السبت، 14 مارس 2020

التعصب

التعصب آفة ولا يسلم منه الا من رحم الله, ومن السهل لأي أحد أن يشعل الفتنة في أجواء التعصب, والتعصب يأتي كتعويض عن الانتماء الطبيعي, وإذا وجد هذا الانتماء تغيرت الخارطة, وهو قد أتى أساسا من تحديد موقفك من الثنائيات, فعند الإنسان غريزة تحديد الموقف, وتجد حتى الأطفال يحددون مواقفهم من قضايا عالمية, وإذا لم يعرفوا يسألوا الكبار ليساعدوهم في تحديد الاختيار, وفي اي تنافس او صراع يبحث الانسان تلقائيا (هل انا في هذا الصف او الصف الآخر), ولو تمر ببلد فيه فريقين رياضيين يقتسمان الجمهور, تجد أنك تًخيَّر ذاتيا بدافع غريزة التقييم لتنتمي لأحدهما, (فكلما تخرج ثنائية كلما يحدد الإنسان موقفه منها)(قانون) فالاختيار بين الثنائيات من قوانين الشعور (قانون), حتى لو رفض كلاهما سيبقى هناك تفضيل ومقارنة بينهما في نفسه, وهذا يدل على ان الانسان يملك غريزة قوية وهي التقييم التي هي اهم الغرايز العقلية, ولان اكثر الناس لا تسعفهم غريزتهم في تقييم كل شيء فانهم يلجأون الى من يثقون بهم كقدوة لاجل التقييم والتوجيه وبيان المهم وغير المهم, وأساسها هذه الغريزة أتى التقييم بين الاختيارين اي الخير والشر, ولهذا القضايا التي يُراد أن يحدَد الناس رأيهم فيها يؤتى بها على شكل ثنائية, ولهذا الملاحدة يحاولون أن يجعلوا العلم في ثنائية مع الدين, وهذه نسميها خدعة الثنائية, أي أن يريد أحد أن يجعل ثنائية من شيئين ليسا نقيضين. ولما تعرض للشعور مجموعات فسوف يبحث عن الثنائية, (البحث عن الثنائية من قوانين الشعور), فلو يقدم لك مجموعة لاختيار من متعدد ستجد أنك ستحتار بين خيارين اثنين فقط وفي الأخير ستحدد موقفك.
 إذا لم تنتمي إلى انتماء كبير ستنتمي لانتماءات صغيرة, والإنسان الغير مرتبط بالله سيكون متعصبا حتميا لنفسه ولما حوله من مادي او معنوي ولما يعرف(قانون), وقد يحتقر كل ما لم يدخل في نطاق حياته ومجتمعه, مثل ما هو مشهور عند الرحالة عن نظرة ابناء القبائل لمن لا يعرف لغته ولا عاداتهم فإنهم قد يحتقرونه, بينما نفس الشخص يكبر في عيونهم كلما عرف لهجتهم وعاداتهم, وهذه علامة التعصب انه يستهين بكل شيء خارج عن نطاق تعصبه, وكل شيء فيه تعصب سواء في الفكر والرياضة والقبيلة والدولة والوطن ..إلخ.
التعصب معناه أنك تحافظ على مجموعة معينة وان ميزاتهم وعيوبهم ستصلك, فعيوب بعض أفراد القبيلة يلحق باقي القبيلة, أما العبودية لله فتجعل كل شخص مسؤول عن سلوكه وليس مسؤولا عن سلوك الآخرين, قال تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى), ونفهم من هذا أن الإسلام ضد التعصب لأنه باب التعميم والظلم, والتعصب يقيد الحرية, إذ لا يوجد حر حقيقي على الأرض إلا من يعبد الله, نحن لسنا ضد المحبة والانتماء للاشياء التي احتك بها الانسان في حياته, ولسنا ضد ان يحب مجتمعه ووطنه, لكننا ضد ان يحتقر ما سوى مجموعته وأن يقف مع مجموعته على الحق أو الباطل, وهذه هي الصفة الثانية في التعصب المذموم,
صفات التعصب:
الصفة الاولى هي احتقار الآخر, اما الصفة الثانية هي تقديم الدعم دون مراجعة للحق والباطل, مثل ما قال الشاعر الجاهلي:
وما أنا الا من غزيَّة ان غوت ...  غويت وان ترشد غزية أرشد
أي تسليم مطلق للتعصب, التعصب يحتاج لشعارات مادية لتميزه عن التعصبات الأخرى, أما عبودية الله ليس فيها شعارات, والتعصب هو من اقوى الاسباب التي انتجت عبادة غير الله مع الله, كما قال تعالى:(مودة بينكم). هذا الطوطم او التمثال او الوثن كرمز خاص للمجموعة, وهكذا كل مجموعة لهم رموز التي يدَّعون انها تقربهم الى الله زلفى, مع انهم واقعيا يفضلونها على الله مع انهم يعترفون ان الله هو الخالق وهو الرازق.
 المشكلة في التعصب هي التعميم (العيب الثالث او الصفة الثالثة للتعصب) بالميزات والسلبيات, فالجهة التي تتعصب لها إذا أحد منهم فعل شيئا حسنا تشعر أنك كسبت, وإذا أخطأ تشعر بأنك خسرت, فتستمر نقاط الضعف موجودة, فبكلا الحالتين أنت ظالم ومظلوم, فأنت تأخذ مكسب ليس بمجهودك وتدخل فيمن يحبون أن يحمدوا بمالم يفعلوا, فإذا فاز نادي رياضي مثلا يشعر المتعصب له أنه كسب وإذا خسر يشعر بالانكسار ويتعرض للسخرية بسبب خطأ غيره. ونقاط الضعف هذه تستغلها التعصبات الأخرى, وأنت تستغل نقاط ضعف التعصب الآخر وتستمر الحكاية صراع وعداوة, وبالتالي لا وجود حقيقي لألفة حقيقية بين البشر في الوقت الذي تنبني حياتهم على تعصبات وبالتالي صراعات, والشيء لا يصنع نقيضه, والصراع لا يصنع وئام, وبما أنه لا يوجد انتماء بشري يستطيع ان يحتوي كل الناس, بالتالي لن يكون الناس في وئام, لهذا قال تعالى { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} لأن هذا الحبل هو ما يستطيع أن يجمع كل البشر في نسق أخوي بدون صراع, إذ لا وجود حقيقي للصراع بين من يرتبطون بحبل الله جميعا, فالتسليم لله ينهي كل مشكلة التعصبات ويحولها إلى اختيار وولاء هادئ مبني على فكرة الخير والشر كما أمر الله.
وفكرة الصراع كلها إما صراع مفروض أو مفتعل, المفروض يقف عند حد الدفاع ولا يستمر, والمفتعل أي المرغوب هو الذي يستمر من الأمور الصغيرة إلى الأمور الكبيرة لأنه يغذَى, والمؤمن الحق لا يغذي الصراع لأنه يدفع بالتي هي أحسن ويصبر وإذا عاقب يعاقب بمثل ما عوقب به فقط ولا يتمادى, ويعاقب الجاني وليس عقابا تعصبيا عاما, لان المتعصب عنده مشكلة رابعة وهي أنه يعتقد ان الكل متعصبين مثله (وهذا العيب او الصفة الرابعة للتعصب), بل لا يصدق انه لا يوجد انسان متعصب, وكم من البشر ظلموا نتيجة الباسهم لباس تعصب مضاد قد لا يكونوا يعرفونه.
بعبودية الله تنحسر نار الصراع, فالمؤمن الحق إذاً يًخرج خير الناس أكثر مما يخرج شرورهم ويضطرهم لزيادة الشر.
والتعصب كتطرف وتشدد يأتي من أن هذا الانتماء لا يحتمل الشعور أصلا لانه مليء بالعيوب والاخطاء ولا يوجد كامل, والشعور يريد كامل, فيكون الشخص متوتر ويحاول أن يخفي العيوب, فكل متعصب لايقول العيوب في ما يتعصب له, لكن التعصب (الانتماء) لله لا يسبب توتر لأن منهج الله يتحمل كل شيء والله شديد المحال, والعابد لله اسهل ما عليه ان يقول عيوبه وتقصيره هو, لان مجال العبودية ليس مجال صراع بل مجال خضوع, ولا أحد يستطيع أن ينتقص من انتمائك حقيقة لكن انتماءاتك البشرية ممكن أن ينتقص منها, وهذا فرق بين الانتماء والتعصب, التعصب يصاحبه تشنج وكذب وادعاءات وتطاول الاصوات, والاطول هو الصحيح, لأن هذه الأشياء لا تحتمل الحب الذي قُدم لها, والله هو الذي يحتمل الحب المطلق لأن الله هو الكامل والباقي كله مليء بالعيوب, فأي منهج لا يحتمل الحب الكامل سيؤدي إلى صراع.
وأيضا الشائعات تدخل من خلال التعصبات.
التعميم يسبب ظلم, فمن يسخر من قبيلتك ستسخر من قبيلته كلها ولن تسخر منه هو, فكل متعصب ظالم لأنها ليست مواجهات شخصية بل مواجهة تعصب بتعصب ومجموعة بمجموعة, والمتعصب يدخل أناس في التعصب ليسوا فيه, فالناس كلهم يراهم المتعصب إما مع أوضد.

هناك 14 تعليقًا :

  1. انا ارى ان تختار منصه غير منصة التدوين فهي اصبحت غير مجديه ولااحد يهتم بها الا القليل . عليك ان تطرح افكارك في مجالات اخرى بالابواب كلها واسعه لاتضيق على نفسك وتخنق ابداعك وتقتله بهذه المدونه عندك اليوتوب فهناك تطرح افكارك الرائعه بكل سهوله وتنتشر اكثر وتستطيع التأثير على الاشخاص مارأيك ؟

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على مشاعرك الطيبة, واتمنى ان يتيسر ذلك

      حذف
  2. سعيدة لرؤيتك مازلت تمارس التدوين. كنت أبحث عن مدونتك آملة أن أرى ذلك.
    تركت مسيرتي للبحث الحقيقي عن الإله منذ ٢٠١٣، وقررت أن أعود الآن. سأبدأ بالإطلاع من مدونتك.
    شكرا لك.

    ردحذف
    الردود
    1. وأنا سعيد أيضا مرتين, الأولى لأنك عدت للبحث عن الإله, والثانية لأنك عدت للمدونة, أهلا بك وعسى الله ان ينير لك ولنا الطريق.

      حذف
  3. التعصب والعنصريه موجوده في الاسلام مثل تصنيف الناس بين مسلم وكافر واعتبار الغير مسلمين بانهم مجرد نجاسه دائما تتهمون الغبر بانهم متعصبين بينما الاسلام في جوهره هو اصل التعصب والعنصريه بل يتعدا ذالك الى القتل لانك فقط لاتتبنى دينهم او عليك دفع مال من اجل ان تعيش في بلاد تجمعك معهم ربما تكون البلد لك وهم غزاه الا انك ستقتل او تدفع او ترحل الى ارض اخرى وسيلاحقونك ايضا ويمارسون عليك العنصريه من باب الفتوحات ونشر الدين السمح !! ان كنت رافض للعنصريه والتعصب عليك ان ترفضها بشكل مطلق لا ان ان ترفضها من ناحيه وتتبناها من ناحيه اسلاميه فقط لانك مسلم . تخيل ان المسلمين الان لهم قوه ماذا سيفعلون بالبشريه ؟ يرغمونهم على الدين او يقتلونهم او يسرقون اموالهم بالجزيه هذه هي العنصريه ان احمد الرب ان امريكا هي القوه العظمى على الارض وتضييق الخناق عليكم حتى يرتاح الناس من شروركم . وشكرا واعرف ان تعليقي لن تنشره

    ردحذف
    الردود
    1. التفريق لا يعني التعصب، التعصب هو انحياز لاحدى الفرق لأنها فرقة او لأنه نوع أو جنس، وحتى لو فعل خطأ يبرّر، أما المُتعصّب عليه فهو سيء مهما فعل من خير. الفروق طبيعية ولا بد من وجودها، هذا رجل وهذه امراة، وهذا ابيض وهذا اسود، هذا متعلم وهذا جاهل، هذا غني وهذا فقير، التفريق موجود في كل طبقات المجتمع، وهذا الرفض للاخر هو رفض دائم واحتقار دائم مهما تغير وتغيرت اخلاقه، هذا هو التعصب، وهو ليس موجودا في الاسلام، فالكافر قد يتوب ويصبح مؤمنا، ايضا هناك غير المسلم، ويوجد فرق كبير بين الكافر وغير المسلم، الكافر هو من عرف وجحد وانكر، والكفر على نوعين: كافر غير مؤذي، تنطبق عليه اية (فتربصوا انا معكم متربصون) واية (لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين) الاية .. لاحظ ان المؤمنين يأمرهم الله بالقسط بل والبر ايضا مع غير مسلمين، فقط لانهم لم يتآمروا على المسلمين، فإذن هذا يبطل فكرة التعصب بين مسلم وكافر في الاسلام.
      النوع الثاني: الكافر المؤذي للمؤمنين المقاتل، وهذا هو الذي تدور عليه اكثر الايات في القران، وهو الذي حرم الله الولاء والمودة لهم، وهم الذين ينتهكون حقوق الاسلام والمسلمين، ويخططون ضدهم لاجل قتلهم واستئصالهم ظلما وعدوانا وتعصبا، فقط لانهم قالوا ربنا الله. كما فعلت طواغيت قريش بالرسول وصحابته.
      بموجب تفكيرك هناك تعصب ضد اللصوص والمجرمين لأنهم فئة مكروهة من الجميع بينما هم بشر! هذا هو اساس قياسك، الولاء والبراء مرتبطان بسلوك غير المسلمين مع المسلمين، وليس لانهم لم يؤمنوا بالاسلام، هناك 500 اية في القران تنطق بحرية الاختيار بين الاسلام ورفضه، مثل قوله (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) وقوله (لا اكراه في الدين) كقاعدة اساسية في الاسلام، اذا نظرنا للاسلام بحقيقته ومصدره الاساسي وهو القران. اعرف انك سوف تحيلنا على تطبيقات المسلمين ومذاهبهم الكثيرة، حينها اقول لك انك خرجت عن موضوع البحث، لان فهم وتطبيقات الاتباع شيء والقران شيء اخر. بدليل انهم مختلفون بينما الكتاب واحد. اذن هي اختلافات في وجهات النظر والتصورات.
      الله يقول (وما ارسلناك الا رحمة للعالمين) وقال (وما ارسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا) وقال (ان اكرمكم عند الله اتقاكم) اذن المعيار الحقيقي للتفرقة هي التقوى اي الاخلاق، مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات، وهذه هي حقيقة الدين : اخلاق مع الجهات الثلاث.
      لقد وقع ما كنت اخاف منه، وهو الخروج عن اصل الموضوع الى تطبيقات الاتباع، وهذا خطأ موضوعي، اذا كنت تحاور فناقش وانت ملتزم بالموضوعية، ودعنا عن الاتباع، انا لم اتحدث عن المسيحية التي تدعو لأن تدير خدك الايسر لمن صفعك على خدك الايمن، ومع ذلك خاضت خيولهم بدماء المسلمين ايام الحروب الصليبية، ولا تسألني عن تسامح الحربين العالميتين ولا عن ضرب هيروشيما ونجازاكي باسلحة الدمار الشامل ولا عن قتل وتهجير وإمراض 50 مليون من الهنود الحمر اهل الارض الاصليين. كل هذه تطبيقات اتباع وهي خارج موضوع النقاش. يتبع

      حذف
    2. انت تهجمت على الاسلام بينما في الحقيقة ان اسلحتك موجهة ضد المسلمين وليس الاسلام. وهذا خطأ موضوعي كبير وقعت فيه. الاساس ان الاسلام شيء والمسلمين شيء اخر، المسيحية شيء والمسيحيون شيء اخر، نحن نناقش الاساس، الفكرة الدينية المجردة بغض النظر عن من احسن او اجاد من الاتباع، ان حسابهم على الله، انا لم ارد عليك لادافع عن المسلمين بشتى طوائفهم بل عن الاسلام المأخوذ من المصدر الاساسي وهو القرآن، وهنا ناقشني، وقارنه بكل ما لديك من اديان او ايديولوجيات، سوف يغلبها ويكون هو الافضل والاجمل. ان كنت تستطيع ان تركز على هذا الموضوع ولا تخرج عن الحوار الى الاتباع او التاريخ او الشخصنة، فاهلا بك ولك كل احترام، مهما طال النقاش لن اغضب.
      ويا ترى ماذا عن غير المسلمين؟ ماذا فعلوا وماذا سيفعلون لو كان لهم قوة؟ عندما كان للاسبان قوة، الم يقيموا محاكم التفتيش سيئة السمعة؟ الم يلزموهم بالمسيحية او القتل او الطرد؟ لم يقبلوا ولا جزية منهم، انت تتكلم في اطار بشري وشعوبي، كلٌ له سلوكات خاطئة والجدال فيها لا ينتهي، وهو الذي يثبت التعصب مع او ضد، انا اريد اناقش في اصل الاسلام، هل هو يحمل التعصب ام لا؟ هذا ما اريد ان تثبته، لا ان نستعرض التاريخ والسياسة وننقاذف بالكتب.
      وها انا ذا رددت عليك ونشرت تعليقك بكل اريحية، لكن اتحداك ان تناقش في اصل الاسلام هل هو عنصري ام لا. ولا حاجة للخوض في قضية عنصرية السود في المجتمع الامريكي فهي مشهورة في العالم. الاسلام لايحمل تعصب على اساس اللون، لكن انظر كيف تعاني المجتمعات السوداء في المجتمعات الغربية. الاسلام لايحمل اي تفرقة على اساس عرق، مثلما نجده في المسيحية واليهودية الذين يسمون انفسهم ابناء الله، اذن البقية ابناء من؟. اباهم الذي في السماء، والبقية لا اب لهم! هل هم ابناء الشيطان ام ماذا؟ في النسب ينتسبون لله، اما الاسلام فالكل عباد الله. ولا حتى النبي محمد اخبر انه ابن الله، بل عبد الله ورسوله، هكذا يكون النقاش.

      حذف
  4. الحقيقه انا تهجمت على الاسلام بما رأيته من سلوك المسلمين الحقيقه تقال واشكرك على التذكير وانا معك لايوجد موضوعيه ان كنا نتاقش بالاصل ونتركه ونذهب لنقاش السلوكيات الفرديه لكي نضرب به الاصل هذا اسلوب الجبناء وانا لست جبان واعترف باني اخطأت ربما هناك افعال يفعلها المسلمين يرفضها الاسلام بل تكون سبب لمعاقبته من الله بحسب ما تؤمنون به . هل انت ترفض سلوك المسلم الذي يعتبر الكافر مجرد نجاسه ام لا؟ اذا كنت ترفضه فأين رفضك للأيه القرأنيه التي تقول ذالك ؟ انتظرك وانا معك على طول الخط اما تقنعني او اقنعك

    ردحذف
    الردود
    1. أولا اشكرك على الاعتراف وابداء الرغبة في الموضوعية، وسيتبين ذلك لاحقا من الطرفين، نعم أرفض سلوك من يعتبر غير المسلم نجاسة فقط لأنه غير مسلم، لأن النجاسة لا يُؤمر ببرها والإحسان إليها، الله قال (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم). مع انهم لا يتبنون الدين الإسلامي، فكيف يأمر الله بالقسط اليهم والبر بهم وهم لم يتبنوا الدين الإسلامي؟ وقال تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، مع أنهم يهود ونصارى وصابئين، الله سوف يجازيهم على احسانهم احسانا، مثلهم مثل المؤمنين، هؤلاء الذين وعدهم الله بالأجر الحسن مع انهم يهود ونصارى وصابئة، كيف يعدهم بذلك وهم نجس؟ النجس اذن هو المعتدي، إن المهم هو الايمان بالله والعمل الصالح، وهذا ليس غريبا، ففي القرآن خمسمائة موضع تتكلم عن حرية اختيار الدين، منها قوله تعالى (لا اكراه في الدين) كقانون عام، وقوله تعالى (إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر)، والصلحاء موجودين من اليهود والنصارى ومن غيرهم، في كل زمان ومكان، ليس كل من قال انا مسلم تحول الى رجل صالح، بل من غير المسلمين من مات في سبيل الدفاع عن حقوق بعض المسلمين، ومن مصارف الزكاة (المؤلفة قلوبهم) أي غير المسلمين المسالمين، فكيف تُدفع أموال المسلمين "الطاهرة" إلى نجس وبأمر الله أيضا؟
      الله يخبرنا ان حسابهم على الله وليس علينا كمسلمين، أما الكافر الذي يقاتل المسلمين ويخرجهم من ديارهم ويظاهر عليهم مع اعداءهم فهذا نجس لا يصلح أن يتولى بيت الله كما كان يفعل كفار قريش، ومن هذا النوع كان مشركي قريش، ماذا فعلوا بالمسلمين قبل الفتح؟ كل سوء وكل مؤامرة وكل قتال وكل صد عن ذكر الله، الا يستحقوا ان يسمّوا نجسا؟ وماذا فعل المسلمون بهم بعد الفتح سوى كلمة (اذهبوا فأنتم الطلقاء)؟ من هم بهذه النجاسة لا يصح أن يتولوا بيت الله، لأنهم يصدون عن بيته، وقد فعلوها لأنهم صدوا المسلمين عن البيت في صلح الحديبية. لا يصلح الاجتزاء من القرآن ولا يصلح ان تُفصل الآيات عن سياقها، ولا ان يُفصل القرآن عن القرآن، فالقرآن يكمّل القرآن.

      إذا اردت ان تأخذ الحكم من آية عليك ان تنظر بقية آيات القرآن ماذا قالت عن نفس الموضوع، فالقرآن يقول (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) يقصد المشركين المقاتلين. القرآن مبين وواضح، الا يكفيك ان الله يقول انه لا يحب المعتدين، وأنه يقول لا اكراه في الدين؟ فكيف يُكرَه أحد على قبول الإسلام وهو لا يريده؟ قال تعالى (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون) وقال لرسوله (لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر) يعذبه الله وليس انتم أيها المسلمون.

      الا تلاحظ أن القرآن يأمر بقتال الفئة الباغية حتى من المؤمنين؟ قال تعالى (وإن فئتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) وهي من المؤمنين كما وصفها القرآن، اذن العلة في القتال في دفع الضرر وليست العلة كونك مسلم او كافر. والقرآن كتاب المعروف، أي شريعة وأي بشر يرفض الاعتداء ويرفض الإكراه على دين لم يقتنع به الانسان، لأن هذا إهانة للدين، فكيف يأمر القرآن به؟ وها هو ينهى عنه صراحة بقوله (إن الله لا يحب المعتدين).
      قال تعالى (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره) لمَ لمْ يقل : لا تجره لأنه نجس؟ ثم أكمل بقية الآية (حتى يسمع كلام الله) يسمع وليس يُجبَر على الإسلام او دفع الجزية او ضرب بالسيف اذا لم يستجب، ثم يقول (ثم أبلغه مأمنه)، هذه الآية تختصر لك كل العلاقة مع غير المسلمين غير المؤذين والمتآمرين : احترام وبر ودعوة وعدل وإجارة وحرية ودفع من الزكاة لهم أيضا ودعوة بالتي هي احسن وتأمينهم وأيضا الدعوة من خلال القرآن وليس من خلال تدبيج المواعظ، لاحظ من خلال اسماعه كلام الله وليس كلام غيره ولا بتدبيج الكلام ولا بالتحذلق أي دينٍ يقدم مثل هذا لغير اتباعه؟

      أنا اناقشك الان من مصدر الإسلام الأساس وهو القرآن، اذن انا في صلب الموضوعية، هذا القرآن الذي يحترمه ويقر به كل المسلمين ويقبّلونه، وليس القرآن أو الإسلام مسؤولا عن تصرفات المسلمين الغير سوية، كلٌ سيحاسب بعمله ونيته، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
      اعتبار غير المسلم كافرا من البداية واعتباره نجاسة، هذا صد عن ذكر الله والدعوة اليه، فكيف ستدعو غير المسلمين الى الدين وانت ترى نجاستهم وتكفّرهم وتشنع عليهم؟ فما بالك بمن يطالب بقتلهم لأن دينهم مختلف عن دينك ليس إلا؟ لأنهم تربوا في بيئة أخرى ليس إلا؟ قد يكونون أصلح قلبا منك وقد يتقبلون الخير إذا سمعوه على حقيقته، ألم يكن صحابة الرسول كلهم من غير المسلمين؟ هل هدّدهم الرسول بالقتل؟ طبعا لا، ولو كان فظا غليظ القلب لانفضوا من حوله كما قال القرآن.
      يتبع

      حذف
    2. كل حروب الرسول المذكورة في القرآن كلها حروب دفاعية ليس فيها اعتداء واحد، بما في ذلك غزوة تبوك؛ لأنهم (الغساسنة) قتلوا الدعاة الذين ارسلهم الرسول وتوعدوا بالهجوم على المدينة، لذلك جهّز الرسول جيش أسامة حتى يبادرهم، ولأجل الانتقام لدماء هؤلاء الأبرياء، ولأجل الا يظهر ضعف وجبن من المسلمين، على أساس أننا نبادركم بتهديدكم قبل أن تأتوا وتحاصروا المدينة، لكن الرسول مات فأنفذ أبو بكر الجيش لما تولى، ومن هنا تطور الوضع إلى فتح الشام، لأن الغساسنة استدعوا الروم اسيادهم، فتواقع المسلمون مع الروم وغلبوهم في اليرموك، وصار الروم يجهزون لحروب أخرى فتطور الامر إلى اخراج الروم من شمال افريقيا كلها، بترحيب الأهالي العرب الذين بسرعة تبنوا القرآن وتبنوا لغته أيضا، ومصر لم تكن تتكلم العربية قبل الفتح.
      ويبدو ان الفتوح الباهرة في الشام انتجت غيرة وحسدا وخوفا عند الفرس، فانتشرت العداوة بينهم ووقعت موقعة القادسية التي هزمت فيها الفرس، وتم فتح العراق وايران. أما في عصر عثمان وعلي توقفت الفتوح، لأنه لم يكن ربما لها داعي، إلى أن جاء عصر بني أمية فأكملوا الفتوح.

      حذف
  5. شكرا على الرد الحقيقه انا دخلت تفسير اية النجاسه بالمواقع التابعه للمسلمين لكي ارد عليك فعلمت ان المقصود نجاسه معنويه لاحسيه كما قلت انت بردك الاخير واستدلوا بذالك بانهم اباحوا الذبائح التي تاتي من المسيحيين واليهود وهم كفار بالنسبه لكم . انا محايد لأقصى درجه وردك اقبله قبول تام لكن لن ادخل بالاسلام لأسباب خاصه لن اذكرها وشكرا على ردك الاخير ولدي سؤال ربما يتم نشره كثيرا واعتقد انك مللت من تكرار هذا السؤال لكن ساختصره لك بعد ان ترد على تعليقي هذا وشكرا

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على تواضعك وموضوعيتك، لكنك حتى الان لم تقرر شيئا حول موضوع التعصب في الإسلام، هل ما زال الإسلام يحمل التعصب في قرآنه وصميمه بغض النظر عن ممارسات الاتباع أم لا؟ هل اعتبر قبولك هذا اعترافا بأن الإسلام يعادي العنصرية بل هو من أسس لمعاداة العنصرية ورفضها أم لا؟ اما موضوع ان تسلم او لا تسلم فهذا متعلق بك وخاص بحياتك انت، وانا أتمنى لك الخير، لأن الحق ملزم إذا عُرِف، وإذا عرفت حقا وحقا أحق منه فعليك باتباع الأحق، ما دمت باحثا عن الحق، والباحث عن الحق يتبع احسن الكلام، ويبقى الامر راجع لك، لا اسلامك يزيدني ولا عدمه ينقصني.
      وبالنسبة لاستشهادهم أنه تجوز ذبيحة اهل الكتاب، فالآية تتكلم عن المشركين وليس عن اهل الكتاب، لأن المشركين يذكرون أسماء اصنامهم على الذبائح، واعتقد ان ذبائح غير اهل الكتاب تجوز اذا كانوا لا يذكرون أسماء اصنامهم، لأن اباحة ذبائح اهل الكتاب ليس صك براءة من الأخطاء في اليهودية والمسيحية، ولكن مراعاة للأكثر وهو انهم يعبدون الله، وان كانوا يشركون بالله بتجزئة الله، إلى أب وابن وروح قدس، وحتى اليهودية اصابتها التجزئة من خلال الكابالا، فتقسم الاله الى يهوه وشخينة وبنت وابن.
      اية (إن المشركون نجس) كانت تقصد مشركي قريش الذين حاربوا واعتدوا على الإسلام والمسلمين وصدوهم عن البيت الحرام، وإلا لو كان كل غير مسلم او مشرك نجس، لما دفعت الزكاة الى نجس ولما أكلت ذبائح النجس، ولما قبلت استجارة النجس، ولما ابلغ النجس مأمنه، ولما أمر بالقسط والإحسان للنجس، وهذا لا يعني تحريم دخول غير المسلم المسالم إلى مكة حسب رأيي، ولكن بعض المفسرين تشددوا فيها، لأن الحج أصلا أساسه كان سوق تجاري، وسوق ذي المجاز قريب من عرفات، قال تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله)، لاحظ أن الآية تقول (أذن في الناس) ولم تقل في المسلمين فقط، أي دعوة عامة، ثم انه قدّمت جملة (ليشهدوا منافع لهم) على جملة (ويذكروا الله) أي ان بعضهم سيكون هدفه التجارة فقط، وفي هذا تشجيع اقتصادي لمكة وأيضا فتح باب الدعوة.
      أليس المؤلفة قلوبهم غير مسلمين مسالمين تدفع لهم الزكاة؟ اذن لماذا لا يُفتح لهم موسم الحج أيضا مثلما فتحت لهم الزكاة؟ على شرط ألا يخلّوا بالحج ويحترموا تعاليم الدين، وقد يكون في حضورهم للحج سبب هداية لهم. لماذا صار الحج حكرا على المسلمين لدرجة ان بعض غير المسلمين كانوا يتنكرون بزي المسلمين في مغامرة خطيرة حسب ظنهم ليكتبوا كتابا عما شاهدوه؟ بينما كل قنوات التلفزيون تنقل شعائر الحج للمسلمين وغير المسلمين؟ لو كان الامر مفتوحا لكان أحسن.
      لاحظ ان التجارة من أبواب الدعوة، بل ان ثلثي عدد المسلمين في العالم دخلوا الإسلام عن طريق التجار. كانت أسواق العرب تتنقل على مدار السنة، فتمر بعُمان وهجر بالأحساء ودومة الجندل وبحضرموت، وتنتهي بعكاظ وذي المجاز، وبعدها يأدّون الحج، هذا كان قبل الإسلام، مستغلين الأشهر الحرم حتى يتنقلوا بتجارتهم. وكل الديانات تقبل من غير اتباعها الدخول في اماكنها المقدسة مع مراعاة الاحترام، كالكنائس وغيرها، وهذا البيت العتيق مثابة للناس وأمان لهم، كما قال تعالى (مثابة للناس وأمنا)، أي كل الناس وليس مثابة للمسلمين فقط وليس أمنا للمسلمين فقط، قال تعالى (ومن دخله كان آمنا)، هذا لأجل ان يختلط غير المسلمين بالمسلمين، لأنه اذا كان عزل كامل لن تكون هناك دعوة ولا احتكاك، والله يأمر المسلمين ان يكونوا دعاة لله بالحكمة والموعظة الحسنة، والدعوة تعني اتصال واحتكاك وعلاقة حسنة، لكن ليس مع الكافرين المعادين المتآمرين، بل مع المسالمين، وإلا تعد خيانة عظمى، والله توعد من يتولاهم بالخلود بالنار وأنه منهم. قال تعالى (ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين) أي الذين اسلموا انفسهم ليس لأهواءها، بل للحق والخير والجمال الذي يريده الله، مثلما أسلم إسماعيل وإبراهيم، والتخلص من سيطرة الأنانية على حساب الحق والتعصب والوصول الى حالة الصفاء التي لا تتم الا بالعبودية والتسليم لله.

      حذف
  6. طبعا الاسلام لايقبل العنصريه والتعصب والاديان كلها اساسها النقاء لكن الاتباع يشوهون رونق الدين الجميل لان مصدره واحد. هو الرب عندكم داعش وعندنا داعش مسيحيه وهناك داعش يهوديه ونحن معابدنا ومقدساتنا مفتوحه حتى للملحد والمسلم واليهودي والبوذي ابضا لاننا لانخجل من ديننا ولانخاف من احد فهي قبل ان تكون مقدساتنا هي ملك للرب الذي خلق البشر كلهم ولااقصد هنا انكم تخجلون من دينكم لكن تصرفات البشر تسيء للدين كثيرا والاديان بريئه ممن يمتطيه لمصالحه الخاصه انا احب الاسلام واليهوديه واكره داعش والصهاينه واكرر الاسلام يرفض العنصريه مثل المسيحيه واليهوديه اتكلم عن الاصل ولا اتكلم عن مساوئ الاتباع المنحرفه الاديان ترسل الحب بدون مصالح شخصيه بينما المناهج الغير دينيه ترسل الحب ولكن لغابه ومصلحه مثل العلمانيه التي تحب وتكره وفق لما تمليه عليهم مصالحهم فقط وهي مستعده لحرق الشعوب لاحل مصلحه سياسيه فقط. . سؤال هو لماذا الرب خلق هذا الانسان وهو يعلم قبل خلقه انه من اهل النار هذا السؤال لم اجد اجابه له عند القساوسه الذين تركوا الدنيا وركنوا الى الكنيسه يصلون للرب والبعض اجابته غير مقنعه اعرف ان الانسان حر الاراده وانه اختار طريق الهلاك بنفسه دون ضغط من احد لكن يبقى السؤال قائم لماذا خلقه الرب اليس لو تركه عدم ارحم من النار الابديه ؟

    ردحذف
    الردود
    1. هذا السؤال موجه إلى علم الله، بعد أن خرجنا من فكرة عدالة الله، الذي لا يسأل أسئلة عن عالم الالوهية، هذا دليل على احترام الذات الإلهية ومعرفة حجم النفس، لأن الله نعم خلقنا ولكنه لم يضيعنا ولم يظلمنا، أرسل انبياؤه لنا، وعرّفنا طريق الحق وطريق الشر بالفطرة وأيدها بالرسالات، اذن الله ليس ظالما، بقية الأسئلة الألوهية هي لا تعنينا، لذلك الله لم يجب عنها لأنها تتعلق بعلم الله، وهل يُعقل ان نعرف كل علم الله؟ وهل نحن نحتاج لذلك؟ وهل يسمح الله بذلك؟ نحن نحتاج أن نرضي الله فقط، لا نريد ان نكون آلهة مثله، عقولنا لا تستطيع ان تستوعب اللامتناهي، والله خلقنا وخلق لنا عقولا مناسبة لنا، ولكنها ليست مناسبة لمعرفة كل شيء واستيعاب كل شيء، عقولنا تعمل في المحدود، والله غير محدود. الا يكفي دليلا على أن عقولنا محددة بمجالات وممنوع عنها مجالات، أننا لا نستطيع ان نعرف ما هي الروح او الوعي كما يسميه العلميون؟ إن وعيك هو انت، أي أنك لا تستطيع ان تعرف من أنت؟ فكيف ستعرف من هو (الله) وتحيط بعلمه وانت لم تعلم من انت؟
      اذن لماذا الله خلق كل هذه المجرات؟ الا تكفيه مجرة واحدة؟ لماذا خلق الله كل هذه الأنواع؟ الا تكفينا بعض الانواع؟ لماذا يخلق الله كل هذه الحشرات؟ ... وهكذا سوف تستمر هذه الأسئلة وبلا جواب، لأنها تعدّي على عالم الالوهية، ونحن في عالم العبودية، ما يعنينا هو عدل الله، وليس لماذا خلق الله ولماذا لم يفعل، الله لا يُسأَل عما يفعل، بينما هم يُسأَلون، هل الله ظلمنا بخلقنا ام لا؟ هكذا يجب ان يكون السؤال وليس لماذا خلقنا الله..
      ما دمنا في عالم العبودية فلنطرح أسئلة العبودية فقط، التي تتعلق بالعبودية، مع علمنا ان الله حكيم ولا يعبث ولا يظلم، ولكن لا يمكن أن نحيط بعلم الله ولا يمكن ان نستطيع أصلا، ولا لهذا علاقة بما خُلقنا لأجله أصلا. هذا العقل هبة من الله لنا، لكي نستطيع ان نعرف به الله وما يريده الله، لكن ليس لكي نعتدي على عالم الالوهية ونعمل عقلنا في غير مجاله، وهذا من تواضع المؤمن امام الله، الا يتدخل بشؤون الله مع انه مؤمن ان الله عادل ورحيم وحكيم، هكذا يتكون الحاجز بين عالم الالوهية وعالم العبودية، وعلى العبد ان يحترم هذا الحاجز، وهو من باب الادب ومعرفة حجم النفس.
      لاحظ قصة الخضر مع موسى عليهما السلام في القرآن، ظواهر الاعمال التي قام بها الخضر أخطاء بل جرائم، لكن في حقيقتها تبين انها كلها اعمال خيّرة، وهكذا فوق كل ذي علم عليم، قصة الخضر مع موسى كانت درسا لمثل هذا السؤال. الله اعطى الخضر علما لم يعطه لموسى ولا لغيره، قال تعالى (وما أوتيتم من العلم الا قليلا)، أي ان العلم الذي عندنا ليس منّا، وهو قليل أيضا، هذا العلم من الله. وكل علمنا مبني على ظواهر الأشياء فقط، ولا نعرف ماهية أي شيء، هل تتخيل هذا الشيء؟ دعك من النظريات والافتراضات، أتكلم عن العلم الحقيقي، انه علم مرتبط بظواهر الأشياء ليس الا. أي أُذِن لنا ان نعرفها. نحن نعرف ان الحديد يلتصق بالمغناطيس، ولكن لا نعرف لماذا .. ونستثمر هذه الظاهرة احسن استثمار، ونصنع المولدات الكهربائية من المغناطيس الذي لا نعرف ماهيته، لا هو ولا الكهرباء. نحن نعرف الكهرباء ونستثمرها ولكن لا نعلم ما هي، وهكذا كل علم حقيقي ومحترم هو علم ظواهر في طبيعته وليس علم ماهيات وحقائق، يوهمك من يقول لك ان العلم قادر على معرفة كل شيء، بينما هو لا يستطيع ان يعرف ولا حتى ذاته. وشكرا على رجوعك للحق والتزامك بالموضوعية.
      وكلامك عن الأديان وخلوها من التعصب، انا اتفق معك ان اصل الأديان كلها من الله، ولكن التلويث والتشويه البشري يلاحقها، فبعضها يصيبها في الصميم، وبعضها يسلم صميمها ولكن لا تسلم أطرافه. وهذا ما حصل للإسلام، فصميمه القرآن محفوظ من الله وليس منا نحن، اما التوراة والانجيل فلم يتكفل الله بحفظها، هذا غير انهما ليسا خطابا مباشرا من الله، بل روايات من احبار وتلاميذ، فيها ما سلم وفيها ما لم يسلم، وهذا في الصميم مع الأسف، فالعاقل هو من يبحث عما سلم من التلويث البشري.
      وفي الأخير: جواب هذا السؤال هو الإيمان، وان الله عادل ورحيم وانه ما اوتينا من العلم الا قليلا، هناك أسئلة يجيب عنها العقل وهناك أسئلة يجيب عنها الايمان وحده، وهذا السؤال منها، وهنا الاختبار، وإلا كيف نكون مؤمنين؟

      حذف