العقل البشري في اساسه منطلق من الشعور البشري، و أي حركة للعقل هي بدافع
من الشعور، لأن العقل تابع للشعور، بل هو نبتة زرعها الشعور وما زال يسقيها
وينميها. كلما تحترم الشعور كلما يعطيك مشاعر أكثر، لذلك الله يقول (إنما يخشى
الله من عباده العلماء)، لأن عندهم مشاعر كثيرة عن الله وقدرته وخلقه وبالتالي محبته
والخوف من غضبه، فيخشونه أكثر من الجاهلين. والعلم هو ارتباط العقل بالشعور، وليس
مجرد النقول والحفظ.
ومن يقف على مكان ومعلم اثري وهو يعرف عن خلفيته التاريخية، ليس مثل من
يقف عليه وهو لا يعرف شيئا، وهذا يعني أن الأول احترم شعوره فتعلّم، فأعطاه الشعور
مشاعر افضل وأكثر مما اعطى الجاهل. وهذا الطلب موجود عند كل الشعورات، ولكن ليس
الكل يستجيب له، ويدل عليه احترام الجاهل للمتعلم، بدافع من شعوره، لهذا كل جاهل
في العالم يحترم كل عالم في العالم، لأن العالِم احترم شعوره فتعلّم في هذا المجال
على الاقل، وهذا يدل على وحدة الشعور بين البشر واختلاف القدرات والعقول والعطاء،
تبعا لاحترامهم لشعورهم. فالشعور الفطري هو الدافع الوحيد للحركة والحياة وليس
العقل، لأن العقل آلة يستخدمها الشعور لتزويده بالمعلومات أو لترجمة ما يحس به.
فالعقل ممر ذو اتجاهين، إما للخارج او للداخل.
الإنسان يشعر أن شيئا يؤلمه مثلا، فيتفحص نفسه ويسأل ويقرأ ويتعلم عن هذا
الشيء، و ربما تخصص في مجال الطب، و كل هذا جاء من حركة واحدة من الشعور تلتها
حركات. مثلما حصل لعقل نيوتن عندما سقطت التفاحة، فتسائل شعوره لماذا سقطت من أعلى
لأسفل وليس العكس، بدافع الرغبة بالمعرفة، وهو دافع شعوري، فكان الجواب من عقله من
خلال نظرية الجاذبية. و كل المخترعين والمكتشفين كانت دوافعهم شعورية، إما بمشاعر
الرحمة لمرضى يتعذبون، او لمشاعر وطنية، أو مشاعر خوف، او حتى مشاعر مباهاة أو
اثبات ذات. والجواب دائما من العقل، مع ملاحظة أن العقل لا يعمل لوحده، بل هو ممر يتردد
على الشعور بديالكتيك حيوي ومراجعة مستمرة للشعور هل يوافق أم لا يوافق.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق