الاثنين، 28 مارس 2016

وهم العيش لأجل المتعة

كل مادي صناعي تجده شره وأكول، يقول تعالى (والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام)، فهو يبحث عن الراحة كمتعة، وعن الأكل كمتعة، وهما متعتان متناقضتان، فما يبنيه الأكل يحتاج الى عمل، وهو لا يحب العمل ويحب الراحة، فتتراكم الدهون ويزداد الوزن ويبدأ الجسم بالإنهيارات، وهذا ما يسبب الأمراض كالسكر والضغط وغيرها.

من يعطي نفسه هواها ستتدمر صحته، لأنه يقع في تناقضات. الإنسان الطبيعي لا يشتاق للطعام الا اذا جاع، ويشعر بالشبع قبل ان يشبع، بينما الصناعي يشتاق للطعام حتى لو لم يجع، ويحب أن يتوجه للولائم والمناسبات.

الذي يعيش للمتعة يقع في التناقضات فورا، فيتصادم بعضه ببعض، مثل طلب الأكل وطلب الراحة، وطلب المال وطلب راحة البال. بعبارة أخرى : كل متعة تحمل معها نقمة، ولا تستطيع ان تتذوق المتعتين من هذا التناقض، فالسالب يؤثر على الموجب، وتأثير السالب أقوى، لأن الألم أقوى تأثيرا من المتعة. إذن طلب المتعة والعيش لأجلها وهم ، يضر أكثر مما ينفع، اذن لماذا يعيش الإنسان ؟ هل يعيش ليأكل ؟ هذه سقطت . أم يأكل ليعيش ؟ يعيش لماذا اذن ؟ هل ليأكل ؟ لا يمكن أن يكون الشيء نفسه غاية ووسيلة في نفس الوقت .. لا يستطيع شيء أن يفسّر لماذا يعيش الإنسان، إلا أن يكون عبدا لله بما تحمله الكلمة من معان سامية وعطاء.

وهذا يُسقط الفكرة الابيقورية التي تقول : أن الخير في المتعة و أن الشر في الالم، فكل متعة تجلب معها شر، فمتعة الافراط في الاكل تجلب معها نقمة التخمة مثلا . فهذه متعة جلبت شراً، إذن ليس الخير في المتعة والشر في الألم دائما. والثقافة الغربية تعيش حالة ابيقورية، فطالما أنت مستمتع فافعل ما يحلو لك : (enjoy your time) ، ويسمون انفسهم الابيقوريون الجدد. والانسان المستسلم للمتع هو انسان ضعيف في الأخير، لأن أصل وأساس المتعة هو رفض الألم، وهذا قمة الجزع والضعف.

ما أجمل أن تأتي المتعة عرضا وليست مقصودة بذاتها ، لأنه لا شيء يحتمل ان يكون قصدا بذاته، إلا الله الصمد ، الذي يصمد لأن يتوجه له كل شيء.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق