الأحد، 21 سبتمبر 2014

الإعجاز التركيبي في القرآن

القرآن نزل بلغة العرب لكنه طورها وفجر طاقاتها, وإذا أردت أن تتأكد قارنه بالشعر الجاهلي, في القرآن إعجاز تركيبي, تركيب عبارة أو صياغة وتكون كأنها مَثَل, كقوله تعالى {يبغونها عوجاً} و {يترك سدى} { والعاديات ضبحاً} فهذه العبارات والتركيبات وغيرها غير موجودة في لغة العرب وأضافها القرآن, والقسم نفسه إعجاز فليس في لغة العرب القسم الطويل مثل {والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها}.

من غير المعقول أن يكون محمداً هو من ابتكر هذا، لأن هذا فوق مستوى محمد نفسه, وخداع الناس بدين ما لا يتطلب كل هذا الإبداع. تسمية النجوم مثلا بـ "الجوار الكنس" غير موجود في لغة العرب, بل إن كل تركيبات القرآن جديدة وغير موجودة في لغة العرب, فليس له مثيل في لغتهم, وأنا أزعم هذا وأكثر، لدرجة أن كل عبارات القرآن جديدة مثلما أن تشبيهاته جديدة واستعاراته جديدة، فهو كلام جديد بلغة قديمة.
 لو كان من بشر لاستخدم من تركيباتهم وعباراتهم, مثل خطب قس بن ساعدة. لا يمكن لبشر أن يبدع كتاباً جديداً كله يحتوي عبارات وتركيبات وصور جديدة, وإعجاز القرآن ليس جزئياً بل في كل مجال هو معجز.

وهذا موضوع بحث مفصل لا تكفيه هذه العجالة، وهو مجال لدراسات مقارنة مع النصوص الجاهلية.
  

هناك تعليقان (2) :

  1. شكرا جزيلاً لك استاذي العزيز على هذا الموضوع الرائع ..
    لكن يا استاذ :
    تذكر كتب التراث العربي مجموعة من الأقسام التي كان يقسم بها الكهان الجاهليون، وهذه الأقسام كانت طويلة بمثل طول الاقسام الواردة في القرآنن الكريم، وببدة ان هذه بعض اسباب وصفهم للرسول عليه الصلاة والسلام بالكاهن، نظرا لتشابه الأقسام من حيث الطول ربما .. وهو المعروف عند دارسي الادب بسجع الكهان، وهذه نماذج منها :

    قال عزى سلمة الذي وصفه الجاحظ بانه أشجع الكهان :
    والأرض والسماء، والعُقَاب والصَّقْعاء، واقعة بِبَقعاء، لقد نَفَّر المجدُ بني العُشَراء للمجد والثَّناء .
    وقالت احدى الكاهنات تحذر قومها من غارة قادمة عليهم :
    واللوح الخافق، والليل الغاسق، والصباح الشارق، والنجم الطارق، والمُزْن الوادق، إنّ شجر الوادي ليأدو خَتْلاً، ويحرق أنياباً عُصْلاً. وإن صخر الطَّوْد ليُنذر ثُكْلاً، لا تجدون عنه مَعْلىً .

    فما رأيك استاذي العزيز ؟

    ردحذف
    الردود

    1. القسم الطويل ليس موجودا في كلام العرب العادي ولا في الشعر الجاهلي، والشعر الجاهلي كمرجع أقوى مما رُوي من سجع الكهان، فهو محفوظ بالوزن والقافية وتقليده صعب ومعلقاته يتداولها العرب ، ودرسه رواة ثقاة كالأصمعي والمفضل الضبي وغيره .. أما ما ذكرت أعلاه كأمثلة، فواضح تأثرها بالقرآن، لاحظ كلمة "النجم الطارق" ، ونستشهد بما ذكره الدكتور المنذر عمران الزاوي عن هذا الموضوع :

      """لايعتقد ان ماوصلنا عن سجع الكهان صحيح كله بل هو منحول في معظمه وقد جرى نحله في عصور متأخرة لاغراض سياسية او اجتماعية او دينية , ولكن لاينبغي ان نسترسل بفكرة النحل والمنحول كي نغرق في استنتاج ان الجاهليين لم يعرفوا السجع بل المعتقد انهم عرفوه حقا , وقد روي ان رجلا أتى النبي (ص) فخاطبه بكلام مسجوع فقال له : اسجعا كسجع الكهان , وفي القرآن الكريم مايدل على وجوده ولما خيل للجاهليين ان ثمة مشابهة بين الاسلوب القرآني وسجع الكهان زعموا ان محمداً (ص) كاهن أو شاعر فجاء في القرآن :
      "وماهو بقول شاعر قليلا ماتؤمنون , ولابقول كاهن قليلا ماتذكرون تنزيل من رب العالمين "."""

      حتى المعاني الذي يدور حولها سجع الكهان، هي معاني القرآن ، كجمع الاولين والآخرين ليوم لا ريب فيه، ورب السماء والارض ، أين الاصنام وذكرها ؟ هؤلاء قوم جاهليون وهذه معاني اسلامية كاملة .. واضح أن من نحلها كان يريد محاكاة القرآن ليثبت أن هناك كلاما يشبهه، والله يقول : وما هو بقول كاهن قليلا ما تذكرون .. وبما أنه قال : ليس بقول شاعر، ونحن نرى القرآن يختلف عن الشعر، إذن هو يختلف عن سجع الكهان ، بنفس اختلافه عن السحر او الشعر ..

      القرآن هو من حكم بأن أسلوب القرآن مختلف عن أسلوب الكهان، والقسَمَ من الاساليب .. هذا غير الشك فيما ورد من سجع الكهان، لأنه يحمل معاني إسلامية كاملة .

      حذف