بالنسبة
للفصل الكامل بين الروح والنفس كما يقول الدكتور مصطفى محمود رحمه الله ، فانا لا ارى
هذا الفصل ، بل ارى ان الروح والنفس والعقل والشعور والجسد الحي عبارة عن شيء واحد ،
هو الروح ، ولكن يختلف المستوى الذي توجد فيه الروح ، لان الروح هي الحياة ، وهذه
كلها من صور الحياة ، و اختلفت المسميات تبعا لاختلاف المطلع ونقطة التلاقي ، فاذا
التقت الروح مع العالم الخارجي وقوانين المادة ، سمي عقلا ، واذا التقت الروح مع
الشعور سميت شعورا ، واذا جمعت بين الشعور والعقل سميت نفسا (او اسميها العقل
الوسيط) ، وبالتالي لا تكون تعبيرات مثل : اشتاقت روحه ، تعبت روحه ، الخ تعبيرات
خاطئة . وان كانت غير دقيقة . لان الله خلق ادم من صلصال من حمأ مسنون ، ولم يكن
فيه حياة ، ونفخ الله فيه من روحه ، فصار انسانا حيا بكل ما تعني كلمة انسان ، من
رغبات ومخاوف واخطاء واصابة ، اي كل هذا حصل بسبب نفخة الروح ، اذن كل صفات الحياة
المادة والمعنوية اساسها من الروح ،
وبالتالي
فالذي يخرج من الميت هو روحه ، و ان عبّر عنها القرآن بنفسه ، لان النفس برغباتها
ومخاوفها اهم عند كل شخص من روحه ، فنحن لا نحب الحياة لمجرد ان اجسامنا حية ، بل
بسبب ما نرغب فيه و نتمناه وما نستمتع به وما نخاف منه ، لهذا عبّر القرآن بكلمة
(نفس) في ذكر الموت ، ولم يقل : كل روح ذائقة الموت ، لأن من هو في غيبوبة روحه
موجودة ، ولكن لا احد يحب ان يعيش في غيبوبة ، فالله يذكرهم بموت اغلى ما عندهم
وهو انفسهم ..
انا لا
اعتقد ان النفس موجودة قبل الميلاد ، اذا عرّفنا النفس بانها العقل الوسيط ، وهو
نقطة التقاء بين الداخل والخارج ، بين الشعور والعالم الخارجي ، وكيف يكون للانسان
نفس بهذا المعنى قبل ان يعرف العالم الخارجي ؟ اما اذا كان القصد هو عالم الذرء
كما يقولون ، معتمدين على آية (واذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم .. ) الخ
الاية .. فلاحظ ان الاية تتكلم عن بني ادم وعن ظهورهم ، اي بعد خلق آدم وذريته ،
و كلمة "ظهورهم" جمع ، وقد يكون المقصود بهذا الفطرة والاحساس ، لانها تشهد بوجود الله
، بدليل انه لم يوجد اي تجمع بشري الا وفيه عبادة لله منذ التاريخ ، الا ما ظهر من
انحراف المادية والالحاد في هذا الزمن معاكسة للفطرة في كل شيء ، وبدليل
ان كل انسان يعرف في احساسه ان له خالق قدير يعرفه ويحس به ، وانه في السماء ،
وانه لا يـُرى وليس كمثله شيء وفوق تحديد العقل . والله اعلم ..
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق