إن المادة لا تستطيع أن تؤثر إلا في وجود شعور سمح لها بالتأثير، وليست
المادة تؤثر بذاتها، وذلك لأن الشعور يتجاوز المادة أحيانا. فالطعام الشهي يصوره
لك الشعور بالكريه في حالة الشبع، وطعام كريه مستقذر يمكن أن يحلّيه لك وتأكله.
إذن أين المادة وتاثيرها؟ المادة لا تعمل إلا مع الشعور، وليس لها تأثير لوحدها.
بل الحقيقة هي أنه لا يمكن أن توجد حياة إلا بوجود شعور، لا يمكن أن تخلو حياة من
شعور، حتى النبات لديه شعور، وإلا لما عاش.
تلاحظ بعض النباتات تموت وهي لم تقتلع من جذورها، وذلك لأن حيوانات
كالأغنام يأكلن من أوراقها ولحاء جذوعها، وقد قدّم أحد الباحثين في النبات دراسة
تثبت أن للنبات إشارات كهربائية تعمل كعمل الاعصاب في الحيوانات، مما يثبت أن
للنبات إحساس. وكذلك بعض النباتات التي عند مسها تنكمش على نفسها، هذا مما يثبت
ايضا أن للنبات إحساس.
لا يمكن أن تكون هناك حياة بدون شعور، مثلما الجسم محتاج للدي إن أي ،
كذلك الحياة تحتاج للشعور، لأن الشعور هو الذي يبرمج الحياة نفسها، هو الذي يبرمج
الجسم المادي، وكيف يسلم وكيف يبقى وكيف وكيف، هذه الأمور لا يقدمها الدي إن أي،
لذلك فبحثهم في الجينات عن المشاعر وما شابه خاطئ. هناك جانب لم يُشاهد، وهو جانب
الروح.
إن الشعور عبارة عن روح في أحد مستوياته. فالروح يمكن أن تكون عقل أو أن
تكون شعور، أو أن تكون حياة نباتية. عندما تنام، لا يوجد لديك وعي بما حولك، لكن
الروح موجودة، بدليل أنه عند تنبيهك تنهض من النوم، أي رجع هذا المستوى للروح، مع
أن المستويات الأخرى تعمل، على مستوى أحلام، وعلى مستوى تنظيم دورة دموية، الخ،
النبات مثلا يعتمد على برمجة شعورية موجودة فيه، مثلا : عندما تقطع الماء عن
النبات وقد بدأ بالإثمار، تجد أن النبات يسرّع العملية البيولوجية وتستوي ثماره
أسرع، وإن كانت أصغر حجما، مثل النخيل النحيلة ذات الثمار الكثيرة تنضج ثمارها قبل
النخيل ذات الجذوع المتينة، وهذا بسبب تعجيل وتسريع العملية البيولوجية، لأنها تحس
بالعطش وتخشى أن تموت، لذلك لا بد أن تنتج ثمار وبذور.
كذلك ثمرة الباذنجان عندما تقطع أوراقها حين الإثمار ، تبقي على ثمرة
واحدة بلون أخضر كي لا يعتقد من يراها أنها مستوية، في حين أنها تملؤها بالبذور
لتبقى أجيالها. هذا ليس تفكيرا منها، بل هذا الشعور المبرمج فيها يعمل بهذه
الطريقة، فسبحان الله العظيم. وكذلك عندما تُقطع أطراف الشجرة، تقوم الشجرة
بالتعويض من خلال تمتين الجذع، لأجل أن تبرعم من عدة جهات متباعدة لكي لا تتعرض
للأذى، كما يفعل بعض زارعي العنب، لكي تكون العنبة كشجرة واقفة بنفسها لا تحتاج
الى مساندة خارجية .
في الحقيقة، نحن لسنا امام شيء مادي أو هندسي فقط، نحن أمام كائن حي، و كل
كائن حي يحوي شعور، والتفكير أصله من الشعور. مستوى تفكير الإنسان ليس موجودا عند
النبات أو الحيوان، إنها مسألة مستويات ليس إلا، لكن الأساس واحد للجميع، فشعورنا
مبرمج وشعورهم مبرمج، من ناحية الخوف والرغبة، اذ لا يمكن ان يعيش كائن حي ويخلو
من هاتين الصفتين. أما الجينات فهي تعمل بطريقة آلية، بدليل أنها تنتج أخطاء في
الجسم احيانا، مما يسبب له مشاكل ومتاعب وتستمر عليها.
لاحظ أن كل نبات له حيلة لا يستخدمها النبات الآخر ، وهذا يدل على ان في
كل منها شعور مبرمج يجعلها تتصرف بهذا الشكل الفريد. ولاحظ أن البرمجة هذه في قمة
الذكاء، بينما النبات لا عقل له، فمن اين أتى هذا ؟ لا بد من أحد برمجه، لو جُمعت
حيل كل النبات في نبات واحد لاحتل الارض كلها. لكن الله سبحانه يضع في كل نبات
نقاط ضعف، من أجل غيره، ويُوازن العلاقة معه مع غيره، فلا إله إلا الله. إنه عالم
من الإبداع.
ويقولون إنتخاب طبيعي !
لاحظ أيضا أن كل نبات مبرمج على بيئة معينة، لا تستطيع أن تقول ان أي
نبات يستطيع ان يعيش في أي بيئة، وإلا لملكَ الأرض. لو كان هذا انتخاب طبيعي ،
فلماذا اذا نجحت ميزة في نبات تُصنع تلك الميزة في نبات آخر؟ لماذا يتميز هذا
النبات فقط بصنع بذور بأوراق مجنّحة؟ لماذا هذا النبات تناسبه البذور اللولبية
مثلا ؟ ما العقل الذي صنع ذلك ؟
كل كائن حي يحوي شعور مبرمج معنويا ..
كتبت فأوفيت ! بارك الله فيك ! قمة الإبداع والرصانة في تسلسل الفكرة ! شكرا لك أستاذ
ردحذفبارك الله فيك عزيزي عصام ..
حذفولا تحرمنا من تعليقاتك الجميلة ..