في القرآن تعديد كثير للنعم والآيات الكونية النِعَمية
كالشمس و القمر و الليل و النهار و المطر و البحر و الأنعام, وهذا لكي تُدفع للشكر
على هذه النعم قبل طلب المزيد, وهي آيات تدل على استحقاق الله للشكر
وبالتالي عبادته بدافع الشكر أولا والخوف ثانيا من عاقبة عدم الشكر لأن عدم الشكر
كفر {إما شاكرا و إما كفورا} .
أساس العبادة الشكر, و هي ليست آياتا تخويفية بل نعم, و
كل الآيات الكونية في القرآن هي نعم حتى النوم, قال تعالى: {ومن آياته منامكم
بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله}, و أول آية في سورة الفاتحة هي : {الحمد لله رب
العالمين}. و هذا يعني أن أساس الدين ليس الخوف من مظاهر الطبيعة كما تصور الملاحدة,
بل الشكر على مظاهر الطبيعة. وأصل الخوف هو من زوال النعمة و ليس من عدم وجود نعمة.
الملاحدة يفسرون ظاهرة الدين بأنه بدافع الخوف من
الكوارث ومظاهر الطبيعة و الأمراض, وهذا نابع من خيالهم نفسه لأن الملحد يرى أن
الفقر هو الأساس, والاختلال والفوضى هي الأساس و ليس النظام, و هذا ينشر الرعب في
النفس, قال تعالى: {الشيطان يعدكم الفقر}.
القرآن تكلم عن الأًصل, أي أن الأصل أن الناس في خير و
نعمة تستحق الشكر للمنعم, و من هنا الطريق إلى الله كما في القرآن, فالأًصل في
الحياة هو العافية وليس المرض و ثبات الأرض وليس الزلازل و الرزق و الشبع و ليس
الجوع {وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها}. كل إنسان فيه خير ينظر إلى كثرة
الخير و النعم, و النفس الجحود الطامعة لا ترى إلا النقص و الفراغ, كمثال الكأٍس
المشهور, فالشكور يقول أن نصفه ممتلئ و المتشائم يقول أن نصفه فارغ. جمال القرآن
أرانا الطريق إلى الله, طريق رضا و حب و شكر و ليس طريق رعب.
إن تفسير أي ظاهرة يكشف نفسية المفسر, فالملاحدة يتصورون
أن الحياة فوضى ودمار وزلازل وأطفال مشوهين ولولا العلم لهلكنا, دون أن يذكر
أَضرار التكنولوجيا على البيئة والإنسان, وهذا يدل أن عقليته فوضوية و جاحدة , مع
أنه حتى كوارث الطبيعة هي لصالح الطبيعة, فالبركان يقدم الطمي المليء بالمعادن
المصلحة للتربة.
كل البشر يشتكون وغير مرتاحين, وكل كلامهم شكاوى ومخاوف
وقلق والرضى والشكر قليل, القرآن يبدأ من النعم والخير, القرآن لا ينظر إلينا
كمحتاجين و في خطر إلا خطر الضلال والكفر وسوء الأخلاق, بل إن القرآن ينظر إلينا
كقوم متنعمين وواجب عليهم الشكر لأننا فعلا نعيش في نعم الله, كل الإعلام
والاجتماعات واللقاءات في العالم تدور حول مشاكل ومخاوف وصراعات, ولا أحد يشهد
بالنعم, دول دخل الفرد فيها 2 دولار ودول أخرى دخل الفرد فيها 100 دولار , تجد
الثانية أكثر شكوى و انتحارات!
إذا تأملت هذا تجد أن القرآن هو الوحيد في العالم بهذا
الطرح, و هذا إعجاز بحد ذاته, ولو كان القرآن من بشر لبدأ من النقم والتخويف وليس
من النعم والشكر.
إن الموقف من النعمة هو الشكر وليس الدعاء, بل إن القرآن
لم يصورنا كمحتاجين لنعم قدر ما صور أن عندنا نعم لا نستطيع أن نحصيها و أنها
تستحق الشكر, و الدعاء هو طلب نعم إضافية. وكلمة كفر في القرآن مقابلة للشكر.
ثم إن النعمة كما قال القرآن تزيد مع الشكر وليس الطلب,
قال تعالى: {و لئن شكرتم لأزيدنكم} و لم يقل لئن دعوتم لأزيدنكم! الله أمر بشكر
النعم و لم يأمر بطلب نعم جديدة ولم ينهَ. كلمة دعاء تعني نداء, قد يكون في النداء
طلب وقد يكون فيه شكر أو تسبيح أو ذكر. الطلب بعد الدعاء, لاحظ أن الذي يدعو يقول:
يا ربي أو يا الله. أي تدعو الله ثم تطلب منه أو تشكره أو تسبحه, فبين الدعاء
والطلب عموم وخصوص, والدعاء أعم من الطلب.
الدعاء نداء و النداء طلب تواصل وقرب وحضور : {قَالَ
رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً، فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي
إِلَّا فِرَاراً، وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا
أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا
وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً}, وهنا كلمة فرار قابلت كلمة دعاء. ولاحظ قوله
تعالى: {يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه} ويريدون وجهه أي يريدون حبه وليس
يطلبون منه فقط , و ليس هناك آية في القرآن تقول كلما طلبتم سوف أعطيكم, بل قال
تعالى : {و آتاكم من كل ما سألتموه} فلاحظ وجود "من" التبعيضية فكل شيء
تطلبه أعطاك الله أو يعطيك منه, فتريد العافية والله قد أعطاك منها وإلا لما
استطعت دعاءه, و تريد القوت و الله معطيك منه, فنحن نطلب من الله النعم التي
نعرفها و لو لم نذق منها لما طلبناها, لكنه لم يقل : وآتاكم كلّ ما سألتموه, ولم
يعِدُ بأنه سيؤتينا كل ما نسأل. والقرآن يركز أن الجزاء في الآخرة أكثر من الدنيا.
البعض يتخذ من آية : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وعداً أو
سنداً بتلبية الطلبات فإذا لم تتحقق يلوم الله سبحانه أو يشك في الله, و هذه
النتيجة الخاطئة جاءت من فهم خاطئ. وقوله تعالى: {إن الذين يستكبرون عن
عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}, الدعاء من العبادة و داخل فيها من ناحية أن جلب
الخير و دفع الشر بالغيب لا يستطيعه إلا الله, و صور العبادة كثيرة وليست فقط
الدعاء , والشكر أساس العبادة.
لله درك كاتبنا المبدع و؛؛؛ ان شكر النعم يحتاج الى شكر ان الهمنا الله هذا الشكر ليجزينا منه خيرا في الدنيا واﻻخره.
ردحذف