من أسباب الخجل من ممارسة فضيلة معينة هي العادة , أي من إهمال
الشعور في السنوات السابقة , لهذا لا يستطيع الشخص أن يطلق شعوره بشكل مفاجئ , في
هذه الحالة تحدث الحبسة الشعورية , فيكون كمن يريد أن يقفز حفرة, لا بد أن يقف
قليلا , لهذا من الأفضل التدرب على أشياء بسيطة حتى يأخذ الشعور طريقه للخروج ,
فحتى يتم التخلص من الخجل من الأفضل التجرؤ على الأشياء البسيطة والتي لا تحتوي
على صعوبات في الحديث عنها ثم يتم الانتقال بالتدريج .
يحاول الشيطان أن يصعب هذه الطريقة ويستخدم أسلوب التخويف حتى يستجيب
له الشخص ثم يسحب نفسه , بعدها يعاقبه شعوره لأنه لم يعبر عنه .
حتى يتم تغيير أي سلوك خاطئ, من الأفضل أن تكون البداية عن طريق
معرفة الفكرة الأساسية لهذا السلوك , بعدها يأتي نقاش هذه الفكرة , والاعتراف
بخطئها ثم وضع نية للتغيير , حتى تتغير الأمور بشكل طبيعي.
لا بد من تحديد الصناعي لأن الأصل هو الطبيعي , فحينما يتم إبعاد
الصناعي سيؤدي الطبيعي عمله بطريقة لا يمكن فهمها. حينما تكون هناك
فكرة مفيدة للجميع لماذا يتم اخفائها وتجنب نقاشها ؟ ربما يظن الشخص بأن الحديث عن
بعض الأفكار العائلية أو الشخصية مثلا تسبب الخجل ولكن النتيجة ستكون عكسية , سيرى
الآخرون بهذا الشخص الذي عبر عن مشاعره وتجرأ على طرح أفكاره الخاصة للنقاش أنه إنسان
متوكل ولم يسيطر عليه الشعور بالخوف , وسيدركون أيضا بأنه لا يهتم بردود افعال من
حوله, وبهذه الطريقة سيشعرون بأنه يحب ويثق بمن يتحدث معهم. الأهم هو التعبير عن
الشعور.
لو تحدث الشخص عن أمور تتعلق ببيته وأسرته بطريقة مؤدبة فلن يشعر
الناس بالغموض معه , لأن من يخفي هذه الجوانب فستكون عبارة عن جوانب محرمة ومظلمة
لا يستطيع أحد الوصول لها فتكون عبارة عن حواجز تقف في طريق المحبة .
التعبير عن الشعور المدروس عن طريق العقل يعطي نتائج إيجابية على عكس
ما يُتصور عادة , فلو تصور بأن التعبير عن شعوره سيسبب سوء فهم الناس له
فالحقيقة هي العكس , فسيفهمه الناس بشكل أفضل وربما يفهمه البعض لأول مرة . ربما
يتوقع بأنه قد يتعرض لسخرية من حوله ولكن الحقيقة بأن من حوله سوف يشعرون بالخجل من
أنفسهم لأنهم لم يستطيعوا أن يعبروا عن شعورهم مثلما فعل , وبهذه الطريقة سيحبونه
أكثر وسيعطونه اسرارهم وسيحبون التعامل معه . طبعا ليس من المناسب أن يتم الحديث
عن الأسرار التي تتعلق بالآخرين أو أسرار شخصية غير مفيدة لكن أقصد الأسرار التي
تفيد الآخرين .
من الأفضل ألا يكون لدى الإنسان شيء مختفي وغامض , لابد من
إخراجه للنور حتى يكون واضحا أمام الآخرين. وهذا من التوكل على الله سبحانه , ومن
يتوكل على الله فلن يضيع .
إن السياجات والأسوار التي يضعها الإنسان على نفسه تكلفه وتتعبه
كثيرا , فحتى يشعر بالراحة لا بد أن يكون مفتوحا وواضحا. لو سخر منه الناس
مثلا بسبب جهله , فلا مشكلة مادامت هذه هي الحقيقة , ولو ابتسم أحد بسخرية لكلام
قاله فهذا حقه لأنه وجد كلاما متناقضا , المهم أنه يسير على الطريق الصحيح , وكما
قال على بن ابي طالب رضي الله عنه : ( لا يستحي أحدكم إذا لم يعلم أن يتعلم وإذا
سئل عما لا يعلم أن يقول لا أعلم ) لهذا على الإنسان أن يكون على
حقيقته حتى لو لم يعرف الأشياء البسيطة والمعروفة , وهذه هي الثقة بالنفس , وسيدرك
الناس بأنه واثق من نفسه ويقبلها كما هي ويريد أن يتطور , بهذه الطريقة سيُحترم
بشكل أكبر ويتعلم حتى لو سخر منه الناس , المهم ألا يهتز وإن وجد الناس عليه
خطأ فليعترف بعدم علمه , لم الخوف ؟ هل يخاف من زوال قيمة مزيفة ؟ إن كانت مزيفة
فليدعها تذهب , فالإنسان الطبيعي لا يقبل إلا حقه الطبيعي , بهذه الطريقة يثبت
بأنه منصف وواثق من نفسه ويبحث عن التطور وهذه فضائل تجعل الناس تحبه وتحب التعامل
معه وتجد سهولة في التواصل معه. سيعرف الناس بأنه شجاع , لأنه عبر عن شعوره وكشف
ما في نفسه من أخطاء, والشجاعة من الفضائل والفضيلة تجلب المحبة.
حينما يعبر أحد ما عن شعوره فسيكون جميلا ومحبوبا , فكلما عبر
الإنسان عن شعوره كلما زاد جماله. من يعبر عن شعوره
سيكون قائدا لمن حوله , ومن يعبر عن شعوره تصبح له هيبة عند الآخرين لأن من يعبر
بكل صراحة فهذا يعني بأنه يمكن أن يَنتقد أيضا.
ليس من الصواب أن ينشغل الإنسان بكيفية التغيير لأنه لا توجد هناك
طريقة للتغيير, ما يحدث هو إبعاد الموانع التي تقف في طريق ما هو طبيعي فينا , فالطبيعة
تعرف طريقها كالشجرة التي تنمو وتثمر من تلقاء نفسها.
ترجمة الأشياء الدقيقة في الشعور تتطلب عقلا دقيقا وهذه مرحلة متقدمة
في ترجمة الشعور . حينما
يتعود العقل على ترجمة المشاعر فسوف يستطيع فيما بعد أن يترجم المشاعر التي تتعلق
بالذوق والفن , فحينما يكون الشخص بعيدا عن شعوره فلن يستطيع أن يترجم سبب إعجابه
بقصيدة معينة مثلا , لهذا من الأفضل أن تترجم المشاعر التي تستطيع ترجمتها من دون
استعجال و حرق للمراحل . التعبير عن الشعور يحتاج لممارسة وتعلم , فمن يعبر ويخطئ
في التعبير فسوف يتجنب الخطأ في المرة التالية , إلى أن يكتسب المهارة , لهذا نلاحظ
أن لدى المعلمين والشعراء والصحفيين طلاقة في التعبير عن مشاعرهم لأنهم
مارسوا وتدربوا على هذا العمل .
حينما يعجب الشخص بشيء ما ويعجز عن شرح سبب الإعجاب فهذا بسبب عدم
ارتباط العقل بالشعور, كمن ينتقي قصيدة ما ويعجب بها ولكن لا يستطيع أن يبين
جمالها وقيمتها , شعوره يعرف قيمة الشيء ولكن المشكلة في قدرة عقله على معرفة هذه
القيمة , في هذه الحالة يكون كبئر بلا دلو , فلا يستطيع أن يسحب الماء.
هناك مرحلتين في التعبير عن الشعور , المرحلة الأولى هي التقييم
الشعوري , أي :بيان شعور الحب أو الكره من دون ذكر السبب, بعدها تأتي المرحلة
الثانية وهي التحليل أي معرفة سبب الحب أو الكره .
هنالك طريقة يمكن أن تساعد من يشعر بالخجل على أن يعبر عن شعوره
أثناء حديثه مع غيره وذلك بتجنب النظر للعينين مباشرة لأن هذا قد يزيد من الشعور
بالارتباك , ويتم عوضا عن ذلك بالنظر إلى الشفتين , وسيظن الآخر بأنه ينظر
لعينيه. إن النظر للعين مباشرة يتطلب ارتباطا , فيمكن النظر للعينين مباشرة لو أن
الحديث يدور حول موضوع اعتيادي كمن يقوم بتوصيف شارع معين مثلا , أما أثناء الحديث
عن الأمور المعنوية فهذا صعب ويتطلب الكثير من الارتباط والتفاهم. لو نظر أحد لعيني آخر بشكل مباشر وهو لم يرتبط معه بالكامل فسوف
يرسل له إشارات عقاب عن طريق العينين مفادها : لمَ لمْ يصل لمرحلة الارتباط بعد؟
من يعاني من الخجل والتردد في الكلام عليه ألا يفكر بما يجري حوله ,
المهم هو أن يعبر عن شعوره لأن تعبيره عن شعوره هو ما سيعلمه ويغيره ويكشف نفسه
للآخرين.
هناك طريقة أخرى تساعد الخجول على التعبير عن مشاعره وذلك عن طريق طرح
الأسئلة .
إن عدم التعبير عن الشعور هو عبارة كبت نفسي , وقد يؤدي لنوبات
هستيريا أو جنون , وكثير من متاعب الناس بسبب الكبت النفسي الذي قد يتطور لأمور لا
يمكن السيطرة عليها , لو عبر الشخص عن شعوره منذ البداية لتم علاج المشاكل .
المشكلة بأن الشيطان يستغل هذا الكبت ويبدأ يوسوس للشخص ليجعله يقول : "لا
أحد يهتم بي وبمعاناتي" , وينسى بأن الناس لا يمكنه أن يعرفوا ما يشعر به
مادام لا يخبرهم بما يشعر به , فهو يعرف معاناته ويتصور بأن الناس عليهم أن يعرفوا
مثله , لا بد أن ينقل الشعور كما هو حتى يفهمونه , ولا يكفي التلميح , لأن الشعور
دقيق ويحتاج لكلام دقيق مثله . الشعور المكبوت يمكن أن يتحول لاحقا لنوبات غضب
مدمرة أو شعور بالإحباط والكآبة والانطوائية , وهذا بسبب أن الناس لا يعرفون ما
يشعر به ولا يعرفون ما يحب وما يكره , والشيطان يستغل ما يجري ويجيره لصالحه
فيوسوس له بأن الناس يكرهونه وأن عليه أن ينتقم , فتحدث له ردة فعل مفاجئة فيفقد
الناس الثقة به وبعقله , حتى يزود الألم عليه , فينفصل شعوريا عن الناس ويتفرد به
الشيطان.
حينما يعبر الإنسان عن شعوره فعليه ألا يهتم بما يقوله الطرف الآخر ,
فالله سيحاسبه على فهمه وليس على فهم الآخرين له .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق