السبت، 2 فبراير 2013

رد على الاخ / محمد أكرم ابو غوش في مجموعة (الحوار العقلاني بين الإسلام والمذاهب الإلحادية) على الفيسبوك ، حول موضوع العين والسحر ..


 
محمد أكرم أبو غوش أخي الكريم،

أوَّلاً: أريد منك أن تتمهَّل كثيراً قبل الحكم على مثل هذا الأمر، وأن تتعلَّم أصول الاعتقاد كي لا تقع في الخطأ وأنت لا تدري.

ثانياً:

عندما تقول: "فكرة العين غير منطقية".

فأنت تدَّعي أنَّها ممتنعة لذاتها، وليس ذلك بصحيح...

بل هي ممكنة لذاتها...

والعالم له قوانين نعلمها وقوانين لا نعلمها...

وعدم علمنا بهذه القوانين لا يعني أنَّها ليست موجودة.

وهناك اقترانات تأثيريَّة بين الموجودات الممكنة تُعرف بالتجربة، والسحر من ذلك، فقد يتعلَّم الساحر أنَّه إن نطق بكلمات معيَّنة مرض شخص معيَّن، فهذا التَّأثير لهذه الكلمات أمر ممكن.

(((
وكلُّ هذه التَّأثيرات من التَّأثيرات العاديَّة، أي إنَّها اقترانات بين الأشياء، ولا مؤثِّر في وجود أيِّ شيء من الحوادث إلا الله تعالى، فهو تعالى خالق كل شيء، ولا مؤثِّر في الحقيقة إلا الله تعالى))).

قولك: "والقرآن يثبت عدم تلبس الجن بالإنسان ، وعدم إمكانية رؤية البشر للجن ، {إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم} ، أي لا يمكن لبشر أن يرى الجن ، لا على حقيقته ولا متلبساً بكلب أو قط اسود أو غيره ؛ لأنهم من عالم الغيب ، وهذا بإثبات القرآن ، مثلما أنه لا يستطيع رؤية الملائك".

أقول: الاستدلال ليس بصحيح...

فالجن يروننا ((من حيث)) لا نراهم، فحقائقهم لا نستطيع رؤيتها، لكنَّ الجنّ لو تشكَّل بصورة إنسان أو كلب صحَّت رؤية هذا الجسم، ولا ينقض ذلك دلالة الآية الكريمة أصلاً
.

الرد :

انت الان تثبت اننا نراه بعد ان تشكل ، و نراه يعود الضمير على الجن ، اي في النتيجة اننا نرى الجن ! والقرآن يقول : من حيث لا ترونهم ! أي اصبحنا نراهم ! بعد تشكلهم ! اذن ما موقفنا من الآية التي تنفي امكانية رؤيتهم ؟

و "حيث لا ترونهم" ، لا تؤيد وجهة نظرك ، لأن معناها : أن المكان الذي يروننا منه لا يمكننا رؤيتهم منه .. والجن المتشكل يرانا ، اليس كذلك ؟ و انت تقول اننا نراه بعد تشكله ، اذن فمعنى هذا اننا نراهم من حيث يروننا ، ويروننا من حيث نراهم ، خلافا للآية ! اي بعد أن تشكلوا صاروا يروننا و نراهم ! والآية تقول : من حيث لا ترونهم ، فيترتب على هذا أن الجن المتشكل لا يرانا ، حتى لا نراه فنناقض الآية ، وحينها ينبغي ان تقول أن الجن المتشكل لا يستطيع ان يرى البشر !! 

قولك: "هل من فائدة واحدة لوجود العين أو السحر أو الجن كعوامل مؤثرة غير أن يُصرف الخوف إلى غير الله الضار و النافع وحده"؟

أقول: ابتلاء النَّاس
.

الرد :

الناس تنظر الى هذا الابتلاء باعتبار نتيجته ، وهي المرض او الفشل او الفقر او الجوع الخ .. وهذه الامور ذكر الله انه يبتلي بها عباده مباشرة بلا عين ولا غيرها .. ولم يذكر القرآن ان هذه المصائب تأتيكم عن طريق عيون خلقي ! بل نسبها إليه مباشرة ، اذن لنربط السبب بالمسبب ، ونلجأ إلى الله بالكامل .. بدون وسائط للبلاء ، بعبارة أخرى : انت تعترف ان البلاء يقع من دون العين ، اذن ما فائدة ان تكون العين داخلة في الابتلاء ؟ والقرآن نسب وقوع البلاء الى الله مباشرة بشكل عام .. ومطالبين أن نؤمن بهذا الشيء .. وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ [الفجر : 16] لاحظ الابتلاء مربوط بالله مباشرة ، والابتلاء اختبار ، والعائن لا يختبر احداً ، فلنربط الابتلاء كما ربطه الله ، أنه منه وليس من احد غيره ، وليس الله بحاجة أن يفوض احدا يبتلي خلقه من دونه ..

و الله هو الذي قدر عليه رزقه ، بدون ارادة احد ، لأن العائن له ارادة ، وهو الذي اراد الحسد ، ولم يفرض الله عليه ان يكون حسودا ، فإذا ضر فسيكون ضرره بإرادته ! و هنا دخلنا في القدر ، لأن القدر والغيب بيد الله وحده و إرادته وليس بيد أحد من خلقه ولا بإرادته إن شاء فعله وإن شاء لم يفعله ! بما ان الله اعطى الارادة الحرة ، فالله لا يتدخل في الاختيار (انا هديناه السبيل اما شاكرا اوما كفورا) ، وكذلك يحدد ان يكون حسود او غير حسود ، و بالتالي صار ضرره بغير ارادة الله ، لأن الله فوضه بالاختيار .. فالنتيجة : ضرر غيبي متعلق بغير ارادة الله ..

الحسد عمل شر ، مثله مثل الكذب أو النميمة او الغش .. انت لا تقول ان الله هو الذي فرض عليه ان يكون غشاشا او كذوبا ، لأنه سيقول : ما ذنبي اذن حتى أعذّب ؟ والله لا يعذب نفسا الا بما كسبت بنية و قصد .. فالله لا يظلم احد وهو مجبور أن يفعل السوء .. قال تعالى (هديناه النجدين) (اما شاكرا واما كفورا) (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) اي الجميع يفعل الخير او الشر بمحض ارادته واختياره ..

والعائن تقول انه حاسد ، و الحسد شر ، وهذا الشخص اختار الشر بارادته ، اذن اثـّر بالمعيون بإرادة حرة .. و هنا مشكلة في العقيدة على ما يبدو ، أن يستطيع ان يضر الناس احد بإرادته وعن بعد بطريقة لا تفهمها العقول ولا تدركها الحواس ، اي بطريقة غيبية تشبه القدر .. ولو شاء هذا الحاسد لحسد او أوقف الحسد .. و بالتالي يقف تاثيره الغيبي .. ثم كيف يضر وهو لا يعرف ماذا فعل ؟ و هل يدان احد بالضرر وهو لا يعرف ماذا فعل ؟ و "لا يعرف" غير "لا يقصد" ..

الله يحاسبنا على الضرر المعروف كيفية تنفيذه ، فالسارق يعرف ماذا فعل من ضرر ، والناس يعرفون .. لهذا يدان ويحاسب في الدنيا والاخرة .. اما العائن فلا يعرف ماذا فعل ، ولا الناس لا يعرفون كيف استطاع ان يضر ..  و كيف يستعمل احد الغيب فيضر به بينما لا احد يعلم الغيب ؟ لان الغيب كله من قبل الله ، ولا احد يعرف كيفية الضرر من قبل العائن ، وما لا تـُعرف كيفيته لا احد يتحمل مسؤوليته ، لانه لم يتم عن وعي ، و بالتالي لم يتم عن ارادة .. واذا قلت ان القدر هو الذي يساعد العائن ، فالله لا يعين على الشر ، و الله لم يساعد الشيطان بشيء وهو الحاسد الاكبر ، ولم يسخـّر القدر لخدمته ، فكيف يسخـّره للعائن ليؤذي الابرياء بدون ذنب ؟

الله وعد بنصرة و مساعدة من ينصره ، وليس بمن يخالف امره و يحسد الناس . اذن لماذا العائن بالذات ينصره القدر ؟ مع انه يمارس شراً او يقصده ؟ في هذا تمكين للاشرار بأن القدر يدعمهم ، بينما لا يوجد بالمقابل أخيار يساعد القدر عيونهم على تغيير حالة الناس للافضل ، والله ليس بشرير ، بل الله يناصر الاخيار ولا يناصر الاشرار .. فالشخص الطيب عينه لا تفيد بشفاء مريض ، لكن الحسود عينه ترمي بالصحيح الى المرض ! لا اظن من اللائق ان ينسب هذا لله ..

انظر الى دعوة الانسان الخيّر ، يستجيب لها الله ، وانظر الى دعوة الاشرار لا يستجاب لها ، قال تعالى (انما يتقبل الله من المتقين) ..

حتى ابتلاء الله على شكل مصائب لا يجعله الله بيد الاشرار ، لان في هذا نصرة لهم ، و هذا يجرنا الى فكرة المس من الشيطان الشرير ، فكيف يضر الانسان البريء ؟ وان قلت انه ابتلاء ، فكيف يجعل الله الابتلاء بيد الشيطان الشرير ؟ ان في هذا نصرة للشيطان وللحاسد الشرير ، بينما ليس له مقابل ، فلا يوجد ملاك يمس الانسان ليصبح سليما و طيبا .. وهذا يخالف عدل الله و نصرته للخير والاخيار ..

فكرة العين والمس وتغيير الحقائق من قبل الساحر ، اذا فـُهمت بهذا الشكل ، فهي تعني قوة بيد عالم الشر ، ومن العجيب ان يكون الله الخيّر هو الذي يمدهم بهذه القوة ! وهذا لا يتناسب مع عدل الله ورحمته ومحبته لعباده الاخيار ..

كل ما يفعله الشيطان هو الوسوسة (وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي) ، ولو كان عنده قدرات اخرى كالحلول او التشكل لذكرها ..

اذا وضع الله الابتلاء بيد الاشرار ، فهذا يعني اعطاءهم سلطانا وقوة لم يعط الاخيار مثلها .. الله يبتلي مباشرة ، وهو القاهر فوق عباده ..

هل الله يجعل للاشرار سلطانا على الاخيار ، ولا يفعل العكس ؟ الشيطان يستطيع متى ان اراد ان يمس الانسان ليجعله مجنونا ، بينما العكس لا يكون ! وهذا الفارق في القوة اعطاه الله الخيّر ! الحاسد العائن يضرّ الاخيار بعينه ، بينما العكس لا يكون ! حتى لو تراجع الحاسد لا يستطيع ان يـُصلح ما افسد !

واذا قلت ان الذكر والقران يحمي من عين الحاسد او دخول الجن ، فلماذا سلاح المؤمن دفاعي فقط ، بينما سلاح الاشرار هجومي ؟ هذا الوضع في اصالح الاشرار ، المدافع هو في حالة ضعف .. قال تعالى (ولا تهنوا وأنتم الأعلون) ، وليس الاشرار هم الاعلون ..

وحتى السحر هو تأثير وتخييل ، وليس تغيير لحقائق الاشياء ، والا لكان قدرا ومعجزات تخالف قوانين الحياة والمادة ، قال تعالى ( يخيل اليه من سحرهم انها تسعى) بينما هي لا تسعى .. قال تعالى (ولا يفلح الساحر حيث اتى) لأنه كذاب ومخادع ، وحبل الكذب قصير .. وما سُمي القدر قدرا الا لانه غيب ، اما بعد وقوعه فإنه واقع .. فاذا كان غير الله يعرف هذا الشيء ، فهنا مشكلة .. قال تعالى (عالم الغيب فلا يطلع على غيبه احدا ، الا من ارتضى من رسول) ، لهذا الساحر لا يعلم الغيب ولا حتى الشياطين ان قلت انه يستعين بالشياطين ، و من يعلم الغيب لا يستطيع ان يضر بطريقة غيبية .. لا أحد يستخدم شيئا هو لا يعرفه .. والشهب كانت ترجم الشياطين فلا يسترقون السمع عن الاقدار ..

ماذا بقي للساحر ؟ بقي التخييل والتوهيم ، و حتى الإعلام والموضة يستخدمان السحر ويغيران فهم الناس للحقائق من خلال التخييل وتغييب العقول .. مثلما غيب سحرة فرعون عقول الناس بحركات بهلوانية وايحاءات نفسية ، مثلما يفعل المهرجون وصانعوا الالعاب السحرية والحواة .. السحر له اساليب كثيرة وليس اسلوبا واحدا كما يتصور كثير من اناس ، ولا يؤثر الساحر الا فيمن يصدقه ..

فلا يستطيع الساحر ان يضر عن بعد ، و الا لكان له تمكين ، وهو شرير ، وله سلطان على الناس الطيبين ، بينما لا سلطان لهم عليه بحيث يضروه عن بعد كما ضرهم أو يصلحونه .. والقرآن لم يثبت تأثير السحر عن بعد ، فسحرة فرعون أثروا بهم امامهم و يعرفونهم من قبل ، قال تعالى (فابعثوا في المدائن حاشرين ، ياتوك بكل سحار عليم) ، اي انهم غسلوا ادمغة الناس من قبل ..

لا يمكن اجراء تجربة عملية على مفعول السحر او العين او الجن ، ولو كان السحرة يملكون التأثير عن بعد ، لكانوا من اغنى الناس واقواهم ، و لما استطاع احد ان يمسك بهم ، لان شياطينهم ستخبرهم .. و تكون النتيجة عكسا لآية ( ولا يفلح الساحر حيث اتى ) ، بل سيفلح . بينما السحرة لا يملكون لانفسهم ضرا ولا نفعا ، لكنهم يستغلون جهل الناس وخوفهم ، و الله احق بالخوف .. قال تعالى ( فلا تخشوهم واخشون ان كنتم مؤمنين) ..

الساحر يتعامل مع الشيطان ، والشيطان يعطيه من الغرور والاكاذيب ( شياطين الانس والجن يوحي بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا) ، لان كيد الشيطان ضعيف ، ولو كان يستطيع مس عقول الناس والتمثل باي شكل يريده ، و ضرر الناس من خلال اتباعه الحاسدين او السحرة الذين يعبدونه ، لما كان كيده ضعيفا و لاصبح له سلطان على المؤمنين .. وهذا غير ما يبين لنا القرآن ، و لا يناسب عدالة الله ، بل ونصرته للمؤمنين ..

كل هذه الشرور مربوطة بالشيطان أساس الشر ومصدره ، وتظهره بمظهر القوي الذي يملك سلطانا ، بل و القدر ينصره ! .. والله لم يتعهد بنصرة الشيطان بل بلعنه وطرده من الرحمة هو و اتباعه ، ووصفه بالضعيف في كيده ، وسماه الوسواس الخناس ، والخنس يعني الجبن والهروب ، و جرده من كل سلطان على عباد الله غير الوسوسة ، لا هو لا اتباعه ..

وإن قيل أن الشياطين يستمعون بعض الغيب و رصد الشهب لهم كان فقط في فترة الوحي, قال تعالى{وإنا كنا.. يجد له شهابا رصدا} اي أنه انتهت فترة من الاستماع وجاء زمن الرجم ولا يمكن ان يكون هذا فقط في فترة نزول الوحي , {لا يسمّعون إلى الملأ الأعلى}, ويؤيده قوله تعالى{عالم الغيب فلا يطلع على غيبه أحدا}, قال تعالى {وحفظناها من كل شيطان رجيم , إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين}, فالله حفظ السماء ممن يسترقون السمع مثلما حفظ القرآن , فقد يقول أحد أن قول الله: { وإنا له لحافظون} بأن القرآن حفظ فقط فترة نزول الوحي, لكن ليس هذا هو المقصود.

وإذا كانت الشياطين لا تطلع على أي غيب هذا يعني أن الساحر بطل سحره . وعلاقة الشياطين بالإنسان علاقة محددة حددها القرآن وهي الوسوسة.

وإذا كان الساحر عرف الغيب من خلال القرين ، فهذا ينافي قوله تعالى:{عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا}. و في القرآن ذكر القرين من الشياطين مرتبطا بمن يعش عن ذكر الله , و ليس كل البشر :{ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين} . وأما آية {إني كان لي قرين} ، فلم تحدد الآية أنه من الشياطين ، فقد يكون صديقه في الدنيا .

إذا كان الشيطان يستطيع على كل هذا ، فهذا يعني أننا سنخاف منه ، مع أن الل تعالىه قال {فلا تخشوهم واخشون} ، والله جعل الخوف من الله وحده شرطا للإيمان : {إن كنتم مؤمنين}. و البعض يقول : حتى لو ذكرت الله و اصبت بعين أو سحر فهذا ابتلاء , مما يعني أن ذِكر الله لم يفعل فعله ، بينما فعل الساحر فعل فعله , مما يعني أن الله نصر الساحر!

في القرآن الآيات تشير إلى أن الكفار هم المؤمنون بتأثير السحر, كما وصفوا القرآن بأنه سحر , وفرعون يثق بالسحر : {آتوني بل سحار عليم} , و لاحظ وصفهم للأنبياء بالسحرة مع أنهم لا يستخدمون اساليب سحرية ، قال تعالى ( ذلكم الشيطان يخوّف أولياءه) . هذا يدل على ان السحر غير مرتبط بالوسائل ، بل مرتبط بالتأثير, مما يدل أن وسائل الساحر ليست شرطا للسحر.


لاحظ الآية تقول :{كيد ساحر} ، أي خداع وليس تأثير حقيقي , ولاحظ أن السحر يُتعلم و ليس قدرة خارقة , اي أنه أساليب و حركات سحرية مثلما يتعلم المهرجون , ولو كان عندهم قوى خارقة لما اضطروا للتعلم . و كـُفـْر الساحر لأنه يعبد الشيطان ويذبح له .

لاحظ ارتباط السحر باليهود واستعماله لرموزهم ونجمة داوود و الأبجد هوز ، و هي الأبجدية العبرية و أسماء الملائكة , بينما الملائكة من عباد الله لا يعصون الله ما أمرهم .

كيف ينظر لك الله و أنت ترتعد خوفا من سحر أو من شياطين ؟ لماذا لم يكن هذا الخوف من الله ؟ 

الأجدى بمن يعانون من هذه الأمور ويخافون منها ويشغلون بالهم  بهذه المخاوف و يبحثون عن حلول وعلاج أن يتركوا هذه الامور لله , فهي تـُضعِف الأمة و تجرّ إلى مبالغات غير محمودة و تـُضعف العقل . و يتجهوا إلى الله مباشرة بالخوف والرجاء فهو النافع الضار , وعلينا ألا نخاف إلا من إتـّباع وسوسة الشيطان التي تـُغضب الله , ليستريحوا من هذه المخاوف التي تجعل للشيطان عزا وسلطانا بينما الله قد أذله في الدنيا والآخرة.

من غير المنطق أن تنسب إلى شيء قدرات مخيفة و أنت مُعرَّض لها في أي وقت و تقول أنك لا تخاف منها !

وكذلك يُقلب السؤال بأن ما النَّفع من أن يكون للمال والجنس والقوَّة العسكريَّة تأثير في أفعال الناس والدول؟!

فهل وجود هذه المؤثِّرات يُشكِّك النَّاس بأنَّه لا نافع ولا ضارَّ إلا الله تعالى؟؟؟

نعم، يُشكِّك كثيراً من النَّاس.

فما فائدة ذلك؟

ابتلاء الناس
.

الرد :

هذا التمثيل غير متطابق .. الابتلاء يعني الاختبار ، وليس شرطا ان يكون على شكل مصيبة ، بل قد يكون على شكل نعمة ، (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) . المال قد يكون سبب خير ، وقد يكون سبب شر ، على حسب النية التي تـُختـَبر ، وكذلك القوة العسكرية وغيرها ، لكن العين لا تكون الا للشر فقط وبدون سبب .. وخسارة المال او ربحه لها اسباب يمكن تعاطيها او الوقاية منها .. لكن الاصابة بالعين امرُ قدرْ بواسطة غير الله .. بواسطة عين انسان شرير حاسد و ليس من الله مباشرة .. ولا توجد اسباب للوقاية من العين ولا تعرف ما هي ظروف الاصابة ، ولا ما هي الاصابة حتى ، ولا من فاعلها ولا كيف التخلص منها ، كله رجم بالغيب ..

لكن تبقى اثارها السلبية على الفرد والمجتمع من احباط ويأس وتباغض ، لأن نتائجها تنظر على انها قدر والقدر لا يرد .. وهذا يعني التخلي عن اخذ الاسباب والبحث عن حل لمشاكلنا ، بحجة أن العين قدر و القدر لا يرد .. حتى هناك من يتضرر في بيته او زرعه او سيارته وينسب ذلك الى العين .. وهو بهذه الحالة يعتبر نفسه عرف السبب ، اذن لا داعي للبحث عن الاسباب الحقيقية ! وفي هذا تعطيل للعقل الذي وهبه الله للانسان .. هذا غير انتشار الشك والظن السيء ..

الابتلاء بالخير او الشر ليرى الله ماذا نفعل : هل نصبر ؟ هل نشكر ؟ هل نعطي ؟ هل نتعفف ؟ لكن من اصابته العين : كيف يكون ابتلاؤه ؟ هل يسمي اصابته قدرا من الله ؟ بينما هناك من تسبب له بذلك ؟ هل سيقول انه ابتلاء من الله ؟ ام انه حسد و تحدي من فلان من الناس ؟

مصيبة الموت او الجوع او نقص الثمرات اذا لم يكن لها اسباب من التفريط ، يؤجر الانسان على صبره عليها ، أو يحاسب على سخطه ، لانها من الله مباشرة و بقدره ، وليست من عمل حاسد عن بـُعد يجعل المزرعة تحترق وهو لم يقترب منها ! و يجعل الرجل الصحيح يدخل القبر ، أي يقتله عن بـُعد ، و يجعل السيارات تصطدم بعضها ببعض بمجرد نظرة ! هل يصح ان تنسب هذه القوى التعجيزية الى غير الله ؟ فضلا ان تكون نسبتها الى انسان سيء ومخالف لربه وهو الحسود ؟ و معروف ان الحسود غير راضي بما قسمه الله له واعترض على القدر ، و كيف يسخّر الله القدر لخدمة من لم يرض بالقدر و ما قسم له ؟ وهو الحاسد العائن ؟

الله لا يحب الحاسدين ، فكيف يجعل القدر الضار رهن اشارتهم ؟ لا بل بلمحة عين ! و هم ينافسون القدر ! وإن كانوا لا يسبقون ، و لو كان شيئا سبق القدر لسبقته العين ! اي عين الحسود الشرير ! و كيف يكون القدر قدر والعين عين ؟ فلو ان شيئا سبق القدر لسبقته العين ، هذا يفيدنا بوجود شيئين و ليس شيئا واحدا ، هما القدر والعين .. والقدر منسوب الى الله ، و العين الى الحسد والشيطان .. بينما الله يقول ( انا كل شيء خلقناه بقدر) ، وليس عين و قدر ..

لا يوجد شيء ينافس القدر ويسابقه .. والمتسابقان ندان ، وان كان احدهما يسبق الآخر ويفوز عليه .. لم يشر القرآن الى وجود شيء يجاري القدر او ينافسه ، حتى لو سبقه القدر .. المؤمن يؤمن ان قدر الله لا ينافسه شيء ، وهو وحده الفعال بدون منافس ولا مسابق .. الامر يحتاج الى بحث الفقهاء والمفكرين المسلمين .. وأنا اقول وجهة نظر قد تكون خطأ أو صواب ، لكن الامر يحتاج الى بحث متعمق ، مثل بقية الامور حتى نعبد الله على بصيرة .. 

الله لا يساند الاشرار ، لان الشر يتبع الشيطان .. (وكان الشيطان للرحمن عصيا) ..

واذا كان قدرُ الله يفعل مثل هذه الامور ، كموت الصحيح وغرق السفينة الخ .. كيف ننسب لانسان سيء مثل ما ننسب لله من قوى ؟ فاذا كان الله ينزل المصيبة عن بـُعد ، فهذا الحاسد ينزل المصيبة عن بعد ! وتعالى الله ان يـُقارن به احد من خلقه ، وكل شيء من خلقه .. وان قلت ان الحاسد لا يفعل ذلك الا بالقدر ، فإذن كيف نلوم الحاسد ما دام القدر هو الذي فعل ؟ و هل قدر الله يسلمه الى الحسدة والمردة ويحكمهم في رقاب العباد المؤمنين الذين يدعونه ليل نهار و بدون سبب ؟ .. 

قولك: "وعلى افتراض أن العين حق ، من يستطيع أن يثبت هذا الحق بطريقة قاطعة و هو أمر غيبي"؟!

أقول: يكفي فيه غلبة الظنِّ، ولقد صحَّ الحديث الشريف بأنَّ العين حقٌّ.

وكذلك صحَّ الحديث الشريف بوجود السِّحر الممرض المؤثِّر في المسحور
.

الرد :

وهل غلبة الظن تعتبر دليلا ؟ الم يحذرنا الله من الظن السيء ؟ وهذا ظن سيء ، هل غلبة الظن يحكم بها القاضي الشرعي ؟ الظن لا يغني من الحق شيئا .. اثبات التهم لا يقوم على ظنون ، والله امرنا بالتثبت في كتابه وفي سنة نبيه ..


قولك: "ولماذا المشعوذون هم الذين فقط من يعرفون ؟ و على ماذا يحددون هذه المعرفة ؟ كيف علموا إذن؟ ولماذا الناس لا يعلمون مثلهم"؟

أقول: هذا أمر موجود وإن لم نعلم لمن هو.

ولا يهمُّ التعيين
.

الرد :

ما دام لا يهمك التعيين ولا التثبت ، وتكفيك غلبة الظن كدليل قاطع ، فهل هذا الراي هو راي الاسلام الذي يأمر بالتثبت ؟ الم يعتبر الاسلام قذف المحصنات – وهو ظن سيء ، بل غلبة ظن – من موجبات الحدود ، الا باربعة شهود ؟ قال تعالى (فتبينوا ان تصيبوا قوما بجهالة) .. و قال الرسول عليه الصلاة والسلام (إدرؤا الحدود بالشبهات) اي مجرد وجود شبهة يكفي لاسقاط الحد ، رغم ادلتها الاخرى وليس فقط الظن ..

الاسلام لا يجعلنا متناقضين و نكيل بمكيالين ، مرة بالظن ومرة بالتثبت !! و أن نخطئ بالعفو أهون من ان نخطئ بالادانة والعقوبة . وما دمت تتفق على ان ادلة اثبات العين والعائن ظنية ، اذن هي امر لا يمكن التأكد منه ، وما لا يمكن التاكد منه لا يمكن ثبوت الادانة فيه او ترتيب النتائج عليه .. لانه رجم بالغيب ، قال تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) والتثبت من العلم ، وعدم امكانيته تعني ان نقفو ما ليس لنا به علم ونخالف امر الله ..

قل على الاقل ان العين حق لكن لا يمكن اثباتها بتثبت ، كي تأخذ طريقها من ضمن الغيبيات التي نؤمن بها ولا نستطيع ان نحكم جزما بتعيينها ، كالملائكة والشياطين .. لان الخوض في المغيبات من المحرمات ..

قولك: "مثال : شخص صار يُصرع بسبب وهمه أنه محسود على تفوقه .. هذه الفكرة ستقوده إلى قتل للتفوق والتميز ، و المستفيد هو الشيطان و أولياؤه".

أقول: أهواء النَّاس موجودة، وانفعالهم بهذه الأمور والوصول إلى الخرافات والسخافات والأمراض النَّفسيَّة وما مثل ذلك كلُّها من المصائب الموجودة في العالم ابتلاء للناس...

فكما أنَّ وجود الدول الكافرة القويَّة التي تقتِّل المؤمنين وتستبيح كلَّ مقدَّس وتنشر كلَّ فساد وعهر يؤثِّر في النَّاس فيكونون مبتلين به، فكذا هذه الأمور...

وكذلك كما أنَّ المرض ابتلاء من الله تعالى فكذا إصابة الشيطان،

ولقد قال سيدنا أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام: "رب إنِّي مسني الشيطان بنصب وعذاب".

فلجأ إلى الله تعالى وإن علم أنَّ الشيطان هو الذي مسَّه بالعذاب
.

الرد :

أيوب يريد أن يتأدب مع الله ، وإلا فالقدر قدر الله و ليس قدر الشيطان ، والله اخبر ان كيد الشيطان كان ضعيفا ، و ليس معنى هذا ان الشيطان يملك قدراً و يلحق النصب والعذاب بمن يشاء ، لكن وسوسة الشيطان والتأثر بها يؤدي الى النصب والعذاب .. و ربما ان الله ابتلاه بالمرض فبدأ الشيطان يعذبه بالوسوسة : اين ربك الذي تعبده ؟ لماذا لا يساعدك ؟ لماذا لا يشفيك ؟ ولهذا دعا ايوب ربه بطلب الشفاء .. لاحظ كلمة "نصب" تعني تعب ولا تعني مرض .. كذلك قال الجن (وانا لا ندري اشر اريد بمن في الارض ام اراد بهم ربهم رشدا) ، لم ينسبوا الشر الى ربهم تأدبا ، ونسبوا اليه الرشد ..

ثم إن المعروف فيمن تـُنسب اليه الاصابة بمس الشيطان والجن ان يكون مجنونا ، و ايوب لم يجن ، بل اصابته امراض في جلده كما قيل .. وتفرقت عنه عشيرته .. والشيطان يـُتعِب بوسوسته وتخويفه .. وما يقدمه من افكار وصور مقززة ومنفرة ومرعبة ، فالله لم يجعل للشيطان سلطانا على عباده حتى تقول ان القدر جعل الشيطان يـُمرِض ، وايوب بلا شك عبدالله ونبيه ، قال تعالى (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) ، والقدرة على احداث المرض في عبد مؤمن كايوب ، تعني وجود سلطان للشيطان على عباد الله المؤمنين بل حتى انبياؤه ! .. وهذا مخالف لتحديد القرآن .. فالشيطان لا يضر الا بالوسوسة والافكار المزعجة ..  قال تعالى (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد : 22])

 ولو كان الشيطان يستطيع ان يمرض الانبياء ويعطلهم عن التبليغ لفعل ذلك بالبقية ، وليس فقط ايوب .. نعم الشيطان يدمر ويضر من يطيع افكاره ووسوسته ، وليس بقدرته هو ، والا لفعل ذلك مع الجميع ، لأنه عدو .. لكنه عدو ضعيف الا لمن اطاعه ، ومن اطاعه فإنه يدمر نفسه بنفسه وليس بيد الشيطان تدميره .. ولهذا يحاج الشيطان ويدافع عن نفسه في جهنم ويقول (وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم باستجبتم لي فلا تلوموني ولومو انفسكم) ..

وكلامك على سحرة فرعون ليس بصحيح، ولا أرى الحاجة إلى التفصيل فيه لو فهمتَ ما سبق.

قولك: "ديننا دين التثبت والعقل والعلم وهو الذي أسس للمنهج العلمي و أنشأ الحضارة العظيمة التي قامت عليها حضارة الغرب وليست على حضارة اليونان ، على أيدي أعراب كانوا في الجاهلية ، و ليس دين الخرافات و التوهم وادعاء علم الغيب"..

أقول: صحيح تماماً، ولا يناقض ذلك إثبات العين والسحر.

الرد :

انت تقول انها لا تثبت الا بالظن ، فهل الظن هو الاثبات ؟ الظن ينافي التثبت المأمور به شرعا ، اذن هنا تناقض بين الظن والاثبات ، والاسلام ينهى عن الظن السيء واتهام احد بالحسد والعين ظنٌ سيّء لا يسره  .. و الاسلام يحرم أذية المسلم ، واتهامه بالحسد والعين و اشاعة ذلك بين الناس من الغيبة ، وهي ذكر اخاك بما يكره غائبا .. خصوصا انه مبني على ظن وعدم تثبت ، و لا شك ان هذا يؤذي المؤمن ، خصوصا اذا كان بريئا ، والاسلام ينهانا عن سوء الظن .. والظن قد يجعل البريء متهما ومفترى عليه .. والاسلام يأمر بالاثبات ، و أنت لا ترى فرقا ولا تناقضا بين الظن والاثبات تبعا لما سبق ..

هذا والله اعلم ، ونسأل الله ان يرينا الحق حقا ويرزقنا ابتاعه ، كي نعبد الله على بصيرة وبدون تناقض ..

هناك 3 تعليقات :

  1. أخي الكريم،

    1- قولك: "أنت الآن تثبت أننا نراه بعد أن تشكَّل...".

    أقول: قول الله تعالى: "إنَّه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم" ليس ينفي أصل رؤيتهم بأيِّ حيثيَّة، بل نافٍ لرؤيتهم من الحيثيَّة التي يروننا بها.

    ودليل ذلك لغة أنَّ "من حيث لا ترونهم" في محل نصب حال، والحال قيد لفعل "يراكم"، فيكون المعنى أنَّه يراكم بحالٍ لا ترونه فيه.

    فرؤيتنا لأشكال تشكَّلوا فيها ليست رؤية لهم من تلك الحيثيَّة التي هم مخلوقون عليها.

    وهاهنا أنبِّهك إلى أنَّك تخوض في تفسير آية كريمة من غير مستند لغويٍّ، وهذا حرام شرعاً.

    .........................................

    2- قولك: "الناس تنظر إلى هذا الابتلاء من حيث نتيجته...".

    أقول: الابتلاءات من الله تعالى منها ما ليس بوساطة فعل غيره تعالى ومنها ما هو بوساطة فعل غيره تعالى، قال تعالى: "ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض"، وقال تعالى: "وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا".
    فمن ابتلاء الله تعالى النَّاس المصائب التي يصيب بها بعضهم بعضاً، فالسرقة والقتيل والتآمر ووو هي شرور من أصحابها وفي نفس الوقت ابتلاءات من الله تعالى. وكذلك السحر والعين تماماً.

    فالابتلاء يقع في حين سرقتَ أو قتل وليٍّ لك أو سحرتَ.

    والواجب هو اللجوء إلى الله تعالى في كلِّ حالٍ وحين، في حال السحر وحال السرقة وحال قتل الوليِّ.

    ثمَّ اعلم أنَّ كلَّ ما هو كائن من خير أو شرٍّ فهو بتقدير الله تعالى، ولا يقع شيء إلا بإذن الله تعالى، قال تعالى: "ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتابٍ من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير "

    وذلك لا يعني أبداً كون العبد مجبوراً على فعله، بل العبد بالضَّرورة مختار لفعله محبٌّ له مريد له، والله تعالى عالم بما هو كائن من عبده، قال تعالى: "ألا يعلم من خلق".

    وأنت في الأغلب حصل عندك تخليط في مسألة السحر بناء على غيبة بعض الأصول عندك في مسألة أفعال العباد، فلمَّا كانت مسألة أفعال العباد أصلاً لهذه المسألة فأنا أعرض عليك أن نتناقش في مسألة أفعال العباد. وإلا فسيكون النقاش في الفرع مع الاختلاف في الأصل سائقاً إلى تضييع وقت.

    ..................

    قولك: "و هنا مشكلة في العقيدة على ما يبدو ، أن يستطيع ان يضر الناس احد بإرادته وعن بعد بطريقة لا تفهمها العقول ولا تدركها الحواس ، اي بطريقة غيبية تشبه القدر".

    أقول: غيبة فهم تلك الطريقة عنِّي وعنك لا يعني أبداً أنَّ غيرنا من البشر يعرفونها! فهذه طريقة قانونيَّة فيزيائيَّة، ونحن لم ندرك العالم الفيزيائيَّ تماماً، وبعض البشر قد يدركون ما لا ندرك فيتعاملون معه.

    وعدم إدراكنا لشيء لا يعني إدراكنا لعدمه.

    والسحرة يتعلَّمون السحر وقوانينه كما نتعلَّم الرياضيات والنحو والفيزياء.

    ........................

    قولك: "الله يحاسبنا على الضرر المعروف كيفية تنفيذه ، فالسارق يعرف ماذا فعل من ضرر ، والناس يعرفون .. لهذا يدان ويحاسب في الدنيا والاخرة .. اما العائن فلا يعرف ماذا فعل ، ولا الناس لا يعرفون كيف استطاع ان يضر".

    أقول: الأصل أنَّ العائن يعلم أنَّه يريد ضرر غيره، ويعلم أنَّه في إرادته هذه سيؤثِّر، وهذا كافٍ في كونه مسؤولاً.

    وليس يلزم أن يكون عالماً بنفصيل ما فعل، كما أنَّك لو كان معك جهاز إشعاع أشعة جاما سلَّطتَّه على زيد مريداً أذيَّته فتأذَّى، فأنت لا تدري كيف يعمل هذا الجهاز، وأنت لا ترى هذه الأشعة، لكنَّك مسؤول عن فعلك.

    ........................

    قولك: "الله وعد بنصرة و مساعدة من ينصره ، وليس بمن يخالف امره و يحسد الناس".

    أقول: ألا فاعلم أنَّ فعل الساحر والعائن هو فعل له كفعل صانع المسدَّس الذي يريد أذيَّتك به، فهو يذيب الحديد في قالب ويركِّب أجزاءه ليكون مسدَّساً، ثمَّ يذيب الرصاصات في قالبها ثمَّ يضعها في المسدس ثمَّ يصوِّب تجاهك ثمَّ يطلق النار، فهذه جميعاً أفعال هذا الشخص. فكذا الساحر، كلُّ أفعاله هي ضمن الفيزياء، لكنَّك أنت لا تفهم قانون ما فعل هو.

    ......................

    قولك: " وان قلت انه ابتلاء ، فكيف يجعل الله الابتلاء بيد الشيطان الشرير"؟

    أقول: قال الله تعالى إنَّ سيدنا أيوب على نبينا وعليه الصلاة والسلام قال: " رب إنِّي مسَّني الشيطان بنصب وعذاب".

    فهذا بالضَّرورة إسناد لمسِّ الشرِّ إلى الشيطان، وهو في نفس الوقت لم يحصل إلا بإذن الله تعالى، قال تعالى: " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله".

    فهو ابتلاء من الله تعالى كذلك.

    ردحذف
  2. قولك: " ومن العجيب ان يكون الله الخيّر هو الذي يمدهم بهذه القوة ! وهذا لا يتناسب مع عدل الله ورحمته ومحبته لعباده الاخيار".

    أقول: أفعال الله تعالى كلُّها عدلٌ وحكمة، لا بأنَّه تعالى يجب عليه أن يفعل شيئاً دون شيء، بل كلُّ فعل فهو ممكن له تعالى، وأفعاله حكمة لأنَّها أفعال الحكيم تعالى.

    وكلُّ فعلٍ لله تعالى فهو عدلٌ فهو يفعل ما يشاء ويخلق ما يشاء وفعَّال لما يريد، ولو شاء الله تعالى لملأ الدنيا بالشرور ولو شاء لما جعل فيها شرّاً واحداً.

    والله تعالى لا يوصف بالخيِّر بمعنى أنَّ طبعه الخير، سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء، وليس فعله مقيَّداً بأيِّ قيد، فهو تعالى الرحمين الرحيم وهو المنتقم شديد العقاب، وهو تعالى النافع وهو تعالى الضَّارُّ وهو تعالى الرازق وهو تعالى يقدر الرزق على من يشاء.

    ................

    قولك: "
    كل ما يفعله الشيطان هو الوسوسة (وما كان لي عليكم من سلطان الا ان دعوتكم فاستجبتم لي) ، ولو كان عنده قدرات اخرى كالحلول او التشكل لذكرها".

    أقول: تنبَّه إلى أنَّ الشيطان قد خاطب بهذا من دخل النار معه، فهو يقول لهم إنَّه قد أثَّر في دخولهم النار بالوسوسة، أمَّا تأثير الضُّرِّ والتَّلبُّس فليس ممَّا يدخل النَّار، بل هو ضرر دنيويٌّ.

    .....................

    قولك: "لا يمكن اجراء تجربة عملية على مفعول السحر او العين او الجن".

    أقول: بلى، ذلك ممكن، فهيأشياء ضمن العالم الفيزيائيِّ، لكنَّا إلى الآن لا نمتلك الأجهزة المناسبة للقياسات وكشف تلك الحيثيَّة الوجوديَّة بعد.

    ..............

    قولك: "ولو كان السحرة يملكون التأثير عن بعد ، لكانوا من اغنى الناس واقواهم ، و لما استطاع احد ان يمسك بهم ، لان شياطينهم ستخبرهم".

    أقول: لا، بل أخبر تعالى بأنَّ الجنَّ قالوا: "وأنه كان رجال يعوذون برجال من الجنِّ فزادوهم رهقاً".

    ..................

    قولك: "في القرآن الآيات تشير إلى أن الكفار هم المؤمنون بتأثير السحر".

    أقول: هذا باطل، بل قال تعالى: "ويتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه". فهناك أثر يحصل.

    فاحذر ممَّا تقول.

    ....................

    قولك: "ولاحظ أن السحر يُتعلم و ليس قدرة خارقة , اي أنه أساليب و حركات سحرية مثلما يتعلم المهرجون , ولو كان عندهم قوى خارقة لما اضطروا للتعلم".

    أقول: نعم السحر يُتعلَّم وفق قوانين معيَّنة يكون بها التَّأثير بإمراض النَّاس والتَّخييل عليهم وغيره ذلك، وكلُّه بإذن الله تعالى.

    وافهم تمام الفهم أنِّي أقول إنَّ كلَّ السحر ليس فيه أيُّ قوَّة خارقة لقانون العالم، غاية ما هنالك هو أنَّ القانون الذي يجري عليه السحر هو قانون لا نتعامل معه ولا نعلم عنه مع أنَّه قانون واقعيٌّ عاديٌّ غير خارق للعادة.

    ولو صبرتَ على نفسك فتعلَّمتَ أقسام الحكم والفرق بين الحكم العاديِّ والحكم العقليِّ فستفهم ما أقول، أمَّا إن بقيت لا تريد التَّعلُّم فستبقى على عدم الفهم لما تقول فضلاً عن أن لا تفهم ما يقول غيرك لك!

    هذه نصيحتي لك.

    .....................

    قولك: "كيف ينظر لك الله و أنت ترتعد خوفا من سحر أو من شياطين ؟ لماذا لم يكن هذا الخوف من الله"؟

    أقول: أنت تخلِّط.

    نحن نقول إنذَ السحر موجود، ومع هذا فإنَّنا نؤمن أنَّه لا يضرُّ إلا بإذن الله تعالى، قال تعالى: "وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله"، فلوجوؤنا هو إلى الله تعالى.

    .............................................

    3- قولك: "هذا التمثيل غير متطابق...".
    أقول: يبدو انَّك لم تفهم التمثيل.

    ....................

    قولك: "لكن تبقى اثارها السلبية على الفرد والمجتمع من احباط ويأس وتباغض".

    أقول: هذا من الابتلاء.

    ....................

    قولك: " هل يصح ان تنسب هذه القوى التعجيزية الى غير الله "

    أقول: إن فهمتَ ممَّا سبق أنَّ السحر ليس شيئاً خارقاً لقوانين العالم فستفهم أنَّه ليس شيئاً تعجيزيّاً أصلاً.

    ردحذف
  3. 4- قولك: "وهل غلبة الظن تعتبر دليلا "؟
    أقول: نعم، تكون دليلاً فيما يكفي فيه الظنُّ!

    فإذا جاءني دليل ظنِّيُّ الثبوت من غير معارض له فالأصل صحَّته.

    فارجع إلى علم أصول الفقه، هل درستَ شيئاً في أصول الفقه؟

    .......................

    قولك: "الم يحذرنا الله من الظن السيء وهذا ظن سيء".

    أقول: لا!

    هذا ليس من الظنِّ السيِّء بشيء!

    هذا غلبة الظنِّ، وليس هو ظنَّ سوء.

    ..............

    قولك: "هل غلبة الظن يحكم بها القاضي الشرعي"؟

    أقول: نعم، بالضَّرورة! وإن شككتَ في ذلك فانظر أقوال العلماء في أنَّ الظنَّ كافٍ عند القاضي، بل إنَّ شهادة الاثنين مفيدة للظنِّ لا اليقين إلا مع قرينة خارجيَّة.

    وهاهنا أنبِّهك إلى أنَّك تخوض في مسائل شرعيَّة من غير علم بأصول الفقه، فلا أدري لِمَ تتجرَّأ على الخوض في شيء قبل أن تتعلَّم؟

    ................

    قولك: "والله امرنا بالتثبت في كتابه وفي سنة نبيه".

    أقول: هل السنَّة المشرَّفة عندك قطعيَّة الثبوت أو ظنِّيَّته؟!!

    فإنَّها إن كانت قطعيَّة الثبوت فأنا لمَّا قلتُ: "يكفي فيه غلبة الظنِّ" إنَّما كان مقصودي دلالة الأحاديث الشريفة!!!

    وإن كانت ظنِّيَّة عندك كيف تستدل بالسنة الظنِّيَّة على التَّثبُّت بمعنى أن لا نأخذ إلا من الطريق اليقينيِّ؟!!!

    تنبيه: هل تعرف ما المقصود من قولنا: (ظنِّيُّ الثبوت) (قطعيُّ الثبوت) (ظنِّيُّ الدلالة) (قطعيُّ الدلالة)؟؟؟!

    ..........................................

    5- قولك: " وما دمت تتفق على ان ادلة اثبات العين والعائن ظنية ، اذن هي امر لا يمكن التأكد منه ، وما لا يمكن التاكد منه لا يمكن ثبوت الادانة فيه او ترتيب النتائج عليه".
    أقول: إن كنتَ فهمتَ ما سبق كفاك ذلك جواباً لهذا.

    ........................................

    6- قولك: " أيوب يريد أن يتأدب مع الله".
    أقول: بل هو نسب النُّصب والعذاب إلى الشيطان. مع علمه بأنَّ هذا لا يكون إلا بإذن الله تعالى.

    ....................

    قولك: " لاحظ كلمة "نصب" تعني تعب ولا تعني مرض ".

    أقول: وكلمة "عذاب"؟!

    ...................

    قولك: " ثم إن المعروف فيمن تـُنسب اليه الاصابة بمس الشيطان والجن ان يكون مجنونا ، و ايوب لم يجن ، بل اصابته امراض في جلده كما قيل ".

    أقول: أنت تنكر ذلك أصلاً!

    بل يثبت أنَّ هناك إضرار جسديٌّ كذلك. وليس بالضرورة أنَّه من طريق التَّلبُّس أصلاً.

    ...................................

    7- قولك: " انت تقول انها لا تثبت الا بالظن ...".
    أقول: تنبَّه إلى أنِّي قلتُ إنِّي يكفيني الظنُّ، ولم أقل إنَّ دليلي ظنِّيٌّ فقط، فلقد ذكرت لك أنَّ الله تعالى قال: "ما يفرِّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله". وقال تعالى: "ومن شرِّ النَّفاثات في العُقَد"، فهذا نصٌّ في أنَّ الساحرات اللاتي ينفثن في العقد لهنَّ شرٌّ.

    ..................................

    وهاهنا أريد أن أقول إنِّي تركتُ كثيراً لم أره محتاجاً لجواب...

    وأقول إنَّك يا أخي لم تدرس شيئاً في الاعتقاد ولم تدرس شيئاً في أصول الفقه ولا في أصول الحديث الشريف.

    ولا أدري لماذا تتصدَّر في مناقشة مسائل العلم بها متفرِّع عن العلم بأصولها من غير أن يكون عندك علم كافٍ بتلك الأصول.

    فعليك بالأصول، أصول الدين وأصول الفقه، واعلم علماً يقيناً أنَّ الخوض في الدين بالرَّأي مزلَّة قدم إلى النَّار والعياذ بالله تعالى.

    والسلام عليكم...

    كتب: محمد أكرم أبوغوش




    ردحذف