الرجل يفهم المرأة من خلال الطفولة, والمرأة تفهم الرجل وتستملحه من خلال الطفولة, فهي القاسم المشترك بينهما, ومن هنا نفهم التقبيل, فلا يمكن فهمه إلا من خلال الطفولة, فالتقبيل أصلا للطفل وبما أن المرأة وسيلة للطفل صارت تقبَّل مثله, والطفل لا يفهم باللغة لهذا تتواصل معه بالتقبيل والضم والملامسة, أي بلغة الشعور.
ومن هنا جمال المرأة ماديا فصوتها و صغر جسمها وخلوه من الشعر جعلها قريبة من جسم الطفل, والرجل تستملحه المرأة من تشابهه المعنوي مع الطفل في براءته وتلقائيته وحبه للتغيير, لذلك المرأة لا تحب الرجل الكسول البليد, وتحب الرجل النشيط متعدد المهارات, مثلما تحب الطفل النشط وتتحمل شقاوته.
وأساس الزواج كله من أجل الطفولة و لأجل أن تبقى الحياة, وهذا من رحمة الله, فكان الله يستطيع أن يجعلنا نضطر للزواج بالألم, لكن من رحمته ولطفه وكرمه جعل الدافع له اللذة و الرغبة. وكل العمليات البيولوجية مرتبطة باللذة ويتراجع الألم ويكون في المرحلة الثانية, ويتقدم للمرحلة الأولى إذا امتنعت اللذة. كان الله يستطيع أن يجعل الدافع للتغذية هو ألم في المعدة مثلا ولا يزول إلا بالأكل دون استمتاع, لكنه جعل الدافع له لذة, وإذا لم تستجب لها يأتي الألم. فالأكل باللذة والنوم باللذة والتكاثر باللذة والعمل أيضا باللذة والمزاج, فكل من يبدأ مشروع تجده يبدأ مستمتع ومنتعش, وهذا من إيجابية الشعور, قال تعالى: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوكم أيكم أحسن عملا} والزينة أتت من الشعور الفطري الملهَم. وحتى تحسُّس المناطق الحساسة في الجسم يأتي على شكل لذة وضحك في بعض المواضع كأسفل القدمين والجنبين والإبط والبطن, وإذا زاد الاحتكاك يأتي دور الألم.
علامات الجمال والوسامة أساسها التشابه مع الطفل, لهذا يفضَّل الوجه ذو العينين الكبيرتين والأنف والفم الصغيرين, لأنها قريبة من ملامح الطفل, فالطفل أنفه صغير وفمه صغير لكن عينيه كبيرتين, ولهذا الكحل يجمل العينين لأنه يجعلهما تبدوان أكبر.
و الملاحة هي أيضا سمات طفولة لكنها مرتبطة بالحركة والسلوك, كحركات اليدين وطريقة الابتسامة والالتفات والبراءة..إلخ. وحتى طفل الحيوان نراه مليحا حتى لو كان طفل تمساح, ونقيس عليه جمال الحيوانات الأكبر, إذن مقاييس جمال الحيوان مبنية على جمال صغارها, مثلما مقاييس جمال الإنسان مبنية على جمال الطفل.
الجمال هو خفة الدم والملاحة + الجمال الشكلي, فالجمال في الجنسين يُنظر له على هذين الأساسين معنوي ومادي, وكلها تذهب إلى الطفولة.
ولاحظ أن الإنسان كلما كان فاضلا واقترب من شعوره كلما بدا أصغر عمرا, إذن أساس الجمال في الإنسان هو في الطفل, لأن الطفل هو الأقرب للفطرة والشعور, فأٍساس الجمال إذن من الشعور, و إذا أردت أن تقول لأحد لا تفقد جمالك تستطيع أن تستبدلها بـ: لا تفقد طفولتك.
وكذلك الحيوان جماله من تشابهه مع صغاره, وحتى في الماديات نحن نستملح الأشياء المصغَّرة مثل ملعقة صغيرة أو إبريق صغير ونعتبرها من التحف, لأنها تذكرنا بالأطفال. وكل التجميل هو عملية عودة للطفولة, مثل صباغة الشعر بالأسود ومثل شد الوجه والحلاقة وتخفيف الوزن وشد الخصر وغيرها. إذن فأساس الجمال في الأحياء بشكل عام هو غريزة رعاية الطفولة, وهي موجودة في كل إنسان وليس فقط في الأنثى.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق