ما
يعاني منه من يقولون أنهم لا يعرفون جدوى وجودهم هو أنهم يشعرون بالضياع ولا يعرفون
الصواب من الخطأ، فالمعاناة تأتي من سؤال: هل أنا على صح او على خطأ؟ و ليس: ما جدوى
وجودي، فمعاناة الانسان الحقيقية هي بتحديد موقعه بين الخير والشر وليس ما فائدة وجوده،
لأن فائدة الوجود نتيجة وليست سبب, إذا كان على طريق الخير سيكون لوجوده فائدة. و
يستطيع أي شخص أن يجد أي جدوى لوجوده مثل أن يخدم والديه أو يعمل مسعفا لينقذ جرحى
أو يربي أطفاله ...إلخ، هذه جدوى لماذا لا يقبلونها؟ فالحكاية إذن ليست جدوى وجود بل
على أي طريق أنا أمشي و إلى أين أنا ذاهب، لو كانت المشكلة هي جدوى الوجود لصاروا يعانون
منها في الأمور الاخرى كذلك مثل جدوى وجودهم مع أصدقائهم أو في العمل.
المشكلة
هي بالمخاوف التي يشعر بها الإنسان، مثل: هل أنا صالح أم طالح؟ هل أنا أنفع نفسي أم
أضر نفسي؟ هل أنا أعبد الله حقيقة أم لا؟ هل أنا أتبع هوى نفسي أم أتبع الصواب؟ إذن
جدوى الوجود محسومة عند الإنسان فجدوى الوجود هي أن تعمل الصواب، إذن قضية الانسان
هي جدوى العمل وليست جدوى الوجود.
مصطلح
جدوى الوجود وضعه الماديون الملاحدة ليخدعوا الناس ويقولون يكفيك جدوى أن تنجح في حياتك
أو تخدم وطنك، أو يقولون هاهي الحيوانات تعيش و تأكل بسعادة ولم تتساءل عن جدوى وجودها،
ليقولوا في الأخير: إذن معاناتكم زرعتها بكم الأديان لأن الأديان هي التي تتكلم عن
جدوى الوجود وغاية الحياة. لكن نحن لم نعاني من جدوى الوجود ولم يشتكي منه أحد، بل
ما يشغلنا هو من أنا و أين أنا وإلى أين أنا ذاهب؟ فالإنسان يعاني من مشكلة الطريق
أكثر من جدوى وجوده، مثل المسافر معاناته من هل طريقه صح أو لا وليس ما جدوى وجوده،
فأكثر مشاكل الانسان هي ما هو طريقي وموقعي بين الخير والشر، و تطبيق الأفكار على الطريق.
اي أن معاناة الإنسان هي في غياب الطريق الصحيح والبصيرة.
موضوع
جدوى تابع لخالق الوجود وليس المخلوق، العبد همه هل أنا طريقي صح أو خاطئ. لهذا لاحظ
كلمات من مثل "السبيل" و "الصراط" و"الطريق" تتردد كثيرا
في القرآن لأنها هي مشكلة البشر.
حتى
تعرف جدوى وجود شيء يجب أن تعرف كل شيء، وهذا ليس طموح أي بشر، فيجب أن تعرف علم الله
حتى تعرف جدوى وجود كل شيء وهذا ليس حاجة عند الانسان ومستحيل. إذا كنت ستناقش جدوى
الوجود عليك ان تناقش كل ما في وجودك، مثل لماذا أنا أسمر البشرة ولماذا لي عينين وليس
ثلاث، بل ولماذا وجود الانسان كله! هذه ليست قضية عند الانسان وليست تؤدي به للانتحار!
فلا أحد يستنكر وجوده لأن وعيه من وجوده, سوف يستنكر لو تغير وجوده. الانسان ينتحر
بسب إحساسه بالضياع المستمر بالرغم من محاولاته الكثيرة، حتى يبدو له الموت أحلى من
الحياة، لذا كل منتحر هو قد فكر بالانتحار من قبل مرات كثيرة، فمشكلتهم ليست الجدوى
بل لماذا أنا دائما على خطأ، فالإنسان يعرف جدوى وجوده وهي الصواب والخير, وهي التي
يعبر عنها القرآن بقوله: {ليعبدون}.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق