السبت، 14 مارس 2020

التعصب

التعصب آفة ولا يسلم منه الا من رحم الله, ومن السهل لأي أحد أن يشعل الفتنة في أجواء التعصب, والتعصب يأتي كتعويض عن الانتماء الطبيعي, وإذا وجد هذا الانتماء تغيرت الخارطة, وهو قد أتى أساسا من تحديد موقفك من الثنائيات, فعند الإنسان غريزة تحديد الموقف, وتجد حتى الأطفال يحددون مواقفهم من قضايا عالمية, وإذا لم يعرفوا يسألوا الكبار ليساعدوهم في تحديد الاختيار, وفي اي تنافس او صراع يبحث الانسان تلقائيا (هل انا في هذا الصف او الصف الآخر), ولو تمر ببلد فيه فريقين رياضيين يقتسمان الجمهور, تجد أنك تًخيَّر ذاتيا بدافع غريزة التقييم لتنتمي لأحدهما, (فكلما تخرج ثنائية كلما يحدد الإنسان موقفه منها)(قانون) فالاختيار بين الثنائيات من قوانين الشعور (قانون), حتى لو رفض كلاهما سيبقى هناك تفضيل ومقارنة بينهما في نفسه, وهذا يدل على ان الانسان يملك غريزة قوية وهي التقييم التي هي اهم الغرايز العقلية, ولان اكثر الناس لا تسعفهم غريزتهم في تقييم كل شيء فانهم يلجأون الى من يثقون بهم كقدوة لاجل التقييم والتوجيه وبيان المهم وغير المهم, وأساسها هذه الغريزة أتى التقييم بين الاختيارين اي الخير والشر, ولهذا القضايا التي يُراد أن يحدَد الناس رأيهم فيها يؤتى بها على شكل ثنائية, ولهذا الملاحدة يحاولون أن يجعلوا العلم في ثنائية مع الدين, وهذه نسميها خدعة الثنائية, أي أن يريد أحد أن يجعل ثنائية من شيئين ليسا نقيضين. ولما تعرض للشعور مجموعات فسوف يبحث عن الثنائية, (البحث عن الثنائية من قوانين الشعور), فلو يقدم لك مجموعة لاختيار من متعدد ستجد أنك ستحتار بين خيارين اثنين فقط وفي الأخير ستحدد موقفك.
 إذا لم تنتمي إلى انتماء كبير ستنتمي لانتماءات صغيرة, والإنسان الغير مرتبط بالله سيكون متعصبا حتميا لنفسه ولما حوله من مادي او معنوي ولما يعرف(قانون), وقد يحتقر كل ما لم يدخل في نطاق حياته ومجتمعه, مثل ما هو مشهور عند الرحالة عن نظرة ابناء القبائل لمن لا يعرف لغته ولا عاداتهم فإنهم قد يحتقرونه, بينما نفس الشخص يكبر في عيونهم كلما عرف لهجتهم وعاداتهم, وهذه علامة التعصب انه يستهين بكل شيء خارج عن نطاق تعصبه, وكل شيء فيه تعصب سواء في الفكر والرياضة والقبيلة والدولة والوطن ..إلخ.
التعصب معناه أنك تحافظ على مجموعة معينة وان ميزاتهم وعيوبهم ستصلك, فعيوب بعض أفراد القبيلة يلحق باقي القبيلة, أما العبودية لله فتجعل كل شخص مسؤول عن سلوكه وليس مسؤولا عن سلوك الآخرين, قال تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى), ونفهم من هذا أن الإسلام ضد التعصب لأنه باب التعميم والظلم, والتعصب يقيد الحرية, إذ لا يوجد حر حقيقي على الأرض إلا من يعبد الله, نحن لسنا ضد المحبة والانتماء للاشياء التي احتك بها الانسان في حياته, ولسنا ضد ان يحب مجتمعه ووطنه, لكننا ضد ان يحتقر ما سوى مجموعته وأن يقف مع مجموعته على الحق أو الباطل, وهذه هي الصفة الثانية في التعصب المذموم,
صفات التعصب:
الصفة الاولى هي احتقار الآخر, اما الصفة الثانية هي تقديم الدعم دون مراجعة للحق والباطل, مثل ما قال الشاعر الجاهلي:
وما أنا الا من غزيَّة ان غوت ...  غويت وان ترشد غزية أرشد
أي تسليم مطلق للتعصب, التعصب يحتاج لشعارات مادية لتميزه عن التعصبات الأخرى, أما عبودية الله ليس فيها شعارات, والتعصب هو من اقوى الاسباب التي انتجت عبادة غير الله مع الله, كما قال تعالى:(مودة بينكم). هذا الطوطم او التمثال او الوثن كرمز خاص للمجموعة, وهكذا كل مجموعة لهم رموز التي يدَّعون انها تقربهم الى الله زلفى, مع انهم واقعيا يفضلونها على الله مع انهم يعترفون ان الله هو الخالق وهو الرازق.
 المشكلة في التعصب هي التعميم (العيب الثالث او الصفة الثالثة للتعصب) بالميزات والسلبيات, فالجهة التي تتعصب لها إذا أحد منهم فعل شيئا حسنا تشعر أنك كسبت, وإذا أخطأ تشعر بأنك خسرت, فتستمر نقاط الضعف موجودة, فبكلا الحالتين أنت ظالم ومظلوم, فأنت تأخذ مكسب ليس بمجهودك وتدخل فيمن يحبون أن يحمدوا بمالم يفعلوا, فإذا فاز نادي رياضي مثلا يشعر المتعصب له أنه كسب وإذا خسر يشعر بالانكسار ويتعرض للسخرية بسبب خطأ غيره. ونقاط الضعف هذه تستغلها التعصبات الأخرى, وأنت تستغل نقاط ضعف التعصب الآخر وتستمر الحكاية صراع وعداوة, وبالتالي لا وجود حقيقي لألفة حقيقية بين البشر في الوقت الذي تنبني حياتهم على تعصبات وبالتالي صراعات, والشيء لا يصنع نقيضه, والصراع لا يصنع وئام, وبما أنه لا يوجد انتماء بشري يستطيع ان يحتوي كل الناس, بالتالي لن يكون الناس في وئام, لهذا قال تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} لأن هذا الحبل هو ما يستطيع أن يجمع كل البشر في نسق أخوي بدون صراع, إذ لا وجود حقيقي للصراع بين من يرتبطون بحبل الله جميعا, فالتسليم لله ينهي كل مشكلة التعصبات ويحولها إلى اختيار وولاء هادئ مبني على فكرة الخير والشر كما أمر الله.
وفكرة الصراع كلها إما صراع مفروض أو مفتعل, المفروض يقف عند حد الدفاع ولا يستمر, والمفتعل أي المرغوب هو الذي يستمر من الأمور الصغيرة إلى الأمور الكبيرة لأنه يغذَى, والمؤمن الحق لا يغذي الصراع لأنه يدفع بالتي هي أحسن ويصبر وإذا عاقب يعاقب بمثل ما عوقب به فقط ولا يتمادى, ويعاقب الجاني وليس عقابا تعصبيا عاما, لان المتعصب عنده مشكلة رابعة وهي أنه يعتقد ان الكل متعصبين مثله (وهذا العيب او الصفة الرابعة للتعصب), بل لا يصدق انه لا يوجد انسان متعصب, وكم من البشر ظلموا نتيجة الباسهم لباس تعصب مضاد قد لا يكونوا يعرفونه.
بعبودية الله تنحسر نار الصراع, فالمؤمن الحق إذاً يًخرج خير الناس أكثر مما يخرج شرورهم ويضطرهم لزيادة الشر.
والتعصب كتطرف وتشدد يأتي من أن هذا الانتماء لا يحتمل الشعور أصلا لانه مليء بالعيوب والاخطاء ولا يوجد كامل, والشعور يريد كامل, فيكون الشخص متوتر ويحاول أن يخفي العيوب, فكل متعصب لايقول العيوب في ما يتعصب له, لكن التعصب (الانتماء) لله لا يسبب توتر لأن منهج الله يتحمل كل شيء والله شديد المحال, والعابد لله اسهل ما عليه ان يقول عيوبه وتقصيره هو, لان مجال العبودية ليس مجال صراع بل مجال خضوع, ولا أحد يستطيع أن ينتقص من انتمائك حقيقة لكن انتماءاتك البشرية ممكن أن ينتقص منها, وهذا فرق بين الانتماء والتعصب, التعصب يصاحبه تشنج وكذب وادعاءات وتطاول الاصوات, والاطول هو الصحيح, لأن هذه الأشياء لا تحتمل الحب الذي قُدم لها, والله هو الذي يحتمل الحب المطلق لأن الله هو الكامل والباقي كله مليء بالعيوب, فأي منهج لا يحتمل الحب الكامل سيؤدي إلى صراع.
وأيضا الشائعات تدخل من خلال التعصبات.
التعميم يسبب ظلم, فمن يسخر من قبيلتك ستسخر من قبيلته كلها ولن تسخر منه هو, فكل متعصب ظالم لأنها ليست مواجهات شخصية بل مواجهة تعصب بتعصب ومجموعة بمجموعة, والمتعصب يدخل أناس في التعصب ليسوا فيه, فالناس كلهم يراهم المتعصب إما مع أوضد.

الأربعاء، 11 مارس 2020

حيلة التقريب عند الإنسان (جدوى التصنيف)

التقريب من الحيل العقلية للفهم عند الإنسان، فالتحوير للأقرب من قوانين العقل , وهناك رغبة بإيجاد الفوارق للتفريق, لكن النتيجة أدبية تقريبية وليست علمية, مثلما يحصل في محاولة التفريق بين الأعراق البشرية أو بين سكان بلد وسكان بلد آخر، لكنها غير دقيقة علميا, وكثيرا ما نفاجأ بخطأ تقييمنا المبني على هذه الفروقات. هذا ما يحصل في تصنيف الأحياء في الطبيعة, كثيرا ما يُفاجأ العلماء بما يخالف القواعد التي بنوا عليها تصنيفاتهم, مما يدل على أنه تصنيف ليس مبنيا على أساس علمي، بل تقريبي مبني على التشابهات الواضحة –وأحيانا المتكلفة- .

جدوى التصنيف ليست للتفريق العلمي, بل لتسهيل المعرفة ولتنحية ما هو ضدها, وهذا من وسائل العقل البشري في التمييز والتصنيف، فإذا قلت أن النعامة من الطيور، فهذا يخرجها من أن تكون من الحشرات أو الفطريات ..إلخ, لكن لا يعني هذا أنك عرّفت النعامة كما هي, بل عرّفتها بضدها، وبضدها تتميز الأِشياء.

كل التصنيفات في الطبيعة حتى في عالم المادة غير علمية, لكن معرفة الخواص دقيقة علميا, أما التصنيف فهو للتقريب ليس إلا. الزئبق مثلا مصنف من ضمن المعادن، لكنه سائل وليس صلبا, والمعدن من صفاته أنه قابل للطرق والسحب، أي صلب. والماء مصنف كسائل مع أنه إذا تجمد تمدد ولم ينكمش, وهم يقولون أن المادة تتمدد بالحرارة وتنكمش بالبرودة, والماء مادة لكنه يكسر هذه القاعدة التصنيفية. بل المادة نفسها لا يمكن فهمها, فلا شيء يمكن ضبطه في الطبيعة, لكن ضبط الخواص هو العلم, فخواص الذهب لا تكذب أبدا, مثلما أن خواص الدب لا تكذب, إذن نحن نعرف الأشياء من خواصها وليس من ذواتها, فضلا عن أنسابها كما يدعي التطوريون!

نحن لا نفهم إلا من خلال الصفات التي يعمل عليها تمييزنا, هذا هو علمنا البشري, لهذا علمنا قاصر مع أنه علم, قال تعالى:{وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}. لذلك المنهج العلمي الوصفي هو المنهج المحترم، وهو المنهج العلمي الحقيقي، والخروج عنه يبعدك عن العلم ويؤدي للخرافة والوهم العلمي. العالِم المحترم هو من يصف الظاهرة أو الكائن الحي ويفسر من خلال الظواهر, محاولا الاستفادة منها، أي ظواهر بظواهر, مثل ما يربط ظاهرة المطر بظاهرة التبخر. هذه هي الدراسة العلمية, كأن يدرس معدن الزنك وأنه ينصهر في درجة حرارة كذا و ناقليته للكهرباء كذا و وزنه كذا..إلخ, هذه دراسة علمية مفيدة, مع أننا لا نعرف ما هي حقيقة الحرارة ولا حقيقة الكهرباء ولا حقيقة الجاذبية ولا حتى حقيقة الزنك ما هي! لماذا صار الزنك زنكا؟ نحن لم نعرف حقيقة ذواتنا ما هي! فكيف نعرف ماهية ما حولنا؟ التصنيف العلمي يجب أن يقوم على معرفة الماهيات، وهذا غير ممكن للإنسان أن يعرف ماهية شيء واحد.

وهذا لا يعني إلغاء كل التصنيفات بل نحن محتاجون لها, لكن لا نسميها "علمية" ، لأن لكل تصنيف ستجد فيه شذوذات واختراقات, وما دام انه اخترق فليس تصنيفا علميا، فلا يصح أن يكون تصنيف ما علميا و له استثناء وشذوذ عن القاعدة في نفس الوقت.

نحن نستطيع أن نصنف ما نصنع نحن، لكن لا نستطيع أن نصنف ما صنعه الله, فنصنّف هذا النوع من الدراجات، أنها دراجات هوائية وتلك دراجات نارية, وذلك النوع سيارات سباق وتلك سيارات نقل وهكذا, هذا تصنيف دقيق علميا لأنه تصنيف لأشياء نحن من صنعها, أما الطبيعة فلم نصنعها نحن حتى نصنفها, والله يقول : {ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم} وقال: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون} وقال: {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير}, فمن صنع شيئا فهو أدرى به.

وهذا الكلام ليس تشكيكا في العلم, فالعلم قطعي لكن في مجاله. إن أي تفسير في مجال الطبيعة أو تنسيب (أي يُنسب إلى شيء) فهذا يعتبر تفسير وتنسيب أدبي وليس علمي. الماديون حرفوا العلم عن دراسة الوصف إلى محاولة معرفة الماهية والأًصل, وبالتالي خرجوا عن نطاق العلم, أخذوا الألماس مثلا وانشغلوا بتصنيفه وبكيفية تكونه في الطبيعة وتاريخه, هذه فلسفة وليست علما مفيدا, و هذه الدراسات تفتقر للتجربة, إذا استطاع أحد أن يقوم بتجربة يصنع من خلالها ألماسا فسيكون كلامه علميا. ويبقى العالِم الوصفي هو العالِم الحقيقي الذي أخبرنا عن ميزات هذا المعدن, ومثله العالِم التطبيقي الذي يُدخله في تطبيقات ومبتكرات, أما الثالث (التفسيري) فهو متفلسف وليس عالما. العلم وصفي وتطبيقي وليس تفسيريا في الأصول. التفسيري يكون عالِما إذا أجرى تجربة ناجحة ومكررة, إذ لا علم بلا تجارب. ونظرية التطور كلها في مجال الفلسفة، لأنها ليست لديها تطبيقات ولا يمكن التجريب فيها.

العلم يوصًف الظاهرة كما هي بدون أن يفسّر, ويأتي ليستفيد منها بشكل أو بآخر. لهذا العلم لا يسير إلا بإثباتات وبتجارب وبمشاهدات, وبدونها لا يكون علما، بل ضربا من ضروب الفلسفة. هل من العلم أن تُحيل التجربة إلى ملايين السنين السابقة مثلا كما هي تجارب الداروينيين؟ هذا كلام غير علمي. يجب إعادة العلم إلى نصابه ومساره الحقيقي حتى لا يختلط بالفلسفة والنظريات. يستطيع اي احد ان يقول ان الحياة خرجت من الحديد عبر ملايين السنين، وهيا جرب! وأمامك ملايين السنين!

التأمل بالطبيعة من الدين ..

التأمل بالطبيعة هو تأمل في قدرات الله، قال تعالى (الذين يتفكرون في خلق السموات والارض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) هذا هو العلم المفيد ، قال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) الذين يتأملون في الايات الكونية والايات القرآنية ويمزجون بينها ويخرجون بنتيجة ان هذا الكون لم يخلق عبثا ولم يخلق نفسه ولم تتحكم به الصدف العمياء، اذن الله موجود، اذن ربنا قنا عذاب النار. معرفة الدين لوحده لا تنتج هذه النتيجة، لا بد من ربط الآيات الكونية مع الآيات القرآنية. بهكذا تأمُّل يخرج دين الانسان عن العادة والتقليد ويصبح دينا حقيقيا فاعلا ، لهذا القرآن يحيلنا على الطبيعة في ايات كثيرة لكي نزداد ايمانا وليس إلحادا. وهذا هو الطريق الوحيد للحصول على العلم الايماني الذي ينتج خوفا حقيقيا من الله يردع عن فعل الموبقات أو قولها. الخوف من الله هو نتيجة العلم الحقيقي الايماني. لاحظ أنهم لم يقولوا (ربنا ارزقنا الجنة) بل قالوا (قنا عذاب النار) هذا اول مطلب.  

هذه هي فائدة التأمل التي يدفع اليها حب الطبيعة الغريزي في الانسان، وهذا ما يجعل كثيرا من العلماء ينفقون أوقاتا طويلة في متابعة الطبيعة والأحياء مع الاستمتاع، لأن هذا استمتاع بعظمة خلق الله وإن كان لا يعترف بهذا الا المؤمن.

أما الذين يتبعون العلوم المادية فقط، مع ابتلاعهم لتفسيراتها الايديولوجية، فلن يهتدوا الى الله مهما أغرقوا في العلم، بسبب الخلفية الأيديولوجية التي تتسلل متلبسة بالعلم، وبسبب عدم ربط هذه المعلومات بالايمان وآيات التنزيل، فلا تفيد، ونرى كثيرين في العالم هكذا، لأنها تقدم على أساس انها تطور وصدف عبر ملايين السنين ليس إلا. آيات الطبيعة مثل الحروف وآيات القرآن كالنقاط على الحروف، أو ربما العكس، جلال الآيات القرآنية والآيات الطبيعية ينتج خوفا ورهبة من الله، لذلك قال تعالى (إنما يخشى الله من عباده العلماء) أي أن من ليسوا من هذه الفئة لا يعرفون الخوف من الله كما يجب. وتدينهم بالعادات والوراثة. وهذا يعني ان الإسلام يحث على العلم ويربطه بخشية الله، ولكن العلم المقصود هو العلم الربطين الذي يربط ما قرأ بما شاهد. ولهذا لا نستغرب ان يسمي الله مقاطع القرآن بالآيات، ويسمي مظاهر الطبيعة بالآيات أيضا. (وآية لهم الليل نسلخ منه النهار)

الأربعاء، 4 مارس 2020

الفاهم لا يقلّد

الفاهم لا يقلد من فهم منه.


الفهم يجعل الانسان لا يستطيع ان يقلد احد بما فهمه، التقليد يحصل في حالة عدم الفهم، كأن تذهب لبلاد ثانية فانك تحاول تلقيدهم بلباسهم وعاداتهم، ومثل ان تشغل جهاز لا تعرفه وتشاهد شخص يقوم بتشغيله فتقلده، ومثل محاكاة الطفل للكبار  وهي محكاة حرفية اي يقلد اشياء غير ضرورية واشياء ضارة احيانا، كذلك تقليد الموضات والمشاهير وهذا يسمى التقليد طفولي، و(كلما حل الفهم زال التقليد)( قاعدة)، لان الفهم يجعلك تكسر قيد التقليد، لان الفاهم يعرف كيف يصل للهدف الذي فهمه،  دائما التقليد يكون نتيجة اعجاب بلا فهم، فالذين يعبدون الله على بصيرة ليسوا بحاجة للتقليد لان البصيرة فهم، التقليد دائما يكون ألفي، اي تقليد مادي من خلال ما يصل للحواس. الفهم يذهب الغيرة والحسد، لان الغيرة والحسد تنتج عن الاعجاب بلا فهم، ودائما الغيرة والحسد تسبب تقليد فاشل، مثل تقليد المراهقين والمراهقات للمشاهير بلباسهم وسلوكهم وكلامهم وهذا تقليد واعجاب غير مبني على فهم، اما ان كان الاعجاب مبني على فهم فإن المعجب به لن يقلد ولن يكون التركيز على شخصه، لان الفهم حصل والفهم تملك، ومن فهم شيء تملكه واصبحت جزء منه، والعلم للجميع وليس ملكا لواحد وبقية الناس يقلدونه ماديا، الفهم يخفف التركيز على مصدر الفهم ولا يزيده الا من باب شكر الجميل. في حالة الاعجاب الناتج عن فهم ،فإنه سيحل الوفاء وشكر الجميل والثبات والاستمرار ولزمته وخدمته في حياته محل التعظيم الشكلي والمجاملات.