الثواب والعقاب دليل على احترام الفضيلة و علو شأنها ، الدين لا يريد ان نمارس الفضيلة لاجل الثواب والعقاب ، بل لأجلها : (يحبهم ويحبونه) ، لكن لو لم يرتِّب ثوابا وعقابا لقال الناس : ليست الفضيلة ذات قيمة ! ولو كان لها قيمة لترتب عليها ثواب وعقاب واله قادر على كل شيء !!
المؤمن قبل ان يؤمن يدفعه حب الجمال والفضيلة
والانسانية والعقل والعلم ، وعن طريقها يعرف الدين ، ثم يعتنق الدين ، ثم يتقبل ما
فيه من ثواب وعقاب . وليست البداية من الثواب والعقاب يرتبها دين لا يعرفه ولا يثق
به ، فليس لها قيمة .
أنا مسلم ، والمسيحية تقول : اذا لم تعترف
بالمسيح يسوع الابن المخلص فإنك سوف تحرم من الحياة الابدية ، هذ التهديد لا
يخيفني مع انه كبير لأني لا أعتقد ان عيسى ابن الله ولكن عبده ورسوله كبقية
الانبياء .
ان المؤمن يؤمن وهو لا يعرف العقوبات والثوابات
إلا فيما بعد ، و لاحظ ان هذه الثوابات والعقابات واسبابها لا يتقيد الناس بها
كثيرا بقدر تقيدهم بالايمان ، وهذا الدليل ينقض كل الفكرة الالحادية في ان المؤمن
آمن وعمل الاخلاق بسبب الترهيب والترغيب ..
في الحقيقة أن الواقع هو عكس ذلك ، فما أكثر
مخالفات المسلمين لاشياء كثيرة ترتبت عليها عقوبات قد يتعرضون لها ، وثوابات قد
يحرموا انفسهم منها ، ولكنهم لا يختلفون على الايمان بالله الخيّر . ولو كان
الثواب والعقاب هو السبب لكان تركيز المؤمنين عليها ولما فرطوا في هذا الجانب ، اذن
التهمة باطلة وغير دقيقة كعادة الفكر الملحد في عدم دقته . بل الحقيقة ان الملحد
هو الخاضع للترهيب والترغيب ، والشيطان يخوفه على مصالحه ومتعه ، مع انه سيتركها
قبل ان تتركه . هذا اذا حصل عليها فعلاً : (ذلكم الشيطان يخوف اولياؤه)..
فالملحد يخاف ان يفتقر من الزكاة ، ويخاف ان يجوع
من الصوم ، ويخاف من الالتزام بالاخلاق ان تتضرر مصالحه . والمصلحة عند الملحد وهم
كبير ، يراه في المستقبل ولا يراه في الحاضر : (يعدهم الشيطان ويمنيهم وما يعدهم
الشيطان الا غرورا ) .
ومن يرفض فكرة الثواب والعقاب بسبب لا اخلاقيتها
، فيجب ان يعمم رفضها على كل المستويات ، فلا يجب معاقبة المجرمين ، ولا أن يتم
تربية الابناء على مبدأ الثواب و العقاب ، وعليها يجب ان تلغى حتى جائزة نوبل ،
لانها تشجع وهي عبارة عن ثواب .
المادي يخالف مبادئه عندما يفعل افعال اخلاقية
وليست تجارية ، وهو يخالف الالحاد حينئذ ، والمؤمن يخالف دينه اذا فعل افعال لا
اخلاقية . لن يكون الناس كلهم مؤمنين يوما من الايام ، ولن يكونوا كلهم ملحدين
يوما من الايام ، اذن كل الادلة والترهيب والترغيب والاغراء ، كلها غير قادرة على
اجبار الناس على خط واحد ، اذن لا يتحكم بهم شيء سوى اختيارهم .
الملحد يرى الالحاد حسنا فألحد ، والمؤمن يرى
الايمان حسنا فآمن ، ليس قدرا ان يكون المؤمن مؤمنا والملحد ملحدا ، بل التغيير
وارد حسب الرؤية . وما دام هناك مؤمنون يخرجون الى الالحاد ، والعكس ايضا ، اذن
ليس الترهيب والترغيب هو من جعل الناس يؤمنون أو يلحدون أو ينتقلون الى دين اخر ،
بدليل وجود من يلحدون بعد ايمانهم ..
الملحد لا يمدح الالحاد بل يسب الدين ، وهذه اول
علامة على فشل المنهج الالحادي ، أنه لا يجعل المنتمي اليه يحبه ، لان الشعور
الانساني هو مع الخير والاخلاق والايمان ، والحب هو حركة الشعور الانساني . المؤمن
اكثر سرورا وابتهاجا بايمانه من الملحد بإلحاده ، وهذا واضح على كل المستويات ، اذن
الحب هو سبب الايمان وليس الترغيب والترهيب .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق