الاثنين، 11 يناير 2021

حوار على البريد بعنوان "احب الله لكني اكره الحياة واكره الواقع واكره الناس"

المرسل : السلام عليكم استاذنا ومعلمنا الرئع الوراق واسعد الله مسائك بكل خير. اتمنى وارجوا منك ان توسع بالك  وتستمع لقصتي واسئلتي.

انا راح اخش في الموضوع مباشرة.

وموضوعي وبكل بساطة إني اكره هذي الحياة اللي الله عز وجل خلقنا فيها ( من دون طلبنا ) والسبب للعبادة والإصلاح وإعمار الأرض

طيب الله يقدر في اقل من ثانية يعمر الأرض ويصنع ما يشاء ( كن فيكون ) فلماذا يحتاجنا نحنا لنعمر الارض؟  وهو مايحتاج عبادتنا ولا تضحياتنا ونحنا نعبده لمصلحتنا في الدرجة الأولى

 

الرد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. في الحقيقة انا أشعر بك وأحس بمعاناتك وقد جربت مثلها أو قريبا منها, هناك فهم خاطئ للآلام والضجر من الحياة, أقول لك مع أنها قاسية الا انها نعمة من نعم الله, الكآبة نعمة مع أنها قاسية ومؤلمة تماما مثل آلام الجسم وأوجاعه, وجود الألم في الحياة هو مؤشر على وجود خلل أو خطأ, وهو دافع للاصلاح والحماية وليس للانتحار كما يشير الشيطان على المتعبين مستغلا ظروفهم, لأن الشيطان يصيد في الماء العكر, أنا كنت مريضا بالكآبة فأزالها الله بعد أن توكلت عليه، وصرت لا أبحث عن مصالحي بقدر ما ابحث عن الحق والصواب، وأفعل الفعل لأنه صواب ولا انتظر نتائج الا من الله.

 

الله هو المنجد وهو الموجود ولماذا لا نلجأ إليه بدلا من سماع كلام الشيطان, لو لم تحس بجسمك اذا تعرض لحرارة أو برودة أو ضربات, لتلف الجسم دون ان تدري, كذلك في الالم النفسي يحصل نفس الشيء, اذن الالم له غاية وليس فوضى, وهو مؤشر مثل مؤشر ارتفاع الحرارة، يخبرك عن وجود مشكلة, والمشكلة تحتاج الى تغيير في التصوّر أو الاساس, وبما أنك لم تستطع بنفسك, فعليك ان تبحث عن احد تثق به ليساعدك في تغيير ما بداخلك, لان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم أي ما بداخلهم من قناعات وتصورات,

 

أنا مستعد أن أساعدك, لكن هل انت مستعد أن تتقبل؟ هل تستطيع أن تتخلى عن عقلك ولو بشكل مؤقت, حتى نعدّل أساسات تفكيرك من خلال اقتناعك, لأنه اذا كنت انت معلم وأنا معلّم فماذا نستفيد من بعض؟ الا فوائد هامشية, بينما أنت تعاني, لو عندك ادارة ممتازة وفهم لنفسك, لما وقعت في مثل هذه المعاناة, هذا الكلام قله لنفسك كلما ثارت كبرياء عقلك، أخبر عقلك بأنه لم ينفعك في حل هذه المشكلة, وهي أهم مشكلة وهي مشكلة (المسار), فعقلك الذي لم يسعفك في معرفة لماذا انت موجود, لن يسعفك في أمور أخرى, أنا لا اقول بأنك مجنون. أنا أقول أنك ذكي. لكنه ذكاء موجه بطريقة خطأ, انت محتاج للطريق الاساس أي صراط الله المستقيم, وهو (لماذا انت موجود؟ وأين أنت موجود؟ ما هو حجمك؟ ماذا قطعت من الطريق؟) لابد أن تعرف مكانك من الإعراب, لا ينبغي أن تكون جملة معترضة لا محل لها من الاعراب, اذن نبحث عن صديق أو مساعد, وأنا الان شخّصت لك حالتك الايمانية بأنك تعاني من ضعف في الايمان بسبب كثرة الشكوك التي جاءت من أسئلة حول أمر ليس لك ولا لغيرك، قال تعالى:(ولا تقف ما ليس لك به علم) اذن الامر خاص بالله, والايمان بالله لا يقوم الا على اساس الثقة بان الله احكم الحاكمين, وأنه (لا يُسأل عما يفعل وهم يسئلون) وأنت تسأل الآن عما يفعل الله وكأنك تحاكم الله وتقول: عبث ههههههه.

 

انا لست غاضبا منك,لأن هذا متوقع، لكن الله له شؤونه ولا شك ان مثل هذا يغضب الله, الا اذا تبت وعرفت حدود عقلك ووجهته لمجالاته, أنا آسى لحالك وحال الكثير من الشباب الحيارى, وقلت لك بأني مررت بمثل هذه التجربة أو قريب منها, واذا كان عقلك وصل لهذا المستوى الذي اكتشف فيه عبث الله سبحانه عن ذلك, الذي يقول:(وما خلقنا السماوات والارض وما بينهما لاعبين), لم لا يحل عقلك ومن باب أولى مشاكلك ولا تحتاج لمساعدة أحد؟ بدلا من هذا الحل الجبان الهارب عن مواجهة الحياة (الانتحار), العقل المستسلم هل نقول عنه أنه قوي؟ ومن العقل لا تثق بعقل يقدم لك الأسئلة ويعجز عن تقديم الحلول, اذن من هنا نفهم أن هذه من همزات الشياطين, لان الشياطين لا تريد أن تُحلَّ مشكلتك, بل تريد أن تزداد مشاكلك كي يفتحوا لك الباب على الفساد او الانتحار, وهذا مصداق لقوله تعالى عن الشيطان: (لأقعدن لهم كل مرصد), ولا حل الا بوجود رابط مع الله (ألا بذكر الله تطمئن القلوب),

 

الطمأنينة لا تشترى بالمال, بل بتغيير ما في النفس والاتجاه الى الله ثم تأتي الهداية والطمأنينة من الله وليست منك انتبه لهذا, ولا من عقلنا, بل هي هبة من الله لأصحاب القلوب السليمة الباحثة عن الحقيقة ولو على حساب نفسها وأنانيتها, لان الله لا يخيب ساعيا إليه أبدا, ثق بذلك, والله قال:(والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا), لاحظ كلمة (سبلنا) مع أن الله له سبيل واحد, والمقصود هنا والله أعلم هو الطرق التي تؤدي الى سبيل الله كشخص مثلا او كتاب او غير ذلك والتي قد تكون سببا في هدايتك.

 

 اعلم ستقول أنك سعيت, لكن هل سعيت حقا, وهل صبرت حقا, وهل سلمت نفسك لله حقا؟ بعبارة أخرى: هل أحببت الحق؟ من يحب الحق لن يتخلى عنه الحق سبحانه, الذي أكثر لومه على نفسه وليس على غيره, هذا هو الذي يرجى له الخير والهداية والحكمة, أما من يجعل اللائمة كلها على غيره وهو في السليم دائما, هذا تتخطفه الشياطين, لان الشياطين تبحث عّمن يدور حول ذاته وأنانيته, حتى توصلهم الى لوم الله في الأخير, ثم الالحاد ثم الاحساس بالضياع ثم الانتحار أو الرغبة بالانتحار, وهذا ما لا أتمناه لك, الله يقول:(ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا) وأنت الان تشعر بالضنك مع أنك تعيش مع أهلك وفي شبابك وصحتك, الالم نعمة مع أنها تؤلم لكنها نعمة, ولو لم تكن موجودة لضعنا, إن سئلت عن النعمة المؤلمة, فقل هو الالم.

 

أنت تشتكي من كل شيء ـ من امك ومن أبيك ومن ربك ومن الناس ومن الحياة ـ وهذه خطوات الشيطان التي اتبعتها حتى زيّن لك الشيطان الانتحار, وهذا ما يريده الشيطان, بعبارة أخرى: الشيطان حرف تفكيرك مما يعنيك الى ما لا يعنيك, فأصبح عندك خواء, فجاء الشيطان ليقدم لك الحل الذهبي وهو (انتحر يا عزيزي), وأنت شباب في كامل صحتك وعقلك يريد الشيطان ان يدمرك بالكامل وينشر المأساة في كل من يعرفوك, لأنه عدو, والله قال:(ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا).

 

يجب ان يكون عقل المؤمن موجه وليس منفلت, ولا يصلح للعقل ان يستخدم في كل شيء, تحتاج أن تقرأ في هذه المدونة عن العقل والشعور والعلاقة بينهما, والفرق بين عقل الانسان وعقل الحيوان حتى تعرف حدود العقل, وهذه الشبهات التي تقدمها سبق الرد عليها بتفاصيل مطولة في هذه المدونة, انصحك بقراءتها ان كنت تعاني كما تقول, ابحث عن الحل لان كل مشكلة لها حل, بدلا من ان توزع اللوم على كل من حولك, امك وابوك هذه حدود علمهم واجتهادهم, اما ربك وهو المتهم الثالث فهو الذي خلقك وسخّر لك ورزقك وأمدك بالسمع والبصر (وقليلا ما تشكرون), أين حق ربك؟ من لا يشكر الناس لا يشكر الله, وأنت لم تشكر الله ولا الناس, مسار حياتك يحتاج إلى تعديل كبير, إن كنت جادا فأنا مستعد لمساعدتك, هذا بعد أن تقرأ المدونة وتتمعن فيها, أما إن كانت مجرد تسلية وأنت واثق بعقلك فإنها مجهودات شبه ضائعة, لكن لا يضيع الاجر ان شاء الله.

 

الله لا يريد منا شيئا وهو غني عنا, اعرف ان شكر الله هو دواء لنا لان الله غني عنا وعن شكرنا, لو تتأمل بنعم الله لاستبدلت اللوم بالشكر, تخيل انسان حياته شكر لله, ومحاولة تعداد لنعم الله وأفضاله, هذا سيصبح انسانا سعيدا بلا شك, هل يعاني من الكآبة وهو يعجز عن الشكر؟ طبعا لا. اذا الانسان يعدد النعم التي انعم الله عليه, سيكون انسانا متفائلا وهذه هي الطاقة الايجابية التي يبحثون عنها ولا يجدونها, أنت عبد لله, وأحسن أحوالك أن تقر أنك عبد لله, وبغير هذا فالبقية كلها أوهام وشرب ماء بحر, أسأل مجرب, أنا جربت كلأ طروحاتهم ولم تسقني شربة واحدة, طبعا اذا كنت تثق في هذا المجرب, واذا لم تثق فأجرنا على الله, اذن نحن نعبد الله والمستفيد هو أنفسنا, والله لا يستفيد شيئا منا لانه غني سبحانه وتعالى, لكن الله لا يرضى لعباده الكفر.

 

هل تأملت هذا الجمال الالهي؟ افعلها, وأرح شكوكك قليلا, تأمل في جمال الله وجلاله وعظمته, افسح المجال لوجدانك, ارح هذا العقل المتشكك قليلا, هذا الاله العظيم الذي ينفذ ما يريده من خلال الحب, فالله يريد من الام ان ترعى طفلها عن طريق انه اودع فيها الحب واودع في الناس محبة الصغار حتى لو لم يكونوا أبناءهم لان الطفولة محتاجة للرعاية, الله سخر حب الطفل ورحمة الطفل من اجل رعاية الطفولة لكي يبقى الجنس البشري لا لكي ينتحر في عز الشباب, كما يريد الشيطان, الله لطيف بالعباد سبحانه وهو اللطيف الخبير, الله قادر ان يجعل الالم هو من يضطر الام  لرعاية الطفل, لكنه استخدم الحب بدلا من الالم, واستخدم الالم منبها للخطر وللخلل حتى لا يتفاقم وهذه نعمة أخرى, كذلك الحب والجمال والرغبة هي من جمعت بين الرجل والمرأة, الحب والجمال والرغبة هي دوافع استودعها الله في الناس من اجل ان يتكاثروا ويكونوا الاسرة, حتى النوم الذي يفقد الانسان فيه وعيه يشعر بلذة للنوم مع انه لا يحس به (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار). الانسان أصله ظلوم, الا اذا عرف الله واستعبد له, حينها يعرف الاخلاق, واذا عرف الاخلاق تخلص من الانانية وأحس بغيره, لان عبادة الله في الاساس هي اخلاق مع الخالق تنعكس على المخلوقين بعد أن عرفها, الذي اقصده شغّل طاقات ذكاءك في تأمل نعم الله وأخلاق الله كما هي في القرآن, سوف تمتلئ حبا لله, واذا احببت الله انتهت مشكلتك. 

 

من يتعرض للسعة كهرباء فهذا يعني ان عليه ان يأخذ الاحتياطات او يبتعد استجابة لهذا الالم وهو منبه, أما من يحس بألم نفسي فماذا يفعل؟ نفس الشيء عليه ان يحتاط ويبتعد عن الخطر, أنت الآن تخوض في الخطر وهو التدخل في شئون الله, لماذا خلق؟ ولماذا لم يخلق؟ لماذا لم يجعل للتمساح اجنحة مثل ما جعل للنعامة, مع أنها لا تطير؟ ولماذا يخلق كل هذه المجرات؟ ولماذا يخلق مئات الأنواع من الحشرات؟ وهكذا من الاسئلة التي لا تنتهي ولا تنم عن احترام لله.

 

انت تقول انك مؤمن وهذا جيد انك لا تقر بالالحاد, لكن ايمانك ناقص لدرجة كبيرة جدا, لان الايمان يزيد بالعلم وينقص بالشكوك, وانت لديك شكوك حادة جدا حتى انك تصف خلق الله للبشر بأنه عبث, فكأن الله الذي تعبده وتسلم له امرك تعتقد انه عابث, اليس هذا تناقض في صميم ايمانك؟ كيف تعبد الها عابثا حسب تصورك؟ قال تعالى: وما قدروا الله حق قدره.

 

المفروض ان تشغل عقلك فيما يتعلق بشئونك انت وبنجاتك انت, لانك عبد, ولست خالق, وليس من شأن المخلوق ان يمحص ويبحث في افعال الله, بل أن يبحث ويمحص في افعاله هو ومعتقداته واقواله, عليه ان يبحث عن سلامته ونجاته وهذا ما يفعله العاقل, لان هناك عقول تفيد صاحبها وغيره, وعقول تضر صاحبها وغيره, المهم هو هل هناك ظلم من الله ام لا؟ انت تقول ان الله اعطانا حرية الاختيار. ومن يعطيك حرية الاختيار بعد ان ينبهك، هل ظلمك؟ ام احترمك واكرمك؟ قال تعالى (ولقد كرمنا بني آدم)، وحرية الاختيار من التكريم لا شك، والجبرية ليست من التكريم. لذلك قال تعالى (لا اكراه في الدين) وقال (أنلزمكموها وأنتم لها كارهون)، الطاعة المغصوبة ليست طاعة طيبة، والله طيب لا يقبل الا طيبا. من يخيرك فقد اكرمك واحترم عقلك, والله خلقك, ومن بعد ان خلقك قلت بأنك لم تستشار, وكيف تستشار وأنت لم تخلق؟ واذا خلقت لكي تستشار فإنك لن تقبل أن تموت بعد ذلك!! والآن أنت حي وطريق الموت تعرفه، ومع ذلك تبتعد عنه!

 

المرسل : ولكن نحن لم نطلب منه أن يخلقنا ولم نطلب منه أن نعاني في هذه الحياة القاسية ولكنني أعلم أنك ستقول ان الله سيكافئنا بالجنة وان هذه الحياة قصيرة جدا 50 60 70 سنة ونموت

 

الرد : انا لم أقل ان من عانى في هذه الدنيا بأنه سيكافأ بالجنة!!, الجنة مربوطة برضى الله سواء أكان انسانا غنيا صحيحا او فقيرا ومريضا, الجنة ليست للفقراء والنار للأغنياء, هذا خطأ, الله لا يرضى الا عن من يحمل قلبا سليما وباحثا عن الحقيقة ومستعدا لتقديم ما يستطيع, بعض النظر عن كونه قد عانى او لم يعاني في الدنيا, والا لكان كل ضحايا الحروب والفقراء والمرضى الذين في المستشفيات كلهم في الجنة, لا .. هناك مقياس آخر, من قوله تعالى (آمن بالله وعمل صالحا), ولم يكن من الفاسقين ولا من المتكبرين ولا من الخائنين والظالمين الذي يكرههم الله.

 

المرسل : ثم لو كنا مسلمين ومؤمنين الله سيدخلنا الجنة برحمته و الكفار والأشرار سيدخلون النار وهذه الطامة الكبرى لماذا يخلق بشر ويضع فيهم ( إمكانية ان يعملوا الشر / ويعطيهم الإرادة الحرة ثم يعذبهم ؟ )

 

الرد : أنت لم تقل أن الله اعطاهم امكانية أن يعملوا الخير, لماذا جحدت هذه الكلمة؟ أم أنها سقطت سهوا؟ بينما هم الذين استحبوا الضلالة على الهدى, ونحن هنا نتكلم عن الكافرين الجاحدين, وليس عن غير المسلمين لان بينهم فرق, الله اعطاهم الارادة الحرة ولم يجبرهم على الشر بل حذرهم منه, ولم يجبرهم على الخير, ودعاهم اليه واعطاهم فسحة العمر بمراتبه ليعتبروا, واعطاهم الاحساس الفطري (الشعور) الموجه إلى الله والذي لا يخضع ولا حتى لصاحبه، وهو الذي يعذبك الآن (شعورك الفطري وليس نفسك) والله أرسل الانبياء والكتب, وان كان هناك شيطان ٌيؤثر, فالشعور ايضا يؤثر عكس تأثير الشيطان, اذا كان معك شيطان فمعك نبي بداخلك, أليست هذه عدالة؟ لكن هم الذين اختاروا, فهل هذا ظلم؟ هل الله ظلمهم أم ظلموا انفسهم؟ اذا عطاك المدرس الحرية في أن تذاكر أو لا تذاكر, على أن تتحمل النتيجة, هل تقول أن هذا مدرس ظالم؟ م انه محترم لحريتك؟ فأساس الحريات هي من صميم القرآن, 500 آية في القرآن تتكلم عن حرية الاختيار, فهل هذا إله ظالم؟ أما من هواه مع الطريق الآخر, فلا شك أنه سيضع اللوم على غيره, مثل هذا التلميذ الذي يحب الكسل ويحمّل مسئولية رسوبه على الاستاذ الذي خيّره ويقول لم لم يجبرني ولم يعاقبني؟ ولو اجبره وعاقبه لقال: إنه ظالم وقاسي! هذا التلميذ هو الظالم وليس الاستاذ, لان الظلم يقع من قوي ويقع من ضعيف (لا تنسى هذا), وليس حكرا على الاقوياء فقط, بينما المدرس الذي بيده العصا ليدفعك الى النجاح, هذا ظالم حتى لو كان يريد لك الخير, لانه لم يحترم حرية اختيارك, ولم يحترم وجودك, ألا يدلّك هذا على عظمة أخلاق الله رغم قدرته سبحانه؟ اله يحترم حرية الاختيار الى هذه الدرجة, من أكمل منه سبحانه؟ من مِن البشر يحترم حرية الاختيار مثل ما احترمها الله, حتى انه سبحانه يرزق من يشتمونه ويسخرون من دينه, من أعظم من الله واكرم وارحم؟ ألا يستحق الحب؟ بل كل الحب. أنت لم تستطع ان تشكر امك واباك الذين ولدوك وتباشروا بوجودك, وتحملوا أذاك وصراخك وانت طفل, أنت ضائع وسالك لطريق خطأ في تفكيرك, بدل التذمر كان يجب ان تشكر, وتعرف انك لست محور الكون, تريد كل شيء أن يدور حولك.

 

المرسل : فنحن لم نطلب أن نُخلق في هذه الحياة ولكن الطبيعة بشعة جدا. لأننا كرجال الطبيعة تعذبنا ( حرفيا ) بالرغبة الجنسية وتجبرنا أن نرتبط بجنس النساء ( الفوضوي ) ونمارس معها الجنس لتهدأ لدينا

هذه الرغبة الجنسية التي تعذبنا ثم يأتي للحياة اطفال ربما يعيشون برخاء وتكون حياتهم جميلة أو يعيشون في الفقر والمعاناة والظلم كملايين الأطفال حول العالم ويكبرون ويعيدون نفس الحكاية من جديد

وكل هذا عشان ايش ؟؟؟ ايش الفائدة؟  نعمل ننام نأكل نعبد الله وفي النهاية نموت.هههههه لتوي تذكرت مقولة تقول ( الحياة اكبر ورطة ممكن ان يقع فيها الإنسان ) وعندما كان آدم وحواء في الجنة وكان الشيطان يغويهم ليأكلوا من تلك الشجرة الملعونة لماذا الله عز وجل لم يوقفهم فهو ( يسمع ويرى ) ( ويعلم الغيب ) يعني ما الفائدة من خلق بشر في ( الجنة ) ثم طردهم من الجنة ثم ارجاعهم مرة اخرى إليها لكن بنصف عددهم( او الله اعلم العدد ) إلى الجنة مرة اخرى, تخيل اب يوقظ ولده في الساعة 3 ليلا ويخبره أن يركض 10 كيلو في ظلمة الليل والبرد القارس ثم يرجع إليه مرة أخرى وليس للولد أن يسأل لماذا ( لأنها من حكمة الأب ) وعندما يرجع يدخله في البيت ويخبره أن ينام بعد أن أيقظه وأرسله إلى هذه الرحلة أليس هذا من العبث ؟

 

الرد : نعم بالنسبة للأب عبث. لكن بالنسبة لخالق البشر وخالق المنطق وخالق السماوات والارض لا ينطبق مثالك, لانك تناقش الخالق بمنطق هو نفسه مخلوق (أي أن الله هو خالق المنطق الذي تُحاجُّه به), الله عنده علم ليس عندنا, نحن ليس عندنا علم الله كاملا, الله لم يظلمنا, اذن ما المشكلة؟ نريد أن نعرف كل ما يعرفه الله؟ هل نحن آلهة أم عبيد؟ وماذا سنستفيد؟ الله يختبرنا حتى في هذه, ويعرف من هو صاحب العقل المتكبر المتجرئ على الغيب, ومن يعرف حدوده مع الله ويحترمها ويحترم عالم الالوهية, فالإيمان بالغيب ميزة للمؤمنين, كأنك الآن لا تؤمن بالغيب, هذه الاسئلة اجابتها وغيرها (عن ماهية الله وهل هو يشبه البشر او لا يشبههم .. الخ) كلها أسئلة غيبية منهي عنها وهي موضع اختبار, هل سنتكبر ام سنتواضع, لان العقل يتكبر ايضا ويتواضع ايضا, مثله مثل النفس, اذا كان منطقنا نفسه يجري على عالم الغيب, فلم يبقى الغيب غيبا, ولم تتبقى خصائص للألوهية, اذن نحن يهمنا ما يعنينا, والله قدّم لنا كل ما يعنينا, وليس من الادب مع الله التجرؤ على عالم الغيب, ولماذا سماه الله غيبا؟ وليس تأدبا مع الله التجرؤ عليه, بل حقه الشكر, إن من الايمان ومن العبادة إلجام العقل عما لا شأن له به من عالم الالوهية, أنت تتكلم عن اله وليس عن بشر, الله فوق مستوانا ومستوى عقولنا, وليس كمثله شيء سبحانه, نحن بعض مخلوقاته ليس الا, نزور الحياة فترة قصيرة ثم نخرج منها, من نحن حتى نسقط منطقنا على خالقه وخالقنا ومحيينا ومميتنا؟ هذه القضية اعتقد انها انحسمت ولا ينفع تكرارها, هل أنت مظلوم أم لا؟ هذا هو المهم فقط, وهذا ما يعني العبد, أما بقية الاسئلة فلا قيمة لها, لأنها تدخُّل من الناقص في شئون الكامل سبحانه, وتدخُّل من المحدود في شئون اللامحدود, وتدخل من المنتهي في شئون اللامنتهي, هذا العقل بناه الانسان من الطبيعة التي بناها الله على الارض, ولو لم تكن الطبيعة بهذا الشكل لما كانت عقولنا بهذا الشكل, قلت لك يجب أن تعرف ما هو العقل وما هي حدوده, ان شئت هذا تجده في المدونة, العقل هو كل شيء وليس كل شيء, الله هو عالم الغيوب, قد يكون هناك منطق آخر غير منطقنا, والله يقول:(وما أوتيتم من العلم الا قليلا).

 

المرسل : اريد ان اوضح امرا أنا لست ملحدً بل أنا مؤمن بالله وحافظ بعض القرآن وقرأت كثيرا في كتب الدين, ولو كنت ملحدً فلن تجدني اكتب هذه الرسالة لك والله لكنت انتحرت من زمان

بالشنق أو بالقفز من سطوح عمارتنا وأرحت نفسي من هذي الحياة البشعة والمؤلمة والناس القاسية المجرمة المنافقة

 

انا لا انكر ان في الحياة أشياء جميلة ورائعة ونِعم كثيرة عظيمة كالحب والسعادة والفرح وان تحصل على زوجة تفرحك وتفرحها وان يكون لديك اطفال تسعدهم وتسمع ضحكاتهم والاصحاب والاهل

وان تتخرج من الجامعة وأن تحقق أحلامك وطموحاتك وتجمع مال وتساعد الناس و و و و و و ولكن في النهاية ستغرب الشمس وتصمت العصافير وتذبل الأزهار ويأتي الشتاء.

 

الرد : هذا يدل على انك متعلق بالدنيا ولا تريدها ان تزول، وبنفس الوقت تريد ان تنتحر! أليس هذا تناقض من عقلك؟ لماذا لا تفكر في الاخرة كامتداد في الحياة؟ لأن الموت مثل النوم، (ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة). فكرة النهايات او معضلة النهايات يزداد تأثيرها وجلبها للكآبة كلما ازداد تعلقك بالدنيا، من نتائج التعلق بالدنيا مشاكل نفسية عويصة تسبب الكآبة مثل مشكلة النهايات، كلمة (وبعدين؟) ومثل مشكلة كره الحياة وفقدان طعمها، ومثل مشكلة الهوس الشديد، والجزع الشديد، والحقد، والآمال الوهمية، والطموح الوهمي، ومثل مشكلة الطمع الشديد، ومثل مشكلة البخل الشديد، والفرح الشديد، والإعجاب بالنفس في حالة ما يسمى بالنجاح (ثنائي القطب)، والخوف من التقلبات والفقد والمفاجآت والمصائب، كموت عزيز ، فيصبح ذلك صدمة قوية، لأنه يحسب ان الدنيا طويلة. ويتساءل كيف مات؟ أي كأنه غير مصدق بالموت، وغير هذا كثير. لكن اذا تعلق بالآخرة سيخف تأثير النهايات عليه، وتأثير المفرحات عليه أيضا، انا كنت اعاني من هذا الموضوع معاناة شديدة، وكنت أخاف على الشباب ان يزول وانا في شرخ الشباب، وكلمة "وبعدين؟" تطاردني وتسبب لي الاحباط عند اي مشروع كان، سواء تخرُّج او عمل او مشروع او اي شيء يجذبني ويشدني، لماذا؟ لأننا نفرح كثيرا، والنهايات تدمر هذا الفرح، لاحظ نهاية الفيلم دائما تثير أسى في داخلنا ولو قليلا، حتى لو كانت النهاية سعيدة، كلمة "النهاية" التي تأتي بعرض الشاشة تُذهِب كل ما استمتعت به. كأنك ترى مقبرة لمتعتك.

 

لهذا القرآن هو رحمة للعالمين، يخرجك من التعلق بالدنيا، لذلك الله اعطانا خط السير في الحياة، وهو (لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم)، النفس المطمئنة هي التي لا تتعلق بالدنيا بالدرجة الأولى، بل بالدرجة الثانية، لكن متى يكون الفرح الحقيقي؟ يكون عند استلام الكتاب باليمين ودخول الجنة، فالدنيا حقيقتها لا تستحق الفرح الشديد بها ولا الأسى الشديد عليها، هذا لا يكون الا لمن يضع الآخرة نصب عينيه، اما المنغمس في الدنيا وكأنما هي دار الخلود فله سلوك واضح ومتكرر، من ضمنه شدة الجزع وشدة الطمع والأسى من النهايات والخوف من التحولات، لدرجة انه كلما ازداد الانسان فيها طمعا كلما افسدت عليه متعه الحاضرة، الخوف من فقدانها يفسدها، بما يسمى عقدة الموت الذي اصيب فيها الشاعر ابو العتاهية الذي قال:

 

لدوا للموت وابنوا للخراب .. فكلكم يصير الى تراب ..

 

ولذلك كان ابن الرومي لا يقبل الهدايا، لأنه يخشى ان تضيع ثم يحزن على فقدها اشد من فرحه باستلامها.

 

لذلك الدنيوي غير مرتاح، كما تقول، مع انه اختار الدنيا لأجل السعادة والمتعة، لكن ماذا يفعل بهذا الشوك والمنغصات التي لا تفارق اي متعة وتأتي في اسوأ الاوقات؟

 

المرسل : وما نضحك على بعض مثل ما الحياة جميلة ورائعة فهي بشعة وقذرة وقاسية تماما كالنساء فهن كما انهن جميلات والرجل يميل إليهن فهن لهن جانب قذر وقاسي ونرجسي.

انت ممكن تعتقد ان انا مررت بتجربة سيئة مع امرأة ولهذا السبب فأنا أحكم على جميع النساء فأنت مخطئ فأنا فقط اظهر حقيقتهن... وانا بالفعل لي تجارب سيئة واولى هذه التجارب مع امي القاسية عديمة المشاعر

اللي كانت تضربني كل يوم لمن كان عمري 10 - 16 لإن هيا كانت تعتقد إني شاذ او خلنا نقول ( سالب ) يفعل بي اللواط لأنني لمن كنت صغير كان عندي ألم مزمن في بطني وما اعرف السبب فهذا الألم يأتي يوميا في بطني

بشكل مغص وامي تعتقد أني اتعرض للإغتصاب واجبر على كتمان السر واني سالب فهيا تضربني ضرب عشان تخليني اعترف لها والامر المضحك المبكي انا لم افعل أي فعل من أفعال قوم لوط مع أي رجل في حياتي لكني لا ألوم أمي أنا ألوم أبي الضعيف

لأن هو ماعنده شخصية يقدر يفرضها في البيت ولهذا السبب امي قلبت رجل في البيت لأن أبي ليس برجل كامل فهو حياته عمل - اكل - صلاة - اجتماع في مجالس الرجال ,,, لا حب لا اهتمام لا رعاية,

ولهذا السبب اختي الكبيرة ( اعتقد ) انتحرت بعمر ال 30 قبل عدة سنوات بسبب قساوة وبشاعة هذي الحياة فأنا لا ألومها لو هيا فعلا ماتت بالإنتحار فأبي وامي ماقالولي حتى سبب وفاة اختي وانا على يقين انه انتحار فهي ماكانت

مريضة او اي شي وكمان صغيرة في السن 30 فالسبب المقنع الرئيسي هو الانتحار من سوء معاملة امي وابوي ومن قساوة الحياة.

 

نعم خلاصة الامر إني اكره الحياة و اكره الناس واكره عائلتي والله من أمنياتي الشخصية التي أتمنى أنني لم اولد قط في هذه الحياة.

 

حتى إني بديت اكره الدين ورجال الدين بسبب انا لمن كنت بالثانوي كنت مصدق كذبة المسلمين اخوان ومافي واسطات ولا ظلم وانشاء الله مستقبلكم مشرق و و و و ولمن تخرجت من الثانوي بنسبة تتعدى ال 95 وشهادات شكر وامتياز وتقدير بعدها

قدمت على ( عدة جامعات ) تم رفضي بشكل مطلق من كل الجامعات بسبب إني مولود على أرض تلك الدولة ولكن والدي ليس مواطن. وللأسف الشديد دول العلمانيين والملاحدة وعباد الصليب الكفار لو ولدت فيها على ارضها فأنت منهم وأنت لهم ولك حق الجنسية والعمل والدراسة وكل شي. انا ما ألوم الدين من هذه الناحية بل ألوم رجال الدين وعامة الناس في هذا الأمر وحسبنا الله ونعم الوكيل على من يستقوي على الضعفاء.

 

للأسف الانتحار ليس خيارا ممكنً لي ( على الرغم أني افكر كثيرا به )  فانا اجبن من اقدم على الانتحار حاليا ولأنني اؤمن بالله واليوم الآخر والحساب فأنا لا أريد أن ألقي بنفسي إلى التهلكة... والحياة اكرهها جدا والسبب الوحيد لبقائي حيا الآن هو أنني لا أريد أن يلقى بي في النار إذا انتحرت فيا أخي الوراق هل لك نصائح تساعدني؟

المشكلة انا اعرف الحلول المناسبة لحل جميع مشاكلي الشخصية ومشاكل الحياة واعرف كيف اقدر احسن حياتي واعيش حياة أجمل من التي أعيشها الآن وكل المطلوب مني اجتهاد وجد وتركيز لسنة واحدة وحياتي راح تصير جميلة ولكني عندما ابدأ يومي فأنا ما اقدر اني اسوي اي شي حتى لو لنصف ساعة لأن الافكار هذي تراودني دائما والإكتئاب يحوم حول رأسي واشوف المستقبل مظلم كفوهة مدفع ووجهي بائس كجيب فقير

والشي الوحيد اللي يساعدني انسى آلام الحياة هو ألعاب الكمبيوتر والأفلام واليوتيوب - حتى العادة السرية كرهتها ككرهي للحياة فهي لا تشبع ولا تروي ظمأك كأنك تشرب من ماء البحر كلما تشرب ازددت ظمأً.

 

وفي الأخير بعد كتابتي و فضفضتي لك بما يعادل تقريبا 1000 كلمة انا حتى ما اعرف لو انت ستقرأ هذه الرسالة او إن كنت ستهتم اصلا بشخص فاشل مثير للشفقة مثلي حتى والدي يعتقدان إني فاشل وفقدوا بيا الامل ههههه حتى انا فقدت بيا الأمل والحياة هذي القذرة أنا فقدت الأمل بها في سن ال 17 والآن أنا 22 وربما الانتحار ليس خيارا سيئا. لان على الاقل انا ماراح استهلك فلوس الأكل والشرب من ابوي وامي كل يوم وممكن الله يسامحني لأني ما آذيت أحد في حياتي وبالمقابل تعرضت للضرب والتنمر من كل مكان في البيت قي المدرسة في الحارة حتى في حلقة التحفيظ ماسلمت من الشتم والضرب والعنف. وياريت لو كنت انسان يستحق كل هذا فأنا يفعل بي كل هذا وانا لم افعل اي شي سيء في حياتي لأي احد كمثال ...

لمن كنت في المتوسط وكان عندنا اختبار نهائي الاستاذ أمر الطلاب انهم يقلبون الطاولة ويجعلونها معكوسة ( الدرج على الجهة الاخرى منك ) وانا وصلت الاختبار متأخر وقلت لنفسي ليه الطاولة مقلوبة ورجعتها طبيعيي ثم قعدت على الكرسي .الأستاذ ببساطة  جا ليا واعطاني كفين او 3 كفوف من قوتهم قلبت وجه الطلاب الجالسين بجواري وجعلت وجوههم كأنهم رأوا ملك الموت وانا بكيت بس بشكل صامت احل الاسئلة ودموعي تنزل على الورق وللاسف شخصيتي ضعيفة جدا بسبب ضرب امي في البيت وبسبب ضعف ابوي وقلة رجولته وبسبب التنمر حتى إني ماقدرت اقول للاستاذ لاتضربني. وهذي القصة شي بسيط من الضرب والتنمر والعنف.  

 

لو انت قرأت رسالتي فشكرا لك لاهتمامك واسف لإضاعة وقتك فأنا وجودي كعدمه بالنسبة لك وبالنسبة لكل البشر.

 

والسلام عليكم.

 

الرد : لا يا عزيزي، وجودك ليس كعدمك، وانا متأثر وأحس فيك لا شك، والكل عانى وليس فقط أنت، أنا مريت بمعاناة اشد من معاناتك واطول، أنا ضربني الأستاذ كف واحد وأنا في الابتدائي وارتطمت رأسي على الأرض الخرسانية الصلبة، لأني رسمت بشكل ممتاز وهو اعتقد اني نقلت الرسمة. ويا ما من الكفوف بالمئات والألوف، لكن النسيان والنوم يجددان الحياة من جديد.

 

كره الحياة هذا من صفات الانسان العلماني، كردة فعل، لأنه من شدة تعلقه بالحياة الواحدة يصبح يكره الحياة من شدة حبه لها، الدنيا بالنسبة له هي الشيء الذي يكرهه والشيء الذي يحبه، قال تعالى (إن الإنسان خلق هلوعا، إذا مسه الشر جزوعا، وإذا مسه الخير منوعا) بعبارة أخرى: لو انت متوظف الان بوظيفة تدر المال وناجح في علاقاتك وناجح مع المرأة لما كتبت هذا. أليس كذلك؟ الانسان في كبد ومعاناة من مشكلة الحياة، الحياة ليس لها حل إلا العبودية والنظر اليها كما هي، هي ليست دار خلود، هي ليست جنة، انها دار اختبار، انظر حيرة الفلاسفة الماديين والمفكرين الغربيين في ما هي الحياة وما هو سر الحياة، والسبب هو ان منطلقاتهم خاطئة. لأنهم يرون أن كل شيء صدف عمياء، وليس هناك الا هذه الدنيا، (نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر).

 

الخلود والمقر في الدار الاخرة هناك، أي انسان لا يعتقد هكذا فهو في معاناة او مصيره الى المعاناة، متى ما احس بالضعف والفشل. هذه هي نظريتي التي اكررها كحل وحيد لورطة الحياة. وهذا الحل ليس من عندي، هذا الحل في كتاب الله الذي قال (والعصر ان الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) وهذا ما اوصيك به : معرفة الحق والبحث عنه والصبر عليه.

 

انت ترى هذا الناجح المليونير فتغبطه، لكن هو يغبطك على شبابك، أدوية السعال والضغط والسكر لا تعرفها انت، بينما هي ترافقه، نعم عنده المال لكنه لا يستطيع ان يأكل لأنه ملتزم بحمية طبية وممنوع ان يأكل سكر او كذا، من هنا تبدأ معاناته، مع أننا ننظر اليه كناجح، كلما أحس الانسان بطريق مسدود وضعف ثار كره الحياة والسخط لديه وكأنه لم ير خيرا قط، هلوعا جزوعا، إلا عباد الله الشاكرين، لأنه ينظر الى الدنيا أنها كل شيء وهي دار القرار. اما الانسان الذي يعيش للواجب، لأنه عبد لله، فهذا لا ينظر للدنيا انها دار قرار ولا ينتظر منها اكثر مما تطيق، ويفعل الصواب لأنه صواب، ولا ينتظر حتى النتائج، هذا الانسان يكون من أصحاب النفوس المطمئنة بإذن الله ويحييها الله حياة طيبة، لأن الله هو مولاه الان، وسلم نفسه لله، وعرف ان الدنيا دار اختبار ليس الا. ان استطعت ان تفكر بهذا الكلام فهو كلام مصيري وهو طريق الطمأنينة والسعادة في الدنيا والاخرة، وان شئت ان تكون شاتما للدنيا والدهر فغيرك كثير، والدنيا لا تبالي بأحد. اطلب الاخرة توهب لك الدنيا، اطلب التعب توهب لك الراحة، الدنيا كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.

 

ماذا تستفيد وأنت تلقي اللوم على اعز من عندك: ربك وامك وابوك؟ الا تقف قليلا وتلوم نفسك؟ أم انها مقدسة ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها؟ كمالٌ مطلق هو ذاتك؟! أمك التي سهرت الليالي لأجلك وتنظف اوساخك وانت تتلف اغراضها وتزعجها، أهذا حقها عليك لما كبرت أنت وكبرت هي؟ وكذلك أبوك. أنا أشعر بأمك وأبيك وهم يرون نتيجة تعبهم بعد أن صرت رجلا، أهذا جزاؤهم منك! طريق الأنانية دائما مسدود وإن لم ينسد فسوف ينسد، سامحني لو كنت قاسيا معك لكن الحقيقة انه ليس اقسى من كلامك عن ربك وعن امك وابيك. قال تعالى (أن إشكر لي ولوالديك) وأنت تشتم وتلقي اللوم عليهما! نتيجة فشلك تلقيها على غيرك! هذه السمة سمة أغلب أو كل الملاحدة، الذين تبنوا الالحاد دائما يضعون لومهم على غيرهم، ويصل لومهم الى لوم ربهم، ثم يكفرون بوجوده ويظلون يلومونه وهم يكفرون بوجوده! وغالبا يكونون ممن يدللون انفسهم جدا، في تلك السنة طلبت من ربي ان يرزقني الشيء الفلاني ولم يفعل، اذن هو غير موجود! نفسية الملحد هي التي تحدد ان كان الله موجود او لا، إن اعطى فهو موجود. وكأن الله خادم عنده! عليه ان ينفذ الأوامر! وإلا سيُلغى عقده! لا اريد أن تلقى نفس المصير فتكون من الملاحدة، العاقل من دان نفسه، بدلا من استجرار الأحقاد حاول ان تعذر من قسوا عليك، ستجد لهم عذرا.

 

بدل من ان تنتظر الدنيا ان تكون جميلة، وهي لن تكون، لنزرع الجمال في داخلنا، وهذا لا يمكن ان يكون الا بالعبودية لله.

 

ولماذا النساء وحدهن السيئات؟ المرأة تعاني وتكافح مثلما تعاني انت، وفيهن الكريمات الطيبات وفيهن اللئيمات، مثلهن مثل الرجال، هي أنفسٌ تُختبر لفترة ثم تموت، هل يسرك ان تكون شخصا ظالما متشائما ناكرا للجميل ومادي ودنيوي والآخرة آخر ما تفكر فيه؟ هل يعجبك هذا؟ (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)

 

لا تكن أسيراً للمعاناة، انظر للنعم التي لديك، انت طالب متفوق وحققت درجة 95، هذه درجة كانت خارج امنياتي.

 

إذا سمحت لي أن أنشر رسالتك وجوابها في المدونة، أكون شاكرا لك، وإلا فالأمر راجع إليك.

 

والمعذرة على الاطالة، ومرحبا بك في أي وقت.

 

المرسل : نعم بالطبع تستطيع ان تنشر الرسالة والجواب في مدونتك فأنت تعبت وكتبت اكثر مني في الرد على رسالتي, وحتى لو استفاد شخص واحد فقط من هذه الرسالة فيكون لك الأجر.

آسف لتكبري على القدر والغيب, فأنا لم افعل هذا إلا لأنني أعاني في الحياة ( معاناة نفسية ليس إلى ) مثل باقي الناس, فالجنود في الحرب يكون تركيزهم على عائلاتهم وانهم يعملون كل هذا لأجل حماية عائلاتهم وإلا لماذا الذهاب إلى ارض المعركة والمخاطرة بالحياة من دون معنى؟ فالحياة هذي التي نعيشها تعتبر اكبر حرب واكبر معركة وانا وانت كجنود في الحرب نحتاج لمعنى ومغزى من مشاركتنا فيها.

انا قمت للتو بقراءة مقالتك عن العقل والاحساس والمقالة الأخرى عن معاناة الانسان الحقيقية, و عجبني طرحك جدا عن الموضوعين. وانا بالفعل بالنسبة لحالتي وضعت العقل مكان الاحساس ونسيت ان العقل فقط آلة او كما قلت انت ( العقل مثله مثل الجوارح تتحرك من اجل خدمة الاحاسيس, وتتخلص في رغبات او مخاوف ) فأنا مشكلتي الاساسية أنني لا أستخدم عقلي في حل مشاكلي, بل استخدمه في القلق والاكتئاب ولعن العالم والناس والحياة.

انت محق. أنا بالفعل ألقي اللوم الاكبر على امي وابي وعلى الله, وعلى الدولة وعلى الناس, والقي لوم قليل على نفسي وبالفعل لو انا كنت اهتميت بنفسي في آخر 3 سنين بدل التفكير الزائد والسخط والإكتئاب لكنت الآن إنساناً سعيداً ناجحا, اجعل والديٌ فخوران بي.

وانت محق أنا ما عملت كل اللي اقدر عليه, عشان احسن حياتي واخلي الحياة جميلة, ( لأنني للأسف اريدها ان تكون جميلة من تلقاء نفسها ) وانا فقط في الوقت الحالي  اعتقد إني استغل 5% من قدراتي وامكانياتي, لو استغليت قدراتي وعقلي لكم شهر ممكن الحياة تقلب 180 درجة للأفضل.

وانا اخالفك الرأي في ان الذكاء والتفكير نعمة, فأنا سبب اكتئابي هو التفكير الزائد في كل الأمور بداية من ادم وحواء ونهايةً بي ابي وامي. فالأشخاص البسطاء يعيشون حياتهم بهدوء ودون قلق زائد ( عن الحاجة )

 

قرأت رسالتك مرتين وفي كل مرة اتعلم شيئاً جديدا و سأقرأها مجدداً, أرجوك لاتتوقف عن الكتابة في مدونتك.

للأسف الشديد المحتوى التافه و المضيع للوقت منتشر وبكثرة ومحتواك الراقي والجميل لا يجده الشخص إلا بشق الأنفس فأنا باليت لقيت مدونتك قبل 3 سنين.

 

راح اكتب لك بعد 6 شهور من الآن واوعدك راح استخدم عقلي لحل مشاكلي وليس ل لعن العالم.

شكرا لك والسلام عليكم. وارجوك انشر هذه الرسالة في مدونتك ليستفيد غيري.

 

الخميس، 6 أغسطس 2020

التعامل مع الله، وغفران الله وعقاب الله

التعامل مع الله يجب أن يكون أخلاقيا، وفي أعلى مستوى من الأخلاق، أعلى من مستوى الأخلاق الذي نسمعه في قصص العرب وروايات شكسبير مثلا، وهذا يتجسد في تعامل الأنبياء مع ربهم، انظر إلى إسماعيل وإبراهيم كيف صدّقا الرؤيا، وتلّ إبراهيم ابنه للجبين ليذبحه برضاه وتسليمه، حينها أحبهم الله وقال لإبراهيم : لقد صدقت الرؤيا ، وقال : وفديناه بذبح عظيم، لأنهما حققا المستوى العالي من الأخلاق الذي يتناسب مع التعامل مع الله الكامل، كل صفات الله كمال وكل ما يصدر منه كمال، الله غفور رحيم والله شديد العقاب، كل ما يأتي منه وما يفعله كامل، والتعامل معه يجب أن يكون كاملا، على الأقل على مستوى النية، لأن الإنسان ضعيف، لذلك الله لا يقبل الشرك ولا التناقض ولا النفاق. قال تعالى : (إلا من أتى الله بقلب سليم).

 

 لو كان الله سبحانه بشرا لما احتجت ان تتعامل معه بهذا المستوى الأخلاقي الراقي، فشخص تحبه أو رجل عظيم مثلا أشار عليك أن تذبح ابنك، فلن تطيعه، فما بالك أن يطيع إبنك أيضا! كذلك النبي سليمان عندما قال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب، اذ تعرض عليه بالعشي الصافنات الجياد، والعشي وقت صلاة، فلكي يكفّر هذه الجريمة الأخلاقية مع الله كما يتصورها هو، قال : رُدّوها علي، فطفق يضرب أفاضل وأحاسن وأجمل الخيل بالسيف، يعقرها ويذبحها بالسيف، لكي لا تنخدش العبودية لله، وحتى لا ينجرح الخيط الأخلاقي بينه وبين الله. لذلك قال تعالى لنبيه : (فبهداهم اقتده).

 

الله لا يقبل الشرك معه في أي شيء، لان الشرك يعني حبُّ شيء وإثارته على الله، وهنا يتخلى الله عنك. المهم أن نفهم أن التعامل مع الله هو في أعلى مستوى أخلاقي نستطيع أن نطيقه، ولن نطيقه بالكامل، ونسأل الله المغفرة. البشر لا نتعامل معهم بهذا المستوى الأخلاقي الحاد جدا، مثل البدوي الذي أراد أن يذبح ابنه للضيوف، هنا تكون رذيلة، لكن أن يذبح إبراهيم ابنه لله فهنا فضيلة، لأنك في الحالة الأولى أعطيت شيئا ثمينا لمن لا يستحقه، فالله هو أهل التقوى بكل صورها ودقتها، وأهل المغفرة لنقصنا في التقوى، لأن هذا المستوى العالي لا احد يستطيع أن يطيقه، لذلك نسأل الله المغفرة، لهذا دعاء المؤمنين : (ربنا لا تحملنا ما لا طاقة لنا به).

 

لاحظ الابتلاءات التي جاءت الأنبياء، لا يتحملها البشر العادي، إلا من محّص الله قلبه للتقوى وعرف الله حق معرفته، لذلك اصطفى الله الأنبياء، فهم يحبون ما يحب الله. من يصبر كصبر نوح الذي دعا قومه سرا وجهارا لمدة تسعمائة وخمسين سنة، ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا؟ تأتي أجيال وتسخر به، وتأتي بعدها أجيال بنفس الوضع.

 

هذا الكلام يرد على من يقول أن تفعل ما تريد وتقول أن الله غفور رحيم، هذا توجّه إرجائي، نعم الله غفور رحيم لمن تاب وآمن وندم وأحسن عملا. من يتعامل مع الله بأعلى مستوى أخلاقي يستطيعه فليبشر بالخير، لان الله غفور رحيم لمثل هؤلاء، وليس لمثل أولئك المذكورين.

 

الله هو قمة الأخلاق، وعلى هذا الأساس تتعامل معه، فإن كان فيك تكبّر فلن يحبك، وإن لم يحبك فلن يغفر لك، لأن مغفرته تابعة لحبه، والله لا يحب الخائنين إلا إن تابوا وآمنوا وأصلحوا ما أفسدوه. الله لا يحب الظالمين ولا يحب المفسدين ولا يحب كل مختال فخور، ولا يحب المتكبرين ولا يحب الظالمين ولا يحب الفرحين، إلا إذا تابوا وأصلحوا.

 

هناك علاقة بين المغفرة والحب، قال تعالى: (أرضيتم بالحياة الدنيا عن الآخرة)، أي أن الله لا يحب من يتعلق بالحياة الدنيا ويرضى بها، لأنه لا يرجو الله ويحب الدنيا، فكيف يغفر ويعفو عمن لم يحبه ويحب الدنيا أكثر منه؟ هنا هو يؤثِر الباطل على الحق، فكيف يحبه ويغفر له؟

 

لو أن شخصا خانه صاحبه الذي يثق فيه مع أنه أحسن إليه، ثم غفر له ولا كأن شيئا قد حدث، الآن أصبح لدينا مخطئين وليس مخطئ واحد، لأنه لم يتب ولم يعترف بخطئه، إذن مغفرة الله لمن لا يستحق تعتبر صفة نقص وضعف، والله حاشاه أن يكون كذلك. وفي المقابل شخص أخطأ في حقك ولكنه ندم واعترف وحاول أصلاح أخطائه وأحسن سيرته، إذا لم تغفر له وتعفو عنه ستكون أنت المخطئ والأقل أخلاقا، والله لا يُغلب في الأخلاق، لا يعذّب أحدا تاب وندم، وإلا ستكون صفة نقص، والله حاشاه عن النقص الأخلاقي، وعلى هذا نفهم عفو الله ونفهم عقابه الشديد أيضا. يقول تعالى (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون).

 

إرادة الله مربوطة بأخلاق الله، والله ليس بظلام للعبيد، وهو شديد العقاب، وغفار لمن تاب وآمن وأصلح واهتدى.

 

الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، إذن لا بد أن تحافظ على الأخلاق بأدق تفاصيلها مع الله، لأنه يعلم ما في قلبك ونظراتك، قال تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا). حتى ما يدور في قلبك انت مسؤول عنه. قال تعالى: (إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء). هكذا الدين الحقيقي يعلّم الأخلاق، لأن الإنسان هكذا سيصبح معتادا على التعامل الأخلاقي في أعلى مستوى، إذن التعامل الأخلاقي مع الناس يعتبر أسهل، لأنهم لا يحتاجون المستوى الأعلى من الأخلاق، وذلك لأنك لست عبدا لهم. وهكذا نفهم أن الدين أخلاق مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات.

 

إن الله ربط الرحمة بالإحسان، والله يحب المحسنين، ويغفر لهم، قال تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين). لاحظ حذف التاء المربوطة في "قريب"، دلالة على شدة القرب.

 

تصوّر الإنسان عن الله يحدد معالم دينه وأخلاقه ونظرته للحياة، لأن الله هو الأول والآخر، هناك ديانات تنظر إلى الله نظرة خاصة، كأنه يحابي فئة دون الفئات الأخرى، وبالتالي يغفر لهم، وهناك فئة تنظر فقط أن الله غفور رحيم، وكأنهم يقولون بطرف خفي: افعل ما تشاء فالله غفور رحيم، وهناك من يتصور ان الله شديد العقاب فقط، فتتحول حياته إلى الشدة والصلافة على نفسه ومن حوله، لكن كيف الجمع بين كون الله شديد العقاب وأنه غفور رحيم؟ لا يمكن فهمها إلا في وضعها في بحر الاخلاق. حينها تستطيع ان تعرف ان الله غفور رحيم وان الله شديد العقاب، شديد الرحمة وشديد العقاب. إذا فهمت هذين النقيضين وأنهما ليسا نقيضين، تكون قد بدأت في معرفة الله، كل ما يفعله الله هو في القمة، فهو يبسط الرزق لمن يشاء بغير حساب، قال تعالى (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها). والجنة قمة النعيم الذي لا نعيم بعده، والنار شدة العذاب الذي لا عذاب بعده. وكلاهما بصفة الخلود، إمعانا في الكمال.

 

لا يوجد نعيم أخف في الجنة ولا عذاب أخف في النار. فالله قوله الفصل، وأحكامه كاملة. من يعرف الله بهذه الصفة، لا بد أن يكون مراقبا لأقواله وافعاله بل حتى نياته، وهي الأهم، لأن الله يعلم السر وأخفى. وهذا هو طريق الإصلاح الحقيقي للنفس، من خلال معرفة الله حق المعرفة كما وصف نفسه في كتابه المحفوظ، ومعرفة الاخلاق البشرية من خلال معرفة الأنبياء كما وصفهم هو، لأنهم بشر، لكنهم أعرف بقدر الله وهذا ما ميزهم عن بقية البشر. إذا قلت الله غفور ورحيم واكتفيت بها، فلم تعرف قدر الله بعد، وإذا قلت أن الله شديد العقاب واكتفيت بها لم تعرف قدر الله.

 

الله هو الكمال المطلق، قال تعالى :(الله نور السموات والأرض)، ليس فقط العبادة كلها له، بل الحياة والممات، ومع ذلك ما قدروا الله حق قدره. قال تعالى (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين). إذا عَرَفَت النفس الله كما هو، اهتدت إلى طريق الصواب والنور. وهذا ليس كمالا متصوفا، بل هو الصراط المستقيم الذي نردده في كل صلواتنا، هذا هو الغاية من الدين. زكاة النفس وطهارة القلب والمشي على هدى وبصيرة من نور الله.