الأحد، 3 ديسمبر 2017

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 17



(الدقيقة : 20 الثانية : 45) يتحدث الدكتور عن التجربة التي قدّم لها في الحلقة السابقة بخصوص البكتريا القولونية، قام التطوري لينسكي بوضع اثنتا عشرة قارورة، ملأها كلها بحساء مغذّي للبكتريا، وهذا الحساء العامل الرئيسي فيه هو الجلوكوز، المادة السكرية المعروفة، ويحتوي ايضا على بعض السِّتْرَات، ولكن البكتريا لا تحسن التغذي عليها، اذ ان السِّترات هي المادة التي تعطي الليمون طعمه الحامض، وسيضع لينسكي في كل قارورة كمية محددة ومتساوية من البكتريا، كلها من نفس النوع من البكتريا، بفارق بسيط جدا، هذه البكتريا تتميز بجين معين، سيُسمى ARA الموجب وARA  السالب، وهذا لا يؤثر على الإطلاق، لكنه مهم فقط في التمييز بين هذه البكتريا عن تلك، مثل العامل المُلَوِّن، مجرد مسألة تقنية، ولكن كل البكتريا هي من نفس النوع ولها نفس الجينوم، هذه البكتريا سوف تتغذى وتتكاثر بوتيرة سريعة، حتى ينفذ الغذاء، فتستقر عند حد معين، ويبدأ الجوع اذ ليس يوجد غذاء. في اليوم التالي، يُعِد لينسكي اثنتا عشرة قارورة جديدة، والتجربة ستستمر لعشرين سنة، وهذا يمثل أزمانا جيولوجية هائلة جدا، هذه القوارير الجديدة مليئة ايضا بالجلوكوز، وسيعديها لينسكي بعينة من البكتريا الموجودة في قوارير اليوم السابق، وهذه العينة تساوي بالضبط 1 على 100 ، ويتكرر المشوار.

هذه القوارير موضوعة في حاضنات مهتزة باستمرار، حتى تجعل توزيع البكتريا على هذا الحساء متجانسا. والفرضية التي من أجلها صممت هذه التجربة، هي أنه من المفترض أن هذه البكتريا تتكاثر بنفس المعدل، بينما الفرضية التطورية للتجربة أن الاعداد الهائلة لهذه البكتريا القولونية تفرض أن تقع طفرات، بعض هذه الطفرات من المحتمل ان تكون نافعة، بحيث تستطيع البكتريا ان تستهلك الجلوكوز بكفاءة اعلى، ومن الممكن أن هذه الطفرات تكون نافعة بحيث تجعل البكتريا تتغذى على غير الجلوكوز، بحيث تتركب عدة طفرات بالصدفة تجعل هذه البكتريا تتغذى على غير الجلوكوز، هذه التجربة بالذات تدعم توجه التطوريين الملاحدة في أن الصدفة يمكنها أن تصنع تركيبا معقدا. عودا إلى التجربة : بعد كل 2000 جيل او 3000 جيل من البكتريا، يأخذ لينسكي عينة من هذه البكتريا ويجمّدها، بحيث لا تتكاثر، ولكن لا تموت، بحيث اذا فك تجميدها تظل حية ويضعها في بيئة التغذية فتواصل التكاثر، أي أنه أوقف تطورها بهذا التجميد.

استمر لينسكي بهذه التجربة لأجيال كثيرة، وبعد فترة اراد ان يختبر نتائج تجربته، فوجد ان كل العشائر الاثنتا عشرة طورت من كفاءتها في التغذية، وأن احجامها زادت نسبيا، وتتم معرفة زيادة الاحجام من خلال تجميد بعض البكتريا ومقارنتها لاحقا بالبكتريا الجديدة، ووجد أن اعدادها زادت، وتتم معرفة ذلك بالكثافة، ويظهر ذلك بشكل بصري في الإعتام والإضاءة، فكلما زاد الإعتام فهذا دليل على عدد اكبر، وإذا خف الإعتام يكون العدد اقل، وبما ان الغذاء هو بنفس الكمية ولكن الاحجام بدأت تزيد والاعداد تزيد، فهذا يدل على وجود طفرات عملت على زيادة كفاءة البكتريا في الاستفادة من غذائها، وبعدما درس لينسكي الدي ان أي للبكتريا، وجد ان هناك طفرات وقعت في العشائر الاثنتي عشرة كلها، وهذه الطفرات اصابت 59 جينا، لكنها مكّنت كل عشيرة من البكتريا أن تطوّر نفسها بنحو متميز، والنتيجة واحدة : الكفاءة أعلى والحجوم أكبر، وبهذه التجربة يرد التطوريون فيها على الخلقويين الذين يقولون ان الطفرة لا تؤدي إلا إلى ضرر، فها هي البكتريا تطفرت وأدت إلى عمل نافع وميزات بقائية.

وعودا إلى التجربة : فبعد الجيل 33 ألف ومائة ، في إحدى هذه العشائر البكتيرية في احد القوارير، ارتفع الإعتام، أي توجد بكتريا كثيرة جدا، كأنه انفجار سكاني، وهذا يدل على انه وقعت طفرة خاصة في هذه القارورة، اذ لم تقع في كل القوارير الباقية. وبعدما فحص لينسكي هذه القارورة المكتظة اكتشف أن لدى أفرادها طفرة مكنتهم من التعامل مع السترات التي لم تكن تتغذى عليها من قبل. واستنتج لينسكي ان مثل هذا النوع الجديد من التغذية لا يمكن ان يحدث من طفرة واحدة، لأن غيرها من البكتريا تقع لديها نفس هذه الطفرة الواحدة، وبعد البحث وجد بالفعل أن هذا التغير في التغذية كان نتيجة وقوع ثلاث طفرات. وهذه التجربة تعتبر دليلا قويا ضد الاعتقاد بأن الطفرة لا يمكن أن تصنع شيئا نافعا.

الرد : كيف يمكن تحديد عدد البكتريا بالضبط وجعلها متساوي؟ وهل يمكن فعلا عزل البكتريا عن غيرها من الأنواع الأخرى الشبيهة لها من البكتريا؟ كأنه يعمل على قطيع أغنام سهل الفصل بينها! وتخيل كل يوم يقوم بعملية الفصل والتمييز والعد لاثنتي عشرة قارورة على مدى عشرين سنة ويعبئها بنفس عدد البكتريا هو وفريقه إن كان لديه فريق! ثم ما نوع هذا الفارق البسيط جدا بينها؟ فارق في التركيب أم فارق في النوع؟ ما دام هناك فارق بسيط اذن التجربة غير علمية .. يجب الا يكون هناك أي فارق على مدى عشرين سنة وكل يوم واثنتا عشرة قارورة بالضبط ..

وكيف استطاع تحديد كمية العينة بحيث تساوي 1 على 100 بالضبط لا تقل ولا تزيد؟ هنا التعامل مع بكتريا دقيقة جدا! وكيف يمكن تجميد البكتريا وبنفس الوقت لا تموت؟ التجميد يوقف عمل العمليات الحيوية في الكائنات الحية، وذلك لأنها تحوي على الماء، و كل كائن حي ومن ضمنها البكتريا لا بد ان يحتوي على ماء، فكيف تُجمَّد ولا تموت؟ الماء كما هو معروف يتمدد عند التجمد. لهذا تموت اوراق الاشجار اذا تجمدت، لأنها تنفجر من الداخل.

وهل الـ 59 جينا هي هي نفسها التي أصيبت بالطفرات في كل العشائر الاثنتي عشرة؟ اذا كان هذا صحيحا فهذه ليست بطفرة، لأن من ميزات الطفرة العشوائية، وهذه ليست عشوائية بل نظامية. أما إن كانت الجينات الـ 59 مختلفة عن بعضها البعض بين العشائر البكتيرية، فهذا يعني أنه لا علاقة للجينات وتغيراتها بالكفاءة في التغذية و كبر الحجوم، لأن الطفرات اصابت مواقع مختلفة من جينات البكتريا ومع ذلك فكلها جمعتها نتيجة اخيرة واحدة كما يقول : كبر في الحجم وكفاءة تغذية أعلى كما قال.

ثم ما الذي يثبت أن البكتريا تعرضت لطفرة وليس أنها هي التي غيرت من الدي ان أي الخاص بها؟ أليسوا يعلمونا أن البكتريا قد تغيّر من تركيبها الوراثي اذا تعرضت لهجوم، مثل المضاد الحيوي، إذ انها تغيّر من تركيبها الوراثي فتصبح ممانعة للمضاد؟ اذن هذه خاصية موجودة فيها، فلماذا نستبعد أن يكون ما حدث هناك هو نفسه ما حدث هنا؟ أي ان ما حدث ليس الا تكيفا، خاصة وأن لديها غذاء محدود وتعاني من الجوع.

وهل كثرة الأعداد في قارورة معينة دون بقية القوارير دليل على وجود طفرة وقعت؟ هل يمكن تعميم ذلك على الطبيعة؟ فنقول ان ازدياد عدد نوع من الحيوانات دليل على وجود طفرة فيه وكثر وجود غذاء له؟ الأسُود اكثر الحيوانات غذاء لها ومع ذلك عددها قليل وليس لها اعداء ..

ولماذا لا يكون سبب الكثرة هو زيادة في الغذاء في هذه القارورة؟ ما الذي يضمن أن الغذاء ظلت نسبته هي هي ولم تتغير إطلاقا عبر 20 سنة متواصلة؟ التجربة قام بها بشر وليس مصنع آلي، بل حتى المصنع الآلي تصيبه عدم الدقة أحيانا ويتعرض لخلل، فما بالك بالبشر؟

وبخصوص تمكن البكتريا من التغذي على السترات واعتبار ذلك طفرة، فالبكتريا عندما تتغذى على طعام ما، فإنها تحوله إلى أحماض، وهذا ما يسبب تعفن الاطعمة، إذ يبدو أن هذه الاحماض هي إخراجات تغذيتها، فكيف تتناول البكتريا طعاما يشبه إخراجات تغذيتها؟ فكأنه طوّرها لتعيش على تغذية ذاتية، فما تُخرجه من تغذيتها تأكله، وما تخرجه عبارة عن أحماض. هذا مثل أن يشرب الانسان شراباً له نفس خصائص البول! إلا إن حصلت للإنسان طفرات مكنته حتى من شرب البول والاستفادة منه مثلما حصل للبكتريا!

وهل جرّب لينسكي أن يضع هذه البكتريا المتطفرة في نفس القارورة بنفس الغذاء ليرى هل ستستمر هذه البكتريا في انفجارها التعدادي أم لا؟ وكيف عرف لينسكي أن هذا التغير في التغذية كان نتيجة ثلاث طفرات؟ لماذا ليست اثنتان أو خمس مثلا؟ وكيف عرف أين تقع هذه الطفرات في الدي إن أي للبكتريا؟ فعلى افتراض انه قارن بين دي ان أي البكتريا القديمة ودي ان أي البكتريا الجديدة، و وجد اختلافات بينهما، فكيف عرف عدد الطفرات؟ هو يحتفظ بعينات من البكتريا لكل 2000 او 3000 جيل، وليس يحتفظ ببكتريا كل جيل.

ثم هل عرف متى وقعت هذه الطفرات الثلاث زمنيا وفي أي جيل وقعت الطفرة الاولى وفي أي جيل وقعت الثانية وفي أي جيل وقعت الثالثة؟ أم أنها وقعت جميعا دفعة واحدة؟ وطالما أن ثلاث طفرات وقعت فأحدثت تغيّرا في وظيفة التغذية، فالمؤكد ان هذه الثلاث طفرات وقعت كلها في الجينات المسؤولة عن التغذية، لأن نتيجتها ظهرت في هذا المجال، واذا افترضنا وقوع ذلك، فلماذا لم تحدث تغيرات وطفرات في المجالات الاخرى الحيوية للبكتريا؟ لماذا فقط في التغذية وليس غيرها؟ ما دام انها تعيش في قارورة ومكان محصور وتغذية محدودة، ينبغى انها تحولت الى صغر الحجم، نظرا لضيق المساحة وكثرة السكان وقلة الغذاء، بينما ما حدث في قاروراته هو العكس .. قلة الطعام وضيق المكان انتجت ضخامة في الحجم وكثرة في العدد! وهذا غير منطقي، وإن كان حدث فهو طفرة ضارة.

ولماذا حصلت الطفرة في الظرف الذي أراد لينسكي اختباره (وهو التغذية) فقط ولم تقع طفرات من نوع آخر في مجال آخر؟ هو يعترف بأن الطفرات في البكتريا مستمرة ودائمة و في كل الجينات، فلماذا حصلت الطفرات فقط في ظرفه الاختباري وهو التغذية؟ هذا يشبه افتراضهم وجود ديناصور ثم يجدون عظامه على بعد متر على سطح الارض!

وبافتراض أن الطفرات الثلاث حصلت متباعدة زمنيا، اذ وقعت الطفرة الاولى ، ثم بعد كذا جيل وقعت الثانية، وبعد كذا جيل وقعت الثالثة، ما الذي جعل الانتخاب الطبيعي يبقي الاولى ويبقي الثانية مع انه ليس لها تأثير؟ هذا يتعارض مع مبدأ الانتخاب الطبيعي الذي يستبقي المفيد ويتخلص من غير المفيد.

لماذا هذه الطفرات المفيدة صارت على البكتريا القولونية فقط؟ بينما كل الطفرات في كل الأحياء ضارة؟ ألا يجعلك هذا تقف وتشك؟ أم تعتمد على الثقة وتصدّق؟ أيهما تفعل؟ هذا يحدث بينما ملايين البشر ومليارات الأحياء الاخرى كلها لا يوجد فيها طفرات مفيدة، لكن في قارورات لينسكي القولونية فالكل تطفّر طفرات ممتازة! يا للعجب.. حفلة طفرات سعيدة جماعية حدثت ..

لماذا لم يجري تجربته على كائنات تُرى وتُبصَر حتى يدحض كل كلام الخلقويين عن عدم فائدة الطفرات وعدم قدرة الصدف العمياء على صنع تركيب معقد مفيد و غائي؟ لماذا لا يظهرون تجاربهم للنور؟ كل تجاربهم إما في مختبر مغلق او جزيرة نائية! أليست الأحياء كلها أحياء؟ جرّب على الفئران على الأقل! فهي سريعة التكاثر، حسنا على الحشرات مثلا! أما على بكتريا ! فلا أحد يستطيع ان يتأكد إلا أن يجري نفس التجربة لعشرين سنة، هذه إحالة على مستحيل، والإحالة على مستحيل لا تقوم كدليل. حسنا .. نعطيها أربعين سنة زيادة لكن لتتم التجربة على حشرات تُرى وتُشاهد! هم يعرفون هذا الشيء لكنهم يريدون تضليل الناس ليس إلا. إن ما لا يُعقل لا يمكن تصديقه إلا لصاحب هوى أو مقدّس لا يفكر بعقله. كل الطفرات على الإنسان ضارة بينما كل الطفرات على هذه البكتريا مفيدة؟ كيف يحدث ذلك؟

ثم لماذا لم يكمل تجربته بأن يقدم للبكتريا المتطفرة سترات فقط؟ حتى يتأكد من أنها تتغذى على هذا النوع الحامض؟ بدلا من أن يبني على افتراض. فقد يكون الاعتام حدث لسبب آخر. إملأ قارورتك هذه بالخل وسوف نرى هل هذه البكتريا المتطورة تعيش أم تموت؟

الأحماض مواد مفكِّكة أصلا، لهذا يفيد عصير الليمون في التهاب الحلق والبلعوم، لأنه يقضي على البكتريا، وليس لأنه يحوي على فيتامين C، فكيف تتغذى عليها البكتريا؟ والحامض المركّز يُحرق، بل حتى النار تنتج أحماضا، فالرماد تجد طعمه حامضا، هذه من المُفكِّكات في الطبيعة، فكيف تتحول المفكِّكات إلى مواد غذائية؟ والكبريت أيضا حامض.

هذه مجازفة أخرى يقدمها لنا هذا الباحث في مختبره المغلق. لم يبق الا ان يقول انه طوّر بكتريا تستطيع ان تعيش على النار او الدخان! اثنا عشر قنينة وعشرين سنة وانتهى الامر! هذه الظروف تطوّر لك ما تشاء .. بهذه البساطة .. أنا أجزم بأن كل ما توصل إليه خطأ، لأنه لا يمكن تصديق كل معطياته، بالمقارنة فقط. فمن يقدم لك أشياء متناقضة وغير معقولة، من السهل أن تكذبه ومن الصعب ان تصدقه.

إن 33 ألف جيل، إذا قسناها بتطور الإنسان، نجد أنها كافية تطوريا لتحويل القرد الى إنسان.. هذه المقارنات مشكلة، بينما البكتريا كل ما حدث لها انه زاد عددها وكبرت حجومها وصارت تتغذى على عدوها الحامض الذي نضعه في المخلل حتى لا يتعفن من البكتريا! شيء عجيب .. المفترض أن يولد طفل إنساني من هذه الاجيال بناءً على تخبط نظرية التطور.

النقطة الأخرى هي انه لا توجد في الطبيعة قوارير ولا مختبرات ولا عدّ .. هذا بحد ذاته ينفي وحدة النتائج، فالطبيعة مفتوحة ليس فيها ظروف ضاغطة لكي تطوّر، مع أن الظروف الضاغطة التي تقام في المختبر لم تقم بشيء ذا قيمة، بل مجرد تكهنات ونور معتم ونور مضيء..

ثم لماذا تجاربهم لا يستفاد منها في الواقع بشيء؟ فقط تُقام لإدعاء إثبات التطور ثم تُرمى العدة؟ لماذا لم يستفد من هذه البكتريا المتطورة التي تعبَ عشرين سنة على تطويرها؟ أليس لها تطبيقات؟ ثم أليس فتحَ فتحا كبيرا؟ لمَ لم يأتي باحثون آخرون يطوروا هذه المتطورات للإستفادة منها في علاج الامراض مثلا؟ على الاقل لتخفيف الحموضة وحرقان المريء ما دامت تعيش على الحامض؟ أو تستخدم لتخفيف حموضة عصير أو حموضة بطارية حتى .. لكنه اكتشاف مُهمل كالعادة، لأنه أقيم فقط لإدعاء إثبات التطور، وتم رمي العدة والقوارير، كذلك يُستفاد من خلقه لهذه البكتريا المتطفرة في مقاومة آثار الدخان، لأن الدخان حامضي وهي تعيش على الحامض، وتخفيف حامضية التربة التي يعاني منها المزارعون في الغرب. ان اكتشاف شيء يخفف الحموضة اهم من اثبات نظرية التطور. انتاج بكتريا تستطيع ان تعادل الحموضة، هذا شيء رائع بحد ذاته، بغض النظر عن إثبات او نفي نظرية التطور. هذا الباحث يجب أن يعتبر مكتشفا علميا لا باحثا تطوريا، هذا لو أنه اكتشف شيئا حقيقيا، لظهر على السطح والواقع، لكن كالعادة، اكتشفنا واكتشفنا و في الأخير لا أحد رأى شيئا إلا نظرية التطور ..

العلم لا يعطي المؤدلَجين، من يريد اثبات فكرة تخدم ايديولوجية، من احترام العلم أن تمشي وراءه بدون فكرة مسبقة تريد إثباتها. حتى تسمى باحثا علميا نزيها.

إن التكيف يمكن ان يصل إلى الجينات الجنسية، فيُغير من صفات النسل بما يتوافق مع التكيف. هذا إذا استمر نفس المؤثر على تعاقب الأجيال، مثل شمس حارقة، فالأجيال تتوارث مثل هذا، ولا بد أن يكون هناك تكيف وراثي. هذا يسمى تكيفا وليس تطورا، وما يدل على التكيف هو عكس التجربة، وهذا قانون مهم في إثبات هل ما حدث تطورا أم تكيفا، ما نسميه بالتجربة العكسية. بمعنى لو أنه قلل الجلوكوز، فمع الأجيال سوف تتضاءل الأحجام فتصبح أضعف. لذلك كل تجارب التطوريين تعتبر ناقصة، لأنها لا تأتي بعكس التجربة. وهذا يطعن في العلمية والمنهج العلمي الذي يتبعونه.

التكيف ليس طفرات، بدليل انه يحصل على الكائن الحي نفسه، ما دام أن البكتريا يمكن أن تكبر بسبب وفرة الغذاء، جرّب تقليله حتى ننظر هل هي تطورت أم تكيفت، لأن التطور يعني عدم التراجع، أما التكيف فهو مثل المطاط، يمتد ويضيق، والأحياء بحاجة منطقيا وفطريا للتكيف، وإلا لفنيت، لأن الظروف لا تأتي على ما تريد. المنطق يفترض أن يكون لدى الكائن الحي مدى من المرونة حتى يواصل الحياة، وهذا من رحمة الله، وإلا لما استطاع أي كائن حي أن يواصل الحياة. التطوريون يعتبرون أي تغير تطوراً، وهذه نظرة سخيفة جدا، ضاربين عرض الحائط بالتكيف، وهذا ليس طرحا علميا، بل طرحا غائيا. هل هم ينفون وجود التكيف؟ لا يستطيعون، إذن لماذا لا يتكلمون عن التكيف؟

وبالنسبة للأحجام، أنت تقارن بين بكتريا مجمّدة، وبكتريا تأكل، والمقارنة بهذا الشكل ليست دقيقة. وأما بخصوص السترات وأن تغذي البكتريا عليها يعتبر تطورا، فهذا ليس دليلا، فيوجد كلب مثلا يتغذى على السكر، بينما كلب آخر لا يذوقه حتى لو كان جائعا، فهل نقول أنه تطوَّر؟ ما الذي يمنع من إجراء مثل هذه التجربة في مزارع الدواجن حتى يرى الناس هذا التطور ؟ 12 قارورة تستبدل بـ 12 قفص ، وماكينات التفريخ تعمل في المصانع الكبرى، لماذا لا تجرى التجارب على الكائنات الكبيرة؟ لأن الكائنات الدقيقة يعتور تقييمها أخطاء كثيرة جدا وعدم دقة. والبكتريا كائن حي والدجاج كائن حي، وكلاهما يتطور كما يقولون، وموضوع الأجيال محلول، فماكينات التفقيس تفقس مئات الألوف يوميا، ما الذي يضطرهم على أضيق التجارب؟ إلا أنهم يعرفون أنه لا يستطيع الناس إلا أن يثقوا بكلامهم.

وبالنسبة لتجربة السحالي السابقة، فبالنسبة والتناسب بين السحالي والبكتريا، نجد السحالي تطوّرت تطوراً هائلاً بالنسبة للبكتريا، لأنها غيّرت أعضاء في جسمها، بما في ذلك المصير الأعور وصمامات الأعور، فبالتالي تطورها أكبر و أسرع من البكتريا، على الرغم من أنها أكثر تعقيدا وتركيبا بكثير من البكتريا وابطأ تناسلا منها، ومع انه من المفترض أن يكون تطوّر البكتريا أسرع. والتطور أو التكيف الذي ظهر على البكتريا يعتبر طفيفا جدا. كان المنتظر هو أكثر من ذلك على هذه التجربة الطويلة ذات الأعداد الهائلة. ثم على التطوريون أن يُوقفوا كل تجاربهم على الاحياء، لأن هناك مختبر كبير تحت الرصد والمراقبة اليومية على تطور نوع من الأحياء، بشريحة تجربة يبلغ عددها أكثر من ستة مليارات، والمواليد ترصد تحت نظر أطباء مختصين، ولم يحدث فيها ولا طفرة مفيدة، هذا النوع من الكائنات هو الإنسان، والمختبرات هي مستشفيات الولادة، فاستريحوا من تجاربكم، مع العلم أن هذا الكائن يتعرض لشتى أنواع المؤثرات وتحت الرقابة المستمرة، والإعلام جاهز لأي تغيّر على مولود جديد، ومع ذلك لم ترصد ولا حالة واحدة لطفرة مفيدة، فاستريحوا وأريحوا البكتريا من أبحاثكم، لأن مختبر التطور موجود. ولم يثبت أي تطور، أي التطور غير ثابت والتطفر المفيد غير ثابت، وهذا كلام علمي يحترمه العاقل ويسخر منه صاحب الهوى. ولا يقال أنهم ليسوا في مختبر ولا في قناني، نحن نتكلم عن تطور عشوائي، اختلاف الظروف والمؤثرات أفضل له، ومن حسن الحظ أننا في زمن يتعاطى فيه هذا المخلوق كل هذه المؤثرات من أنواع الإشعاعات والتلوثات المفيدة والضارة، وهذا أفضل للصدفة والطفرة، ومع ذلك لم تثبت هذه المختبرات أي حالة تطور. كيف نكذّب هذا المختبر الكبير ونصدق مجلة ملحدة يقول فيها احدهم انه أجرى تجربة على بكتريا! نحن في المختبر الكبير وكلامنا علمي ولسنا نتخرّص، أي عندنا تجارب تُجرى كل لحظة، وتحت المراقبة والرصد، وليس بعد هذا المختبر مختبر اكبر منه، فليست المختبرات فقط عند الدراونة.

(الدقيقة : 26 الثانية : 55) يتحدث الدكتور عن قصة الفيلة وأنيابها والتي اثبتت وجود التطور، وهي أن الفيلة ذوات الأنياب يتم اصطيادها لأجل العاج، والصيادون يحرصون على اصطياد الفيلة ذات الانياب الكبيرة والطويلة لأنها ستكون أغلى ثمنا، ويتركون الفيلة ذوات الأنياب القصيرة. وهنا جاء التطور ليفترض أنه بعد مدة زمنية ستقل اعداد الفيلة ذات الانياب الكبيرة وتزداد اعداد الفيلة ذات الانياب الصغيرة. وفعلا هذا ما حدث، اذ جاء تقرير ادارة الصيد الاوغندية الذي وقعت احصائياته خلال 60 سنة، واثبت هذا التقرير أن الفيلة صغرت أنيابها، بمعنى أن الفيلة ذات الانياب القصيرة اصبحت هي الاكثر، وقلّت بشكل كبير جدا الفيلة ذات الانياب الطويلة، وهذا دليل على وجود الانتخاب الطبيعي والتطور.

الرد : هذا تحصيل حاصل وليس للتطور أي شأن به، مثلا لو أن لدى جزار حظيرة اغنام، فيها نوع سمين ونوع آخر هزيل، واخذ يذبح من السمين ونسل السمين ويترك الهزيل ونسل الهزيل، فبعد فترة لن يبق إلا الهزيل ونسله، ثم يأتي تطوري لينبه الجزار على انه يوجد تطوّر حصل في حظيرته! يبدو أن التطوريون يريدون أن يلصقوا أي تغيّر يحصل في أي حظيرة لمزارع أو محمية بيئية للتطور، بسبب العجز الكسيح وقلة التجارب المؤيدة للنظرية.

قضية الفيلة وقصر أنيابها حكاية مضحكة، لو كان الأمر كذلك لكانت الثعالب قصرت أذيالها بسبب الصيد لطلب فراءها، ولكانت الأغنام والابقار قلّلت عدد الذكور لأنها هي التي تُقصد بالذبح، ولغيَّر الراكون فروه لكي لا يصاد، أين الانتخاب الطبيعي لينقذ هؤلاء كما أنقذ الفيلة ؟ المسألة مسألة حسبة نسبية، هل قاس طول و وزن أنياب كل الافيال؟ هو ربما مجرد قاس انياب الافيال الموجودة في محميته. وهل الافيال تعرف سر اصطيادها وما يدور في ذهن الصياد؟ واذا عرفت هل تستطيع ان تقصّر انيابها؟

ولعلمك : الأفيال منذ القديم كانت تصاد لأجل العاج، وكانت تطعَّم بها صناديق الهند وتكون غالية الثمن، وليس هذا في محمية اوغندا فقط. على هذا القياس يجب أن تكون انقرضت أنيابها بالكامل، هذا مع أنه في القديم لم تكن هناك قوانين تحدّد صيد الفيلة. هذا استنتاج سخيف بلا قيمة. وكان المفترض أن تنقرض الديوك لأنها هي التي تسمعها الثعالب وتصطادها، هذه استنتاجات مبنية على أفكار ضحلة. ولو حدث مثل هذا فهو داخل في باب التكيف.

الآن الأفيال بالعالم تعيش في المحميات والحدائق، وهذا بدأ تقريبا من ستين سنة، فهي آمنة في المحميات والحدائق، فلماذا لا تطيل أنيابها ما دام أنه لا يوجد احد يصطادها؟ المحمية محمية لا يُصاد فيها.

ثم هناك سؤال يوجه للتطوريين : ما موقفهم من الكائنات المهددة بالانقراض؟ هل هم مع حمايتها أم مع إبادتها؟ إذا كانوا مع حمايتها فهم الآن يقفون ضد انتخابهم الطبيعي الذي يريد أن يقرض هذا الحيوان لأنه لم يعد متكيفا مع البيئة، أي أنهم يعملون ضد نظريتهم ومبدئهم العظيم التطوري، أي يعيشون تناقضا بين معتقداتهم و واقعهم، وبالتالي يصبحون منافقين وليسوا تطوريين أصليين. وإذا كانوا مع إبادتها، طاعةً لمبدأ الانتخاب الطبيعي العظيم والتطور المجيد، فسيقعون تحت سهام انتقاد حماة البيئة وأنصار البيئة الذين يشجعون وبحماس حماية الحيوانات المهددة بالانقراض وستخرج صورتهم سيئة جدا ويصبحون يتكلمون عنهم في الصحف وبالتالي سيجرهم ذلك لانتقاد نظرية التطور والانتخاب الطبيعي وتصبح نظرية مكروهة ذات مبدأ مقيت، فهي نظرية قاتلة ومبيدة ولا تعرف التسامح، وهذا آخر ما يريد التطوريون أن يضاف إلى سجل نظريتهم التي تعبوا عليها لسنوات طويلة وهم يحاولون تلميعها واثبات علميتها.

على التطوري ان يكف يده عن أي شيء ويدع الانتخاب الطبيعي يعمل عمله، وإن تدخّل فهو ليس مؤمنا بنظريته.

(الدقيقة : 38 الثانية : 35) يتحدث الدكتور عن تكلبن الذئاب والثعالب، ويذكر الدكتور أن كل علماء العالم مجمعون على أن الكلاب الأليفة التي تعيش اليوم وهي أكثر من 150 نوعاً على اختلاف أحجامها واشكالها، أصلها من الذئاب. هذا الكلب الأليف تم تدجينه من الذئاب قبل 10 الاف سنة، والانسان قام بهذه المهمة. وقد طرح عالم سلوك الحيوان النمساوي كونراد لورنس في كتابه (الإنسان يلتقي الكلب) فرضية أن الكلاب الاليفة انحدرت بعضها من الذئاب وبعضها الآخر من الثعالب، واستنتج ذلك من ملاحظات سلوكية، لكن بعد ان قدمت علوم الوراثة الجزيئية أدلتها التي من الصعب دحضها، انتهت فرضية لورنس وأصبح المعتمد أن الكلاب الاليفة كلها منحدرة من الذئاب. وطبعا ليست كل الكلاب منحدرة من الذئاب، فهناك الكلاب البرية التي اصلها قبل 100 مليون سنة من الذئاب أيضا أو شيء له علاقة بالذئاب. ويذكر الدكتور ان عالم الاحياء ريموند كوبنجر صاحب كتاب (الكلاب : فهم جديد لأصول الكلاب ، السلوك والتطور) يقول : ليست الذئاب البرية هي التي أصبحت كلابا أليفة، هذا مستحيل، وذلك بسبب مسافة الهروب، ومسافة الهروب كما شرحها الدكتور هي المسافة التي يبدأ من عندها الحيوان بالهروب عندما يقترب الحيوان الصياد منه، فمثلا حمار الوحش مسافة الهروب له قصيرة، اذ عندما يقترب الحيوان الصياد - مثل الاسد – إليه اقترابا كبيرا، يبدأ عندها حمار الوحش بالهروب، مثل عندما يكون الحمار الوحشي عطشانا جدا ويحتاج للشرب، فإنه يشرب حتى لو اقترب منه الاسد كثيراً. وعودا إلى الذئاب البرية، نجد أن مسافة الهروب لديها كبيرة، ولذلك ليس في برنامجها أن تأكل من القمامات البشرية، لأن الذئب يخشى أن يقع في فخ الإنسان، فمستحيل ان يقوم الانسان بتدجين هذا الذئب البري صاحب مسافة الهروب الكبيرة، وهنا يقول كوبنجر أن الذي حصل هو أن أنواعاً من الذئاب البرية قلّصت مسافة الهروب وبدأت تتقمم على القمامات البشرية، هكذا كانت البداية، وهكذا قام الذئب بعمل تدجين ذاتي، أي دجّن نفسه بنفسه، وصار يعيش بالقرب من الإنسان وهكذا بالتطور ومع الأجيال أصبح كلبا أليفا. وعلى هذا سيتخلى عن أشياء كثيرة كان يمارسها سابقا، فالرزق موجود ومضمون، على أن يقوم بحراسة صاحبه ومكانه.
ويذكر الدكتور أن سر جمال العلم وعامل النجاح الحقيقي في العلم هو في التخصص، إذ انه يخرج بنتائج مذهلة، حتى في الصناعات، مثل ذلك العالم المتخصص بالبُرْص لـ 20 سنة والذي شاهده الدكتور على قناة علمية، وأن هذا العالم استفاد من دراسته المتخصصة بأن ينتج مادة لاصقة تستطيع الإمساك بثقل وزنه 300 كجم. وبهذا التخصص والمثابرة والخيال يستطيع العالِم أن يريك الماضي الذي لم نره.


الرد : كيف عرف الذئب المتكلبن ان تكون مهمته حراسة مكان صاحبه؟ لماذا لا يأكل الطعام ويعود إلى مكانه المناسب له؟ وماذا عن القطط و أصلها ؟ هل جرى لها نفس الوضع مع الكلاب؟ هل كانت أصولها من سباع او اسود او فهود او وشق له مسافة هروب كبيرة، ثم تقلصت واقتربت من الانسان؟ وأيهما استأنسه الإنسان قبلا : الكلب أم القط ؟ ولماذا هذا العداء بينهما مع أن الإنسان استأنس الإثنين؟

الكلب وفي ، بينما الذئب ابن عمه غدار ، فما الذي جعله هكذا ؟ التكوين الجسمي لكليهما مختلف.

الكلب يحرس المكان الذي هو فيه .. وينبح لكي ينبّه الناس ، لماذا ينبح إن كانت غريزته حفظ المكان؟ النباح يُبعد الغريب ، سواء إنسان او حيوان، فأين الافتراس مع انه يصنّف ككائن مفترس؟ المفترس يهمّه التخفي كي يهاجم الضحية، بينما نباحه لا يستفيد منه في ذلك، فهل الكلب حيوان مفترس أم منبّه؟

لو لديك مجموعة كلاب وشاهدوا غريبا فكلهم سينبحون، لن يتسللوا ويتخفون لمهاجمة ما نبحوا عليه، طبعا ليس الدافع لهذا النباح هو الخوف ، لأنهم مجموعة كلاب. لو سمع حيوان كالغزال هذا النباح لهرب، فكيف يكون الكلب مفترس ؟ اذن هو ليس مفترس، بل حارس. وهذه آية عجيبة من آيات الله ، نعيشها وتعيش معنا ولا نلتفت لها.

كيف يتطور الكلب من الذئب كما يزعمون و صار ينبح ويحرس؟ ما فائدة النباح لحيوان مفترس؟ لو كان محل الكلب للحراسة أسد، لهاجم مباشرة وافترس، بينما الكلب لا يفعل ذلك. إن الكلب لا يفترس الرقبة، بل القدمين، بينما الفهد والنمر والذئب يفترسون الرقبة مباشرة بالخنق، فكيف يقال أن الكلب حيوان مفترس وأصبح أليفاً ؟ و كيف لمفترس أن يتحول إلى أليف؟

الكلب السلوقي مثلا لا ينبح، لكنه متميز بالصيد، وبقليل من التدريب يحضر الفريسة دون ان يأكلها. وجسمه مصمم كعدّاء و مخلوق للسرعة، لكنه ليس مهيأ للعراك، مثله مثل الفهد. عند البادية تجد لديهم كلب سلوقي للصيد وكلب آخر لحراسة الغنم. لمَ لمْ يصبح الكلب السلوقي يصيد وينبح ما دام الناس طوّروه ؟ كذلك الكلب البوليسي لديه حاسة شم قوية، حتى أنه يُعطى شيئا من رائحة المجرم أو المفقود ويتبع الرائحة، وليس لدى العلم أجهزة تكشف الروائح كما يكشفها الكلب.

لن تجد حارسا مثل الكلب، الكلب يقوم بعملية التنبيه والضرب بعد التنبيه والدوران حول الغريب قبل العض، وإصابة القدم أيضا، تماما كأنه مبرمج ليعمل عمل جندي الحراسة، فأولاً ينبه، وإذا لم يستجب أطلق النار على القدم، كذلك يفعل الكلب الحارس، لذلك في أفلام الكارتون للأطفال تجد الحارس أو الشرطي يكون على هيئة كلب و أنفه ..

الذئب حيوان مفترس وليس له صوت، يمشي بهدوء ولا يكشفه إلا الكلب، فكيف يكون هذا ابن عم لهذا ؟ الوظيفة بشكل عام فرّقتهم، فالكلب يحرس والذئب يفترس، وكلا الوظيفتين تحتاجان الى السرعة والهجوم والعض والتخفي الخ.. هذا ما جعل أشكالهم قريبة لبعض.

إن صور وفاء الكلب عجيبة وأكثر من أن تعدّ، و أكثر مما يقدَّم له من طعام. من علّمه روح الصداقة؟ هل هو الإنسان؟ الإنسان يدلّل حيوانات وأنعام أكثر من الكلب ومع ذلك لا تُظهِر له إلا القليل جدا من المودة أو لا تُظهر. لأن الإنسان مخلوق ضعيف، وحواسه تعتبر ضعيفة، فلما عاش معه هذا الصديق الوفي أعطاه قوة ودافع عنه ونبّهه للأخطار، إن حواس الكلب مضاعفة على حواس الإنسان، و وفاء الكلب في القمة، حتى صار مضرب المثل، حتى قال الشاعر العربي الذي جاء من البادية في مدحه للخليفة :

أنت كالكلب في حفظك للود ، وكالتيس في قراع الخطوب ..

الذئب له دوره في التوازن والكلب له دوره أيضا في التوازن، ولو وجدت الذئاب ولم يوجد الكلب لما استطاع الانسان تربية حيواناته الداجنة، فمن سيحرسها ليلا؟ حتى الحارس البشري نفسه لا يستطيع ان يعرف بوجود الذئب مثل ما يعرف وجوده الكلب، على هذا الحال لا يوجد رعي ولا توجد زراعة، هذا غير حراسة الكلب للانسان نفسه، وإلا لأكلته الوحوش، فهو حارس وجرس انذار. وهي ميزة لا توجد في أي حيوان اخر غير الكلب، فهو حارس ومنبه ومهاجم ويميز بين الغرباء والدخلاء، ولا يهاجم الحيوانات الصغيرة كالفأر وغيرها.

اذن الكلب حيوان مسخر تسخيرا مباشرا للإنسان، أما الذئب فهو مسخر تسخيرا غير مباشر، أي لخدمة التوازن البيئي وليس لخدمة الانسان مباشرة، مع ان التوازن البيئي يخدم الانسان في الاخير، لذلك الاية تقول (سخر لكم ما في السموات والارض جميعا). من الغريب أن احدا يقدم طرحا مبنيا على الواقع ودون خيالات ومفسّر عقليا ويُسخر منه، وأحدٌ آخر يقدّم طرحا مبنيا على خيالات وتشابه، ويقدّم فروضا لا دليل عليها ولا يؤيدها العقل والمنطق، بل حتى الواقع، ويوصف بالعلمية! كيف يصدّق الثاني ويكذّب الأول؟ الاصل ان الاشياء على ما هي عليه حتى يقوم الدليل على ضدها. التطوريون جعلوا كلامهم هو الاصل، مع انه ادعاء على واقع.. فالذئب ذئب والكلب كلب، فلأنهم وجدوا تشابها بينهما، قالوا أن الكلب من الذئب، حسنا لماذا لا نقول العكس؟ أن الذئاب من الكلاب؟ كل هذا وارد، ففي الاصل لم توجد ذئاب، بل كلاب، والكلاب لأن مسافة الهروب قليلة عندها، بدأت تزداد هذه المسافة لان الأطفال آذوها برميها بالحجارة في العصر الحجري فصارت تزداد مسافة البُعد حتى صارت ذئابا، وطبعا هذا ليس مع كل الكلاب، لأن بعضها مع أناس متحضرين وأطفالهم مؤدبين.. هل يستطيع أحد أن يثبت خطأ نظريتي المفترضة هذه؟ أو خطأ نظريتهم؟ إنها مجرد ادعاءات ، فكيف تُربط بالعلم؟

علبة من الحليب وعلبة من الزيت، رأى س من الناس بينهما تشابها، فجلس يفترض أن هناك علاقة بينهما ، لماذا شكل العلبتين بنفس اللون؟ ولماذا ولماذا، وصنع سيناريوهات من الخيال. أيهما تصدق: الواقع أم الخيال؟ الواقع يقول ان هذه علبة زيت من مصنع، وهذه علبة حليب من مصنع آخر لا علاقة بينهما، وهذا يبحث ويمحّص ويفتش عن لون الكتابة على العلبتين ويقارن صوتي انسكاب الحليب والزيت ويا ليل ما أطولك ... أيهما تصدق؟ أليس في القضاء يعتبر وضع اليد بحد ذاته دليلا؟ إذا ادعى اثنان ملكية ارض وأحدهما مقيم فيها ويعمل وآخر لا يعمل فيها ولا يقيم، فهم يعتبرون بوضع اليد، فيقضون بها للأول، إلا إذا قدم الثاني أدلة أقوى من الواقع. جماعة التطوريين لم يقدموا أدلة تنفي الواقع بحيث نعرف أن الكلاب فعلا قادمة من ذئاب، الواقع يقول أن الكلب كلب والذئب ذئب، ولا علاقة بينهما، تماما كعلبتي الحليب والزيت، ومن أراد أن يقيم علاقة فعليه أن يثبت بأدلة أقوى من واقع الحال. مثل المدعي الذي قدم أدلة أقوى من وضع يد الأول على الأرض.

إذا استمررنا معكم في موضوع الأصل لكل نوع فستكون حكايتنا حكاية سخيفة، فالنخلة ما أصلها؟ والبعوضة ما أصلها؟ والدجاجة ما أصلها؟ وسندخل في عالم من الخرافات التي أنتجت لنا أن الدجاجة عبارة عن ديناصور متحوّل وأن الحوت عجلٌ سقطَ في الماء. كل ما هنالك أنهم وجدوا أن الكلب يشبه الذئب، لهذا أجمعوا على أن الكلب أصله ذئب، وهل العلم يؤخذ بالإجماع؟ الإجماع لا شأن له في العلم ولا في الدين. يُحتاج للإجماع في الأمور التي تعتمد على ذوق الناس ورغباتهم.

الذئب يعيش في البراري متوحشا، بينما الكلب أليف، فقاسوها على الإنسان، عندما كان بدويا ويوم أصبح مدنيا، فكأن الذئب بدوي وكأن الكلب حضري، هل هذا علم أم أنه وهمنا العصري؟

وهل أصبح العلم مثل الدين حتى يقال أن العلماء اجمعوا على أن الكلب أصله ذئب ؟ أم أنه الدين البديل عند الملاحدة بدأ يأخذ نفس منحى الدين القديم في الإثبات والاستدلال؟

وماذا لو ربى الإنسان هذه الذئاب البرية وهي صغار؟ وحتى الكلب الذي لم يُستأنس له مسافة هروب ولا يستطيع أحد ان يمسك به. بل في القرى والارياف البعيدة عن المدن تدخل الذئاب وتتقمم. وهكذا يذكر لنا اجدادنا أنها كانت تدخل حتى في المدن ليلا.

إن هذا الكلام مضحك، كلامٌ لا يعرف طبيعة الذئاب ولا طبيعة الكلاب، لو كان هذا الذئب البري كلبا بريا لما استطعت إيلافه بالقمائم، الذئاب نفسها قلما تعيش بعيدا عن الانسان، لأنها تعيش على ما يرميه الانسان خصوصا من الجيف، وهو الذي يربي القطعان من الاغنام والابقار التي تعيش الذئاب عليها سواء صيدا وافتراسا أو تقمّما وجِيَفا، وهي من القديم كذلك، فهي لم تكن بعيدة عن الانسان، لأن أهم طعام لديها هو الأغنام، فالذئاب ليست متخصصة فقط بصيد الغزلان، فالغزلان السريعة تصطادها الفهود والاسود.

من الممكن أن يجد الإنسان صغار ذئبة فيأخذها ويربيها في منزله، فتربية الصغار ممكنة، لكن الذئب أصله متوحش، ومن قال أن الذئاب لا تتقمم على القرى ومزابلها؟ إنها تدخل القرى النائية وتفترس أغنامهم في حظائرها. ولماذا الذئاب فقط من تدجنت ولم تفعل الثعالب؟ مع أنها بحاجة أكثر للدجاج والبيض التي تربى في منازل البشر وحظائرهم. لم يذكر أن ثعلبا تربى وأصبح أليفا.

(حتى نهاية الحلقة) يتحدث الدكتور عن تجربة حديثة تثبت التطور، وهي كلبنة الثعالب، حيث قام العالم الروسي ديمتري بيلييف بعمل حظيرة استيلاد للثعالب الفضية الفراء، من اجل الفرو والاستفادة منه اقتصاديا. قسم بيلييف حظيرة الثعالب الى ثلاث مجموعات، الأولى منها مجموعة لا تألف الإنسان إطلاقا وربما تعض وتهاجم، والثانية مجموعة تألف الإنسان إلى حد معين ولكنها لا تقدم سلوكيات ايجابية، والثالثة مجموعة تألف الإنسان ولا تعض وتحب التربيت عليها. فاختار بيلييف هذه المجموعة الثالثة وبدأ يهجن أفرادها بعضهم ببعض. وبعد عدة أجيال، لوحظ أن هذه الثعالب في هذه المجموعة زادت ألفتها للإنسان، أيضا بدأت ترفع أذيالها مثل الكلاب، إذ أن الثعالب الفضية الأصلية لا ترفع أذيالها، وأيضا خفت كثافة الفراء في الذيل كالكلاب، إذ أن الثعالب الفضية الأصلية تتميز بفرو كثيف في الذيل، كذلك بدأ فراؤها يتبقع بالبقع الملونة، مثلها مثل الكلاب تماما، اذ ان الثعالب الفضية الأصلية لا يحوي فراؤها على بقع ملونة. كما أن آذانها تغيرت وأصبحت متدلية كالكلاب، بينما الثعالب الأصلية الفضية كانت آذانها مدببة، والشيء المثير أكثر أن دورتها النَّزَوية تغيرت وأصبحت كدورة الكلاب، إذ أن الكلاب لها دورتان نزويَّتان في السنة، بينما الثعالب الأصلية لها دورة واحدة فقط، فأصبح لهذه الثعالب المهجنة دورتان بدل الدورة الواحدة.

الرد : هذا مثال واضح على إسقاط الفكر البشري على الطبيعة، الثعالب اذا ارادت ان تكون أليفة لماذا تتكلبن؟ هل يستحيل ان يكون الثعلب أليفا إلا إذا تهدلت آذانه وخف شعر ذيله وأصبح يبلبص بذيله ويرفعه للأعلى ويفتح فمه كأنه يضحك؟ بقي عليه أن ينبح ثم يكون أليفا 100% .. هذا هو الجانب المضحك في الأمر، لأن البشر تعودوا على أن الكلب هو الحيوان المفترس الوحيد الأليف، اذن صار شكل الكلب وسلوكه هو شرط الوظيفة للمتقدمين عليها. ممكن أن يكون الثعلب أليفا لكن بطريقة أخرى، بطريقة ثعلبية، لا أن يقلب نفسه إلى كلب حتى يكون اليفا. القطط مثلا أليفة ومحبوبة مع أنها لم تتكلبن، فلماذا تتكلبن الثعالب حتى تكون أليفة؟ هذا شيء مضحك..

يمكن ان تستأنس الثعالب وذيولها منفوشة، ستكون أجمل، ما المشكلة؟ لماذا تزوّر نفسها كأنها كلاب حتى يقبلها السيد إنسان في معيّته وحاشيته المباركة؟ هذا هو المضحك في الأمر.. لأن الإنسان اعتاد على ان يكون الحيوان الأليف آكل اللحوم يجب ان يكون كلبا او كالكلب، لأنه لم يسخر من الحيوانات إلا هذا وأخيه القط .. مع أنهم نسوا موضوع القطة، فهي أليفة وتأكل اللحوم ولم تتكلبن.

دائما مشكلة العلم هي في مقدماته، إذا كانت مقدماتك صحيحة ستكون نتائجك صحيحة. كيف يكون الشيء مقبولا وبنفس الوقت عكسه مقبول؟ وبنفس الوقت يسمى علما؟ فمقبول عقلا ان الكلب اصله ذئب، ومقبول عقلا ايضا ان الذئب اصله كلب؟ والكلب الصغير ذو الفراء والقطط الشيرازية ذات الفراء، مقبولٌ ان ذاك القط الشيرازي تطوّر من هذا الكلب المتقطقط أو أن هذا الكلب تطوّر من هذا القط المتكلبن! عالم الخيالات واسع، لكن الوظيفة ماذا تقول في شأنها والواقع كيف تنفيه؟

الحيوانات المفترسة ذات الفراء الناعم تحب الفرك واللمس والتربيت عليها، كأن فيها روح مرح، كذلك النمر والأسد. كأن نعومة الفرو هذه تهيء للمسه. لأن نعومة الشعر هذه تنفعها كمهاجمين، كَيَد القط والكلب والأسد، أيضا طبيعة حياتها تجدهم يتلامسون من خلال اللعب والصراع، وأذيال الثعلب الكبيرة من أجل التوازن في الهروب.

الكلاب والذئاب والثعالب متشابهات أساسا، لأن دورها الوظيفي متقارب، الطبيعة تقدّم فرص حياة وأنواع، فلماذا عجزت أن تقدّم هذه الفصيلة الثعلبية التي تشبه الكلاب حتى يأتي بيلييف ليقوم بذلك؟ لا يوجد كائن حي يمكنه التزاوج من قارات وأماكن بعيدة كالإنسان، ومع ذلك لم تخرج أي طفرة من أي نوع. ثم كيف يبتعد الثعلب عن دوره الأصلي ويتحول إلى كلب؟ من سيأكل الدجاج ومن سيقوم بأسلوبه الثعلبي ما دام انه بهذه السهولة يمكن أن يخرج من نوعه إلى نوع آخر لم يعرفه؟ من علّم هذه الثعالب أن عليها إذا أرادت كسب الإنسان أن تبقّع فروها مثل الكلاب وتقوم بكل الصفات الكلبية؟

وبعد مطالعة لفيديوهات في اليوتيوب عن نفس الموضوع والتجربة لم نجد كلام الدكتور دقيقا في أنها تحولت إلى كلاب، هي كفّت عن شراستها السابقة نعم، لأنها مولّدة وتحت التربية، وهذا شيء يكون مع الأسود والنمور المُرَوَّضَة والتي تقوم بألعاب في السيرك، وتلعب مع المدرب وتحتضن الأطفال، وهذا شيء موجود ومُشاهد، لكن لم نر آذانا متهدلة ولا ذيلا متحركا يمينا ويسارا في حالة الصداقة كالكلب، ولم نلاحظ أن فروها خف وأن ذيلها ارتفع، بل حتى لم تتغير ألوانها عدا ثعلب واحد ظهر في احد الفيديوهات فيه القليل من البقع، وهذا نتاج طبيعي من عملية التناسل الصناعي، فأي نوع تجري عليه عملية تناسل صناعي ستخرج منه بألوان جديدة، وهذه البقع قليلة وتدلّ على قلة تغيّر الألوان في هذا النوع. سوى ذلك لم نجد شيئا يجعلها كلابا كما يقول الدكتور، فهي لا تنبح ولا "تبلبص" بذيلها، أما رفع الذيل فهذا من طبيعتها أصلا في حالة الإلفة، وظهرت هذه الحالة (رفع الذيل) في قفص الإختيار قبل أن يفرز أيها ألطف و أيها أوحش في بداية الفيديو. بل حتى الصورة المعروضة في هذه الحلقة لديمتري بيلييف والتي كتب تحتها اسمه بالانجليزية هي صورة ليست له، بل لعالم أمريكي يتحدث عن تجربة بيلييف كما في احد الفيديوهات الذي سيوضع رابطها في الأسفل.

نستغرب ما الذي دعى الدكتور أن يدعي كل هذه الدعوى العريضة بأن الثعالب تحولت إلى كلاب ! أما عن دورتي التبييض فالمعروف عن الحيوانات التي بحجمها أن لها دورتين، فالقطط والكلاب تقع لهما في فصلي الربيع والخريف، فما الذي يجعل لهذه الثعالب دورة واحدة فقط وهي من نوع المفترسات الصغيرة التي تصطاد الأرانب؟ انظر إلى الأرنب كم تلد في السنة من مرة، ليس بينهما تناسب، وحتى لو صار هذا صحيحا أنه كان لها دورة واحدة ثم أصبح لها دورتين، فهذا لا يجعلها كلابا. أيضا : قد يكون بسبب الرعاية والدفء داخل المزرعة دور، وهذا داخل في مجال التكيّف وليس التطور. ويُذكر أنه عند الإنسان تقف الدورة الشهرية في ظل وجود الحروب عند بعض النساء، وهذا بسبب الخوف، ثم يعود الوضع إلى طبيعته وخلقته، فهل هذا تطور؟ وحتى عند النخيل تخرج أكمامها مرة واحدة في السنة، لكن إذا أُكرمت بالماء والرعاية أكثر تُخرج أكماما اضافية بعد شهر او شهرين أو ثلاثة شهور، لكن وضعها الطبيعي أنها تخرج أكمامها مرة واحدة في السنة، فالرعاية لها علاقة بالاخصاب، وهذا شيء يعرفه المربون والمزارعون، وحتى الضأن إذا أُكرمت بالطعام المتنوع المغذي تزداد خصوبتها وقد تلد توائم او ثلاثة.

كما أن الثعالب في التجربة محبوسة كل فرد منها لوحده، وهذا يزيد الرغبة الجنسية عند الذكور وربما الإناث، وهذه الروابط ليتأكد القارئ بنفسه أن تلك الثعالب من أول نظرة يُعرف أنها مجرد ثعالب، ولم تتحول إلى كلاب تنبح كما يدعي الدكتور بكل ثقة.

الفيديو الأول : https://www.youtube.com/watch?v=0jFGNQScRNY

الفيديو الثاني : https://www.youtube.com/watch?v=-L58NPPQ5eI

الفيديو الثالث : https://www.youtube.com/watch?v=2sPNYfGmxyA

ربما لهذا السبب لم يعرض الدكتور أي فيديو في حلقته عن الثعالب، بينما عرض مقاطع عن غيرها من التجارب، فالثعالب الجديدة لم يعرض منها أي صورة، مع أنها تجربة عظيمة وباهرة كما يقول. الحقيقة أنها لا عظيمة ولا باهرة. وربما لهذا لم يعرض الدكتور أي فيديو لأنها ليست باهرة. فإذا كانت هذه هي أدلة التطور الصغروي، فما هي أدلة التطور الكبروي الذي لم يره احد وقبل ملايين السنين؟

وكذلك الأرانب تكثر من النسل في وقت الخصب، وإذا أصبح المناخ سيئا أو الظروف المعيشية سيئة لا تتناسل، فهل تغيرت دورتها أم تطورت؟ حتى الأغنام تتفاوت، بعضها تلد مرتين في السنة وبعضها لا تلد إلا مرة في السنة، فهل هذا تطور؟ هذا عدم احترام للعلم الذي يقوم على التفريق لا التشابه.

الحقيقة انه عالم الثعالب مختلف تماما عن عالم الكلاب، فالغذاء يختلف ووقت الخروج يختلف، لأن لكل دورُه، لا يمكن لأحد أن يقفز من دورِه ويصبح له دور آخر، وإلا لاختلت الطبيعة. العالِم الحقيقي يقوم على التفريق لا على التشابهات. فقط لأن الذئب والثعلب والكلب بينهم تشابه أصبح بينهم تداخل؟ العلوم كالكيمياء والفيزياء والرياضيات، هل لها أصل واحد؟ وهل هي متداخلة؟ طبعا سيغضبون لو قلنا ذلك، سيقولون أن لكل علم مختصّوه، ولكل تخصص علماؤه الخاصين به، لكن يقومون بهذا الخلط في الطبيعة متساهلين بذلك، مع أن الطبيعة أدق وأتقن من علومهم ومتخصصيهم.

قالوا قديما :

لا يكون العِيرُ مُهرا ، لا يكون، المهرُ مهرُ ..

وإن كان بينهما تشابه ..

وعليها : لا يكون الذئبُ كلبا ، لا يكون ، الكلبُ كلبُ ..

هذه عقلية أصولية يجب أن نتطور عنها. فالأصولية فكرة مغلوطة حتى في الدين.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق