الخميس، 28 أغسطس 2014

إعادة العلاقة بين الإنسان وإحساسه..




كما أن هناك متعة لا تُحَس هناك أيضا ألم لا يحَس, فالألم لا ندري به إلا إذا وصل الوعي والإدراك, فأحيانا تكون متألما لكن لا تدري حتى ينبهك أحد, إذا نبهك أحسست بالألم.

هناك مستويان من الألم و المتعة, مستوى إحساس (الذي وصل إلى إدراك صاحبه), ومستوى دون الإحساس.

مستويات إدراك اللذة والألم مختلفة, فالألم واللذة موجودان ولكن ما يختلف هو درجة الوعي بهما.

ليس هناك شيء اسمه برمجة عصبية, بل هو وعي بما يجري أو غياب وعي. عندما يركز أحد وعيك تجاه شيء معين يستطيع أن يثير إعجابك فيه أو ينفرك منه, وهذا هو التزيين و التشيين. لهذا في الأماكن السياحية الأثرية ترى أن المرشد السياحي يطلع الزوار على جوانب لم ينتبهوا إليها.

تذوق ما يعرض عليك ورؤية الأشياء بدرجة أعمق من غيرك هذا من علامات العبقرية, فما يراه الآخرون عاديا العبقري لا يراه عادي, ويكتشف مشكلات ويعاني منها ربما غيره لم يعرف بوجودها مع أنها موجودة.

أكثر الناس مثل العميان لا ينتبهون لما حولهم ولا يحسون فيه, ولهذا الإعلام والدعايات تحاول جذب اهتمام الناس. والطفل ضعيف الاستجابة للأِشياء الخارجية.

لاحظ أن كثير من الضجيج يؤثر فينا ولا نعلم بتأثيره إلا بعد أن يزول مصدر الضجيج..

مع زيادة المؤثرات تضعف حساسية الإنسان واستجابته, لهذا إذا سرت في شوارع نيويورك أو طوكيو يضعف إحساسك لكثرة الأضواء والمؤثرات, وهذا يعني أن الناس يسيرون في طريق ضعف العقل وتبلد الإحساس بالمؤثرات الخارجية, على عكس ما كان الإنسان السابق خصوصا البدوي الذي كان متيقظ الحواس ويميز أدق الأصوات من بعد حتى لو كان نائما.

الإنسان عندما يكون طبيعي فإنه سيكون حساسا لأنه أزال كل تراكمات الصناعي وضجيجه, هذه التراكمات المحذوفة ليست حقيقية فهي تصرف عن الحقيقة وتضعف التركيز, لكن إذا أزلتها يصفو صوت شعورك. لهذا الإنسان الطبيعي يرى التاريخ بوضوح, فهو لا يهتم إلا بمن قدم شيء حقيقي, أي ساهم في الربط بين العقل و الشعور. ولهذا الإنسان الطبيعي يرى العالم والحضارة أقل مما يُظهره الناس, لأن الحقيقي فيها قليل والباقي دعايات وبهرجة.

وضوح الرؤية و حسن التقييم يتطلب التنظيف من الصناعي والأفكار المغلوطة حتى يظهر صوت الشعور, فالإنسان ليس بحاجة ليقظة الحواس المتعلقة بالخارج فقط, أيضا محتاج لتحسس ما في داخله وألا يشغله ضجيج الخارج عن أنين الداخل وإبداع الداخل أيضا.

من الصعب أن تلاحق آراء الناس وتقييماتهم في كل ما يقولون, عليك أن تأخذ التقييم من إحساسك, فآفة الناس التصديق بلا تدقيق, وعادة صاحب القوة الأكبر هو من يصدَّق أكثر, فلا يصح أن تطلق ساقيك للريح خلف القطيع.

لو حكَّم الناس ضمائرهم قبل أن يصدقوا لما انتشرت الخرافات ولا كذب الدعايات, و لميزوا بين الحق والباطل الملبَّس بالحق.

من الضعف ألا تأخذ التقييم من نفسك وتطلب من الآخرين أن يختاروا لك الأفضل والأجمل, {وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله}.

علامة من هو ليس إمعة قدرته على الدفاع عن الشيء الذي قال عنه أنه جميل. رسول الله يقول: (لا يكن أحدكم إمعة), الإمعة هو من يلاحق الصوت الأعلى والأقوى بدون بصيرة.


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق