الأربعاء، 1 سبتمبر 2010

فرويد و التحليل النفسي و الدين و الإلحاد "الرد على موضوع : الدين والتحليل النفسي ، للعضو : Godfather"


الدين والتحليل النفسي

اقتباس:

المقدّمة
:

لم يقترب الانسان في يوم ما من تحقيق أمنياته مثلما اقترب اليوم
.

اليوم
الذي يؤلف فيه الجنس البشري مجتمعاً واحداً, فلا يعيش في كيانات منفصلة, وقد اقتضى الأمر آلاف السنين حتى تطوّرت وتفتحت ملكات وقدرات الانسان الذهنية على تنظيم المجتمع وتركيز طاقاته ليخلق عالماً جديداً له قوانينه الخاصة ومصيره.

ولكن, ماذا يستطيع أن يقول الانسان اذا نظر الى نفسه؟ هل اقترب من تحقيق حلم آخر للبشر اسمه " كمال الانسان"؟

فنحن
وبرغم كل هذا التطوّر , حياتنا لا يسودها السعادة والقناعة والاخاء, بل يجتاحها نوع من الفوضى الروحية والضياع الذي قد يقترب احياناً من حالة الجنون, وهذا الجنون ليس هستيرياً, انما حالة من انفصام الشخصية ينعدم فيها الاتصال بالواقع الباطني .

نحن نتشبّث باعتقادنا اننا سعداء
, ونعلّم أطفالنا أننا أكثر تطوّراً وأكثر قدرة على تحقيق أمنياتنا مقارنة بأي جيل من الاجيال السابقة.

ولكن, هل سيسمع اطفالنا صوتاً يرشدهم إلى ما يعيشون لأجله؟

انهم سيشعرون مثلنا, أنه لا بد للحياة من معنى, لكن ما هو هذا المعنى؟؟

هل يوجد المعنى في المتناقضات ؟ وفي الاستسلام الساخر الذي نجده في كل منعطف في الحياة؟؟


نحن
عاجزون تماماً عن الاجابة على هذا السؤال, رغم زعمنا الواهن في أن حياتنا قائمة على اساس متين, ورغم تجاهلنا الكاذب لشبح الهموم والقلق والحيرة التي تلاحقنا دوماً.

يعتقد البعض أن العودة للدين هي الاجابة, لا بوصفها كفعل من افعال الايمان, بل للهرب من شك لا سبيل ولا قدرة على احتماله بداخلنا
.
فتصبح العبادة شكلا من اشكال البحث عن الأمان
.
ويصبح رجال الدين هم المحترفين في الارشاد الى علاج " الروح" و الهداية إلى طريق الأمان
.

ماذا قال فرويد؟

لقد أثبت فرويد أن العقل هو أثمن قوّة تميّز الانسان, ولكنّه عرضة لتأثير العواطف المشوّهة له
.

وكشف فرويد عن قوة العقل الانساني وضعفه على السواء, وجعل من هذه الجملة
:
"
الحقيقة هي التي ستحررك " , المبدأ الهادي في فن جديد للعلاج النفسي
.

استطاع منهج فرويد في التحليل النفسي أن يجعل دراسة الروح دراسة دقيقة أمراً ممكنة
.
واكتشف أن المرض العقلي لا يمكن فهمه بمنأى عن المشكلات الاخلاقية
.

فاذا
اتفقنا ان وظيفة المحلل النفسي هي في الاهتمام بمشكلات الروح ومتطلّباتها,هل يمكننا ان نعتبر ان هناك فئتين تحترفان نفس الاهتمام, هما رجال الدين + المحللين النفسانيين؟؟
في الحقيقة ,  يرى فرويد تعارضاً مؤكَّداً بينهما في ألمع طرح لديه هو " مستقبل وهم
".


وفي هذا الكتاب سنثبت فعلاً ان التعارض الذي تحدّث عنه فرويد في محلّه
,
وهذا يعني أن المحلل النفساني يستطيع عدم قبوله لعقائد الدين عندما يهتم بالروح والانسان
,
ويستطيع ان يدرس الانسان عبر الدين وعبر نسق الرموز اللادينية
" symbol systems"

فرويد يرى في الدين أنه نابع من عجز الانسان في مواجهة قوى الطبيعة في الخارج, والقوى الغريزية في داخل نفسه
,

الرد : حسناً هذا في مجال القوى الخارجية ، راينا عدم معقولية كلامه ، لأنه لو كان كما قال ، لكان اول طوفان كافي للقضاء على البشر الذين لا يتصرفون بعقولهم مع الحدث ، ولكن بالنسبة للقوى الداخلية ، فلماذا استقرت مع وجود الدين ؟ إذاً لا علاج ولا حل لهذه القوى الداخلية إلا بالدين ..

وفي مقدمة مقالك ، اشتكيت كثيرا من الشعور بالضياع والحيرة والقلق .. إلخ من القوى الداخلية في هذا الزمان المادي الذي كثر فيه الإلحاد .ومنطقياً لو كانوا كما قال فرويد من عدم استخدام العقل في مواجهة المشكلات الخارجية ، لما بقوا ، ولذهبوا مثل ما ذهبت الديناصورات التي ذهبت لأنها لم تستخدم عقولها في مواجهة مشاكلها الخارجية .


اقتباس: وينشأ الدين في مرحلة مبكرة من التطوّر الانساني عندما لم يكن الانسان يستطيع أن يستخدم عقله بعدْ في التصدّي لهذه القوى الخارجيّة والداخليّة.

الرد: منذ أن وجد الإنسان وهو يستخدم عقله ، وأنتم تثبتون ذلك بإكتشافه النار وإكتشافه العجلة وصنع الأداوت .. إلخ . مما يعني أن كلام فرويد غير صحيح وغير دقيق في أن الإنسان لم يكن يلجأ إلى عقله في حل المشكلات ، ولو لم يكن استعماله لعقله لما كان وجوده ، لأنه ضعيف في تكوينه . وقال في معرض كلامه السابق عن الروح وعلاجها ، فهل هو يعترف بوجود الروح ؟


اقتباس: ولم يكن يجد بعدْ مفرّاً من كبتها , او التحايل عليها مستعيناً بقوى عاطفية أخرى...

الرد: الإلحاد يعتبر مرحلة طفولية في عقل الإنسان .

اقتباس: وهكذا, بدلاً من التعامل مع هذه القوى عن طريق العقل, يتعامل معها " بعواطف مضادّة" بقوى وجادنية أخرى, تكون وظيفة هذه القوى هي الكبت أو التحكّم فيما يعجز عن التعامل معه عقلانيّاً.

الرد: كلام غير دقيق ، فكأن البشر كانوا يقفون تحت العاصفة يبكون لآلهة أن تنقذهم منها ، ولو كان هذا الفكر صحيحاً لأنقرض هذا العنصر البشري ، وهل توقف الإنسان عن استعمال العواطف في هذا الزمان ؟ العواطف والأفكار هو ما تسمونه بالعقل ، لا ينفصلان عن الإنسان في أي موقف ..

كل ما يفعل الإنسان يتكون من فكرة + شعور ، لا يعيش الإنسان على مجرد فكرة ، إلا الأجهزة . فرفعك الكوب من الطاولة يتكون من نفس الجزئين ، فكرة + شعور ، الشعور يحتاج إلى الماء ، وطريقة التناول هي الفكرة . فكيف يفصل فرويد بين المشاعر والعقل ؟ وكيف يتكلم عن الإنسان ويؤلف الكتب فيه وهو لا يعرف مثل هذه البديهية ؟ فالفكرة لا تنفصل عن العاطفة ابداً .

اقتباس: وفي هذه العمليّة ينمّي الانسان ما يطلق عليه فرويد اسم " الوهم".

وهذا الوهم تؤخذ مادّتهُ من تجربته الفردية الخاصّة عندما كان طفلاً.
اذ يتذكر الانسان _حين يواجه قوى خطرة لا سبيل في السيطرة عليها او فهمها _ ذكرياته في تجارب مرّ بها في مرحلة الطفولة, حينما كان يشعر أن اباه يحميه, أباه الذي يعتقد أنه أوتي حكمة عالية, وقوّة كبيرة, والطفل يستطيع أن يكسب حبّ ابيه وحمايته من خلال اطاعة اوامره وتجنّب نواهيه.

وهكذا, يكون الدين بحسب فرويد تكراراً لتجربة الطفل , ويتعامل  الانسان مع القوى المهددة له بنفس الطريقة التي تعلم بها عندما كان طفلاً بأن يتعامل مع شعوره بعدم الأمان من خلال الاعتماد على والد يعجب به ويهابه ويسمع أوامره.

الرد: بنى فرويد فكرة الدين على الخوف ، كما بنى فكرة كل الوهم على الخوف ، والوهم يحصل للإنسان بغير دافع خوف ، مثل وهم السعادة ، الذي يلاحقه الماديون ويحسبه الظمآن ماءً ، والطفل الذي يتصور أنه إذا امتلك هذه اللعبة التي يراها وراء الزجاج في الدكان سيكون سعيداً طوال حياته ، ولكن يكتشف بعد فترة بسيطة أنها حُمِّلَت أكثر مما تحتمل ..

إذاً فإقتصار فرويد للوهم على الخوف نقصٌ في الاحاطة لا تليق بخبير نفسي ، وحالة الطفل ترى أنها تشبه حالة الملحد في الإغترار الزائد بالمادة لتحلّ المشاكل الداخلية . إذاً الإلحاد هو طفولة فكرية .

اقتباس: ويقارن فرويد بين الدين , وبين عصاب الانحصار " obsessional neuroses" الذي نجده عند الأطفال.
فالدين براي فرويد هو حالة من العصاب الجماعي الذي تسببه ظروف مماثلة للظروف المحدثة لعصاب الانحصار عند الاطفال.

الرد: تحليله هذا يشابه تحليل هواية جمع الطوابع ، فارجع لها ، لأني لا استطيع أن اذكرها .

اقتباس: إن تحليل فرويد للجذور النفسية للدين كما رأينا, يبيّن لنا لماذا اتجه الناس لتكوين فكرة الإله.
لكن فرويد يمضي أبعد من ذلك, ويتكلّم عن سبب تكوين صورة لا واقعيّة لفكرة الإله وتصوّره.
فيعتقد أن هذا التصور اللاواقعي هو وهم قائم على رغبات الانسان.
ويعتقد أيضاً أن الدين ليس فقط وهماً, إنما هو " خطر" .
لأنه يميل لتقديس مؤسسات انسانية سيئة تحالف معها على مرّ التاريخ, 

الرد: ما شأن الدين الصحيح بالمؤسسات المتطفلة عليه ؟ العالِم الحقيقي يفصل بين حقيقة الفكر وفهم أتباعه له ، 

اقتباس: ويميل إلى تعليم الناس إلى الاعتقاد بهذا الوهم فيحرّم بالنتيجة أي تفكير نقدي , ويصيب عقل الانسان بهذا الجمود والاملاق.

الرد: هذا كلام غير دقيق طبعاً ، وعدائي أكثر من كونه علمي ، فالدين الحقيقي هو الوحيد الذي يفتح مجال النقد بسبب أنه يزيل التقديس عن كل شخص في العالم ، ويجعله لإله في السماء ، وجمود العقل يأتي بسبب التقديس ، فأنظر كيف اعتمدت على فرويد في مقالك وقدست سره ، وكأنك استعملت الشاه في لعبة الشطرنج ، فأنت تراه عالما كبيرا عظيما عالميا ، ويكفيك منه أنه (يرى)..

أما أنا فأراه شخصاً عاديا حاول ان يفكّر فأخطأ ، وعدم تقديسي هذا جعلني أستطيع أن انتقده وألاحظ عليه ملاحظات لا تستطيع أن تكشفها فضلا عن أن تردها بالمنطق والواقع ، لا لنقص في ذكائك ، بل لزيادة في تقديسك للرموز المشهورة في الغرب ، ما كنت لاستطيع أن أنتقد شخصية ضخمة مثل فرويد لو لم أكن مؤمنا ومقدسا لله فقط . إذاً الإيمان بالله هو الذي يطلق سراح العقل ، ويكفي للعقل حرية أن ينتقد وبحرية كل من على الأرض ، اظن أن هذا القدر كافٍ من الحرية العقلية أن تستطيع أن تنتقد كل البشر .

اقتباس: فكبت التفكير النقدي في نقطة معيّنة يؤدي إلى افقار قدرة الشخص النقدية في مجالات أخرى من الفكر, ومن ثم يعوق قوّة العقل.

الرد: وهذا ينطبق على تقديس أقوياء العالم ومشاهيره .

اقتباس: كما يرى فرويد أن الدين يضع " الأخلاقيات" على أسس مهزوزة بشكل خطير,
فلو كانت صحّة المعايير الأخلاقية تستند على كونها أوامر من الإله , فهذا يعني أن مستقبل الأخلاق ينهض او يسقط تبعاً للاعتقاد في الله, وبما أن " بحسب فرويد" الاعتقاد الديني في سبيله للانحلال والزورال على مر الزمن, فهذا يعني تحطيم القيم الاخلاقية طالما انها مرتبطة بالاعتقاد الديني.

الرد: الآن اعترف فرويد أن الخروج من الدين ينقض الأخلاق ، إذاً لتبقى مع الدين لتبقى الأخلاق ، وغذا لم تربط الأخلاق بغله فإنها ستنفلت ، وكلامه هذا يؤكد غرتباط الدين بالأخلاق ، وأن من ترك الدين ترك الأخلاق ، فليس ذنباً للدين أنه ربط الأخلاق بإله ، بل ذنب من ترك الدين وبالتالي الاخلاق ، وهو يعلم أنها مرتبطة به ، وهل ربط الأخلاق بالمصلحة يقوّي الأخلاق أم يقوّي المصلحة ؟ من هنا كان الحل السليم هو إصلاح الدين وليس الإلحاد حتى لا تهتز الأخلاق كما قال فرويد .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق