السبت، 30 ديسمبر 2017

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 18



(الدقيقة : 5 الثانية : 55) يتحدث الدكتور عن تجربة قام بها بيري هول على البكتريا القولونية، إذ أن هول أراد أن يختبر هل يمكن لهذه البكتريا أن تعيش في ظروفها الطبيعية عندما يتم نزع الجينوم المسؤول عن انتاج خميرة (إنزيم) يقوم بتفكيك اللاكتوز الذي تتغذى عليه هذه البكتريا. يقول الدكتور انه لو سئل أحد سيقول انها لا تستطيع، لكن فرضية نظرية التطور تقول انه من الممكن ان تنتج طفرة بالخطأ والعشوائية تمكن البكتريا منزوعة الجين من أن تعتاش على اللاكتوز، بحيث ان هذه الطفرة تنتج جينا جديدا بتركيب جديد يسمح بتكوين انزيم جديد - غير القديم - لتفكيك اللاكتوز. وهذا هو ما حدث في هذه التجربة. ويذكر الدكتور ان ما هو مذهل ليس هذا فقط، بل حصل في هذه التجربة مثل ما حصل في التجربة السابقة، اذ حدثت ثلاث طفرات، حيث ان الاولى لم تفد، والثانية لم تفد، فلما جاءت الثالثة عملت. وهذه التجربة تؤكد وجود التطور الصغروي.

الرد : كيف أمكن التأكد من أن هذا الجين وحده هو المسؤول عن تفكيك اللاكتوز عند البكتريا؟ لقد أثبت العلم الحديث أن العديد من الجينات في الكائن الحي لا تعمل لوحدها، بل تعمل مشتركة مع جينات أخرى، فما الذي يضمن أن الجينات الأخرى لم تقم بتعويض ما نقص من الجين؟ حتى الآن لم يتمكنوا من فك رموز الكروموسومات بالكامل، وكيف يجزم و هم لم يدرسوا الشريط كاملا؟

ثم لماذا تحدث ثلاث طفرات بالذات في هذه التجربة والتجربة السابقة – إن صح ذلك -؟ لماذا هذا العدد الثابت؟ هل هي على طريقة أن "الثالثة ثابتة"؟ أليس هذا العدد الثابت في التجربتين المختلفتين ينفي كون ما حدث في البكتريا عملاً عشوائيا؟ إن صح أن ما حدث هو طفرة. ولماذا تفسير ما حدث للبكتريا بأنه طفرة تؤيد وجود تطور صغروي؟ قد يكون ما حدث في الخلية البكتيرية مجرد وظيفة عادية من وظائفها وليس طفرة، تماما مثل ذيل الوزغ الذي ينمو مرة أخرى عندما ينبتر عن جسمه، ما يحدث لذيل الوزغ وظيفة عادية جدا وليست ناتج طفرة، وكذلك ربما ما حدث للبكتريا.

الفكرة هي نزع شيء ضروري من الكائن الحي وترك المجال للصدف العمياء، فأنتجت هذه الصدف العمياء ثلاث طفرات عوضت المفقود بجديد، اذن لماذا لا تُجرى على الفئران والقطط، فيُنزع منها شيء مهم ويترك للتطور مهمة تقديم البدائل؟ لا ادري لماذا تجاربهم فقط لإثبات، ثم تتوقف؟ مثل ذاك السابق الذي أثبت ان البكتريا تتغذى على السترات وتوقف البحث؟ هذه أبحاث مفيدة حتى صناعيا.. وذاك الذي قبلهم والذي اثبت ان الحيوانات اللاحمة تتحول الى عاشبة في 36 سنة لأنها لم تجد ما تفترسه؟ هذه كلها فتوح علمية وقضايا خطيرة، لماذا لا يُواصل البحث فيها؟ هذا لو كانت حقيقية.. تَركُ المجال ورمي العدة يدل على ان القضية ايديولوجية وليست علمية. لو كانت هذه الابحاث حقيقية لخلدهم التاريخ ولتدافعت الشركات على تمويل أبحاث تطويرية لهذه الكشوف العجيبة والتي سيكون لها اثرها في عالم التكنولوجيا والاقتصاد.

ما دام أن هذه هي الطريقة فعمِّموها، لعلنا نحظى بأطراف لمفقودي الاطراف، وتعويضات للفواقد.. هذه محض ادعاءات لا تطبيق لها في الواقع. لم نر أي احد - لا إنسان او حيوان - فقدَ شيئا أساسيا ثم عوضته الصدف والطفرات .. لا على مستوى الفرد ولا على مستوى نسله ..

كأن الكائن الحي في نظر التطوريين ليس له ذات ولا تفكير ولا اختيار ، مجرد آلة مادية فقط، تغيّر بالصدفة جين فيه فأصبح يؤدي ذلك الشيء، أي كأن الكائنات كمبيوترات ليس لها ذات ولا قرار، وهذا غير الواقع. أين هي الصدفة في الكمبيوترات؟ هل تطوّر شيئا ولو بسيطا بالصدفة فيها؟ لماذا لا نحترم عقولنا أو عقول غيرنا؟ إنها الأهواء ليس إلا، فهي التي تفقد الإنسان عقله ومصداقية عقله. هم يريدوننا أن نصدق ان كل هذا العالم الدقيق المعقد والمنضبط المعجز المحير جاء من اقل شيء حدوثا، جاء من اللاممكن، وهو الصدف الحسنة البناءة المترابطة الغائية، فهل هذا عقل؟ وهل هذه من صفات الصدف؟ ألا يتقون الله ويشكرونه؟

التصديق بأن الصدفة تفعل كل شيء مأخذ كبير على عقلية من يقول به، فالصدفة عمياء، فكيف تنتج تفاصيل معقدة ومترابطة وغائية؟ اذن ما فائدة العقل؟ ان الغائية انتقائية و ربط ومراعاة، فمن هذا الذي يفكر بالصدفة؟ هل عندكم مثال؟ هذا خطأ عقلي كبير وقع فيه الملاحدة، لو أنهم لم يعتمدوا على الصدفة لكان أحفظ لعقولهم، لكنهم مجبرون على الصدفة، اذ لا يوجد شيء آخر غير الله، فإما صدفة أو إيمان بالله، فاختاروا الصدفة وغيّروا اسمها.. التمويه والتغيير لا يغيّر حقائق الاشياء.. وحتى لو غيّروا اسمها من صدفة الى انتخاب طبيعي، فهو في الأخير صدف عمياء. لا بد من وجود ارادة عاقلة حتى تبني بناء متراكبا يراعي فيه كل عضو الأعضاء الأخرى، وتؤدي كلها غايات موحدة، مستحيل ان يحدث هذا بالصدف، فالصدف تدمّر.. بطّّلوا من وصف الفوضى الخلاقة، لأنه خارج نطاق العقل، في نطاق الجنون. نحن نعرف انه لكي تلحد لا بد ان تلغي عقلك، لكن ليس كل الناس يريدون هذا.

الحقيقة أن كل كائن له كيان وشخصية مختلفة عن غيره من أفراد القطيع. هل هذا التغير في الشخصية نتيجة لصدف غيّرت جيناته؟ هل هو جهاز؟ وإذا تغيّر ذلك السلوك فهل هذا يعني أن ذلك الجين مفقود؟ هذه نظرة مفرطة في المادية وبعيدة عن الواقع. أين دور الروح والحياة التي لا تعرفون عنها ولا شيء؟ أهم شيء يُهمل؟ هل هذا يُعقل؟ أليس داوكينز يسمي الخفاش بالرادار الطائر؟ مثله مثل طائرات الإيواكس التي تحمل الرادار؟

مسألة إزالة جين مسؤول عن وظيفة وأن هذا الكائن سيُنتج بالطفرة جينا مسؤولاً عن إعادة تلك الوظيفة غير صحيح، لو كان صحيحاً لوُجد في عالم البشر، فمنهم من يفقد كليته أو بنكرياسه ولم يطوّر شيئا آخر لتعويضه، فقط يعيش على الأنسولين الحيواني، أليس الإنسان هو الأكثر تطورا كما تقولون؟ هل صار المنحط تطوريا كالبكتريا أسرع وأفضل من الراقي تطوريا؟ خصوصا في أقسامه العليا؟ لماذا ما لا يُشاهد بالعين المجردة هو الذي يتطور، والذي يُشاهد بالعين المجردة لا يتطور؟ مع ان كلاهما كائن حي، البكتريا والدجاج كائنات حية، البكتريا تتطور والدجاج لا يتطور! لماذا؟ لأن الدجاج يُراقب ويشاهد، والبكتريا من الصعب مشاهدتها، هذا هو الجواب..

لماذا تنصبّ الأبحاث على بكتريا لا تـُشاهد إلا بتقنيات؟ مع أن كلها أحياء؟ إذا كان التطور قانونا حقيقيا في الأحياء فلا بد ان تتصف الأحياء كلها بنفس الخصائص، فأصلها واحد، وهذا بسبب وحدة القانون الذي ينطبق على الكل، فلماذا نجد خصائص معينة في بعض الأحياء والبعض الآخر لا نجد فيها تلك الخصائص؟

نريد أن نشاهد طفرة حقيقية مفيدة وجديدة. لقد عجز التطوريون أن يقدموها، فلجأوا إلى عالم الاحياء الدقيقة ليثبتوا أن البكتريا كبر حجمها بالنسبة للبكتريا المجمدة، وأن بعضها أصبحت تتغذى على السترات التي لم تكن تتغذى عليها من قبل (مع ان السترات حامضية والبكتريا لا تتغذى على السترات لأنها تنتج أحماض أساساً)، فهل هذا دليل ؟ كل حيوان له خيارات بديلة إذا لم يتوفر غذاؤه الأساسي ، وهذا داخل في التكيف. الإنسان يأكل من مشتقات البترول الصناعية ولم يضره ذلك، فهل نقول انه تطور؟ كل ما سبق من تجارب لا يمكن التثبت منها. لماذا لا يجرّبون على المستوى الكبير حتى يُوثق بهم، بالذات الإنسان؟ لأن أي شيء يطرأ على جسم الإنسان فهو تحت الرصد الطبي من قبل منظمات العالم الصحية، وهنا لا نحتاج اختبار، فالمختبر موجود والنتائج صفر، فهل اكذب المختبر الكبير و أصدق المختبر الصغير الذي لا ادري اين يقبع؟ مستشفيات العالم مختبر كبير لم يثبت ولا طفرة واحدة جديدة من مواليد ستة مليارات تحت الرقابة الطبية، وسجلاتهم مرصودة.

قد يكون الخطأ في التجربة من فرضية أنها لا تتغذى إلا من هذا النوع، أو أن هذا الجين ليس له علاقة بالغذاء، أو أن هذا الجين ليس وحده من يقوم بهذه العملية. ثم كيف تطورت بهذه السرعة وبالصدفة وهي في قنينة اختبار معزولة وشارفت على الهلاك؟ لماذا القفز الى فكرة التطور رأسا؟ لماذا لا يُعاد النظر في فقرات التجربة بدلا من القفز رأساً إلى التطور بجين غير معروف حتى؟ لكن كل الطرق تؤدي إلى روما.

الحقيقة أن التجربة لم تُجرَ إلا لأجل التطور وليس لأجل العلم، لذلك لم تُطوَّر، أنتم يا علماء التطور طوّروا أبحاثكم، كيف تُنادُون بالتطور ولا تتطورون؟ جربت على البكتريا ونجحت، حسنا: جربها على أنواع اخرى لنرَ .. او على الاقل طبقها تكنولوجيا حتى يعرفها الناس، واستفد منها استثماريا، دع الناس يعرفون عن البكتريا التي تتغذى على السترات، فلها تطبيقات كثيرة. هل انا من يعلمكم قيمة المصلحة والبزنس؟

بدأ هوى التطوريون وهوسهم ومغالطتهم للحقيقة عندما قالوا أن كل تغير عبارة عن تطور، اعتمادا على فكرة أنه لو كان مخلوقا خلقا خاصاً لما تغيّر، وهذه الفكرة خاطئة. الله خلق الأحياء وخلق معها تكيفها وقدرتها عليه، وذلك لأنها تتعرض لظروف مختلفة وليست ثابتة، وخلق كل نوع ليؤدي وظيفته في التوازن البيئي. العشوائية لا يمكن أن تكون هي من بَنَت الطبيعة وأوجدت الأحياء بهذا الترتيب والتوظيف وهذا التوزيع العادل. وليس البقاء للاقوى هو الذي قام بهذا التوزيع العادل، تخيّل لو ان الأفاعي والحيّات مثلا بكثرة النمل، هل ستبقى حياة على الأرض؟ لو تأملنا : لماذا المخلوقات الصغيرة عددها أكبر وتناسلها أسرع؟ والاحياء الكبيرة عددها اقل وتناسلها أبطأ ؟ لوجدنا أن هذا لأجل التوازن، وإلا لقضت الكائنات الكبيرة على كل شيء.

ما يتكلمون عنه من الانتخاب الطبيعي هو إحضار لعقل واعي بديل عن الإله ، وهذا يدل على أن المسألة بحاجة إلى وجود عاقل، لكن عاقل التطوريين والملاحدة ليس له وجود، فكيف يوجد عقل بلا عاقل؟ نحن كمؤمنين بالله وبالخلق الالهي نقول يوجد عقل وعاقل، و هم يقولون بوجود عقل بلا عاقل. فأيّنا الأقرب للجنون؟

الكائن الحي ليس مجرد آلة كما يُصرّ جماعة التطور، بل يتكون من جزء مادي وآخر معنوي، أي نعود لإشكالية الروح والجسد، فليس في الإنسان جين يقول له : كل، حتى لا تموت، وإذا نزعناه منه يبدأ بالنظر الى الطعام كأنه كومة من الحصى ! هكذا يفكر الدراونة. الأمر ليس بهذه السذاجة. نعم قد يوجد DNA وراثي، ولكنه ليس لكل شيء يخص الكائن الحي ، فالـ DNA يتعلق بالشكل المادي، لكن الحب مثلا أو القراءة أو حب السفر او تربية الحيوانات ليست جينات إذا نُزعت توقف الإنسان و كفّ عنها، وصل الامر الى درجة ارجاع الشذوذ الجنسي الى الجين، الجينات اتخذوها شماعة لما يريدون، وهذه هي مغالطة التعميم ..

يوجد جانب آخر وهو الروح التي لا يعترف بها الماديون والملاحدة، لذلك نسبوا ما للروح إلى الـ DNA وليس لديهم أية إثبات. ومن اوجد DNA؟ التطور بالصدف العمياء .. حتى الشذوذ الجنسي قالوا أنه جين طافر، مع أنهم قالوا في بحوث أخرى أنه بسبب عطل في لوزة الدماغ، وهكذا تتعدد الإحتمالات، وهذا يدل على الجهل. وعلى ذلك فاللصوصية أيضا جين وطفرة ولا يوجد إنسان حر يختار أفعاله، فقط آلات مبرمجة، وما الذي برمجها؟ الصدف العمياء. حدّث العاقل بما لا يُعقل، فإن صدّقك فلا عقل له.

(الدقيقة : 11 الثانية : 15) يتحدث الدكتور عن البكتريا العنقودية الذهبية المكورة، والتي كانت تسبب مرض الصدمة التسممية، وأن هذه البكتريا تم القضاء عليها منذ عام 1941 م بفضل اكتشاف مصل البنسلين، وفكرة البنسلين هي أنه يقوم بتعطيل عمل الالياف الشعيرية التي تقوم بغلق مسامات جدار البكتريا عندما تمتص الماء، فتستمر بامتصاص الماء إليها حتى تنفجر الخلية وتموت. نجح هذا المضاد في القضاء عليها، ولكن بعد 70 سنة ، وجد أن اجيال البكتريا عادت من جديد وتحمل معها مقاومات للبنسلين بحيث تقضي على تركيبه ولا يؤثر فيها، وهذا ما جعل الاطباء يبحثون عن علاج جديد لهذه البكتريا، فاخترعوا الميثسيلين عوضا على البنسلين. وهذا ان دل على شيء فإنه يدل على وجود التطور الصغروي. ويذكر الدكتور في معرض حديثه أن البكتريا اخطر بكثير من الفيروسات، فالتسمم البكتيري أخطر من التسمم الفيروسي، فالبكتريا خبيثة وعنيدة، ويُرجِع الدكتور ذلك لأن البكتريا قديمة جدا، فهي من اقدم المخلوقات على الاطلاق.

الرد : ما دام أن الأحياء تملك كل هذه التقنيات والطفرات لأجل البقاء رغم مكافحتها، فلماذا انقرض 90% من الأحياء كما يزعمون؟ أم أن لهذه موضوع ولتلك موضوع آخر؟ ولماذا لم يتطور الجراد وهو يُرش بالمبيدات كل موسم ويموت؟ ومع ذلك لم ينقرض الجراد، وكذلك الذباب و الصراصير.

ولماذا لم تتطور بقية البكتريا؟ لماذا فقط هذه العنقودية الذهبية ؟ لم لم تتطور بكتريا الجدري وشلل الأطفال والطاعون والسل والكوليرا والقائمة طويلة ؟ مع أنها هي الأقوى فتكا في العالم. ولماذا مكثت 70 سنة حتى تطوّر مضادا للبنسلين؟ أليس المعروف هو سرعة تعامل البكتريا؟ في التجربة السابقة طوّرت الانزيم وهي لا زالت ماكثة في قارورتها بعد عملية نزع الجين مباشرة، فما بال هذه البكتريا مكثت 70 سنة لتقدم تطوّرا صغيرا واحدا؟ هذا إن وُجد .. لا يستبعد أن المسألة مجرد عملية تسويقية للمصل الجديد، و رمي ما في المستودعات من الأدوية القديمة. أين الانفلونزا الاسبانية المختفية منذ 60 سنة؟ هل تراها مشغولة في المختبر تتطور؟

(الدقيقة : 13 الثانية : 55) يذكر الدكتور مقالة لعالم استرالي يدعى "يوو" نشرها في مجلة علمية (Genetical Research) عن تجربته التي استمرت لـ 90 جيلا من ذباب الفاكهة، اثبت فيها إمكانية زيادة الشعر الموجود على بطون ذباب الفاكهة وإمكانية إنقاصه كذلك، وأن هذا مما يثبت وجود التطور وأنه يعمل. وذكر الدكتور أن ذبابة الفاكهة من الحشرات المفضلة لاستخدامها في حقول التجارب، وذلك لأنها تحمل ثمانية كروموسومات فقط، وهي واضحة المعالم ويمكن معرفة ما تغير من اجزاء جسدها او لونها او لون عيونها او اجنحتها او غير ذلك بسهولة.

الرد : هذا كله يمكن أن يأتي بالتهجين، مثل ما يفعل مربي الحمام او الماشية، يريد أن يجعل قطيعه بلون واحد مثلا، أو بحجم متقارب، او كثيف الشعر أو قليله، من خلال التهجين الصناعي، لكن هذا ليس له علاقة بالتطور ولا بالانتخاب الطبيعي الوهمي ولا بشيء، فهو استخدم المستودع الجيني فقط. لا حظ انه قال بعد 90 جيلا، أي أنه يجري تهجينا طويل المدة، وهذه الفكرة الخاطئة هي فكرة داروين التي قادته لسيل من الاخطاء، فأن تجد بعض التغيرات في تهجين قصير المدة، اذن لنتخيل تهجينا على ملايين السنين، ماذا سيقدم؟ هذا هو الخطأ الكبير الذي وقع فيه داروين عندما قال :ما بالك بالتهجين الذي تمارسه الطبيعة عبر ملايين السنين؟

الحقيقة الصادمة هي ان التهجين الطبيعي يؤدي الى الاستقرار، مثلما نشاهده في ثبات الوان الحيوانات والطيور البرية، فجميع الغربان لونها اسود ، مع انها تهجن من ملايين السنين، والغرانيق لونها ابيض رغم ملايين السنين من التهجين، وهكذا.

النوع إذا ترك بطبيعته يستقر، وهذا عكس التطور تماما، فمثلا لما تربي قطيع من الاغنام من نوع معين، سوف تستقر ولن تتطفر، إلا إذا اجريت تهجينا عليها، مثل الغنم الاسترالي او الاوروبي، كل واحدة مثل الاخرى تماما، كذلك الاغنام الصومالية او النجدية، ستجد كل القطيع ابيض برأس أسود لو كان صوماليا، واسود براس ابيض لو كان نجديا. الاختلاف يأتي عن طريق التهجين، وهي محدودة لا تتعدى النوع ابدا، وهذه الاختلافات اذا عُزلت تثبت ولا تتطور اكثر.

لو كنت هناك مجموعة من السود، إذا تركوا سيكون نسلهم اسودا، بلا طفرات ولا تغيرات، لكن إذا أجريت عملية تزاوج مع نساء بيض ليست ذوات عيون زرقاء، فقد يولد حصيلة بين الأبيض والأسود، هذه الحصيلة إذا تُركت معزولة سوف تستمر على حالها، مع احتمالية وجود بعض الارتدادات إلى الأصل الأسود، لكنها لن تتطور أو تقدم صفات جديدة، ستتوقف على ذلك القدر من بياض البشرة، فلن تتطور لكي تقدم عيونا زرقاء مثلا. مثل سكان الشرق الأوسط، فأغلبهم يميل للبياض لكن عيونهم ليست زرقاء، رغم آلاف السنين لم تتحول عيونهم إلى زرقاء.

وبخصوص عدد الكروموسومات، وجد أن هناك 16 نوعا من الأحياء، ومن ضمنها الإنسان، كلها تحمل 46 كروموسوما في خلاياها. راجع المقال:


أيضا عند مراجعة أعداد الكروموسومات عند الكائنات الحية نجد أن عدد الكروموسومات عند بعض النباتات أكثر من عددها عند بعض الحيوانات وكذلك الحشرات، (الفول السوداني يحوي 40 كروموسوم، والقمح يحوي 42 كروموسوم، بينما القط يحوي 38 كروموسوم وذبابة الفاكهة 8 كروموسومات)، مع انه في نظر التطوريين ان ذبابة الفاكهة اكثر تعقيدا من القمح والفول السوداني بل ومن القط ايضا، لانه لا يطير وهي تستطيع الطيران، فالحشرات عند التطوريين أرقى من النبات، وذوات الأجنحة ارقى من الدبايات، هكذا نرى ان نظرية التطور نظرية بسيطة وبدائية جدا، ترى انه توجد كائنات حية أعقد من اخرى، وهذا غير صحيح، حتى الجينات ضد هذا.

كذلك توجد بعض الحيوانات والنباتات متساوية في عدد الكروموسومات (الفول السوداني 40 كروموسوم وقندس الماء 40 كروموسوم والمانجو 40 كروموسوم والضبع 40 كروموسوم) ، وكذلك وجد ان بعض الحيوانات الصغيرة الحجم تحمل كروموسومات أكثر من بعض الحيوانات الكبيرة الحجم، (الفأر يحوي 40 كروموسوم، والقط يحوي 38 كروموسوم)، وهناك معلومات تثير التساؤل واعادة التفكير أكثر، وهذا كله ضد نظرية التطور، لأنه منطقيا الأكثر رقيا هو الاكثر كروموسومات وجينات، لأنه هو الأكثر تنوعا وتعقيدا، والتعقيد يحتاج الى كثرة جينات، مثل السيارة تماما، فالسيارة المتطورة هي الاكثر فيوزات، لأن كل فيوز مسؤول عن شيء، والأقل تعقيدا هي الاقل فيوزات، اذن هذا يثبت انه لا يوجد شيء اعقد من شيء، وان الجينات والكروموسومات ليست مسؤولة عن التعقيد. راجع هذه الصفحة :


فكرة وجود كائن حي معقد وآخر بدائي فكرة سخيفة، اختلاف عدد الكروموسومات يثبت سخافتها. دخولهم على الطبيعة بهذه العقلية المادية الملحدة لن ينتج علما حقيقيا، وهذه بعض نتائجها الفاشلة.

(الدقيقة : 23) يذكر الدكتور تجربة روبرت وروزماري جراند اللذان اجريا تجاربهما على طيور البرقش في جزر جالاباجوس التي زارها داروين، واختارا جزيرة أقرب ما تكون معزولة ومحددة لكي تكون التجربة محكمة اكثر، مرّت على هذه الجزيرة مواسم جفاف تبعت مواسم من الخصب، ووجدت دراستهما أن طيور البرقش انخفضت إلى حوالي 15% ، أي أنه من 100 طير لم يبق الا 15 طيرا فقط، والباقي مات، وذلك لأنه في مواسم الجفاف لا تبق على الجزيرة الا الحبوب الكبيرة، لأن نسبة الرطوبة فيها اكبر، بينما الحبوب الصغيرة تجف فيها المياه أسرع، وهذا ما سبب موت البراقش المتغذية على الحبوب الصغيرة وبقاء البراقش المتغذية على الحبوب الكبيرة. و وجدا أن مناقير البرقش المتغذية على الحبوب الكبيرة زاد عمقها بنسبة 5% في العام الاول من الجفاف، وهذا يعني انها اتسعت بمقدار نصف مللمتر، و في العام التالي زاد العمق 10%، وهذه النسب تعتبر دراماتيكية بالنسبة لعصفور، ويقول روزماري وروبرت جراند أن الانتخاب الطبيعي يعمل ويلاحق الظروف، ففي ظروف الجفاف يعمل بطريقة، وفي ظروف الخصب يعود ليعمل بالطريقة الرئيسة أو الاساسية. ويفترض روبرت وروزماري جراند أنه لو استمر هذا الوضع من الجفاف لسنوات اكثر مع وجود الحبوب فستتسع مناقير البراقش اكثر واكثر، وأنه لو استمر هذا الجفاف لمائتي سنة سنجد نوعاً جديدا ليس هو البرقش المعروف في البداية. وهذا مما يدل على وجود التطور.

الرد : هذه الطيور تعيش على حبوب رطبة اذن؟ وكأنها لا تحوي حوصلة في أجسامها ترطّب الحبوب الجافة؟ ما مصير الحبوب الصغيرة؟ فقط جفت؟ وإذا جفت ألا تأكلها الطيور؟ الطيور لا تأكل إلا الحبوب الجافة اساسا. طيور الحمام تتغذى على الشعير المستخرج من الكيس الجاف، والذي لو كان رطبا لربما تعفّن وأضرّها. هذا سبب غير وجيه لموت طيور البراقش ..

هل هذه المشكلة الصغيرة تنتج كل هذه الوفيات؟ أليس لديها وسيلة أخرى لتنقذ نفسها من الموت على هذه الجزيرة الخضراء؟ وماذا حصل للخمسة عشر طيرا الباقية؟ لا تكون هي التي عمقت مناقيرها بشكل جماعي لمدة سنة حتى الموسم القادم ثم تعود لوضعها الطبيعي ؟! يا ترى ماذا تفعل طيور الصحراء المسكينة التي هي أصلا في مكان جفاف طيلة العمر وليس فقط سنة واحدة؟ ومع ذلك تمكو وتغرد فرحة بنعمة الله. عندما يبحث أحد يملك احساسا مكتبيّا في الطبيعة؛ هنا مشكلة ..

ألا تستطيع ان تأكل هذه الطيور من الحشرات أو من قشريات الساحل أو من رؤوس الاشجار؟ لماذا ضيّقتم واسعا؟ ألا تستطيع الطيران إلى جزر اخرى؟ جالاباجوس عبارة عن أرخبيل، أي جزر متجاورة، وربما جاءوا هم في موسم هجرة.  

بعد مائة وخمسين سنة لا زلنا على فكرة داروين عن الحبوب القاسية والكبيرة والصغيرة والبراقش والجالاباجوس ..

موضوع عمق مناقير البرقش في سنة واحدة نصف ملمتر يثير الضحك، التطور عمل الآن في أقصر مدة، في سنة واحدة، بينما السلاحف لها 175 مليون سنة لم تتغير .. البراقش تتغير وتتطور في سنة، تبعا للجفاف والخصب، تتمدد وتتقلص ! لا هذا الاكتشاف معقول ولا دوافعه معقولة، خصوصا وهي طيور أصلا، تستطيع أن تطير لجزر أخرى وأشجار أخرى وتستطيع أن تأكل ما فوق الارض وما تحت التراب. هل جمعوا جثث البقية أم انهم لم يجدوها في الجزيرة وقالوا أنها ماتت؟ ما هذه التجربة العجيبة التي لا تدخل العقل؟ الدب اذا لم يجد طعاما لحميا يتغذى على النباتات والعسل. إن تحديد القائمة الغذائية للحيوان بهذه الدقة فكرة مكتبية وليست طبيعية، في الطبيعة نجد التنقل الغذائي موجودا عند كل الطيور والحيوانات، فالقطط قد تأكل السكريات مع أنها اكلة لحوم.

لماذا الوضع متأزم عند الدراونة بينما الطيور لم تشعر بهذه الأزمة وتغرد وتمرح؟ هكذا يكون اقحام الفكرة الرأسمالية على الطبيعة، ينتج استنتاجات مضحكة، ودوافع مضحكة أكثر. لا يوجد حيوان أيا كان يموت في الطبيعة من الجوع وهو حر، وهذا قانون، قال تعالى مصداقا: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها). وفعلا لا يوجد حيوان أو طائر أو حتى حشرة تموت من الجوع في جو طبيعي، فما بالك بموت جماعي؟ قد تموت أغنام البادية وحيواناتهم لأنها تحت سيطرتهم وتحكمهم، وإلا لهاجرت إلى أماكن أكثر خصوبة، لا تجد قطيعا من حمر الوحش ميتة من الجوع، أو من الظباء، لأنها تعرف موسم الهجرة وتتحرك قبل الجفاف.

قد يوجد أناس يموتون من الجوع، وهذا بسبب ظلم الآخرين لهم وليس بسبب نقص الغذاء في الطبيعة. فما بال هذه التجارب التي يقدمها الدكتور عجيبة غريبة؟

طبيعة الله واسعة والرزق متعدد، فلا داعي لأن تعمّق مناقيرها أو تصغرها أو تنفخها أو تدببها، وهذا التعميق المذكور حصل في سنة واحدة أي جيل واحد ربما، و على الكل! ما هذه الصدفة العمياء؟ على هذا ففي الموسم الخصب القادم سوف تتغير مناقيرها وتضيق بشكل دراماتيكي كامل على الكل! أي صدفة عمياء على الكل! هل الطفرات تحتاج أجيال ام تحتاج الى جيل واحد؟ ثم إن حصلت في فرد فكيف تحصل في كل الأفراد على مدى سنة واحدة عند الكل وبالتساوي؟

هذه التجربة ضد مبادئ الداروينية التي تتكلم عن الطفرة بصدفة عمياء، لا تعم كل القطيع وتحتاج إلى سنين وربما الاف وملايين منها. مع أنها ليست تجربة بل مجرد ملاحظة. أنصحهم بعدم التجربة على الطبيعة مرة أخرى .. ليجلسوا على مكاتبهم أفضل لهم..

ما حكاية البذور الكبيرة والبذور الصغيرة؟ الكبيرة في بعض مراحلها كانت صغيرة، ومن قال أنها لا تتغذى إلا على هذه البذور فقط ؟ إنها تعيش في جزيرة، أي تتغذى على بقايا اسماك صغيرة او عوالق وحشرات وأوراق نباتات وحتى ديدان. ثم كيف تموت الطيور في هذه الجزيرة ولديها سبع جزر؟ الطيور تهاجر لآلاف الكيلومترات ولا تموت ، بهذه السرعة تتغير مناقيرها؟ إذن عصافير العالم يجب أن تكون قد تغيرت، لأن ظروفها تختلف، بينما عصفور الدوري هو نفسه في كل العالم، وشيء طبيعي أن يكون مناقير بعضها اكبر من بعض، وأحجامها اكبر من بعض بفروق بسيطة، بل حتى قد ينمو المنقار بشكل طبيعي بين فترة القياس الأولى والثانية. هل هذه تجربة تثبت تطورا؟

افتراض ان هذا النوع من الحيوان لا يتغذى الا على هذا النوع من الطعام، وان بعض هذا النوع مات بعد الجفاف، هذا كلام نظري وافتئات على الطبيعة، كل كائن حي له خيارات أسهل من أن يكبّر منقاره ويغيّر جسمه، فقط يكبّر عقله ويطير ، فيأكل من الساحل ومن الأعشاب. لا تخشوا عليه من الموت، لأنه لا يوجد شيء اسمه انقراض أصلا. وكونها أيقونة للتطور فهذا لا يعود لنتائجها، بل لأنها متعلقة بإله التطور وهو داروين الذي لم يثبتها بنفسه ولا بهذا الرجل وزوجته، لأن التطور خرافة، هذا كل ما في الأمر.

وما يسمى بالتطور الصغروي ليس إلا تكيفات مودعة في الأحياء لكي تحارب الفناء أو الانقراض الذي يزعمون وجوده. تخيّل طيور تموت في جزيرة خضراء بشكل عام، بل سلسلة جزر، ولا تجد ما تأكله، لا على البحر ولا البر! أليس هذا شيئا مضحكا؟ الطيور لم تمت في صحراء الربع الخالي حتى تموت في جزر خصبة بركانية! الطيور يفترض أنها آخر الكائنات التي يمكن أن تموت من الجوع في بيئة معينة، فلديها مخالب وأجنحة وبصر حاد وتستطيع أن تنتقل من مكان لآخر، فكيف وجدوها ميتة من الجوع؟ نريد أن نفهم!

ويقول أن في وقت الجفاف يعمل الانتخاب الطبيعي بطريقة، وفي وقت الخصب يرجع للطريقة الأساس، وهذا هو التكيف تماما، مثلما تخشن يدك عندما تعمل، وتعود إلى طبيعتها اذا توقفت عن العمل.

ثم ما الذي يجعل البرقش يتحول الى نوع آخر؟ هل في أجنحته مشكلة؟ هل في طيرانه مشكلة؟ هل في مخالبه مشكلة؟ ليقل على الأقل أن منقاره سيتغير، لا أن يتغير كله ويصبح نوعا جديدا! ثم إذا تغيّر إلى نوع آخر من الطيور، من سيشغل مكانه يا فالح؟ هذا يشبه أن يتغير الموظف مشغِّل الآلات ويصبح مديرا ويترك عمله، من سيشغل مكانه؟ ألا يهتمون بهذا أبدا؟ لو تطورت الديدان من سيتولى أمر الجيف؟ فكرة التطور ساقطة منطقيا، لأنها لا تقيم وزنا لتوازن البيئة وتوزيع الوظائف في هذا التوازن وتقفز عليه بكل سهولة.

نسوا أنه لكل كائن حي وظيفة يقدمها في التوازن الطبيعي. التوازن الطبيعي هو مجموع هذه الوظائف التي تعمل مع بعضها البعض.

(الدقيقة : 30 الثانية : 15)  يتحدث الدكتور عن أمثلة للتطور سردها سريعا، مثل الأرانب البرية التي جُلبت من أوروبا إلى استراليا، اذ ان استراليا بيئة جديدة فاختلفت صفات كثيرة في الأرانب البرية المجلوبة من حيث حجم الآذان والأوزان، وكذلك سعة الجمجمة، وتكيفها مع المناخ الحار في استراليا مقارنة بمناخ أوروبا البارد.

وينتقل الدكتور الى مثال آخر وهو طائر (السكارليت هوني كليمبر) في جزر هاواي، ففي أحد المواسم لم يعد الرحيق الذي يأخذه من زهور معينة ليتغذى عليه متوفرا، فاعتمد على مصدر آخر وأخذ يأخذ الرحيق من نباتات أخرى، والذي حدث هو ان منقاره اصبح اصغر حجما، وهذا يعتبر تطورا يحدث.

وينتقل إلى مثال آخر وهو الحلزون البحري في نيو انجلند، اذ يرجح علماء التطور بأنه وتحت تأثير المفترسات (السلطعونات) اصبحت صَدَفته اكثر سماكة وزاد حجمها، وفعلا توجد صور تثبت اختلاف الشكل والحجم، وهذا يعتبر تطورا يحدث.

وهناك تطور يحدث أعجب بكثير على كائن دقيق يسمى بقة شجرة التوت الصابوني، هذه توجد في امريكا في مكانين مختلفين، اذ تعيش على اشجار متوطنة في شمال وسط امريكا، وهناك شجرة اخرى تدعى الكرمة المنتفخة او البالونية المعمّرة، وهي موجودة في جنوب فلوريدا، وتعيش عليها هذه البقة، هذه البقة لها مناقير خاصة بها، تخترق هذه المناقير الى بذرة الثمرة فتذيب البذرة ثم تمتصها، هذه البقة استعمرت ثلاثة انواع جديدة من الاشجار، غير الشجرتين المذكورتين، نوعين من هذه الاشجار الثلاثة فاكهتها اكبر وبالتالي بذورها اكبر من فاكهتي وبذور الشجرتين المذكورتين، والنوع الثالث فاكهتها وبالتالي بذورها اصغر بكثير من الشجرتين المذكورتين، وهنا يتدخل التطور بتنبؤ، وهي ان على البقة ان تتكيف بتطوير مناقيرها بالزيادة والنقصان بحسب المستعمرات الجديدة، فالبق الذي يستعمر الفواكة والبذور الاكبر عليه ان يطور مناقير اطول، وعلى البق الذي استعمر الفواكة والبذور الاصغر ان يطور مناقير اصغر، وهذا بالضبط ما حصل، فالبق التي استعمرت الفاكهة الاكبر زادت حجوم مناقيرها بنسبة 25% ، وهذه نسبة تعتبر دراماتيكية وكبـيرة، وعلى افتراض انه لو استمر هذا التطور لمدة عشرة الاف جيل من البق، وجيل البق مدته سنتين، أي خلال خمسة الاف سنة، سيصل طول منقاره الى 3000 كيلومتر، ويستطيع ان يذيب بذور فواكة بحجم القمر.

الرد : ما علاقة أحجام الاذان بحرارة الجو؟ هل حرارة الجو تسبب كبرا في الاذان؟ هل هذا تم قياسا على آذان الفيل ام ماذا؟ هل تهوّي الارانب باذانها عن نفسها بسبب الحرارة على شكل مراوح؟ وما شأن حجم الجمجمة بانتقالها لاستراليا؟ إذا ذكرت شيئا يجب أن تفصّل اسبابه حتى تكون علميا. لاحظ ان الوانها لم تتغير، فقط جماجمها وآذانها. هذا غير ان استراليا فيها مناخات عدة وليست مناخا واحدا. وفيها مناطق تشبه المناخ الأوروبي، لهذا سكن فيها الأوروبيون، فالأوروبيون لا يسكنون في العادة إلا في مناخات تشبه مناخات بلادهم. 

ولماذا لم يجد ذلك الطائر رحيق تلك النباتات؟ هل انقرضت الى غير رجعة؟ ما أسباب انقراضها؟ هذا شيء لا يعقل، الحيوانات والطيور ليست في مختبر أو مكان معزول، بل في مكان مفتوح. وماذا عن بقية طيور تلك البيئة؟ هل كلها تغيرت مناقيرها ايضا؟ ام ان هذه النبتة فقط هي التي فُقدت ولم تعد تزهر؟ ما هذه الافتراضات على الطبيعة؟ هل نحن في سوبر ماركت؟ الطبيعة ليست سوقا يخلو من سلعة يوما من الايام، هذا شيء مضحك. أليس له أجنحة؟ لم لا يطير ويبحث عنها؟ أم ان الاسواق فُقدت منها نهائيا وانقرضت؟ ما اسباب انقراض تلك النبتة؟ دعونا من الطائر وجاوبونا على هذا السؤال .. اذا كان يعيش عليها بالذات فمن أين أتته المهلة لكي يطوّر منقاره؟ سيموت من الجوع، وهل يوجد حيوان يعيش على شيء واحد بالذات؟ لا يوجد. حتى أكلة اللحوم ممكن ان تأكل النباتات، وآكلة النباتات ممكن أن تأكل اللحوم.

هذا يشبه تفسيرهم للحوت انه كان عجلا سقط في الماء وأخذ يتطور تدريجيا، مع أن مدة الموت غرقا لا تتعدى خمس دقائق، من أعطاه المهلة لكي يتطور؟

لماذا لم يظهر غزال أقوى وأسرع لا يستطيع الفهد أن يصيده؟ أليس واقعا تحت تأثير المفترسات؟ وفأر أسرع من القط لا يستطيع ان يلمحه حتى؟ بناء على افتراض ان كثرة المفترسات تطوّر الطريدة. يضحكون على من؟ نحن في الطبيعة ونشاهدها. إنهم يقدمون افتراضات عامة ويقدّمون أدلة دقيقة ولا يكاد يراها إلا مختص. فما دام الافتراض عاما يجب ان يُرى بشكل عام. الطرائد لم تطوّر ولا فكرة تغيير خط مسار الهجرة عن العام السابق، فالوعول تمر بنفس المعبر الذي مرت به العام الماضي ومع ذلك تصطادها التماسيح ولا تغيّر طريقها ولا حتى بضعة امتار، منطقيا اذا وجد تطور في الجسم فلا بد ان يوجد تطور في الفكر والذاكرة والاستفادة منها، وهذا اسهل. إن استفادة الطرائد من ذاكرتها أسهل من تغيير أجسامها. كل الحيوانات والطيور التي قالوا أنها تطورت بأسباب ذكروها، كانت أجسامها بدون ذلك التطور تستطيع ان تتغلب على تلك المفترسات أو الظروف، لكنها مقصورة، فالغزال مثلا لا يحتاج ان يتطور حتى يتخلص من المفترسات، يحتاج أن يرفس فقط، لأن مكمن قوة الغزال في وركيه، فهو يقفز على رجليه الخلفيتين لمسافة 3 امتار في الهواء، لو يرفس بتلك الحوافر الأبرية التي كأنها رمح بتلك القوة لقضت على أي مفترس يهاجمها، والهجوم سيكون من الخلف، لكنه لا يفعل إطلاقا، أين الطفرات؟ وكذلك تمسكه المفترسات من الخلف، وكأنها تسخر من هذه القوة المهدرة.

مثلا طائر الحبارى أضخم من الصقر، وله منقار ورقبته طويلة، لكنه لا يُهاجم، كذلك النحل وحشرة ذئب النحل أصغر منها ومع ذلك تفترسها، إذن هناك تسخير وقانون قصر. والعقاب آكل العظام طائر ضخم جدا لكنه لا يفترس، يفترس العظام النخرة ولا يفترس أحياء حية. والجمل لو استخدم اسنانه ورقبته الطويلة في الدفاع لكانت لديه وسيلتان للهجوم والدفاع، لكنه لا يستخدم إلا وسيلة الدفاع فقط وهي الرفس. لكن القط والنمر عندهم وسائل دفاعية وهجومية، أمامية وخلفية، والكلب والضبع مثلا لا يستخدمان أقدامهما الخلفية ولا الأمامية في القتال، فقط يستخدمان أنيابهما، لأن أفواههما طويلة وكلها أسنان، وسرعة الحركة تتجسد في حركة الرأس السريعة مثلما تتجسد في اليد عند النمر او القط،، إن أي حيوان تجد هجومه في العضو الذي يحرّكه بسرعة، وهو العضو الخَطِر.

إن النمر والأسد والقط يستخدمون كل أرجلهم، لأن أخطامهم قصيرة. اذن لا يوجد ولا حتى مهاجم متكامل، لا يوجد أقوى في الطبيعة، هناك نسب وتناسب وتقدير، أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، من كل شيء موزون.

تخيل معركة بين فهد وكلب، الفهد سيستخدم يديه والكلب سيستخدم فمه، وكلاهما سيستخدمانها ببراعة. الأرنب بحجم القط او اكبر احيانا، ويملك مخالب وأسنان كالقط، لكنه لا يقاوم إلا بالهرب. لا داعي لأن تتطور الحيوانات، فقط تستخدم اجسامها، لكنها لا تفعل، ترى لماذا؟ لأن مثل الارنب مسخّر لأن يكون ضحية ويتناسل بأعداد كبيرة اكثر من القطط والثعالب. هذه النظرية هي التي تنطبق على الطبيعة وتفسّرها وليست نظرية التطور.

معركة ذكور الايائل في موسم التزاوج يتناطح الذكور بقرونهم فقط، ترى لو أن احدهم جاء من خلف خصمه وركله برفسة قوية في بطنه لقتله، إن الامكانات موجودة، ولا داعي للتطور، لكنها لا تُستخدم. اذن نحن امام تسخير وقصر، وهذه تبعد فكرة التطور نهائيا. وهذا يدل على وجود الخالق الذي قال لها : فقط أنت تقاوم أيها النوع بقرونك، وأنت ايها الكلب تهجم بأسنانك فقط ولا تستخدم اقدامك، وأنت ايها الفهد تستخدم اقدامك ولا تستخدم فمك إلا للاكل، أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.

إن هذا تسخير و رزق لهذه المفترسات يُساق لها بشكل جماعي. لاحظ فكرة القطيع عند الطرائد، إن كل الطرائد عبارة عن قطعان، ولها مواسم للهجرة تتجمع فيها، ولديها غريزة حب القطيع، وتذهب الى أماكن مفترساتها لكي تقدم لها الطعام، ويحصل توازن في العدد. فكرة القطيع لدى التطوريين ليست للحماية كما يعتقدون، بدليل أنه لو خرجت غنمة عن القطيع والقطيع يُفترس لعادت اليه، انه تقدير العزيز الحكيم وتسخيره. هذا كلام واقعي ومنطقي ولكن التطوريون لا يحبون ان يسمعوه، بل يعجبهم الكلام ذو النغمة الإلحادية، إلا من رحم الله.

لماذا اجراء تجارب على طبيعة مفتوحة يتسلل الشك إليها من كل ناحية؟ ما دام ان هناك تطور كما يقولون، لم لا يجرونه في مختبر أو في حدائق الحيوانات حتى تكون التجربة محكومة؟ والمشاهدون موجودون بشكل دائم ويتابعون التجربة؟ سيكون هذا عامل جذب لحدائق الحيوانات. لماذا يأتي التطوريون من هنا وهناك من جزيرة نائية كأننا في برنامج من كل بستان زهرة؟ قدّم للقط طعاما نباتيا ودعه يتطور وتظهر له امعاء وتتغير اسنانه ويتحول الى مجتر امام الناس وبتجربة مغلقة. يعرفون ان العلمية تدعو إلى إحكام التجربة لكن (ما الذي حداك على المر؟ قال الذي امر منه) المشكلة هي فشل التجربة.       

هذا الكلام يثبت ان التطور خرافة، لأنه غير محدود، أما التكيف الذي نقول به فإنه محدود، فهذا الذي يسميه الدكتور عالِماً يتخيل انه لو استمرت الظروف فسيستمر طول المنقار للبق حتى 3 آلاف كيلو متر ، ولماذا 3 آلاف فقط؟ بل إلى ما لا حد له من الطول! إذن نظرية التطور خرافة، لأنها تُضفي إلى عالم الخرافة، فما دام الافتراض صحيحا إذن النظرية خاطئة، لأنها تؤدي إلى اللامعقول واللانهائي، وملايين السنين الماضية كافية لتنتج مخلوقات خرافية، لكنها لم تنتج، فالكلب كلب والقط قط والكل يقوم بعمله ووظيفته التي لها حدٌّ من التكيف، إذا عجز التكيف عن حل المشكلة يموت الحيوان أو ينتقل.

واقع الحياة على نظرية التطور غير متطابق، لكن واقعها على نظرية التكيف متطابق. بدليل انه لا يوجد كائن حي استطاع أن يكسر الحدود، فالكل يموت والكل يمر بمرحلة طفولة ثم شباب ثم شيخوخة ثم فناء، والكل لا يستخدم من قدراته الا ما يسره الله له، أولا ليستخدم قدراته كاملة ثم لنتكلم عن التطور بعدها، كذلك لا يوجد كائن تخلص من الشيخوخة أو تغلّب على السم القاتل أو عاش بلا ماء أو هواء أو طعام، لا يوجد، أليس التطور مفتوحا ؟ لماذا لم يدخل في هذه المجالات؟ لكن وصف ما يحدث بالتكيف أكثر عقلانية وموضوعية، وأبعد عن عالم الخرافة والتهويل، لأنه إذا ربطناها مع قضية التوازن الطبيعي الموجود والمثبت علميا نكون قد نظّرنا للطبيعة كما هي، لا كما يتخيلها الملاحدة لكي توافق دينهم.

هناك تكيف وتوازن طبيعي بين المخلوقات والوجود والسكن والتغذية والعدد، فالمفترسات أقل تكاثرا من الطرائد، وهذا لم يفعله الانتخاب الطبيعي. أليس البقاء للأقوى؟ إن المفترس هو الأقوى والأفضل ما دام ان الطبيعة صراع، إذن لماذا هو الأقل مع انه هو الأقوى؟ هنا موضع تنبؤ لنظرية التطور، وهو أن تكون المفترسات هي الأكثر لأنها بلا أعداء، والواقع يكذّب هذا التنبؤ، و هم لا يقولونه مع انه كان يجب ان يقولوه. وهناك تنبؤ بأن الكل في صراع مع الكل، وليس لأجل البقاء فقط، إذن النتيجة ستكون بقاء نوع واحد، وهذا النوع الواحد لن يبقى لأنه لا يستطيع العيش بدون الأنواع الأخرى، اذن سقطت النظرية. هي نظرية هشة لا تقوم على أساس منطقي ولا واقعي ولا تجريبي، فطبيعي أن تسقط مهما دُعمت. لاحظ أنهم يسوّقون لها مبتورة عن أصلها الغير منطقي، وهو نظرية النشوء، فلا يتكلمون عن النشوء إطلاقا بل يتكلمون عن الارتقاء، بينما هما نظريتان مرتبطتان ببعضهما. لأن نظرية النشوء عبارة عن خيال ميتافيزيقي، أي يقدّمون قصة غير كاملة، مشوهة، فأرادوا أن يكتفوا بالجزء الذي يرون انه واقعي وعلمي، بينما هما فكرة واحدة، أن الحياة ظهرت في مستنقع آسن كخلية أولى من تلقاء نفسها بسبب تأثير الغازات والأشعة، ولا ننسى كلمة (آسن) فكيف يكون آسن ولم تظهر البكتريا بعد وهي التي تصنع العفن والأسن؟ هذا الجزء يهملونه، بينما أي فكرة يجب أن تؤخذ بشكل كامل لا مبتورة.

كما يوجد طفولة وشيخوخة وشباب، ولا يوجد انقراض ولا بقاء لأقوى ولا صراع بين الكائنات الحية، بل انسجام وتوازن و أَفِد و استَفِد، ويوجد طعام للجميع، ولا يوجد تغيّر عن النوع، هذا كله موجود في عالم الحياة، وهذه خطوط عامة للحياة.

إن الواقع يكذب أساسات التطور المُقحمة في الطبيعة من عالم الرأسمالية والتجارة والسياسة.

(الدقيقة : 33 الثانية : 40) يذكر الدكتور أنه كما في تجربة اسماك الغابي التي تنضج جنسيا في وقت متأخر عندما تنعم بالأمان، وتنضج جنسيا في وقت مبكر عندما يكون الوضع غير آمن، كذلك الوضع بالنسبة للنباتات أيضا، فالنباتات في مواسم الجفاف تزهر في وقت أبكر منها في اوقات توفر المياه والخصب. وكل هذا يعبر عنه الدكتور بأنه نوع من التكيفات، وهذا ما حدث مع نبات الخردل البري، والذي جلب الى ولاية كاليفورنيا منذ 300 سنة، وفي عام 2000م عانى جنوب كاليفورنيا من الجفاف لمدة خمس سنوات متتالية، درس آرثر وايز وزملائه من جامعة كاليفورنيا هذه النبتة تحديدا، ووجدوا ان الانتخاب الطبيعي يعمل في الاتجاه السليم، فالذي حصل ان زهور الخردل البري تظهر قبل موعدها بأسبوع، اذ تتسابق الى استبقاء الحياة.

الرد : إذا كان الدكتور يصف كل التغيرات السابقة بالتكيفات، فكيف يسميها تطوّرا صغرويا ؟ إنها دائرة مرونة تأتي وتزول تبعا للظروف، علميا كيف يسمى هذا تطوّرا وهو يرجع؟ التطور لا يرجع إلى الوراء، أم أنها جمع أدلة وحشرٌ لها وهذا كل ما في الأمر؟ طبعا هذا موجّه للتطوريين الملاحدة وليس للدكتور. المغالطة بدأت من تصنيفهم بأن أي تغير يعتبرونه تطورا، فكان مثل هذا الدليل الخاطئ نتيجة لفكرة خاطئة.

ثم هل هذا النبات الذي بكّر بالإزهار بسبب الجفاف حصلت له طفرات جينية؟ كل نبات يفعل هذا الفعل، هل كلها حصل لها طفرات بالصدفة العشوائية؟ احترموا عقولنا! النبات له روح تتوازن مع ما يجري، ليست المسألة جينات أو طفرات عشوائية، بعض الاشجار تميل جهة الشمس حسب موقعها، فهل جيناتها تطورت وجعلتها تميل؟ هذا تغير، إذن هو تطور! هل نحن مجانين أم عقلاء ؟

(الدقيقة : 40 الثانية : 40) يذكر الدكتور انه سيطرح بعض الامثلة على الانتخاب الصناعي لكن بفضل وسائل غير بشرية، ولذلك يعتبر هذا اقرب للانتخاب الطبيعي، هو ليس انتخابا طبيعيا لكنه نوع من الاستيلاد الانتخابي، يكون بين مخلوقين واكثر، وأشهر مثال على ذلك هو الزهور والحشرات، اذ يقول العلماء ان الحشرات هي أوّل المدجِّنات، فليس الإنسان هو أول من دجّن إنما الحشرات، اذ تقوم بتدجين الزهور، وتقوم به الحشرات على أساس الألوان والروائح والرحيق.

بعض هذه النباتات المزهرة فصلت الطبيعة بين ذكورها واناثها بفواصل مادية، تصل مسافتها الى أمتار بل الى كيلومترات، فكيف يتم التلقيح بين ذكورها واناثها؟ يقول التطوريون أن اول ما ابتدعه النبات او الانتخاب الطبيعي ، ولا يعولون طبعا على أي تعبير ديني، أول وسيلة ابتدعها النبات والانتخاب الطبيعي هي التلقيح بالرياح، وهي وسيلة اولية وبدائية ولا زالت موجودة الى اليوم، لكنها مكلفة، لأن النبات لكي ينتج حبوب لقاح فهو يصرف طاقة كبيرة، وحبوب اللقاح التي تنقلها الرياح لا بد ان تكون كثيرة جدا وينتجها النبات بإسراف، حتى يضمن انها تقع في الموقع المناسب، وبالتالي هي لا ليست توصف بما يسمى بالطلقة السحرية، التي تصيب الهدف مباشرة، فهي طلقات عشوائية لا علاقة لها بالهدف، بدليل ان الرياح تحمل معها ملايين حبوب اللقاح وتضع معظمها في الاماكن الخطأ، بدليل ما يعانيه اكثر البشر من حمى القش، اذ تقع حبوب اللقاح في الأنوف، لكن اجزاء بسيطة منها تصيب الهدف، لذلك قالت النباتات ان هذه المسألة "مش جايبة همها" ولنبحث عن حيلة أخرى نحتال بها ونستخدم وسائل مواصلات، فالريح وسيلة ليست جيدة، فهي تؤدي الغرض لكن بتكلفة كبيرة. الوسيلة الاخرى هي وسيلة مواصلات متحركة، مثل الخفافيش والنحل والذباب والطيور وسائر الحشرات، هذه كلها وسائل مواصلات، لكن لا بد ان تدفع لها أجرة، ما هو الثمن الذي تقدمه هذه الزهور؟ الرحيق. وفي معظم الحالات الرحيق يدعو الى نفسه عبر المظهر الجميل والألوان الجذابة، فيأتي الحيوان ليقع عليها ويمتص الرحيق ثم يذهب الى زهرة اخرى، ويتفق في كثير من الاحيان ان تكون الزهرة المطلوبة من نفس النوعية من ذكر وانثى ويتم التلقيح.

الرد : هل النباتات عملت مؤتمراً و أكدت هذه النتائج؟ أم انه تقدير الحكيم الخبير؟ وهل تطوّرت جينات النبات بالصدفة ليفكر بهذه الفكرة بأن يستعين بالحشرات والطيور للتلقيح بدل الرياح؟ إرادة الله جعلت الرياح لواقح وسخّرت الحشرات لتأكيد هذا التلقيح، فقد تكون هذه النبتة معزولة عن الرياح ولا تصلها. والألوان الجميلة للزهور ليست من اجل جلب حشرات قبيحة، الحشرات يكفيها الرحيق والرائحة لتستدل بمكانها، فلماذا كل هذا الجمال؟ هل هذا كله لأجل حشرة تلقّحها؟ هنا فكّر في التسخير الإلهي الذي أراد ان تكون الأرض جميلة للإنسان.

غذاء الحيوانات الأخرى ليس بهذا الجمال، لماذا غذاء الحشرات يكون بهذا الجمال والموائد الملونة؟ الكائن مخلوق لأكثر من شيء وليس لشيء واحد كما يتصور الماديون بعقليتهم التركيبية الأصولية. كما قال تعالى (والخيل والبغال والحمير لتركبوها و زينة)، وقال (ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون)، إذن الله أراد أن يوجد الجمال لأجل من يقدّر هذا الجمال وهو الإنسان. النبتة بذلت مجهودا لكي تصنع هذه الوردة الكبيرة الجميلة، كان بإمكانها أن تزيد الرحيق وتكثر أعداد الزهور وتصغر حجمها، وهذا فيه توفير للطاقة وفرصة اكبر لجذب الحشرات.

في النخيل مثلا تجد النحل يدور حول طلعها المذكر فقط، لكنه لا يدور حول طلعها الأنثى، وهذا يعني ان الحشرات ليست كما يتصورون أنها تقوم بالتلقيح أو أن النباتات محتاجة لخدماتها. الشجرة نفسها تُخرج زهورا مذكرة وزهورا مؤنثة، لاحظ الزهور التي تقع من الشجرة تجدها زهور مذكرة في الغالب، والزهرة المؤنثة تجد فيها عقلة صغيرة تتحول إلى ثمرة بعد التلقيح وسقوط تاج الزهرة. العنب مثلا هل تتوقع أن النحل يدور حول كل حبة وهي صغيرة ويلقحها؟ وكذلك التوت الاصغر من العنب : هل كل حبة صغيرة في ثمرتها والتي هي صغيرة اصلا وتتكون من مئات الزهور الصغيرة، هل تتوقع أن النحلة لفّت عليها كلها؟ النحلة لا تكاد تقف عليها من صغرها، فكيف تتلقح؟ إنها تتلقح بالتجاور والسقوط وحركة الرياح، وأحيانا بالحشرات، لكن التلقيح بالحشرات ليس أساسيا كما يحاول التطوريون أن يجعلوه أساسيا، لكي يبرروا جمال الزهور ورائحتها بأنه من أجل جذب الحشرات ليس إلا وليست مسخّرة لأجل الإنسان الذي وحده يدرك الجمال ويميّز أنواعه. الإنسان هو الوحيد الذي يقتني الزهور ويفتتن بها ويضعها في حفلاته ومناسباته ومع ذلك يقول التطوريون أنها لم تُخلق لأجله، بينما الحيوانات تأكلها كعلف والحشرات تبحث عن الرحيق الحلو فيها فقط دون تمييز لجمالها.

الواقع يقول أنها خلقت لأجل الإنسان، بدليل أن الحشرات لا تتجمع على الزهرة الأجمل، بل ولا حتى على ذات الرائحة الأفضل، فالزهور تتفاوت في الرائحة والجمال، ولو كان كلامهم صحيحا لوجدنا الحشرات تتجمع على الورد فقط دون زهور الحديقة الأخرى، من حيث جمال الشكل، أو على الفل والياسمين من حيث قوة الرائحة، لأنها هي الأنفذ رائحة، وتأتي بها من بعيد. و كل هذا غير واقعي، فالجمال الشكلي وجمال الرائحة لا تعرفه الحشرات، لا يعرف ذلك إلا الإنسان، وإلا لأجرينا اختبارا لأفضل العطور من خلال الحشرات. ضع عطرا لوحده وانظر هل تأتيه حشرات أو لا، ما دام أن الرائحة تجذبها، ستجدها تدور حول قنينة العطر، لكن لم نجد الحشرات والنحل تدور حولها، بل تدور حول قنينة مشروب غازي، وذلك لأنه يحتوي على السكر. اذن هذه الحشرات تتغذى على الرحيق والرحيق عبارة عن سكر. لاحظ في أوقات الجفاف يضع مربي النحل لنحله ماء وسكر.

إن الحشرات هي المستفيدة من النبات أكثر من كون النبات مستفيد من الحشرات، مثلها مثل غيرها من الأحياء، فالنبتة تعطي غيرها ولا تأخذ من غيرها شيئا إلا القليل. لذلك هي أكرم الأحياء، وهي بمنزلة الأم للحياة.

ولماذا كل هذا التنوع الجمالي في الزهور؟ هل هو لأجل إغراء أكثر للحشرات أم لتذوق الجمال وكأنها في معرض زهور؟

إن الرحيق قوت و رزق للحشرات والنحل بالذات لكي تنتج العسل الحلو، قال تعالى (فكلي من كل الثمرات) إذن هو رزق يؤكل.

إن هذه التيجان الواسعة الدائرية للزهور والمنسابة إلى الداخل، كأنها ملاقط، مثل صيوان الأذن، أو كأنها أقماع، لكي تجمع المتساقط من غبار اللقاح.  

الزهرة الذكر يكون طلعها مرتفعا بارزا وتاجها أصغر، فيسقط منها غبار الطلع فيقع على الزهور الأنثى المجوفة، حتى لو لم تهب رياح، بمجرد السقوط، فهي تتلقح في حالة السكون و في حالة هبوب الرياح.

الرياح تنقل الزائد من حبوب اللقاح إلى أماكن أخرى، لهذا الرياح يضطرب هبوبها في فصلي الخريف والربيع، فتهب الرياح من كل الاتجاهات في هذين الفصلين، وهذا تسخير من الله. أما في الفصول الأخرى فيستمر هبوب الرياح من اتجاهين متعاكسين فقط، إما شمالي او جنوبي، تبعا لخط الاستواء والقارتين القطبيتين.

لاحظ ان النباتات دائما ما تكون زهورها متجاورة، فتجدها متجمعة في غصن او أكثر. وتجدها أيضا بشكل تسلسلي، أي قريبة من بعض، فبعضها أعلى وبعضها أسفل، لكي تتم عملية التلقيح من خلال السقوط.

بالإمكان إجراء تجربة على زهور محمية من وجود حشرات، فهل تتوقع الا تتلقح تلك الازهار؟ طبعا لا، اذن ليست الحشرات هي المسؤولة عن التلقيح.

الكلام حول أن التلقيح بالرياح طريقة بدائية كلام بدائي. النخيل يتم تلقيحها من خلال الرياح أو بواسطة الإنسان. وهنا لم تعمل الحشرات عملها الذي يفترضونه. الرياح تنقل حبوب اللقاح إلى مسافات بعيدة.  

هذه ليست مسألة تلقيح أو كفاح من أجل البقاء كما يتخيلها الماديون التجاريون، الحياة قوية جدا ولا تبالي، إنها مُسخرة من اله قدير.

ثم إن الزهور المذكرة لا تختلف عن المؤنثة، ولو كانت مختلفة لكان هذا أجذب للحشرات أن تطير بين اللونين، وأيضا لو كان جمال الزهرة هو الذي يجذب الحشرات، فالزهور مختلفة في جمالها وكبرها، وعلى هذا سيكون التلقيح للزهور الأجمل، وهذا غير مُشاهد، بل هناك نباتات بها زهور باهتة جدا، كزهور نبات الأثل وزهور النباتات الصحراوية، فضلا عن أن الريح تلقح، ولا يستلزم وجود حشرات للتلقيح، اذن لماذا جمال الزهور و كل هذا الترف؟

لماذا الانتخاب الطبيعي يعقـّد الأمور إلى هذه الدرجة؟ لماذا يفصل بين الذكر والأنثى ويُوجب التلاقي بينهما لأجل التكاثر؟ مع أنهم يقولون أن الطريقة البدائية هي الإنقسام، فلماذا الإنتخاب الطبيعي عسّر على نفسه؟ الطريقة الأولى عمليّة أكثر. تفسيرنا لظاهرة الزوجين هو لأجل الجماعات والتقارب بين الأفراد، الدافع الجنسي هو الذي أسس المجموعات والقطعان وصار بينها تعاطف، وأنتج رعاية للصغار، بينما الانقسام سيجعل كل فرد يتفرد لوحده ويعيش لوحده، ومن أجل التوزيع في الحوض الجيني، فينتج من التزاوج الصفات المهجنة المختلفة، والتي تقدم تنوعا داخل النوع، بينما الانقسام سيجعل كل نوع شبيه لأبيه فقط. المسألة ليست عبثا، أما الكائنات الوحيدة الخلية فتنقسم، وبالتالي لا يمكن أن تتطور، لأنه لا يوجد تهجين في التزاوج، ولأنها تؤدي غرضا محددا. إذن خطا كبير أن يقولوا أن أصل الحياة من البكتريا، لأن البكتريا تنقسم بدون تزاوج، فكيف تطورت بدون تهجين ولا نقل جينات؟

(الدقيقة : 43 الثانية : 30) يتحدث الدكتور عن زهرة السحلبية او الاوركيد التي تحدث عنها سابقا في اولى الحلقات عند حديثه عن تشارلز داروين وانه نشر كتابا عن الاوركيد ووسائلها المخادعة في التلقيح، وقد سمع داروين ان في مدغشقر نوع من زهرة الاوركيد كبيرة بحيث ان طول المسار الذي ينتهي بالرحيق الى قريب من 30 سنتمتر، وهذا نادر جدا في الزهور في العالم، فتنبأ داروين و والاس الى انه يجب ان تكون هناك حشرة او فراشة بالأحرى لها خرطوم يبلغ طوله 30 سنتمتر، لم ير احد هذه الفراشة، وحين تبحث في جوجل عن فراشة داروين تستغرب وجودها، وقد افلح عالم احياء من تصويرها ليلا. لم ير احد هذا الخرطوم ولا هذه الفراشة لكن داروين قال انه لا بد ان يكون موجودا، بعد موت داروين عاش والاس حياة اطول، و في عام 1903 اكتشفت هذه الفراشة لأول مرة بخرطوم طوله 30 سنتمتر، يقوم بامتصاص الرحيق ونقل حبوب اللقاح من هذه الزهرة الى الزهور الأخرى، وتخليدا لداروين ونبوءته اطلق على هذه الفراشة اسم "النبوءة" او فراشة داروين.

الرد : فراشة داروين دليل على عدم وجود الفوضى وأن الله سخّر لكل كائن حي رزقه، و أنه لا يوجد رزق مهدر لا يوجد من يستفيد منه أو تنقصه الوسائل للوصول إليه، حتى لو كانت نبتة على رأس أعلى جبل ، فلها حشرات وحيوانات تأكلها وتستفيد منها وتسمّدها أيضا. فالحياة تغطي كل بقاع الأرض اليابسة والرطبة، وهذا يدل على عدم وجود العبثية في الخلق، أي لا يوجد مكان ليس فيه كائنات حية على ظهر الأرض ، بل حتى التربة فيها كائنات حية. هنا يجب أن يقف المرء ويسأل نفسه : من وزّع الحياة على مختلف البيئات؟ ولماذا لم تتجمع الحياة في البيئات الخصيبة فقط؟ أليس الخير فيها أكثر وفرص البقاء فيها أكثر؟ لكنها إرادة الله أن تُعمَّر الأرض، وليس فيها فاقد أو إسراف، بل توازن، وليست عشوائية أو فوضى. ربما لو نصنع مستنقعا في صحراء سنجد فيه أحياء وربما أسماك وطحالب. لماذا لم تجتمع الكائنات الحية كلها على خط الاستواء؟ ماذا تريد هذه الكائنات الحية في الصحاري الحارقة أو في الأماكن الباردة المتجمدة؟

إن استنتاج داروين مبني على هذا التصور المتقن الذي يقول به الدين وليس التصور الفوضوي الذي يقوله الإلحاد وداروين الملحد نفسه، إذن داروين يستعير روحا دينية يتنبأ من خلالها بوجود هذه الفراشة، ولم يعتمد على روحه الإلحادية، اذ انها لا تستطيع أن تتنبأ بهذا التنبؤ، لأنها تؤمن بالفوضى، والفوضى تعني الهدر. من يؤمن بالله هو من يحق له ان يفترض مثل هذا الافتراض، وليس ملحدا مثل داروين، لكن داروين استعار روح الدين فتنبأ بهذه النبوءة، ولم يستعر من نظريات التطور وفكرة الانتخاب الطبيعي الفوضوية، والتي تزعم بوجود أشياء لا فائدة لها. المفترض أن يقول داروين ان مثل هذه الفراشة لا يمكن أن توجد، لا أن يتنبأ بوجودها! وذلك لكي يثبت الفوضى في الطبيعة والعشوائية فيها.

(الدقيقة : 47 الثانية : 55) يواصل الدكتور حديثه عن الاوركيد و حيله في التلقيح وإيصال حبوب لقاحه، من ضمن هذه الحيل ان بعض الاوركيد تشبه إناث النحل، فهي طوّرت شكلها بحيث تشبه الزهرة لأنثى النحل، أو أنثى الدبور أو أنثى الذباب، كل نوع يشبه نوعا معينا من الحشرات، والأوركيد هنا توفّر رحيقها الذي يستخدم في بناء جذعها او الدرنات او الاوراق او أي شيء آخر، بحيث تنقل الحشرات حبوب اللقاح مجانا بلا مقابل، وهذا هو الانتخاب الطبيعي الذي يفعل كل هذه الأعاجيب، اذ تأتي الحشرة الذكر لتجامع الأنثى الوهمية، فتتكتل حبوب اللقاح عليها وتتعلق بأرجل الحشرة المخدوعة، ثم يقع على زهرة اخرى مناسبة ويقع التلقيح مجانا بلا رحيق.

وهناك نوع آخر من الاوركيد تسمى عنكبوت الاوركيد، وهناك دبور يدعى الدبور المتوحد، هذا الدبور تقوم انثاه بالوقوع على العنكبوت الحقيقي، وتلدغه لكي تشله، في مواضع معينة، اذ لديها دراسة في علم الاعصاب، ثم تضع بيوضها عليه، حتى اذا فقس يجد لحما طازجا. هنا تأتي انثى الدبور المتوحد وتنخدع بعنكبوت الأوركيد، فتظن أن هذه الزهرة عنكبوتا، فتقع عليها وتبدأ بلدغها، فتتعلق عليها حبوب اللقاح ويتم التلقيح بنفس الطريقة مجانيا. هذه الخدع يفعلها الانتخاب الطبيعي، وكما قيل سابقا لا السمك تدرك هذا ولا الازهار تدرك هذا ولا تستطيع ان تفكر بما يفكر فيه الآخر، ويذكر الدكتور ان كل هذه الظواهر سيعاد تفسيرها في السلسلة الثانية وستحاكم بشكل فلسفي دقيق جدا، وسيتم فهم ما الذي يحصل.

الرد : لو كانت الاوركيد زهرة صحراوية لأخذنا بالاعتبار مثل هذا التبرير القائل بتوفير الرحيق لكي تبني به درناتها او أوراقها، إن الاوركيد تعيش في أخصب الاماكن وأوفرها مياه. لو كانت المسألة مسألة توفير رأسمالي لكان التوفير في النخلة التي تعيش في صحراء وتقدم مئات الكيلوات من السكر مجانا، لماذا لم توفر هذه الطاقة الهائلة لتبني بها درنات وأغصان؟ هذه مشكلة من لا يؤمن بالتسخير، سيضطر للحسبة المصلحية الرأسمالية، لو كان الرأسمالي بدل الاوركيد او اي شجرة اخرى لفعلها، قال تعالى (قل لو كنتم تملكون خزائن رحمة ربي اذن لأمسكتم خشية الانفاق) ، الطبيعة ليست رأسمالية، الطبيعة كريمة لأن خالقها كريم، والطبيعة قوية وليست محتاجة للتوفير لأن خالقها قوي. هذه كلها خيالات رأسماليين بشر تُسقط على الطبيعة.

إن هذه الحالات بحد ذاتها معجزة، ما الذي يجعل الزهرة تعرف شكل النحلة بل وألوانها؟ هل النبتة لها أعين؟ لا يقل لي أحد أن الصدف العمياء تتكرر لملايين السنين حتى صادفت هذا النوع الناجح الذي طابق شكل النحلة! فهنا يصعب التصديق. نحن أمام معجزة إلهية، وما أكثرها. وإذا قلنا معجزة فنعني أنه لا يمكن للنبتة ولا للحشرة ولا للبيئة ولا للانتخاب الطبيعي المزعوم أن يأتي بها، بينما هي أمامنا بكل بساطة كمعجزات، فلماذا المكابرة؟ المكابرة هي لأجل الإلحاد وجحود دور الخالق وما يفعله، هذه هي الحقيقة. هذا المرور البسيط على المعجزات ماذا نقول عنه؟ حتى الأشواك وتوزيعها على النباتات يتم بأشكال مختلفة، وكأن كل نبتة تعرف حجم خصمها ونوعية جسمه، فالوردة تعطيك أشواكا عكسية متجهة للأسفل، لأن الخطر عليها يكمن من أحد يأتيها من أسفل ليقبض غصنها ويسحبه ليقطف الزهرة، فجاءت الأشواك عكسية. واسأل الأطفال عن هذه الخدعة الموجعة، بينما أشواك النخلة موزعة بطول متناسب ومتجهة للأعلى، أي أن طول الشوكة أسفل العسيب قصيرة، ثم بالتدريج تزداد أطوال الأشواك حتى الطرف، فالشوكة كأنها ورقة، لكن لها رأس مدبب لكي تحمي طلْعَها وهو صغير من القارض مثلا أو من الطيور كالغربان، فعملت محمية وسياجا للحراسة فقط في منطقة الطلع، لأن الخطر اكثر ما يأتيها من الأعلى، من جهة الطيور أو القوراض، أما الورد فيأتيها الخطر من الأسفل. وأشواك النخلة متجهة إلى أعلى بعكس شوك الورد، وذلك لأن الطيور تأتي لتهبط من فوق. فتمسك بها وتطعنها كأنها خازوق، فكيف الصدف قامت بمثل هذا الشيء؟ لا يمكن أن تتم مثل هذه الأشياء إلا بوعي، وهذا الوعي من خارج هذا الكائن.

لاحظ أن النباتات التي لا تشوّك أزهارها كثيرة وصغيرة، مثل الفل والياسمين. لكن زهور الورد ليست كثيرة ولا صغيرة بينما شوكها كثير، كما أن شوك الورد يجف، أي لا يكلف الشجرة شيئا، ويكون حادا أكثر إذا جف، لزوال الماء عنه، ويكون حادا يابسا لا ينكسر. بينما النخلة لا ييبس شوكها إلا مع يباس العسيب. لأن العُسبان ليست دائمة، فهي تتحول من علوية إلى سفلية في الإتجاه.

كل النباتات والحيوانات لها وسائل دفاعية وتتعامل مع الأخطار بشكل عبقري ومعجز، فهل هذا كله جاء بالصدفة؟ ما هذه الصدف الرائعة والعجيبة التي لا ثـشاهد؟ بينما المعروف عن الصدف أنها تدمّر، لا أن تقدم آيات عجيبة ومبدعة.

هل الاوركيد هو النبات الوحيد البخيل؟ بينما بقية النباتات كلها فائقة الكرم كما نرى وكما نعيش ونأكل من خيرها؟ أين حيل الرأسمالية لبقية النباتات؟ هل فقط الاوركيد هي التي فكرت بهذا التوفير؟ وهل هي محتاجة فعلا للحشرات لكي تلقحها؟ النخلة لا تلقحها الحشرات، ولم تصنع حيلة لأجل هذا الشيء.

إن تشابه زهرة الاوركيد مع انثى بعض الحشرات قد يكون له تفسير آخر غير التفسير الذي قدمه التطوريون، فقد يكون ذلك لأجل الحماية مثلا، لأن كونها على شكل حشرة أكثر خطرا من كونها زهرة، فأي عدو يخاف أن يلمس حشرة لاسعة او يقترب منها، وربما يكون تشابها في الشكل بدون قصد. لسنا مُلزمين بتفسير واحد. وهل فعلا هذه الزهرة ليس فيها رحيق؟ لم يخبرونا بذلك، لماذا توفره في داخل الزهرة؟ لم لا تحوله فورا لبناء الاغصان والدرنات وغير ذلك ما دام انها قد خدعت الدبور بنقل طلعها مجانا؟ زهرة الأوركيد كغيرها لها رائحة ولها رحيق، اذن اذا كان لها رحيق فمجهودها في الخداع ضائع، لأنها لا زالت تنتج رحيقا. خصوصا وأن الزهرة ستسقط هي ورحيقها، وستجد من يلعق هذا الرحيق، ليس شرطا ان يكون دبورا او نحلة، لأنه لا يوجد شيء مهدر في الطبيعة. وكيف تبني درناتها برحيق؟ الرحيق منتج نهائي وليس مادة أولية للبناء، الرحيق ليس مادة خام توفره النبتة لاستخدامه، وإلا لاستعادت رحيق أزهارها التي لم تلقّح ولأعادت شجرة البرتقال البرتقالات التي لم تُقطف وحوّلتها إلى درنات. اذن هذا تفسير رأسمالي متعسف على الطبيعة. الطبيعة لا يوجد فيها شيء اسمه توفير، التوفير فقط موجود في عالم الشركات والرأسمالية.  

(الدقيقة : 49 الثانية : 20) يذكر الدكتور انه عند مثال الاوركيد وانثى الدبور المتوحد، يقول ريتشارد داوكينز انه لا يقاوم إغراء أن يقدّم مثالا مقابلا ومثيرا، اذ توجد حالة عكسية تماما، فمقابل الاوركيد التي تأخذ شكل العنكبوت لتخدع انثى الدبور، لدينا عنكبوت يأخذ شكل زهرة الأوركيد، وكأنها تجازي الأوركيد على سوء صنيعها، بحيث تأتي الحشرات لتمتص الرحيق فيتم التهامها.

الرد : هذا الخداع إذا كان الانتخاب الطبيعي هو من أتى به، فهذا يعني انه هو خالقك، وبهذا لا يوجد إله ولا يحزنون، فما دام انه يستطيع ان يفعل كل هذه الأفاعيل بصدفه العمياء، فهذا أسمه تتفيه العقل واحتقار المنطق والواقع. لا يوجد شيء اسمه انتخاب طبيعي، وإلا لأبقى الحياة شابة، فمرحلة الشباب أحسن من مرحلة الشيخوخة، والانتخاب الطبيعي ينتخب الافضل. ولماذا لم يكثـّر الأُسُود؟ أليست هي الأقوى؟ هذا يعني أن الانتخاب الطبيعي مجرد هراء ملاحدة يريدون أن يتهرّبوا من الإيمان بالله الخالق المدبر.

وكون الحشرات تقع على هذه العنبكوت التي تشبه زهرة الاوركيد يدل على ان زهور الأوركيد تحوي رحيقا، ويدل على ان الحشرات تستدل بالشكل على الزهور وليس بالرائحة، لأنها لو كانت تستدل بالرائحة لما جاءت إلى العنكبوت أو لشمت رائحتها وهربت منها.

(حتى نهاية الحلقة) يختم الدكتور الحلقة بمثال زهرة الاوركيد المطرقة، هذه الزهرة لها ذراع، وهذا الذراع ينتهي بمفصل مرن متحرك، ومن جهة اخرى من الزهرة يوجد ما يمكن ان يعتبر سندانا، فتأتي انواع من الدبابير تحط على طرف المفصل المتحرك، وهذا الطرف المتحرك يشبه لأنثى الدبور، بحيث يقترب الدبور الذكر، ويقوم بحركات خافقة، هذه الحركات كافية لأن يتحرك المفصل ويلطم الدبور بالسندان حيث تقع حبوب اللقاح وتلتصق فيه، ثم يذهب إلى زهرة اخرى من نفس النوع لينقل حبوب اللقاح ويلقحها بهذه الطريقة.

الرد : بعد مشاهدة فيديو للعملية التي وصفها الدكتور على اليوتيوب تبين أن الزهرة لا تشبه الأنثى إطلاقا، فالأنثى لونها اسود والزهرة لونها احمر، وحجم الزهرة أكبر من حجم الأنثى، وهذه الضربات تقع على ظهر تلك الحشرة، ونقل غبار الطلع لا يصلح على الظهر، لأن الزهرة الأنثى لن تستفيد منه. كان بإمكان الزهرة ان تضع غبارها على الجزء الأحمر الذي تقف عليه الحشرة حتى يعلق الغبار بأقدام الحشرة أحسن من أن يعلق بظهرها، يبدو لي أن كل العملية معتسفة تفسيريا. أنها مجرد حشرة أرادت ان تقف على ذلك الغصن الصغير فلم يحملها فارتطمت بالزهرة برأسها وظهرها.