من علامات صفاء اختيار الخير : عندما تحس ان الله
كرّه اليك الكفر والفسوق والعصيان، وعندما ترى ان كل مؤمن ناجح معنويا، أما عندما
ترى النجاح عند المبتعدين عن الله، فهذه علامة اختيار عالم الشر ، والمعوّل في
تحديد الاختيار هو الإعجاب ، فالبعض لم ينجح في عالم الشر ويتألم منه ومع هذا مُعجب
به ويحبّه اكثر من عالم الخير، ويفهم عالمه وخطابه اكثر من عالم الخير، حتى لو كان
يعاني من وضعه، فالمعاناة بحد ذاتها ليست دليلا كافيا على الاختيار، ففي عالم الشر
(الصناعي) هناك من هو ناجح وهناك من هو فاشل، فكون الشخص ليس لديه علاقات او اعمال
ناجحة في عالم الصناعي لا يدل ذلك على إعجابه بعالم الخير، ولو نجح بعالم الشر
لأصبح اختياره واضحا. ولنا في قصة المعجبين بقارون وماله الكبير عبرة.
كذلك تقديس الذات الزائد عن حده، فتجد تقييم الحق والباطل عند من يقدس ذاته ينطلق من ذاته ، وأي شخص يدلّل هذه الذات ويفهمها ويحس بها هو الأفضل بالنسبة له وليس للحق والباطل أية قيمة، ويعتبر النقد كأنه جريمة في حقه وعدم إحساس بذاته و حقوقها على الغير، حتى لو كان ذلك النقد على حق .
وقد يُعجَب اصحاب اختيار الشر باهتمام الإنسان مختار
الخير، وقد يحس الإنسان مختار الخير أن إعجاب مختار الشر به من أجل الخير، بينما
هو في كثير من الاحيان – وليس كلها - من اجل الاهتمام والمودة، فيريد من مختار
الخير أن يحس به وبما تريد ذاته فقط. هذا النوع محسوب على مختار الشر حتى لو أعجب
بمختار الخير، لأنه معجب بالاهتمام أو بالنجاح وليس بالكلام والمضمون .
فلا يكفي أن يكون الشخص يعاني في عالم الشر أن يكون مختارا للخير وكارها للعالم الصناعي ، فقد يكون ما يٌؤلمه هو فشله في ذلك العالم المصلحي والغير مبني على الاخلاق، هناك فرق بين من يبحث عن الكلام الخيّر ومن يبحث عن الاهتمام من الأشخاص الأخيار ، فقيمة الكلام يحددها فقد الاهتمام ، فإذا فقد الاهتمام به فكأن الكلام فقد قيمته ، بل ربما يراه كلام شر لأنه لا يخدم ذاته. لأن المصلحي الدنيوي (العلماني ، وحتى لو كان منتسبا للدين) يعتبر الشر هو ما يضر مصالحه و ذاته، والخير هو ما يدعمها، حتى لو كانت مصالحه على باطل.
بعض المبادئ الطبيعية فيها تضحية بالمصالح العاجلة
، بينما هي تنتج المصالح الآجلة في الآخرة، لأن الدنيا ليست كل شيء ، والأخلاق
مرتبطة بالمصالح الآجلة دوما وليست العاجلة . (كلا بل تحبون العاجلة وتذرون
الآخرة).
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق