فهل تبقى المشاعر السيئة عنهم هي هي ؟؟ هذا كلام غير معقول يبني عليه فرويد كل نظرته للانسان ..

فرويد يتصور ان المشاعر لا تزول حتى بعد المعرفة التي تقتضي ان تغير المشاعر ، فكيف تتغير المعرفة ولا تتغير المشاعر ؟ هذا كلام غير علمي ولا منطقي و لا واقعي ، ومع ذلك يبني عليه فرويد كل نظرته التي يسميها علم نفس .. !! وما بني على خطأ فكله خطأ ..

ذلك المستودع الذي سيبقي مشاعرا بنيت على خطأ : ما الفائدة منه ؟ انه مستودع مجنون ! يجعلك تظلم احدا وهو لا يستحق الظلم بل يستحق الشكر بعد ان اكتشفت انه كان يحبك !.. في هذه الحالة ماذا تفعل ؟ هل تشكره تبعا لما اكتشفته فيه من خير مؤخرا ؟ ثم تضربه تبعا لشعورك المترسب من معرفة خاطئة سابقة ؟؟

لو انسقنا وراء فرويد ، اذا لكان في داخل كل انسان شخص مجنون آخر مختلف عنه تماما ، يحاول ان يخرج في اي فرصة .. هذا المجنون سيضر بالذات وليس يعمل لمصلحتها ، انه يريد ان يؤذي الاشخاص الذين يحبون الذات ويقفون معها ! اذا هو يعمل ضد بقاء الذات ! اذا لماذا يوجد في الذات ؟

لماذا يختزن الانسان مشاعر خاطئة لا فائدة منها ، وتبين ان الحقيقة هي عكسها ؟ المشاعر مرتبطة بالمعلومات في تعاملنا مع الاخرين, وإذا كانت المعلومات خاطئة قدمت مشاعر خاطئة ، واذا صُححت هذه المعلومات زالت تلك المشاعر الى غير رجعة .. بل تحل المحبة في مكانها ..

شعور الانسان حيوي وايجابي ، وليس مستودع نفايات منتهية الصلاحية من الماضي ولا فائدة منها كما تخيل فرويد .. وإذا كان فرويد لم يفهم هذه المعلومة البسيطة فكيف نثق به في الباقي؟ بل كيف نثق بسلامة منطقه أصلا كمفكر؟ إذا انطلقنا معه فسوف نصدق أن شخصا دفعنا بقوة ولم نكن نعرف السبب حينها ، ثم عرفنا بعد حين أنه انقذنا من السقوط , يريدنا فرويد ان نصدق أن مشاعر الكره له بعد أن دفعنا مباشرة ً باقية ٌ ومدفونة في نفوسنا وتنتظر فرصة للخروج حتى ونحن نقبل يده امتنانا لانقاذه لنا !! واذا لم نـُخرِج مشاعرنا المكبوتة اصبحنا مرضى عصابيين !! هذا جنون!

النتيجة الفرويدية : شخص أنقذ حياتي سأشكره ، ومع ذلك أكنّ له بعض الحقد في داخلي لأنه افزعني ودفعني بقوة ! هذا هو تفكير فرويد ! هل هو يتكلم عن البشر الذين نعرفهم أم بشر متخيلين لا يعرفون إلا إضمار الشر والحقد حتى لمن أحسن إليهم؟ الغضب كان بسبب هذه الدفعة القوية, و هذه الدفعة القوية سوف يحبها الشخص لأنها أنقذت حياته. هذا الشعور بالكراهية الذي ثبت لنا أنه غبي لأنه نتيجة معلومة خاطئة عند فرويد لا يذهب , بل يتراجع إلى صندوق أسود خفي يسميه فرويد العقل الباطن ، لا يجتمع فيه إلا الشر والموبقات ! ثم تخرج هذه المشاعر الشريرة الخاطئة من فلتات اللسان أو المنام أو السلوك بدون وعي !! والنتيجة: كل إنسان مجنون وشرير لأنه يتصرف بلا وعي ! هل هذا علم نفس؟! المشاعر تنقلب تبعا للمعرفة إلى ضدها ولا تبقى على حالها , فكل المشاعر المتعلقة بخارج الشخص مرتبطة بالمعرفة , مثل أحد تقول أنه كان يكرهني لأنه يتصدد عني وتشعر نحوه بالغضب والإهانة ، ثم تكتشف لاحقا أنه كان يحبك ولكنه كان خجلانا منك .. ومثله موقف الخضر عليه السلام حين أعاب سفينة المساكين حتى لا تـُغصب منهم ..

بناء على فرويد : حتى لو عرفوا الغاية من عمل الخضر فسيظلوا يحقدون عليه في عقلهم الباطن مع أنه أنقذ سفينتهم ! ويخرج ذلك الحقد على شكل أحلام أو فلتات !! فتخيل علم نفس كامل يبنى على فكرة مجنونة قد لا توجد حتى عند المجانين !! و هي بقاء المشاعر رغم تغير المعرفة !! فالأطفال عند فرويد سوف يبقى شيء من حقدهم الطفولي وغضبهم حتى و هم كبار , أي حقد الأصغر على الأكبر سيبقى , ويحاولون أن يخبئوا ذلك من خلال الإيثار عندما يكبرون حتى يواروا سؤءتهم .. و بموجب كلامه يجب عندما يكبرون أن يكون الإيثار أكثر عند الأصغر ، لأنه هو الذي يحمل الحقد الأكثر ، و هذا غير ظاهر .

الحقيقة أن المشاعر هي أهم شيء في الإنسان ، فلماذا تخبأ؟ وكيف تعمل المشاعر ونحن لا نحس بها؟ إنها تخرج وتتعبنا و مع ذلك لا نستطيع دائما أن نسايرها, فما بالك أن تؤثر فينا و هي خفية منسية؟ هذا كلام شاطح وغريب, لا يصلح أن يقام عليه ولا حتى نظرية, فما بالك بعلم كما يسمونه ؟؟


الرغبات الانتقامية السيئة :

ما الفائدة ؟ عدنا إلى الصندوق الاسود الذي يعمل أشياء لا فائدة منها إطلاقا , حيث يظهر حقدا طفوليا انتهى عهده و أحرقته المعرفة .. ليس العقل الباطن في حقيقته عند فرويد إلا صندوق باندورا الأسطوري الذي لا يخرج منه إلا الشرور .

نسي فرويد أن هناك مشاعر طيبة بين الأطفال أيضا, فاين موقعها من الاعراب ؟ أم أن العقل الباطن لا يجمع إلا المشاعر السيئة؟ ألم يضحك الطفل مع أخيه يوما من الأيام؟ و يتضايق إذا لم يجده ليمرح معه ؟ أليس الطفل الأصغر عادة يتاثر بأخيه الأكبر و يقلده ؟ هل هناك تقليد بدون محبة وإعجاب؟ أين هذا من حسابات فرويد ما دام أن المستودع (العقل الباطن) لا يغادر شعورا صغيرا ولا كبيرا إلا أحصاه ؟ لا يستطيع ان يقول أنه لم يبق تلك المشاعر الطيبة, إذا لماذا لا تخرج هذه المشاعر الطيبة في الاحلام أيضا ؟ أليست مشاعرا مثل مشاعر الكراهية ؟

فرويد ينظر بعين واحدة, ويفسر الأحلام من خلال المشاعر السيئة فقط, وكأن المشاعر الحسنة لا وجود لها, هذا مخالف لموضوعية العلم, فكيف يسمى ما كتبه علما وكيف يسمى هو عالما ؟ مع أنه يعتمد على نصف الحقيقة ، إذا سلمنا أنها حقيقة اصلا.

ما موقف فرويد من المشاعر الطيبة؟ هذا هو السؤال, ولا أظنه سيقول أن الطفل لا يعرف أن يحب إلا نفسه ، فهذا غير صحيح ولا مشاهد, فالأطفال عندهم مشاعر طيبة, ويختلفون مثل الكبار في اخلاقيتهم وطيبتهم, فكما أن الكبار ليسوا سواء في أخلاقهم ، كذلك الأطفال أيضا, هناك أطفال يفرحون لتعذيب حيوان وأطفال يبكون من هذا المنظر.  إذا ليست الأخلاق مكتسبة من المجتمع كما يتوهم الماديون ، لأن تفاوتها موجود عند الصغار حتى في الطفولة المبكرة . إذا اساس الأخلاق فطري، وإلا ما الذي يجعل المجتمع يهتم بالأخلاق لو لم يكن لها اساس فطري؟ بل كيف يعرفها المجتمع و هي ليس لها أساس فطري؟ هل يعقل انه اختلقها من العدم؟ إذا لماذا لم يختلق غيرها و هي موجودة في كل المجتمعات ؟ لماذا لا يكون مجتمعا ما اختلق أخلاقا ومجتمع اختلق شيئا آخر ؟ من الذي دل المجتمعات كلها رغم اختلاف مواقعهم الجغرافية على الأخلاق؟

وإذا كانت الاخلاق إلى هذه الدرجة مهمة لحماية المصلحة ، فلماذا لم تتحول إلى قوانين رسمية مثل قوانين الحقوق و تدخل في المحاكم كما دخلت عند كل تلك المجتمعات ؟

كل هذا وغيره يثبت أن النظرة المادية للإنسان نظرة بعيدة عن الصواب و لا تلامس أرض الواقع الإنساني, و تعتمد على التعسفات البعيدة, والتي لا تسلم من النقد بحد ذاتها ، رغم بعدها الفاحش والملتوي .

حتى إيثار الكبار لا يعني هذا أن أنانيتهم قد ذهبت ، لكن تغير مجالها فقط من الحلوى إلى الوظيفة والتجارة ، أي توسعت دائرة المكاسب ليس إلا . الأطفال يحبون المنزل ويحبون الأسرة و يتألمون إذا أصيب إخوانهم , بل يبكي الطفل الصغير ويتضايق إذا رأى إخوانه يتشاجرون , ويتألم إذا أصيب أحد إخوته أو مرض ويحاول أن يساعده, و يخاف على إخوته و يحامي عنهم .. وهذا شيء مشاهد, لماذا لا تظهر هذه في الأحلام وتفسَّر تفسيرات إيجابية ؟ ام أن المخرِج فرويد لا يريد إلا المشاهد السيئة والمقاطع الجنسية ؟

المشكلة أن هذه المشاعر الطيبة سوف يترجمها فرويد و من على شاكلته من الماديين بأنها مشاعر سيئة تخرج على شكل مشاعر حسنة ! إذ كيف نثبت وجود المشاعر الحسنة إذا كانت ستترجم بمشاعر سيئة كلها ؟ المخرج يريدها سوداوية ! هل ستترجم على أنها أنانيات ؟ إذا أين مكان المحبة في الوجود ؟ أم أنها ليست موجودة ايضا ؟

الأطفال يعرفون الإيثار و ليست معرفته فقط خاصة بالكبار , بل حتى قبل أن يتعلموه من الكبار .. انظر إلى طفل رضيع يجد شيئا يمصه ثم يرفع يده و يقدمه لك : هل دافعه أناني أيضا هنا ؟ أم أنه يريدك ان تبتهج مثلما أنه يبتهج ؟ الأنانية ليست غريزة في الانسان كما يتخيل فرويد و الماديون ، إنها مكتسبة بسبب الشعور بالظلم والخوف من طمع و جشع الاخرين . الطمع هو سبب الأنانيات .. الماديون والمصحليون والراسماليون هو من اوجدوا الانانيات وغذوها بين الناس ، اي انهم يعلمون الناس الاخلاق السيئة ..

الإنسان ليس بطبعه أناني , حتى المُؤْثـِرون الذين يتكلم عنهم فرويد لو وجد بينهم شخص اكثر طمعا ، لاضطروا للتخلي عن الإيثار ، إلا النادر منهم .. فإذا كان مجموعة أصحاب تعودوا أن يحاسب أحدهم عن الآخر في المطعم , و أحدهم صار أنانيا و رفض أن يحاسب عن غيره ، فسوف يحولهم إلى الأنانية .. إذا الأنانية تُكتَسب و ليست أصيلة , ويمكن زيادتها و إنقاصها .. على عكس تفسير الماديين ان الانانية هي الاصل والايثار هو المكتسب . بدليل التجربة : وجود شخص شديد الايثار في المجموعة سوف يدفعهم للايثار بنسب متفاوتة محدودة ، وبعضهم سيبقى على حاله ،  لكن وجود شخص طماع وجشع مستأثر بين مجموعة ، سوف يحولهم بسرعة الى الاحتراز وحماية مصالحهم خوفا منه ..

هذا يعني ان الجشع و المادية تغيـّر الناس الى الاسوأ وبسرعة ، بدافع الخوف وليس بدافع الغريزة .. اما الذي يعلمهم الخير فهو لن يؤثر في الجميع ، لكن تاثيره سيكون مبني على الغريزة . و كونه لا يغيّر الجميع دليل على عدم وجود الخوف ، واسرع المشاعر واقواها هو الخوف ، اذا المادي والطماع يفسد اخلاق الناس و يبعدهم عن الايثار ، والراسمالية تحول الناس الى طماعين و جشعين ، لانها تريد ان تستأثر بكل المال لها .

تخيل ان لك جار جشع و طماع ويتحين الفرص لياخذ ما لديك او يتكسب من وراءك .. هذا سيجعلك تحترز اكثر وتحافظ على اموالك وتطيل سورك وتغلق ابوابك وتظهر بمظهر الجشع مثله .. اذا سوء الاخلاق يمكن ان يـُفرض ، لكن حسن الخلق ياتي بالاختيار .. الماديون فرضوا على الناس المادية ، ثم قالوا : انهم ماديون مثلنا !

اذا الانانية والمادية والبخل والراسمالية هي الفيروس المعدي وليس الدين والاخلاق كما يصورون .. وهذا بالتجربة والدليل والعقل والمنطق .. الجشعون والطماعون جعلوا الناس يتهالكون على العملة و جمع المال ، خوفا من سيطرة اؤلئك الجشعين عليهم والذين لن يرحموه .. اذا الراسمالية عدوة المجتمع وعدوة الاخلاق وعدوة الكرم والايثار والانسان .. والاسلام الحقيقي صديق لكل هذه الاشياء ..     

الغيرة عند الاطفال :

من وجهة نظره ، الاطفال صرحاء في الشر ، و لكن اذا بدا منهم خير فليسوا صرحاء فيه ، هذه قسمى ضيزى . مشاعر الغيرة التي عند الكبار هي نفسها التي عند الصغار ، سببها الخوف من الاهمال و ليس سببها عدواني ، بمعنى : الصغير او الكبير ، يحب ان ياخذ حقه من العناية والاحترام ، و يـُحِب ان ياخذ الاخرون حقهم ايضا و لكن ليس على حسابه .. تخيل طفلا يعطى كل الاهتمام ، بينما يهمل و يهان اخاه الاخر ، هنا لن تزداد سعادته بل سوف يتضايق ، و هذا الشيء حاصل في الواقع وتدور حوله الكثير من قصص الاطفال و كيف يتألم الطفل وهو يرى امه او ابوه يهينون ابن الخادمة الذي يلعب معه و يخصونه هو بالهدايا من دونه .. اذا الانسان ليس شريرا بطبعه كما يريد فرويد ، بل الشر مكتسب ..

لاحظ ان فرويد يستشهد بمواقف معينة من حياة الطفل ليثبت ان الطفل كله شر ! و من كان كله شر ينبغي ان يكون كل سلوكه شر ، خصوصا وهو طفل صغير قبل ان يقول ان المجتمع هو الذي لقنه هذا الخير وعلمه الاحتيال . ان براءة الاطفال مضرب المثل في حسن النية ، و الشر يبدأ بنية . يفترض ان تلك الطفلة المذكورة تحاول ان تفسد اي شيء يشغل اهتمام والديها عنها ، بما في ذلك الكتب او الجريدة او القطة ، و المفترض ان تحاول كل يوم ان تخنق اخاها ، و ليس مرة واحدة ، هذا ان صدقت القصة ، لانها بعيدة عن الواقع وليس لها شواهد معتادة . طفلة بهذا السن تحاول احيانا ان تحمل اخاها او تلعب معه بطريقة خشنة ، لانها لا تعرف مدى خطورة ذلك ، و لذلك تمنع الامهات الاطفال الكبار ان يلعبوا مع الرضيع ، لانهم يعاملونه و كأنه بمثل سنهم . و قد ياتي من يفسر هذا بأنه سلوك عدواني (محاولة اغتيال) مثل فرويد .

هل جرب فرويد ان يؤذي اخاها الصغير امامها لينظر هل تصفق له ام تغضب ؟ هل سألها على الاقل : هل تتمنين له ان يموت او يطرد من المنزل او يرمى في الشارع ؟ لا شك انها سوف تبكي .. هو اتهمها بدون تحقيق .. ولم يكلف نفسه البحث عن الحقيقة ، بل اكتفى بما يريده و يبحث عنه بطريقته الانتقائية .. لا شك انه مر على نماذج لا تناسب بحثه فاهملها .      

فرويد يريد شيطنة البشر و اظهارهم كالابالسة المتخفين ، و الشر الذي يصدر منهم يسميه صراحة و وضوحا ، والخير الذي يظهر منهم في وعيهم او احلامهم ، يجتهد لتاويله بشرّ خفي .. فكيف يسمى عالما و اول شروط العلم هو الموضوعية ؟ يستطيع غير فرويد ان يقول عن المظاهر الخيّرة بانها هي الاصل ، ويجتهد لتبرير المظاهر الشريرة .. اذا فرويد اختار بين اتجاهين .. ليس بدافع علمي بل بدافع ايديولوجي و رغبة بتبرير الشر وتأصيله ، حتى لا يـُستـَنكر الشر على اعتبار انه هو الاصل فينا .. فهل نستطيع ان نقول عنه انه كان يريد خيرا بالبشرية وهو يجردها من الخير بدلا من تشجيعه ؟ و هل نستطيع ان نصفه بالموضوعية والعلمية والنزاهة والانسانية و نحن نراه يختار بين اتجاهين دون ان يحدّه العلم على ذلك ؟

المزاحم الفضولي :

هذا افتراض عريض وغير مشاهد . ثم نسي فرويد ان الطفل دائما بحاجة الى طفل يلعب معه . بل ان الطفل يؤثر الاطفال حتى على والديه احيانا كثيرة ، تخيل طفلا يجلس مع والديه ، ثم ياتي طفل مثل سنه او اصغر او اكبر ، فبلا شك انه سوف يتفلت عنهما و يذهب اليه ويخرج معه للحديقة تاركا والديه وعطفهما .

الاطفال يمضون اكثر الوقت مع بعضهم البعض ، لان اهتمامات الكبار ليست هي اهتمامات الصغار . في كل منزل ، نجد الاطفال يجلسون مع بعضهم اكثر من جلوسهم عند والديهم ، و توضع لهم غرف خاصة للعب . اي : ان الطفل محتاج لاخيه وقتاً اكثر من الوقت الذي يحتاجه مع والديه . بمعنى : اذا مات اخوه او اخته فسوف يفتقد شيئا مهما في حياته . هذا من ناحية المصلحة التي يؤمن بها فرويد ، و لم ناتي الى ناحية المشاعر الخيرة التي لا يؤمن بها . اذا ليس من مصلحة الطفل ان يموت من يلعب معه لكي يستاثر بحنان والديه . الطفل ليس محتاجا فقط للحنان ، بل للعب ايضا ، فهل نسي فرويد ذلك ؟ اذا مات الذي يلعب معه او سوف يلعب معه ، اذا هو يخسر ، وبالتالي يحزن .

فرويد يفكر من خلال الانانية ، لكنه ضيـّق حتى هذه الانانية ، و كأن الطفل يعيش ليكسب حنان والديه فقط ، بينما حاجات الطفل اكثر من هذا . فهو يمل من حنان والديه ويحتاج الى من هم في مثل مستواه العقلي ، حتى الاثرياء اذا كان لهم طفل وحيد ، يضطرون احيانا لتبني طفل كي يلعب مع ولدهم ، و ما اكثر الاسئلة التي يطرحها الطفل على امه الحامل : متى سياتي الطفل ؟ كيف سيكون شكله ؟ هل هو ولد ام بنت ؟ يقولها بلهفة و شوق ، و نجد الاولاد يريدون ان يكون ولدا ، و البنات يردن ان تكون بنتا . هذا يعني ان الجديد سوف يقوي الفريق ، لذلك يتنافسون عليه . فاين هي مشاعر العداء للقادم الجديد ؟

و في البيوت ، اكثر من يفرح بالمولود الجديد هم الاطفال . لا يوجد طفل يحب الوحدة . لو انطلقنا مع تفكير فرويد ، سيكون كل طفل محب للوحدة ، لانه يريد ان يقتل اي مولود و يبقى هو الوحيد في المنزل ، وهذا غير واقعي . الطفل يكره الوحدة . و الطفل محتاج للاطفال ، لهذا لا يحبذ الطفل ان يذهب مع والدته الى احد قبل ان يسأل : هل عندهم اطفال ام لا . فرويد لم ينظر الى المسألة من كل النواحي ، نظر فقط الى حنان الوالدين .. فرويد يفكر بعقلية سوق المال .

الطفل الجديد يعني للطفل القديم التفوق ، وهو الذي يؤكد للطفل الاقدم بأنه اصبح كبيرا ، و هذا شيء يحبه الطفل . و الطفل يتخيل و يفترض في اخيه الصغير مساعدا جديدا له ، و احداً يستطيع ان يسمع كلامه و ينفذ اوامره و يلعب معه ويقبل توجيهه . اذا الطفل الجديد مكسب للطفل الكبير في كل النواحي . انا احسبها مصلحيا لفرويد الآن ، اي لا زلنا في نطاق الانانية التي يفهمها هو ، اي انه فاشل حتى في حسبة الانانية .




كيف ادركوا "شناعتها" ؟ هل بفعل المجتمع ام بإحساسهم ؟ اذا كان من احساسهم ، فأين احساسهم حينها يوم كانوا صغارا ؟ هل الاحساس بالشناعة لا ياتي الا اذا كبر الانسان ؟

هل الاخلاق تتكون تكوناًُ ؟ و يغرسها المجتمع في الافراد ؟ المجتمع يقدم تعليمات : ينبغي ولا ينبغي . فهل من خلال التعليمات يحس الانسان بالجمال والشناعة ؟ ام ان احساسه مفطور على ذلك وهذا هو المناسب كي تستقيم الفكرة ؟

المجتمع ينبهنا و يفصّل لنا عن اشياء لم نكن نعرف انها تؤدي الى الشناعة ، او الى اللطف . إذا : الشعور موجود في الاساس ، و لكن المجتمع اعطاه تفصيلا و توسيعا على صور الحياة ليس الا .  لأن الطفل قادم من حياة ضيقة الى حياة واسعة ، و يريد ان يكون وضعه حسنا ، فيحتاج إلى الاستفادة ممن سبقوه الى الحياة الواسعة .

لاحظ اننا نقول للطفل ان هذا الشيء مخزي و عيب ، ولا نحتاج الى شرح لهذه الكلمة ، بل نحتاج إلى شرح كيفية كون ذلك الفعل سيئا . اما كلمة "سيء" و "مشين" و "عيب" و "حرام" فهي تكفي بحد ذاتها . الطفل يريد ان يعرف ما هي الاشياء العيب ، و لكنه لا يريد ان يعرف لماذا العيب سمي عيبا ، و لماذا نتقيد بتاثير هذه الكلمة . هذا دليل على انها موجودة في داخله . فلا ياتي طفل ويتساءل : لماذا تتكلمون عن الاخلاق كثيرا و تريدونا ان نكون اخلاقيين ؟ ما الفائدة منها ؟ طبعا لا احد من الاطفال يسأل هكذا ، بل يسأل : ما هو العيب ؟ و ما هو العيب فيما فعلته انا ؟ اما العيب بحد ذاته فمتفق عليه و معروف بسبب معرفة الاشياء الحسنة ، و ان ضدها هو الاشياء السيئة ، مثلما يـُعرف الشر من الخير و الخير من الشر .

اذا سلمنا بالمقدمة الخاطئة بأن الاحلام كلها رغبات ، فهل يوجد طفل في الدنيا تسره حياة الوحدة ؟ فلا اطفال يلعب معهم ولا حتى يستعرض مواهبه امامهم ولا يتعلم منهم ؟ .. خصوصا وان اكثر الالعاب تحتاج الى اكثر من شخص ، فهل الوالدين سيلعبان مع الطفل كل الوقت ؟ اذا هذه الطفلة خاسرة ، بنفس التحليل الاناني النفعي الفرويدي المجرد من المشاعر ، اي بحسبة عقل مادي هي خاسرة ووضعها بئيس : طفلة بدون اطفال تلعب معهم .   

ثم يقول انه تحرى وتقصى : هل تحرى عن شعورها حول : هل كان هذا الحلم كان بهيجا ام حزينا ؟ هذه من بديهيات التحري .. نستطيع ان نقول و بكل بساطة ، انه بعدما مات طفل من اقاربها ، خافت ان يموت البقية . فيكون الخوف هو دافع الحلم وليس الرغبة كما هو واقع في أكثر احلام البشر ، و تأثرت بهذه الحادثة وظهرت لها في الاحلام . ولو كانت ترغب فعلا في ان يموتوا ، لجاءها هذا الحلم قبل ان تقع الحادثة التي تحرى عنها فرويد – وهي موت طفل من اقاربها قريبا - و ليس بعدها .

دافع الخوف اكبر واكثر من بقية الدوافع الاخرى في الاحلام . بل حتى في الحياة العادية ، فلماذا نفرق بين الاحلام والواقع الى هذا الحد ؟ فالمخاوف تتحكم بنا اكثر من تحكم الرغبات ، حتى في الواقع واليقظة . فالشخص الذي يحلم هو نفسه الشخص المستيقظ ، والدوافع هي نفسها . اخبر شخصا عن شارع خطر فيه لصوص ، وعن شارع آخر فيه منتزهات واماكن للهو .. بايهما سيهتم اكثر ويحرص على عدم نسيانه ؟ اكيد انه الشارع الخطر . اذا دوافع الخوف اقوى عند الانسان من دوافع الرغبة ، والانسان هو الانسان ، مستيقظا او نائما .

حياة الانسان في الدنيا محوطة بالخوف ، بل حتى الرغبات يدخل فيها خوف فقدها و ينكـّدها . و بما ان الحالم يخاف وهو في الحلم ، اذا نفس شعوره وهو مستيقظ هو نفسه وهو يحلم . و ما دام الخوف يدخل حتى في الاحلام ، اذا كيف نقول ان الاحلام كلها رغبات ؟ اين العقل الباطن ليحتال على المخاوف و يزيلها من الحلم و يمنعها ؟ لو كانت احلامنا كلها رغبات ، لكانت كل احلامنا متعة ، لكن الواقع هو العكس ، فلا يكاد يخلو حلم من لحظة خوف او قلق . بل ان الكثير من الاحلام عبارة عن خوف مجسد (فزع او كوابيس) . حتى الرغبات التي نراها في الحلم سرعان ما يتسرب اليها الخوف . والخوف هو الذي ينهي الحلم في اكثر الاحيان .

مصدر ازعاج :

شعور الاطفال وقتي و في حينه ، فلا يعرفون كيف يكوّنوا احقادا ، والا لماذا وصفوا بالبراءة ؟ فرويد يريد ان يجعلهم حاقدين و يستحضرون ازعاج الطفل حتى في لحظات موت ذلك الطفل . و هذا التفسير غير منطقي . و ناسيا انه لا يوجد طفل ليس ياتي منه الا الازعاج فقط . هذا غير واقعي . و كثير من الاباء والامهات يتفهمون مشاعر الطفل بعد ان ياتي طفل جديد ، فيحاولون تعويضه و تطمينه وتفهيمه ، فتزداد سعادته بضمان الحنان و زيادة فرد يدخل البهجة على حياته . و كثير من الاطفال الاذكياء يتفهمون ان الاطفال الصغار بحاجة الى عناية اكثر منهم ، لانهم ضعفاء ، و ليس لانهم مفضلين عليهم . بل هم يبدأون بالحنان نحو الطفل الصغير و يستملحونه و تعجبهم حركاته و صغر جسمه . وهذا سـُخرة من الله ، فكل صغير له قبول واستملاح عند النفوس ، صغارا او كبارا .

في العادة ، كل شيء سوف يبتعد نهائيا لا نتذكر اساءاته بل نتذكر حسناته ، لهذا السبب نرى كل الناس يتالمون لموت اي احد . مع ان بينهم مشاحنات و عداوات . لهذا يقال : اذكروا محاسن موتاكم . فبمجرد ان تعرف ان شخصا قد مات او قتل ، تجد ان كراهيتك له تنسحب في تلك اللحظة ، او ابتداء من تلك اللحظة ، و تبحث له عن بعض الحسنات والميزات حتى لو لم تقلها ، بل قلت عكسها .. هذا الشيء ينطبق على الاشياء المادية التي تذهب عنا الى غير رجعة ، كل شيء يذهب الى غير رجعة يحدث شعورا بالالم . و هذا الشيء معروف عند الاطفال ايضا ، حتى عندما يموت حيوان في المنزل او يـُذهب به ليـُباع يتألم الاطفال ، حتى لو كان ذلك الحيوان مزعجا لهم ، فما بالك ان يموت احد افراد العائلة و يفرح الاطفال ؟ هذه محاولة ابلسة و شيطنة للشعور الانساني النبيل و لبراءة الاطفال واظهارهم بمظهر الشياطين ، ليس فقط الانانيين بل يحملون شعور القتل و الافناء للآخرين ، و هذا ظلم واضح لبراءة الطفولة ، اراد منه فرويد ان يبرر لظلم الكبار و امبريالية الغرب و راسماليته من خلاله .  

واضح انه ينتصر للجانب الشرير في الحياة و ليس للجانب الخيّر ، و من يفعل هكذا لا يقال عنه انه يضمر الخير للبشرية . ولا يستحق ان يوصف بالانسانية ابدا .. فهي منه براء .. و يسمى من مثل فرويد من المفكرين بالمفكرين الغير انسانيين .. و ما دام هناك اناس يوصفون بالانسانية ، اذا يجب ان يكون هناك من يوصف بعدم الانسانية ، يجب ان يعرف كلا النوعين احتراما للمعرفة والتاريخ .. فرويد حصل على اعلى النقاط التي تؤهله ليصنف كمفكر غير انساني .. ومن يستنكر هذا عليه ان يخبرنا بمن هم اذا المفكرون غير الانسانيين ، او يطالب بشطب كلمة"انساني" من الاساس ما دام لا يوجد لها ضد . فلا يوجد شيء الا وله ضد .. ولا صفة الا ولها عكس ..

نعم فرويد و ماركس ونيتشه وسام هاريس وداوكينز (لتفضيله الحيوانية على الانسانية) مفكرون غير انسانيون ، واعلنوا هـُزْأهم بالانسانية ومقوماتها .. وليس من حقهم ان يوصفوا بما سخروا منه و حاربوه .. ومن وافق شيئا أخذ حكمه ..ومن قلدهم واحترم افكارهم فهو مثلهم ..       

لم يـُبقِ البشرية الا التنحية الجزئية لبعض الشرور ، و إلا لفنيت منذ القدم . إذاً وجود الخير ولو نسبيا هو سر بقاء البشرية . و كلما زادت نية الخير و ابتعدت نية الشر ، كلما زادت حياة الناس سعادة . والماديون ينكرون وجود ما ابقى وجودهم (الخير) ، فلماذا يستغرب منهم ان ينكروا وجود من اوجد الخير الذي ابقاهم ؟  


 
الرقيب :

قبل قليل يشير الى ان الطفل لا يكترث بغياب والديه او غياب اي احد ، و ان غياب امه مثل غياب الخادمة تماما . و الآن يشير إلى أنه يحمل حقدا و امنية بغيابهم !! فالولد يتمنى غياب والده ليحظى بحنان امه ، حسنا : و حنان والده الذي سيفقده : هل اصبح بلا قيمة ؟ الم يفرط باخيه الصغير و يتمنى موته لاجل حنان ذلك الوالد و تلك الوالدة ؟ الان نجده بدأ يفرط في ذلك الحنان و يوزعه على المقابر ! ماذا بقي من التناقض المثير للاشمئزاز عقليا قبل ان يكون اخلاقيا ؟

العجيب ان تلك الام التي لا يكترث لغيابها ، اصبح شعوره يقاتل لكي لا يبقى الا هي في العائلة (فكرة راسمالية لا تبقي الا على واحد) !! بعد ان يذهب اخوته و ابوه الى غير رجعة ! الم يقل قبل قليل ان مثلها مثل المربية ؟ فكيف صارت تستحق كل تلك التضحيات بالابرياء لاجلها ؟ اليس هذا تناقضا عقليا ؟

فرويد لم يبتعد عن الوصايا العشر فقط ، بل ابتعد عن العقل والمنطق وناقض نفسه بنفسه دون ان يدري .. فرويد و امثاله من الماديين يريدون القارئ المتلقي الذي يقرأ قراءة اللحظة ولا يخرج بفكره عن الصفحة التي امام عينيه الان ، لكنهم لا يريدونه ان يتجاوز هذا الخط بحيث يربط كلامهم السابق بكلامهم اللاحق . انهم يريدون القارئ للاستيعاب ولا يريدون القارئ للتفكير والنقد .

 
فرويد يحمـّل كلام الاطفال اكثر مما يحتمل ، فهل طفلة في الرابعة تعرف معنى الزواج ؟ فرويد يريد الادانة فقط .

اطفال في سن مبكرة ، يرون امهاتهم و اباءهم نظرة مثالية ، فكيف يفكرون بهم جنسيا ؟ و لو سرنا مع منطق فرويد لأحب الولد أخته التي اصغر منه بدافع جنسي و ليست امه . الم يتفرج فرويد على الاطفال وهم يلعبون ؟ الم يجد البنات يقلدن امهاتهن و الاولاد يقلدون اباءهم ؟ هذا اسمه اقتداء ، و ليس انتظارا للحظة زوالهم عن الحياة ليقعدوا في مقاعدهم في نفس الأسرّة (هذه فكرة راسمالية من سوق المال)!

هذا اليهودي يرسمل العلاقات الاجتماعية ولا يفرق بين دكان المرابي وحنان الأسرة .. !

الاب و الام بالنسبة للاطفال الصغار هم المستقبل ، هم النموذج الذي سوف نكون مثله ، فهل احد يقلد احد ويعجب به وهو يكرهه ويتمنى زواله ليحل محله ؟ هذا منطق مشروخ !! ثم زوال من ؟ هذه لا يفعلها ولا حتى الموظفون في عملهم ، لا يتمنى موظف ان يٌفصل المدير ليحل محله ، فما بالك باطفال لا امل لهم بالحياة الا من خلال هذين الوالدين ؟ بل لا يثقون بأي احد بمقدار ما يثقون بوالديهم ولا يشعرون بالامن الا بصحبتهم ، ومع هذا يتمنون زوالهم !

اللعب شيء والواقع شيء آخر . لعب الاطفال تدريب وليس بدافع الحقد وإعداد المؤامرة ، البنت لا تريد ان تقوم باعمال المنزل بدلا من والدتها لأنها تعرف أنه عمل شاق ، بل تريد ان تمرح و تلعب كما تشاء ، الاطفال لا يحبون الالتزام ، و دور امها مليء بالالتزامات . لكن يسرّ الطفل ان يظهر بمظهر الكبير ، لو كان الاطفال يعرفون الدافع الجنسي مثل الكبار لفعلوه ، ما الذي يمنعهم ؟ ولماذا يتمنونه فقط ؟ و ايضا لفكروا بمن في عمرهم ، بدلا من ان يفكروا بممارسة الجنس مع اباءهم وامهاتهم الذين يفوقونهم بالوزن والعمر أضعافاً . هذه شطحات خارجة عن افق المعقول . ولا تدل على ان فرويد يفهم حتى الدافع الجنسي و مُهيـّئاته . ترى ما الذي يفهمه فرويد غير سوق المال ؟

فرويد لا نستطيع ان نقول انه يعرف اي شيء عن الانسان ، بما في ذلك الجنس . كلنا مررنا بالطفولة وخطرت على بالنا افكار كثيرة و نعرف مشاعرنا عندما كنا صغارا .. كل شيء فيها الا الاشياء التي يقترحها فرويد . ايكتب عن الانسان والبشر الذين نعرفهم ، أم يتكلم عن سكان كوكب اخر ؟ منذ الثالثة من عمري وانا اتذكر كل مشاعري وافكاري ، بل اتذكر الاماكن التي ارتبطت بها تلك الافكار . لم تزرني عقدة اوديب يوما من الايام ، و لا اظن قارئا قد زارته ، ولم افكر واتمنى زوال اخوتي الصغار من الحياة ولم أتمنى يوم من الأيام زوال أبي / بل كنت أخاف من ذلك أشد الخوف لأنني أحبه وأتعلم منه منذ أن رأته عيني وإن كنت أغضب منه أحيانا لأسباب أعرفها بوضوح ، مع انني اذكر مشاعري منذ السنة الثالثة من عمري. فمتى تكون هذه المشاعر التي يتكلم عنها فرويد ؟ في اي شهر هي من عمر الانسان ؟

و متى يعرف الطفل ان اباه يمارس الجنس مع امه حتى يتمنى أن يكون هو بدلا من أبيه كما يزعم هذا الطرح الشاذ ؟ هل يتمنى شيء لا يعرفه ؟ كل الأطفال دون سن المدرسة لا يعرفون إلا أن المستشفى أخرج طفلا من بطن أمه ، و بعضهم لا يعرف ولا حتى هذه ، حيث يتصور أن المستشفى مثل السوق وذهبت أمه و اشترت طفلا جديدا ! ولا يدري كيف تكوّن هذا الطفل . و اسئلتهم تدل على أنهم لا يعرفون العملية الجنسية برمتها ، فكيف يحسدون أمهم واباهم على ممارسة الجنس و يتمنون زوالهم ليحتلوا أماكنهم في ممارسة الجنس الذي لا يعرفونه ؟

عقل فرويد يستطيع أن يستوعب تمني شيء غير معروف ، و لا يعرف الطفل عن ممارسة الجنس و أنه سبب الإنجاب الا في سن متاخرة ، في المراهقة ربما أو قبل ذلك بقليل . و كل الاباء يعرفون مدى تعلق الابناء الذكور بهم ، و مراقبة حركاتهم منذ السنوات الاولى . و يعرف غريزيا ان هذا هو قدوته ، و كذلك البنات يركزن على امهاتهن اكثر من التركيز على اباءهن ، على العكس تماما مما يذكر فرويد . فالطفل الولد يفرح ان يحمله ابوه اكثر من امه و العكس .

كما ان الحنان مختلف بين الاب والام ، فبعض الاسر تكون الام اكثر حنانا على الاطفال ، و بعض الاسر يكون العكس ، مع ان الاكثر هو حنان الاب من وجهة نظري بشكل عام . اما تضايق بعض الاطفال الذكور من اباءهم او البنات من امهاتهن احيانا ، و الذي فسره فرويد بكل عبقرية بالرغبة الجنسية و الاستحواذ ، فهذا كلام سخيف و غير منطقي ؛ لان الولد يركز على والده و يرى فيه مستقبل حياته ، و يكون حساسا من ناحيته كلما اهمله او منعه او صرخ في وجهه . و نحن نتأثر بقسوة ممن نحبهم اكثر من قسوة من لا نحبهم بشكل عام ، قال الشاعر :

و ظلم ذوي القربى اشد مضاضة .. على النفس من وقع الحسام المهند ..

لهذا فالبنت يبقى في نفسها شيء من معاملة والدتها لها ، تزول احيانا و ترجع وقد تنمحي نهائيا حسب المعرفة و تقدير ظروف الوالدة . وكذلك الابن مع ابيه . ليس لانهم يكرهونهم بل العكس تماما ، لانهم يحبونهم . و التأكد من اخلاص الوالدين عند الاطفال كفيل مع الزمن بازالة كل ما يعلق في النفس منهما و يعكر صفو المحبة . و كلما تقدم الانسان بالسن كلما التمس العذر لوالديه . حتى يكاد يطهّرهما من اي تقصير بعد ان يفقدهما . و دائما الابناء يعلقون اخطاء اباءهم على ظروف الحياة والاخرين .

الام بسبب الضغوط الكثيرة قد تنهر ابنتها وتكشف اخطائها ، لأنه و بتلقائية : تربية الاولاد تميل نحو الاب ، وتربية البنات تميل نحو الام . و لا توجد بنات يربيهن ابوهن بالكامل مع وجود امّهن ، و لا العكس . لا بد من تأثير النوع ، حتى الاب الذي يربي بناته ، يربيهن من خلال نماذج انثوية ، وكذلك الام عندما تربي اولادها الذكور ؛ فهي تربيهم من خلال اخوانها (اخوالهم) مثلا ، لان للذكر طبيعة حياة تختلف عن طبيعة حياة الانثى بكل مناحي الحياة .

والاطفال الصغار يريدون ان يتعرفوا على الحياة بشكل اسرع ، واقصر وآمن طريق هو من خلال الوالدين ، واذا كان الطفل ذكرا فالطريق الاقصر هو من خلال والده ، و للبنت فهو من خلال امها . اذا كل فكرة فرويد خاطئة . فالبنت تميل لامها اكثر ، و لكنها تغضب منها اذا لم تقدّر هذا الميل ، كذلك الولد يميل لابيه اكثر ، و لكنه يغضب من ابيه اذا لم يقدّر هذا الميل .

الطفل يتعقد اكثر بسبب الاب ، والطفلة تتعقد اكثر بسبب الام ، والعيادات النفسية تشهد بذلك . فرويد جيـّر هذا على انه نفور من البنت عن امها لانها تحتل فراش الزوجية عن ابيها ! فهل هناك اغرب و ابشع من هذا التفسير ؟ مع ان السبب واضح ، فالبنت تعرف انها ستعيش كل حياتها انثى ، لذلك تهمها امها الانثى ، لانها تضمن اخلاص هذه المراة لها ، و تضمن معرفتها اكثر منها . و من خلال تقليدها تستطيع ان تخرج الى الحياة الواسعة كأنثى ، و كذلك الولد مع ابيه . و ما اكثر ان تشاهد الاولاد الذكور يلاحقون اباءهم و يفرحون بخروجهم معهم ، و كذلك البنات يلاحقن امهاتهن ، فاين هو النفور الذي يزعمه فرويد ؟

الولد ينتقد اباه اكثر ، والبنت تنتقد امها اكثر ، و نلاحظ عند الاخوان والاخوات بعد موت الوالدين ، كثرة ذكر البنات لامهن ، وكثرة ذكر الاولاد لابيهم ، و هذا يظهر في احلامهم ايضا ، و كلا الجانبين ينظران نظرة قدسية الى الوالد ان كانوا ذكورا ، او الام ان كن اناثا . هذه القدسية هي التي كانت منذ الطفولة .

صورة نادرة جدا – و لها اسبابها - ان وجدتَ طفلا ذكرا يتعلق بامه ولا يتعلق بوالده . إلا أن تكون امه قد شوهت له صورة والده ، وهذا يحدث كثيرا في حالات الطلاق ، لكن مكان والده يبقى فارغا في نفسه .

تركيز فرويد على كلمة الحنان غير علمي ولا واقعي ، فالطفل ليس كالبيضة التي تحتاج للدفء والحنان فقط ، الطفل يريد من يوسع مداركه ، و يُؤخذ بيده الى الحياة بدون خطر . الطفل يفتخر بقوة والده ولا يحقد عليه كما يتصور فرويد ، والطفل يفتخر بثقافة والده و يتصور انه يعرف كل شيء و يعرف من خلال اي الوالدين يكون امتداده . لا توجد فكرة الحقد اصلا بين الوالدين و الابناء ، فالوالدين لا يحقدون على ابناءهم ولا العكس ، مهما كان الوضع . و بالتالي لا احد يتمنى الشر للاخر ، وكما قيل في المثل : عداوة الاحباب تدخن ولا تحترق .

لهذا يميل كل طفل الى من هو على جنسه . الولد يعرف انه لن يكون اما يوما من الايام و لا ربة منزل ولن يلبس مثل ملابس امه ولن يتكلم بنفس طريقتها ، فلماذا اذا يهتم بها و يهمل والده الذي سيكون مثله يوما ما ؟ الطفل لا يفكر انه سيكون في يوم ما مكان والده في الاسرة ، ولا البنت تفكر هكذا . الطفل يعرف انه سيكبر و تكون له اسرة جديدة غير اسرة والده ، و يكثر الطفل من كلمة : اذا كبرتُ ، وهو يعرف ان الجميع يكبر وليس فقط هو . فاذا كبر الطفل و صار في عمر والده ، يعرف ان الجميع سوف يكبرون مثله و لن يكون ابا عليهم ، لانه فرد من هذه الاسرة ، فهل يكون ابا على نفسه ايضا ؟ الطفل ليس احمقا الى هذه الدرجة حتى يتخيل زوال ابوه و يكون هو الاب لهذه الاسرة ، وزوج هذه المراة التي هي امه .

النوم مع الام :

هذا ليس صحيحا و لا مطردا ، بل اكثر الاولاد يحب ان ينام مع والده ، لان والده يشعره بالحماية اكثر ، و لانه يرى فيه افضل صديق . فرويد يحمـّل سلوك الاطفال معاني خبيثة لا يعرفها الاطفال . الحقيقة ان كل الاطفال و من كل الاعمار الطفولية يحبون ان يناموا مع والديهم ، لأن هذا يعطيهم احساسا بالامن و الوئام اكثر من ان يكون كل طفل في غرفة منفردة ، اذا لم يكن هذا ممكنا احبوا ان يناموا مع بعضهم . او مع اختهم الكبيرة او اخاهم الكبير ، كاقرب صورة للوالدين .. حتى البنت في غياب والدها يعجبها ان تنام مع والدتها ، و يعرف فرويد هذه الصورة ، و لكنه حذفها من الفيلم لانها لا تعجبه . وهل ذلك الطفل الذي ذكر ، ألن يفرح اذا نام بين والديه كليهما ؟ الحقيقة انه سوف تزود فرحته اكثر بحضور والديه اكثر من غياب احدهما ويشعر بالامان اكثر ، هو يقيس على نماذج مفردة و منتقاة دون استعراض حياة الطفولة باكملها .

الم يلاحظ فرويد ان الطفل يحب ان يلبس ملابسا مثل ملابس والده ؟ و يفرح عندما يجلس على مقود السيارة ؟ و كذلك عندما ينام في فراش والده ؟ كل هذه من ضمن تدريبات الاستعداد للمستقبل ، و مستقبل الطفل مهم عنده . فالاب عند الطفل يعني صورته و هو كبير ، و من ضمنها ان ينام على فراش والده ، فالنوم على فراش والده تماما مثل الجلوس على مكتب والده ، او الجلوس في مجلسه و شرب قهوته وربما غليونه او سيجارته .. هذه سلوكات بريئة . الطفل مشغول بمستقبله و تحقيق ذاته و ليس مشغولا بالجنس . ولو كان مشغولا بالجنس لتبين في اوضاع اخرى . بل ان الطفل الذكر و في كل المجتمعات يحب ان يصادق اطفالا ذكورا ، و كذلك تفعل البنات . مما يعني غياب الانجذاب الجنسي قبل بوادر البلوغ . و  يتضايق الطفل الذكر اذا عومل او شبـّه بالبنت ، و كذلك تتضايق البنت اذا شبّهت بالاولاد . اذا كل افتراضات فرويد من مخيلته و ليست من الواقع . فاين هو البحث العلمي الواقعي الذي يدعيه ؟

عدم وجود الانجذاب الجنسي بين الاولاد والبنات و هم يقضون اوقاتا طويلة مع بعضهم ، الا يكفي دليلا لاسقاط فكرة فرويد من جذعها ؟ انهم مجموعة ذكور واناث يلعبون ويستطيعون ان يختفون عن الانظار ، فلماذا لا تظهر تلك النوازع الجنسية الجامحة فيهم واقعيا ؟ وعوضا عن ذلك تظهر في الاحلام والامنيات المكبوتة ؟ بمعنى : لا يقوم الطفل باي انجذاب جنسي لابنة الجيران وهو يلعب معها . بل يعاملها كما يعامل الولد ، بينما يحسد اباه على ممارسة الجنس مع امه !! اليس هذا جنونا ليس بعده جنون ؟     

كل طفل يريد ان يكون كبيرا ، و هذا همه الاول ، حتى امنيات الاطفال فيما بينهم كلها مسبوقة عندهم بكلمة : عندما اكبر سوف اشتري سيارة من نوع كذا ، وسوف اصبح في المهنة الفلانية ، و غالبا يتمنى ان يكون مثل والده او قريبا منه ، وهكذا كلما كبر يعدل في هذه الامنيات بحيث تبتعد عن واقع والده بعض الشيء .. مما يعني ان الوالد هو مركز اهتمامه في البداية ، ثم يبدأ بزيادة هذه الاهتمامات من غير والده كلما كبر متاثرا بالاخرين .. اذا الوالد هو مركز اهتمام الطفل الاول و ليست الوالدة , والبنت عكس ذلك تماما .. قد يميل الطفل الى امه بسبب قسوة والده او اهماله ، وليس بسبب الجنس ، وقد تميل البنت الى والدها غالبا لانه لا يدقق عليها و يراقبها كما تفعل والدتها .. 

الطفل يعرف - بسبب وجود الكبار - انه ليس في الوضع النموذجي ، و انه في فترة انتقالية ضعيفة و قاصرة ، لدرجة انه يكره ان يقال له : انت طفل . و يحب من يقول له : انت رجل أو امرأة  . حتى اسم التدليع كلما كبر الطفل يبدا برفضه ، لانه يرمز لطفولته .

وهذا ليس محتما ، بل المحتم بان يرغب ان ينام مع امه و ابيه ايضا ، لانه اذا غابت امه رغب بان ينام مع والده ، و هي صورة واقعية حذفها المخرج . لماذا لا نقول بانه يرغب باستمرار غياب والدته حتى ينعم بوالده الذي يميل اليه فطريا ؟ و كل هذا غير وارد . فالطفل انسان و ليس وحشا صغيرا كما يتصور فرويد . 

----------------------------------------
انتهت الحلقة السادسة ..

وتليها الحلقة السابعة بإذن الله ..