و هذا الكتاب يسرد هذا الطريق بتفاصيله و التي تعنيت هنا لترجمة أكبر قدر منه لأني شخصيا أعتبر هذا الجزء الأخير و الخاص بالسرد التاريخي بمثابة بونص أو مكافئة أضافت للكتاب بعدا معرفيا مهما آخر حتى لو لم يكن هذا هو الهدف الأساسي منه ، بل الهدف كما ذكرت هي محاولة الإجابة علي الأسئلة التي يحاول ستيفن هوكينغ التطرق لها من الوجهة النظرية العلمية البحتة،
الرد:
اذن نحن امام طريق مخالف للمعهود ، و غير معتمد عليه ، لأنه
يصفه بالكلاسيكية والتغير . اذن هو طريق اللا علم ، مع الافتراضات والرغبات والقفز
على المجهول . بطريقة نظرية فلسفية . فلماذا يسمى هوكينج عالما ولا يسمى فيلسوفا ؟
هكذا أُريدَ له ، وهذا يكفي .. مع أن كلمة فيلسوف تحتاج اكثر من ان يوصف بها من
يدعي امكانية حدوث الشيء من اللا شيء والنظام الدقيق من الفوضى الكاملة ، ولن تجد
فيلسوفا يستطيع ان يبتلع كل هذا .. اذن نحن امام اللا منطق و اللا فلسفة واللا علم
، وهذا هو الطريق الذي سوف نتجه إليه مع الكابتن هوكينج و رفاقه بعد قليل ..
و هذه الأسئلة كانت و لازالت محل جدل الفلاسفة، فأصبح اليوم يتنافس العلماء لإيجاد إجابات علمية لها لأنهم هم من يفهمون الكون كمختصين أكثر من غيرهم و عليهم تقع مسئولية تنوير العامة و تمكينهم من النظر بمنظارهم٠
الرد:
و هل سيجاوبون بالعلم ام بالفلسفة باسم العلم ؟ ماذا
سيفرِقـْهم عن الفلاسفة ؟ حتى العامة ايضا يحتاجون الى علم ثابت وليس الى افتراضات
و فلسفات من يسمى عالما .. حيث لا يبقى من العلم الا قشره ، و البقية فيلسوف ..
ماذا سيفيدنا قشر العلم أو إسمه او منصبه الجامعي ؟ حتى لو أُجلس على كرسي نيوتن
فنيوتن لم يقدم فلسفة ، بل قدم علما يمكننا ان نجربه واثبته المنطق والواقع ، فهل
فعل هوكينج ذلك ؟ هذا ما سيراه الجميع ..
آراء شخصية تخالف المنطق والعلم و آتية ممن يـُنسب الى علم الفيزياء والفلك ، تصب في خدمة ايديولوجية اجتماعية هي ايديولوجية المادية والالحاد ، هذا كل ما في الامر ، وما دام أنه قبل بكرسي نيوتن فليقدم علما كما قدم نيوتن ، او فليتركه لمن هو اجدر ..
الكتاب في غاية الأهمية لكونه ليس من الكتب الإعتيادية، و لذا فمراجعتي له إرتأيت فيها أن تكون أيضا غير عادية ، و لذا فالمعلومات التي أدرجتها هي جدا وافية لدرجة قد يشعر معها القاريء بنوع من التكرار – و لكن ليس معني ذلك هو الإستغناء عن الكتاب الأصلي و لا أن هذا التكرار في غير محله؛ فأنا أقدم فيه بقدر الإمكان المختصر المفيد-رغم صعوبة ذلك بسبب كثافة المعلومات- و أترجم هذا المختصر بصورة حاولت فيها أن تكون مطابقة للنص و لكن غير الحرفي إلا في بعض المواضع القليلة حتي لا يكون المعني الإجمالي مضلا . و كذلك وضعت بعض الشرح بين القوسين الكبيرين { } حسب فهمي للنص و ذلك لزيادة التوضيح٠ و كذلك من أجل السهولة إرتأيت من خلال السرد أن تكون الإشارة إلي المؤلف بالصيغة الفردية أو بذكر إسم المؤلف الأول ستيفن هوكنغ٠
الفصل الأول: غموض الوجود
يقول هوكنغ أن العالم لطالما كان غامضا للبشرية ، فالخوف من الظواهر الطبيعية و الرغبة في إيجاد قوانين تنظيمة لها، تساعدهم علي التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها ، على أمل أن يتفادوا أخطارها ، هذه الرغبة كانت وراء تساؤلاتهم العديدة لأسئلة كبيرة مثل ” كيف بإستطاعتنا أن نفهم العالم من حولنا؟ ما هي ميكانيكية الكون؟ و ما هي طبيعة الواقع؟” بل أنهم ذهبوا إلي أبعد من ذلك بسؤال ” هل يحتاج الكون إلي خالق؟”
الرد:
لاحظ ان اول فصل في الكتاب الذي يسمى علميا خالصا من الاهواء
، وفي السطر الثالث من بداية الكتاب ترد كلمة الخالق بقصد النفي .. لا يـُفترض في
كتاب علمي ان تـَرِد هذه الكلمة ، دام انه يرى الدين خارج عن نطاق العلم . مما يدل
على ان نقض هذه الفكرة هو الدافع لتاليف الكتاب وليس العلم . و هذا ما سيتبين في
بقية الفصول ، التي ستدور حول هذا المحور ، اذا كيف يسمى مثل هذا الكتاب أنه علمي
والقصد واضح فيه منذ البداية ؟
العقلية العلمية كما يدّعون ، يجب ان تصف ، لا ان تستنتج ما وراء العلم وتفترض له الافتراضات ، اي ان تقف وراء العلم و لا تسبقه ، وهذا ما لم يحدث ، فهو يستنتج عدم الحاجة لوجود اله ، و ان العشوائية هي التي فعلت التنظيم ، اي انه يوجّه العلم الى الالحاد ، في حين ينتقد المؤمنين عندما يوجهون نظام الكون الى وجود خالق بانه غير علمي ، يقال لهم : عليك ان تصف الظواهر وتقف ! و لكن الملحد لا يقف ، فهو يصف الظواهر ثم يوجهها الى قضية تهمه ، وهي نفي وجود اله .
وهذا يثبت ان كلا الطرفين مؤمن ، و يستخدم العلم لاثبات ايمانه . و هكذا نرى هوكينغ يوجه العلم بطريقة غائية وهي نفي وجود الاله . في حين يعيب على المؤمنين مثل هذه الغائية . فما يجوز للملحد يحرّم على المؤمن !
و من ثم يصرح أن ” الأغلبية الغالبة منا لا يقضي معظم وقته قلقا بشأن هذه الآسئلة {بالتأكيد}، و لكن {لابد} أننا كلنا قلقنا بشأنها بعضا من الوقت.” و لذلك فهذه الأسئلة لها أهميتها في حياة كل فرد. و من ثم يتطرق إلي أن هذه النوعية من الأسئلة كانت في الماضي ذات طبيعة فلسفية ، و لذا فالعلماء النظريين و العمليين كانوا في الغالب لا يتطرقون لها ، و لكن اليوم وصلنا إلي مرحلة توجب علي العلماء و ليس غيرهم مواجهة تلك الأسئلة ، و خصوصا أن” الفلسفة ماتت” حسب تعبيره . فعلم الفلسفة كما يقول “لم يواكب التطورات الحديثة في العلوم، و بالأخص في علم الفيزياء. فأصبح العلماء {هم } حاملي شعلة الإستكشافات المعرفية.” و عليهم تقع مسئولية الإجابة علي الأسئلة الكبيرة٠
الرد:
هل ماتت الفلسفة ام انها سـُرقت ؟ انه يجيب اجابات فلسفية
وليست علمية طبعا و قابلة للتجريب ، فكيف يقول ان الفلسفة ماتت وهو يعتمد عليها ؟
يبدأ الفصل الأول ببيان الهدف من الكتاب حيث يقول المؤلف أن الغرض منه هو ” إعطاء إجابات للأسئلة السابقة من خلال الإستكشافات الحديثة و النظريات {الفيزيائية} الحديثة” . رغبة أن يقودنا ذلك إلي تكوين صورة جديدة عن الكون و مكاننا فيه و الذي إختلفت كثيرا عن الصورة القديمة،
الرد:
هذه الاسئلة هي التي تصدى لها الدين ، و يريد ان يجيب عنها
بدلا عنه ، اي انه يريد نفي الدين ، اذا هذا الكتاب هو كتاب ديني وليس كتاب علمي .
لانه يتعلق بالدين ولاجل نفيه ألّف ، وليس لأجل العلم . وهو اشار إلى انه سيعتمد
على نظريات ، اي ليست حقائق ، و هدفه ليس البحث عن الحقيقة بل تقديم صورة جديدة
مخالفة للصورة القديمة ، هذا ما قاله .. اي سيرسم لنا صورة من خياله بدلا من
الصورة التي نعرفها . معتمدا على نظريات لم تثبت . اذن هو سيقدم لنا فلسفة خيالية
من الخيال العلمي ، هذا كل ما في الامر
.
بل و حتي “إختلفت عن الصورة التي رسمناها في العقد أو العقدين الماضيين ” حسب تعبيره.
الرد:
لاحظ انه يشير الى الفترة التي كان يقر بها بوجود خالق قبل ان
يلحد كلية .. فبين انتقالاته الشخصية يجب ان تتغير صورة العالم تبعا ، وننتقل نحن
معه لأنه يسمى عالما نظريا تخرج من احدى الكليات العلمية ..
الرد:و لكنه يرجع ليؤكد لنا أن بدايات الفكرة أو بدايات وضع “الرسم التخطيطي لهذا التصور الجديد بالإمكان تتبع أثره إلي قرن تقريبا” . أي أن الفكرة بالأساس قديمة، حيث ” وجد أنه في {العشرينيات من القرن الماضي} أن الصورة التقليدية لا يمكن الإعتماد عليها {في تفسير} التصرفات التي تبدو غريبة علينا عند عمل المشاهدة {فيما يحدث } في المستوي الذري و ما تحت الذري من الوجود.” و بما أن المستوي الذري هو بالواقع تفصيل دقيق لما يحدث على المستوي العادي من الحياة اليومية { و هي في الواقع صورة الكون في بداياته و قبل أن يتمدد و يصبح هائلا } فكان لابد من إيجاد حل لهذه المعضلة يساهم في ربط الإثنين معا، أو كما ذكر ” كان من الظروري أن نتبني بنية جديدة ” و هذه البنية الجديدة كانت البدايات لظهور ما يسمي بعلم الفيزياء الكمية {كوانتوم فيزيكس } . و حتي هذه الساعة فالنظريات الكمية تبين و بصورة مذهلة مدي دقتها عند عمل التنبؤات { أو التوقعات العلمية} في تلك المقاييس {البالغة الصغر}، و في نفس الوقت سمحت لنا بإعادة ” إنتاج تنبؤات النظريات الكلاسيكية القديمة عندما طبقت علي المستوي الماكروسكوبي {العادي} للحياة اليومية” ٠
و من ثم يسهب هوكنغ في شرح كيف أن “الفيزياء الكمية و الفيزياء الكلاسيكية ، كل منهما مبنيان علي أساسيات مختلفه جدا من حيث نظرتنا إلي الواقع الفيزيائي لهما. ” فبينما تفرض الفيزياء الكلاسيكية النظرة الأحادية للكون؛ أي أن للكون تاريخ واحد، له بداية و سيكون له نهاية، “فالنظريات الذرية {ليست كذلك لأنها} ممكن أن تصيغ بأشكال عديدة مختلفة عن بعضها البعض {في المسار التاريخي}، و قد يكون أكثر وصف بديهي لها هو ما قدمه ريتشارد (ديك) فينمان… فحسب فينمان، النظم {بصورة عامة} ليس لها تاريخ واحد فقط {بل عدة تواريخ محتملة ، و عليه يجب النظر إليها من خلال} كل تلك التواريخ المحتمله”٠ ثم يوضح فينمان ذلك بقوله ” أن الكون بنفسه ليس له تاريخ واحد، و لا حتي وجود مستقل”، بل عدة تواريخ محتمله و من الضروري أخذها جميعا بالإعتبار حتي تتكون لدينا الصورة الدقيقة لما يحصل في الواقع ، و هذا صعب تصوره٠لأنه “حتي {فترة قريبة نسبيا} عند بداية حلول الفيزياء الحديثة كان الإعتقاد الشائع أن كل الأمور المعرفية في العالم ممكن أن نحصل عليها من المشاهدة المباشرة، أي أن الأشياء تكون{دائما } كما تبدو لنا، أو كما تصورها الخلايا الحسية لدينا. و لكن النجاح الهائل لعلم الفيزياء الحديثة، و المبنية علي مفاهيم مثل تلك الخاصة بفينمان ، و التي تتصادم مع ما نشاهده أو نجربه في حياتنا اليومية، قد بينت أن {الطريقة التقليدية للنظر للأمور} غير مجدية.” و عليه ” فالنظرة السطحية للواقع لا تتوائم مع {قوانين } الفيزياء الحديثة.” حسب تعبيره٠
اذا كان قصده ان ينفي العقل و الخلايا الحسية ، فيجب ان يـُنفى كاملا ، لا ان يعتمد عليه في شيء ، ولا يصلح الاعتماد عليه في شيء اخر . واذا كان الواقع الفوق الذري ينتج عقلا مجربا ، بينما العقل دون الذري يخالف هذا العقل ، فهل يعني هذا ان الطبيعة تتناقض ؟ و هل نجاح الفيزياء الحديثة يعني فشل الكلاسيكية ؟ وهل نحن امام تمهيد لاسقاط العقل الذي يقف دائما في وجه الفكر الملحد بقوانينه العلمية الثابتة ؟
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق