الاثنين، 2 مايو 2011

الإلحاد و الدين و الإيمان "رد على مقالة : نهاية الدين ، لـ : جيف شفايتزر .."

اقتباس:


نهاية الدين
جيف شفايتزر

في مقالة له في جريدة USA Today بتاريخ 9/8/2010 بعنوان "لماذا الدين" أجاب الكاتب أوليفر توماس عن هذا السؤال مورداً ثلاثة تبريرات واهية ضعيفة كاشفاً عورة الدين وأسسه الواهية فهو يدَّعي:

 1.
أنّ الدين يجعلنا راغبين بالحياة،
 2.
أنّ الدين يجعلنا محتشمين ومهذبين،
 3.
أنّ الدين يعطينا إحساساً بغاية ومعنى الحياة.

يتابع السيد توماس بأن يقدم لنا ثلاثة أسئلة لا يمكننا أن نخضعها للمنهج العلمي ولكنها وبطريقة ما تكشف قيمة الدين:

لماذا نحن موجودون؟ ماذا يعني كلّ هذا الذي حولنا؟ كيف ينبغي لنا أن نعيش إذاً؟

إنّ المقدّمة التأسيسية لهذه التأكيدات والتساؤلات هي بالأساس خاطئة، والادعاء الأول ربما يكون الأكثر سخافة على الإطلاق، فأنا مثل الملايين من الناس أرفض الدين تماماً وبشكل مطلق ولكنني أحبّ الحياة وأريد أن أعيشها إلى أقصى حدودها. وبالنظر إلى الادعاء الثاني فإننا نعرف أن الفضيلة والاحتشام لم ينبثقا من الدين وتوماس نفسه يقرّ بذلك لاحقاً في مقالته. أما الادعاء الثالث فهو مرفوض وسندحضه لاحقاً في هذه المقالة.

أما بالنسبة لتساؤلاته الثلاثة فبإمكاني أن أسأل وبنفس الشرعية التي أسبغها عليها:

"
لماذا السماء أرجوانية؟"

إنّ هذا السؤال لا يمكن الإجابة عليه لأن مقدمته المنطقية خاطئة متصدعة. فالسؤال عن ماهية الشيء لا يجعله ذلك الشيء. إن كل سؤال يطرحه توماس يستند على فكرة لا يمكن دحضها، ولكنها خاطئة في نفس الوقت وهي أن الحياة لها هدف ومعنى. لقد تمّ تلقيننا أننا فقط نحتاج إلى أن نكتشف ما قد يكون عليه ذلك المعنى، وفقط بالجواب على هذا السؤال فإننا نستطيع أن نقرر كيف نعيش حياتنا.

إن هذا لأسوأ حشو وثرثرة منطقية على الإطلاق. نحن نفترض أن الحياة لابد لها معنىً ما، لذا فإننا نبدأ في البحث عن ذلك المعنى، ومن خلال عملية البحث هذه نخلق افتراضاً غير مبرهن أن الحياة لها معنى! نحن نفترض الجواب من خلال طرحنا للسؤال وهذا يفضي بنا إلى نتيجة غير ذات معنى وغير منطقية.

فبطرحنا للسؤال قد خلقنا مقدّمة خاطئة. لقد جعلنا السماء أرجوانيّة فقط من خلال سؤالنا: لماذا السماء أرجوانية؟!

على أنّه بإمكاننا أن نتجنّب التناقضات المنطقية هذه بالجواب على السؤال: لماذا الدين؟ بدون أن نستحضر ونستشهد بالدين كجواب.

فلنبدأ بإبطال توماس – دون أن يعلم – لفرضيته الخاصة عن سبب وجود الدين، وبشكل لا علاقة له بأسئلته أو تبريراته الثلاثة. يجمل توماس استنتاجاته من بحث لفيكتور فرانكل عن معسكرات الموت النازية والتي يصل فرانكل من خلاله إلى نتيجة أنّه هناك نوعان أساسيّان من البشر: الناس المحترمون المهذبون والناس البذيئون غير المحترمين. إن هذا التقسيم ليس بين الناس المتدينين والناس غير المتدينين وبذلك يقوض أي ادعاء بأن الدين هو مكون أساسي مساهم في الاحتشام والتهذيب. ويقول توماس بصراحة:" ليس كل الدين جيداً". إذاً وبما أنه هناك أناس بلا دين جيدون وأناس متدينون سيئون فعلى أي أساس يستند توماس في استنتاجه أن الدين يساعدنا على أن نكون محتشمين محترمين؟ يحاول توماس أن يتهرب من هذه المعضلة بالاقتباس من آلبرت شفايتزر الذي قال أن الدين الجيد هو الدين الذي يؤكد على الحياة. هنا نأتي إلى مسألة أخرى مثيرة للفضول بأن نؤمن أن الدين جيد لأن الدين الجيد هو الذي يؤكد على الحياة. إذاً بالمقابل لماذا لا نأخذ بعين الاعتبار مسألة أن الدين سيء لأن الدين السيء هو الذي لا يؤكد على الحياة.

لحسن الحظ نحن لسنا بحاجة إلى أن نعتمد على توماس لكي ندحض مزاعمه فعلماء الإحاثة الآن يتقبلون بشكل كبير فكرة أن أسلافنا آمنوا بالحياة ما بعد الموت (الآخرة) منذ ما يناهز على 300000 سنة. إن عملية الدفن الشعائرية والتي ظهرت أول الأمر زمن إنسان النياندرتال في مكان ما في تلك الفترة المذكورة هي العلامة المميزة للدين في مراحله المبكرة، فطقوس الدفن تدل على مفهوم متطور لفكرة الفناء أو على الأقل هي محاولة لفهم المعاني الضمنية للموت؛ وتوجد احتمالية كبيرة وواقعية بأن الدين هو (مفهوم ما) عن الحياة ما بعد الموت سبق اللغة كواحدة من أقدم الإبداعات الإنسانية.

الرد: ماذا يعني أن يكون الدين قبل اللغة ؟ هذا يعني أن الحاجة للايمان أكبر من الحاجة للغة ، وهذا دليل على تاصل هذه الحاجة في النفس البشرية والتي لا يكفي مقاله هذا لردها ، مع أنه لم يرد ولا رد منطقي على توماس . فكل ادلته شخصية : أنا لا أعاني من التعاسة ! يوجد ملحدون محتشمون من معارفه ! ومعنى الحياة امر لقِّنّا إياه وغلا فلا نحس بداخلنا ولا نحتاجه ! وعبء ثقيل ان يكون للحياة معنى ! هذه هي ادلته وهذا هو دحضه العلمي والمنطقي ! وقد اعتبر نفسه قد دحضه وانتهى ! 
   
اقتباس: إن نشوء اعتقاد ما بفكرة الحياة بعد الموت مبكراً في التاريخ الإنساني أمر ليس مفاجئاً وغريباً، ففيما يتعلق بمسألة البقاء نحن مبرمجون على الخوف من الموت، لكن ربما وبخلاف حيوانات أخرى نتحمل ذلك العبء الثقيل القاسي في تأمل ومعايشة هذا الخوف. إن الدين هو إحدى الوسائل التي من خلالها نتعايش مع إدراكنا لحتمية الموت فهو يخفف من ألم حقيقته وديمومته، والألم جراء فقدان شخص نحبه على أمل اللقاء في حياة أخرى. الموت أمر لا يمكن تجنبه وهو يثير أسئلة واضحة ومقلقة في آن؛ وحتى العقل البدائي بحاجة إلى بعض الأجوبة من قبيل: ماذا يحدث لشريكتي بعد أن تموت؟ إلى أين تذهب؟ ماذا سيحدث لي؟ هل سأراها مجدداً بعد أن أموت؟

غير أن الموت ليس وحده الأمر المجهول المقلق، فهنالك أسئلة محيرة طرحت نفسها في القديم مثل: ما هي كرة النار تلك التي في السماء؟ لماذا تغادرنا نار السماء لتذهب إلى الظلام الدامس البارد لتعود مرة بعد أخرى وهكذا دواليك؟ ما هي النقاط البراقة تلك التي في السماء والتي أراها عندما تختفي كرة النار؟ لماذا يسقط الماء من السماء أحياناً؟ إن العالم لهو لغز كبير يصرخ بيأس باحثاً عن إجابات.

من هنا نستطيع أن نزعم أنّ الدين هو وليد الخوف من تلك الأشياء المجهولة المبهمة العصية على فهم عقل بدائي؛

الرد: هذا التخصيص غير منطقي ولا مستوفي ، وهو مجرد افتراض ، يمكن اخذه بالاعتبار ، ولكنه ليس كل شيء عن الدين ، إذا عرفنا أن الدين يتعلق بكل شيء عن الحياة ، وليس الخوف فقط ، ولو كان الدافع للدين هو الخوف من مظاهر الطبيعة والموت ، لكان عبارة عن طقوس تؤدى في وقت الخوف فقط ، وحينها سيكون كلامك منطقي وله دليل ، لكن نسبة الظاهرة إلى سبب معيّن افترضته ، لا يدل هذا على انك انتهيت من الموضوع ، لأنك وجدت مبررا سطحياً للموضوع ، ولا شك ان تبرير الدين بدافع الخوف مبرر سطحي جداً ، لان الفرح له علاقة بالدين ، وله طقوس ، واساس الدين هو الشكر ، فكيف يكون شعيرة خوف ؟

ايضا ً ليس كل الناس يحسون بدافع الخوف اصلا ، وإلا لكان التدين حكر على العجائز ، لانهم يقتربون من الموت ، والمشاهد هو العكس ، يتدين الانسان في مقتبل الشباب والفتوة ، إذا فتفسير وجود الدين بدافع الخوف من الموت او من مظاهر الطبيعة هو تفسير غير واقعي ولا شامل . لأنه يهمل دافع الحب في التدين ، والحب عكس الخوف .

ايضا الحياة الآخرة ليست كما يفترض انها عبارة عن جنة حتى يسلي الانسان نفسه اذا فقد عزيزا بانه سيذهب إلى الجنة ، لا ، بل هو سيذهب الى الحساب ، وؤبما يذهب الى عذب اشد من عذاب الموت ، وبهذا تسقط فكرة ان الدين نشأ بسبب الخوف من الموت منطقيا ،لانهم لم يجعلوا مصير جميع الموتى الجنة ، والا لكان كلامك منطقيا .

اقتباس: من الدافع إلى التحكم في أشياء لا يمكن ضبطها؛ من حاجة الإنسان إلى القدرة على التحكم بقدره في مواجهة عالم متقلب غامض.

الرد: هل قدم الدين إجابة تزيل الخوف من مظاهر الطبيعة ؟ هل وعدهم بأن لا تثور زلازل و براكين اذا هم آمنوا ، ولا تأتيهم الأمراض والأوبئة ؟ وهل أراهم كرة النار كيف تعمل والنجوم حتى يطمئنوا ويزول خوفهم ؟ وشرح لهم مكامن الخطر في الرياح والانهيارات الارضية ؟ ووعدهم ان البحر لن يبتلعهم إذا هم آمنوا ؟ وأعطاهم رقى تحميهم من غدر اعدائهم وتبعد النمور والذئاب عنهم ؟ هذا لم يحدث ولم يطلبوه اصلا! فامر عجيب ان يقال ان الدين بسبب الخوف !! إذاً لكان هذا الدين منصبا على موضوع الخوف ومزيلا له ..

والحقيقة ان المؤمن وغير المؤمن يحملون نفس الخوف من الحريق والكهرباء والغرق والامراض ، حتى من القطط !! فأين دور الدين في ازالة الخوف من مظاهر الطبيعة؟ بل الحقيقة أن الدين زاد خوفهم خوفا ، فهناك نار ابدية بانتظار كثير منهم . اذا هذا التبرير (دافع الخوف) لوجود الدين ساقط منطقيا .وهو تبرير مختصر وساذج لظاهرة بشرية شاملة منذ القدم .

 اقتباس: وإذا كان الأمر كذلك فالأفكار الأولى للدين لم تنشأ من أية رهبة من حيرة أو نظام للطبيعة قد يوحي إلى وجود مصَمِّمٍ (خالق) بارع خفي، وإنما من القلق جراء الأحداث والشدائد التي مرَّ بها الإنسان بشكل يومي،

الرد: لماذا تخصّص الحالة بلا دليل ؟ هل استفتيت المؤمنين كلهم عبر التاريخ وأعطوك هذه الافادة ؟ ام انه تخرّص غائي ؟ انا مؤمن ولم اؤمن بدافع الخوف من الطبيعة ، لأنني ما زلت اخاف من غضب الطبيعة بعد ايماني . وهل الملحد لا يخاف من الطبيعة بدافع من السوبرمانية النتشوية ؟  
اقتباس: وكيف أن عظمة الطبيعة أثَّرت في أسلوب حياته اليومي. ولكي يتغلبوا على المرض والموت والجوع والبرد والجروح والألم فلا بد أن أسلافنا قد بذلوا جهداً كبيراً في التماس العون من قوىً أعظم آملين بشدة في أن يتمكنوا بطريقة ما من التحكم بمصيرهم بمساعدة إلهية.

الرد: إذاً لماذا صنع اسلافنا القوارب والرماح والسيوف وبنوا الحصون ؟ لماذا لم يتكلوا على هذه القوة الخفية ؟ لتحميهم من البرد والحر ؟ بدلا من الملابس التي صنعوها بايديهم ورغم ايمانهم ؟ وبهذا تسقط هذه الحجة وهذا التخصيص . على اعتبار ان الاختراع يحل المشكلة ، وهذا الاختراع (الدين) لم يحل مشكلة الخوف بل زادها خوفا اضافيا ، فبدلا من خوف الغرق او السقوط او الصواعق المستمر مع وجود الدين ، صُنِع خوفٌ من امر آخر وهو الخوف من اله جبار شديد العذاب ، وعذابه اقسى من عذاب الطبيعة ، اذا الامر بخلاف هذا التخريج الناقص .

نعم ، الخوف من الطبيعة يدل على وجود اله ، وجمال الطبيعة يدل على وجود اله ، والحاجة إلى العدل تدل على وجود اله ، والحاجة لجزاء المحسن تدل على وجود اله ، والحاجة لعقوبة المسيء تدل على وجود اله ، وهكذا كل شيء قاد الناس ودفعهم إلى الايمان بوجود اله ..

وليس فقط الخوف من مظاهر الطبيعة ، لأن الطبيعة التي تقسو ، ترقّ ايضا ، وبعد العاصفة الرعدية ، تزهر الارض . وبعد الطوفان ، ينتشر الخصب . إذا لماذا لم يعبدوا مظاهر الطبيعة نفسها ؟ لانها تقدم الخوف والفرح وتضر وتنفع وقواها غير محدودة ولا يمكن التحكم بها ؟ لو كان محركهم الخوف من مظاهر الطبيعة ، لاتجهوا اليها مباشرة بالعبادة لكي تنفعهم ولا تضرهم ، وهي قوى هائلة لا يعرفون اسرارها ، ولا متى تغضب ولا متى ترضى ، اذا نحن امام تحليل خاطئ وناقص لسبب وجود الدين .

اقتباس: وكما هما دائماً فقد اتحد الأمل مع الخوف بقوة في عالم الألغاز المرعب لخلق أساطير وقصصٍ خيالية عن خبايا الطبيعة القاسية.

الرد: هو يصوّر الدين بانه امل فقط ، متناسيا جانب العقوبة الابدية وسخط الالهة المدمر ، وهذه انتقائية تخرجه من نطاق الموضوعية الى الفبركة .


اقتباس: إنّ دماغ الإنسان بارع في طرح الأسئلة، ولكنّه ببساطة يمتعض من فكرة ترك أي منها بلا إجابة، فنحن عاجزون عن تقبل عبارة "لا أعرف" لأننا غريزياً لا نستطيع إلا أن نرى نمطاً وندرك سبباً لكل حدث نواجهه ونكتشفه. نحن نقرر أنه لابدّ أن يكون هناك نمط ما أو سبب ونتيجة حتى ولو لم يكن أيٌّ منها موجوداً، لذا فإننا نختلق أجوبة بينما نحن في حقيقة الأمر لا نعرف، نطور فكرة عن أساطير خلق متقنة ومفصلة، آلهة الشمس والمطر والحرب والبحر. نعتقد أننا نستطيع أن نتواصل مع آلهتنا وأن نؤثر في سلوكهم لأننا بذلك سنمتلك تحكماً ما، وسنفرض نظاماً ما على غموض العالم المتَّسم بالفوضى والاضطراب. وللتقليل من الحقيقة المؤلمة لكوننا جاهلين فإننا نختلق أجوبة نخدع بها أنفسنا متصورين أننا نفهم العالم وقادرين على تفسيره. لذا فقد كان الدين محاولتنا الأولى في الفيزياء وعلم الفلك.

الرد: الآن يصوّر الدين بأنه فيزياء وعلم فلك !! مع ان الدين لا يقدم دروسا في الفيزياء ولا علم الفلك ، بقدر ما يقدمها في الاخلاق ، فاذا قال الدين ان لكم اله في السموات لا ترونه ، بفضله وجدت الارض وما عليها من نعم ، فهل هذا درس في الفلك ام في الفيزياء ام في الجغرافيا ام في الاقتصاد ام ماذا ؟

لوان الاسلاف تركوا الدرس العلمي واكتفوا بالتفسير الديني كما يراه الكاتب ، اذا لماذا قامت الحضارات حول معابد الدين ؟ وكل العلوم ودروس الطبيعة اقامها مؤمنون ، اذا تقسط حجته بأن الدين محاولة لتفسير الكون ، بعد ان نسي السبب الذي ارجع إليه كل الدين ، وهو الخوف من الطبيعة . 

فكيف يكون الدين محاولة لفهم الكون ، ثم ينشئ علوم الطب والفلك واللغة والجغرافيا والتاريخ والادب والميكانيكا والفنون ؟ لماذا لم يكتفي بالتفسير الديني للكون كما تقول ؟ التاريخ يثبت ان العلوم والحضارة نشأتا بدافع الدين . إذا فالحجة ساقطة بسبب التناقض مع الواقع .  


اقتباس: لكن الدين لم ينشأ فقط من الخوف من المجهول والفناء، والرغبة في التحكم بسياق الطبيعة وفهمه، بل هنالك سبب آخر وهو الترابط الاجتماعي، فنحن حيوانات اجتماعية قطيعية بطبعنا. إن خاصية التعاون هي التي تجعل من الإنسان الحيوان - ذلك المخلوق الضعيف البطيء الحسّاس – قوة هائلة على الأرض. لكن التعاون يصبح أكثر صعوبة مع تزايد العدد. لذا، فبعض وسائل الحفاظ على النظام الاجتماعي ضرورية. إن المجتمعات البدائية سرعان ما تعلمت أن قواعد السلوك التي فُرضَت على هيئة طقوس وشعائر قد مكَّنت جماعات كبيرة من الناس من العيش في جو أكثر تقارباً وحميمية، فالطقوس تخلق مبادئ ضد ما قد يجعل الناس يحكمون بسهولة على سلوك الآخرين في بيئات اجتماعية مختلفة، فأي انحراف عن المبدإ من السهولة تمييزه وكشفه. وبهذه الطريقة يمكن أن يتمّ الحفاظ على النظام

الرد: هذا الكاتب يتنقل في كل مساحة يغطيها الدين تصل إلى فهمه ، ثم يهتف : أوه !! لهذا السبب اقيم الدين !! ناسيا هتافه الاول ، وربما لو اكتشف ان الدين هو سبب وجود التحية والمصافحة ، لقال : إنما أنشئ الدين لأجل المصاحفة !! والمفترض منطقيا ألا يُرجِع الدين الى سبب واحد ، من المفترض ان يذكر في الاول ان هناك (أسبابا) كثيرة لوجود الدين ، منها : اولا : الخوف من الطبيعة ، ثانيا : طلب تفسير الكون ، ثالثا : ادارة المجتمع ، وهكذا .. ما دام سيستمر في طرح الاسباب . 


اقتباس:
لاحظوا أنّ مراهقي عصرنا الحالي يعبرون عن شخصيتهم الفردية الفظة بتشابههم في ارتداء ثيابهم، وأي دخيل غير مطابق لهم من السهل تمييزه. إن الدين قدَّم ولازال وسائل واضحة لتعزيز القواعد المجتمعية من خلال وعد المطيعين بحياة بهيجة في الآخرة، وبالعقاب الأبدي لسيئي السلوك والتصرف.

الرد: هنا الدين قسّم المجتمع ولم يوحّده كما يزعم الكاتب أن الدين جاء ليوحّد المجتمع ، وناقض نفسه بنفسه ! الدين لا يستعمل كلمة : كل الناس ، بل : فريق و فريق . وبهذا تسقط فكرة ان الدين جاء ليوحّد المجتمع واصباغه بصبغة واحدة ، ونعم : هو (الدين) يوحّد من آمنوا به حقيقة . بالتالي من الصعب ان تجد ذلك الايمان الصادق عند كل الناس في المجتمع الواحد الكبير .

ثم الا يرى كم عدد المجتمعات التي تديرها العلمانية واستطاعت ان تصبغها بصبغة وطنية وقومية بدون الحاجة إلى الدين في هذه المهمة ؟ كذلك كانت القبائل الهمجية تحكمها الاعراف والتقاليد . ولمعلومتك : فالعادات والتقاليد اقوى تاثيرا من الدين ، وسيطرة مظهر من مظاهر الدين على كل المجتمع ، لا يعني ان الايمان هو الدافع ، بل لان المظهر الديني ذاك قد تحول الى عادات وتقاليد ، اذا هذه الحجّة لا قيمة لها ، اذا العادات والتقاليد اقوى من الدين في طبع المجتمع وتأطيره . لأن العادات والتقاليد يفعلها البر والفاجر ، والمؤمن والمنافق ، اما الدين فلا يتبعه بصدق الا المؤمن به ، حقيقة لا مجاملة . فالدين والاخلاق اذا شيء اختياري فردي ، لا يستطيع احد ان يفرضها على احد إلا بقشورها ، اما اذا خلا الانسان ينفسه فلا يلزمه بالدين والاخلاق الا اختياره .

اقتباس: فالدين يُستخدم كرشوة ليحثّ على التصرفات الجيدة. في النهاية تحول الدين إلى قوة سياسية صرفة جامحة وهجر كل دور قد يتصف بالاعتدال والليونة. وإذا استخدم الدين كأداة للتحكم بسلوك الفرد فلا بد لوجود شخص ليطور هذه القواعد ويضمن تعزيزها وتحصينها، ومن أفضل من الزعماء الدينيين والشمامسة والقساوسة ليقوموا بدور شرطة السلوك؟ وأية طريقة أفضل لتتلاعب بالناس وتخضعهم لإرادتك من اختلاق قواعد وقوانين ليمارسوا – مُلزَمين - بموجبها حياتهم؟ ومع هكذا تأثير على الحياة اليومية لكل مواطن امتُلِكَت السلطة التي تم تأمينها تقليدياً للدول المدنية والإمبراطوريات مع كل الزخارف الاعتيادية المتعارف عليها مثل الجيوش والأموال والقصور.

الرد: هذا ينطبق على كل ايديولوجية ، ولم تأتي بجديد ، كل ايديولوجية استغلتها السياسة ، حتى الأخلاق تستغلها المصالح . وبُنيَت امبراطوريات وجيوش على غير الدين ، وقتل الملايين باسم الحرية والالحاد ، وامتُلكت السلطة باسم الدفاع عن حقوق العمال او باسم نشر الحريات في بلاد لم تعرفها (استعمار ونهب للثروات) .

تخصيص شيء ينطبق على كل الايديولوجيات بالدين فقط امر مشين وانتقائية سيئة وجنوح عن الموضوعية . كل شيء قابل للإستغلال . و اظن هذا معروف .


اقتباس: إذنْ، لماذا الدين؟ إنه ضعف الإنسان وسذاجته. إن العامل المسيطر على جميع الأديان الرئيسية هو تلك الخماسية المخضعة الجبرية والمكونة من الخوف من الموت، والحاجة إلى تفسير المجهول من لغز الطبيعة، ورغبة الإنسان في التحكم بمصيره، والنزوع إلى الترابط الاجتماعي، وإغراء القوة الفاسد المفسِد. إذاً لا مكان في المعادلة للافتراض القائل بأن الحياة لها هدف ومعنى، وبدلاً من ذلك فالدين الذي نحن خلقناه يتطلب حقيقة أن الحياة لها غاية كوسيلة لنبرر بها أنفسنا – هذه الغاية يمكننا أن نجدها فقط من خلال الإيمان وبما أننا نؤمن بقصة خلقنا الخاصة بنا فإننا لا نشك، ولا نسأل عن النتائج.

الرد: هل كل البشر ضعفاء والملحد هو وحده القوي ؟ مع أن المعروف ان القوة هي السيطرة على النزوات ، والملحد غير معروف بهذا الشيء ،لأن الإلحاد يتملص من سيطرة الاخلاق ، ويقدم عليها المصلحة (المتعة) ، وهذه ليست قوة ، بل ضعف .

وبالنسبة لإغراء القوة (الفاسد المفسد) هذا معروف في الإلحاد القائم على الصراع وبقاء الاقوى وإرادة القوة والسوبرمانية النتشوية ! إرادة القوة موجودة بوضوح في الفكر الالحادي وغير موجودة بنفس الوضوح في الفكر الديني الذي يدعو الى التواضع والأخلاق ! فكيف يقلب الحقائق كما يشاء ؟

ثم لماذا تجاهَل الكاتب دافع الحب والمحبة التي تتجلى في التأمل والتصوف والترانيم الكنسية والاعياد الدينية السعيدة ، مع أنه يعلم بوجود الحب الإلهي في الوقع والادب الديني والصوفي ، الا يعلم وهو من خلفية مسيحية مقدار وقيمة المحبة في الفكر المسيحي ؟ لماذا لم يعتبر الحب دافعاً للتدين يُضيفه لخماسيته ؟ مع أنه اوضح ما يكون على مدى التراث الديني كله ، أم أنه يريد التشويه فقط ؟

بالنسبة لإرادة القوة فقد وضّحتُ سابقاً أن الإلحاد هو الذي يريد القوة الفاسدة المفسدة ، لأنه يقدّم المصلحة على الأخلاق ، والمصلحة تريد القوة باي طريقة . وبدون رقابة الاخلاق .   
اقتباس: إذاً لا مكان في المعادلة للافتراض القائل بأن الحياة لها هدف ومعنى، وبدلاً من ذلك فالدين الذي نحن خلقناه يتطلب حقيقة أن الحياة لها غاية كوسيلة لنبرر بها أنفسنا –

الرد: هذا الكاتب يريد أن يقنعنا بأن البحث عن جدوى وجودنا أمر غي رنابع من داخلنا ، بل إن الدين هو من جاء به ! فما أفظع هذه المغالطة وعدم حكتها وواقعيتها . وكونه يحاول الإقناع بهذه الفكرة كافٍ لإسقاط بقية تفكيره . الإحصاءات تشير إلى ارتفاع نسبة الانتحار بين الملحدين اكثر من المؤمنين ، وأكثر الاسباب تكراراً بموجب الاحصاءات هو عدم الجدوى من الوجود ، كما صرح بها اكثر من حاولوا الانتحار من الملحدين . 

هؤلاء ملحدون ، فهل الدين هو من قال لهؤلاء الملحدين محاولي الانتحار : ابحثوا عن جدوى وجودكم ؟ هو يريدنا أن نصدّق أن جدوى الوجود لا تعني الانسان ابداً ، ولا تؤرقه ولا تمر بباله . لا اظن احداً سيصدقه في هذه الشطحة الحمقاء . انك لو وجدت مسمارا في مكان ، لسألت عن جدوى وجوده ، فكيف لا تسأل عن جدوى وجودك أنت ؟ 

وشيء مضحك أن يعرف الانسان عن طريق العلم الجدوى من وجود الاوكسجين وبخار الماء وخط الاستواء والقطب المتجمد ، بل حتى الحذاء ، ثم لا يسأل عن جدوى وجوده هو . راضيا ان تكون قيمة وجوده صفر ، بينما الاشياء من حوله : الطاولة النافذة الثلاجة السيارة إلخ معروفة الجدوى . هذا انحطاط بقيمة الانسان إلى الصفر ، لتكون كل الاشياء لها قيمة إلا هو . وذا رضي بهذه القيمة لنفسه ، فلا يحق له تعميمها على كل الناس الذين لا يريدون ان يعيشوا اصفارا لا قيمة لوجودهم وموتهم وحياتهم سواء .

اقتباس: غير أننا نشعر بالامتنان لوجود طريق أخرى نرى من خلالها العالم. إن النتيجة الأكثر أهمية وجوهرية للنمو والارتقاء هي أن الحياة ليس لها خطة أو تصميم ولا هدف أو معنىً متأصل فيها (وهذه حقيقة تم التغاضي عنها غالباً)


الرد: إذاً هو سعيد بالعشوائية وممتن للفوضوية وما رأينا أحداً يحمد الفوضى وعدم الجدوى والعشوائية إلا في الفكر الملحد , هذا شيء عجيب ومنكر , في العادة يفرح الإنسان إذا فهم , وهذا الشخص فرح لأنه لم يفهم , شيء عجيب أن تصادف أحداً سعيد بسبب أنه جاهل بجدوى وجوده ! ومسرور لأنه لا يعرف غايته ولا مصيره ولا ماذا يجب عليه أن يفعل . 

اقتباس: ؛ فالآلية العشوائية للاختيار الطبيعي تحول دون أي احتمالية للتخطيط والتصميم، وبدون التخطيط فإن فكرة الهدف تصبح زائدة لا قيمة لها. ولسوء الحظ فإن منهج التفكير هذا لم يتم تقبله بعد بشكل واسع خارج المحافل الأكاديمية، ولكن أيّة تساؤلات متعلقة بمعنى الحياة تصبح غير منطقية على ضوء الدروس المستقاة من عملية النشوء والتطور. وفي عالم بلا تخطيط وبلا هدف لا يمكن أن تكون هناك تساؤلات عن المعنى. فالسؤال "لماذا" ببساطة ليس شرعياً وصحيحاً عندما يستلزم الجواب المُراد غايةً أو هدفاً أعلى.


الرد: إذاً لماذا لا تقبل هذا في كل حياتك وتعيش حياة بوهيمية أو هومليس لتكون طبيعياً بلا هدف مثل الطبيعة كما فهمتها تماما ؟ وإلا فإن الإلحاد يخالف الطبيعة . ثم لماذا اذاً - ونحن نتاج الطبيعة - نتالم من هذه الحالة ؟ ونبحث عن جدوى لوجودنا ؟ هل نحن نخالف الطبيعة كما يقول شفايتزر ؟ وأن الدين هو الذي قال : ابحثوا عن جدوى وجودكم ، بينما نحن قبل الدين وبعده لا نبحث عن وجودنا ولا يعنينا شيء في ان يكون لوجودنا قيمة او لا يكون ؟ هكذ تصوّر عقل شفايتزر البشر ، في موضوع الوجود , ولماذا يكره أن يكون لوجودنا غاية سامية ؟ هل هو كره لوجودنا أو لهذه الغاية السامية ؟  



وهذه عقلية الاناني ، وهو يفكر بها ، فالاناني تهمه جدوى الاشياء من حوله ، ولا يهمه جدوى نفسه للاشياء او الآخرين ، لكن ليس كل الناس يتمتعون بهذا القدر الهائل من الانانية ، وكثير من الناس اكثر متاعبهم وآلامهم ليست اسبابها واقعهم ولا مصالحهم الخاصة ، وتزعجهم افكار جدوى الوجود والخير والشر والحق والباطل ، وتؤلمهم مشاكل غيرهم .



ثم هو قدم آلية الاختيار الطبيعي كحقيقة مفروغ منها لدرجة انها تنفي امكانية حدوث غيرها كالتصميم والتخطيط ، أو اي آلية أخرى تفسر وجود الحياة ، فهو لن يقبل بها ، مع أن كلمة الآلية مأخوذة من الآلة ، والآلة تعني استمرار العمل , وعمل آلية الانتخاب الطبيعي لم يشاهدها احد ، هذه الآلة تعمل في خياله وخيال المؤمنين بها ، بطريقة واضحة لهم جداً ، لأنها قريبة من أذهانهم و مسامعهم . ليت هذا الوضوح لهذه الآلية في الواقع ايضا كي يراه الجميع وليس فقط الملحد ، كيف يجزم بذلك من مجرد نظرية مطروحة من بين العديد من النظريات وليست حقيقة خالصة ؟ وهذا عدم احترام للحقيقة من شفايتزر ، وكل من يقدم أي نظرية على انها حقيقة مفروغ منها ، فهو لا يحترم الحقيقة قدر احترامه لمصلحته .  



ثم لماذا فكرة الهدف باقية في العقل والمنطق ؟ ولو طولبتَ بعمل اي شيء لسألت : ما الجدوى منه ؟ هنا يكون تناقض حاد بين الطبيعة والانسان ، وهو أمر يزيد من عدم الفهم من حيث أردتَّ تنويرنا ، ثم ما جدوى المنطق بعد ان انعدمت جدوى كل شيء ؟ لأن كل شيء مرجعه الإنسان والإنسان بلا جدوى كما يقول . والآن ينفي الجدوى ، وقبلها أهمل سبب الوجود ، أي : حذف من العقل قانون الجدوى وقانون السببية ، وهذا تكسير لجذور العقل البشري واساساته ، إذا الإلحاد هادم للعقل .



ثم هذه الآلية للاختيار الطبيعي ، جاءت من لا شيء ، وتعمل لأجل اللاشيء ، وتسير إلى ما لا نهاية ولا غاية ولا شيء .. لا داعي للعقل بموجب هذه المفاهيم وليأخذ إجازة لا نهائية كالكون اللانهائي ، لأن ليس للعقل أي معيارية هامة ، ويبقى الإلحاد موضوعا ايمانيا لمن اختاره ، في مثل هذه الاجواء لا يعمل العقل عندما يجرَّد من قوانينه الاساسية .



العقل والفلسفة مبنيان على كلمة لماذا ، وهو الآن يريد شطب هذه الكلمة بالنسبة للوجود والكون ولا يريد شطبها في حياته الخاصة طبعا ، فأيهما أعظم : الكون أم حياته الخاصة ؟ وهي ضربة إلحادية ثالثة للعقل البشري والفلسفة البشرية ، بعد أن تم هدم الأخلاق كقيمة ثابته وقبلها هدم الدين كمحور تدور عليه حياة البشر ، إذا ماذا بقي ؟



في هذه الحالة يتحول الانسان إلى الحيوان البشري ، بعد أن تم تجريده من دينه وعقله واخلاقه ، وهذا مسعى معروف عند دعاة الإلحاد في الغرب وهو الحيوان البشري العشوائي غير المنطقي والذي لا يتعامل مع كلمة لماذا ، ولا يسأل ولا يُسأل عن جدوى اي شيء ، هذا هو التطور والسوبرمان الذي يعدوننا به ، أرفع من الحيوان قليلا ، أو أحطّ من الحيوان قليلا ، وهي الاصح .



ولو اُخبر عن أي شيء في حياته انه بلا جدوى لما صدّق ، ولو اعطي شيئا لا فائدة منه لرماه على الارض ، فكيف يقبل بالجدوى كقيمة ، ويقبل بعدم الجدوى كقيمة في عقل واحد ؟ إذا الالحاد يؤدي إلى ازدواجية في القيم والتفكير ، فتارة السببية مهمة لأنها علم وأخرى غير مهمة لأنها علم ، والجدوى مهمة تارة وتارة اخرى غير مهمة ، و في نفس الراس ! والعقل السليم لا يعمل بالتناقض .



اقتباس: يستطيع أحدنا أن يسأل لماذا تدور الأرض بعكس عقارب الساعة عندما ننظر إلى القطب الشمالي من علوّ. يشمل الجواب تاريخ الغازات التي كانت تدور حول نفسها لتتّحد في النهاية، وتشكل كوكب الأرض. إنّ هذا التفسير يعطينا جواباً للسؤال "لماذا" كمسألة تتعلق بالتاريخ، وليس كمسألة تنطوي على أو تلمح إلى هدف أو غاية ما. فالسؤال "لماذا" عند البحث في مسألة ما تتعدى التاريخ كسؤالنا عن السبب الذي جعل الله الأرض تدور غرب - شرق يبدو غير ذي معنى في عالم بلا تخطيط وتصميم. و بطرحنا للسؤال "لماذا"، فقط، فإننا نوحي إلى وجود هدف ما. لذا، فبغياب الهدف يغيب السؤال ذاته ويتلاشى.


الرد: هو الآن يحدد للإنسان ماذا يسأل وماذا لا يسأل , وهذا ضد حرية التفكير , والاعتراض على التصميم والتخطيط مفتوح ، نستطيع ايضا قول ان الاهرامات قامت بلا تخطيط ، ولا نصدق بالنقوش ولا بالكتابات ، مثلما انك لا تصدق بالكتب الدينية ، والرياح والغازات وعوامل التعرية هي من صنع الاهرامات ، بدليل وجود الأهرامات في القارة الامريكية المعزولة عن الفراعنة والعالم القديم ، ونعتبرها ظاهرة جغرافية لأننا ننظر إلى الأهرامات ولا نجد معنى منطقي لوجودها ولا يحق لنا أن نسأل عن من أوجدها بناء على ما سبق ..

هكذا تؤدي طريقة التفكير بمثل هذا العقل المتساهل في كل شيء لأجل الغاية التي يريدها . العقلية الالحادية تجعل العقل موظفا عندها ، يقف عندما تريده ان يقف ، (عندما يكون في الامر شيء يتعلق بإله ) ويعمل عندما يريدونه ان يعمل ، وهذا في امور الحياة الدنيوية ، فكما يقف عقل المؤمن عند حد الإله ، كذلك يقف عقل الملحد عند حد الإله (الله الصمد) ، ولكن بطريقة عكسية . فالتصرف هو نفس التصرف ، وإذا كان العقل يوقَف حسب الطلب ، فلن يُنتج علما ولا معرفة ولا ترابطا بين الاشياء .



اقتباس: إنّ كتّاباً من مثل ريتشارد دوكينز وستيفن ج. غولد قد كتبوا على نحو بارع ومقنع حول الدروس المستفادة من تاريخ الحياة متأملين أن الافتقار إلى المعنى خطِر ومرعب لمعظم الناس في تعاليم الدين الحالية. لكن "اللاتحيّز الصارم الأعمى" لدوكينز لا ينبغي أن يكون مخيفاً ومقلقاً خاصة عندما ينظر إليه كفرصة لفهم روعة الحياة بجميع مظاهرها المتنوعة المجيدة. إن تقبل "اللامبالاة" هذه يزيل قيود وعوائق الآمال الزائفة والوعود الفارغة للدين ويخلق مكانه فرصة لنرى العالم بوضوح معبرين عن ذواتنا على الأرضية الصلبة للتاريخ الطبيعي. فقط، عندما نعبر عن أنفسنا بصدق نستطيع حينها أن نطور ونتبنى قوانين أخلاقية شرعية صحيحة وهادفة لجنسنا البشري. وعندما نتحرر من الخرافات والأفكار الخاطئة، فقط، نستطيع حينها أن نخلق المعنى والغاية الخاصين بنا كنتيجة عادلة لكوننا بشريين.


الرد: عدنا لصناعة الدين مرة أخرى , فداوكنز يأمل بصناعة رؤية وسلوكاً تجمع الجنس البشري من جديد , أي دين إلحادي جديد , ألا يدل هذا على الحاجة لوجود دين أي حتى الملحد يريد أن يصنع ديناً مختلفاً عن الأديان السابقة وهذا أكبر دليل على حاجة الإنسان للدين بأن يبحث عنه ملحد مثل داوكنز .

ثم هل وجود جدوى يقولها الدين تمنعه من تامل روعة الحياة والطبيعة ؟ فالمعروف أن الدين يزيد التأمل ويدعو إليه ويعطيه معنى وجمالاً , والقرآن دعى كثيراً إلى تامل ظواهر الطبيعة ,  وما معنى التأمل ؟ أليس هو عمل العقل وراء الإحساس ؟ أين مكان الإحساس وهو ينظر إلى كون عبثي لا جدوى من وجوده ؟ إذا داوكنز لا يعرف معنى التأمل ويردد كلمة سمعها من المؤمنين ليس إلا . 

ثم أين الجمال في تأمل شيء لا جدوى منه ؟ الشعور الحقيقي الذي لا يقر به دوكينز في مثل هذه الحالة ، هو شعور الرعب وليس الجمال .  واذا كنا نستطيع ان نتقبل اللامبالاة , إذا نستطيع ان نتقبل اشياء اخرى ، لماذا لا نتقبل انه لا يوجد اي جمال حقيقي ؟ لماذا لا نتقبل فكرة ان الجنون ليس امرا سيئا ؟ هذا النوع من التفكير غير حكيم ولا واقعي ، فهو يعتقد ان الانسان يستطيع ان يغير نفسه كما يشاء وكما يفعل بالكمبيوتر المحمول ، فيحذف ما يريد ويبقي على ما يريد ..

هذا الكلام غير واقعي إطلاقا ، هل يستطيع الانسان ان يغير في خواطره ويجعلها كلها خواطر سارة ؟ هل يسطيع ان يغير الاحلام التي يراها في منامه ويراها كما يريد ؟ هذا جهل كبير في فهم الانسان يطرحه الفكر المادي عن الانسان ، وهو مشهور في عدم فهمه له ، وذلك منذ اللحظة التي تصور فيها الإنسان مجرد مادة. 

مثل هذا الرجل او داوكينز يعتقدان ان الانسان يستطيع ان يبرمج نفسه ليرى الغزال قبيح والقرد جميل ، يستطيع الانسان من وجهة نظر هؤلاء ان يفرح لعدم وجود عدالة الهية ، يستطيع ان يتأمل جمال الجهل ، ويستطيع ان يجعل الحب شيئا منفرا من نفسه , ويتأمل جمال الجروح ، وهكذا يتحكم في داخله كما يريد . بل ان داوكينز يصور ان الالحاد شيء جميل وشاعريّ ، وإن العدمية شيء ممتع ، مثل هذا الكلام لا هو من باب التفكير ولا من باب الذوق ولا من باب الاحساس ولا ندري من أي باب ممكن أن يُؤخذ هذا الكلام ، وكيف نستخدم اللامبالاة امام المبالاة ؟

ولو استطاع المرضى النفسيين ان لا يبالوا بوساوسهم لما احتاجوا لمصاريف العلاج ، فهي كلمة بسيطة وغير مكلفة (لا تبالي) ، هذه نظرة سطحية للانسان ، عندما يرى انه يستطيع ان يتحكم بداخله وليس العكس ، وهذه مغالطة كبرى ، فالانسان يحركه الداخل اكثر مما يحركه الخارج . والمجنون في النهاية هو شخص غير مبالي ، اذا عممنا فكرة اللامبالاة التي ينادي بها .



قبل قليل طالبت بكبت المبالاة التي في داخلنا وكبت البحث عن الجدوى ، والآن تطالبنا ان نعبر بصدق عما في داخلنا !! كل هذا من التناقض يحدث في الفقرة الواحدة ، فماذا لو استعرضنا كل افكاره ؟ والصدق يعني المبالاة بكل ما في الداخل ، بما فيها الاشياء التي حذرت منها .



ولماذا لا نخلق نفوسا جديدة بالمرة مادام الأمر بهذه السهولة ، ونَصُبّ انفسنا في قوالب جديدة ؟ حتى اشكالنا لا تعجبنا لم لا نخلقها من جديد ؟ كل افكار هذا الرجل تجديف في الهواء وبعيدة عن فهم الانسان . المعاني لا نصنعها بل هي تصنعنا ، لان هناك طبيعة وحياة معنوية مشتركة لا يعترف بها مثل هذا الفكر , فالكآبة لا نُحضرها إنما هي التي تحضر بنفسها كحضور الكلب الأسود ثم تذهب من حالها ، ونتيجة لهذا حصل التخبط في فهم الانسان . يصلح كلامه جدا لآلات في مصنع وليس لبشر ..


اقتباس:
إنّ هذا الجواب على السؤال "كيف ينبغي أن نعيش" ليس هبة من فوق ولا قانوناً ثابتاً للطبيعة ينتظر أن يتم اكتشافه، بل هو مستمد من ومعلوم من خلال مكاننا الطبيعي في المجال الحيويّ.


الرد: واذا كانت هذه الاشياء ضمن وجودنا الطبيعي ، ماذا نفعل ؟ البحث عن سر وجودنا هو جزء من وجودنا ، فهو يريدنا ان نحترم وجودنا أو لا يريدنا أن نحترمه ؟ فكيف يتم الاحترام لوجودنا وهو لا يريد ان يتم الاحترام لسر الوجود ؟ مع انه جزء من وجودنا ؟ البحث عن الاسباب جزء من وجودنا ، وهو لا يريدنا ان نبحث عن سبب وجود الوجود . هذه تناقضات لا يحتملها العقل .  



اقتباس:
إنّ تقبل اللامبالاة هذه لا يعني قبول عالم ميكانيكي لا مبال خال من الدفء والألفة، فبتحرير قبضتنا العنيدة المتشنّجة على الأمل الزائف وراء (التخطيط والهدف والمعنى) سنكون أحراراً في الحركة والانتقال إلى ما بعد الواقع الجامد البارد لعالم عشوائي، وسيكون باستطاعتنا أن نخلق إحساساً جديداً وأعمق بالنفس وبالجماعة على أساس تكويننا البيولوجي وتطورنا ككائنات اجتماعية عاقلة. وعلى سبيل المثال فأي متدرّب جديد على القفز في الهواء لن يشعر بمتعة الطيران الحرّ إذا بقي متشبثاً بعناد بالطائرة لا يتركها. وعلى نحو مشابه، يجب أن نتحرر أولاً من الآمال والخرافات الزائفة حول الغاية الإلهية لكي نستمتع بثمار تحررنا من الأسطورة.


الرد: هل تركت مكانا لدفء الانسانية في هذه المقالة الآلية الميكانيكية المحتاجة للتزييت ؟ ومن كلامه فهو غير راضي بعشوائية الطبيعة ، ويبحث عن النظام والهدف والجدوى التي هرب منها جميعا أي يبشر بدين جديد مثلما بشر داوكنز قبله ! ويريد ان يلتف على هذه القيم ليحولها لصالح التطور والبعد عن الاله ، اي سحبها عندما ادت إلى القرب إلى الله ، ويريد ارجاعها عندما ينجح في ابعاد الناس عن الله ..

فإذاً مشكلته مع الله وليست مع الحقائق ، فالحقائق عنده تحترق عندما تؤدي إلى الله ، وتظهر مرة اخرى عندما يكون الله بعيدا ، حينها تبتعد الميكانيكية والعشوائية وكأنه يقول : ابتعدوا عن الله كي نعوضكم ما تفقدونه ، وحينها يُبحَث عن الجدوى من الحياة ودفء الترابط والانسانية. هذا التلاعب بالحقائق والالفاظ موضوع مفضوح بمجرد تطبيق حكمة : الغاية تفضح الوسيلة .



الآمال شيء جميل ، ولكن هل التحرر من الجمال يعطي جمالاً ؟  .. كالعادة كلام غير منطقي ..

 



اقتباس:
إنّ مدى صلاحية السؤال: لماذا نحن موجودون هنا (بالتلميح إلى الغرض وليس التاريخ) تماماً كصلاحية سؤالنا: لماذا توقف مكعّبا النرد على الرقم ثمانية في المرّة الأولى وعلى الرقم ستّة في المرة الثانية. لا وجود هنا لكلمة "لماذا" فالمكعّبان توقفا على هذه الأرقام كنتيجة للاحتمالية دون أي توجيه يدوي باتجاه رقم أو حصيلة معينة. أمّا نحن - مثل أي شيء حيّ على الأرض - فمكعبات النرد تلك.


الرد: المقارنة غير صحيحة ، فوقوف النرد على الرقم ثمانية ليس هاجسا ملازما لنا ويعيش بداخلنا ، وليس الإنسان تافه القيمة لهذه الدرجة لأن يكون وجوده مثل توقف النرد عند الرقم ثمانية ، سؤال الوجود يقولنا قبل ان نقوله ، يفرض نفسه علينا ، ولسنا نحن من بحث عنه ، لأن هذا السؤال يثير المتاعب والكآبة ، وأتحدى هذا الشخص او غيره أن يستطيع ان يرد هاجسا واحدا يمر على باله ..

من الغباء إيهام الناس والنفس باننا نتحكم في داخلنا ، بل هو الذي يتحكم فينا وترِدْ علينا الافكار المحزنة ونحن لا نريدها ، وتطرقنا الاحلام المخيفة ونحن لم نطلبها ، ولا يستطيع طبيب ولا دواء ان يرد هاجسا يمر عليك ، ليتوقف هذا التفكير الغير واقعي عن الانسان . الذي يقدم صورة وهمية غير واقعية ، وتبسيط وتسطيح للعوالم داخل الانسان ، والتي لا يدعي هو انه يفهمها ، لا هو ولا غيره . فكيف يحكم على شيء لا  يفهمه ، والحكم على الشيء جزء من تصوره ؟



وللمادي ان يتكلم عن المادة كما يشاء ، لكنه اخر من يستطيع ان يتكلم عن الانسان كمعنى ، لهذا يتحدث الماديون عن الانسان كترس في آلة ، لان فهمه لا يتعدى المادة ، وهذه النظرة المادية للانسان تثير الاشمئزاز بسبب سطحيتها ازاء العالم الداخلي العظيم للانسان الذي يحكم عليها بالجهل تلقائيا . قل لنفسك انا مجرد مادة و آلة ميكانيكية لا قيمة لوجودها صنعتها الصدفة العشوائية ، وربما اتطور الى اشياء عشوائية ايضا ، وانظر ماذا سيكون الرد من داخلك . 



اقتباس: إنّ وجودنا – كوجود البكتيريا والزنابير والورود – هو نتيجة للاحتماليّة دون الحاجة إلى استحضار أو الاستشهاد بأي شيء ما عدا الجينات والاحتماليّة والاختيار الطبيعيّ.


الرد: إذا كل شيء ليس له داعي بموجب هذا العقل الرائع العدمي المتفائل في نفس الوقت !! من يستحق ان يقول هذا الكلام هو من عرف السبب ، أي الجدوى ، وهو لم يعرف الجدوى !! فلماذا يقول لا حاجة لنا بالبحث عن جدوى ومعنى ؟ يستحق أن يقول هذا الكلام من وجد المعنى والجدوى .



هذا في الحقيقة كلام من يريد ان يلغي العقل ، لأنه يقف في وجهه . ولكن بطريقة ملتوية . هو تماما كمن يقول : لا داعي للفهم ، ألسنا نعيش ؟ لا داعي للفهم اذا ، وهذا هو فحوى رسالته , وهل كلامه هذا ينطبق على أصل الوجود من أين جاء ؟ أم أنه بالاحتمالية أيضاً , والاحتمالية تقتضي وجود أشياء تفاعلت مع بعضها وأنتجت شيئاً أو أشياء جديدة  ؟ 

إذاً أول وجود ينفي الاحتمالية لأنه لا يوجد أشياء أخرى يحتمل أنها أوجدته , إذا ففكرة الاحتمالية غير ممتده ولا تصلح أن تكون إجابة لسؤال : من أين جاء الوجود ؟ والفهم يحتاج إلى عقل ، اي لا داعي للعقل ما دمت تعيش . هذه نهاية الفلسفة الالحادية تحفر لحد العقل ، والالحاد هو تلحيد العقل في قبره.  



اقتباس: الدين هو مثل زائدتنا الدودية أثرٌ لا وظيفي من بقايا ماضينا البدائي، وربّما خلال بضعة آلاف سنة سيستحضر إله إبراهيم نفس التسلية المشوقة الباعثة على الفضول كما يفعل آلهة المطر والشمس في أيامنا هذه، أو ربما سيوضع إلهنا ببساطة على الرف مع زيوس وجوبيتر. وإذا حدث ذلك فسوف لن نزعج أنفسنا مجدّداً بالبحث عن المعنى والهدف كفرض إلهي سماوي، بل سنعمل على تحديد وإيجاد معنىً وهدف خاصّ بنا بالاحتكام إلى الخير المتأصّل فينا والمستمدّ من نزعتنا الاجتماعية وتاريخ نشوئنا وتطوّرنا …… يوماً ما.


الرد: أثبت العلم أن الزائدة الدودية لم تعد زائدة , بل وجد لها جدوى , وعليه يبقى الإنسان هو الزائدة الدودية الوحيدة في الكون الذي وجوده بلا جدوى .

أليس الخير تنظيما ؟ والتطور الذي جاء منه الخير عشوائي ؟ اليس العقل تنظيماً ؟ والتطور عشوائي ؟ كيف ياتي الشيء من ضده ؟ هذا الطرح بكامله يشبه تماما الزائدة الدودية في جسم العقل .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق