السبت، 24 مارس 2018

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 22




(الدقيقة : 8 الثانية : 30) يكمل الدكتور في هذه الحلقة ما تبقى من حديث حول تطور الطيور من الزواحف، ويذكر تبرير التطوريين لوجود الغطاء الريشي على هذه الديناصورات، فيقولون أنه من أجل العزل الحراري، مع الاخذ بالاعتبار انها من ذوات الدم البارد، بينما بعضهم الآخر يقول أنها من ذوات الدم الحار جزئيا، وربما يفيد أيضا في عملية الانتخاب الجنسي. يواصل الدكتور كلامه ويطرح السيناريو الأول لكيفية تطور هذه الديناصورات إلى الطيور، وهو الهبوط من أعلى، اذ يقترح بعض التطوريين أن هذه الكائنات كانت عاشبة تعيش على الاشجار، فكانت هذه البنية الريشية تساعدها جزئيا على الانتقال من شجرة إلى أخرى، أو من شجرة إلى الارض بدل أن تسقط مرة واحدة. وهذا يساعدها على الهرب من المفترسات وكذلك اللحاق بالطرائد.

وهناك سيناريو آخر أكثر تريجيحا من الأول، وهو الإرتفاع من الأرض، وهذا لأننا نرى طيورا مثل طائر الحجلة الصغير، له بنية ريشية ولا يستطيع أن يطير، لكبر جسمه وضعف جناحيه، لكنه يستفيد من هذين الجناحين برفرفتهما والصعود إلى مرتفع بزاوية 45 درجة. أما طائر الحجلة اليافع فيستطيع أن يرفرف وأن يصعد بزاوية 145 درجة، أي كأنه يتدلى أكثر من كونه يصعد، وبهذا يمكنه أن يهرب من المفترسات، وهذه عملية صعبة جدا، ومع ذلك هذا الريش والجناحين مفيدات رغم أنها لا تمكنه من الطيران، لكن على الأقل تجعله يتصاعد بهذه الزاوية، وهي صفة تساعده على البقاء، وهذا يعني أن ما يحدث في الحجلة هو شيء مقارب لما حدث للديناصورات الرشيقة.

كذلك الديك الرومي لا يطير مع ما لديه من بنية ريشية وأجنحة، لكنه يمارس القفز ويقفز قفزات هوائية، وكذلك طائر الكوايل (السمّان)، كلاهما يمارسان القفز في الهواء، وهذا يعطينا فكرة عن الخطوة التالية في التطور، من المشي على الأرض إلى الطيران، فالخطوة الأولى الرفرفة، والخطوة الثانية القفز في الهواء، ثم تأتي الخطوة الثالثة وهي التحليق التام. هذه كائنات موجودة تعطينا تصورا عن كيف تمت عملية الطيران.

الرد : المنطقي أن يكون الجناح لحميا وليس ريشيا، مثل جناح الخفاش، وإذا كان الموضوع عن البرد فالشعر يكفي، فهي من ذوات الدم البارد، أي لا تتأثر بالبرد، وجلدها سميك. لا يوجد نوع من الكائنات الحية يلد ويضع ريشا، مع أن الخفاش يلد وليس له ريش. التطوريون دائما يضعون في بالهم أن الكائن أو الحيوان سيكتسب ميزات جديدة بعد التطور، وكأنه يعاني من النقص قبل التطور، ولو كان يعاني من النقص لما بقي، كل حيوان مودع فيه ملكاته وقدراته الكافية لكي يعيش ويتكاثر، فلماذا تنبت على ظهر الديناصور ريش؟ هذا إن وجد الديناصور أصلا، لأنه خرافة أخرى.

وبخصوص الحيوانات ذوات الدم البارد، والتي تكيّف درجة حرارة جسمها مع درجة حرارة المحيط الخارجي، فهذه تعتبر ميزة لا تتمتع بها الحيوانات الثديية التي يعتبرها التطوريون متطورة و راقية أكثر من ذوات الدم البارد. فذوات الدم البارد تتجمد ولكنها لا تموت. بينما ذوات الدم الحار تموت اذا تجمدت، لو كان هناك تطور لكانت ميزة ذوات الدم البارد موجودة في الثدييات.

السؤال : ما ميزة الثدييات لمّا تطورت؟ كذلك التبييض أسهل من الولادة وعملي أكثر، فلا تتعسر البيضة أثناء خروجها ولا يحتاج الجنين إلى رضاعة، ولو تأثر ضرع الأم لمات الطفل، وفترة حمل البيّاضات أقصر من الولاّدات، وأخف أيضا، وتضع مجموعة من البيوض وليس طفل واحد فقط، أي أنها عملية أكثر، فأين هو التطور؟ إلى أين يتجه التطور؟ هل يتجه إلى الإنسان وعقله أم ماذا؟ الزواحف والطيور فيها ميزات أكثر من الثدييات، فكيف تكون الثدييات متطورة أكثر منها؟ أها ، فهمنا ، من أجل أن الانسان من الثدييات. الإنسان غير متطور، بل الحشرات أقوى منه. ولا يملك وسيلة دفاع واحدة، وصاحب أطول واضعف فترة طفولة، تمتد إلى 15 سنة. (وخلق الإنسان ضعيفا).

ما هو الموضوع الذي يدرسه التطور؟ لو قلنا في الجسم وميزاته لأصبح الإنسان في ذيل التطور، لو قلنا في المهارات والإمكانات، فإمكانات أي مرحلة تطورية أضعف من المرحلة السابقة لها، حتى تعود إلى الجراثيم، أي لو قلبنا نظرية التطور لوجدناها سليمة وأكثر منطقية، فالبكتريا لا تحتاج لولادة ولا تبييض ولا تزاوج، فقط تنقسم، أليست هذه ميزة لا تملكها بقية الأحياء المعقدة؟ هنا يكون التعقيد أكثر، عندما ينقسم الكائن الحي إلى اثنين بدفعة واحدة، إذن أين هو التعقيد؟ اذن هي نظرية حيص بيص، عندما تدرس موضوعا كالتطور، لا بد أن تحدد الهدف ومادة البحث والتنافس على ماذا، ثم تنظر إلى مفردات البحث وتقارنها بالهدف وبموضوع البحث، مثل أي مسابقة، لا توجد مسابقة عامة، بل مسابقة في العدو، أو مسابقة في التسلق، لديك هدف وهو الوصول لقمة الجبل، و لديك وقت، و لديك أفراد يتنافسون، من يصل الأول والأسرع فهذا هو المتفوق والفائز، أين هذه المحددات في نظرية التطور؟ هي مسابقة شوربة، فوضى. هل هي مسابقة على أفضل شكل أم مسابقة في القدرات الذهنية والمعنوية؟ هل هي مسابقة على الشكل أم على المضمون؟ إنها حالة فوضى، الانسان متطور وانتهى الامر!

الحوت مثلا، يقولون أصله حيوان بري، قام بمغامرة القفز في الماء، ثم تحول إلى حوت، هذه المغامرة ماذا أضافت؟ هل تقدم هذا الحيوان أم تأخر؟ ألم يكن الخروج من البحر عملية تقدم؟ فكيف أصبحت عملية الرجوع إلى البحر تقدماً أيضا؟ هيكل النظرية مختلف عن تطبيقاتها، هي تسمى نظرية التطور والتقدم للأمام، وهناك غاية وهناك انتخاب طبيعي يحذف الأضعف ويبقي الأقوى والأصلح.

مما يدل على إنسانية وبشرية نظرية التطور ما يصرح به بعض التطوريون والأنثربولوجيون أن التطور بعد ظهور الإنسان العاقل اخذ منحى ثقافيا بدل البيولوجي، هذه علامة كبرى لسقوط هذه النظرية، هل توقفت الظروف عن فعل التطور؟ وهل توقفت الجينات عن الطفرات لتتحول إلى طفرات ذهنية فقط أكثرها من نصيب ذوي العيون الزرقاء؟ كيف يتحول التطور من بيولوجي إلى ثقافي؟ كيف هذا؟ مع أن البيئة هي البيئة وظروفها وضغوطها تتكرر، وهي بيئة عشوائية كما يقولون؟ هذا شيء مضحك جداً. لوي عنق التطور لكي يصبّ علينا نحن دون العالمين، وكأن الانتخاب الطبيعي فضّلهم على العالمين، وأوقف التطور البيولوجي، وهذه بحد ذاتها تطور في عملية التطور، أن التطور ترك التطور واتجه للثقافة ليكمل تعليمه بعد أن أكمل جسمه، مع أنهم يقولون أن جسمه فيه أعضاء أثرية لا فائدة منها، لكن حب الثقافة غلب عليه وأدركته حرفة الأدب، حتى قبل أن يطوّر جسمه كاملا، بالله هل هذه فلسفة تُقدّم؟ ألا تلاحظ أنهم كأنهم يتكلمون عن إله يقرر هذا النوع من التطور ويبدأ بنوع ثاني، رغم البيئة والجينات؟ لماذا لمّا نقول لهم أن الله موجود يرفضون ويقولون لا، بل التطور؟ و هم يصنعون إله بقدرات الله لكن لا يريدون الله! هذا دليل بحد ذاته على وجود الله، مهما أنكرت وجوده فأنت تضطر إليه، إما بإسمه أو بإسم أي صنم آخر أو بإسم الانتخاب الطبيعي الوثني، المهم وجود اله مدبر. وهذا موضع ضحكة على عقول الملاحدة.

لقد قَبِل التطوريون والملاحدة بوجود شيء ميتافيزيقي اسمه الانتخاب الطبيعي غير مُشاهد علميا ولا مُثبت علميا، لكنهم لا يريدون أن يؤمنوا بالله الواحد لأن هذا من الميتافيزيقا و هم علميون! انظر كيف يخدعون أنفسهم. معنى هذا أن من يؤمن بالتطور فهو يؤمن بوثنية الطبيعة من خلال ربها الانتخاب الطبيعي وهو الذي خلقنا في أحسن تقويم، ويعلم ما نحتاج فاتجه إليه، مثلما فعل عندما أوقف التطور البيولوجي وقال يكفي، ولنتجه الآن إلى التطور الثقافي! هكذا أضلهم الشيطان وسوّلت لهم أنفسهم بالباطل. ملحدون ولكن يؤمنون برب غير الله، هو الخالق وهو الرازق، وهو الذي يقضي على النماذج الفاشلة ويدعم النماذج الناجحة، وبالتالي هؤلاء الـ 10% الذين سلموا من الانقراض، طبعا بتدبير الانتخاب الطبيعي، ممنونين له وبالتالي عليهم أن يسجدوا له شكرا، ما الفارق؟ أرادوا أن يلحدوا فعبدوا! لهذا نجد عظمة القرآن لأنه لم يتكلم عن الإلحاد، لأنه لا يوجد ملحد حقيقي أصلا، لأنه من اجل أن تنكر وجود الله لا بد أن تقدم بديلا له كما فعل ذلك ملاحدة التطور، من خلال ربهم الانتخاب الطبيعي، ثم ألحدوا بوجود الله، أتكلم عن الملاحدة التطوريين وليس كل التطوريين، و هم أصحاب النظرية الأساسيون، بزعامة الملحد داروين ونادي X الملحد.

الإنسان مخلوق عابد، لا بد أن يعبد شيئا ما، مهما أدعى أنه ملحد ولا يعبد شيئا. كل ملحد تطوري هو يعبد الانتخاب الطبيعي ربه، سواء سجد له أم لم يسجد، لكن يقر له بالخلق والرزق والتدبير، أليس الانتخاب الطبيعي هو من أخرج الثمار من الأشجار وهو الذي اخترع لنا اليد والعين الخ؟ إذن هذا هو رب التطوري الملحد بالدرجة الأولى، ومن لم يلحد ففي إيمانه نزعة من الشرك، لأنه أخذ شيئا من حقوق الله وهي الخلق والرزق ونسبها إلى الانتخاب الطبيعي. إذا قلنا الخلق فإننا نقصد خَلْقَنا كما نحن الآن. التطوري ينسب هذا إلى الانتخاب الطبيعي وليس إلى الله، بما في ذلك عقولنا، أليس في هذا شرك؟ أن تنسب شيئا لله إلى غيره، هذا صورة من صور الشرك. بينما الله يقول عن آدم أنه سواه بيده، وخلق منه زوجه.

أن تنسب شيئا من صفات الله وقدراته إلى غيره فهذا يعتبر من الشرك، وليس فقط أن تعبد أو تصرف شيئا من العبادة لغير الله، فالانتخاب الطبيعي في نظرية التطور يقوم مقام الرب كإله بديل، وكأن الانتخاب الطبيعي وجد البحر بلا حيتان، فأمر العجول ان تثب الى البحر، وقال كونوا حيتانا ضخمة، فكانت، ووجد ذلك حسنا، ورأى أن الزواحف كثرت فصنع لها ريشا ثم طورها إلى أجنحة، فقال : لتكوني طيورا تطير وتملأ الجو تغريدا، فكانت، ورأى ذلك حسنا. ورأى مخلوقاته قوية ونشيطة ولكنها غبية، فقال: ليكن عقل الإنسان من أحد القرود ، إذ وجدَ أنها الأذكى، فقال للقرود : سأخرج منكم بشرا أذكياء يكونون أسيادكم، فكان. ثم قال للإنسان: يكفيك تطورا بيولوجيا، يلا ثقافة! فكان صاحب العيون الزرقاء هو الأشطر والأسرع في إحضار وقراءة الكتب، ثم قال : ليأخذ القوي منكم الضعيف، فكان الاستعمار والدمار، وللمسلسل بقية.. هذه ليست مبالغات، هذا هو واقع النظرية وواقع من يصدقها.

أليست كل أعمال الانتخاب الطبيعي مفيدة ونحن ممنونون لها؟ ولا تأتي إلا بالأفضل؟ وجاءت بإرادة واعية لأنها تعرف الغاية والأفضل؟ إذن هو رب لا يفعل إلا الخير ولا يأتي بالباطل، ومن يعرف الأفضل هو العاقل، إذن ربهم الانتخاب الطبيعي عاقل و واعي، ولا يفعل أشياء تضر، بل تطوّر وتدفع للأمام، إذن هو فوق مستوى المخلوقات ويراقبها من فوق، وهو الذي أعطى الغزال قرونا وأرجلا قوية للعدو، وأعطى الفهود قلوبا مشدودة وعضلات قوية وأجساما طويلة، هو برّ بالجميع ولا ينسى أحدا من مخلوقاته، هذا رب بديل عن الله سبحانه وتعالى، وما زال يطوّر وينتصر حتى للبكتريا من البنسلين، حتى لا تنقرض البكتريا المسكينة، وبنفس الوقت يطوّر الإنسان ثقافيا وعقليا حتى يتغلب على البكتريا اللعينة، هو صحيح أنه متناقض قليلا، لكنهم يقبلونه كإله، المهم ألا يعبدوا الله المذكور في الأديان، وهذا هو مأزق الإلحاد، فهو يحتاج إلى إله بديل، لكنه لا يعترف بهذا الإله البديل، فيحتاج إلى قليل من التأمل حتى تكتشف إلهه الذي يخفيه.

إننا نجد في فكرة التوازن والتسخير قانونا نسميه قانون القَصْر، أي من الإقتصار، بحيث لا تتجمع الميزات في نوع واحد من الكائنات الحية، فالغزال يقفز وسريع العدو ويهاجم بقرنيه لكنه لا يهاجم بقدميه، مع أن المفترسات تأتيه من الخلف، وعنده رجل خلفية قوية جدا ولها ظلف مدبب كأنه رمح، لكنه لا يستخدمه إطلاقا في الدفاع عن نفسه، لأن قانون القصر يعمل، فالغزال لو نطح بقرنيه ورفس بقدميه إضافة إلى سرعة عدوه، فمن ذا يستطيع أن يمسكه؟ مع أن كل شيء موجود عنده، لكنه لا يستخدمه، هنا نرى قانون القصر يعمل في علم التسخير، وهو الذي يُجيب عن ذلك. التطور لم نره لكن التسخير نراه كل يوم.

النعامة لها ريش وأجنحة لكنها ليست مؤهلة للطيران، لو كان هذا الحيوان على ضخامته يطير لاختل التوازن. إذن هنا اشتغل قانون القصر. كذلك الشأن بالنسبة للدجاج والبط، فعدم طيرانها ليس بسبب كبر حجمها، لأنه يوجد ما هو أكبر منها ويطير، ويوجد ما هو أصغر منها ولا يطير. كان بإمكان التطور عبر ملايين السنين أن يجعل النعام يتطور ويطير، ما دام أن كل شيء موجودا، والجسم جسم طائر والريش موجود. البط والدجاج يستطيعان الطيران أحيانا، والسؤال : ما الذي يجعلها لا تطير دائما؟ إنه قانون القصر والوظيفة والتسخير للإنسان.

الإنسان: لماذا جسمه ضعيف وبطيء وبدون وسيلة دفاع؟ بينما نجد عنده عقل؟ إذن اشتغل قانون القصر هنا. إذن لا يوجد كائن حي متكامل المواهب والقدرات، وهذا أيضا يُسقط نظرية التطور، لأنه لو كانت موجودة لكان اكتمل التطور ولو في نوع واحد على الأقل في هذا الكم الهائل من السنين، وقالوا أن الإنسان أعلى في سلم التطور بينما هو أضعف حتى من النمل التي تحمل عشرة أضعاف وزنها. لا يوجد شيء قاسي في جسمه أصلا، فكل جسمه ضعيف، ولا بد أن يمسك بأداة حتى يدافع عن نفسه، والحيوانات أكثرها لا تستخدم يديها، لكن لديها وسائل في أجسامها، سواء للهرب أو الدفاع أو الطيران أو العوم في الماء الخ.

بعقد مقارنة بين القط والكلب، نجد القط يستخدم يديه في القتال، بينما الكلب لا يستخدمهما، لأنه مقصور، لو أن الكلب يستطيع استخدام يديه مع فمه الطويل لكانت هناك مشكلة في التوازن. الفهد يستخدم يديه، لكن فمه ليس طويلا. هذه القِطّيات ربما سُميت قططا بسبب قَطِّ الوجه، أي أن وجوهها مقطومة ومقطوعة وليست طويلة كالكلاب. أما الذئب والثعلب والضبع والكلب فهي تتطاول في أخطامها، لكنها لا تستخدم يديها في القتال، وهذا يكشف خرافة السايبرتوث النمر ذو الأنياب الطويلة، إذ يحسبون انه يصيد بفمه.

لاحظ مخالب الأسد تجد فيها ميول، وذلك من اجل أن تقطّع الأعصاب في الضحية فلا تتحرك، كذلك يتحكم بغرز المخالب في جسم الضحية. لاحظ أن الكائن الخطمي (طويل الوجه) لا يستخدم يديه، كالتمساح مثلا، بينما غيره يستخدم يديه.

قانون القَصْر هو توزيع عادل للقدرات، قال تعالى (من كل شيء موزون). فأين التطور ليكمّل هذه النواقص وغيرها ؟ لو كانت المسيرة تطورية لاكتملت هذه الأشياء أولا. الكائنات الصيادة بأفواههن يتميّزن بقوة الرقبة، بينما الصيّادة بأيديهن تلاحظ قوة عضلات أيديهن. القوارض نجدها سريعة الحركة، ولاحظ أن قوة الأسنان بالتمزيق جاءت من السرعة، والسرعة تُكسِب القوة، ولهذا يعتبر القرد من القوارض، لأن سرعته من أجل قوة مضغه. إذن السرعة لها هدف، وهي تستعمل أيديهن لتقطيع الأشياء بأسنانهن، مما يؤكد أن القرد من القوارض، إن أكله يشبه أكلهن، فتجده يأكل الحبوب بشكل ممتاز. أكل الغنم بطيء لكن أكل السنجاب سريع جدا، لأن لديه أشياء تحتاج إلى تكسير. فالسرعة والبطء ليست عبثا. الفهد قدرته بالهجوم، ولكنه غير بارع في القتال والدفاع، لذلك يأكل فريسته بسرعة لئلا يُطرد من الأسود المهاجمة المقاتلة. حتى إن بعض القبائل الأفريقية تعرف هذه الميزة القصرية في الفهود، فتتبعها ثم يطردونها عن فرائسها بدون أي سلاح ، بمجرد عصي، ويأخذون الفريسة منه، لكنهم لا يفعلون هذا مع الأسود طبعا.

(الدقيقة : 13 الثانية : 30) ينتقل الدكتور الآن إلى موضوع آخر وهو تطور الحيتان، وذكر الدكتور أن داروين في أصل الأنواع تحدث عن تطور الحيتان، وأنها لا بد أنها تطورت من كائنات برية، والذي أدركه داروين أن الحيتان لا بد أنها كانت كائنا بريا رباعي الأطراف، وتحت ظروف غير واضحة وغير محددة بالنسبة لداروين عاد إلى البحر. وليس داروين من أدرك ذلك وحده، فمنذ القرن السابع عشر أدرك علماء الطبيعة أن الحيتانيات، كالحيتان والدلافين وخنازير البحر، مثل أسد البحر وكلب البحر، هذه كلها ثدييات، وأن هناك مجموعة من الصفات تربط بينها وبين الثدييات البرية. وهذه الحيتانيات هي الثدييات الوحيدة في البحر. لكن لم يفكر أحد مثل داروين أن هذه الحيتانيات كانت حيوانات برية انتقلت إلى البحر. وصفات الثدييات واضحة فيها مثل الحوت الذي نجده يلد ولا يبيض، أي انه كائن مشيمي، يضع ولده كاملا ويرضعه باللبن تحت الماء، وهناك أدلة تشريحية وجينية وجنينية، وطريقة عومها وسباحتها في البحر وغير ذلك تؤكد على أنها كائنات ثديية ولا بد انها منحدرة من ثدييات برية في يوم من الأيام.

الرد : تعودنا على فبركة الطبيعة لأجل أن ينجح داروين، بما في ذلك علم الجيولوجيا، لأن نظريته المادية الإلحادية تقول أن الحياة بدأت من البحر، فانصدم بأن الحوت وغيره من البحريات الثديية تلد وهي من كائنات البحر، فاضطر لإعادة الفبركة بأن الحوت أصلا كان كائنا بريا متطورا ثم ارتد إلى البحر، وهذه ربما تكون أول صدمة للنظرية مع الحقائق العلمية، واضطروا لتغيير الجيولوجيا والتاريخ الجيولوجي بأن افترضوا أن منطقة الشرق الأوسط ومصر تحديدا بوادي الحيتان هناك – معتمدين على مسمّاه - كانت بحرا تطوّر فيها الحوت إلى كائن بحري، بطريقة تَضحَك بالعقول، بل إنك ترى في الفيلم هياكل الحيتان أمام الأكشاك، أليس اسمه وادي الحيتان؟ إذن لا بد أن يكون فيه حيتان مرمية أمام السياح! وهذا يذكرنا بتقديس المصريين القدماء للعجل وتقليد بني إسرائيل لهم، فوجدوا في هذا الوادي أحسن مكان لإشاعة هذه الأحافير، والتي بلا شك أنها مصنوعة ومرمية هنا وهناك، ولهذا غيّروا الجيولوجيا وقالوا أن مصر كانت بحرا يوما من الأيام.

وكذلك لما رأوا أن قارة أمريكا فيها حيوانات وأشجار مثل الموجودة في القارات الأخرى، اضطروا لفكرة نزوح القارات واضطروا لابتكار قارة بانجيا، وهكذا كلما عاكستهم مشكلة في خرافة التطور لجأوا إلى تحريف الجيولوجيا. على طريقة (داوني بالتي كانت هي الداء). بمعنى آخر: هذا البناء المتهالك من العلم المفبرك لن يكون سقوطه فقط على التطور، بل حتى على تاريخ الجيولوجيا وغيره من العلوم المساندة كالانقراض والأحافير، أي أنه سيكون هناك سقوط مدوّي حين ينتصر العلم الحقيقي على علم الخرافة المفبركة ووسائلها المساندة، سواء في الفيزياء أو في الجيولوجيا أو في الأحياء. لدينا نظرية التطور ومجموعة من النظريات الخادمة لها، نجاحها يكون مع بعض وسقوطها يكون مع بعض، كالانفجار الكبير ونزوح القارات والعصر الجليدي والعصور الجيولوجية وإنسان النياندرتال وغيرها. هذا البناء المترابط إما أن ينجح جميعا أو يسقط جميعا.

(الدقيقة : 24 الثانية : 15) يذكر الدكتور أن علماء الطبيعة لاحظوا وجود بعض الشعر عند الفتحات التنفسية للدلافين، وكذلك في مقدمة جبهة الحيتان، فمن أين جاء هذا الشعر؟ الأسماك لا تحوي على شعر، وهذا من الدلائل التي تؤكد أنها كانت ذات أصول برية ثديية.

بعد ذلك عرض الدكتور لأدلة من التشريح المقارن، فالإنسان له مخ كبير ومتطور وهو سيد اليابسة، والحوت كذلك له مخ كبير ومتطور، وهو سيد البحار. والحيتان لها مشيمة فهي كائنات مشيمية، وينجب أطفاله كاملين، ويرضعهم تحت الماء، وهو من ذوات الدم الحار، وهذا شيء غريب، لأن الأسماك عموما من ذوات الدم البارد. كذلك لا يحتوي على خياشيم، ويتنفس برئتين، في أعلى رأسه فتحة للتنفس، وبعض الحيتان لديها فتحتين تناظران فتحتي المنخرين في الثدييات، بينما الدلافين لديها فتحة واحدة فقط، لكن في كليهما تجد في جماجمهما فتحتين. وهذا يعني أنها تطورت عن الثديي البري، كذلك يوجد بعض الشعر حوالي المنخرين لديها كما لدى الثدييات، و في زعانفها عند تشريحها توجد عظام تامة، موضوعة بنفس الوضعية الموجودة في الخفاش والإنسان والحصان، تجد عظمة العضد ثم عظمتي الذراع ثم عظام الرسغ ثم عظام الأصابع، وهذا يعني ان هذه الزعنفة مؤكدا كانت يوما من الأيام طرفا أماميا.

ويقول الدكتور أن من آمنوا بالتطور من العلماء ليس لأنه ضد الدين، بل لأنه علم وحقائق يجب أن تقرأ بشكل سليم وتعرف دلالاتها.

وعودة إلى الحيتان، لو سأل أحد وقال: هل يوجد للحوت أطراف خلفية مع شكله المنساب؟ الجواب لا يوجد، لكن إذا نفذنا إلى البنية الداخلية سنجد عظاما صغيرة، وعند دراستها يتضح أنها عظام طرفين خلفيين باقية كأثر، فعند عظمة الحوض الموجودة في الحوت، نجد المفصل الدائري وبعد ذلك نجد عظام الساق وبعد ذلك عظام الكاحل وبعد ذلك الأصابع، كلها موجودة، صحيح أنها صغيرة لكنها متميزة وواضحة. طبعا هذه العظام لا تفيد بإجماع العلماء على الإطلاق وهي غير متكيفة بالمطلق البتة لحيوان بهذا الشكل المنساب الذي يعوم في الماء، ليس لها أي فائدة وغير مطلوبة، اذن لماذا هي موجودة؟ لماذا هي مغروزة في آخر الجسم؟ إنها البقايا الأثرية من طرفين خلفيين كانا يوما من الأيام مفيدين وضروريين لكائن رباعي الأطراف.

الرد : على أي أساس سمي الحوت بسيد البحار؟ أمن أجل حجمه الكبير أم من اجل ذكائه؟ على هذا القياس فالفيل أكبر من الإنسان، وهل سيادته للبحار تشبّه بسيادة الإنسان لليابسة؟ هذا كلام غير علمي. وأين هو ذكاؤه المتميز مقارنة بحجم مخه الضخم؟

وهذه العظام الموجودة في أطراف الحيتان والدلافين تعود للوظيفة وليس لأنها متطورة من طرف ثديي، لأن وظيفتها هي السباحة السطحية، وهذه تحتاج إلى زعنفة أطول.

لماذا الساعد في الإنسان يحوي عظمتين احداهما سميكة والآخرى نحيفة؟ ما الفائدة من الاثنتين؟ لم لا تكفي واحدة كالعضد؟ لماذا يوجد خمسمائة نوع من الخنافس؟ العلم لا يبنى على جهل، فأنت تجهل فائدة شيء لا تبني عليه علما، أليس هذا هو المنطق الذي تنحّى عنه التطوريون؟ لماذا لا ننتظر العلم حتى يكتشف الفائدة قبل أن نحكم بعدم وجود الفائدة؟ هذا كسر للمنهج العلمي. ورأينا الأعضاء الأثرية في الإنسان كما قال داروين تتناقص يوما عن يوم بإثباتات العلم، إذن هذا المنهج الذي تعتمد عليه نظرية داروين خاطئ علميا، لأنك تبني عليه علم التطور وهو منطقة جهل لم يكتشفها العلم، والعلم لا يُبنى على جهل، فإذا أنت جهلت شيئا فلا تبني عليه حقائق، وهذه مغالطة وقع فيها فكر التطوريين بقيادة داروين. وكأن داروين لا يعرف أصول المنهج العلمي. قد نلتمس له العذر بسبب تقدمه الزمني، لكن أين العذر لهؤلاء؟  

الخالق أدرى وأعلم. أي شيء نجهله يقدّم ثلاثة مواقف: موقف يتهِم بالعبثية، وموقف يبني نظريات مضادة، وموقف يتوقف، المتوقف هو من يسير على المنهج العلمي فقط، حتى يأتيه علم. (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا).

الدكتور يقول أن عظام الحوت الأثرية لا فائدة منها بإجماع العلماء، بينما مجلة ناشونال جيوغرافيك تؤكد أن لهذه العظام فائدة في العملية الجنسية للحيتان، والكلام طويل جدا عن تزوير أحافير الحيتان. راجع كتاب (التطور: التجربة الكبرى) للدكتور كارل ويرنر ، الذي كشف عن تزوير أحافير الحيتان.

(الدقيقة : 26 الثانية : 50) يعرض الدكتور للأدلة التي يمكن أن تؤخذ من علم الأجنة، لو أخذنا جنينا لدلفين في مرحلة مبكرة، وقارناه بجنين بشري في نفس المرحلة المبكرة، سنرى قريبا من الرأس برعمين، هذين البرعمين لو تطورا سيكونان ذراعين عند الدلفين، وكذلك عند الجنين البشري نفس الشيء يوجد برعمين، قريبان من الرأس ايضا، بعد فترة زمنية سيظل البرعمان في الإنسان ينموان، أما في الدلفين فيضمران حتى يختفيان، و في الأسفل كذلك يوجد برعمين في جنين الدلفين وجنين الإنسان، في جنين الإنسان ينموان حتى يشكلان الرجلين، و في جنين الدلفين يضمران، لكنها موجودة، نحن نجدها في نفس المرحلة، لماذا؟ هذا يحكي لنا التاريخ التطوري الغابر بأن هذا الدلفين كان يوما من الايام بريا رباعي الأطراف، وهذا لا يزال موجودا في الخارطة الجينية عنده.

الرد : الذكر يكون له ثديان، لكنهما يضمران، ماذا يعني هذا؟ هل هذا يعني أننا كنا إناثا يوما من الأيام؟ هل هذه أدلة تُقدَّم؟ الجنين الإنساني في مرحلة جنينية يخرج له ذيل، ثم يضمر، فهل كان قردا؟ بل حتى الجهاز الجنسي في مرحلة جنينية يكون في الصدر، ثم ينزل إلى الأسفل، فهل نحن أسماك؟ وهذا معنى قوله تعالى (يخرج من بين الصلب والترائب) فهل نقول أنه تطوّر؟ وهل أجريت الدراسة على بقية الحيوانات والأسماك والكائنات الأخرى؟ عند ملاحظة العضو الذكري للجنين الإنساني هل نقول عن الإنسان أن أصله ثور؟ لأنه يكون في مرحلة جنينية في وسط البطن؟ هذا تجديف وليس علما. بل حتى قد يكون ما يُرى أنه ذيل ويضمر هو عبارة عن ظهر (عمود فقري) قبل أن تظهر الأقدام، حيث يوجد الحبل الشوكي.

(الدقيقة : 27 الثانية : 55) يواصل الدكتور عرض الادلة من علم الأجنة، يقول أنه عند مراجعة المرحلة المبكرة لجنين الدلفين، نلاحظ وجود فتحتين للأنف، لو تطورتا لأصبحتا منخرين كما للحصان والبقرة وغيرها من الثدييات، لكن بعد فترة زمنية تلتحمان لتصبحا فتحة واحدة، وهذا يعني أن سلف الدلفين قبل ملايين السنين كان حيوانا بفتحتين.

الرد : إذا لم يكن العضو موجودا في الخارطة الجينية فلماذا يظهر ثم يضمر؟ هذا إما عدم علم بالخارطة الجينية أو حرفٌ للحقيقة. كل حيوان يختلف شكله أثناء مراحل نموه وليس فقط جنين الدلفين. بل حتى التغير الحقيقي يأتي في مراحل حياة الكائن نفسه، فالفتاة بعد البلوغ يتسع حوضها ويبرز نهديها وغير هذا من التغيرات الكثيرة التي لم تكن موجودة قبل ذلك، وكذلك الحليب والحيض.

هل الحليب تطور من مسامات العرق كما يقولون؟ الانتخاب الطبيعي ليس إلا إسما آخر للصدفة. ومن ينتصر في الانتخاب: الغزال أم الفهد؟ ولماذا يتطور الاثنان؟ من العبث أن يتطور ضدّان مع بقاء الضدية. وهكذا كل أساسات نظرية التطور نراها مهترئة وغير منطقية، فقط جاءوا بمصطلح الانتخاب الطبيعي ليُخرجهم من فظاظة وفظاعة كلمة صدفة، وإلا فهو مجرد تغيير أسماء. ثم أليس الحوت أكبر الحيوانات في البحر؟ ما هذا الحيوان البري الضخم الذي جاء منه ؟ كنكتة ثانية مع نكتة أن الحليب جاء من تطور مسامات العرق، وأن العين جاءت من إحدى الخلايا الحساسة للضوء، هذا التبسيط التافه والساذج هل يقال عنه انه علم؟ أليس في هذا إهانة للعلم؟

(الدقيقة : 32 الثانية : 25) يتحدث الدكتور عن السجل الأحفوري لتطور الحيتان، وذكر إحدى الأحافير المنقرضة وهي البازيلوسورس، الموجودة جمجمته بشكل شبه كامل. يقول الدكتور أنه لو قارنا بين جمجمة ثديي عادي وجمجمة حوت عادي وجمجمة البازيلوسورس، نجد في جمجمة الثديي البري العادي فتحة الأنف في مقدمة الجمجمة، وفي جمجمة الحوت الحديث نجدها في مقدمة أعلى الرأس، على هذا ينبغي تطوريا أن تكون فتحة التنفس لدى البازيلوسورس في المنتصف، وهذا الموجود فعلا، فالفتحتان متموضعتان في منتصف الجمجمة.

ايضا توجد حفرية تدعى ماياسيتوس، عاش قبل 47 مليون سنة تقريبا، حفريته تؤكد أنه كانت لديه عظام حوض متينة تؤكد انه كان يستطيع المشي والاعتماد على أطرافه.

الرد : أين هي النسخ ذات العدد الهائل التي بين الحيوان الثديي والحوت؟ هل كلها انقرضت؟ ولماذا كلها انقرضت ليبقى الحوت فقط؟ ثانيا : مثل هذه المقارنة تشبه أن تقارن بين الفيل والسمكة، فالحوت وزنه يعادل 20 او 30 ثورا، بل ان الحوت المولود يقال ان وزنه يعادل 10 افيال! السؤال : لماذا تضخَّم هذا العجل في البحر بينما الديناصور الضخم يتقلص ويصبح دجاجة؟ كأنك تنظر من منظار إذا رأيته من جهة كبّر المشهد، وإذا رأيته مقلوبا صغّر المشهد! لماذا الانتخاب الطبيعي يلعب بالزوم هكذا؟ ثالثا : تقارن بين حيوان بحري وحيوان بري، حيوان جسمه يشبه جسم الأسماك وبعيد تمام البعد عن البر، ويعيش على الاسماك وليس على الحشائش، مع ان البحر يحوي حشائش، وليس مجترّا كالعجل المُتهم، هذا غير عدم إمكانية أن يعيش حيوان بري في الماء ويغير من طعامه النباتي الى طعام حيواني، لأنه سوف يختنق ويغرق من أول محاولة! ما هي هذه الظروف التي جعلته يفعل هذا الشيء بنفسه؟ جرّبوا على حيوان ثديي في المختبر! الطبيعة ليست مختبرا مغلقا، لأن الحيوان ببساطة سيبتعد عن الماء ويذهب للحشائش مع القطيع، ما هذه المغامرة المجنونة التي يقوم بها حيوان ثديي بري؟ وما الذي يدفعه إليها و أرض الله واسعة؟ وماذا يفعل بأظلافه المعدة للتسلق والوحول؟ وكيف يترك قطيعه ويذهب منفردا إلى البحر؟ ليس البحر مكان معيشة لحيوان بري، فما الذي يقحمه فيه؟ سؤال منطقي. أتُراه يترك الحشائش الغضة على التلال وقطيعه الذي يتزاوج معه، ثم يرمي بنفسه في البحر المالح ويبحث عن حيوانات بحرية ليأكلها؟! ولا مصاب بجنون البقر يفعلها! نحن نعرف ان الحيوانات تتحكم فيها الغرائز، ولا تغير سلوكها أبدا، لأنها مسخرة لوظيفة، كل حيوان مسخر لوظيفة، العقل الملحد يستطيع أن يتقبل مثل هذا الكلام، لأن كل شيء جائز أن يكون، لأن الأساس فوضى، وهكذا يفعل الإلحاد بالعقل. يجعله يصدق أن ما لا يمكن أن يكون قد يكون، وما لا يعقل قد يُعقل، لأنه مبني على أن الحياة فوضى ووجود الكون فوضى، لهذا من السهل اختراق العقل الملحد، بل واستغلاله وابتزازه. وهكذا نرى أن الإيمان الحقيقي عاصمٌ من الجنون، على عكس ما يقوله الملاحدة أن الايمان فايروس العقل، الحقيقة أنه هو الذي يحفظ للعقل محدداته، وإلا لصار ينفتح مع كل جهة، وإذا قبلَ ما لا يمكن أن يكون أن يكون، فما فائدة العقل؟

ثم إن الحيتان تعيش في المحيطات، لماذا يرمي بنفسه في هذه المحيطات؟ لو كان الحوت يعيش في الأنهار لكانت قريبة للتصديق شيئا ما، لكنه يعيش في المحيطات المالحة، ولم نر ثورا او أي حيوان ثديي يتخبط في البحر حتى نقول ان واحدا منهم نجح، لان البحار مالحة. الابقار والهيبو تنزل للانهار لكي تأخذ النباتات من داخل الماء فقط، لكنها لا تعيش على الأسماك ولا اليرقات، أي شيء لونه اخضر يجذبها، فهل في مياه المحيطات المالحة شيء اخضر له أوراق على السطح؟ طبعا لا. من الجنون تصديق ما لا يمكن أن يكون. كيف هذا الحيوان البري الذي يتنفس الهواء الطلق استطاع أن يكسر هذا الحد وهو انقطاع الأكسجين عنه؟ هذا حيوان ثديي يعرف بالغريزة أماكن وجوده وطعامه واعدائه، ما له ومال البحر حتى يخوض فيه؟ شيء مضحك لأنه غير منطقي.

آلاف الأسئلة تُطرح ولا جواب لها. اذن هي معاضلة بعيدة جدا لأن تجعل الحوت أصله حيوان بري، لكن بالمال تستطيع أن تقول ما تشاء ويُسمع كلامك. لو أحد قال أن السمكة أصلها فيل لصار ضحكة للناس، لكن هم يقولون ما يشاءون للناس ويسمى علما. ماذا لو قال احد ان العجل اصله حوت؟ وهذه اقرب للمنطق اكثر، ايضا سيضحكون منه، لأنه قالها هو ولم يقلها هم. إلى أي حد تحتاج لأن تضغط على عقلك لتصدق وتبتلع مثل هذا التخريف الذي يتعارض معه كل شيء؟ لكن في عالم الالحاد لا يوجد مانع من أي شيء، وإذا لم يوجد مانع يعني أنه لا وجود للعقل، لأن العقل هو الذي يمنع ما لا يمكن. لهذا تنتشر الإشاعات بإسم العلم ويصدقها من لم يجعلوا للإيمان تأثيرا على عقولهم، فكم مرة يخوّفون الناس من كوكب او نيزك سوف يضرب الأرض، ويخوّفونهم بأمراض خطيرة ستظهر فجأة وتقضي على مئات الملايين فجأة، ويخوّفونهم ان الحشرات والمفصليات سوف تكثر فجأة وتضغط على العالم والأرض. وبعضهم يذهب إلى تخويفات بإسم العلم لا يحدها حد، مثل إمكانية نقل الانسان في لحظة عن طريق الاشعة الكهرومغناطيسية، وإمكان إخفاء سفينة في البحر فلا تجد الا حفرة في الماء، وتعطيل الآلات عن بعد، والتي صدقها الملايين للأسف، كذلك مثل تغيير الشخصيات وغسل الدماغ وإعادة الشباب وإعادة الحياة حتى بل وخلق الحياة ونزوح القارات والانفجار الكبير وغيرها كثير، وصاروا يدفعون تذاكر لحجز رحلات ومخططات على المريخ والقمر، هذه كل من يصدق بها أصبح قابلا للاستغلال فيها، مثل ما صدقوا أحافير الديناصورات الخرافية والخيالية، يصدق مثل هذه الخرافات والتخويفات من يكون عقله مفتوح – بشكل سلبي وليس ايجابي - على أساس أن كل شيء يمكن أن يكون، وما المانع أن يمكن ان يكون؟ ففرق بين العقل المفتوح المنزلج والعقل المتفتح، هذا العقل المفتوح هو الذي فُرّغ من محدداته، وهذا ما يطمحون إليه: تفريغ العقل من محدِّداته، وهو القابل للتصديق بالخرافات، سواء كانت قديمة أو حديثة، وبالتالي يصبح الإنسان عاقلا وهو مجنون، كما يقولون في المثل: (حدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدقك فلا عقل له)، لكن العقل المؤمن بالله المدبّر المسخّر لن يصدق إلا ما يُعقل، لاحظ انهم هم انفسهم ينادون برمي العقل والمنطق والاكتفاء بالعلم، أي بما نقول نحن، وأنت لا دريت ولا علمت، بحجة أن العلم اكبر من العقل، والعكس هو الصحيح. وهذا هو طريق السحرة والدجالين، يقلّلون للناس من شأن العقل. وهنا تبرز قيمة الإيمان بالله المدبر، لأنها تحافظ على العقل حتى لا ينفتح العقل بالكامل فيصبح كالباب المنفتح من الداخل والخارج.

العقل الملحد يؤمن بالصراع فقط، العقل المؤمن يؤمن بالتدبير والتسخير والتوازن، لذلك العقل الملحد من السهل خداعه، نيزك يريد أن يضرب الارض بعد 3 اشهر من الان، المؤمن يؤمن ان هناك نظاما في الفلك دقيقا وليس تصادما وفوضى كما يؤمن الملحد، لذلك في مثل هذه الحالة يضحك المؤمن ويخاف الملحد. الجراثيم سوف تكتسح الارض فجأة لأنها جراثيم شرسة تريد ان تقضي على الحياة، المؤمن يدرك ان الجراثيم مخلوقة لأجل وظيفة، وهي التنظيف والتحليل للتالف، لذلك لا يصدق هذه الأراجيف، لذلك عقله محفوظ، بينما عقل الملحد صار كالصفيح، فأي هزة أو ضربة تجده يرن ويصيح، لأنه ليست لديه موانع منطقية، فكل شيء في عرفه جائز أن يكون، وهذا من أوسع الابواب التي صيرت عصرنا الحالي الى عصر القلق، بسبب شدة التصديق وكثرة الأراجيف التي تسمى بإسم العلم، كم مرة خوفونا من كوكب سيضرب الأرض ولم يضربها ولم يعتذروا عن هذا التخويف؟ الا يوجد ضحايا لمثل هذه الاراجيف؟ أم لا يهمهم الأمر؟ لماذا لا يُحاسبون؟ هذا غير الخرافات الخيالية مثل اكتشاف كوكب من الألماس وكوكب من الفضة، لم يتبق إلا كوكب من الجبن كأفلام ميكي ماوس. العقل البشري يحتاج إلى معرفة ما يمكن أن يكون وما لا يمكن ان يكون، وهكذا يسمى العقل عقلا، وإلا فسيبقى وسيلة استقبال (ريسيفر) ، وما أكثر الدجالين والواهمين وما أوسع وسائل الاعلام والاتصالات في هذا الزمن، لأنه سيكون الإنسان ضحية، ولهذا اصبح هذا العصر عصر القلق لكثرة ما يحمله من الأراجيف والاكاذيب التي تصل الى كل انسان في كل مكان، لأجل هذه الاراجيف نحن في عصر القلق.

كان الأقدمين أكثر سلامة من هذه الاراجيف بسبب الانعزال، على الاقل يستقبلون اراجيف من حولهم فقط، اما الان فهم يستقبلون أراجيف كل العالم. ومما يدعو للأسف أن أكثرها تحمل التخويف، وقليل منها يحمل التفاؤل حتى ولو كان كاذبا، هذا يترك آثاره السيئة على البشر، فالكل يخوّف من مكانه وتخصصه، وكلما زادت ثقافة الإنسان زادت مخاوفه، وكلما زاد احتكاكه بالعلم كلما زاد خوفه، والعالم كله يسمع، وليس بيده أي حل.

يبدو أنه بعد افتضاح حلقة انسان البلتداون الوسيطة وسمكة الكولاكنث لم يعد التطوريون يقدموا حلقة وسيطة واحدة تربط بين النوع والنوع الآخر، لأن الناس سوف يركزون عليها، بل صاروا يتجهون لتقديم أحافير متدرجة بينهما، لأنهم يعرفون أن تأثير التدرج أفضل من تأثير الأكشن، لأن الأكشن يجعل العيون والمراقبة تزداد فينكشف التزوير. كذلك رأوا أن يبتعدوا عن الإنسان ويوجّهوا أنظارهم للحيتان والديناصورات وما إلى ذلك، لأن هذا لا يدفع للتركيز، لقد رأوا نجاحهم عندما مهدوا للنظرية بالجيولوجيا، وإذا قَبِل الناس الخطوات التدريجية فسيقبلون النتيجة، تماما كخطوات الشيطان، إذا أنت قبلت بالخطوات فسوف تُلزم بالنتيجة. و في الوقت المناسب سوف يُظهرون الحلقة الوسيطة للإنسان، وتصبح كل تلك المقدمات السابقة علمية وسائغة، على طريقة أكل العنب حبة حبة. صانع التغيير يضطر للكذب المتدرج إذا لم ينجح الكذب المباشر.

(الدقيقة : 42 الثانية : 30) يذكر الدكتور أنه سيتحدث عن بعض الأدلة المستمدة من علم الجينات والوراثة، فبمقارنة DNA الحيتان وُجد أن أقرب الكائنات إليه ليست الأسماك ولا أسود البحر ولا أي كائنات بحرية، وهذا مما صدم العلماء، اذ ينبغي ان تكون اقرب الكائنات إليه كائنات بحرية مثلا، لكنه جاء من البر من حيوان ثديي، وهذا ما حصل، اذ وجدوا أن اقرب الكائنات إليه هو الهيبو أو ما يسمى بفرس النهر، ولا يمكن أن يكون الهيبو هو أصل الحوت، لكن من الواضح أنهما ينحدران من سلف مشترك. هنا نأتي للمشابه بين فرس النهر والحوت، فالحيتان القديمة كان لديها تركيبة عظام في أطرافها الخلفية خاصة بعظام الكاحل، وهذه التركيبة خاصة جدا، وهذه التركيبة ليست موجودة إلا في الهيبو. وهذا يؤكد وجود علاقة تطورية بين الحيتان والهيبو. كذلك الحيتان تلد أطفالا صغارا كاملين ترضعهم تحت الماء، كذلك الهيبو يلد صغاره كاملين ويرضعهم تحت الماء مثل الحوت. كذلك معدة الحوت بغرف متعددة، مع أن الحوت لاحم وليس عاشبا، وهذا النوع من المعدة تتميز بها الحيوانات العاشبة، كذلك الهيبو لديه معدة بغرف متعددة، وهذا يثبت ان الحوت انحدر من ثديي بري كان عاشبا. كما أن فرس النهر والحوت هما الحيوانان الوحيدان اللذان لديهما خصيتان داخل البدن، وهذا مما يؤكد أنهما انحدرا من أصل مشترك. كما أن كلاهما لا يملكان غطاء من الفرو.

الرد : الحمار والحصان عاشبان ومع ذلك لهما معدة واحدة بدون غرف، والمجترات في فكها العلوي لا تحوي أسنانا ، كالبقرة وغيرها. الحقيقة أن الطبيعة لا تلتزم بتحديدات التطوريين، فكل مرة يضعون حدودا ثم تكسرها الطبيعة.

وجود الغرف في المجترات لأن وظيفتها في البيئة التنظيف من الأعشاب الجافة والأغصان، ولأنها تمشي وتأكل على طول، فإذا توقفت للراحة تعيد هضم ما أكلته، أي مجتر يأكل كثيرا، ووظيفته تنظيف الأغصان والأعشاب. ولأن لها أعداء كثر لا يصلح أن تطيل الإقامة في نفس المكان، أو لأن القطيع يتحرك، فهي تسير على شكل قطعان، وهي تبتلع، لذلك تحتاج لأكثر من غرفة، مثل الطيور لان ليس لها أسنان. فناسب أن تكون لها ميزة الاجترار، وليس في الأمر تطور ولا يحزنون، هناك وظائف ومستلزمات هذه الوظائف، ألا تلاحظ كثرة هذه المجترات ؟ الحصان والحمار مثلا لا يجتران، مع أنهما عاشبان، لأن لهما وظيفة أخرى وهي خدمة الإنسان في الحمل والركوب، ولهما اسنان علوية وسفلية. لذلك أكلها اقل من أكل المجترات. عشاء شاة واحدة يكفي حصانا ضخما. الحوت أسلوبه في الأكل الالتهام والابتلاع، والتهام العوالق والحشائش واليرقات من البحر، فناسب ان يكون له عدة معدات، لأنه يُدخِل الماء دفعة واحدة ويخرجه، يبتلع أشياء كثيرة أمامه ثم يلفظ الماء، فناسب أن يكون له عدة غرف، غرفة استقبال ثم غرفة بعدها وهكذا. كذلك الطيور لديها حوصلة تجمع بها الأكل وتطير، ثم يدخل الطعام الى المعدة الثانية بعد أن يكون بدأ بالترطب والليونة، ولكي تأمن أعداءها ايضا، لذلك يحتاج الطائر إلى الماء أكثر، سيما وأن أكله حبوب في اغلبه. الطيور الجارحة ليس لها حوصلة، فهل هي ناقصة التطور؟ لا، بل الوظيفة هي التي تحدد وليس التطور. الحوت إذن من منظفات البحر وضابطات التوازن في البحر، فالحوت مثل المواشي في البر.

كذلك الطيور لها معدتان، فالحوصلة تعتبر معدة أولى، فهل الطيور متطورة من الهيبو أو العكس؟ فالحوصلة عبارة عن معدة تخمير. هذه ميزة ليست مقتصرة على الثدييات، والله يفعل ما يريد ويخلق ما يشاء، إن ربط الميزات بالخط التطوري هو مسلك صعب وكثير التصادمات، ويحتاج بالتالي إلى تحويلات، مثلما قال داروين ان أصل الحياة البرية من البحر والأسماك، فإذا به يجد الحوت ثدييا، فعمل هذه التحويلة، وتلاميذه ومريديه يريدون أن يكون كل كلامه صحيحا، مهما كلفهم ذلك من تمحك واقتصار، لأنهم يذكرون مثلا ميزة في الحوت ويقارنوها بحيوان ثديي لكنهم لا يقارنون بالحيوانات الأخرى، حتى يتوهم القارئ أن هذه الميزات مشتركة فقط بين النوعين، هي محاولات يائسة سوف يسقطها العلم ويسقط معها داروين ايضا.  

لاحظ ان الريش كخاصية وضعوه في سلم التطور بأنه خاص بالطيور التي تطورت من الزواحف، واذا به موجود في نوع من الأحياء البحرية، فإذن ربط الخصائص بسلم التطور خاطئ بلا شك. لأنهم يرون أن الحياة نشأت من كسب وضعف وصدف سعيدة، ونحن نرى أنها مخلوقة ومصممة من اله على كل شيء قدير، فهذه الحشرات تطير رغم صغرها وبميزات أفضل حتى من طيران الطيور، وبدون ريش، كطيران الذباب الذي يستطيع ان يطير طيرانا خلفيا، الخفاش يطير بجناح لحمي يتفوق على ذوات الريش بالمناورة وسرعة الحركة، إذن الميزات ليس لها ميزات في ذاتها، إنها الإرادة والوظيفة، فحسب منطقهم أن الطيور ذات الريش يعطيها الريش سرعة في الحركة وخفة وعدم تبلل، لكن أي الطيور يستطيع ان يحاكي الخفاش في مناوراته السريعة مع انه ليس له ريش؟ وكذلك يتميز بالطيران الليلي. انها إرادة كن فيكون، مثل هكذا بحث ينبغي أن يكون لما ينتجه الإنسان من مصنوعات وادوات حضارة، لكن لا يُقحم في الطبيعة، لأن الطبيعة قوية جدا وباهرة جدا وزاخرة جدا ولا تعاني من خطر الانقراض، وتكسر عيون من أراد أن يفكر في إيجاد ضعف فيها ويرتد البصر خاسئا وهو حسير، مثلما انبهر داروين فجأة من ريش الطاووس ثم عاد بعدها لإلحاده.   

لو كان الأمر مثل ما يقول الدكتور بهذه السهولة ان الحوت تطور منذ 70 مليون سنة ، بينما عمر الأرض ومحيطاتها 14 مليار كما يقولون، اذن لأصبحت المحيطات كتلا متعفنة من العوالق لأنه لا يوجد من ينظفها في كل تلك الأحقاب، والحوت هو الكائن الوحيد الكبير الذي يعيش في المحيطات ويعيش على هذه العوالق السطحية فقط. والعوالق سريعة التكاثر. وهي موجودة قبل الحوت بملايين السنين كما تقول نظريتهم الزمانية.

وماذا عن خصيتي الدلفين؟ هي في الداخل أيضا. أم أنه يسحبها وراءه؟ في حلقة سابقة ذكر الدكتور أن أسباب بروز الخصيتين خارج الجسم في الثدييات من أجل عدم ارتباطها بحرارة الجسم، وأنها من بقايا الأسماك ذات الدم البارد التي انحدرت الثدييات منها، والآن يقول لنا أن الحوت والهيبو لهما خصيتان داخل الجسم، مع أنهما من الثدييات ! وهذا تناقض في الطرح. وهذا يدل على أنها ليست من بقايا الدم البارد، بما أن الهيبو يعيش اكثر وقته في الماء، والماء يحافظ على درجة حرارته، ولا يمكن أن يصل الماء إلى درجات حرارة كبيرة، والهيبو يعيش في البحيرات والأنهار، وهي في الغالب باردة ومتحركة. كذلك الأحياء البحرية، الكائن المائي لا ترتفع درجة حرارة جسمه مهما بذل من مجهود، مثلما ترتفع درجة الحرارة في اليابسة، فصارت الخصية خارجية متحركة، تتقلص اذا شعرت بالبرودة وتبتعد عن الجسم اذا ارتفعت حرارته. فهي تحتاج الى درجة حرارة ثابتة، والبحر يثبّت درجة الحرارة. لا تجد مثلا درجة حرارة وسط مائي تصل الى الخمسين، بينما على اليابسة تصل إلى ذلك، هذا مع بذل المجهود تنتج حرارة شديدة، فناسب ان تبتعد الخصية عن الجسم طلبا للتبريد. لاحظ السباحين هل يشعرون بالحرارة اثناء السباحة واللعب في الماء؟ مع أنه مجهود شاق، طبعا لا، كذلك هم لا يتعرقون، لذلك الناس يحبون السباحة في الصيف، ويخرجون من المسبح و هم جياع بسبب المجهود لكن لا يشعرون بحرارة ولا يتعرقون، هذا لأن الماء يثبت درجة الحرارة.

اكثر وقت الهيبو في الماء، ماذا يستفيد من الفرو؟ وحتى وحيد القرن ليس لديه فرو، وهو ثديي بري ضخم، فهل تطور من الحوت؟ وكذلك القنفذ لا فرو لديه وهو ثديي بري، وكذلك آكل النمل ثديي ليس لديه فرو. مع أن وحيد القرن أضخم من الهيبو، فهو أقرب للحوت منه. هذه ليست سوى تخرصات تستطيع أن تجريها، بمثل هذه الاستدلالات تستطيع أن تصدق حتى بعض الخرافات، مثل الأساطير الشعبية عن الحيوانات، مثل لماذا فقد الأرنب ذيله ، يقولون لأنه تراهن مع الثعلب على أن يغطس كلاهما ذيله في الماء المتجمد، والثعلب خدعه ولم يغطس ذيله فانخلع ذيل الأرنب، ألست ترى أن ذيل الأرنب قصير ؟ هذا دليل على صدق الاسطورة! وكذلك البومة أليس وجهها يشبه وجه امرأة متكحلة ؟ هناك اسطورة تفسر هذا، حتى من أساطير العرب في ان جبل طمية في نجد أنها عشقت الجبل قِطَن وطارت نحوه، فجاء جبل آخر يدعى عكاش فغار منه و خبط طمية وهي في الجو، فسقطت في موقعها، بدليل وجود ركام من الحجارة في المسافة بين عكاش و طمية تشبه حجارة طمية ! أليس هذا من نوع أدلتهم ؟ إذن الأسطورة صادقة ! بهذا الشكل يكون استغفال العقول.

تعقيب : يدّعون أن ضرس العقل في الإنسان من الأعضاء الأثرية لأنه يخرج في آخر الفك في مكان ضيق، إذا وصل الانسان العشرين من عمره، بينما نجد مثل هذه الأسنان الإضافية في الجمل مثلا، إذا تقدم في العمر يخرج له ناب، ويسمى هذا الجمل بالبازل، أي الكبير في السن، وكذلك الديك إذا تقدم في العمر يخرج له مخلب في ساقه، هذا الشيء موجود في كثير من الكائنات الحية، وحتى النباتات، فتجد في عنقود العنب حبات صغيرة في أماكن ضيقة، فهل يعني وجود هذا الناب في الجمل أن الجمل كان سلفه كائنا مفترسا ولكنه تحول وأصبح عاشبا؟ أو أنه في أساسه كان ديناصورا مفترسا؟ فشكله يشبه الديناصور، لأنه حتى الجمل يهاجم بأسنانه، و رقبته الطويلة تشير إلى ديناصوريته، فقط هذا الديناصور قصر ذيله وطالت أخادِعُه وسكن في الصحراء. ها أنا أصبحت تطوريا الآن! وهل هذا المخلب عضو أثريٌ في الديك ؟ ربما كان أصل الديك نمرا أو تمساحا على الأرجح أو ديناصورا، فبقايا حراشيف الديناصورات الموجودة في أرجل الدجاج تشير الى (الحقيقة الدامغة)! كذلك فرس النهر (الهيبو) يشبه رأسه رأس الحصان وليس يشبه رأس الحوت ! هيا ابحثوا عن أحافير ستجدون حصانا تعيسا سقط في البحر أو حمارا على الأقل ، كقصة الحوت، وهذه اقرب من الحوت، لأنه يشبه الحصان ، و يلد ايضا ! اذن انحلت .. لا بد أن مجموعة من الحيوانات البرية سقطت دفعة واحدة في البحر فتحولت إلى كائنات بحرية. يستطيعون أن يقولوا هذه ايضا، فما المشكلة؟ المسألة مسألة إعلام، هل هذا هو العلم ؟ هكذا هي بضاعة التطوريين.

الله قادر على أن يخلق ما يشاء، فلا يُحدد له كيف يخلق، ويكسر القوانين كما يشاء، فهذه سمكة في البحر تعتمد على الريش في حركتها، كيف وصل الريش الى البحر؟ لا يكون طائر غطس في البحر وتحول الى سمكة؟! ما دام ان اسلوب التطوريين هو التشابه، فما أكثر التشابهات وما أكثر الاختلافات، فاليربوع يشبه شكله شكل الكنغر ويقفز مثله، فهل نقول أنهما تطورا من بعض ونصنع سيناريو ونرسل بعثات تبحث عن احافير ثم تجدها أمامها بالصدفة؟ طبعا سوف تجد، فكل كذبة تستطيع ان تجد لها بعض الادلة مهما كان، كذلك السمكة الثعبان : هل نزلت لتستحم فأعجبها المكان وبقيت؟ ثم هذا الحيوان الخرتيت كيف يتناسل وهو لوحده قد تطور إلى حوت؟ أين الجنس الآخر؟ هل تطورا بنفس الدرجة ذكرا وأنثى حتى يناسب الإنجاب؟ يا أعاجيب صدف الملاحدة.

الله خلق الأفعى بدون أرجل، ومع ذلك جعلها صيادة، بينما المعروف ان أي صياد يحتاج للأرجل بلا شك، يخلق ما يشاء . عالم الحشرات مليء بالأعاجيب. بل وجدوا دودة مجهرية شكلها يشبه الدب، فهل تطور الدب من هذه الدودة الحشرة لأنها تشبهه؟ كذلك الغزال-الفأر، رأسه يشبه الفأر وجسمه يشبه الغزال، لنتعقل قليلا، فمنهج التشابهات منهج عامي جداً، والطبيعة تكسّره، في الحقيقة حتى الفوارق والفواصل بين عالم الحشرات والأحياء الدقيقة كلها فواصل ليست دقيقة، والنبات والحيوانات أيضا. وتقسيمها إلى فقاري ولا فقاري وبرمائي، هذه كلها لتفهيم الطلاب ليس إلا، وإلا فالأحياء واحدة والخالق واحد، بدليل انظر إلى الحالة النفسية، فالحشرة تغضب مثلما يغضب الإنسان او الحوت الضخم، وفي كلها توجد أنواع مفترسة وأنواع عاشبة، بل حتى النبات يوجد منه مفترسات. وحتى الحركات توجد نباتات تتحرك، إذن ما هي الفروق؟

لا عجب فالخالق واحد، لكن العلم عليه أن يبحث عن الفوارق لا التشابهات، ويعرف الفوارق من خلال الوظيفة، وهكذا يصبح علما. التطوريون منهجهم هو ما أدى إلى هذه الإستغرابات وهو أن كل الأحياء خرجت من ضعف، وتطورت وكافحت بينما غيرها مات، لذلك ينصدمون عندما يرون ما يبطل نظريتهم، فهم ينظرون إلى أن الماء لا يجب أن يكون فيه إلا ذوات البيوض، فوجدوا أشكالا تلد، لذلك اضطروا الى الفبركة. على هذا كل يوم سيكثر عدد الساقطات في الماء، ليس فقط الحوت. هذا يبطل هذه النظرية ويسخفها، فالطبيعة قوية جدا وخالقها قادر على ما يشاء.

(الدقيقة : 46 الثانية : 15) يذكر الدكتور اكتشافات التطوري جينجريتش لبعض أحافير الحيتان، وأنه نزل في الصحراء الكبرى (التي يعتقد انها كانت بحرا في الماضي السحيق) في منطقة تدعى وادي الحيتان شمال الفيوم، وكان جينجريتش متأكدا أنه سيجد ضالته المنشودة، وجد ألوف الأحافير لكائنات بحرية لكنها متشابهة، وجد حفريات للبازيلوسورس الحوت المنقرض، وهذا قد تم اكتشافه من قبل، وأسعده الحظ بعد خمسة أيام من الحفر بأن وجد أعظم ثاني اكتشاف له في حياته، اذ وجد عظام الحوض في مؤخرة حوت، وهنا تأكد التطوريون أن البازيلوسورس كان رباعي الاطراف، وله اطراف خلفية، اذ كان قبل ذلك يعتقد انه مجرد حوت.

الرد : أولا هو ذهب إلى مكان يسمى - قبل أن يكتشف ما اكتشف - بوادي الحيتان، وكأنه تلميح، وما يدريك أنه ربما سُمي بهذا الإسم لأشكال الصخور بسبب عوامل التعرية، فكأنها تشبه الحيتان، فإذا كانت الصحراء الكبرى بحرا في الماضي السحيق، فأين كانت الصحراء إذن ؟ فلأن الأرض كروية، لابد من وجود خط صحراوي يلف الكرة الأرضية مثلما يلفها خط الاستواء، و هضبة الصحراء الكبرى ترتفع عن سطح البحر 4900 قدم ، وكل هضبة مرتفعة أساسا، والأعجب أن العظام موجودة على سطحها ! فكيف كانت جزءا من البحر المتوسط وهي بهذا الارتفاع الهائل؟ إذن من باب أولى أن تكون هولندا وفرنسا في قاع البحر! ثم هذا البحر لا بد أن تكون المناطق التي أسفل الصحراء الكبرى أعلى منه حتى تحجز البحر! وهذا غير معقول. كل هذا بسبب اسم الوادي؟ (وادي الحيتان)؟ هكذا تُصنع الخرافة، تماما كما صنعوا خرافة البومة، ولكن بصبغة علمية هذه المرة. بل إن أرض فلسطين وما حولها ستكون في قاع البحر لأنها منطقة منخفضة جدا، وغور الأردن يقال انه اخفض منطقة في العالم.


(حتى نهاية الحلقة) يذكر الدكتور وجه شبه أخير بين الحيتان والدلافين واسود البحر، وهي كائنات ثديية، مع ثدييات البر، وهو طريقة السباحة، المفترض ان الحيتان والدلافين وخنازير البحر عبارة عن اسماك كبيرة، والأسماك تسير في الماء عبر تحريك عمودها الفقري بين جهتين أفقيا (يمين ويسار) لكن الحيتان والدلافين وخنازير البحر لا تسبح بهذه الطريقة، بل يرفع عموده الفقري إلى أعلى وأسفل، وهي الطريقة التي تجري وتركض بها الثدييات البرية. وهذا دليل على انها تنحدر من حيوانات ثديية.

الرد : هل هذا دليل يقدّم؟ كذلك الفقمات والبطاريق تسبح بهذه الطريقة، فهل البطريق كان حيوانا بريا؟ يا أخي هذه الأحياء تسبح قريبا من السطح، ووزنها ثقيل، وهي تتنفس الأكسجين من الهواء، فناسب لها أن تسبح هكذا كما يفعل السباحون، فهل السباحون كانت أصولهم حيوانات ثديية؟ نعم كانوا كذلك! فبسبب ضخامة الجسم ومرونته وكثرة الشحوم فيه صار يعمل كأنه زنبرك، فيتجمّع على نفسه ثم ينطلق للأمام، مستخدما قوة الذيل الغاطس في الماء ومساحته، لأنه يسبح قريبا من السطح ويتنفس الأكسجين من الهواء، فهو يسبح بشكل مائل، فذيله في الأسفل حيث كثافة الماء ورأسه مرفوع. وزعنفتيه الخلفيتين مثل جناحي الطائرة، بشكل افقي، لكي يقدّم هذه الحركة القفزية، أما زعانف الأسماك فتأتي بشكل طولي، لذلك الالتفاف اسهل عند الاسماك منه عند الحيتان. لو سبحتْ الحيتان مثلما تسبح الاسماك لم يتحملها ماء السطح، لأنها ضخمة، ولاحتاجت أن تغطس في الماء وبالتالي كيف تتنفس؟ وهذه الحركة الاندفاعية للأمام تعطيها فرصة على شكل قفزة لكي تأخذ الهواء، وهذا منطقي جدا، لأنها تتنفس الهواء وليس لها خياشيم.

هذه الحركة الجانبية تحتاج لأن يكون كل جسمها مغطى بالماء، بينما هي تريد ان تكون قريبة من السطح. لأن الحركة الجانبية على السطح اصعب منها في العمق، لأن ضغط الماء قليل في السطح. كذلك الأسماك لها شكل مسطح فيناسبها الحركة الجانبية، بينما الدلافين والحيتان شكلها اسطواني وعريض، فيناسبها القفز، لأنها تستغل مساحة جسمها. المسألة فيزيائية.   

هل يريدها الدكتور أن تسبح مثل السمكة وهي تتنفس الهواء الخارجي ؟ هذه أنسب طريقة لحيوان يسبح في البحر، وهو يتنفس في الهواء وليس لديه خياشيم كخياشيم السمكة، كأنه يدخل في الماء ويخرج منه ليتنفس، ولو مشى يمينا ويسارا وهو في السطح، فهذه الحركة لا تفيده كثيرا، لأن نصفه سيكون في الخارج، ويحتاج لمجهود كبير، وزعنفته أفقية وليست رأسية كالأسماك، كل هذا لأجل التنفس، فيستفيد من ضغطه على الماء ليقفز في الهواء ليتنفس، حركة اليمين-يسار تناسب من يعوم داخل الماء، لأن وزنه خفيف داخل الماء. كثافة الهواء ليست مثل كثافة الماء. فرزق الحوت في الماء وتنفسه في الهواء. لاحظ بعض الأسماك إذا خرجت على سطح الماء تزيد حركتها وتبذل مجهودا شاقا، لأن الهواء كثافته قليلة، فالطائرة لا تواجه الهواء بالالتفاف يمينا ويسارا، بل تنطحه بصدرها كما تفعل الحيتان. هل هذا دليل مقنع؟

حكاية التشابهات هي صانعة الأساطير، وهذا ليس منهج علمي بل منهج عامّي ، لأنهم يُجرون التشابهات ويعمّمون. فالعوام يتكلمون عن الصينيين أنهم يتشابهون، لكن من يدقق أكثر يعرف أنهم يختلفون عن بعضهم، اذن العلم لا يبنى على طريقة التشابهات، بل على الاختلافات، وإلا فهذا عالِم عامّي لأنه يتبع منهج العوام. (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله). وما دام أن الحوت غيّر جسمه لهذا الشكل السمكي وضخّم جسمه لهذه الدرجة، ألا يستطيع أن يتخلص من بعض البقايا؟ يفعل الكثير والكبير ولا يستطيع أن يفعل القليل؟

طريقة الاعلى والاسفل تشبه طريقة الارنب او الكنغر ولا تشبه كل الثدييات ، خصوصا الهيبو، فهو بطيء الحركة أصلا. يبدو ان اختيار الهيبو كقريب ذو أصل مشترك مع الحوت جاء بسبب منخريه الواسعين، ولم يختاروا وحيد القرن مع أنه اضخم من الهيبو وبدون شعر كذلك، لأن له قرن والحوت لا قرن له. هذا مجرد إخراج. إن الهيبو والكائنات البرية تتحرك يمينا وشمالا في مشيها، أي مثل السمكة، لأنه إذا قدّم يده اليمين يميل يمينا، ومع الشمال شمالا، وهكذا يتأرجح بين اليمين والشمال، وكذلك يفعل الهيبو، أي انه يشبه الأسماك في مشيه، ويشبه حركة الحوت والفقمة في جريه، مثله مثل الحصان والأغنام والإبل. هذا توصيف غير دقيق.