الأحد، 29 مايو 2011

الإلحاد و الطبيعة "مخالفة الإلحاد للطبيعة .."


من مزاعم الفكر الالحادي أن الالحاد هو دعوة للعودة الى الطبيعة الأم ، بالأندماج والتماهي مع الطبيعة ككل .
ولكن هذا الزعم غير صحيح ، فعلى اي اساس علمي ومنطقي تمَّ افتراض ان العودة الى الطبيعة الأم يقتضي الإلحاد وعدم وجود إله ؟ ما الدليل على ذلك ؟  وايضاً البشر منذ ان وجدوا و هم جزء من الطبيعة ، ولا اعتقد بأن الإلحاد يحذف البشر كجزء من الطبيعة ، و كل هؤلاء البشر لهم "ديانات" منذ ان وجدوا ، ويعرِفُون بالفطرة بوجود إله ، هم اختلفوا في نوعه وعدده ولكن لم يختلفوا في وجوده . والإلحاد هو شذوذ عن القاعدة ، اي شذوذ عن الطبيعة البشرية..

كذلك العقل البشري جزء من البشر ، اي جزء من الطبيعة ، والعقل الطبيعي للإنسان يعرف ان لكل مصنوع صانع ، بتلقائية طبيعية كذلك ، ولكن الفكر الإلحادي يرفض ذلك بدون دليل قطعي من الطبيعة نفسها ، وهذا شذوذ آخر عن الطبيعة .

كذلك : لماذا يحب الفكر الإلحادي تغيير الطبيعة ووجهها دائما من خلال افساح المجال للعبث بالطبيعة بحجة العلم والسيطرة  ؟ هذا ما يدعو إليه مذهب (ما بعد الإنسانية) الإلحادي . ثم لماذا يرفع الفكر الإلحادي شعار انتصار الانسان على الطبيعة ، والذي يمثله السوبرمان النيتشوي الالحادي الذي سيقهر الطبيعة ويكون إلهاً ؟

والمشاعر الإنسانية ، اليست جزءاً من الطبيعة ؟ فهي الطبيعة المعنوية للإنسان بإزاء الطبيعة المادية له . لماذا تُقمَع ولا تعتبر دليلا على شيء ؟ بل لا يُعترف باستقلالها ولا بوجودها ، و يُعطَى العقل والعلم مكانها ؟ بل إن الفكر الالحادي يفخر بانتصاره على المشاعر بحجة العقلانية ، وهذا خروج على الطبيعة . اذاً اين احترام الطبيعة والارتباط بها كما يزعم الفكر الملحد ليمرر نفسه على الناس ، مُستغلاّ حب الناس للطبيعة ؟

إن الفكر الالحادي لو كان وحده الذي يعمل في الساحة ، لكان بموجب ما سبق ، كافياً لإفساد الارض والبيئة والطبيعة والانسان ؛ لأنه لا يحترم قوانينها وتركيبتها ويريد تغييرها ، ثم يتمسّح بعباءتها التي يريد تمزيقها ، فايهما الذي يريد أن يرجع للآخر : الملحد إلى الطبيعة ، أم الطبيعة إلى الملحد وما يدور في راسه من افكار وأمنيات نتشوية ؟

كذلك الشذوذ الجنسي ، فهو غير مرصود في الطبيعة ومخالف لها ، ومع ذلك يدافع عنه الفكر الملحد من باب الحرية ، فهو غير موجود في الطبيعة لأنه لا غاية له . وكذلك السّكر والمخدرات التي ليست من طبيعة الإنسان ، وهي مواد مصنوعة و سمومية ، أي ليست طبيعية ، ولا يحتاج إليها جسم الإنسان كغذاء ، بل هي مضرة له ، لكن الفكر الإلحادي لا يرى باساً بها ، بل يشجع عليها ، كمخالفة من ضمن آلاف المخالفات للطبيعة . وليس من الطبيعة ان يتغذى الإنسان وحتى الحيوان على الكحول والمخدرات .

كذلك الآداب العالمية تدور اكثر ما تدور ، ومنذ بداية التاريخ ، حول موضوعين ينكرهما الإلحاد كلاهما ، وهما : الإله ، والحب . لأن كلاهما (الإله و الحب) غير خاضعين للمختبر العلمي .

ومن طبيعة الانسان الاصيلة : الاهتمام بالقيم والاخلاق ، بينما الإلحاد يريد ان تُقدّم المصالح على الاخلاق ، كمعاكسة للطبيعة البشرية ، وهو لا يعترف بوجودها كحقائق مطلقة .

والإلحاد يريد ان يصنع للطبيعة تاريخا ملفّقاً ، يخدم الإلحاد أكثر من خدمته للحقيقة ، كنظرية التطور غير العلمية واللا طبيعية ، أي يقدّم الطبيعة بغير صورها الحقيقية ، ويريدنا ان نصدّق أن الثيران قفزت إلى البحر وصارت حيتاناً . وتطورت الاسماك لتصنع الانسان ، وإذا صدّقناها فعلينا ان نصدّق بخرافة عروس البحر كحلقة مفقودة ، لأن نصفها إنسان ونصفها سمك .

الالحاد يؤيد الصراع ويؤصِّل له في الطبيعة ، وبالتالي يؤيد القوة والراسمالية ، مع ان الصراع ليس هو الاصل في الطبيعة ، بل الانسجام والخضوع للقوانين . وطبيعة الانسان لاتحب الصراع ، بل تحب السلام والانسجام . والصراع يدمر الطبيعة ، انظر ماذا فعلت الحروب في البيئة والاحياء . والاشياء تتوازن مع غيرها وليست تتصارع ، وصوَّر لنا الفكر الملحد أن الماء يصارع التربة ، بينما هو ينسجم مع المرتفعات والمنخفضات التي في التربة . كما أن الأيديولوجية الإلحادية شوهت الطبيعة والعلم بسبب فكرة العشوائية ، مع ان الطبيعة تقوم على النظام ، وإلا فما كان للعلم وجود ، والذي هو تسجيلٌ لأنظمة الطبيعة وقوانينها . 


والنزعة العلمية ليست طبيعية ، لأن الانسان لا يستطيع ان يعيش بها وحدها ، وما لا يستطيع ان يعيش به وحده لا يستطيع ان يكون قاعدة ، وليس له في عالم الطبيعة والحيوان أي وجود ، إذاً هي نزعة غير طبيعية . ليس بالعلم المختبري وحده يحيا الإنسان .

الفكر الإلحادي هو اصلاً مخالف للطبيعة وعدوٌ لها .   

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق