السبت، 4 نوفمبر 2017

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان ابراهيم - الحلقة 16





(الدقيقة : 4 الثانية : 50) يتحدث الدكتور أن هذه الحلقة وما يليها ستتحدث عن ادلة التطور، بالذات التطور الصغروي، وهذا التطور الصغروي يقر به الجميع، من التطوريين الداروينيين وحتى التطوريين الإلهيين ومؤمني الأديان السماوية، فكلهم يقرّون بوجود هذا التطور الصغروي، ويستخدمه المؤمنون دليلا على وجود الله وعلى أنه من جميل صنعه لمخلوقاته، بينما يعتبره التطوريون على انه دليل قوي للتطور.

الرد : لا أقبل أي نوع من التطور، لا صغروي ولا كبروي، إلا تكيّفاً مُودَعَاً في المخلوق نفسه، وهذا التكيف له مدى محدود وليس مفتوحاً. لأن التطور يعني عجز الخالق عن الوصول بخلقه إلى الصورة التي يريدها، بينما يستطيع الزمن والصدف العمياء أن تنتج هذا التطور للأفضل الذي عجز عنه الخالق، تعالى الله، هذه منقصة لا تليق بالله الذي يقول للشيء كن فيكون، فيكون على ما أراد الله، وليس بصورة أنقص مما أراده. فالله أراد أن يجعل في الأرض خليفة، أي مخلوقا عاقلا، وأمر الملائكة أن يسجدوا له، ونفخ فيه من روحه، كيف يجتمع هذا مع الطرح الدارويني أن الانسان تطوّر عبر ملايين السنين والصدف العمياء من خلال قرود وأسماك وما أدراك حتى صار عنده هذا العقل؟ هل هذه طريقة الله لكي يصل الى ايجاد الخليفة؟

(الدقيقة : 6 الثانية : 10) يذكر الدكتور أنه يمكن تعريف التطور الصغروي بأنه : الإنتخاب الطبيعي وهو يعمل. وأن داروين تحدث عن الانتخاب الطبيعي حديثا نظريا مسهبا، لكنه لم يدعم حديثه بأمثلة ونماذج مما رآه هو أو رآه غيره في زمنه، بل جاء بأدلة كثيرة على الانتخاب الاصطناعي، في حين أن الانتخاب الطبيعي لا يمكن أن يرى لا في جيل ولا جيلين ولا حتى ثلاثة اجيال، بل يحتاج إلى أزمان طويلة جدا.

الرد : داروين في كتابه يتكلم نظريا عن الانتخاب الطبيعي، مع أنه لم يحضر ادلة عليه، ولكنه استعاض بأدلة على الانتخاب الاصطناعي، والإصطناعي لا يثبت الطبيعي. ولماذا يحتاج الى ازمان طويلة؟ اين طفرة ديفريس وهي من مقومات نظرية التطور الحديثة؟ ديفريس يقول قد يأتي التطور فجأة لأن الطفرة تحدث فجأة، ولا علاقة لها بظروف بيئية ولا بزمان.

(الدقيقة : 30 الثانية : 40) يتحدث الدكتور عن تجربة التطوري جون اندلر على سمك الغابي، ويذكر الدكتور أن ذكور سمك الغابي تجذب إناثه بفضل ألوانها الزاهية والبراقة، وتعيش هذه الأسماك في الطبيعة (عند الجداول وغيرها في المياه العذبة) على خلفيات مختلفة، بعض هذه الخلفيات يكون فيها حصى غليظ، فتنشأ لهذه الاسماك بقعة تناسب خلفيتها، وهذا لضرورتين : ضرورة التمويه، وضرورة الجذب الجنسي، لكي تنتخب الإناث الذكور. ويذكر الدكتور أن ما تمارسه أسماك الغابي هو حالة من حالات الانتخاب الجنسي، مثل حالة الطواويس وحالة الدرّاج، والتي تمارسه الكائنات في بعض الاحيان على حساب ميزات بقائية، إذ يتعرض الذكر لخطر الافتراس، فعند الموازنة يفضل الذكر أن يتعرض للافتراس مقابل أن يتميز ببهائه وجماله، وبهذا يكون الانتخاب الجنسي يخدم في اتجاه نظرية التطور وأيضا يخدم في الاتجاه الناقد بشدة لنظرية التطور. يعود الدكتور إلى التجربة ويكمل بأن هناك خلفيات اخرى غير الخلفيات السابقة يكون فيها الحصى ناعم جداً.

جاء جون إندلر بعشر بركات صناعية، قسمها لقسمين، جعل خلفية خمس منها بحصى غليظ، وخلفية البرك الخمس الأخرى بحصى دقيق جدا يشبه الرمال الناعمة، بعد ذلك أخذ بركتين، بركة من الحصى الغليظ وبركة من الحصى الناعم وأخلاهما من المفترسات، ثم أخذ أربعة من البرك الباقية ووضع فيها مفترسا قويا لأسماك الغابي وجعل له مستعمرات، وهو رمح البلطي، سيضعه في بركتين بحصى غليظ وبركتين بحصى ناعم، وسيضع في البرك الأربع الباقية مفترسات ضعيفة، وجودها كعدمها بالنسبة للغابي. ويقول الدكتور أن اندلر فعل هذا كظرف حاكم (كما يسمى في الدراسات الاحصائية) بمعنى أن وجودها يجعلها اقرب ما تكون للحالة الطبيعية من عدم وجودها، أي أنها تكون اقرب للوضع الطبيعي في الطبيعة. هنا ترك جون اندلر هذه الاسماك في البرك العشر لستة أشهر لتتناسل وتتوالد بشكل طبيعي قبل ان يقوم بأية تغييرات (كل العشر بلا مفترسات)، في هذه الحالة سوف نرى أن الاسماك تميل إلى أن يزدهي ذكورها بمزيد من عوامل الإغراء والجذب الجنسي للإناث، فالبقع الكبيرة مثلا تعتبر عوامل جذابة، وفي غياب المفترسات، وفي بيئة هادئة مسالمة تماما، من المفترض (حسب تنبؤ نظرية التطور) أن تطوّر الذكور عوامل جذب للإناث أكثر، وهذا ما حدث، أي لن يكون للتمويه تغليب وترجيح، وهذا يدل على أن الانتخاب الطبيعي يعمل، وهذا هو فقط بداية التجربة.

بعد ستة أشهر قسّم اندلر البرك حسب ما سبق ذكره، وتركها على هذه الحالة الجديدة لخمسة أشهر، بعدها رجع أندلر للبرك واهتم بموضوع البقع على الاسماك وشكل البقع وأماكن البقع، ثم بعد تسعة أشهر، أي بعد أربعة عشر شهرا من بداية التجربة، أعاد اندلر العد للبقع وأحجامها وعددها من جديد. حينها وجد أندلر أن في البرك ذات المفترسات القوية ذات خلفية الحصى الغليظ، أصبحت البقع تتماهى مع أحجام الحصى للتمويه، و في البرك ذات الحصى الدقيق أصبحت البقع تتماهى مع أحجام الحصى لنفس الغرض (التمويه)، أي أصبح الانتخاب الجنسي الآن متراجعا، فالاعتبار هنا للبقاء، ويقول الدكتور انه يمكن أن يسأل أحدهم سؤالا ويقول : هل يمكن للسمك أن تعي ما تفعله بهذا الفعل؟ ويجيب : عند الكائنات الغير متطورة لا يمكن للكائن أن يفكر ويعي بما يفكر فيه الكائن الآخر، كما يقول ذلك علم النفس والدماغ والأعصاب، اذ كلما ارتقى الكائن في سلم التطور أصبحت لديه قدرة أن يعرف ما يفكر فيه الآخر، والإنسان يتميز بهذا، لكن في الأسماك يستحيل أن تعرف سمكة الغابي كيف يفكر رمح البلطي مثلا، هذا غير موجود، ولا يمكن ان تعرف أن شكل البقع وعددها على جسمها سيؤثر في التمويه، اذن ما الذي يحدث؟ ما يحدث هو الانتخاب الطبيعي. ففي البدايات حين تكون البقع كبيرة في خلفية الحصى الدقيق، سوف تـُلتهم هذه الأسماك عندما يراها رمح البلطي، لكن سمكة أو اكثر يكون لديها، بحكم طفرة أو جينات أو أي شيء آخر، بقع صغيرة في هذه الخلفية، أصبحت لديها فرصة أن تموّه نفسها، بينما هي لا تدرك أنها تموه نفسها، وهكذا الأمور تجري. فلا الغابي يدرك، ولا البلطي يدرك ولا الطبيعة تدرك ولا الانتخاب الطبيعي يفهم ويدرك، فقط لأن الغابي متماهي مع الخلفية فلن يراه البلطي ولن يفترسه، وحينها سيطول عمرها وتنتقل جيناتها بالتناسل، وبعد عدة اجيال تستحوذ هذه الاسماك الناجية على المشهد.

و عندما تابع مع اندلر في تجربته اشخاص اخرون، منهم ريزنيك، والذي أكمل التجربة لسنوات، افترضا حدوث ما أسموه بالتباعد التطوري، أي التباعد بخصوص تهديد المفترس والخلفية، ففي بداية التجربة نجد الأسماك بمختلف البقع وعددها وأشكالها في كل البرك، لكن بعد سنة ونصف السنة تقريبا، نجد في برك ما أسماكاً ذات بقع كبيرة فقط، وفي برك أخرى أسماكاً ذات بقع صغيرة فقط، أي حدث تغيّر، وهذا التغير هو ما يسمى بالتباعد التطوري، لأن الانتخاب الطبيعي يعمل ويستبقي الأصلح. ولاحظا - اندلر وريزنيك – ايضا ، أن الاسماك في البرك التي تحتوي مفترسات قوية، تبلغ نضجها الجنسي مبكرا عن الأسماك في الاحواض الاخرى، وتعداد ذريتها أكثر من ذرية الأسماك في الأحواض الأخرى، وأصبحت حجومها أصغر. بينما الأسماك في البرك ذات المفترسات الضعيفة أو عديمة المفترسات، يتأخر نضج الأسماك جنسيا وتعداد الذرية يصبح اقل، وتصبح أحجامها اكبر. وبناء على هذه الملاحظات قالوا أن هذا هو التطور يعمل.

الرد : عند ذكور الطيور والحيوانات كحالة الهياج الجنسي تتراجع المخاوف، ولهذا نجد ان الذكور هي التي تحمل الوانا مميزة وتطلق اصواتا وصيحات وتتشاجر مع الذكور الاخرى دون الانتباه للاعداء، فلماذا في تجربته فقط تراجع الدافع الجنسي؟

كل الاحياء التي لا تعيش مع الانسان ذات لون واحد قياسا على نوع العصافير والغربان والاسماك وغيره، اتحدث هنا عن وحدة اللون في النوع البري الواحد، فإذا حدثت طفرة في حوض سمكه هو، فكيف لها ان تحدث في الطبيعة؟ وهذه الطفرات تحدث فقط في حوض سمكه هو ولا تحدث في الطبيعة بسعتها؟ كل الغربان لونها اسود، فلماذا لا يجري تجربة على الغربان ونرى هل ستغير لونها ام لا؟ وهل ستخرج منها طفرات تنجيها من المفترس ام لا؟ الفكرة التي لا تُعمَّم هي فكرة عبثية.

حمير الوحش بنفس الشكل واللون مع ان الظروف التي تقع عليها تختلف، لو كانت الأحياء تختلف بهذه السهولة والسرعة بمجرد وجود مفترس قريب منها فما بالك باختلافها على مستوى الطبيعة؟ لو كان الأمر هكذا لرأينا من البعوض وحده ملايين الانواع ومن النمل ملايين الانواع، وكذلك من الحيوانات. الفكرة من خلال هذه التجربة فكرة منتجة لتنوع كثير، لكن لا نجده في الطبيعة، والطبيعة اكثر ظروفا وافرادا وعمرا من تجربته، ومع ذلك فأنواع الكلاب محددة وأنواع الذئاب محددة وانواع الورد محددة وأنواع الاغنام محددة وهكذا، كأنه يريد ان يثبت انه في خلال سنة ونصف ظهرت الكثير من الطفرات بل التنوع في مجرد سنة ونصف! لو كان الامر هكذا يا عزيزي لوجدنا من هذا النوع ملايين، لأن عمر الحياة ليس سنة ونصف فقط، فإذا كان في سنة ونصف نتج كل هذا التنوع فما بالك بمئات الملايين من السنين وعلى مستوى الكوكب كله؟

عمل التطور في سنة ونصف فقط؟ اذن ما الداعي لملايين السنين؟ ولماذا لم يكمل تجربته حتى يشتق نوعا جديدا من هذا النوع بل انواعا بموجب الطفرات العشوائية التي بالنسبة لهذه الفترة القصيرة تعتبر كثيرة بالنسبة للطبيعة وملايين السنين؟ فينتج نوعا مفترسا يفترس رمح البلطي نفسه من خلال الصدف العمياء والطفرات العمياء؟ لماذا الاستعجال ما دام كل هذا حصل في سنة ونصف؟ ما بالك لو صبر على تجربته خمسين سنة؟ حينها سوف يعطينا انواعا جديدة لم توجد الا في مختبره، وهكذا يكون شبه خالق. المسألة صبر، لماذا لا يصبر؟ يا ترى كم كمية التغير التي كانت ستحدث لو كانت الطبيعة تعمل بهذه السرعة بمجرد وجود مفترس ضعيف او قوي قريب منها؟ اذن لماذا الاغنام لم تغير الوانها والذئاب تصطادها من ملايين السنين او تطيل سيقانها كما فعلت هذه الاسماك التي صغرت حجمها؟ هل الصدف العمياء والطفرات فقط في مختبره؟ اين هي طفرات الاغنام واين طفرات الارانب وهي غذاء رئيسي للثعالب والقطط؟ لماذا لم تخرج منها طفرات بينما خرجت الطفرات دفعة واحدة في حوض سمكه؟ معذرة، فالطبيعة تكذب مثل هذه النتائج. هو أجرى تجربة يحصل مثلها في الطبيعة ملايين المرات، لكن لم تحصل ملايين النتائج، اذن نشك في الطبيعة ام في بنائه لتجربته ان لم نقل في نيته؟ الطبيعة مختبر كبير يكشف الزيف والألاعيب والسحر والشعوذة، لاحظ ان كل التطور يرجعه لوجود خطر او عدم وجوده، الطبيعة كلها مليئة بالاخطار أي كل عوامل التجربة موجودة طبيعيا، ثم كيف يحضر مفترس ضعيف ومفترس قوي؟ هل هو مفترس مخدّر أم ماذا؟ لا يوجد مفترس ضعيف في الطبيعة، فهذا شيء غير منطقي.

كيف يمكن تأكيد جذب ذكور الغابي للإناث علميا؟ هل تمت إزالة الألوان من سمك الغابي فأصبح لا يجذب الإناث إليه، ومن ذلك تأكد أنه يجذبها بألوانه؟ أم هل توجد ذكور أخرى ليس لها ألوان فأصبحت الإناث تنجذب لذوي الألوان وتترك عديمي الألوان؟ ما التأكيد العلمي على هذه الصفة؟  

ثم كيف تجتمع لدى سمك الغابي ضرورتين متناقضتين : ضرورة التماهي ، وضرورة الجذب، ويستخدم لهما نفس التقنية؟ فهو إذا تماهى مع الخلفية فلن تراه الإناث ولن يجذبها!

وكيف يمكن تصنيف المفترسات على أساس القوة والضعف؟ كيف يمكن قياس قوة المفترس أو ضعفه علميا؟ المفترس الشبعان نعم يضعف افتراسه، اما اذا كان جائعا فكلما زاد جوعه زادت ضراوته.

وما شأن الانتخاب الطبيعي في كون زهو اسماك الغابي أصبح أكثر بسبب عدم وجود المفترسات؟ ما اكثر الطفرات في حوض اسماك هذا الرجل، وكلها طفرات ناجحة، وجاءت بالصدف العمياء. شيء مذهل لا نجد مثله في الطبيعة. إن هذا راجع للوظيفة التي لم تجد داعيا لتعمل (وظيفة التمويه)، فطالما لا توجد مفترسات فما الحاجة للتمويه؟ هنا لا شأن للانتخاب الطبيعي في الموضوع.

وكيف يحصل أن يكون الاقل جذبا جنسيا هو الاكثر ذرية؟ بينما الاكثر جذبا جنسيا هو الاقل ذرية؟ على ماذا تنتخب الاناث الذكور؟ على الزهو والجمال؟ أم على عدد الذرية؟ اذا كثروا التناسل فهذا من صالح عدوهم وسرعة تكاثره وقوته هو ايضا. والسؤال الآخر : ماذا عن قوة وضعف اسماك الغابي في الاحواض؟ هل اصبحت الاسماك عديمة المفترسات هي الاقوى؟ أم تلك التي تعيش مع المفترسات القوية؟ لماذا لم يتطرق اندلر وريزنيك وغيرهما لهذه النقطة؟ ثم ماذا عن اناث الغابي؟ كل التجربة تدور حول الذكور والبقع التي عليها ولم تذكر الإناث وهل لها بقع ام لا! وكيف نجت من افتراس رمح البلطي؟ ما آلية اختباءها عنه؟

التطوريون يعملون على أرضيات غير علمية، مثل أن الذكور تجذب بألوانها الإناث، وهذا كلام غير علمي، وبالتالي نتائجه غير علمية. الديك مثلا أطول من الدجاجة لأنه يحتاج للقفز على الدجاجة، وهو يذهب الى الدجاجة ليوقفها بالقوة، فهي ليست تختاره، وسبق الحديث عن موضوع الانتخاب الجنسي في ردود سابقة. وكذلك مثل تجربة سمك الغابي، لو كان هذا التصور صحيحا والانتخاب الطبيعي صحيحا لوجدنا الاختلاف في الذكور فقط ولا يوجد اختلاف في الإناث، حيث يتمايز الذكر عن الآخر بشكله وجماله حتى تنجذب الأنثى له هو وليس للآخر إذا صار مثله. الواقع هو تشابه ذكور كل نوع، اذن لم يستفد الذكر من شكله شيئا ، لأنه يوجد من هو مثله في جماله وشكله وريشه. كذلك فكرة أن الأنثى هي التي تختار الذكر خاطئة، فالذكر هو من يلاحق الإناث ويزعجها. ومن قال أن جمال الذكر هو لجذب الأنثى؟ نعم نجد بعض الحيوانات والطيور يتميز الذكر بجماله وشكله، كالطاووس، ولكن ليست كلها، فالخيول تتشابه ذكرها وأنثاها، وكذلك الحمير والحمام، إلا فقط في الحجم. اذن كيف تكون قاعدة عامة و في الإستقراء ليست قاعدة عامة؟ كذلك الإنسان : أين تميز الرجل عن المرأة ؟ المرأة هي الجميلة أكثر.

هل تمت دراسة أن اللون الفاتح مثلا يسبب الانقراض وجذب المفترسات للكائنات وأن العكس يحمي ؟ أليست الحيوانات فيها عمى ألوان كما يقال؟

إن التمويه يقوم به المفترس وليس الضحية، وحتى خطواته ليس لها صوت، مثل تلك التجربة على طائر البوم الذي تم اكتشاف أن طيرانه ليس له صوت، مع أن لونه أبيض ناصع. لو كانت هذه الفكرة سليمة لكانت ألوان المفترسات غامقة ومبتعدة عن الأبيض والأصفر والأحمر، مع أن أكثرها بهذه الألوان، والفرائس أيضا يجب أن تكون ألوانها غامقة، فكله لا بد ان يكون غامق في غامق وإلا انقرض! الافتراس مرتبط بالحركة أصلا وليس بالألوان، لذلك ينصحون لو هاجمك حيوان مفترس ألا تهرب وتبقى بدون حركة. لأن مع الحركة أي لون سيكون ملفت للنظر أصلا.

الصيادون في الطبيعة لديهم حدة حواس من سمع وبصر لا يفيد معها أن يكون اللون غامق أو فاتح. الصقر ينقضّ على الجربوع او السحلية مع أن لونهما يشبه لون الرمال، لهذا لا نجد الحيوانات كلها تتماهى مع الطبيعة، ونجد التماهي مع الطبيعة يكون أكثر شيء عند الصيادات والمفترسات، فما فائدة أن تتماهى الغزلان أو الوعول وهي تجري مع قطيع كامل يثير الغبار؟ ولماذا الغربان كلها ذات لون اسود؟ أين الطفرة الموعودة منذ ملايين السنين؟ وأين جاذبية الأنثى بالألوان الزاهية؟ هل نظرية كهذه أساساتها تستحق الإهتمام؟

الأنثى لا تفضّل الذكر القوي، بل الذكر هو من يفرض نفسه عليها، والديكان اللذان يتصارعان نجد المنتصر منهما هو من ينتف ريش رقاب الدجاجات بالقوة، ولسن اخترنه لأنه هو الأقوى كما يود التطوريون أن يكون.

نظرية التطور مبنية على إسقاطات حياة الإنسان على الطبيعة. الحقيقة أن داروين صاحب الحمام هو الذي يختار الحمام الذكر الملفت للنظر والمُبهرج وليست الحمامات المسكينات. موضوع الانجذاب الجنسي من نصيب الذكور في الطبيعة، والإناث سلبيات غالبا، حتى في الإنسان، فهو من يختار الانثى، وهي التي تتزين، وليست الأنثى التي تختار، ولو كان هناك انتخاب جنسي طبيعي لتبيّن في الذكور. وكيف تستطيع انثى حيوان ان تمنع ذكرا هائجا يريدها فقط لأن جماله ناقص في عينها وتتحمل الضغط واللكمات والازعاج؟ لاحظ الجمل مثلا حتى يحقد على الانسان الذي يمنعه، وربما يقتله، فكيف تدافع الناقة عن نفسها فقط لأنه جمل في جماله (إنّ)؟ الحيوان لا يقوم بهذا الانتخاب الجنسي وليس موجودا في الطبيعة. لأن ذكر الحيوان وهو هائج يتحول الى وحش، وبعضها لا يستطيع حتى الإنسان ان يمنعه. لاحظ الذكر يتقاتل مع الذكر الآخر لكي لا يشاركه، فكيف يمكن للانثى ان تقف وتختار انت اريدك وانت لا اريدك؟ وهل سيقبل الذكر الممنوع بكل بساطة وهو يعرف انها في وقت تزاوج ويشم رائحتها؟ لاحظ ذكر الغنم كيف يلح ويصر ويطارد بأصوات عالية حتى تذعن له الانثى، فإذا لقحت تركها، لأن الجنس عند الحيوان في وقت محدد وليس مفتوحا دائما، وذكر الحيوان يريد ان يستثمر هذا الوقت، ولا يبالي حتى لو دخل في معارك دموية مع الانثى او مع ذكور اخرين منافسين. بل يحصل قتال بين الذكر والانثى اذا كانت حاملا ويزعجها الذكر.

الحقيقة أن ذكور الحيوانات لا تفرّق بين أنثى وأنثى. ولماذا الذكر لا يبحث في مواصفات الأنثى؟ فقط الأنثى هي التي تبحث؟ مع أن الواقع هو العكس تماما . الذكر هو من يغامر ويتعرض للأخطار والعراك مع الأنثى نفسها لأجل الجنس. انظر الصراع بين الذكر والأنثى في حالة التلقيح القسري في الخيول والأغنام والأبقار وغيرها. لاحظ عندما تحضر فرسا لتلقيحها عند خيول ذكور، هل فرسك هي التي تختار؟ أم أن الجميع سيصهلون ويرفسون الأبواب لأجل الوصول لهذه الأنثى التي لا حول لها ولا قوة فضلا عن أن تختار؟ لو كان هناك شيء اسمه انتخاب جنسي تقوم به الانثى، فلماذا لا نجد إناثاً تتصارع على ذكر مميز في الطبيعة كلها؟ لا توجد حالة واحدة، فأين الانتخاب الجنسي الذي تقوم به الإناث لاختيار صاحب الجينات الأفضل؟ الحقيقة أننا نجد انتخاب الإناث للذكور هو صفر، إلا فقط مع من يوافق دورتها، ولو كان أجمل ذكر يريد أن يقترب منها وهي لا تريد فسترفضه. ولماذا تكون الأنثى ايجابية جنسيا والذكور أصلا بهذا الهيجان الذي يصل إلى حد الموت؟ هل الذكر سيتركها تختار غيره؟

و في حالة طيور التعريشة التي يبني الذكر المنزل ليجذب الأنثى، هي لم تختلف عن بقية الحالات، فالذكر هو المبادر تماما مثل الإنسان الذي يذهب ليخطب زوجة ولا تذهب الزوجة لتخطب زوجها. الأنثى بالطبيعة كلها مطلوبة جنسيا من ذكور نفس النوع وبشدة، فلماذا تبحث هي؟ وإذا كانت طائر التعريشة الأنثى تأتي لترى منزله كما يتوقعون بعقليتهم البشرية ثم تذهب لتأتي أنثى أخرى وتدخل وتعيش معه، فربما أن الاولى لها زوج و عش، أو ليست في حالة استعداد للتزاوج، وإلا لماذا تقبله الثانية وترفضه الاولى؟ لو كان الذكر سيء الجينات لما اختارته الثانية، ولو كان ضعيفا لما استطاع بناء العش، ومع ذلك رفضته الاولى، إذن فتّش عن سبب آخر ولا تقف عند فكرتك الخاطئة راغبا أن تكون صحيحة بالقوة.

في تجربة أسماك الغابي : ما الذي يثبت أن المفترس لا يرى إلا أصحاب البقع الكبيرة ويفترسهم؟ يجب أن تكون هناك تجربة على سمك البلطي نفسه حتى نقول أنها صحيحة، ولو كان كلامه صحيحا لانقطعت كل الأسماك وغير الأسماك ذات الألوان الزاهية في البحر، وهي الأكثر والأضعف والأقل سلاحا. البحر مليء بالأسماك الجميلة والبراقة وحتى المضيئة ومع ذلك لم تنقرض، لماذا أسماكه فقط التي تنقرض؟ ثم فكرة أن الإناث هي التي تختار أصحاب البقع الكبيرة او الصغيرة، هذا كلام غير واقعي، هل الذكر المبقّع بقعاً صغيرة يرضى أن تتركه الإناث ويقبل بروح رياضية؟ أين هيجان الذكور وإلحاحها؟ الذكور في وقت هيجانها لا تبالي حتى بوجود عدو، ودائما فرصة الصياد في وقت الهياج الجنسي للذكور، لاحظ العصافير تجد ان اكثر حالات دهسها بالسيارة يكون العصفوران يتعاركان، لأنهما لا يباليان حينها بالمخاطر، وترتفع اصواتهما. أنا اشكك في صحة هذه التجربة أصلا. التجربة أساساتها غير منطقية ولا يبقى إلا الثقة فيمن أجرى التجربة فقط، حسب كلام التجربة أن أي مفترس سيفترس ذوات الألوان الزاهية فقط، وبالتالي ستنقرض الألوان الزاهية من الفرائس ولا يبقى سوى ذوي الألوان الباهتة، وستتزاوج الإناث بهم رغبة في بقاء صغارها، وهذا تكذبه الطبيعة، الطبيعة تكذب تجربة هذا الرجل لأنها تعجّ بآلاف الأصناف ذات الألوان البهاجة ولم تنقرض، مع أن الجميع له أعداء وليس فقط سمكات هذا الدارويني.

كل صائد مبرمج على معرفة طرائده ومعرفة أساليبها وتخفيها ومخرجاتها، فكيف يفوت على السمك الصائد هذه الفريسة ؟ القط مثلا ينتبه لصوت الفئران ومتخصص بذلك، بينما الكلب لا ينتبه لها، مع أن الفأر لونه باهت والقط لونه متنوع، إلا أنه لا يعدم أن يخرج و في فمه فأر، لأن سرعة حركة الفأر تلفت نظر القط من بعد وكذلك اصواتها، فالقط يصغي للأصوات الدقيقة، ويمكن اجراء تجربة عليها، اخرج صوتا دقيقا من فمك بحروف السين او الصاد وسيلتفت لك تقريبا كل قط، وربما لهذا السبب يسميه بعض العامة (بِسّاً) . هذا غير أصواتها و روائحها. قلّد صوت فأر عند قط فسيلتفت، أو حرّك شيئا بحجم الفأر سوف يلحقه رأسا، وهذا لا يفعله الكلب فضلا عن الأسد، فإذا كان هذا السمك البلطي متخصص في اصطياد هذا النوع من السمك و هما في حوض واحد وليسا في الطبيعة، فهل تصدق ان تمر السمكة ذات النقط الصغيرة بالقرب منه ولا يراها؟ إنه يعرف بحركة تيار المياه قبل ان يلمحها.

في هذه التجربة كأن البلطي لا يستخدم إلا الرؤية فقط، ولم يذكر في التجربة نفسها تأثير الأسماك ذات البقع الصغيرة على البلطي نفسه، ألم ينقرض البلطي؟ ألم يتطور البلطي نفسه؟ فقط التطور لأسماك الغابي حتى تنجح الداروينية؟ هل نسيه الانتخاب الطبيعي؟ التجربة لم تتكلم عن الصيادين أيهم زاد عدده ومن نقص ومن تغيّر وتطور ليواكب تغيرات العصر! هذه تجربة ناقصة. وهذه التجربة على افتراض ثبات احد المتغيرين، وهو المفترس، لهذا هي تجربة ناقصة، فضلا عن بقية عيوبها.

إن الطبيعة معيار لأي تجربة يمكن تطبيقها على الأحياء، فلو قارنا نتائج هذه التجربة مع الطبيعة لما وجدنا معها اية تطابقات، فبناء على تجربة اندلر هذه، لا بد أن نرى كل الطرائد صغار الحجم ومتموهة مع البيئة التي تعيش فيها، بسبب المفترسات التي تطاردها، هذه هي نتيجة تعميم تجربة أسماك الغابي، لكننا لا نجد أي تطابق ما بين التجربة والطبيعة. مثلا الحمار الوحشي لا زال يُطارد من قبل المفترسات منذ القدم ولم يصغر حجمه، ومع ذلك لا نجده غيّر شيئا من خطوط جسده المغايرة للبيئة، فهو اوضح ما يكون في بيئته بسبب خطوطه البيضاء والسوداء في بيئة ملونة ولا يكاد يوجد فيها بياض او سواد، فهل نصدّق هذه التجربة ونكذب الطبيعة؟ طبعا لا، اذن هذه التجربة باطلة وغير صحيحة.

سؤال : لماذا توجد حيوانات مفترسة من كل نوع؟ لماذا لم تكن كل الحيوانات آكلات أعشاب؟ فالأعشاب والنباتات تتحمل الضغط عليها كمورد غذائي لأنها متوفرة، فلماذا مشاكل الصيد وأتعابه؟ هذا يؤيد نظرية التوازن ضد نظرية التطور. وما دامت الأشجار تعيش على التراب والماء، فلماذا بقية الكائنات لا تعيش مثلها؟ هذا أيضا يؤيد نظرية التوازن. ولماذا كل نوع مخصص بغذاء معين وإذا لم يتوفر يموت؟ مع أن غيره يعيش على أنواع أخرى؟ لماذا لم يكن النوع المتطور مشترك التغذية، فمرة يأكل نباتا ومرة يأكل ترابا لأن فيه معادن ومرة سمكاً ؟ هذا كله يؤيد نظرية التوازن.

الكائن الذي لونه يشبه لون البيئة ستثير حركته الانتباه أكثر، لأن شعور الصياد يرى أن المكان متشابه جدا، وإذا به يرى جزءا متحركا مُموَّها من نفس اللون، اذن سيلفت الانتباه أكثر. المفترسات تعرف طرائدها بدون الاعتماد على الألوان، بدليل انك تستطيع أن تغيّر لون الأرنب مثلا بالنسبة لثعلب متعود على اصطياد أرانب رمادية، أعطه لونا احمر فاقعا، وانظر هل سيتوقف عن اصطياد هذا اللون أم سيهجم عليه رأسا؟   

طريقة البحث العلمي هي أن تبدأ من مسلّمات علمية مدروسة ومُتأكد منها، ثم تبحث عن إثباتاتك. أما أن تضع مسلّمات لم يثبتها المنطق والواقع ولا أساس لها ثم تقول أنك مستند على تجربة وأنها تشير إلى كذا! بهذا ستقع في وهم و توهِّم الناس معك. هذا المنهج سبب مشاكل في البحث العلمي.

وما قيل عن اسماك الغابي وعن بلوغها بوقت اسرع في ظل وجود مفترسات نجده كذلك في النباتات عندما تنقطع او تقل عنها المياه، وهذا من التكيف ولا يعتبر تطورا ولا ممهدا للتطور، الكائنات الحية مودعٌ فيها آليات للتكيف، ولو لم تكن هذه الآليات موجودة لانقرضت الأنواع. النبات الذي ينقطع عنه الماء أو يتناقص، يزهر بوقت مبكر وتجد ثماره تنضج بسرعة وإن كانت صغيرة الحجم، بل حتى لو زالت عنه الأوراق من العطش فسيظل يغذي الثمار ويملأها بالبذور، ومع ذلك فالنبات هو النبات لم يتغير. هذه الصور عبارة عن تكيّفات طبيعية تظهر وتزول تبعا للمؤثر، ومن القفز على الحقيقة أن تسمّى تطورا صُغرويا، لأنك لم ترصد حالة تطورية لاحقة لهذه الصور من التكيف. هذه فقط وجهة نظر التطوريين أن الحيوانات والنباتات حصل فيها بعض التغيّر الطبيعي لظروف بيئية اذن قفزوا على الحقيقة العلمية وقالوا انه هكذا ينشأ التطور، مع أنهم لم يجدوا حالة تطور من هذه التكيفات تربط بين التطور الصغروي والكبروي. هذه التكيفات نجدها في أجسامنا نحن، فالبدوي في الصحراء عنده جسم يتحمل الحرارة والمشي في الصحراء والجوع والعطش، ومثل هذا الجسم لا يملكه من يعيش في بيئات خصبة، وربما يموت في عرض الطريق، فهل نقول أن البدوي تطور؟ إن هذا البدوي بمجرد أن يسكن في المدن نجد جسمه يعتاد على بيئة المدن ويتحول إلى مثل أجسام السكان تدريجيا. هذه التكيفات لا مرحلة لاحقة لها إلا في أذهان التطوريين، فمن يعمل بالفأس يوميا سوف تتكون طبقة صلبة في راحة يده، فما المرحلة اللاحقة؟ لا توجد. وإن غيّر عمله هذا لعملٍ غيره فسوف تزول هذه الطبقة وتعود يده ناعمة، وهذا ما يحصل لكل الأحياء. الداروينيون إذن درسوا لنا التكيّفات مشكورين ولم يقدّموا تطوّرا صغرويا كما يقولون، وهنا أفادونا بما لم يريدوا إفادتنا به. هذا الأسلوب ليس أسلوبا علميا، أسلوب القفز على الظواهر ليس أسلوبا علميا، إلا على سبيل الفرضية فقط وليس العلم. التطوريون جاءوا للطبيعة ومعهم فكرة جاهزة يريدون اثباتها، وهذا خلاف للمنهج العلمي، فهم يحملون نظرية.

(الدقيقة : 42 الثانية : 55) يتحدث الدكتور عن تجربة اخرى، مقابل شواطئ كرواتيا، هناك جزيرتان، احداهما جزيرة بود كوبيشته، يوجد فيها نوع من السحالي، يتغذى بشكل حصري على الحشرات، له أسنان إبرية صغيرة، مثل كل الكائنات المتغذية على الحشرات، وهذه السحالي ليست موجودة في الجزيرة الاخرى التي تدعى بود ميرتشارو. أخذ جماعة من العلماء خمسة أزواج من هذه السحالي في الجزيرة التي تحوي السحالي، ووضعوها في الجزيرة الاخرى التي لا تحوي على سحالي، وتركوها تتكاثر في ظروف جديدة، اذ انه في الجزيرة الاصلية الحشرات متوافرة دائما، وبعد 37 سنة من هذا الانتقال، جاء مجموعة علماء آخرون من البلجيك ليروا ماذا حصل على السحالي من تغير يمكن أن يطرأ عليها أو تطورا ما، فوجدوا أنها تكاثرت بشكل كبير جدا، أخذوا عينات من هذه السحالي وفحصوا الدي ان أي ووجدوا انها تنتمي إلى نفس النوع، لكنهم لاحظوا ايضا وجود تغيرات لافتة طرأت عليها، بسبب أن الحشرات اصبحت قليلة جدا على هذه الجزيرة، وفي المقابل توجد اعشاب وفيرة، وقد تكيفت هذه السحالى على أن تتغذى على الاعشاب، فلاحظوا أن رؤوسها أصبحت أطول واعرض وأكثر ارتفاعا، والأسنان تغير شكلها من اسنان إبريّة إلى أسنان عريضة، كأسنان العاشبات عموما، ولها فكّان غليظان قويان، وبالتالي لا بد أن تكون الجمجمة اوسع، لموضع العضلات التي تحرك هذين الفكّين، وهذا ما حصل، وحصل هذا في ظرف 37 سنة فقط، تحول من حيوان آكل حشرات إلى حيوان عاشب، وهذا يستلزم ظهور تكيفات بنيوية جديدة، وهذا ما حدث. ومن المعروف أن للعاشبات عموماً أمعاء أطول وأوسع، وبما أن النبات يحوي على مادة السيليلوز الذي يعطي الخلية النباتية قوة اكثر من الخلية الحيوانية، فلا بد أن يكون عض العاشبات أقوى من غيرها من اللاحمات، كما أن امعاءها تحوي على بكتريا هاضمة تساعد في هضم السيليلوز وغيرها. وفي كل العاشبات تقريبا توجد الزائدة الدودية والمصير الأعور الذي يعمل كحجيرة تخمير وتكثر فيها هذه البكتريا، والزائدة الدودية موجودة في الإنسان ايضا لكنها صغيرة جدا، وهذا مما يثبت أن الإنسان انحدر من اسلاف كائنات عاشبة. وتوجد في الاعور صمامات، هذه الصمامات عبارة عن قواطع عضلية غير مكتملة، بمعنى أنها لا تسده، ولو سدته لمات الكائن، اذ يرتفع ثم ينزل ويرتفع ثم ينزل وهكذا، لأنها تجعل المساحة أوسع، وتنظم وتضبط عملية نزول هذه المواد إلى الأسفل قليلا قليلا، لأن هضمها صعب ويحتاج إلى وقت ليمكث في الاعور ليتخمر، والمفاجأة هي أن السحالي الأصلية ليست عاشبة ولا حتى الفصيلة التي تنتمي إليها، ولا توجد لديها صمامات الاعور، بينما السحالي الأخرى اتجهت لأن تصبح عاشبة ولديها الاعور ولديها صمامات الاعور. ويقول الدكتور أن هذا يفرح التطوريين، فهذا تطوّر على مستوى البنى الداخلية العضوية، ولك أن تتخيل بعد ملايين السنين من الممكن ان يحدث الانتواع، فيتطور هذا الكائن إلى كائن آخر مختلف.

الرد : الإنسان الآن عاشب، وأكثر طعامه نباتي.

ثم كيف تكون جزيرة ما خالية من الحشرات تماما؟ كيف يمكن تأكيد ذلك علميا؟ ولا ننس ان الكثير من الحشرات تطير، كالبعوض والذباب والجراد والكثير من الخنافس والصراصير. وهل هذه الجزيرة يوجد فيها نبات ولا يوجد فيها نمل ولا نحل؟ من يلقح ازهارها؟ هل هذا يعقل؟ اذن (إكس) على التوازن الطبيعي حتى يفرح القوم. وكيف يمكن تأكيد أنه لا توجد تلك السحالي في الجزيرة الثانية اطلاقا؟ هذه تأكيدات غير علمية ولا يمكن إثباتها. ثم ماذا عن فريق العلماء الأول الذي أجرى التجربة؟ لماذا لم يكملوا تجربتهم ويعاينوا ما حصل لها؟ لماذا تأتي جماعة علماء أخرى من دولة أخرى لتتابع ما جرى للتجربة؟

ثم كيف عاشت أسلاف هذه السحالي على الجزيرة الثانية في ظل عدم وجود حشرات كما هو مزعوم وفي ظل عدم وجود أعور ولا صمامات أعور تساعد في هضم الاعشاب؟ وهل تم تشريح السحالي الأصلية وثبت أن أمعاءها لا تحوي على اعور ولا على صمامات أعور؟ كل هذه معطيات مجهولة وناقصة في التجربة لا بد من التأكد منها قبل الجزم بأي نتيجة.

ومثل هذه التجربة : لماذا لا تجرَّب في مختبر أو حديقة حيوان لكي يشاهدها الناس ما دام ان التحول تم بهذه السهولة؟ لا أن تكون في جزيرة نائية ومفتوحة؟ ولماذا لا تُجرّب على أنواع غير السحالي؟ يوجد كائنات لا تأكل إلا اللحوم كالقطط والثعالب وغيرها، فما الذي يمنع من تجربتها؟ نجعلها لا تأكل إلا طعاما مختلفا عما تعودت عليه، ولننظر كيف تتحول إلى عاشبات، و كذلك الحيوانات العاشبة لنعطيها لحوما فقط، ولننظر ماذا يحدث، هل هذا عجز في الإنفاق على التجارب أم ماذا؟ هي موجودة في حدائق الحيوانات و في معازل خاصة، بدلا من ان ترمي اللحمة للاسد والبرسيم للوعل، بدّلها على مدى 36 سنة فيتحول الاسد الى عاشب والوعل الى مفترس خطير! ما هذا العبث بالعقول؟ ولماذا يضطرون الى جزيرة نائية وحدائق الحيوان قريبة من بيوتهم؟ سؤال يطرح نفسه.

إنها تجارب سهلة، ولتبدأ بالتدريج و في حدائق الحيوان، حتى تقدّم دليلا واضحا والناس تراه وتتابعه معكم من خلال القفص. لماذا كل هذا الغموض وإجراء التجارب في جزر نائية؟ الحق واضح.

ثم ما هي هذه الجزيرة التي لا توجد بها حشرات إطلاقا؟ هل نسينا التوازن البيئي؟ من الذي يلقح النباتات وزهورها في الجزيرة اذا لم يكن هناك حشرات؟ مثل هذه التجربة لا تُصدّق إلا بالثقة فقط، والعلم لا يؤخذ بالثقة. أيضا احتمالية أن جو التجربة ليس مغلقا بل مفتوحا، فهل أُحصِيَت كل موجودات الجزيرة حتى يُجزم أنه لا حشرات فيها ؟ قد تكون سحلية من نوع آخر ويحسبونها صاحبتهم، هذا غير أن التكيف الطبيعي قد يصل الى هذا الحد، لأنهم لم يُحصوا حدود التكيّفات الطبيعية التي من بعدها يجب أن يكون التطور، فليفعلوا هذا أولا ثم إذا زاد عن حد التكيف يقولوا أنه تطور. العلم Step by Step خطوة بخطوة، والقفز من سمات أصحاب الهوى، ونحن نعرف كم الهوى في إثبات نظرية التطور بالنسبة للملاحدة، لهذا نتشكك حتى في تجاربهم، ما لم تكن مشاهدة ومنطقية وواضحة للعيان، أما تأويلاتهم وتفسيراتهم فهي في محل الشك بالأساس.

العلم لم يدرس التكيّفات الطبيعية وحدودها لكل الأنواع، وهذه ثغرة في العلم، واذا قلنا تكيفات فإننا نقصد بها أي تغيّر لا يستمر، إلا بوجود المؤثر، وإذا زال المؤثر زال التغير، وبالتدريج طبعا. هذه مساحة لم يغطها العلم، واستغل الدراونة هذه المنطقة المظلمة، لأنهم يسيرون في الظلام، وقالوا أن أي تغيّر هو تطور، وهذا كلام غير علمي إطلاقا، لأن التكيف يحدث ويزول، إذن لم يتطور الكائن الحي، إذن يد الحطاب لمّا كان حطابا لم تستمر بخشونتها عندما وجد وظيفة حارس أمن. إذن لم يتطور، مع أنه تغيّر. يجب أن نكون علميين ونحترم العلم، وإن كان على هوى أنفسنا.

الفكرة الساذجة التي تقول أنه لو كان الشيء مخلوقا خلقا خاصا فيجب ألا يتغير إطلاقا، تعبّر عن سذاجتها ولا تعبّر عن حقيقة، فالله خلق وهدى أيضا، وأودع في كل كائن حي ميكانيزمات لحماية ذاته ونوعه، مهما تغيرت الظروف، أي كأنها حالة طوارئ، مثل اللاعب الذي يمرّن عضلاته كل يوم، سوف تنشأ له عضلات ضخمة، لكن إذا تقاعس عن التمرين سيعود جسمه الى الوضع الطبيعي ولم يتحول الى غرانديزر على فكرة التطور الخيالية، اذن الملاحدة والدراونة استغلوا وجود التكيفات في الكائنات الحية وقالوا : داروين اكبر ! هذا الفتح ! ها هو التطور أمام أعينكم كما سماه داوكينز. وهو يقصد التغير التكيّفي الذي يزول بزوال المؤثر ويعود كل مخلوق لحاله الطبيعية كما خلقه الله. اعتبار كل تغير تطور خاطئ 100% ، لأن هذا التعميم يُدخِل في أحشائه التكيف، والتكيف يستمر مع وجود الظروف، ثم يعود الكائن الحي الى حاله الطبيعية، تعريفهم تجاهلَ هذه النقطة، لأنها ليست في صالح فكرتهم.

وصاحب تجربة سمك الغابي لم يُعِد الظروف لوضعها الطبيعي ليخبرنا هل زال ذاك التغير أم لم يزل، وهذا نقص في التجربة. كل تغيّر إذا رجع إلى الأصل بزوال المؤثر فهو تكيف وليس تطوّر، وإن لم يرجع و زاد في التغير فهو تطور، هل عندكم تجربة من هذا النوع؟ لا يوجد. هل هم يُرجعون صُوَر التكيف الى وضعها الطبيعي؟ لا يقدرون، لأن هذا لا يخدم توجههم.

لكل مخلوق صور من التكيّفات، وهذا يجب أن يُدرس. انظر إلى الساكنين في البيئات الفقيرة والصحراوية لا تجدهم ضخام الأجسام، وكذلك حيواناتهم أيضا تتحول إلى صغر الحجم النسبي طبعا، بينما أهل الأنهار نجدهم ضخام الجثث، وهذا ليس بشكل عام، ولكنها قد تكون من صور التكيف، أو أن للتكيف دوراً فيها، ولا نقول تطوّر لكي نكون علميين. الخطأ الكبير الذي وقعوا فيه هو احتساب أي تغيّر على انه تطور، كما صرّح بذلك الدكتور في أول الحلقات. وهذا قفز على شيء مشاهد وموجود - وهو التكيف - ولوي ذراعه وإدخاله في التطور، وكأنها حركة إستغفالية للناس، فهذا خطأ جسيم ومغالطة خطيرة في نظرية التطور : احتساب أي تغير على أنه تطور.

تكيّفات الإنسان لا حصر لها، سواء في الذهن أو الجسم أو المهارات أو القدرات، ومع ذلك فالإنسان هو الإنسان، وانظر للأعاجيب في قدرات الناس سواء الذهنية أو العضلية أو المهاراتية أو الفنية، شيء عجيب وإبداع عظيم، ومع ذلك لم يتغير أحد عن كونه إنساناً. هل نقول عن من يعرف عمر قدم صاحب الأثر في الأرض وهل هو ذكر أو انثى أنه تطوّر؟ أو نقول عن شخص يسحب شاحنة ضخمة بأسنانه بأنه تطوّر؟ أو من الأعاجيب الكثيرة التي نراها، نجد بعضهم حتى يعد أرقام لوحات السيارات ويذكرها تماما، وأيضا مهارات المرونة في الجسم والمشي على الحبال والبهلوانيين، وهناك من يستطيع أن يأكل الزجاج والجمر ويلعب بالسيوف ويدخلها في جسمه، ومن يقرأ الكتاب ويحفظه عن ظهر قلب، واستمر في هذا المجال، هذه تغيرات، أليست كذلك؟ اذن هذه كلها تطورات! لكن لماذا لا تـُورّث إذا كانت تطورات؟ بل لماذا تتآكل وتندثر إذا زالّت الحاجة إليها والتمرين عليها؟ هذه كلها من صور التكيّفات ولا تطوّر موجود في الواقع، وهل فيل السيرك متطور عن الفيلة العادية في الطبيعة؟ او هل كلاب الصياد متطورة؟ إنها تعود لطبيعتها بمجرد أن تنخرط في قطيعها وحياتها البرية، ولا تستخدم تلك المهارات التي اكتسبتها أبدا ولا تنقلها إليها. كل هذه تغيرات لكنها مقفلة، علماء التطور يعرفون هذا الشيء ولكنهم يتجاهلونه لأنه لا يخدم نظريتهم بل يقفلها، وكأنه يقول لهم : لا شيء يتغير، حتى لو تغير.

التطوريون عينهم على التغير ويَتَعَامَون عن تراجع التغير والعودة للأصل، وهذه خدعة التطوريين. كذلك التغير قد يكون في عضو دون العضو الآخر في الإنسان، مثل خشونة اليد والقبضة بالنسبة لمن يعمل بيده اليمين أو الشمال أكثر من الأخرى، فهل تطوّرت يد وأخرى لم تتطور إذا احتسبنا أن أي تغير يعتبر تطوراً؟ إذن هذا المبدأ خطأ يجب رفضه احتراما للعقل والعلم.

وليس صحيحاً أن الحيوانات العاشبة قوة عضها أكبر من الحيوانات اللاحمة، فالضباع مثلا عضتها تكسر العظام، ولا يوجد حيوان عاشب يكسر العظام أو الخشب، إن النبات عبارة عن أوراق وسيقان غضة وليس فقط أخشاب ، بل حتى الحيوانات العاشبة كالبقر ليس لها أسنان إلا في الفك السفلي، فكيف تكون عضتها أقوى من عضة المفترسات التي تتعامل مع لحوم وعضلات وعظام وأعصاب مشدودة؟ وهذا شيء مشاهد ، فتكوين الأنسجة النباتية أضعف من تكوين الأنسجة الحيوانية واللحمية، وهضم الغذاء النباتي أسهل من هضم الغذاء الحيواني، خصوصا إذا كان اللحم نيئا، لذلك معدة الكلب يقال أن فيها أحماض لو سُكِبَت على البساط لأحرقته. والدهون معروف أن هضمها أصعب من هضم النبات، إننا نحتاج إلى فأس وسكاكين حادة لتقطيع اللحم، وهذا لا نحتاجه لتقطيع أوراق النباتات.

كأن الداروينيين يردّون على الخلقيين بفكرة أن كل مخلوق ثابت لا يتغير، وهذا خطأ حتى من الخلقيين إن كانوا يقولون ذلك، فالله خلق الأحياء وخلق معها قدرتها على التكيف، فالتكيف رحمة. وكون الحيوان عاشبا أو لاحما ليست فاصلا دقيقا، فالطيور مثلا تأكل الحبوب، إلا أنها تأكل الحشرات أيضا، والدب يصنّف من اللاحمات ومع ذلك إذا تأخر سمك السلمون يبدأ بأكل الأعشاب وأكل العسل، والأبقار والأغنام يُدخل الرُّعاة في غذاءها بروتين حيواني، وهي تحبه وتأكله بشراهة. وكذلك الكلاب والقطط تأكل الحلوى والتمور مع أنها لاحمة. وذلك لأن الحيوان يريد أن يعيش حسب الموجود والمتوفر.

إن العلم أثبت أن للزائدة الدودية وظيفة، وهي التخمير، وليست مجرد عضو زائد أو أثري من بقايا الأسلاف العاشبين كما ظن داروين، و كون الزائدة صغيرة فهذا بسبب ان الانسان مشترك التغذية (قارت) ، فهو عاشب ولاحم بنفس الوقت، فطبيعي أن يكون حجمها أصغر منه في العاشبة فقط. الإنسان له أنياب وله طواحن، أما العواشب فليس لها أنياب. والنقطة الأخرى هي أن المواشي مسخرة لكي تأكل الأعشاب بشكل دائم، فكمية الأكل الذي تأكله الشاة مثلا قد يكون أكثر من الكمية التي يأكلها الحصان رغم ضخامته، مع أن وزن الحصان يعادل وزن خمس شياه، وهذا شيء معروف عند مربي الأغنام أنها تأكل باستمرار، لأنها مسخّرة لتنظيف الأرض من الحشائش الزائدة، وليس فقط من أجل أن تتغذى. هذا يكشفه علم التسخير، فحتى في المقارنة بين الصقر والدجاجة، نجد أن ما تأكله الدجاجة أكثر مما يأكله الصقر، وذلك من التسخير. وأما طول أمعاء العاشبة ومصرانها الأعور فليس بسبب صعوبة هضم ما تأكله، بل لكثرة ما تأكله، بل إن بعض الأغنام تموت من كثرة الأكل وتنتفخ بطونها عندما تأكل طعاما مما يسمى سهلا كالشعير أو التمر، لكن لو امتلأت بطونها بالأعشاب فلا تموت، لأنها مسخرة للأعشاب وليس للثمار.

وإذا كانت تجربة السحالي مثيرة وعجيبة لم لا يجربوها على أنواع أخرى معروفة و في حدائق الحيوان حتى نرى الكلب وله مصران اعور وقد تغيرت أسنانه الى طواحن! يكفي عبثا بعقول الناس .. هل التجربة صعبة؟ إنها سهلة جدا، أسهل من جزيرة نائية تحتاج الى سفر. فالحيوانات محجوزة وموجودة في كل حدائق الحيوان، فقط غيّر الأكل ثم أثبت نظريتك! وإن كنت تريد سحالي فهناك سحالي في حديقة الحيوان، وأي سحلية تطلبها يحضرونها، ويجري تصويرها في كل فترة ومقارنة كل صورة بما قبلها، ألا توجد كاميرات؟ هكذا يكون الدليل العلمي. هم يعرفون هذا لكن ما الذي يُبعدهم عنه؟ انه عدم امكانية التغير الحقيقي الا في جزر نائية .. نلتمس لهم بعض العذر من الاحراج.

ما الذي يمنعهم من أن يقوموا بهذا إذن؟ هنا السؤال. لو كانت هذه التجربة عملية لأُجرِيَت وبكثرة وفي كل مكان، حتى لا تدع مجالا للشك، ومن خلالها نستطيع أن نسرّع التطور ونوجد أنواعاً جديدة. ترى لو لم يكن في تلك الجزيرة إلا حشرات طائرة، ترى هل ستتجنّح هذه السحالي وتتحول إلى طيور؟ إذن ممكن إجراء التجربة، ونحن نطالب بذلك بأكثر وأكثر إن كانوا صادقين.

 لو وجد ذئاب في جزيرة ليس فيها حيوانات يصطادوها، هل سيأتي فريق بلجيكي بعد 30 سنة ويجدها تتصارع على اكل الاغصان الغضة بعد ان فقدت انيابها وتحولت الى طواحن وتغير مصرانها الاعور؟ ماذا ستفعل بأشكالها المهيئة للصيد؟ لابد ان اشكالها ستتحول الى ما يشبه الغنم، هنا نتوقف حتى لا نصاب بالجنون.

(الدقيقة : 49 الثانية : 20) يتحدث الدكتور بمقدمة عن تجربة البكتريا القولونية الاشريشية التي توجد في الأمعاء، والتي سيشرحها في الحلقة المقبلة، ويذكر الدكتور أن هذه البكتريا تتعرض لطفرات مستمرة وكثيرة جدا، لأنها في اليوم الواحد تنتج ستة أجيال، فلا بد أن يطفر جين من الجينات في أحد عشائرها المنتشرة حول العالم، إذ أن عددها يصل لـ 100 مليار مليار في كل العالم تقريبا. وهي تتكاثر لا جنسيا، بمعنى انه من المحتمل بشكل كبير أن يحدث التطفر أو الخطأ في النسخ اثناء التكاثر بكثرة، والتطفر هو احد مبادئ النظرية التركيبية الحديثة للتطور، مع الخلط الجيني، حيث تظهر التغيرات والتباينات، وعندها يعمل الانتخاب الطبيعي. وعلى هذا فالتطور يتنبأ في المستقبل أن يحدث لهذه البكتريا القولونية الاشريشية تغيرات مستمرة، أي تغيرات تطورية.

الرد : حسنا ، ما الذي تغير في هذه البكتريا؟ ما الذي تغير في وظيفتها بسبب تطفرها؟ طعام الانسان هو هو، وعملها هو هو لم يتغير، فأين تأثير التغيير الطفروي عليها وبالتالي على هضمها؟ إن كانت بهذه الاعداد الضخمة والتكاثر الهائل، فينتظر منها طفرات كثيرة تنقلها حتى عن اصلها اذا اخذنا بالحسبان مئات الملايين من السنين، لتمكنت من الطيران ربما وانبات الاجنحة، لأن الطفرات ستكون هائلة، لكنها هي هي و في مكانها ووظيفتها، فلماذا الجنون؟ هي تطفر في مخيلة الملاحدة فقط، لكن الوظيفة تشدّها الى ما سخّرت له.

فكرة الطفرة تحاصر نظرية التطور، لأنها على فرضية الصدفة، واحتمالية الصدفة تزداد مع الكثرة، اذن المنتظر هو الكثير جدا من الطفرات، وهذا غير موجود في الواقع. سلاح النظرية ينقلب ضدها، إذا عرفنا ان السلاحف من 250 مليون سنة لم تتغير، فكم عدد السلاحف؟ واين طفراتها؟ صفر. اذن اختل المنطق. بينما الطفرات تجمعت بشكل هائل على إحدى السمكات فحوّلتها على إنسان! بينما السلاحف لم تتغير بأي شكل! ما هذا التناقض؟ مع أن كلاهما فيه عمليات تزاوج ومؤثرات الخ .. السؤال لمَ لمْ تحدث طفرة في السلاحف من 250 مليون سنة؟