الثلاثاء، 26 يونيو 2018

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 29



(الدقيقة : 13 الثانية : 15) يواصل الدكتور حديثه عن جينات هوكس، ويذكر أن الدكتور ادوارد لويس الحاصل على نوبل لتجاربه على ذبابة الفاكهة، قدم اقتراحا بأن يتم عزل الجين واختباره للتحقق من فرضية معينة، وهي أن جين معين في الكائن مسؤول عن مجموعة من الأعضاء، وهذا لم يكن بالإمكان في زمنه، اذ استنتج لويس من تجاربه أن هناك مجموعة من الجينات، كل جين مسؤول عن منطقة معينة من جسم الذبابة، فجين مختص بالصدر، وجين مختص بالبطن وهكذا.

وبعد مدة زمنية استطاع عالمان امريكيان النجاح في عزل جين مفرد من ذبابة الفاكهة، وهذا الجين المعزول هو جين ساق الاستشعار، وهو المسؤول عن نمو الأرجل في الذبابة، بحيث لو تمت تنحيته لن تنمو للذبابة أرجل، واذا تم العبث به فقد تنموان في غير مكانهما، فبدل أن تنمو في الصدر، نمت هذه الأرجل، وهذا ما حصل، في الرأس.

وأجرى العالم السويسري جيرينغ، تجربة على المرض الذي تصاب به الذبابة وهو الـ Eyeless ، فأخذ جينا سليما لعين الفأر، وزرعه في ذبابة من سلالة مصابة بهذا المرض، والذي حصل أن نسل الذبابة أصبح خاليا من هذا المرض.

الرد : هذا يدل على ان الكائنات الحية ليست آلات كما يتخيل الماديون، ومثلما توقعوا أن العقل هو في المخ وأنه هو الذي ينتج الأفكار والمشاعر، بينما المخ عبارة عن موصل، ليس مجرد غرف و كل غرفة مسؤولة عن شيء كما يتخيلون. العلم أثبت خطأ هذه النظرية، لأنه وُجد أن خلايا البصر عند الأعمى تتحول لخدمة السمع. إذن ليس المخ هو من ينظم نفسه، هناك من ينظّم المخ. وكذلك موضوع اختلاف تغذية الحيوانات وبعضها أكله قليل والبعض كثير، وتخصص بعضها بنوع والبعض الآخر بنوع آخر، كل هذا يدل على وجود إله مسخّر وليس بطريقة آلية كما يحبون أن تكون.

كذلك موضوع الجين، إذ يؤخذ الجين من الفأر ثم يعمل على حشرة، إذن هو عبارة عن موصّل، وليس سببا، و كل هذه الإشكالات سببها إقحام العلم التفكيكي التركيبي في مجال ليس له، وهو الحياة، لأن الحياة ببساطة لا نعرف أي شيء عنها، فكيف نعرف تاريخها وتفاصيلها ونحن لا نعرف ما هي؟

كلما ظنوا أن شيئا ما هو السر وجدوا خلفه سرا آخر، كيف وصلت الرسالة من الجين وهو جين مأخوذ من فأر وليس من ذبابة؟ الحقيقة أن هذا الجين أُخضع لكي يخدم هذه الذبابة، مثلما أُخضعت خلايا البصر في مخ الأعمى لخدمة السمع. مع أنها كان يقال أنها متخصصة بالبصر. ما هي هذه القدرات التي تغيّر من تخصصات الخلايا والجينات؟ نحن نقول أن الشعور هو الذي يتحكم، فالشعور له مستويان : داخلي وخارجي، لهذا صاحب اليد المشلولة مثلا، شعوره يقوّي اليد الأخرى بشكل غير عادي، أقوى من يد من يمارس الرياضة يوميا، بينما المشلول قد لا يمارس الرياضة وتكون أقوى. أو مشلول القدمين تجد يداه قويتين بشكل غير عادي. وهو من ضم خلايا البصر عند الأعمى إلى خلايا السمع، لهذا الأعمى يسمع بشكل حاد.

الشعور هو من يقوم بأعمال التعويض وغيرها، حتى صاحب الكلية الواحدة، تجدها أكبر وأقوى، فهل الممارسة والتمارين هي التي كبرتها؟ يا ترى من الذي يجري هذه التعويضات من وجهة نظرهم المادية؟ هل هي الجينات أيضا؟ هل الجينات تفكر وتحس بغيرها وتعلم أن هذا العضو مفقود ويجب تعويضه؟ الشعور مسؤول أيضا حتى عن الأمراض الباطنية وليس الوراثة والجينات. الشعور هو مدير الإنسان داخليا وصانع العقل خارجيا. عندما تسمع خبرا مخيفا تجد قلبك ينبض بسرعة، من أصدر الأمر للقلب؟ هم يقولون المخ، ونحن نقول الشعور. بل إن المخ في وقت الخوف لا يعمل بل يتوتر. كلما تعطل العقل عملَ الشعور، والشعور أعجمي لا يعرف الواقع، العقل هو من يعرف الواقع من خلال الحواس. لو أن شخصا احترقت شقته وأراد أن يهرب ولم يجد مخرجا، فربما رمى نفسه من الشباك إلى الشارع، هذا تصرف شعور وليس تصرف عقل، لان العقل أقفل عليه الطريق.   

أما بالنسبة للحشرة التي أصبحت أقدامها في مكان قرون الاستشعار لأن جين تموضُع الأقدام نُزع منها، السؤال المطروح هنا هو: من وضعها مكان الرأس؟ وماذا عن قرون الاستشعار؟ هل اختفين أم لا؟ إذا قيل أنه جين آخر، فكيف يتدخل جين في تخصص غير تخصصه؟ هذا يشكك في كل علم الوراثة و زعم أن الجينات بحد ذاتها هي المسؤولة، هذا إن صحّت التجربة أصلا، لأنه من الممكن إحضار حشرة معاقة ويقال أن هذه هي نتيجة التجربة.

إذن التطوريون والماديون لا يعرفون هل الجينات متخصصة وأن كل جين مختص بصفة معينة، أم أن هناك جينا واحدا مسؤولٌ عن الصدر أو الرأس بكامله وجين آخر مسؤولٌ عن جزء كامل من الجسم وهكذا؟ لماذا لا تُجرى مثل هذه التجارب على حيوان أكبر ما دام أن العمل هو مجرد نزع جين محدد وتخرج الأرجل في الرأس؟ المسألة لا تحتاج لأجيال. لماذا الأبحاث تتجه للظلام؟ لماذا لا تُجرى التجارب على حيوانات كبيرة؟ السبب لأن المراقبة ستكون أشد. أليس في الحيوانات جينات مثل ما في الحشرات والبكتريا جينات؟ لماذا يختارون الأشياء الصغيرة والنادرة لإجراء التجارب عليها؟ هذا إن كانوا يستطيعون مشاهدة الجينات نفسها بالمجهر، فما بالك بعزلهاّ هذه التجارب كأن المراد منها إثبات إمكانية عزل الجين وتحديده، فاضطروا أن يزرعوها في الذبابة ليثبتوا أنهم نقلوا الجين. مثل هذه التجارب مثل الأحافير، قابلة للتزوير، نريد تجارب غير قابلة للتزوير. لماذا النظريات العلمية الآن تتجه لغير المُشاهد وغير المنظور كجسيم هيجز-بوزون والجينات والذرات والنيوترونات؟ ثم تُجرى تجارب ويستنتج منها نتائج علمية كبرى، ولا أحد رأى ولا شاهد شيئا! هذه طريقة تخفّي، لم يكن العلم هكذا.

(الدقيقة : 15 الثانية : 30) يتحدث الدكتور عن مثال خطر له أن يذكره، يتعلق بالمايوجلوبين، وهو البروتين الذي يخزن الاكسجين في العضلات لكي يمكنها من الحركة، وهو يتكون من 150 حمضاً أمينياً. لكن توجد هناك اختلافات في عدد هذه الأحماض بيننا كبشر وبين بعض الحيوانات كالفئران مثلا، وهذه الإختلافات كبيرة بسبب البعد التطوري بين البشر والفئران، لكن الفارق بين البشر والأورانغ اوتان يكون في بضعة أحماض أمينية، بينما الفارق بين البشر والشمبانزي هو حمض أميني واحد فقط. لماذا؟ لأن الشمبانزي هو الأقرب إلى البشر في سلّم التطور. 

الرد : ليس لأنه الأقرب إلينا تطورياً ولا وراثيا، بل لأنه الأقرب إلينا شكلا وحركة. أجنحة الحشرات تشبه أجنحة الطيور، فهل يعني هذا أنهم الأقرب إليهم؟ الوظيفة هي التي تصنع التقارب وليس التطور ولا الوراثة. الحوت له زعانف وذيل مثل الأسماك، تبعا لهذا المنطق يجب أن يكون هو الأقرب للسمك، لكن التطوريين لا يريدون الحوت أن يكون كالسمك، مع أنه يشبهها إلى نسبة 90%، إذن هم يقدمون مقدمات لا يطبقونها على الجميع تقوم بها نظرية التطور، وعلى حسب مزاج النظرية يُحكم بالتقارب وعدم التقارب، نجد إستماتةً في إثبات تقارب القرد والإنسان من جهة، وإستماتةً أخرى في إثبات عدم تقارب الحوت مع الأسماك من جهة أخرى! هذا مثير للضحك العلمي، مع أن تقارب السمك مع الحوت أوضح من تقارب القرد للإنسان، لا شكلا ولا مضمونا. مثل نكتة حيوان يطير لكنه ليس من الطيور، وحيوان لا يطير ويصنف من الطيور، كالخفاش والنعامة.

(الدقيقة : 19 الثانية : 30) يتحدث الدكتور عن مجموعة الصبغيات أو الكروموسومات في الرئيسات، فالمعروف أن الغوريلا والأورانغ أوتان والشمبانزي والبونوبو لديها 48 كروموسوم، أي 24 زوجا من الكروموسومات، ومن المفترض أن الإنسان وهو رأس هذه الرئيسات أن يتطابق عدد كروموسوماته معها بالعدد نفسه، لكنه ليس لديه إلا 23 زوجا، أي 46 كروموسوما، وهذه ضربة على التطور، لكن التطوريون ردّوا الضربة وقالوا أنهم سيطلقون تنبؤً يثبت أن الإنسان منحدر مع بقية الرئيسات من أصول مشتركة، وهذا التنبؤ يقول أن هذان الزوجان الكروموسوميان لا بد أن يكونا ملتحمين ومندمجين في كروموسومين آخرين. من المعروف أن الكروموسوم يحتوي على مِشطَر (سنترومير) في المنتصف وطرفين يسمى كل واحد منهما (تيلومير). ولو أن كروموسومان إلتحما ببعضهما سنجد أنه يوجد طرفين (تيلمومير) مع تيلومير مُضَاعف في المنتصف (مدبّل)، و مشطرين (سنتروميرين) كما في الصورة البيانية:






وبفضل المجاهر الإليكترونية الدقيقة المرقمنة وجدوا هذا الكروموسوم وهو الكروموسوم رقم 2، ويقول التطوريون أن هناك طفرة معينة حدثت في الماضي الغابر جعلت كروموسومين يلتحمان ببعضهما، يعني في الأخير الإنسان من هذه الرئيسات وهي منه، لديها 48 و لديه 48 وليس 46.

الرد : لو اتفقت أعداد الكروموسومات لقيل هذا دليل، وعندما اختلفت لجئوا إلى الطفرة! الآن عندنا اختلاف في عدد الكروموسومات بين الإنسان والقرد، والإنسان أقل، فقالوا أن كروموسومين التحما بفعل طفرة! هذا إن صح، نحن أمام حقيقة وهي أنهما مختلفان. إذن كيف يُردّ على التطوريين؟ كلما تقدّم لهم اختلافات يقولوا لك هذه طفرة! ولو كانا غير ملتحمين، لكانت فرصة لهم، ولما التحما قالوا طفرة لكنهم نفس العدد! حسنا : الاختلافات في الكروموسومات في الأنواع الأخرى : هل بحثوا عنها؟ ماذا سيقولون؟ إنها نظرية مرقّعة مليئة بالرقع. فقط لأنها تريد أن تفترض شيئا غير موجود وتبحث عن أدلة له، مشوارها صعب وطريقها عسر، والعلم ضدها، فقط ننتظر العلم، فلطالما كشف أوهام التطوريين في السابق وسيكشفها لاحقا، لكن هم لا يهمهم إلا الإعلام. مثل ما قالوا عن الزائدة الدودية أنها لها فوائد أثبتها العلم الحديث، مع أنهم كانوا يقولون أن ليس لها فائدة، وأنها قادمة من بقايا المصران الاعور عند الحيوان، فلما اثبت العلم لها فائدتان على الاقل، قالوا صحيح لكنها فوائد تافهة وهامشية! ماذا يفعل العلم مع هؤلاء المريدين أصحاب الأهواء؟ قالوا قبل ذلك أن أول من خرج إلى اليابسة من البحر هو سمك الكولاكنث، وقد وجدوا احفورتها وانها انقرضت من 70 مليون سنة، وإذا بها حية تعيش أمامهم وليس فيها رئة التي توقعوها، ولم يهمهم الأمر، إنه أمر عادي.. لأنهم اعتادوا على هذه الاساليب، لا يهمهم أن ينكشفوا في موضع أو موضعين أو ثلاثة. أليست هذه تنبؤات فاشلة؟ لم لم يقلها الدكتور؟ ها هي نظرية التطور تنبأت أن أصل الأحياء على الأرض كله من هذه الكولاكنث، إذن هي قضية مهمة ومركزية في النظرية، وسقطت بلمح البصر، دون أن يتأثروا أو يعلقوا حتى على هذا الأصل الذي سقط، وربما لم يتراجع ولا واحد منهم، وصاروا يفتخرون ويسمونها "الأحفورة الحية"! ماذا تفعل مع أناس يحبون الخيال أكثر من الواقع؟ ها هي تعيش أمامهم ويسمونها أحفورة حية!! هم مثل من يكذب الكذبة ويصدّقها ويدافع عنها حتى بعد افتضاحها! كيف تسميها أحفورة وهي موجودة في الأصل في أعماق البحار وتتناسل ولم يتغير شكلها عن شكل الأحفورة أبدا؟ السؤال لماذا يصرون على تسميتها بالأحفورة الحية؟ طبعا حتى لا يظهر الدارويني في صورة الذي يتنبأ التنبؤات الخاطئة، وليته تنبؤ هامشي، بل هو أساسي في النظرية. إنهم يسيرون على مبدأ (عنز لو طارت)، فهي أحفورة حتى لو كان يأتي بها الصيادين العاديينّ إذا قلت أحفورة فكأنها انقرضت ثم وجدت من جديد. الحقيقة أنها لا تعلم ما الذي يدور حولها وما ينسج حولها من خيالات، فهي تعيش كما يعيش غيرها ولم تنقرض ولا يحزنون، إنها انقرضت في أذهانهم، ثم عادت في أذهانهم على شكل أحفورة حية! كأنها انقرضت وهي موجودة وعادت إلى الحياة وهي لم تخرج منها! ويا غافلين لكم الله! ماذا تقول عن إنسان يسمي نوعا من الأنواع الحية الموجودة منذ الأزل بأنها أحفورة حية؟ أقل ما يقال فيه أنه كذاب. هل مثل هذا الكلام يصدر من علماء حقيقيين يحترمون أنفسهم وكلمتهم؟ لقد أسهبتُ في هذه الناحية لكي أبين سيطرة الخيال وحبهم لهذه النظرية على الحقائق وعلى العلم. كان الأجدى بهم أن يعترفوا بأنهم كانوا على وهم طول هذه السنين.  

ولا تحسب أن كل الذين يؤيدونها أيّدوها عن اقتناع، بل بعضهم يؤيدها لكي يأكل عيش، وبعضهم لم يفكر أصلا في نقدها، وبعضهم بمجرد الثقة، لكن من الذي فهمها واقتنع بها بدون هوى؟

(الدقيقة : 23 الثانية : 50) يذكر الدكتور أنه سيفتح ملف تطور الإنسان، ويذكر أنه ملف مقلق ومزعج للكثير، خصوصا المتدينين الذين يعتقدون أنهم خليقة الله و هم الذين سخّر لهم كل شيء. ويعود الدكتور لتوضيح أصل الاشتباه والإلتباس والإرباك في هذا الملف، وذلك بسبب أنه متداخل، وليس فقط لأنه معقد في ذاته، بل بسبب أن علماء التطور أنفسهم، وعلماء الإحاثة والأنثربولوجيا لا يزالون يختلفون في توصيف الحفريات الخاصة بأشباه الإنسان الأول و في تصنيفها، فيقول أحدهم أن هذه الأحفورة قردية أكثر منها إنسانية، ويعترض آخر ويقول لا هي إنسانية أكثر منها قردية، وهكذا. تجد من يصنف أحفورة بأنها القرد الجنوبي الصانع، بينما آخرون يصنفونها بأنها الإنسان الصانع.     

الرد : لماذا يريد أن يفتح الدكتور ملف تطور الإنسان ويترك ملف تطور النباتات والحشرات وهي الأكثر من الإنسان وهي الأساس؟ هذا السؤال لا يجيب عليه إلا هو. أليس الإنسان هو الأعلى تطورا؟ أم أن قضية النباتات والحشرات قضية هامشية والمهم هو الإنسان؟ هذا المسلك يسلكه كل التطوريين، حتى داروين نفسه لم يتكلم عن الإنسان وتوقف بدافع الحذر والخوف، وإلا فالهدف كان الإنسان. فقط اربط الإنسان بالشمبانزي تكون قد فهمت كل النظرية حول الأحياء كلها. قل أن أصلك حيوان وتصبح داروينيا كاملا بلا عيوب.

إذا كان علماء الأنثروبولوجيا والإحاثة والتطور مختلفين في تصنيف هذه الأحافير وهل هي لإنسان أم لقرد، فكيف نأخذ منهم تفاصيل أكثر و هم مختلفين في النوع و هل هو قرد أم إنسان؟ هؤلاء علماء مشرفين على العظام نفسها، أين علم الجينات المزعوم لكي يحسم القضية؟ هذا إن لم تكن مزورة أصلا، لأن كل الأحافير ليست أدلة علمية، لأنها قابلة للتزوير وثبت التزوير باعتراف المزوّرين، والآن توجد مصانع للأحافير وتباع بأموال طائلة، بشهادة علماء التطور أنفسهم.

(الدقيقة : 30 الثانية : 30) تحدث الدكتور في كلام مطول عن تحديد الفروق بين الحفريات البشرية والحفريات القردية من خلال المصطلحات، تسهيلا للمتابعين. ثم ذكر الدكتور أنه لما نشر داروين كتابه عن أصل الأنواع لم يتطرق إلى موضوع تطور الإنسان بأزيد من سطر واحد. حيث قال : سيلقى ضوء على أصل الإنسان وتاريخه. وفي كتابه الثاني (تحدّر الإنسان) اقتصر كلامه عن تطور الإنسان في مجلد واحد من كتابه المكون من ثلاث مجلدات. ويذكر الدكتور أن السجل الأحفوري لم يحظ بشيء فيما يتعلق بحفريات الإنسان القديم بإستثناء غطاء جمجمتين لإنسان نياندرتال، وقد تم اكتشافه قبل نشر أصل الأنواع بثلاث سنوات. وعلى هذا لم يكن أمام داروين ما يتحرك به ويستند إليه في هذا الموضوع.

الرد : كيف عرف مكتشفي غطاء جمجمة النياندرتال عمرها قبل تطور أجهزة تحديد العمر؟ مع أنها اكتشفت قبل كتاب داروين بثلاث سنين؟ كذلك اكتشفت اول الديناصورات قبل صدور كتابه بسنوات. هل هذه صدف؟

(الدقيقة : 32 الثانية : 50) يعيد الدكتور مرة أخرى الحديث حول مدى إزعاج وإقلاق ملف تطور الإنسان عند التطوريين المتخصصين، وذلك بسبب حيرتهم في توصيف وتصنيف عينات لحفريات موجودة بين أيديهم، منذ أيام داروين وهكسلي حتى تاريخ هذه السلسلة 2015. 

الرد : لماذا ينزعجون ويحتارون و لديهم أجهزة قياس عمر تحدد لهم السنة بالضبط؟ إلا إن كان في هذه الأجهزة شك، أو أنها تخمينات ملبّسة بلباس العلم؟ وهذا هو الأقرب، لأن التخمينات تنتج اختلافات، لو كانت هناك أجهزة علمية دقيقة تخبرنا عن هذه الأحفورة بالضبط وبالتفصيل لما كان هناك اختلافات وأخذ و رد .. كل هذا الكم الهائل يلفّه الغموض والشك والتجارة والأيديولوجيا، إدخال الأيديولوجيا في العلم يدمر العلم.

(الدقيقة : 38 الثانية : 25) يبدأ الدكتور حديثه عن الأنواع البشرية حسب نظرية التطور، وبدأ بالهومو سابيانس (الإنسان العاقل) الذي هو نحن، ولا يوجد الآن إلا هذا النوع، لكن ما اكتشفه التطوريون مثل العالم ليكي وزوجته من إكتشافات صادمة في الخمسينيات، تقول أن الإنسان العاقل (نحن) قد عاش مع عدة أنواع بشرية أخرى في الماضي، لكنه الآن ينفرد بإستعمار الكوكب ولا يوجد أحد غيره.

الرد : أين ذهب هؤلاء؟ كيف انقرضوا و هم بشر وأشباه بشر، بينما لم تنقرض لا قرود ولا جرذان ولا حشرات؟ بأي عقل نستطيع تصديق هذه الخرافات؟ أترى ضربهم كوكب أو نيزك أو عصر جليدي مفاجئ وأقرضهم كما قرض أسلافهم الديناصورات؟ وكيف قضى الهوموسابينس على بقية البشريين؟ أليس المتطور أقل عددا من الأصل؟ فكيف يقضي القليل على الكثير؟ خصوصا أن تطوره قليل ومحدود، ولماذا كل هذا التحدي؟ لماذا لم يستفيدوا منهم إن كانوا مثل الحيوانات أو يعايشوهم إن كانوا بشرا؟ ألا يستطيع النياندرتال أن يهاجروا أو يقاوموا أو يتخفوا كما تفعل الحيات والعقارب مثلا؟ أليست أرض الله واسعة؟ هل الذئاب والنمور أذكى من النياندرتال الذين تعرضوا لإبادة جماعية؟ أطفالهم ونساؤهم ورجالهم وشيوخهم؟ لماذا؟ لأن الهوموسابينيس أكثر ذكاء!؟ هل كل ذكي يريد أن يقضي على كل غبي؟ وهل المعركة تعتمد على الذكاء أم على الشجاعة والكثرة؟ كيف قتلوهم وكيف أصبحوا أذكى منهم؟ هل صعقوهم بكهرباء او بقنبلة ذرية أم ماذا؟ اذا كان النياندرتال يصنعون القدور ويطبخون، ألا يستطيعون ان يصنعوا لهم رمحاً؟ وإذا كان لديهم رماح كيف استطاعوا القضاء عليهم بهذه السهولة؟ ولماذا هذا التسلط عليهم دون بقية الأحياء؟ ماذا فعلوا المساكين حتى يقضوا على هذه الشعوب الكثيرة لأنها هي الأصل والأصل أكثر من الفرع؟ كلام كله يضرب بالعقل عرض الحائط ويمشي!

هل رأينا شعب قضى على شعب بالكامل ولم يبق منهم ولا نسمة؟ وأين هو تناسل النياندرتال أثناء الحروب والتعويض عن القتلى؟ أم أن التناسل فقط من نصيب الهوموسابينس لأنهم أذكى؟ نريد أن نعرف كيف قضوا عليهم ولماذا؟ أين تنبؤاتهم التي عوّدونا على جودتها؟ نريد أن نعرف تفاصيل عن هذه المعارك المثيرة والتي قضت على كل نسمة من النياندرتال ولم يبق منهم أي أحد بشكل مقنع.. ولم كل هذا العداء؟ أليس النياندرتال كانوا يعيشون في الكهوف؟ كيف يصلون إليهم؟ والهوموسابينس ألم يكن مشغولا بكتابة العلوم والشرائع وصنع الأدوات؟ أليسوا كانوا يعيشون على شكل قبائل؟ لم يكن لهم قائد عام واحد حتى يعلنوا حرب الإبادة! وعند الناس ما يشغلهم عن مطاردة النياندرتال في كهوف نائية! ذكاؤهم يشغلهم في فهم الطبيعة وتطوير الزراعة والمباني والنهضة والنظم القضائية، الهوموسابينس كانوا يعيشون في قراهم، فهل يتركون أعمالهم وقراهم ويذهبون في أسفار طويلة لإصطياد النياندرتال اللعين؟ كل هذا المجهود لماذا؟ من يدير أعمالهم ومزارعهم؟ خصوصا أن النياندرتال يعيشون حياة البادية في البراري، ومن الصعب تجميعهم، ناهيك عن كثرتهم وتنقلهم . مثل هذه الحروب تقتضي السفر وعبور البحار لأجل إبادة شعب منتشر في عدة قارات، ومن طبيعته أنه مسالم، والنياندرتال صياد، والصياد يجيد الإختفاء وطبيعته حذر وسريع الحركة ويحمل السلاح، فهل يستطيع العقل ان يصدق كل هذا؟ النياندرتال لم يضر الهوموسابينس أو يشاركوه في مواردهم. هم يعيشون على الصيد والجمع والالتقاط في البراري، فما هو الدافع الحار للقضاء عليهم عن بكرة أبيهم؟ سيناريو مضحك.

يا ترى هل كانوا يأكلون لحوم النياندرتال؟ يتركون الأرانب والغزلان ويذهبون لصيد بشر ليأكلوهم؟ أسئلة كثيرة لا جواب لها. فهل نضبت قريحتهم في الإبداع الخيالي؟ إعملوا لنا سيناريوهات كالعادة..

هذا الكلام ليس تشكيكا في انقراض النياندرتال فقط، بل في فكرة الانقراض من أساسها. لا يوجد منطق أن ينقرض نوع بالكامل رغم قدرة كل نوع على التكيف والتناسل والإنتشار والهروب، هل استطاعت البشرية اليوم ان تقضي على نوع واحد؟ هل قضوا على آفات زراعية أو بعوضة الملاريا أو الذباب حتى نصدق بفكرة الإنقراض؟ رغم الإنفاقات الهائلة للقضاء على الجرذان والبعوض والذباب والفئران والحيات والعقارب والنمور والنباتات والاعشاب الضارة الخ .. ببساطة لا يمكن أن يكون الإنقراض حقيقي وموجود، لأن التناسل موجود، والتكيف موجود، والهرب موجود، والهجرة موجودة. أرونا الإنقراض عمليا. لا يوجد. كلها إذن خيالات في خيالات، نحن نناقش خيالات عن الواقع وليس الواقع. لدرجة أن الإنسان أصبح يشك في قدرة أي إنسان آخر على فهم الواقع إلا ما ندر. كلٌ له أيديولوجيا وخيالات مرتبطة بها، ويهرف وراءها، وينزل للواقع لحظات ليقتنص دليلا لها ثم يطير مرة أخرى تاركا الأدلة المضادة لهواه. ويجمّع هذه الأشياء التي التقطها بسرعة من الواقع ويقدمها كباقة متكاملة ويقول أنا فهمت الواقع!     

النياندرتال على كل حال أقوى من الحيات والسباع، وفرق الذكاء هائل بينهم، وعداوتها لهم معروفة، كان الأجدى أن تنقرض هذه الحشرات والكائنات الضارة للإنسان من باب أولى، إذ أنهم قضوا على النياندرتال مع أنه لا يقذف سما ولا يملك مخالب ولا يفترس أبنائهم، هو يعيش على الأغصان لأنهم وجدوا أسنانه متكسرة عليها، ويقولون أنه كان يجيد الطبخ ويستخدم النار! هل بعد أن تأثرت أسنانه أصبح يطبخ العيدان؟ كل هذا الزبد أفكار تافهة حقيقةً ولا تحترم العقل. الإنسان لا قديما ولا حديثا استطاع أن يقرض أي نوع، ما بالك بمن هم مثله تقريبا؟ لم يستطع أن يقرض الذباب ولا العقارب، فكيف يقرض إنسانا شريكا له في الحياة ويستخدم الأدوات؟ طبعا هو مأزق وليس له مخرج إلا سيناريو، لأن المنطق يقول : أين هي بقايا الإنسان القديم والنياندرتال؟ لا يوجد إلا فقط البشر. مع محاولاتهم بيان فروق بين البشر لكي يُشبعوا عنصريتهم، لكن الواقع والعلم في كل مرة يصفعهم على وجوههم ويقول لهم أن البشر متساوون، وأولهم داروين العنصري ولويس أغاسي الذي اكتشف أحفورة الكولاكنث والذي كان يؤمن بأن الزنوج مخلوقات مختلفة عن بقية الكائنات البشرية، كأنه يريد أن يقول أنهم قرود ولكنه استحى، وهذا عالم كبير مع الأسف الشديد، أما عنصرية داروين فقد أثبتناها في الحلقات السابقة، هذا الإنسان النبيل العظيم لكنه عنصري! متواضع وعنصري بنفس الوقت! كيف يجتمعان لا أدري. وحسب ما ورد عن سيرة هذا الإنسان النبيل المرهف الحس أنه كان يأكل كل ما تقع عينه عليه من كائن، ليذوق طعم لحمه. وكان عضوا في جمعية تذوق اللحوم الغريبة.   

أليس الأجدى أن يقضوا على الحيات والعقارب والنمور والأسود عدوهم التقليدي؟ مع أن الإنسان يقتل هذه الأنواع منذ القدم لكنها لم تنقرض! أين هي ملايين السنين لتنتج إنقراض بسبب تحدي الإنسان لهذه الأنواع وهو الإنسان الذكي العاقل؟ حدث العاقل بما لا يُعقل فإن صدقك فلا عقل له. هذه كل الحكاية.

هل هذه حياة أم فيلم من أفلام هوليوود؟ النياندرتال يقال أنهم كانوا يعيشون ويطبخون طعامهم بالنار وانقرضوا قبل 40 ألف سنة، لاحظ أن هذا الوقت هو الذي تنقطع فيه أي إشارة عن الإنسان، لأن رسومات الكهوف في فرنسا واسبانيا هي من أقدم الآثار، إذ تصل إلى 30 ألف سنة، فوضع صاحب السيناريو النياندرتال في هذه المنطقة الفارغة، والكتابة عمرها عشرة آلاف سنة بموجب الآثار. هذه أساليب تعمية، ولاحظ التوقيت.

(الدقيقة : 41) يتحدث الدكتور عن رتبة الإنسان العاقل (نحن) وهي الرئيسات، وهي المتفرعة من طائفة الثدييات، وهي المتفرعة من شعبة الحبليات. تضم رتبة الرئيسات 180 نوعاً من القردة الدنيا، وتنقسم القردة إلى قردة دنيا وقردة عليا، القردة الدنيا مثل الليمور والسعادين، وهي التي لها ذيول، أما القردة العليا فهي التي بدون ذيول، وهي الغوريلا والأورانغ أوتان والشمبانزي والبونوبو، ويرتب الدكتور القردة العليا تطوريا كالتالي : أورانغ أوتان، غوريلا، بونوبو، شمبانزي، إنسان. ويرتب الدكتور بشكل عام الرئيسات إلى : قردة دنيا، قردة عليا، إنسان.

الرد : كيف هذا التصنيف إلى رئيسات دنيا ورئيسات عليا وأعلاها الإنسان؟ ثم ينتقد التطوريون الأديان لأنها ترفع شأن الإنسان وتجعل الكون مسخر له؟ بينما هم يجعلون الإنسان في أعلى رتبة التطور؟ تطوّر في ماذا؟ إنها تخصصات، وكلّ مخلوق له ميزاته، فمنها من يستطيع أن يطير ومنها ما يستطيع السباحة الخ، فعلى أي أساس أصبح الإنسان أعلى رتبة؟ هل هو بالنسبة للعقل؟ الإنسان وحده هو من يملك هذا العقل ولا ينافسه فيه أي احد من المخلوقات. أما بالجسم فجسمه أضعف من الكل وأقله مميزات. إذن التطور نظرية متحيزة للإنسان ليس إلا، وإلا فالأصل أن كل نوع متميز ومتفوق في مجاله، فالإنسان لا يملك سرعة الحركة مثل بعض الحشرات، ولا يملك قدرة الطيران كالخفاش، ولا الجري كالثعلب، الخ .. فعلى أي أساس وُضع بهذه الرتبة وعلى أي أساس وُضعت القرود في مراتب الثاني والثالث؟ ينتقدون الأديان أنها كرمت الإنسان، بينما هم يجعلونه في المركز الأول بالنسبة لجميع الأحياء! وأي فائز على الجميع يستحق التكريم.

والسؤال للتطوريين : أكملوا الترتيب بالعكس نزولاً، لماذا لا يكملونه حتى نصل إلى الصفر؟ أي أنواع البكتريا هي الأضعف؟ طبعا لا يستطيعون أن يكملوا لأن هدفهم هو الإنسان وحرب الأديان فقط. إذن تصنيف الرئيسات هو تصنيف سخيف وغير علمي، أقلها لأنه لم يكمل الترتيب. هذا غير سؤال : على أي أساس أَخَذت القرود الترتيب الثاني والثالث في سلّم التطور؟ هل هي تشبه الإنسان في عقله وخياله وعاطفته؟ طبعا لا، إذن على أساس شبهها بجسمه، هيا صنّف جسم الإنسان تطوريا! ستجده هو الأضعف أي هو الصفر، إذن بالعكس تماماً، في قعر القائمة جسميا نجد الإنسان هو الأضعف، قال تعالى (وخلق الإنسان ضعيفا)، فجسمه أضعف الأجسام ولا يستطيع أن يعيش إلا في مسكن مكيّف ولا يأكل إلا مطبوخا ولا يستطيع أن يطير كالخفاش ولا يسبح كالسمكة وليس له سرعة حركة ولا يستطيع العدو، إذن هو أضعف المخلوقات، والقرد أخذ الرتبة التالية لأنه يشبه جسم الإنسان خارجيا في بعض الشبه وليس كله، إذن القرد مُغتصِب لمرتبة ليست له. بل حتى الإنسان وُضع من أدنى القائمة إلى أعلاها، أليس هذا خطأ تصنيفيا؟ أريد جوابا علميا.

كلمة قردة عليا تشير إلى ما هو أعلى منها، وهو الإنسان، مع أن الفرق كبير بين القرد والإنسان، فالقرد من القوارض، مثله مثل أية قوارض، ولا يمكن أن يكون ذا أصل مشترك مع الإنسان. أين علم الوراثة؟ هل أنساه علم الطفرات؟ ما دام جاءوا من أصل واحد فيجب وراثيا أن يتشبعوا بجينات ذلك الأصل ويكون ذلك الاختلاف بسيطا وليس اختلافا هائلا، وما دام أنهم يحاولون أن يثبتوا تشابها جينيا بين الإنسان والقرد، كان يجب أن يشبه القرد الإنسان من ناحية معنوية ولو قليلا، ما دام أن التشابه الجيني الكبير موجود. لكن قردهم هذا لا يعدو أن يكون حيوانا مثل غيره بكامل الحيوانية، فليس عنده أي شيء من إحساس الإنسان ولا تفكيره ولا أخلاقه ولا نطقه ولا كلامه، لو كان للقرود لغة لو بسيطة لجاز، إن صوته يشبه أصوات القوارض وسرعة حركته أيضا تشبه سرعة حركتها.

أليست هذه تأتي من الجينات والوراثة كما يقولون؟ أين بصيصها في القرد؟ لا يوجد، بل هو حيوان كامل الحيوانية، ولا يتميز بالقرب من الإنسان لا عاطفيا ولا ذكائيا، ولا حتى يستطيع أن يصنع بيتا له ولا يمكن ان يتعلم ولا يمكن تعليمه، بينما طيور وحيوانات أخرى فنانة في صنع البيوت بل وتزيينها حتى، كما تفعل طيور التعريشة. إذا قيل تقارب فيجب ان يكون هناك تقارب في كل شيء، مثل ما تخيلوا تقارب الإنسان مع النياندرتال، و هم يثبتون أن لديه إحساس وذكاء يشبه ذكاء الإنسان وإن كان أقل، هذا نموذج للتقارب سليم، لكنه للأسف غير موجود. مجرد فرضية لا وجود لها. أما أن يكون القرد مشابها للإنسان فهذا يقتضي الشبه في كل شيء حتى نقول أن أصلهم مشترك، هذا الشبه في كل شيء بين الإنسان والقرد غير موجود، لو أن القرد يقبل التعليم لو قليلا أو يملك حس رحمة مثلا أو ذكاء ويستخدم يديه في بناء أو عمل لجاز لهم، لكن القرد مغرق في الحيوانية وبعيد عن عالم الإنسان. فكيف تأتي بشيء وتقول أنه يشبه شيء آخر بنسبة 99% وهو لا يملك أي معنى من معاني ذلك الشيء؟

بل حتى في الشكل يوجد اختلاف هائل، ولم نأت لاختلاف العقل والنفس والخيال والعاطفة. هذا الكلام لا يدخل العقل وليس علميا، أن تجعل اختلاف الإنسان عن القرود مجرد طفرات، مع أن الطفرات معروف ماذا تنتج، إنها تنتج تشوهات، وهذا ما تثبته مستشفيات الولادة في العالم كله. ثم القرود المساكين أليس لديهم طفرات؟ يحتاج القرد لطفرات هائلة حتى يتحول إلى إنسان، وليس لطفرة واحدة، إذن هل جاءت الطفرات السعيدة الواحدة تلو الأخرى لنوع وتركت الفرع الآخر كما هو؟ هذا شيء لا يُعقل ولا يحتمله علم الاحتمالات القائم على الصدف، الصدف لا تحتمل هذا.

 (الدقيقة : 44 الثانية : 35) يتحدث الدكتور عن أهم مواصفات الرئيسات، مثل النظر الثنائي، ومحجر العين غائر لوقاية العين، الأصابع في اليدين والقدمين متحركة، مع ملاحظة أن إبهام قدم الشمبانزي متأخر عن بقية الأصابع لكي يستطيع التسلق، بخلاف إبهام قدم الإنسان المتساوي طوله وموقعه مع بقية الأصابع الأخرى. لو كان إبهام يد الإنسان متساوي بشكل مستقيم مع بقية أصابع يده لما استطاع أن يقوم بشيء، لا كتابة ولا صناعة أدوات ولا حتى التقاط تفاحة لأكلها. لاحظ إبهام يد الشمبانزي متأخر جدا وقصير عن بقية أصابع اليد. ويقال أن عملية التقاء أصابع اليد بإصبع الإبهام هي التي صنعت الحضارة. وهذه كلمات كبيرة ورومانسية ومفخّمة كما يصفها الدكتور، كقولهم أن الطبخ هو ما صنع الحضارة، لأنه هو الذي نمّى أدمغة البشر، لأنه يوفّر الطاقة، فبدل أن تأكل لمدة 3 ساعات وتكسب 200 أو 500 سعرة حرارية، بإمكانك أن تأكل في ربع ساعة مطبوخا ليس نيئا ويعطيك نفس الطاقة، وبهذا وفّرت الوقت واستخدمته في أمور أخرى عدا الأكل. ويختلف تطوريون آخرون عما سبق ويقولون أن ما صنع الحضارة هو الانتصاب والمشي مشيا ثنائيا، فحتى المشي على قدمين كذلك نمّى المخ وضخّمه.

الرد : توجد قرود عيونها بارزة وليست محمية، أي لا ينطبق عليها وصف الرئيسات. مثل قرد التاريسي :





كذلك البومة أعينها محمية وأمامية. نقع دائما في مشكلة التصنيف، الله يخلق ما يشاء بلا تصنيف، هل لأجل هذا أصبحوا رئيسات و عليا؟ ما هذه النظرية السخيفة ذات التصنيف الأسخف؟ كل مخلوق له دور و وظيفة في الحياة، إلا الإنسان، والوظيفة هي التي تحدد جميع أجزاء الجسم، فالحيوانات الليلية غالبا تتمتع بأعين واسعة، حتى لو كانت صغيرة الجسم، وهكذا كل الجسم يتشكل حسب الوظيفة وليس حسب الصدف العمياء والتطور، لأن الحياة لا تقوم إلا بوجود هذه الوظائف، وإلا لطغت أنواع على أنواع وتدمّرت الحياة. ما زلنا في هذا السؤال : لماذا تصنف رئيسات؟ فساد التصنيف الذي قامت عليه النظرية يفسد النظرية كلها، ولن تنفعها أحافير يلفها الغموض واختلاف الآراء والتزوير الخ. قبل أن يقدّم أحد نظرية التطور عليه أن يقدّم تصنيفات علمية لكل الأنواع، بعد أن يحصيها كلها، وهذا مستحيل، لا إحصاء الأنواع ولا تصنيفها. إذن سقطت من نفسها نظرية التطور، لأن التطور يعتمد على وجود تصنيفات وأن هذا نتج من هذا، وإذا اختلطت التصنيفات ضاعت التطورات، لأن التطور مبني على التصنيف.

ثم كيف أصبح الطبخ يقدم سعرات اكبر بوقت أقل من الأكل النيء؟ كيف الطبخ يزيد من السعرات الحرارية ؟ طبعا هم يقيسون على أكل المواشي لأن أكلها مستمر، متجاهلين أن هذه هي وظيفتها في الطبيعة، و هي التنظيف. عندما تأكل فاكهة أو تأكل مطبوخا ، هل هناك فرق في الوقت؟

يا لها من تبريرات مضحكة، مرة الطبخ هو صانع الحضارة، ومرة الإبهام، ومرة الانتصاب. راجع موضوع (خرافة الإنسان البدائي وحقيقة نشوء الحضارة) في المدونة.

(الدقيقة : 46 الثانية : 45) يواصل الدكتور الحديث عن مواصفات الرئيسات الهامة، منها أن نهاية أصابعها لا تنتهي بمخالب مدببة، بل تنتهي بأظافر مسطحة، وهذه صفة في كل الرئيسات، حتى الليمور. كذلك من مواصفاتها : وجود الأنامل المبطنة ببطانة حساسة، وهي خاصة بالرئيسات وليست موجودة في غيرها.

الرد : الأنامل موجودة عند الكلب والقوارض والقطط ، لديها أنامل لا شعر فيها.

(الدقيقة : 48 الثانية : 25) يواصل الدكتور حديثه عن مواصفات الرئيسات، فيذكر أن أنفها قصير، وحاسة الشم ضعيفة، فالأنف يبدو أنه لم يتطور جداً، وكبر الأنف يدل على أنه عضو متخصص ومهم، مثل أنف إنسان النياندرتال، كما أثبتت ذلك الأحافير في أكثر من 300 عينة، والنياندرتال هو أكثر حفرية وجد لها عينات، وفي مناطق مختلفة، وبما أن أنف النياندرتال كان كبيرا وضخما فهذا يدل على أن حاسة الشم لديه كانت قوية، وهذا يشير إلى أنه كان صيادا، ويعيش في العراء والكهوف، فهو لم يكن لديه بيوت ولم يبنها، كان يعيش أشبه بالحيوان، وكان يطارد فرائسه، بينما الإنسان ليس لديه أنف كبير، بل أنف اصغر، ومع ذلك تغلب الإنسان عليه.    

الرد : لو كان النياندرتال صيادا لوُجدت فيه خصائص الصيادين التي نجدها في الأسد والنمر، لا أن يكون ذا انف كبير فقط. فهل هو يصيد بأنفه؟ وهل كبر الأنف يعني قوة حاسة الشم؟ يوجد من لديهم أنوف كبيرة و لديهم مشاكل فيها. إذا أردت أن تمثّل لقوة حاسة الشم فعليك أن تأتي بمن يشبه وجهه وجه الكلب أو الذئب، مع أن هذا لا يدل على وظيفة. طول أنف الكلب لا يعني حساسية الشم، لأن وجه الحصان وأنفه أطول ومع ذلك لم يتميز بقوة الشم، الكلب خطمه طويل لكي يعض لا لكي يشم، والفيل أطول الحيوانات أنفا ولم يتميز بقوة الشم.

(حتى آخر الحلقة) يختم الدكتور حديثه عن مميزات الرئيسات، منها الدماغ الكبير نسبة إلى حجم الجسم، وهذا مما يشير إلى أن الرئيسات هي الأكثر تطورا في المملكة الحيوانية، وهذا هو جواب سؤال : ما هي أكثر الأنواع تطورا؟ ورئيس الرئيسات تطوريا هو الإنسان.

الرد : لم يقدم الدكتور أية تميز للرئيسات عن غيرها سوى تميّزات شكلية تابعة للوظيفة. ما فائدة حجم الدماغ ما دام الحيوان حيوانا والإنسان إنسانا ؟ القرود حيوانات لها وظيفتها في الطبيعة ولا تتميز حقيقةً عن أي حيوان آخر إلا بما تُميِّزها به وظيفتها، أي ميزة وظيفية وليس ميزة تطورية، وضخامة الرأس أو صغره لا تعني الذكاء، وكبر الأنف لا يعني قوة الشم، فالثعلب والكلب والذئب والدب هل شمها أقوى من شم النمر والقط والأسد مع أنها صياده ؟!، طبعا لا، صغر أنف القط لم يجعله ضعيف الشم، أما أنف الكلب ليس كبيرا لأن فكيه طويلين لأنه يصطاد بفمه وليس بيديه كما يفعل الأسد والقط والنمر، فأنفه على فكه العلوي يريد أن يعانق الفك السفلي، فقل أن فمه طويل لا تقل أن أنفه كبير وطويل ، وطول أنف الفيل لم يجعلهم يقولون أن الفيل أشد الحيوانات شما وهو طويل وكبير، بل هو أطول الأنوف على الأرض، للأسف أن كلها افتراضات عاميّة ويأتي هؤلاء العلماء ليبنوا عليها حقائق علمية متوهمة، مشكلة التطوريين أنهم لم يراجعوا الخلفيات التي بنوا عليها نظريتهم.

الطيور ليست من الرئيسات لكننا نرى العجب العجاب في عالم الطيور، بعضها تقوم بأعمال شبيهة بأعمال الإنسان مثل تقليد الأصوات و بدقة، وطائر التعريشة الذي يضع وردا في عشه ليغري خطيبته، القرود لا تستطيع أن تفعل هذا، إذن ما الذي حشر الإنسان مع القرود؟ القرد حيوان متسلق يأكل الثمار والمكسرات، وبراعته في تقشير الحب لا تعني انه يشبه الإنسان، بل تعني انه نوع من القوارض التي تعيش على المكسرات وغيرها، وتصميم جسمه ويديه يدل على انه متسلق.

القرد يشبه الحيوان أكثر من أن يشبه الإنسان عندما تأخذ بالحسبان كل مناحي حياته. فالقرد يشبه القوارض إلى درجة كبيرة، فهو يتسلق الأشجار ويأكل الثمار ويعيش في الغابات ، فهو يشبه السناجب حيث تسلق الأشجار وأكل الثمار الجافة، وحتى سرعة حركته ليست كالإنسان، فالقرد يأكل ويتحرك بسرعة أكثر من الإنسان، هو أشبه بالحيوانات المتسلّقة، خصوصاً الشمبانزي .

ميزات الكلب كوفائه وسرعة تعلمه وحمايته لسيده وممتلكاته لا يستطيع القرد أن يفعلها، بل هو يعبث بالأغراض كما تفعل الفئران تماما، لذلك يضعون القرود في أقفاص ويطلقون الكلاب . وسرعة حركتها واستعمالها ليديها ودرجة صوتها ونعومة شعرها ووظيفتها القارضية، كل هذا يدل على أنها من القوارض، تعيش على ثمار جوز الهند والكستناء والصنوبر، وبعضها يتغذى على أنواع من الأوراق. ولكل نوع من القرود وظيفته والغذاء الذي يعيش عليه، ولو تعطّلت وظيفة أي نوع لتسبب هذا بإخلال في البيئة.

تشبيه القرد بالإنسان قائم على أساس تلقائي ونظري وسطحي وليس علمي، لأننا نجد حيوانات تشترك مع الإنسان في صفات بشكل دقيق، كقدرة الببغاء على اللغة والكلام، وذكاء الغراب في حل المشكلات أكبر من قدرة القرود وغير القرود، فهل أصلنا غربان؟!، القرود عبارة عن قوارض متسلّقة وتعيش في الغابات والصخور والأشجار، ولا يمكن حتى تدريبها كما يتدرب الكلب، فكيف تكون هذه الأنواع الحيوانية البحتة المتوحشة تلتقي مع الإنسان في أصل مشترك؟ هذا لا يعقل أبدا، لا بالمنطق ولا بالعلم.