السبت، 19 أكتوبر 2013

الكفر فساد أخلاقي ينتج فساداً عقدياً


الكفر قضية أخلاقية, فالكفر فساد أخلاقي وليس فقط فساداً فكرياً؛ لأن الدين أخلاق أصلاً, فالكفر ليس حكايته معتقد بل أخلاق وسلوكيات سيئة, فالكفار الذين وصفهم الله في القرآن كفروا فضل الله عليهم أولاً، وأيضاً كفروا فضل الناس عليهم, فينافقون ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض ويقولون أننا مصلحين، وهم بخلاء وكذابون وتحرِّكهم المصالح ويدَّعون الأخلاق ويمنعون الماعون ويعتدون ويقتلون ومختالون فخورون متكبرون..إلخ, ولا ينطبق الحكم إلا باكتمال الصفات على أي شيء. حتى الخلل العقدي عند الكافر أساسه أخلاقي لأنه مبني على جحود وعدم شكر, وهذا عدم أخلاق ونسبة للفضل إلى من ليس له الفضل.

والأخلاق يحسها الجميع ويعرفها, وهذا الدين بني على المعروف الذي لا يلتبس على أحد وهو الخلق الفاضل, والكفر بني على المنكر الذي ينكره كل أحد وهو فساد الأخلاق, والدين أخلاق مع الخالق و المخلوقين والمخلوقات, ولا يكتمل خلق الإنسان حتى تكتمل هذه الحلقات الخلُقية الثلاث –مع الخالق, مع المخلوقين, مع المخلوقات- وإلا فعنده نقص أخلاقي مهما بلغ مستوى خلقه مع الناس أو مع البيئة والحيوانات أو تعظيمه لله بينما هو سيء مع المخلوقين والمخلوقات, وهكذا. لأن الخير واحد ولا يجتمع الخير مع الشر إلا في حالة اللبس.

القرآن ما ذكر الكافرين والمشركين إلا وذكر معهم سوء أخلاق, أي لم يذكر سوء أخلاقهم مع الخالق إلا وذكر سوء أخلاقهم مع المخلوقين, و الكتاب من عنوانه, وكذلك عندما تكلم عن الأمم السابقة المكذبة بالأنبياء من تطفيف أو قطع طريق أو عمل الفاحشة والشذوذ الجنسي أو الظلم ..إلخ. سوء الأخلاق واحد, ولا يمكن أن يكون إنسان حسن الأخلاق مع الله وسيء الأخلاق مع الناس أو العكس. 

وإذا كان الإنسان حسن الخلق مع الناس فعلاً دون نفاق فليس من المستحيل أن يغير ويعدل تعامله مع ربه إذا تذكر وفهم, وحينها يكون بحاجة إلى تبيين وتوضيح أكثر يزيل عنه الأفكار والشبهات السيئة. إذا وُجِد ملحد متواضع و طيب ويحب الخير فغالبا ستكون شبهته أن الله غير أخلاقي والدين غير أخلاقي, ولابد أنك ستجده غير سعيد بإلحاده, وإذا أزيلت هذه الشبهة عنه يكون الباب مفتوحاً أمامه ليحب الله ويؤمن به بإذن الله.  

الاثنين، 7 أكتوبر 2013

فكرة وتعليق : المقدس وغير المقدس عند دوركايم ..



اي تعميم في المقدس خطأ ، ولا يوجد تعميم في المقدس ، كافتراض ان العدد 3 مقدس عند الديانة الفلانية ، والعدد 7 مقدس عند الديانات السماوية ، وكذلك العدد 20 عند اليهود وغيرها .. المقدس موقوف على الاحترام ، وهذه الاعداد يستخدمونها لاشياء يحترمونها واشياء لا يحترمونها . وبالتالي قسمة دوركايم كل الاشياء الى مقدس وغير مقدس ، قسمة غير صحيحة ..

التقديس لا يُعمّم .. مثلا العدد 7 على حسب ما ورد فيه فقط ، مثل سبع تمرات او سبعة اشواط ، ولن لا يعني هذا سبع شربات للماء ! ولا يعني ان الخطوة رقم 7 مقدسة اثناء المشي . وهكذا لا يمكن ان تنقسم الاشياء الى مقدسة وغير مقدسة .. وبالتالي اصبح التقديس ليس للعدد ، لأن الاعداد تستعمل لما يُحترم وما لا يحترم ولما نحب وما لا نحب .. وكذلك بالنسبة للاشكال والحيوانات  ..

أي شيء مطّرد والناس تحتاج اليه في كل شيء لا يمكن ان يكون مقدسا ، فالعمارة مثلا تحتاج للدوائر والمثلثات والاسطوانات و المكعبات والمخروطات ، ومن الصعب ان تقول ان كل شكل منها يرمز الى شيء .

الجمعة، 4 أكتوبر 2013

نظرية الألم واللذة الحسية في الإنسان ..

الألم الذي نشعر به من قطع سكين لاحد الاصابع ، هذا الالم قادم من الشعور ، بدليل انه يبدأ  خفيفا ثم اذا شاهدته يزداد ، وبعدها يبدأ بالتراجع ، مع ان الجرح لا زال مفتوح والجلد لا زال مقطوع ، فلو كان الانسان آلة كما قول الماديون والذين تأثر الطب بهم كثيرا ، لاستمر الالم حتى يلتحم الجرح ! لأن الاعصاب في المنطقة المجروحة متاثرة ، ويفترض انها تنقل الاشارات باستمرار ، وهذا عكس ما يحصل .. مما يعني ان الالم من الشعور الفكري ، وأحيانا تنجرح يدك او قدمك وانت منشغل ولا تشعر بالالم اصلا ! مع أن الموصلات العصبية متأثرة ! هذا دليل على ان المخ ليس مجرد آلة،  لماذا وصل الالم هذه المرة متأخرا ؟ فجرح بسيط قد يصيبك ولا تشعر به ، ولكن عندما اعطيك السكين وتقول : اجرح نفسك ، ستشعر بألم فائق يجعلك تحوّل العملية الى ما يشبه الصدفة من خلال ضربة سريعة ..

وانت منشغل بتقطيع البصل مثلا ، تشعر بالالم بعد حدوث الاصابة ، ولكن لو اردت ان تفعل نفس الجرح فسوف تشعر بالالم  بحدة ، وكأنه يسابق حدوث الجرح .. هذا دليل على ان الالم من الشعور ..

كذلك اللذة ، والعقل له دور في تركيز الالم او اللذة .. قد تشرب الماء السائغ بطريقة عادية ، لكن اذا قال لك عقلك ان الماء شحيح في هذا المكان ، فسوف تزداد لذة الشرب .. واذا اكلت فاكهة وقال لك عقلك انها فاكهة نادرة وغالية الثمن ، فسوف يركز الشعور اللذة فيها .. وعلى هذا سيختلف الاحساس بالالم بين شخص وآخر ، بل حتى على الشخص الواحد .. وكذلك اللذة، حيث ليس هناك اماكن دائمة ومحددة للذة والمتعة ، فقد تجد المتعة في ألم ، لاحظ متعة ألم انتزاع الشوكة التي انغرزت تحت الجلد.

الوهم أكبر عوامل الالم ، لأن الشعور يخاف من الاسوأ (قانون) فإذا أوحيت لأحد أنه سيمرض ويزداد مرضه لو فعل كذا او كذا سيزداد المه ، ويصبح يتحسس للآلام ويصبح صوتها واضحا ، ولكن اذا قلت له العكس و أنه كلما انطلق شفي ، هنا يبدأ الشعور بتهميش الالم والاشارات القادمة .. اذا تحسست جسمك دائما ، فلن تهدأ دقيقة واحدة .. لأن الإشارات لا تنتهي من كل منطقة من مناطق الجسم. من صلابة ورخاوة وبرودة وحرارة وجفاف ورطوبة وتخمة وضيق تنفس وو .. وهذا يشبه فكرة الحكة ، اذا تحسست من الحكة تريد ان تحكك كل شي .. اذن هناك ألم خامل وألم نشط ، و التحسس يثير الخامل ، والوهم يثير التحسس ، والقيام بالعمل يـَنقِل ويُبعِد عن التحسس ، لأنه تعامُلٌ مع خارج الجسم . سواء عمل فكري او جسدي ، التهيئة الشعورية تنقل اكثر من العمل ، لانها تعني بالنسبة للشعور مستقبل افضل ، الشعور يهمه المستقبل اكثر من الحاضر (قانون) . الخوف يقطع التهيئة ، لان الخوف معتمد على غريزة البقاء .

حول رمزية الحيوان عند الشعوب ، و حقيقة تقديس الحيوانات ، ونقد لنظرية تطور الاديان ..

ابن آوى عند الفراعنة رمز للموت ، بينما هو رمز عند العرب للحزم والشجاعة والفتك ، بمعنى متقارب يجمعه القتل والافناء . و أخذ الذئب رمزيته اكثر من النمر ، او حتى القط الذي يفترس ما لا قيمة له عندهم ، لأن اكثر الناس رعاة و يفتك الذئب بغنمهم ، وأحيانا يفترس البشر ، و هو منتشر في اكثر البيئات في العالم ، وان كان لا يعيش في الغابات الاستوائية .

إن تقديس الحيوانات في الحضارات والديانات القديمة ليس لذاتها كما فهم علماء الاجتماع والانثربولوجيا ، بل لعلاقتها بالمقدس ، وهذا موجود في كل الاديان والحضارات ، على سبيل الخرافة . فالعنكبوت والحمامة ينظر لها باحترام في الميثولوجيا الدينية عند عامة المسلمين ، لأنها حسب بعض الماثورات أنهما قدمتا حماية لرسول الله ، و مثل ما أن البقرة لها احترام عند الهندوس ليس لأنها آلهة أو ترمز لآلهة ، بل لأن في معتقداتهم أن البقرة ارضعت الاله كريشنا ..  ومثل تقبيل الحجر الاسود عند المسلمين ، ليس لذاته بل لعلاقته ، ايضا بدليل آخر كراهية الشعوب لبعض الحيوانات لعلاقتها السيئة بالمقدس ، مثل كراهية الغراب في الديانات السماوية لأنه خان رسالة نوح ، وانشغل بالجيفة ..

الباحثين ذوي الانتماء الالحادي حاول وا ان يجعلوا هذه الرموز انها بدايات اديان ليخرجوا ان الدين يتطور لدرجة ان وصل الى الاله المجرد في السماء مرورا بتعدد الالهة ، وهذا تعسف بحثي علمي ، بينما واقع الاشياء لا ينطق بهذا . وهي نظرة سطحية بلا شك ، ورب زائر للهند ينظر للامر بسطحية ويقول : الهندوس يعبدون البقر ! حتى تسمية الالهة المتعددة بآلهة قد يكون غير دقيق ، ربما المقصود ان يكونوا معاونين للآلهة وخدم ، فمثلا الهة الخصب ربما المقصود منها ملاك الخصب ، و تعدد الأديان جاء من فكرة الملائكة ، ونظرية تقدم وتطور الاديان لا تقدم تفسير مقنع او حتى اي تفسير لماذا تطورت الاديان بهذا الشكل ، وهذا دليل على التعسف في هذه النظرية التي تنظر الى السطح .

فكرة المعبود الواحد هي اصل كل الديانات التي لا تستطيع منطقيا ان تبتعد عنه ، فالمنطق يدفع الى مرجعية واحدة تمتلك القدرة الكاملة ، الا تسقط فكرة الالوهية ، مثلما انه لا يمكن ان يكون لاي بلد او شعب الا رئيس واحد ، فكيف يقبلون في دينهم ما لا يقبلون في حياتهم ؟ مع أن عقلهم واحد ؟ لهذا الله سمى المشركين ، وسبب الشرك هو التعصب بحيث يفضّل الشريك الخاص على الاصل العام ويعطى ميزاته . فكان الاباطرة والقدماء يحاولون ان يقفزوا بقيمتهم الى منطقة الالوهية ، ويدخلوها بأي وسيلة ، وكأنهم يستكثرون ان لا يدخلوا هم بينما تدخل البقرة او النسر او غيرها .

الشعر والبلاغة أقدم منطقيا من الرسم ..

الرسام يرسم ما يتداوله الناس من خلال الشعر او غيره ، فالفن العملي ينقل ما دار في الفن القولي ، وبالتالي ليس الرسم هو اقدم الفنون منطقيا ، بل البلاغة والشعر هي الاقدم .. حتى الرسام المعاصر يرسم ما تداوله الناس و ما رمّزوا له .