السبت، 24 ديسمبر 2011

التعامل مع الإنسان يجب أن يكون مع أساس ذلك الإنسان


 
الإنسان الذي تراه أمامك ليس "هو" حقيقة ً ، إنما هو مظهره ، بالإضافة  إلى أفكارٍ ليست حتى منه . الإنسان له خريطة أخرى، وعالم آخر، فإذا دخلته يثير استغرابك من حيث (كيف كنت تنظر إليه من الخارج ، وكيف هو حقيقة ً من الداخل )، وستستغرب أيضاً من التشابه بين الناس من الداخل ، من حيث تشابه مشاعرهم أو تشابه الشعور ؛ فقد تجد شخصاً يقول بأن لديه مشاغل . وهو فعلاً لديه مشاغل مادية ، بينما في داخله شيء ٌ لديه مطالب أخرى غير تلك المطالب ، لكنه لا يلتفت إليها .

و ربما تجده يقول : أنا لا اهتم بالمشاعر و لا بالعواطف ، وما الحب إلا كلام فارغ . وهذا غير صحيح في الحقيقة ، فما بداخله يقول غير ذلك ؛ بدليل أنه إذا لامس محبة ً من غيره وأحسّ بالثناء و الشكر ، تجده يرتاح و يسعد ، و لكنه لا يعترف بذلك ..

تجده أحياناً يريد أن يبكي ، و لكنه يمنع نفسه ، فهو يريد أن يُظْهِر نفسه أنه قوي ومتجلـّد ، و لكنه في الحقيقة يريد أن يبكي ، و كلنا تمرّ بنا هذه الحالة ، إذاً فهو ليس "هو"  .

ومن هنا اقول : تعامَل مع الإنسان على هذه الخريطة ، وليس بناء على ما يُظـْهـِره . فهي (الخريطة) تتبيّن من نبرة صوته ، و من فلتات الاعين واللسان ، و من الإلتفاتات .. هكذا تتعرف على المهم في الانسان ، وهذه مفاتيح الخريطة الداخلية ، ألا وهي البداهة .

قد تتحدث مع شخص ويقول لك : الناس عندي متساوون ، وأنا لا أكره أحداً ولا أحب أحداً ، وأنا لا أهتم بالناس و بكلامهم ، وأنا لا تهمني العواطف ، وأنا وأنا ... إلخ . و هذا كله غير صحيح ..

وأيضاً قد يقول لأحد : أنا مشتاق لك ، لكنه في الحقيقة مشتاق لشيء آخر . فهو قد يبحث عن مصلحة نفسه ، فكل ما يعمله هذا الشخص هو لمصلحة نفسه  .

قليلون هم الذين يبحثون عن مصلحة أنفسهم و يجدون الصواب .. هذا من النادر ، فـ"طالما أن همّك هو مصلحة نفسك ، فلن تجد الصواب " .. وهذا قانون . وهذه هي المشكلة : ألم يكن أبو جهل يبحث عن مصلحة نفسه ؟؟

من يريد الصواب هو من لا يبحث عن مصلحة نفسه العاجلة التي ينظر اليها (المصلحة المادية) ، فهو يبحث عن الصواب لأنه صواب ، ويبحث عن الفضائل لأنها فضائل .. والذي يعشق الفضائل ويعشق الجمال و يدرك أنه جزء من هذا الكون وليس هو محور الكون ، فسيبحث عن الصواب والانسجام والترابط والنظام والحقائق والجمال .. هذا هو من سوف يجد مصلحة نفسه في الآخر إن شاء الله ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق