الدين يقتضي الإيمان ، و الإلحاد ليس عقلانياً ولا علمياً . والدين على نوعين : دين إيجابي ، ودين سلبي .
الديانات ذات المعبودات ديانات ايجابية ، والالحاد ديانة سلبية ، لأن فكرة وجود إله من عدمها فكرة مركزية تنظّم كل الحياة ، فالذي لا يعبد إلها موجوداً فهو يعبد عدم وجود إله وما يقتضيه ذلك ، لأن هذا الإعتقاد سيرتب وينظم حياة المعتقـِد كلها ، مثلما يفعل الإله مع المعتقـِد بوجوده ..
بعبارة أخرى : هو يعبد (عكس الإله) الذي هو الشيطان ، واذا كان الإله هو رمز الخير وقد تخلى عنه ، اذن فهو يعبد عكسه بالضرورة ، لكن أفراد الثورة الفرنسية مثلا لهم دين ، قبل الثورة أو بعدها ، وهو المسيحية ، وهذه المبادئ محترمة فقط وليست معبودة أو مقدسة .
وعدم وجود إله يسدُّ فراغاتٍ كان يملؤها وجود الإله ، فالإله ووجوده يقتضي أملا بعد الحياة ، وعدم وجوده يقتضي عدم وجود الامل ، مما يعني الإنصباب على الدنيا ، فكل ملحد يحب الدنيا ويخاف من الموت لأنه لا أمل عنده في الآخرة ، ماذا تعني الدنيا عند الملحد ولا غاية من وجوده ، وليس له رسالة يتبناها ، ومصيره التلاشي ، وبلا عودة للحياة ابداً ؟ ماذا تعني له إلا المتع والشهوات وأكبر قدر منها و اياً كانت ؟ و لكن بدون أن تسبب أضراراً مباشرة ، فهو يعيش ما دام هناك شيء يستمتع به ، وإلا فالحياة عبث ولا قيمة لوجود الإنسان وليس له قضية ، لكن المتع هي الشيء الوحيد الذي يستطيع العيش لأجله ، وليست الأخلاق التي يعيش من أجلها .
الملحد لا يمكن أن يعيش من أجل الأخلاق ، لأنه لو عاش من اجلها لتعارضت مع المصلحة والمتع ، والمتعة دائماً في تعارض مع الأخلاق وهي شعار الملاحدة المرفوع ، والتي تُلطَّف بكلمة مصالح . وما لا يتعارض مع المصلحة ، فهو يدعمها قطعاً .
ولو افترضنا وجود شخص بهذا الشكل ، فإذن لماذا يعيش وقد حيل بينه وبين الشيء الوحيد الذي يعجبه وهو المتع ؟ مثله مثل المريض الميؤوس منه ، والحياة ليس فيها أي شيء ممتع ؟ فليس له أمل في الشباب ولا في الصحة ولا في الآخرة ، فلماذا يضيّق على نفسه إلا أن ينتحر أو يقتلوه قتلاً رحيماً ؟ وحياته لها حد والأخلاق ليس لها حد ، إذن فلا إلتزام بالأخلاق : هذا هو ملخص حياة الملحد .
بينما المؤمن يستطيع العيش من أجل الأخلاق ، و يصبّره الأمل والمتعة التي تعطيه إياها الأخلاق لإلتزامه بها ، والمتزايدة مع التقدم في سلم الأخلاق ، والتي لا يعرفها الشخص العادي الذي لم يقتحم سلم الأخلاق . و منطقياً لا يستطيع ان يتذوقها الملحد لأن مصلحته تمنعه من الإغراق في سلم الأخلاق .
وإذا قال الملحد أن الحياة جميلة وتستحق العيش فهو يقصد المتع والمتع فقط ، سواء كانت حسية أو معنوية ما دامت لا تتعارض مع المصلحة ، لأن إختيار المصلحة حتمي بسبب عدم وجود إله ، و ما المصالح إلا التي تجذب المتع والشهوات ، فالمصالح هي وسائل حفظ الشهوات واستمرار تدفقها ، ومن هنا نرى الفكر الإلحادي مصرّ على المصالح ، لأن الدنيا ليس بها ما يزيّنها إلا هي ، فالتحول للمادية حتمي إذا إنعدم وجود الإله ، وبالتالي تنصنع شخصية الملحد ، والتي بخلاف ما كانت عليه عندما كان مؤمناً .
بمعنى آخر : إن عدم عبادة الله ، تتحول مباشرة وبالضرورة إلى عبادة الطاغوت ،
و وجود إله يحدُّ من الطغيان و يـُلزم بالتوازن ، بينما عدم وجوده يعني عدم إلتزام بالتوازن .
والأخلاق يُعاقـَب من يتركها في وجود إله ، و في عدم وجوده لا يـُعاقب تارك لأخلاق ، وبالتالي لا يتم الحد من الطغيان ،
وبالايمان بوجود اله ، يكون الايمان هو من يتحكم بقرارات الانسان ، وبعدم الإيمان بالله ، فالمصالح هي من تتحكم به ، والمصلحة لا حد لها ، أي طغيان ،
والشهوات في ظل الايمان منظَّمة ، و بعدم وجوده تكون منفلتة ، أي طغيان ،
الإنسان بوجود إله يعرف أنه عبد لله وليس سيداً أو إلهاً ، و بعدم وجود إله يحل الإنسان محل الإله ، وهذا طغيان ، لأنه ليس بإله ولا يعرف شيئاً ، وهو لا يعرف نفسه ولا يدرك ما حوله تماماً فكيف يكون إلهاً ؟ سيكون إلهاً أحمق .
و بوجود إله ، الفرد يأخذ ويعطي ، و له حقوق وعليه واجبات ، وفي عدم وجود إله فهو يأخذ من الطبيعة ولا يعطي ، وهذا طغيان ،
الخروج عن الدين – ايا كان الدين – فهو طغيان ، فهو يعني انطلاق الشهوات وانطلاق الكبرياء المكبوتة .
و وجود إله يجعلك ترى الكون منظما ، وعدم وجوده يجعلك ترى الكون فوضى ، وبالتالي تُناط بالإنسان مهمة إصلاحه وترتيبه بموجب مصالحه طبعاً ، وكلٌّ سيرتب في هذا الكون على مصالحه هو ، والمصالح بطبيعتها تتعارض ، وبالتالي تكون عبثية حقاً ، والإنسان عاجز في الحقيقة ، وهذا يثبت أن قضية وجود الله من عدمه قضية مركزية أساسية .
والإيمان يقتضي الطاعة و الانقياد للسنن الكونية ، وعدم وجود إله يعني التمرد على الطبيعة وقوانينها ، المادية والمعنوية ، وهي ليست قضية هامشية ، بل هي مسألة المسائل و أهم القضايا . ليس بصحيح أن تكون مؤمنا بوجود إله أو غير مؤمن و لا تتغير شخصيتك ، بل ستتغير الشخصية الفردية والمجتمع من خلال وجود إله أو عدم وجوده ، فهي إذن قضية لها ما بعدها .
الملحد يؤمن بحتمية المصالح عنده ، بينما المؤمن الصادق ليست لديه حتمية للمصالح .
والملحد يرى أنه لا توجد ثوابت ، وبالتالي هذا الإعتقاد يُشعِر بالخوف وعدم الثقة .
والملحد يرى نفسه إلهاً و بالتالي سيتغير وضعه وسيقوم بالتغيير لما حوله من سنن الله وقوانينه ، كما فعل فرعون الملحد ، عندما قال : ( لا أريكم إلا ما أرى ، ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد ) ، وفرعون لا يعبد أحداً ولا يعبد نفسه ، إذن فهو إله ، كما أعلن ذلك نيتشه الملحد ..
باب الألوهية مفتوح عند عدم وجود إله ، وهذا يدل على أنه موجود ، لأن غيابه يترك فراغاً لا بد أن يُملأ ، وغير الموجود لا يترك فراغاً إذا غاب . والملحد اعتبر نفسه إلها وعلى ذلك له ان يتحكم حتى في الخلق و الجينات ويعدل فيها ، وله حق التمرد على كل الثوابت التي كان يثبّتها الدين ، بما فيها الأخلاق ، وهذا ما يفعلونه ، فلا يوجد إله ، وبالتالي يكون هو النائب عن هذا الإله ، أي هو الإله .
وما دام هو كذلك فلا بد أن يظهر بمظهر العليم الخبير المدبر المهيمن القادر على كل شيء ، و هذا ما يحاولون ان يظهروا عليه ، بأن العلم قادر على كل شيء ، وسوف يتم التحكم من خلال العلم بكل شيء ، ويتم الكشف عن حقيقة كل شيء ، وهذا لا يزال في إطار الإدعاءات ولا يعني شيئاً ، فقط لسدّ حاجات الإله ، كما إدعى فرعون سابقا أنه عليم بكل شيء ، وأنه لا يهدي الناس إلا إلى سبيل الرشاد ، إذن الإلحاد يصنع الشخصية الفرعونية
هذا الإله الإنساني يعاني من الجهل والضعف ، لدرجة أنه لا يفهم شيئاً واحداً بصفة شاملة ، ولا يعلم من الغيب ولا نقطة ، ولا يعلم من المستقبل ولا جزئية ، ولا يعلم من اين أتى ، ومع ذلك مصرٌّ على الألوهية .
الملحد هو الذي يقدّس ، مثله مثل الدينيين ، يقدّس المادة ورموزها وشخصيات إلحادية و العلم التجريبي .. الملحد يصارع الأديان بعنف ويحاربها جميعاً ، بل حتى لا يفضل بعضها على بعض ، وانهزام الدين و تخطئته هو دائماً شغله الشاغل ، ويفرح اذا تخلى احد عن دينه ، بينما هو لا يستفيد من وراء ذلك شيئاً ، فهو اذن ينتصر لمن ؟ ويكافح لأجل ماذا ؟ بالرغم من أنه لا يعبد أحداً ؟
كل تصرفاته واقواله تعتبر مجهوداً حربيا ً ضد الدين ، ما مصدر هذه الطاقة ؟ كل هذا نصرةً للعلم ؟ كيف ذلك و ثلاثة أرباع العلم اقامه المؤمنون في عصرنا هذا ؟ و كل العلم قام به متدينون في عصور ما قبل الإلحاد ؟ فلماذا كل هذا الخوف على العلم إن كان حقاً ؟
والملحد يمارس الدعوة إلى الإلحاد ، و يفرح إذا قمت بشيء يخالف الدين ، و يمهد لك أن تكمل البقية ، و يشجعك بأية وسيلة تخالف بها دينك ، ويرفع من قيمتك إذا خالفت الدين ويقربك إليه شخصياً ، ويوسوس إليك عن طريق الافكار التشكيكية ، و يكرهك بالإلتزام الأخلاقي و يقلل من شأن الأخلاق ، ويشجع على ممارسة المتع والشهوات ، بل ويمدح ذكائك وشجاعتك إذا خالفت مبادئك ، ويبتعد عنك بطريقة غامضة إذا التزمت بمبادئك وحاولت كشف نيته ، وبذلك هو يشبه الشيطان .
الشيطان إدّعى الألوهية ، إذن فالديانة الإلحادية نستطيع تسميتها بالديانة الألوهية ، فهو دين إلهي ، أي يحوّلك إلى إله ، أي مثلما فعل الشيطان وفعل فرعون ، وهذا الدين جديد له اصوله القديمة .
الديانات ذات المعبودات ديانات ايجابية ، والالحاد ديانة سلبية ، لأن فكرة وجود إله من عدمها فكرة مركزية تنظّم كل الحياة ، فالذي لا يعبد إلها موجوداً فهو يعبد عدم وجود إله وما يقتضيه ذلك ، لأن هذا الإعتقاد سيرتب وينظم حياة المعتقـِد كلها ، مثلما يفعل الإله مع المعتقـِد بوجوده ..
بعبارة أخرى : هو يعبد (عكس الإله) الذي هو الشيطان ، واذا كان الإله هو رمز الخير وقد تخلى عنه ، اذن فهو يعبد عكسه بالضرورة ، لكن أفراد الثورة الفرنسية مثلا لهم دين ، قبل الثورة أو بعدها ، وهو المسيحية ، وهذه المبادئ محترمة فقط وليست معبودة أو مقدسة .
وعدم وجود إله يسدُّ فراغاتٍ كان يملؤها وجود الإله ، فالإله ووجوده يقتضي أملا بعد الحياة ، وعدم وجوده يقتضي عدم وجود الامل ، مما يعني الإنصباب على الدنيا ، فكل ملحد يحب الدنيا ويخاف من الموت لأنه لا أمل عنده في الآخرة ، ماذا تعني الدنيا عند الملحد ولا غاية من وجوده ، وليس له رسالة يتبناها ، ومصيره التلاشي ، وبلا عودة للحياة ابداً ؟ ماذا تعني له إلا المتع والشهوات وأكبر قدر منها و اياً كانت ؟ و لكن بدون أن تسبب أضراراً مباشرة ، فهو يعيش ما دام هناك شيء يستمتع به ، وإلا فالحياة عبث ولا قيمة لوجود الإنسان وليس له قضية ، لكن المتع هي الشيء الوحيد الذي يستطيع العيش لأجله ، وليست الأخلاق التي يعيش من أجلها .
الملحد لا يمكن أن يعيش من أجل الأخلاق ، لأنه لو عاش من اجلها لتعارضت مع المصلحة والمتع ، والمتعة دائماً في تعارض مع الأخلاق وهي شعار الملاحدة المرفوع ، والتي تُلطَّف بكلمة مصالح . وما لا يتعارض مع المصلحة ، فهو يدعمها قطعاً .
ولو افترضنا وجود شخص بهذا الشكل ، فإذن لماذا يعيش وقد حيل بينه وبين الشيء الوحيد الذي يعجبه وهو المتع ؟ مثله مثل المريض الميؤوس منه ، والحياة ليس فيها أي شيء ممتع ؟ فليس له أمل في الشباب ولا في الصحة ولا في الآخرة ، فلماذا يضيّق على نفسه إلا أن ينتحر أو يقتلوه قتلاً رحيماً ؟ وحياته لها حد والأخلاق ليس لها حد ، إذن فلا إلتزام بالأخلاق : هذا هو ملخص حياة الملحد .
بينما المؤمن يستطيع العيش من أجل الأخلاق ، و يصبّره الأمل والمتعة التي تعطيه إياها الأخلاق لإلتزامه بها ، والمتزايدة مع التقدم في سلم الأخلاق ، والتي لا يعرفها الشخص العادي الذي لم يقتحم سلم الأخلاق . و منطقياً لا يستطيع ان يتذوقها الملحد لأن مصلحته تمنعه من الإغراق في سلم الأخلاق .
وإذا قال الملحد أن الحياة جميلة وتستحق العيش فهو يقصد المتع والمتع فقط ، سواء كانت حسية أو معنوية ما دامت لا تتعارض مع المصلحة ، لأن إختيار المصلحة حتمي بسبب عدم وجود إله ، و ما المصالح إلا التي تجذب المتع والشهوات ، فالمصالح هي وسائل حفظ الشهوات واستمرار تدفقها ، ومن هنا نرى الفكر الإلحادي مصرّ على المصالح ، لأن الدنيا ليس بها ما يزيّنها إلا هي ، فالتحول للمادية حتمي إذا إنعدم وجود الإله ، وبالتالي تنصنع شخصية الملحد ، والتي بخلاف ما كانت عليه عندما كان مؤمناً .
بمعنى آخر : إن عدم عبادة الله ، تتحول مباشرة وبالضرورة إلى عبادة الطاغوت ،
و وجود إله يحدُّ من الطغيان و يـُلزم بالتوازن ، بينما عدم وجوده يعني عدم إلتزام بالتوازن .
والأخلاق يُعاقـَب من يتركها في وجود إله ، و في عدم وجوده لا يـُعاقب تارك لأخلاق ، وبالتالي لا يتم الحد من الطغيان ،
وبالايمان بوجود اله ، يكون الايمان هو من يتحكم بقرارات الانسان ، وبعدم الإيمان بالله ، فالمصالح هي من تتحكم به ، والمصلحة لا حد لها ، أي طغيان ،
والشهوات في ظل الايمان منظَّمة ، و بعدم وجوده تكون منفلتة ، أي طغيان ،
الإنسان بوجود إله يعرف أنه عبد لله وليس سيداً أو إلهاً ، و بعدم وجود إله يحل الإنسان محل الإله ، وهذا طغيان ، لأنه ليس بإله ولا يعرف شيئاً ، وهو لا يعرف نفسه ولا يدرك ما حوله تماماً فكيف يكون إلهاً ؟ سيكون إلهاً أحمق .
و بوجود إله ، الفرد يأخذ ويعطي ، و له حقوق وعليه واجبات ، وفي عدم وجود إله فهو يأخذ من الطبيعة ولا يعطي ، وهذا طغيان ،
الخروج عن الدين – ايا كان الدين – فهو طغيان ، فهو يعني انطلاق الشهوات وانطلاق الكبرياء المكبوتة .
و وجود إله يجعلك ترى الكون منظما ، وعدم وجوده يجعلك ترى الكون فوضى ، وبالتالي تُناط بالإنسان مهمة إصلاحه وترتيبه بموجب مصالحه طبعاً ، وكلٌّ سيرتب في هذا الكون على مصالحه هو ، والمصالح بطبيعتها تتعارض ، وبالتالي تكون عبثية حقاً ، والإنسان عاجز في الحقيقة ، وهذا يثبت أن قضية وجود الله من عدمه قضية مركزية أساسية .
والإيمان يقتضي الطاعة و الانقياد للسنن الكونية ، وعدم وجود إله يعني التمرد على الطبيعة وقوانينها ، المادية والمعنوية ، وهي ليست قضية هامشية ، بل هي مسألة المسائل و أهم القضايا . ليس بصحيح أن تكون مؤمنا بوجود إله أو غير مؤمن و لا تتغير شخصيتك ، بل ستتغير الشخصية الفردية والمجتمع من خلال وجود إله أو عدم وجوده ، فهي إذن قضية لها ما بعدها .
الملحد يؤمن بحتمية المصالح عنده ، بينما المؤمن الصادق ليست لديه حتمية للمصالح .
والملحد يرى أنه لا توجد ثوابت ، وبالتالي هذا الإعتقاد يُشعِر بالخوف وعدم الثقة .
والملحد يرى نفسه إلهاً و بالتالي سيتغير وضعه وسيقوم بالتغيير لما حوله من سنن الله وقوانينه ، كما فعل فرعون الملحد ، عندما قال : ( لا أريكم إلا ما أرى ، ولا أهديكم إلا سبيل الرشاد ) ، وفرعون لا يعبد أحداً ولا يعبد نفسه ، إذن فهو إله ، كما أعلن ذلك نيتشه الملحد ..
باب الألوهية مفتوح عند عدم وجود إله ، وهذا يدل على أنه موجود ، لأن غيابه يترك فراغاً لا بد أن يُملأ ، وغير الموجود لا يترك فراغاً إذا غاب . والملحد اعتبر نفسه إلها وعلى ذلك له ان يتحكم حتى في الخلق و الجينات ويعدل فيها ، وله حق التمرد على كل الثوابت التي كان يثبّتها الدين ، بما فيها الأخلاق ، وهذا ما يفعلونه ، فلا يوجد إله ، وبالتالي يكون هو النائب عن هذا الإله ، أي هو الإله .
وما دام هو كذلك فلا بد أن يظهر بمظهر العليم الخبير المدبر المهيمن القادر على كل شيء ، و هذا ما يحاولون ان يظهروا عليه ، بأن العلم قادر على كل شيء ، وسوف يتم التحكم من خلال العلم بكل شيء ، ويتم الكشف عن حقيقة كل شيء ، وهذا لا يزال في إطار الإدعاءات ولا يعني شيئاً ، فقط لسدّ حاجات الإله ، كما إدعى فرعون سابقا أنه عليم بكل شيء ، وأنه لا يهدي الناس إلا إلى سبيل الرشاد ، إذن الإلحاد يصنع الشخصية الفرعونية
هذا الإله الإنساني يعاني من الجهل والضعف ، لدرجة أنه لا يفهم شيئاً واحداً بصفة شاملة ، ولا يعلم من الغيب ولا نقطة ، ولا يعلم من المستقبل ولا جزئية ، ولا يعلم من اين أتى ، ومع ذلك مصرٌّ على الألوهية .
الملحد هو الذي يقدّس ، مثله مثل الدينيين ، يقدّس المادة ورموزها وشخصيات إلحادية و العلم التجريبي .. الملحد يصارع الأديان بعنف ويحاربها جميعاً ، بل حتى لا يفضل بعضها على بعض ، وانهزام الدين و تخطئته هو دائماً شغله الشاغل ، ويفرح اذا تخلى احد عن دينه ، بينما هو لا يستفيد من وراء ذلك شيئاً ، فهو اذن ينتصر لمن ؟ ويكافح لأجل ماذا ؟ بالرغم من أنه لا يعبد أحداً ؟
كل تصرفاته واقواله تعتبر مجهوداً حربيا ً ضد الدين ، ما مصدر هذه الطاقة ؟ كل هذا نصرةً للعلم ؟ كيف ذلك و ثلاثة أرباع العلم اقامه المؤمنون في عصرنا هذا ؟ و كل العلم قام به متدينون في عصور ما قبل الإلحاد ؟ فلماذا كل هذا الخوف على العلم إن كان حقاً ؟
والملحد يمارس الدعوة إلى الإلحاد ، و يفرح إذا قمت بشيء يخالف الدين ، و يمهد لك أن تكمل البقية ، و يشجعك بأية وسيلة تخالف بها دينك ، ويرفع من قيمتك إذا خالفت الدين ويقربك إليه شخصياً ، ويوسوس إليك عن طريق الافكار التشكيكية ، و يكرهك بالإلتزام الأخلاقي و يقلل من شأن الأخلاق ، ويشجع على ممارسة المتع والشهوات ، بل ويمدح ذكائك وشجاعتك إذا خالفت مبادئك ، ويبتعد عنك بطريقة غامضة إذا التزمت بمبادئك وحاولت كشف نيته ، وبذلك هو يشبه الشيطان .
الشيطان إدّعى الألوهية ، إذن فالديانة الإلحادية نستطيع تسميتها بالديانة الألوهية ، فهو دين إلهي ، أي يحوّلك إلى إله ، أي مثلما فعل الشيطان وفعل فرعون ، وهذا الدين جديد له اصوله القديمة .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق