ان وصف الماديات لا قيمة له بحد ذاته الا بارتباطه بالقيم العليا بالانسان ، مثل وصف الناقة والحصان والسيف ، لأن لها علاقة بالمثل العليا ، فتأخذ قيمتها منه .. لكن لو ان هذا الشاعر تردى و وصف ادوات المطبخ دون ان يربطها بالكرم ، لاصبحت قصيدته اضحوكة ، وتصنف من الشعر الفكاهي مثل من يصف عنزه ، او يصف سيارته من باب المنلوج الضاحك ليس الا .. و هكذا هي المادية كما يصورها الشعر ، وهو دليل يجب اخذه بالاعتبار .. بل لا يوجد شيء اهان النظرة المادية مثل الشعر ..
اذا الشعر المادي شعر فكاهي ، هكذا هو في كل الاداب العالمية ، والشعر هو صدى البشرية .. لاحظ وصف السيف متعلق بالشجاعة والنجدة والمروءة ، وكذلك وصف الجمل والحصان بربطه بالشجاعة والجسارة والصبر والتحمل والسفر .. لكن لو وصف خزان الماء او اناء الوضوء دون ربطه بقيم عليا ، سوف يكون شعرا فكاهيا سخيفا ..
و لاحظ الحيوانات التي توصف كثيرا في الشعر ، تجد علاقة بينها وبين مثاليات انسانية ، كشجاعة الاسد او النمر او الذئب ، و وفاء الكلب ، وشموخ الصقر ، و وداعة الحمام وجمال هديلها الذي دائما يشبّه بفراق المحبين ، إلخ .. لكن قلما وصف الشعراء حيوانا كالفأر او الصراصير لبعد العلاقة بينها وبين قيم الانسان ومثله العليا ..
قال ابن الرومي :
ويلاه ان نظرت وان هي اعرضت .. وقع السهام ونزعهن اليم ..
هذا المشهد المادي يشبهه الشاعر بحالة شعوره في حالة اقبال المحبوب و اعراضه .. لأن الشعور غير مادي ..
وللمتنبي :
فصرت اذا اصابتني سهام .. تكسرت النصال على النصال ..
يصف كثرة المصائب والهموم على قلبه .. و هي امور غير مادية ، والا لما استعان بالمادة لتوضيحها .. ولأجل هذا اخذت المادة قيمتها في الشعر ، و ليس لها اي قيمة بدون شعور الانسان .. حتى لو كان نظما موزونا و مقفى .. ومطابقا للعروض ..
وهذا ما يفسر لنا ما اسماه نقاد الشعر بالكلمات الشعرية و الكلمات غير الشعرية ، الغير شعرية مثل كلمة البصل ، ولذلك عابوا على بشار قوله :
انما عظم سليمى حبتي .. قصب السكر لا عظم الجمل ..
واذا ادنيت منها بصلا .. غلب المسك على ريح البصل ..
فهم عابوا عليه عظم الجمل و البصل .. ولكنهم لم يفسروا السبب ، و السبب هو ما ذكرته اعلاه من موضوع الارتباط بالقيم الانسانية العليا .. بمعنى لو استطاع الشاعر ان يربط البصل بقيم عليا ، لاصبحت كلمة شعرية ..
وكان العقاد و المازني ثائرين على مبدأ الكلمات الغير شعرية ، متاثرين بالنقد الغربي المتاثر بالمادية ، من خلال الفترة الواقعية .. وقالوا يجب ان يكون الشعر مرآة لحياتنا ، وحياتنا فيها الغسال والفوال والخباز ، فلماذا ينأى عنها الشعر و هي من حياتنا ؟ و نظم العقاد 11 ديوانا من الشعر ، تعج بمثل هذه الاشياء ، لكن لم يشتهر منها ولا ديوانا واحدا ..
المادة خادمة للشعر ، لأنه من خلالها وصّل الشاعر مشاعره ، وهذا دليل على ان المشاعر ليست مادية .. والشاعر لا يصف حياته اليومية ، بل يصف حياته الشعورية .. والشعر سمي شعرا من الشعور ، و ليس من الوزن الموسيقي ..
اذا الشعر المادي شعر فكاهي ، هكذا هو في كل الاداب العالمية ، والشعر هو صدى البشرية .. لاحظ وصف السيف متعلق بالشجاعة والنجدة والمروءة ، وكذلك وصف الجمل والحصان بربطه بالشجاعة والجسارة والصبر والتحمل والسفر .. لكن لو وصف خزان الماء او اناء الوضوء دون ربطه بقيم عليا ، سوف يكون شعرا فكاهيا سخيفا ..
و لاحظ الحيوانات التي توصف كثيرا في الشعر ، تجد علاقة بينها وبين مثاليات انسانية ، كشجاعة الاسد او النمر او الذئب ، و وفاء الكلب ، وشموخ الصقر ، و وداعة الحمام وجمال هديلها الذي دائما يشبّه بفراق المحبين ، إلخ .. لكن قلما وصف الشعراء حيوانا كالفأر او الصراصير لبعد العلاقة بينها وبين قيم الانسان ومثله العليا ..
قال ابن الرومي :
ويلاه ان نظرت وان هي اعرضت .. وقع السهام ونزعهن اليم ..
هذا المشهد المادي يشبهه الشاعر بحالة شعوره في حالة اقبال المحبوب و اعراضه .. لأن الشعور غير مادي ..
وللمتنبي :
فصرت اذا اصابتني سهام .. تكسرت النصال على النصال ..
يصف كثرة المصائب والهموم على قلبه .. و هي امور غير مادية ، والا لما استعان بالمادة لتوضيحها .. ولأجل هذا اخذت المادة قيمتها في الشعر ، و ليس لها اي قيمة بدون شعور الانسان .. حتى لو كان نظما موزونا و مقفى .. ومطابقا للعروض ..
وهذا ما يفسر لنا ما اسماه نقاد الشعر بالكلمات الشعرية و الكلمات غير الشعرية ، الغير شعرية مثل كلمة البصل ، ولذلك عابوا على بشار قوله :
انما عظم سليمى حبتي .. قصب السكر لا عظم الجمل ..
واذا ادنيت منها بصلا .. غلب المسك على ريح البصل ..
فهم عابوا عليه عظم الجمل و البصل .. ولكنهم لم يفسروا السبب ، و السبب هو ما ذكرته اعلاه من موضوع الارتباط بالقيم الانسانية العليا .. بمعنى لو استطاع الشاعر ان يربط البصل بقيم عليا ، لاصبحت كلمة شعرية ..
وكان العقاد و المازني ثائرين على مبدأ الكلمات الغير شعرية ، متاثرين بالنقد الغربي المتاثر بالمادية ، من خلال الفترة الواقعية .. وقالوا يجب ان يكون الشعر مرآة لحياتنا ، وحياتنا فيها الغسال والفوال والخباز ، فلماذا ينأى عنها الشعر و هي من حياتنا ؟ و نظم العقاد 11 ديوانا من الشعر ، تعج بمثل هذه الاشياء ، لكن لم يشتهر منها ولا ديوانا واحدا ..
المادة خادمة للشعر ، لأنه من خلالها وصّل الشاعر مشاعره ، وهذا دليل على ان المشاعر ليست مادية .. والشاعر لا يصف حياته اليومية ، بل يصف حياته الشعورية .. والشعر سمي شعرا من الشعور ، و ليس من الوزن الموسيقي ..
شكرا على هذا الطرح الجميل
ردحذفclavier arabe