الخميس، 5 يوليو 2018

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 30 الأخيرة



(الدقيقة : 14) يتحدث الدكتور بشكل عام عن عائلة أشباه الإنسان الأول، وأننا من هذه العائلة، ولكن ليس كل أشباه الإنسان هؤلاء بشر. ويذكر الدكتور أن عائلة أشباه الإنسان الأول مع القرود تشكل ما يسمى بالأناسيّات، وهذا أحدث شرخاً كبيرا لدى التطوريين تصنيفياً، إذ يوجد بعضهم من لا يرى فروقا كبيرة بين القرود وأشباه الإنسان الأول ويصر على أن يوضعوا جميعا في رتبة واحدة، وهؤلاء هم الأكثر تعصباً لنظرية التطور، منهم جاريد دايموند التطوري الصلب، صاحب كتاب (الشمبانزي الثالث) التطوري، وكتاب (أسلحة ، جراثيم ، وفولاذ) في السياسة والتاريخ وصراع الحضارات. بينما دونالد جوهانسون مكتشف حفرية لوسي يرى في كتابه (من لوسي إلى اللغة) أن التصنيف التقليدي للقرود وأشباه الإنسان تعرض للشكوك والخلخلة، وذلك بسبب الدراسات على المستوى الجزيئي، مثل مشابهة الدي ان أي بينهما، وغيرها كثير. هذا عدا أن مسألة تحديد النوع وتعريفه صعبة جدا، من أيام كارلوس لينيوس مؤسس علم التصنيف حتى اليوم، ويذكر جوهانسون أنه يوجد مقترح من علماء استنادا على الدراسات الجزيئية، ومن أكبر المتحمسين لهذا الإقتراح هو ريتشارد داوكينز، وهو القيام بعملية تهجين بين الإنسان والشمبانزي، ومراقبة ماذا سيكون الهجين، وهذا قد يحسم الجدل بين التصنيف التقليدي والتصنيف التطوري المقترح بحيث يصبح القرود وأشباه الإنسان كلهم (ومن ضمنهم الإنسان) تحت تصنيف واحد بدون تفريق بينهما.

الرد : ما الذي يمنع من ذلك عندهم؟ الغرب يسمح بالزواج من الحيوانات، ويعتبرونه حقا من حقوق الإنسان. فأي مانع أخلاقي يمنعهم عن التجربة و هم يبيحون الزواج من أي حيوان؟ لا بد أنها حصلت عملية جنسية في الواقع، وما دام هؤلاء العلماء الكبار يرون أن الشمبانزي والإنسان نوع واحد، و هم ملاحدة، والملحد لا يرده أي شيء، فلماذا لا يُجرون التجربة بأنفسهم أو على غيرهم؟ طبعا هذا لا يمكن، لأن القرد نوع من القوارض أصلا، وليس من الإنسان.  

وسوف يستمر هذا الشك والإرباك في معرفة النوع وتصنيفه، لأن التصنيفات قائمة على أساس أدبي وليس علمي ، ومشكلة نظرية التطور قائمة على هذا التصنيف غير العلمي والقابل للتغيير دائما، لا يوجد شيء اسمه علم التصنيف لأن التصنيف ليس أمرا علميا، إنها مقترحات ومقاربات وإجتهادات أدبية.

حقيقة الحياة والأحياء تشبه أجزاء جسم الشجرة، فالجذر له عمل والساق له عمل، والأوراق والثمار، كلها تشكّل الشجرة، لكن لكلٍّ وظيفته. إذا عمّمنا هذه النظرة على كل الحياة والبيئة نجدها متطابقة. لكن سر الحياة لا أحد يعلمه، أما وظيفة الحياة فيمكن أن نعلمها. مثلما الغصن والزهرة لهما دور في حياة الشجرة، كذلك نجد للطيور أو الحشرات أو الأسماك نفس الدور ولكن في شجرة الحياة كلها. وكأن الحياة شجرة كبيرة، لكلٍّ عمله ووظيفته، لكن لا يمكن تحديد الحياة، هل هي في الساق او في الجذور او الأوراق؟ وعلى هذا الأساس ينتفي التصنيف من ناحية علمية، ويبقى التصنيف في سياقه الأدبي من أجل التعريف ليس إلا.

أين هي الحياة في الشجرة بالضبط؟ في الزهرة أم في الجذر أم في الثمرة أم في الورقة أم في هذه البذرة الميتة التي تعود للحياة إذا سقيت؟ إنها كلها مع بعضها تسمى شجرة، لكن تقسّم إلى أوراق وجذور وسيقان لأجل التعريف ليس إلا، فإذا قلت الشجرة، فهل تعني ساقها وهو خشبة لوحده؟ أم أزهارها وهي مصيرها الذبول لوحدها؟ أو أوراقها وهي تجف وتسقط؟ الشجرة هي كلها مع بعضها، تسمى شجرة، كذلك الحياة بكل توازناتها، لا تستطيع أن تحدد ما هو الجزء الصالح أو الأصلح أو الأكثر تطورا، أو ما هو العنصر الأساسي أو الرئيسي، لأنها كلها محتاجة إلى بعضها البعض، مثلما تحتاج الشجرة إلى ترابط أجزاءها. أما تفكيكها فهو يفسدها، مثل تفكيك الشجرة، لا يبقيها شجرة.

نظرية التطور نظرية أدبية و فلسفية وليست علمية. كيف يقوم العلم على أدب؟ هذه بحد ذاتها تكسر نظرية التطور لمن تعمق بتأملها. التصنيفات قائمة على التشابهات، والتشابه ليس معيارا علميا، وذلك لأن التصنيفات هذه قامت على حالة من الفوارق أكبر من حالة التشابه، فكيف يكون التفاح والورد والنّبق من فصيلة واحدة؟ مع أن الثمار تختلف والأجواء والتربة تختلف؟ كل نبات له ظروفه. ولو كان علم الجينات كما يقولون دقيقا ومفصلا لأفتى لهم في هذه المشكلة العويصة وهي مشكلة التصنيف، وهذا يكسر احتجاج التطوريين بالجينات والكروموسومات. لأنها لم تحل أبسط مشكلة عندهم وهي مشكلة التصنيفات للأنواع. هم لم يستطيعوا أن يصنفوا، فكيف يحكمون أن هذا متطور من هذا أو من ذاك؟ وأيهما المتطور وأيهما القديم المتخلف؟ المسالة مسألة تخمين وتصنيفات وضرب من الخيال وافتراضات، فقط لأنها تقدَّم بإسم علمي صارت علمية ومفروضة على الجميع.

(حتى نهاية الحلقة) تحدث الدكتور حديثا مطولا حول عرض خطة توضيحية لمعرفة معاني المصطلحات التطورية الخاصة بأشباه الإنسان وتصنيفها، بالإمكان الرجوع إلى الفيديو للإطلاع عليها. ثم تحدث الدكتور بعدها عن الفروق بين الفرعين الكبيرين لأشباه الإنسان وهما : الهومو (إنسان) والأسترالوبيثيكس (قرد جنوبي) ، فيذكر أن الجمجمة لدى الهومو أكثر إتساعا، وبالتالي الدماغ أكبر، منه عند الأسترالوبيثيكس. وأكبر جمجمة إتساعا في الهومو تصل إلى 2000 سم مكعب، وهي لدى النياندرتال، أكبر من جمجمة الإنسان العادي. ولكنه ضعيف وانتصر الإنسان العادي عليه، وقد اثبتت دراسات سابقة أنه إلى جانب متانة النياندرتال الجسدية وحاسة الشم القوية لديه، إلا أنه كان غبيا. ولكن هذا غير صحيح، إذ لا توجد أدلة على أنه غبي، فحتى لو أخذ حجم الدماغ بالاعتبار لا يبدو أنه كان غبيا.

من الفروق بين الهومو والأسترالوبيثيكيس : الميل إلى الطول في القامة، خاصة في الطرفين السفليين. فبالمقارنة بين أول هومو وبين الإنسان الموجود حاليا سيكون الإنسان الموجود هو الأطول. ومن الفروق بين القرود والإنسان بخصوص الأطراف العلوية والسفلية أن يدي القرد أطول من ساقيه، بينما ساقي الإنسان أطول من يديه.

كذلك من الفروق بين الهومو والأسترالوبيثيكيس : الزيادة في وزن الجسم، فالهومو أكثر وزنا. ومن الفروق أيضا : تقلّص الإختلاف الشكلي بين الذكر والإنثى، فالهومو أقل إختلافا شكليا بين الذكر والإنثى منه عند الأسترالوبيثيكس وكذلك القرود كالغوريلا مثلا. ولهذا قد يأتي بعض الباحثين في التطور اثناء دراسة عينات من الجماجم، فيقول عن جمجمة صنفت على أنها لهومو يقول أنها تعود لأسترالوبيثيكيس أنثى، وذلك لأن أنثاه أصغر أسنانا، وبالتالي تصبح أشبه بالهومو سواء ذكر كان أو أنثى.

كذلك من الفروق : صغر عظام الوجه، وصغر جهاز المضغ كالفكين والأسنان. واستمر الدكتور في طرح بعض الفروق بالإمكان العودة إلى الفيديو للإستزادة.

بعدها يطرح الدكتور السرد الزمني لإكتشاف الحفريات البشرية، والذي كان أولها إنسان النياندرتال عام 1856. اذ كان عمال عاديون يحفرون في وادي نياندرتال، ووجدوا قحف لجمجمة وعظمة فخذ، وكان لهؤلاء العمال مدرس هاوي لجمع الحفريات، قرر هؤلاء العمال اعطاء العظام لهذا المدرس، ولما رأى القحف لأول مرة أدرك أنها لا تعود لإنسان عادي ولا تعود لقرد، ويذكر الدكتور أن العلماء المتخصصون يعرفون من القحف كيف سيكون شكل الجمجمة كلها بشكل تقريبي وقريب للحقيقة. مثلما قال كوفييه الفرنسي أنه يستطيع أن يرسم شكل الكائن من سنه.

الرد : لاحظ أن الدكتور والتطوريين يسمونها أشباه الإنسان، يعني هي ملاحظات خارجية تلحظها العين في أكثر الأحيان، وتدور حول الجسم والهيكل فقط. ما يسمونه أشباه الإنسان تشبه الإنسان بعض الشيء لكنها في أكثر الأحيان تشبه القوارض، كنمط حياتها وسرعة حركتها وسرعة قضمها بل واصواتها تشبه أصوات الفئران والجرذان.

وقضية الشبه بالإنسان لها وجوه كثيرة وليس فقط الهيكل، فالببغاوات أشباه الإنسان في النطق، بل أفضل من الإنسان حتى، ومن ناحية الصوت نجد صوت الماعز أو الكلب أقرب لصوت الإنسان من صوت القردة التي تشبه في زعيقها القوارض. والكلب يشبه الإنسان في حفظ الود وحماية المكان، ويحمي غيره أيضا. بل حتى فراء القرود ونوعية معيشتها وبيئتها وما تتغذى عليه والمناخ الذي تعيش فيه يُدخلها في عالم القوارض، حتى عيونها تشبه عيون القوارض ولا تشبه عيون الإنسان. وهذا ليس تصنيفا علميا، لكنه تصنيف أدبي أقدمه هنا، فالقردة تحب التسلق وتأكل المكسرات والفواكه.

طبيعة معيشتها لا تشبه الإنسان إطلاقا، بل نجد في الطيور ما يشبه الإنسان أكثر، كالنظام الاجتماعي عند الغربان ومحاكمة الغراب الذي يعتدي على العش، بل ويدفنون الميت. والغراب بشكل عام أذكى من الشمبانزي وغيره، وبالتجارب الموثقة. وهذه السعادين والقردة لا تشبه الإنسان في نمط حياتها، فهي لا تبني لا عشا ولا بيتا، بينما نجد من الطيور ليس فقط من يبني البيت، بل يزينه بالورود لأجل إغراء حبيبته، أي يشبه الإنسان أكثر، بينما القرد ينام في العراء والثلج، لماذا لا يقال أن هذا متقدم تطوريا؟ فهو يعرف الجمال والزينة، ترى لو كان القرد يعرف ذلك، ماذا سيقولون؟ لماذا يقفون عند الشكل والهيكل فقط؟

لا تنس أن الطيور في سلم التطور هي الأغبى من الثدييات، لكن في الحقيقة هي الأذكى باستثناء الإنسان. لا ننس كيف تهتدي الطيور عبر القارات والمحيطات وهي صاحبة الرقم واحد في بُعد الهجرة ودقة الوصول إلى نفس العش مهما تغيرت الظروف الجوية. القرود لا تفعل هكذا، بل إن الكلب أذكى من القرد لأنه قابل للتدريب والحماية. ماذا بقي للقرد؟ كل ما في الأمر أن هناك شبها بسيطا في الهيكل فقط بين القرد والإنسان، وهذا ناتج لطبيعة الوظيفة التي يؤديها القرد والتي تحتاج للتسلق.

أما جسم الشمبانزي فهو أصغر من الإنسان بكثير، ويديه أطول من رجليه عكس الإنسان، وجسمه مغطى كله بالشعر عكس الإنسان، وعيونه متقاربة بشكل كبير ولها نفس عيون وحركة القوارض، وأذنه لا تشبه أذن الإنسان. وأنفه لا يشبه أنف الإنسان، ولا يمشي على قدمين، لأن يديه طويلتين. بينما الطيور تمشي على قدمين، اذن لا بد أن تكون اقرب للإنسان. النعامة تمشي على قدمين وليس لها ذيل، مثل الإنسان في هذه الناحية.

بل من القردة الدنيا من أنفه يشبه أنف الإنسان. وعيون القرود تشبه عيون القوارض 100% ، فهي ذات لون واحد. واسلوب القردة يشبه اسلوب القوارض من ناحية التخريب والأكل من غير حاجة. إذا أدخلت مجموعة من القرود في مزرعة، فهذا يشبه أن تدخل مجموعة من الجرذان في مستودع، النتيجة متقاربة : تكسير وتخريب وسرعة هروب.

القرد يستخدم فمه كثيرا وبأسنان حادة، وهذا يجعله قريبا من القوارض التي تتميز بأسنان أمامية عريضة لا تستخدمها فقط للأكل، بل للهجوم أو التقشير أو التخريب. فأسنان القرد تشبه أسنان السنجاب والراكون وغيرها. إذن القردة وظيفيا عبارة عن استكمال لوظيفة القوارض، فالقردة لا تعيش على اللحوم وإن كان الشمبانزي يفترس من نوعه أحيانا، تماما مثل الجرذان التي تفترس أحيانا صغار طيور الحمام. وبعض هذه القرود ليلي وبعضها نهاري.

هي حيوانات غير مسخرة للإنسان مباشرة، أما الكلب والقط فهي مسخرة تسخيرا مباشرا، لذلك الناس يربون القطط والكلاب ولا يربون القردة في بيوتهم، إلا نادرا وفي أقفاص محكمة، مع أنها عليا وتشبه الإنسان، لكنها في الحقيقة تشبه القوارض، ويضعونها في قفص خوفا من تخريبها.

القوارض بشكل عام هي الجهات المتهمة بالفوضوية والتخريب بالنسبة للإنسان، والقردة على رأسها، لأنها متسلقة أغصان وتقفز من غصن إلى غصن إذن هي من رئيسات القوارض ولا علاقة لها بالإنسان إطلاقا إلا بشكل الهيكل فقط، وإلا فلا علاقة لا من ناحية معنوية ولا من ناحية مادية. القردة قوارض عليا، إنها لا تملك وفاء الكلب ولا فهمه، لذلك الكلب صديق الإنسان منذ القدم وهو حارس الإنسان. أما القردة فانظر ماذا تفعل عندما تهجم على قرى أو مزارع، إنها مفسدة. وأين هو ذكاء القرد؟ إن ما لديه من قدرات ذكائية هو مجرد سرعة حركة، وهذه ميزة القوارض كلها. انظر إليه وهو يأكل أي شيء، تجده يأكله بسرعة وبفوضى. وابحث عن من يشبهه من الحيوانات، ستجد أن السنجاب مثلا طريقة أكله تشبه طريقة أكل القرد، لأنه يستخدم يديه ويقشر المكسرات بسرعة فائقة بأسنان مجهزة. ويستطيع القرد بأسنانه أن يقشر البندق والحب، ألا يدل هذا على أنه من القوارض؟ لأنه يشبه السنجاب. والقرد معتدي مثلما الجرذان قد تعتدي، فهي تعتدي بالعض. نريد أن نعرف الفروق بين القردة والسعادين والقوارض! ما الفرق؟

هذا يرسم بقية الجسم على قطعة من الجمجمة، وذاك يرسم على السن بقية الجسم، ما الفرق؟ هنا نجد مساحة القدرة على التجديف والضرب بالغيب، تلبّس لباسا علميا.

لو وجدنا عظاما أو جماجم لصينيين أو من أهل استراليا الأصليين، وقدمناها لمن لا يعرف هذا العنصر البشري، لبدأ بتشغيل خياله والاستنتاج من خياله، تماما كما يفعل التطوريون. مثلما وجدوا رؤوس سهام من الحجر، فسمّوا ذلك العصر بالحجري، على أساس أنهم متخلّفون ولا يعرفون إلا الحجارة، وهذا تخريف، لأننا لم نطّلع على آثارهم بالكامل، مع أن من ضمن آثارهم كأسا ذهبية لها مقبضين كلاهما على شكل حصان! فهل نقول أن هذا العصر حجري أم ذهبي؟ إنها مجرد تخرّصات ليس إلا، و لمَّا وجدوا قطع سلاح من البرونز أصبح يسمى ذاك العصر كله بالبرونزي وهكذا تخرّص في تخرّص. كيف يُصنع مثل هذا الكأس الذهبي الدقيق الصنع بأدوات حجرية؟

لقد وضعوا كلاما وخيالا علميا عن النياندرتال ثم نفوه بأدلة جزيئية، لو لم يتم نفيُه بتلك الأدلة لاستمرّ على حاله كلاما علميا مقدّسا والويل لمن يخطّئ هؤلاء العلماء الأجلاّء! الحقيقة أن الإنسان منذ وجد وهو إنسان، بكامل قدراته وقواه التي لا تتغير. ثم : ما الذي أدى لانقراض إنسان النياندرتال وها هو يصنع الأدوات ويطبخ بالقدور ويشعل النار؟ هل هذا شيء يعقل؟ كيف ينقرض بالكامل بينما الأجناس البشرية الموجودة كلها موجودة؟ مع أن الحروب الطاحنة مستمرة، وتوجد أمة أقوى من امة ولكن لم تقض عليها بالكامل، لماذا يقدّمون كلاما لا يُعقل ويراد منا تصديقه؟ ما الذي جعل النياندرتال ينقرض بالكامل مع أنه يصنع أدواته ويصيد ويطبخ؟ وكيف قضينا عليهم؟ ولماذا نقضي عليهم ولم نقضي على القرود؟ ما هذه الأفكار الامبريالية المريضة؟ كفكرة البقاء للأقوى؟ في كل تاريخ البشر لم ينقرض أي نوع من أنواع البشر، لأن فكرة الانقراض مجنونة أساسا، بل غير معقولة حتى عند الحيوانات والأشجار. كان الأجدى أن تنقرض أعداء الإنسان مثل الحيات والعقارب والحيوانات المفترسة التي لا يزال يقتلها من أمد الآمدين. لم ينقرض من ذلك شيء سوى النياندرتال الذكي والمسالم والصياد والذي يصنع الاسلحة ويشعل النار ويطبخ طعامه، كيف يقضى عليه وهو يحمل سلاحا؟ ولا تنس أنه هو الأكثر. هذه من مفرقعات التطوريين، المفرقعة الثانية أن اكتشاف النياندرتال والديناصورات كلها قبل طباعة كتاب داروين بثلاث سنوات تقريبا! إنه عمل منسق.

الكلام حول الانقراض غير منطقي ولا واقعي. الخطر يأتي من الكثافة وليس من الانقراض، وهذا دائما مطلقا. لذلك توجد مكافحات طبيعية للكثافة في الطبيعة ولا توجد مكافحات طبيعية للانقراض. مثل الامراض والحيوانات المفترسة والحرائق الخ، هذه كلها تكافح الكثرة، لكن لا توجد مكافحات طبيعية تكافح الانقراض أو القلة، لأنه لا يمكن أن يكون. هيا شدوا حيلكم وأفيدونا أن الذباب او الجراد او القمل او الجرذان انقرضت بكل الأدوات الكيماوية!   

الاستدلالات على العصور بما فيها الاستدلال على الإنسان كلها استدلالات أدبية وليست علمية. بسبب بسيط وهو أننا لم نطّلع على كل حياتهم، هذا يشبه من وجد قبرا قديما مبنيا من الجص (الجبس)، فيقول حينها معمّما أن أهل ذاك الزمان كانوا يستخدمون الجصّ في كل شيء في حياتهم، ويسمي عصرهم بـ (العصر الجصّيّ). هذا ضربٌ من الخيال العلمي وليس العلم. ومن سيأتي بعدنا على هذه الطريقة في التفكير، سيقول عن عصرنا أنه العصر السيراميكي، لأنه هو المادة الوحيدة التي تبقى بلا تحلل، وسيستغرب من كثرة استخدامنا للسيراميك وسيسمينا أصحاب العصر السيراميكي أو الحمّامّي أو الحمّامّيون لكثرة استخدامنا الحمامات، لأن كل الإثباتات سوف تتحلل إلا النقوش الموجودة على السيراميك، وذلك بسبب كثرة استخدامنا لدورات المياه، مما يدل على إسرافنا في الأكل، مما يعني ضخامة أجسامنا، ويسمونا الانسان الديناصور وهكذا .. وسوف يكون هناك إختلافات بين الباحثين : هل المغسلة كانت تستخدم كمرحاض أم ماذا؟ أم أنها هي الصحون التي نأكل بها؟ مما يدل على كثرة استخدام الحمامات ما دامت هذه هي الصحون الكبيرة التي كانوا يأكلون بها، أما البانيو (حوض الإستحمام) فسوف يستنتجون منه أننا كنا نعيش حياة اجتماعية، وأنه عبارة عن صحن كبير يقدّم لضيوف كثر. وسيستدلون من ذلك على كثرة العائلة، هذا إذا افترضنا أن حضارتنا انقطعت وجاء باحثون يدرسوا آثارنا، ويحاولون معرفتنا من آثارنا.. المسألة خيال.

وفي خبر صادم لنظرية التطور والتطوريين، إذ كانوا يعتقدون أن الإنسان المعاصر وجد في أفريقيا قبل 200 ألف سنة، لكن جاءت إكتشافات تثبت أن الإنسان أقدم من ذلك بكثير.

هناك تعليق واحد :