الانسان
اما ان ينظر الى المُثل او الى المصلحة ، والمصلحة مرتبطة بالمادة و الحاضر ، وهذا
شيء معروف .
إن
من لا يؤمن الا بالمادة ، يتصور ان الناس كلهم مثله ، وأنهم يخفون مطامعهم مثله ..
في
الدين ، ولأن أغلب الملاحدة نفعيين و ماديي التفكير ، لم يجدوا فيه الا الجنة على اعتبار
انها الشيء الوحيد النفعي فيه .. ووقفوا عندها كثيرا حتى نسوا جارتها النار ..
! مثل هذه العقول تشبه المغناطيس الذي يبحث
عن المعدن و يجتذبه او يلتصق به .. بعض الديانات ليس فيها جنة ولا بعث ، ومع ذلك يسمونهم
الملاحدة مؤمنين ، فأين المصلحة هنا ؟
لا
ينبغي ان ينظر الانسان بعين طبعه الى كل الناس .. لاحظ انك انت نفسك احيانا تكون في
مواقف ترى انك اقرب الى الخير ، وفي مواقف ترى نفسك اقرب الى الشر ،، اي حالتيك تصلح
لأن تُعمّم على كل الناس، وانت نفسك لم تثبـُت على موقف واحد ؟
الماديون
فئة لا تهمهم إلا المادة و يرون انهم الكل .. بدليل ان المؤمنين يبحثون عن الخبز مثلهم
!! فلماذا اذن تبحث عن الخبز وانت لست مادي ؟؟ هكذا يتساءلون ويفكرون ..
الانسان
روح و مادة .. والمؤمن الحقيقي يؤثر الروح على المادة وليس يلغي المادة ، فالمسألة
أولويات .. و الملحد الحقيقي يؤثر المادة على الروح ، و يفسّر الروح من خلال المادة
.. المادة ضرورة للحياة ، ولا يصلح ان نتلقّف اي ظاهرة مشتركة و نفسر الحياة كلها من
خلالها ..
هذا
الاسلوب تتميز به العقلية المادية في الغرب ، تتمسك بجزئية مشتركة وتعممها على كل شيء
.. فماركس وقف عند الاقتصاد، و فسر حياة الانسان من خلاله- بل التاريخ - به فقط ..
و مع انه ملحد إلا انه لم يفسر الصراع بأنه بدافع الدين كبقية الملحدين، بل فسر الدين
بأنه بسبب الاقتصاد ايضا .. فرويد فسّر الدنيا كلها من خلال اللذة الجنسية لانها مشتركة
.. ونيتشه فسر الدنيا كلها من خلال القوة لانها مشتركة .. الماديون فسّروا الانسان
و كل سلوكه من خلال المادة ، من باب حاجته للمادة كمشترك ، على هذا : كل الناس يتعرضون
للمرض ، فلماذا لا نفسر حياة الانسان بإنها ارادة المرض ؟ مثل ارادة القوة والجنس والاقتصاد
؟؟ فكر مادي جزئي و ضحل.
الانسان
اوسع من ضيق المادية .. الانسان يموت لاجل كرامة و ليس لاجل جنة .. فكيف نفسر ذلك ؟
اين دافع المصلحة والمصلحة عند الملاحدة تفسر بالمادية ؟ اين الاقتصاد و اين الجنس
و اين القوة ؟
الماديون
يرون البقية يمتنعون عن عبادة المادة نفاقا و رياء ليس الا، وبالتالي يكونون هم الواضحون
والصرحاء ، مثل من يؤلف تمثيلية و يجعل نفسه بطلها .. بمثل هذا التوضيح يحاول الماديون
ان يضفوا على شخصياتهم انهم الصادقون الوحيدون، فيظهرون حقدهم وجشعهم ، وبما انهم
كذلك، اذن كل الناس مثلهم لكنهم جبناء .. وهذا ما حاول ان يوضحه فرويد ، بحيث ان الناس
كلهم عبارة عن اطماع واحقاد يزينونها لاجل التلطيف من شراستها مجاملةً للناس .. السؤال
الذي نسي فرويد ان يطرحه على نفسه : لماذا يضطر الناس لهذه المجاملة ، طالما انهم كلهم
يحملون الشر في دواخلهم ؟ هم يجاملون من ؟ ولماذا صار الجمال هو عكس الطبيعة ؟ على
رأيه بانها طبيعة ؟
المادي
لا يبيع عصفور باليد بعشرة على الشجرة في الجنة ، و أي مادي يفهم هذا الشيء .. تخيل
احد يمتنع عن الزنا وعن الخمر لاجل خمر و زواج سيأتي - ربما وليس اكيدا - بعد نهاية
العالم ..!! هل تقول عن هذا انه شهواني ومادي ؟ من يقول بهذا سيشكّ في عقله .. الشهواني
هو من لا يدع لحظة تمر دون ان ينغمس في الشهوة ، وهي مرتبطة بالعاجلة ولا تقبل التأخير
.. النوع الاول يسمى عقلاني ، اي ان عقله يتحكم بشهواته ، والثاني يسمى شهواني ، اي
شهواته تتحكم بعقله ، فالشهوات هي التي تجره وليس العقل الذي يجره .. ولكن المؤمن يقوده
العقل الى الامتناع .. والشهواني مادي بلا شك . وغير الشهواني ليس مادي بلا شك ..
المادي
من تتحكم به المادة ، بكل اعضائه ومفاصله ، لا شيء سوى الشهوة والمادة ، يفسر الكون
من خلال المادة ، ويفسر كل دوافع الانسانية بدافع المادة ، والمقصود بالمادة هو شهوة
المادة وليس كل المادة .. اي يفسّر الكون بالشهوة والهوى ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق