السلطوية الفكرية تركز على اتخاذ الذرائع تجاه الآخر ، فتجعل الكبير يلوي يد الصغير ، و ايضا للصغير طرق يلوي بها يد الكبير ، بحيث لا يوجد كبير مطلق ولا صغير مطلق ، بل فكرة مطلقة لا يجوز المساس بها . والاكبر ليس مطلق الحرية بافعاله كما هو في حالة السلطوية الشخصية ، والتي يمثلها احسن تمثيل نيرون الامبراطور الروماني الذي احرق روما ، كدكتاتور مطلق.
وعلى مستوى المجتمع ، تجد علاقات المجتمع ببعضه قائمة على لوي الاذرعة بالفكرة السائدة ، فالاخ الاكبر له حقوق ونفوذ على الاخ الاصغر . و رب الاسرة أو ربة الاسرة لها نفوذ على البقية ، والأكبر سنا له نفوذ على الاصغر سنا ، والمضيف له سلطوية على ضيفه ، كذلك الام و الخالة و العمة على ابناءها وبناتها ، سواء كانوا على صواب او على خطأ . لكن لهم قيمة اعتبارية فرضتها الفكرة . وهكذا ..
المشكلة في استغلال هذه القيمة الاعتبارية ، و هناك من يستغلها الى حد المساس بالكرامة التي هي هبة من الله ، وهذا مما لا يحق لاحد المساس به .
وهذا يجعل الفرد مجبرا على تقديم فروض الاحترام والمجاملة حتى لو كانت كرامته متضررة ، أو تكون الحقيقة متضررة ، فقريبه مثلا يلومه لانه يقضي وقتا اكثر مع صديق من خارج العائلة ويعتبر أن حقه أنتهك وأنه هو الأولى ! ناسيا اختلاف المفاهيم ومستويات الاهتمام والهوايات وحرية اختياره الخ .. لأن للإنسان شعورا حرا يبحث عما يناسبه ، بغض النظر عن العلاقات الخارجية عن الذات ، ورب اخ لك لم تلده امك ، بل ربما افضل واصدق معك ممن ولدته امك .. وهذا الكلام لا يعني تقليل شأن الروابط الاجتماعية ، فالله امرنا بصلة ذوي القربى والوالدين ، والصلة تعني الوقوف والمساعدة ، ولا تعني الخضوع والتصاغر واحتقار النفس ، لأن الحق أحق أن يتّبع .
وكل انسان في الحقيقة يبحث عن الاحترام الخاص به ، لا عن الاحترام المفروض الاعتباري . وحتى الوالدين أمر الله ببرهما خصوصا اذا كبرا ، وركّز على عدم التكبر عليهما ورفع الصوت وزجرهم ونهرهم ، لكنه لم يطالب بقبول كل ما يقولون حتى لو كان خطأ . فالله قال (وبالوالدين احسانا) وليس طاعة مطلقة ، لأنهما أحسنا ، والفضل للمتقدم . فالوالدان برّا بطفلهما ورحماه ولم يطيعاه طاعة مطلقة !
والوضع الامثل ان تكون العلاقة مبنية على مبدأ الإحترام المتبادل للشخص لذاته وليس لموقعه من الاعراب الاجتماعي . ولا يكون ذلك الا باتباع الحق ، فعلى قدر اتباعك للحق على قدر ما تُحترم لذاتك .
مثلا الاخ الاكبر لا يقدّم احتراما لشخص اخيه الاصغر او يغلط عليه أو يقول كلاما سفيها غير منطقي ، وبقوة سلطوية الفكرة يجب على الاصغر ان يذعن ويتحمل و يلاحق رضا الأخ الاكبر مع انه هو الذي أخطأ عليه ! وهذا ينطبق على كل العلاقات داخل المجتمع . وهذا يُعلي من كرامة الفكرة ولكنه على حساب كرامة الفرد ، والله قال : (ولقد كرمنا بني آدم) ..
بل حتى دين الله الذي هو نجاة الناس لم يُلزِم به احد ولم يطالب الأتباع بإلزام غيرهم به ، وليس أكبر من حق الله شيء ، قال تعالى (افنلزمكموها وانتم لها كارهون) وقال (وما قدروا الله حق قدره) ، وقال : (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) . كل هذا حفاظا على كرامة الانسان المتمثلة في حرية الاختيار . فسلطوية الفكرة تتعدى في احيان كثيرة على حرية الاختيار بين الخير والشر ، و تصنع آلات مُجامِلة ومنافقة لا تعبّر عن ذاتها بدلا من الذات الحية الحرة ..
وشدة تعلق النفوس بفكرة الكرامة قائمة على حرية الاختيار التي تبرر الوجود والحياة ، و إلا فما معنى ان يعيش الانسان وهو مجبر في كل شيء ؟ سيكون نسخة مكررة ويكون وجود الحياة عبثا ، والله لم يخلق شيئا عبثا . قال تعالى (ليبلوكم ايكم احسن عملا) ، ولا يمكن الاختبار والاختيار الا في جو حر ، وهذا الجو الحر هو ما تشير اليه كلمة الكرامة . فالكرامة تعني الا تـُجبَر على فكرة لم تقتنع بها وتتبناها انت بنفسك ! فالكرامة هي حرية الاختيار ما لم تسئ لأحد وتضره ضررا مباشرا ..
القرآن يقدم لنا دين الكرامة ، وسوف يُحاسَب الانسان في الاخرة - وليس في الدنيا - على حسب ذلك الاختيار الحر ، لهذا قال تعالى (ولقد كرمنا بني آدم) ، أي اعطيناهم حرية الاختيار واسبغنا عليهم النعم وحملناهم في البر والبحر . بل وجعل الله الانسان خليفة في الارض لأنه اعطاه حرية الاختيار مثلما أن الله حر فيما يفعل . لكن بقية المخلوقات لا تتمتع بهذه الحرية في الاختيار التي تعني الكرامة . فحرية الاختيار هي الكرامة ، لهذا كرّم الله الانسان اكثر من الحيوان .
لقد قامت السموات والارض بالحق ، ومن باب اولى ان يكون المجتمع كذلك .
وعلى مستوى المجتمع ، تجد علاقات المجتمع ببعضه قائمة على لوي الاذرعة بالفكرة السائدة ، فالاخ الاكبر له حقوق ونفوذ على الاخ الاصغر . و رب الاسرة أو ربة الاسرة لها نفوذ على البقية ، والأكبر سنا له نفوذ على الاصغر سنا ، والمضيف له سلطوية على ضيفه ، كذلك الام و الخالة و العمة على ابناءها وبناتها ، سواء كانوا على صواب او على خطأ . لكن لهم قيمة اعتبارية فرضتها الفكرة . وهكذا ..
المشكلة في استغلال هذه القيمة الاعتبارية ، و هناك من يستغلها الى حد المساس بالكرامة التي هي هبة من الله ، وهذا مما لا يحق لاحد المساس به .
وهذا يجعل الفرد مجبرا على تقديم فروض الاحترام والمجاملة حتى لو كانت كرامته متضررة ، أو تكون الحقيقة متضررة ، فقريبه مثلا يلومه لانه يقضي وقتا اكثر مع صديق من خارج العائلة ويعتبر أن حقه أنتهك وأنه هو الأولى ! ناسيا اختلاف المفاهيم ومستويات الاهتمام والهوايات وحرية اختياره الخ .. لأن للإنسان شعورا حرا يبحث عما يناسبه ، بغض النظر عن العلاقات الخارجية عن الذات ، ورب اخ لك لم تلده امك ، بل ربما افضل واصدق معك ممن ولدته امك .. وهذا الكلام لا يعني تقليل شأن الروابط الاجتماعية ، فالله امرنا بصلة ذوي القربى والوالدين ، والصلة تعني الوقوف والمساعدة ، ولا تعني الخضوع والتصاغر واحتقار النفس ، لأن الحق أحق أن يتّبع .
وكل انسان في الحقيقة يبحث عن الاحترام الخاص به ، لا عن الاحترام المفروض الاعتباري . وحتى الوالدين أمر الله ببرهما خصوصا اذا كبرا ، وركّز على عدم التكبر عليهما ورفع الصوت وزجرهم ونهرهم ، لكنه لم يطالب بقبول كل ما يقولون حتى لو كان خطأ . فالله قال (وبالوالدين احسانا) وليس طاعة مطلقة ، لأنهما أحسنا ، والفضل للمتقدم . فالوالدان برّا بطفلهما ورحماه ولم يطيعاه طاعة مطلقة !
والوضع الامثل ان تكون العلاقة مبنية على مبدأ الإحترام المتبادل للشخص لذاته وليس لموقعه من الاعراب الاجتماعي . ولا يكون ذلك الا باتباع الحق ، فعلى قدر اتباعك للحق على قدر ما تُحترم لذاتك .
مثلا الاخ الاكبر لا يقدّم احتراما لشخص اخيه الاصغر او يغلط عليه أو يقول كلاما سفيها غير منطقي ، وبقوة سلطوية الفكرة يجب على الاصغر ان يذعن ويتحمل و يلاحق رضا الأخ الاكبر مع انه هو الذي أخطأ عليه ! وهذا ينطبق على كل العلاقات داخل المجتمع . وهذا يُعلي من كرامة الفكرة ولكنه على حساب كرامة الفرد ، والله قال : (ولقد كرمنا بني آدم) ..
بل حتى دين الله الذي هو نجاة الناس لم يُلزِم به احد ولم يطالب الأتباع بإلزام غيرهم به ، وليس أكبر من حق الله شيء ، قال تعالى (افنلزمكموها وانتم لها كارهون) وقال (وما قدروا الله حق قدره) ، وقال : (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) . كل هذا حفاظا على كرامة الانسان المتمثلة في حرية الاختيار . فسلطوية الفكرة تتعدى في احيان كثيرة على حرية الاختيار بين الخير والشر ، و تصنع آلات مُجامِلة ومنافقة لا تعبّر عن ذاتها بدلا من الذات الحية الحرة ..
وشدة تعلق النفوس بفكرة الكرامة قائمة على حرية الاختيار التي تبرر الوجود والحياة ، و إلا فما معنى ان يعيش الانسان وهو مجبر في كل شيء ؟ سيكون نسخة مكررة ويكون وجود الحياة عبثا ، والله لم يخلق شيئا عبثا . قال تعالى (ليبلوكم ايكم احسن عملا) ، ولا يمكن الاختبار والاختيار الا في جو حر ، وهذا الجو الحر هو ما تشير اليه كلمة الكرامة . فالكرامة تعني الا تـُجبَر على فكرة لم تقتنع بها وتتبناها انت بنفسك ! فالكرامة هي حرية الاختيار ما لم تسئ لأحد وتضره ضررا مباشرا ..
القرآن يقدم لنا دين الكرامة ، وسوف يُحاسَب الانسان في الاخرة - وليس في الدنيا - على حسب ذلك الاختيار الحر ، لهذا قال تعالى (ولقد كرمنا بني آدم) ، أي اعطيناهم حرية الاختيار واسبغنا عليهم النعم وحملناهم في البر والبحر . بل وجعل الله الانسان خليفة في الارض لأنه اعطاه حرية الاختيار مثلما أن الله حر فيما يفعل . لكن بقية المخلوقات لا تتمتع بهذه الحرية في الاختيار التي تعني الكرامة . فحرية الاختيار هي الكرامة ، لهذا كرّم الله الانسان اكثر من الحيوان .
لقد قامت السموات والارض بالحق ، ومن باب اولى ان يكون المجتمع كذلك .
الاستاذ الوراق ..
ردحذفشكرا جزيلا لك ..
ولكن لدي تساؤل :
هل كرامة الفرد - مهما كانت أفكاره - أهم وأولى من كرامة الفكرة - مهما كانت سامية وأخلاقية وعلى الحق ؟
من الأهم : الفرد أم الفكرة ؟
أهلاً بك وأشكر لك زيارتك الجميلة للمدونة ..
حذفمن كرامة الفكرة ألا تلزم بأحد ، فأي شيء يفرض على من لا يريده يهان ذلك الشي وذلك الأحد، المسألة ليست مسألة "أهم" ، من أهمية الفكرة واحترامها أن تطلب ولا تلزم ، فالإلزام فيه احتقار للفكرة والفرد فيكون الملزِم هو أكبر الثلاثة، إذا كان عندك بنتاً جميلة وعزيزة على نفسك فهل من احترامك لها أن تلزم أحداً بالزواج منها وهو لا يرغب بها؟ فأنت تهينها هكذا ، مهما كانت ستستفيد من هذا الزواج أو تستفيد أنت ، كذلك فكرتك الجميلة العاقلة من حقها أن تخطب لا أن تلزم ، إذن المطلوب هو احترام الفكرة واحترام الفرد ، فلا نهين الفكرة لأجل الفرد ولا نهين الفرد لأجل الفكرة ، والهداية من الله ، والله هو الذي وهب للإنسان كرامته المتمثلة بحرية الاختيار ، ولا ينبغي سلب ما وهب الله {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}.
أي إذا عرضت الفكرة ولم تلزم بها فأنت تكون احترمت الطرفين: الفكرة والفرد، أما أن تغصب مثلاً فلاناً على زواج فلانة فأنت هكذا تهين فلاناً فلانة!
إضافة لكلامك أستاذي:
ردحذفبعض الأشخاص من الذين يرون أنفسهم أكبر سناً يُهمشون أفكار وإقتراحات الأصغر منهم حتى ولو كانت فائدتها كبيرة.