السبت، 5 مايو 2018

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 25



(الدقيقة : 20 الثانية : 45) يكمل الدكتور حديثه عن الشواهد التاريخية للمسار التطوري والبادية عبر البقايا الأثرية ودلالاتها وعبر العيوب الخلقية وعيوب التصميم على فرض أن هناك تصميم. يكمل الدكتور حديثه عن حيوانات الكهوف المظلمة التي فقدت أعينها أو فقدت الإنتفاع بها، كما أنها فقدت ألوانها، إذ نجدها بيضاء تماما، لأنها فقدت الصبغيات، وهي لا تحتاجها لأنه لا يوجد ضوء. وبالنسبة للكائنات التي بقي لها بقية من عيون سوف تفقدها بعد قدر معين من السنين، إن بقيت تعيش في هذه الكهوف. لا انتفاع بالعين ما دام لا يوجد ضوء، فالأعمى لا ينتفع بضياء الشمس.

ومن هذه الكائنات أنواع كثيرة كالسلمندرات، لا يرى، وهناك أنواع من الجمبري، ومنها اسماك كجراد البحر، ومنها العناكب، ومنها الديدان الألفية، ومنها صرصار الليل.

وهنا يطرح الدكتور سؤال يوجهه الخلقويون اعتراضا على التطور : حتى لو كانت تلك الكائنات تعيش في الظلام الدامس ، أليس كان من الأفضل والأحكم والأنفع أن تستبقي أعينها وهي لا تنتفع بها في هذه اللحظة، اذ ربما في نقطة معينة في المستقبل قد تحتاج إليها؟ فقد يحدث ان ينكشف هذا الظلام بأي طريقة، ويأتي هذا الضياء الغامر فتهلك ولا تستطيع أن تنافس. لكن اذا كان لها عيون فهذه تعتبر ضمانة إضافية، فلماذا لم يستَبْقِها التطور؟ فالمفترض ان يعمل الانتخاب الطبيعي على استبقاء الأصلح. التطوريون يردون على هذا الاعتراض من وجهات نظر مختلفة، ولكن من أذكاها : أنه لا يوجد شيء بلا كلفة، في سباق التطور لا يوجد شيء مجاني، فكل شيء له ثمن، فهذه العيون لو بقيت في هذا الظلام الدامس حيث لا تنفع الآن، فإنها ستُكلِّف، فهي لو بقيت تعمل وصالحة فلا بد أن تدور دائما في محجرها، وهذا الدوران يبقيها رطبة، ولكن في نفس الوقت دورانها في المحجر يعرضها للإصابة والالتهاب، وقد يقضي عليها، وهذا طبعا راجح جدا، فالأفضل لها في بيئتها تلك أن تتخلى عن هذه العيون، ولذلك تغشي عليها بغاشية من الجلد ولا تعود تتحرك وكأنها غير موجودة، وهذا يعطيها ميزة في البقاء أكثر من تلك التي أعينها لا تزال تشتغل ورطبة تدور في محاجرها، فهذه تتعرض للالتهاب والمرض والموت أكثر، وهذا جواب مقنع، فبحسب هذه البيئة والشروط كل شيء له كلفة.

ويتحول الدكتور في حديثه إلى العين البشرية التي يظن كثير من غير المتخصصين أنها آية في إبداع التصميم، ومُعجِبة ومثيرة ومدهشة، لكن العلماء المتخصصين يرون غير هذا تماما، فصحيح أن العين ترى بدقة وتميز الالوان رغم كثرتها وما إلى ذلك، لكن العلماء يعزون ذلك إلى المخ لا إلى العين، فالعين بحد ذاتها تصميمها معيب جدا، فعيوبها كثيرة وستكون الرؤية بها من أبشع ما يكون، رؤية سخيفة وغير واضحة ومقطّعة، أشبه بالعمى، لكن الذي يعوض كل هذا هو المخ، فهو الذي يتدخل وكأنه برنامج فوتوشوب ويعوّض كل هذه العيوب الإبصارية، ويعطيك صور متواصلة ممتدة نقية متساوية في الوضوح، مُوهماً إياك ان العين هي التي فعلت، بينما هي لم تفعل هذا. وهذا كلام علمي بعيدا عن موضوع التطور. وهذا معروف من القرن التاسع عشر، فالعالم الالماني هرمان فون هيلمهولتز وهو عالم في الفيزياء وفي علم الاحياء وعلم النفس، له عبارة يقتبسها التطوريون دائما بخصوص تصميم العين، يقول : "لو ذهبت إلى شخص بصرياتي، وطلبت منه جهازا صنعه بمثل كفاءة العين لقرّعته على إهماله وعدم اتقانه الصنعة وردت إليه بضاعته". وذلك لأن الرؤية الجميلة والواضحة يقدمها المخ لا العين. ويذكر الدكتور عيبين من العيوب، الأول : في الشبكية والخلايا المخروطية التي تتلقى الضوء والألوان، لا بد أن تكون هذه الخلايا الضوئية في الأمام، وأن تكون (الكابلات) إن جاز التعبير الموصولة بها والتي تلتقط وتستقبل ما تزوده به هذه المخروطيات وتذهب بها إلى المخ، أن تكون في الخلف، لكن الواقع هو عكس ذلك تماما، فالخلايا الضوئية في الخلف والكابلات أمامها، فحين يأتي الضوء حاملا معه الصورة، فالذي يتصدى له الكابلات، قبل الخلايا المخروطية الضوئية، وهذا يؤثر كثيرا على استقبال الصورة ووضوحها ونقاءها.

يذكر الدكتور ان التطوريون الملاحدة يتجرءون بالقول ان هذا ليس تصميما فاسدا بل تصميم في منتهى الغباء، و هم طبعا لا يؤمنون بإله ولا تصميم، بل هذا عمل الطبيعة وكل شيء تم بالتطور، وبالتطور تقع مثل هذه الاشياء، لكن لو كان تصميما فيستحيل ان يضع المصمم في خطته هذا العيب من البداية، مثل ما يفعل صانع الكاميرات، اذ سيضع المستقبلات الضوئية في الامام والكابلات في الخلف.

العيب الثاني : هذه الكابلات لكي تذهب إلى المخ عليها ان تتجمع وتخترق الشبكية في نقطة فيها، وهي في الحقيقة ليست مجرد نقطة، بل رقعة، المسماة بالنقطة العمياء، ومستحيل على الانسان ان يرى في هذه الرقعة، فالإنسان يعتبر أعمى في هذه الرقعة.

ويتسائل الدكتور : لكن لماذا مع ذلك نرى بوضوح ونرى الالوان ونرى المشهد كاملا؟ الذي يحصل هو انه يوجد ما يسمى بالنُّقرة المركزية، وهي جزء من الشبكية هو الذي نستخدمه بشكل رئيس للقراءة وقيادة السيارة، هذه النقرة هي التي نمسح بها أجزاء من المشهد، بينما بقية المشهد لا نراه، نكون أشبه بالعميان فيه، وهنا يتدخل الدماغ فيكمّل القصة، فيجعلك ترى بقية المشهد كأنك تراه بالنقرة المركزية، فيمسحه تقريبا لتعتقد ان المشهد كله على نفس الدرجة من الوضوح، الذي عمل الفوتوشوب هنا هو الدماغ لا العين.

يقول الدكتور ان العبرة من هذا الكلام ان التطوريون يقولون ان العين جهاز غير مُصمَّم، بل متطور، وقد سبق للدكتور شرح تطور العين في حلقة سابقة، فما الذي يمنع ان العين تطورت عبر ذلك المسار الذي ذكر سابقا من مجرد بضع خلايا حساسة للضوء إلى هذا التقعر المليء في نهايته العميقة بخلايا متخصصة لاستقبال الضوء والالوان المختلفة؟    

الرد : هذه الحيوانات التي تعيش في الظلام مخلوقة بدون صبغيات، لذلك صار على أعينها غشاء جلدي، لماذا عليها غشاء جلدي؟ لئلا يبهرها النور، لاحظ سكان شمال اوروبا أعينهم لا تحتمل الشمس المتوهجة، بل يحتاجون لنظارات واقية بسبب قلة الصبغية في العين. الله يخليكم اتركوا عيونها لها ولا تزول! لأنه لو زالت عيونها الضعيفة هذه لزالت هذه الحيوانات! لأنها لن تميّز بين الظلام والنور، وهي تريد الظلام، فكيف تعرف الظلام أو أنها في مكان مظلم من دون عيون؟ سؤال للأذكياء فقط. إذا لم يكن لديها عيون فسيجرفها الماء وتذهب إلى مكان منير وغير مناسب لحياتها فتموت، اذن هل هي محتاجة للعيون الضعيفة أم أنها في طريقها للزوال؟

ولماذا تصاب بالالتهابات لو دارت عيونها في محاجرها؟ ولماذا غيرها لا يصاب بالالتهابات كالأسماك وغيرها؟ هذا يبدو انه تفسيرهم لسبب وجود غشاء جلدي على أعينها : حفظا لها من الالتهابات! وكأن بقية الأحياء لا تعنيهم عيونهم! لاحظ التبريرات المتعسفة والمثيرة للضحك أحيانا، وذلك لأن الفكرة الأساسية خاطئة، فمعذورين بهذا التعسف العجيب..      

كل العيون هكذا لا تعمل بلا مخ، ولا قيمة لعملها بدون مخ، كذلك الآذان لا قيمة لها بدون مخ، فما هذه التفكيكية والتجزيئية؟ نحن لسنا في مصنع. بل حتى السيارة نفسها لا قيمة لأجزائها بدون أن ترتبط بالأجزاء الأخرى! ما هذا الغباء الذي أُقحم في العلم؟ هل نضبت عقولهم فاحتاجوا إلى هذا التقطيع؟ لو كانت العين مستقلة بنفسها والأذن مستقلة بنفسها، ماذا سيبقى للمخ من قيمة؟

بالنسبة للعيب الـول من عيوب العين: فعلى ذلك، الإنسان لا يرى الصورة صافية، مع أنهم يمتدحون صفاء السماء وصفاء الصورة، إذن هذا محض هراء، فهم يرون بتشويش، لان كابلاتهم في الأمام..! هذا شيء مضحك، اسمحوا لنا نضحك .. إنهم يصنعون مشكلة غير موجودة.

خلقة الله ومن أحسن من الله خلقة، لاحظ أن الناس تعاني من كثافة الضوء، وتلبس نظارات شمسية، فماذا يريدون منهم؟ أيريدون أن يبهرهم الضوء أكثر ويعميهم؟ لو كانت الكابلات في الخلف فستكون كمية ضوء أكبر. ثانيا : العيون مرتبطة بقوانين الخلقة ويعمل فيها قانون القصر وقانون الإستكمال، وهو عكس قانون القصر، فالفيل ضخم ولكن رؤيته ضعيفة، لأن هناك ما يعوّضه وهو هذا الجسم الممتلئ الذي حتى لو وقع لا يتأثر.

تصميم الأعين واحد لكن حدة الإبصار شتّان، وهذا دليل على قدرة الخالق أن يصنع الإختلافات من المتشابه، فعين الصقر هي نفس تركيب عين الإنسان، ولكن لأنه محتاج لأن يرى بدقة ووضوح من أجواء السماء صار حاد البصر، هناك طيور وحيوانات ليلية تبصر في الظلام، بينما عيون الإنسان لا تبصر في الظلام، اذن ليقولوا أن هذا عيب آخر في العين البشرية. الإنسان لديه العقل، لذلك كل أعضاء جسمه يشملها قانون القصر.

إن أكثر مخلوق مقصور هو الإنسان، قال تعالى (خلق الإنسان ضعيفا)، فجسمه ضعيف وليست لديه أي وسيلة دفاعية وليس عدّاء ولا متسلقا ولا سبّاحا، لكنّه يستطيع أن يصنع الأدوات، لأن هذا من إعجاز الخالق أن يجعل من هذا المخلوق الأضعف بين الحيوانات سيد الارض ووارثها، مثلما جعل عين الصقر وهي التي تشبه عين الإنسان عينا حادة ويُعتمد عليها، وجعل عين الخفاش ضعيفة وعين السلمندر أضعف وأضعف، والعين واحدة، اذن هناك قوانين لا يعرفها التطوريون هي التي تقسّم القصر والإستكمال على الأحياء، قال تعالى (الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)، أي انه هداه لأسلوب حياته ومكان معيشته لكي يؤدي دوره في التوازن البيئي. وإلا فليقولوا عن عين الخفاش أنها ناقصة وأنه في سبيل الإنقراض، وعن عين الفيل أنها فاشلة، وكل أصحاب العيون الضعيفة ذاهبون إلى الإنقراض، ويبقى الصقر وعينه المتطورة مثلما كان عصر الديناصورات عصر الصقور.. استكمال النظرية يؤدي إلى الأكشن وأفلام الأطفال، لأن الإنتخاب الطبيعي سوف يقرض كل شيء ضعيف ويبقى الأقوى، وبما أن عيون الطيور هي الاقوى اذن ستبقى الطيور هي المبصرة والأقوى، ويحتاج كل انسان ان يدرب طائرا لكي يهديه إلى طريقه. هذا ليس استهزاء، بل استكمال للنظرية.

أصلا ما قيمة النظر بلا مخ ولا عقل؟ هل فكروا في هذا؟ ألست تقف في الشارع وتمر من عندك عشرات السيارات وأنت سارح الذهن، ولو سألناك هل مرت سيارة زرقاء أو سوداء لقلت لا أدري! مع أن عيونك على الشارع. لكن لو كنت تبحث عن سيارة لونها اخضر لكنت عرفت انه لم تمر حتى الآن أي سيارة لونها أخضر. اذن ما فائدة العيون بلا عقل؟ ماذا تستفيد من جهاز تصوير غير مرتبط بالعقل؟ وما يسمونه بالخداع البصري هو معالجة الشعور والمخ لهذه المناظر، وهي أفضل معالجة ممكنة، فإذا دارت العجلة بسرعة ثم ازدادت سرعتها تنظر إلى دورانها وكأنه أصبح عكسيا، لماذا؟ لأن المخ لا يستطيع أن يتابع ويصحّح كل هذه السرعة، فيعطيك حركة عكسية لتعرف أنها تدور وليست ثابتة، لأن شكلها يوحي بأنها قطعة واحدة. العين لا عمل لها، بل المخ هو الذي يعمل، وما وُجدت إلا لأجل المخ، العين عبارة عن نافذة، وليست قطعة لوحدها حتى تقيّم لوحدها. لا يمكن أن تتكلم عن العين وتقيّمها لوحدها بينما هي لا تفيد حتى تكون مرتبطة بالتركيز، فبدون ارتباطها بالتركيز والذاكرة فكأنك لم تر شيئا، ولاحظ اختلاف الناس في دقة الملاحظة البصرية، مع أن كلهم يشاهدون نفس المنظر، فهل هذا الألمعيّ الذكي دقيق الملاحظة يحمل قدرات بصرية أكبر من الآخرين أم أنها قدرات عقلية ذكائية؟ إذن هذا الفصل عملية غبائية وليس عملية علمية. لاحظ القدرات الخارقة عند بعض البدو في معرفة الأثر والطرق في الصحراء، و هم يعتمدون على أعينهم في الأكثر. إذن لا قيمة للعين لوحدها، فلابد من وجود العقل.

لو كان التصميم فاسدا لأثّر على حياة الانسان وفسدت حياته بسبب سوء مصنعية عيونه، ولما راينا هذه العبقرية ودقة الملاحظة المعتمدة على البصر عند بعض الناس، أليس كذلك أيها الأذكياء؟ لكننا نرى الإنسان يستطيع أن يطير بطائرة تسبق الصوت مرة او مرتين ويحدّد نقطة محددة ليقصفها، ويرى بعيونه الأشياء المكبّرة إلى 500 ألف مرة أو أكثر، كما يرى في التلسكوب النجوم والمجرات الهائلة البعد، ولم يعاني أحد من العلماء من ضعف في البصر إلا بشكل خاص، ولم نجد هذه الشكوى إلا عند هؤلاء التطوريين، شكاوى مضحكة جدا، تشبه شكوى : لماذا ليست عظام الإنسان هي الخارجة بدل أن تكون داخلية؟ اذن هذا نموذج فاشل! إنها عقلية مصنعية غبية. أو : لماذا عظام الإنسان من الكالسيوم وليست من الحديد أو البلاتينيوم ليكون أكثر صلابة؟ اذن هذا خطأ مصنعي. ولماذا لا يطير الإنسان؟ اذن هذا خطأ، وهكذا مع رواد المصانع .. سوف يستمرون على هذا النهج لأنهم لا يدركون الحقائق ولا يعونها، ومصرّون على فكرة جاهلة في الطبيعة وهي فكرة داروين التي ماتت وشبعت موتا ولكنهم يحيونها، مع أنها ليست فكرته أصالةً.

هناك شيء اسمه قصر واستكمال يُلغي فكرة الخطأ في التصميم، هناك وظائف لكل كائن حي، تتحكم في شكله وقدراته، وهناك توازنات مع غيره هي التي تنتج قانون القصر أو قانون الإستكمال، يجب إعادة النظر في الطبيعة بطريقة أخرى.

في الأخير : ما النتيجة من نقد تصميم العين؟ النتيجة أننا نرى بوضوح. إذن عملية الإبصار ناجحة، سواء الكابلات في الأمام أو في الخلف. التحدي أن تصنع كاميرا كابلاتها في الأمام وتكون ناجحة.    

كيف فصل الدكتور المخ عن العين وهما مرتبطان أصلا؟ عين الصقر ما فائدتها بدون ارتباطها بمخه؟ هذا الكلام سبق الرد عليه وبيان خطئه حتى من ناحية عقلية، لأنها كائنات تعيش في الظلام فتحتاج إلى عيون تخبرها عن النور حتى تبتعد عنه، وإلا لوقعت في النور وهي لا تدري، مسألة لا تحتاج إلى كثير ذكاء، لذلك عيونها بسيطة ومغلفة بالجلد لكي تعرف ان هناك نورا تبتعد عنه، هكذا خُلِقَت ولن تنقرض هذه العيون، لأن انقراضها يعني انقراضهم، فلم يتطور شيء ولا يحزنون، بل لو تطور لهلك كما في مثل هذه القصة. ومن هذا المجنون الذي يتطور بفقد عيونه؟

كيف لكائن حي كان يستخدم العين ويعتمد عليها أن يستغني عنها ويتخلص منها؟ وكيف كان يعيش في النور والسعة ثم يلجأ إلى الكهوف أو يندس في التربة ويعيش بقية حياته في هذا السجن المظلم؟ تماما مثلما قرر الهيبو أن يبدّل جنسيته من حيوان بري إلى حوت مائي، هذا تخريف.

ويا ترى أين كابلات عيون الصقر وأمثاله؟ أم أن كل العيون معيبة حتى يرضى الملحد؟ نلاحظ اختلافات بين الكائنات الحية في حدة الإبصار، فهل هذا يعني وجود عيوب؟ مثل ما نلاحظ اختلافات بينها في السرعة، فهل هذا عيب آخر؟ هناك توازنات ونقاط ضعف ونقاط قوة لكي يتم التوازن، فلا يوجد مخلوق هو الأقوى في كل شيء، وما دام المخ يتكامل عمله مع العين فالعين كاملة. وإذا كان المخ هو معمل تعديل الصور التي تتلقاها العين، فلماذا لا تعدّل نظر المصابين بعمى الألوان والانحراف وغيرها؟ لا يوجد جهاز في الجسم يعمل لوحده أساسا. الرِّجل لوحدها جهاز فاشل، لا بد من عمل المخ مع الكل، وليس فقط العين، ما يستفيده الإنسان من عينه أكثر مما يستفيده أي مخلوق آخر، أليس كذلك؟ فاليد الانسانية مثلا يدٌ أقامت الحضارات، مع أنها أضعف من يد الأسد أو الغوريلا، والسبب لأنها مرتبطة بالمخ، إذن يد الإنسان أفضل من يد أي حيوان، وبالتالي عينه أفضل من عين أي حيوان أو مخلوق آخر.

لو كانت المستقبلات الضوئية في الأمام لانجَهَر الرائي من الأنوار العالية، ومع ذلك يضطر الكثيرون للبس نظارات شمسية، مع وجود هذا العيب المزعوم، فما بالك لو كانت مُستقبلاتهم الضوئية في الأمام؟ ربما احتاجوا إلى نظارات لِحام المعادن الثقيلة السواد. كثير من الناس يعانون من قصر النظر بسبب الأضواء التي تجهرهم، خصوصا في الليل. بل ربما تأثرت المستقبلات الحساسة بالأنوار السريعة والباهرة، ألا تلاحظ أن العين تتوقف عن الرؤية عندما يظهر نور قوي ومباشر وسريع؟ كذلك الأذن أيضا تَصِمّ إذا فاجأها صوت عالي وحاد وقريب منها فتتوقف عن السمع للحظات تطول او تقصر، إذن قل أن أذن الإنسان معيبة لأنها لا تتحرك!

المشكلة أن هؤلاء التطوريون كأنهم أصحاب مصانع وشركات إنتاج يخططون لأفضل نموذج، ثم بعد كل تطويرهم سيرجعون إلى العين الطبيعية. المشكلة أن هذه العقلية التجارية مقحمة في العلم.

(الدقيقة : 32) يتحدث الدكتور عن مثال آخر ربما يكون أكثر شهرة من مثال العين المعيبة، وهو مثال العصب الحائر، وهو أحد الأعصاب الجمجمية، ويتكون من فروع اربعة، وأحد فروعه الاربعة يسمى العصب الحنجري الراجع، ويتكون من فرعين، ومن المفترض أن ينزل الفرعين من هذا العصب إلى الحنجرة، لكنهما ينزلان الى القلب ويلتفان حول الاورطي، ويرجعان للحنجرة، لماذا هذه اللفة؟ هذه اللفة تزيد من طوله ثلاث مرات. و في الزرافة البالغة يصل طوله إلى 450 سم، وهناك مقطع في اليوتيوب لريتشارد دوكينز مع فريق التشريح في الكلية الملكية البيطرية، يكتب دوكينز عن هذه التجربة بانتشاء دائما، لأنها لم تجر إلا مرتين فقط، مرة في عام 1837 على يد ريتشارد أوين، وهذه المرة في 2009 مع أن اوين لم يلاحظ الدلالة ولم يسأل لماذا التف هذا العصب اللفة الطويلة هذه، فالمفترض في أي تصميم ذكي أن يُراعى مبدأ الاقتصاد، وهنا الخلقوي تعضل به المسألة، ومن الصعب أن يقدم تفسيرا، فيقول لك : لله حكمة في كل شيء، وطبعا لدى الخلقوي منهج تفسيري عام، يقول كل شيء ولا يفسّر شيئا, بينما التطوري يفهم لماذا حدث هذا، وذلك بالتفاصيل الطويلة، ولمن يريد الاطلاع ان يطلع على كتب، منها كتاب داوكينز "اعظم استعراض على الارض" ، بتفصيل ممل ومقارنات، وهو تفصيل للعوام وليس تفصيلا تخصصيا، ولكن ببساطة واختصار ما حصل هو التالي : بما اننا والزراف والشمبانزي والثدييات كلها أبناء السمكة، فالحل موجود عند السمكة، ويمكن الرجوع لكتاب "السمكة في داخلك" مع انه يحتوي على اخطاء رقمية، نرجع للسبب : الاسماك ليس لها رقاب، وهذا العصب النازل من رأس السمكة يغذي آخر ثلاثة خياشيم من الجهتين، من اقرب طريق، لكن حصل تطور عبر ملايين السنين، اختفت هذه الخياشيم وصار بدلا لها في المرحلة الجنينية الأولى للانسان ما يسمى بالاقواس البلعومية، وهي نفسها الموجودة في الاسماك، وهي التي ستتطور الى خياشيم، بينما في الانسان لا تتطور الى خياشيم بل لأعضاء أخرى، منها الدرقية وجارة الدرقية، واعضاء اخرى، والحنجرة، ومع هذه السمكرة والتمطيط والمد، لم تعد المسألة بتلك السهولة كعلاقة الخياشيم بهذا العصب السهلة والمفهومة، اذ دخلت العملية بعضها في بعض، وصار بدل ان يعمل هذا العصب من اقصر طريق، اصبح كأنه يضل ويمتد ليعود من الجهتين، وهذا بسبب أننا سمكة معدلة اختلفَ تموقع بعض اعضاءها، فالمسألة كلها تطورية ناتجة عن تعديل وليست مصممة ، اذ لو كانت مصممة لاتصل العصب من اقصر طريق كما هو في الأسماك الاصلية.

الرد : رد الخلقويين التلقائي رد منطقي، وله نصيبه من المنطق، لأنه قياسا على دقة خلق الله، إذا وجدنا شيئا لم نفهم سببه وقد يُفهم فيما بعد فعلينا أن نؤمن قياسا على كثرة ما رأينا من إعجاز الخالق ودقة صنعته، وهذا من الأدب واحترام العقل، فإذا كنت تعمل مع عالمٍ في مختبر وهو بشر، لا يليق بك أن تقول عند أول شيء لا تفهمه بأن هذا عبث، فما بالك مع الله؟ هذا فجور. ونحن نرى كل هذا الإعجاز العظيم، فقط عندما وجدنا شيئا لم نفهمه بعد وقد نفهمه لاحقا قلنا ان هذا عبث وأنه لا يوجد خالق؟ لم لا نقول اننا نحن جاهلون؟ اصبح الجاهل هو الله وليس نحن؟ ما هذه العداوة لله وعدم احترامه؟!

وها هي الزائدة الدودية أزعجتمونا بأنها بلا فائدة، وفي الأخير اكتشف العلم ان لها فائدتان. اذن من يؤمن بأن الله لا يخلق شيئا عبثا، جاء العلم على كلامه ولم يأتي على كلام العبثيين الذين قالوا ليس لها فائدة وسمّوها زائدة. ومع الأسف ان اسمهم هو المشهور، المفترض أن تسمى الفائدة الدودية وليست الزائدة الدودية، وقد قالوا ان حجمها صغير كأنها بقية من المصران الأعور الذي يكون طويلا عند الحيوانات المجترة، صغر حجمها أوحى لهم بأنها تتقلص مع الوقت حتى يمحوها الانتخاب الطبيعي لاحقا، مع أن حجمها منطقي، لأن الإنسان مشترك التغذية، فهو يأكل لحوما وألبانا ونباتات، فصار حجمها مناسبا، أما المجترات فلا تأكل إلا النباتات، لذلك تحتاج إلى غرفة تعفن أكبر حتى تساعدها البكتريا على هضم هذا العلف النباتي بطيء التخمر، أما اللحوم فهي تتخمر بسرعة.  

العلم يصحّح جهل التطوريين كل فترة، ولكنه يحتاج إلى أزمان، فحركة العلم بطيئة، وحركة العقل أسرع، مثل ما صحح فكرتهم عن سمكة الكولاكنث التي قالوا انها انقرضت قبل ملايين السنين وأن بها رئة بدائية، والحقيقة انها سمكة موجودة ويمكن طلبها من الصيادين في جنوب شرق آسيا، وليس بها رئة ولا يحزنون، مجرد كذب لصالح نظرية التطور.

الحقيقة ان التطوريون هم من يحتاجون إلى سمكرة، والعلم يسمكرهم مع الزمن.. من السهل جدا أن تقول : ما الفائدة من هذا الشيء أو ذاك؟ لكن إثبات فائدتها علميا يحتاج لسنين وتجارب. دائما السؤال سهل والجواب صعب في أكثر الأحوال. وأيضا من غير المنطقي أن تتطور هذه السمكة إلى مخلوق آخر بالكامل كأن يكون إنسانا أو حصانا ويبقى فيها عصب واحد لم يتغير ولم يتطور، بل بقي على حاله! بل هو يكاد يكون الوحيد الذي لم يتطور! فهل هذا يُعقل؟ تطوّر ما هو اعقد منه وأكثر وأكبر! وتغيرت أجهزة وظهرت اعضاء بالكامل وهذا العصب لم يتغير؟! أين مكنسة الانتخاب الطبيعي لتمسح هذا العبث؟ 

كل شيء تغير في الكائن إلا هذا العصب الحائر؟ يذكر كتاب gray's anatomy أن هذا العصب له مهام مع القلب والمريء وليس فقط الحنجرة، فهذا العصب الراجع له علاقة بالقلب والمريء.

التطوريون يقعون في خطأ منهجي علمي، وهو ما لم يصل العلم إلى تفسيره الطبيعي يُفسّر بأنه غباء وعبث، وهذا يدل على عدم علميتهم وأنهم مؤدلجون، العالِم يقول : لا ادري، عن الشيء الذي لا يدري عن سره، ويقول : علينا أن نبحث، ويقيس ما لم يعرف على ما عرف، وقد عرف أن كل شيء منظّم، فلا يليق بعالم يحترم عقله أن يقول أن هذا الشيء عبث لأنني لا أعرف لماذا! وبناء عليه لا يوجد إله وانتهى الأمر!

في هذه الحالة هو انحرف عن العلم إلى الايديولوجيا، لو كانوا يعرفون كل شيء لكان لهم حق أن يقولوا : هذا غباء وهنا إجادة. من تكبّرهم جعلوا أنفسهم مصحّحين لأخطاء الخالق، بينما هم لا يعرفون شيئا عن حياتهم ولا أنفسهم ولا مستقبلهم. إدعاء الغيب كثير عندهم، وهو بدافع الأيديولوجية طبعا، وهنا نعرف أن العلم انحرف عن مساره، لم يكن العلماء المحترمون يقولون مثل هذا الكلام عن الطبيعة.

التطوريون كأنهم سيطروا على العلم وعرفوا كل شيء، مع أن الإنسان لم يؤتى من العلم إلا قليلا، وقد يكتشف العلم هذا السر ثم يسكت التطوريون عن هذا الموضوع ويثيرون مواضيع أخرى كعادتهم، كان الغباء أكثر في السابق، وقد عدّوا 111 عضواً في الإنسان اعتبروها بلا فائدة و أثرية، لكن هذا العدد يتراجع على استحياء مع تقدم العلم، بل كانوا يتكلمون عن الخلية بأنها بسيطة جدا وأنها المادة الخام لبناء الجسم، فاكتشف العلم أنها اعقد بآلاف المرات مما كانوا يظنون، واكتشفوا فيها مصانع لو طبقت على الواقع لأخذت مساحة بقدر مدينة نيويورك. كعادتهم ينسون كلامهم السابق، طبعا بدافع الأيديولوجيا وليس العلم، لأن الرأسمالي الممول يريد ذلك. لو لم يكتشف العلم عظمة وتعقيد الخلية لاستمروا في الترديد بأنها تافهة وبدائية وبسيطة، لذلك تقدم العلم ضدهم وليس معهم، هؤلاء الذين يصفون الطبيعة بالغباء سيفضحهم العلم ويكشف غباءهم، لأنه لا مكان للفراغات في الطبيعة، فكل شيء محكم وكل شيء معجز ومحير، لكن لا يخدمهم أن تكون هكذا الطبيعة، لأنهم يحبون أن تكون حياتهم فوضى.

(الدقيقة : 36 الثانية : 40) يتحدث الدكتور عن الأسهر، وهو ناقل المني، وقد سبق أن ذكره الدكتور في حلقة سابقة، وقضيته متعلقة بالمسار التاريخي للتطور، وأثره باقي إلى اليوم، وهو شاهد تاريخي باقي في أبداننا، قضيته كالتالي : لدينا كليتان، وينزل من كل منهما حالب، متصلان بالمثانة، ولدينا الخصيتان وعضو الرجل، ويخرج من كل خصية ناقل يدعى الأسهر وهو ناقل المني، والمفترض أنه لو كان هناك تصميم في البداية، يجب أن يكون هذا الحبل قصيرا جدا، أفضل له وأفضل لنا، ومباشرة ينتقل من الخصية إلى مكانه في عضو الرجل، لكن ليس هذا هو الحاصل، فالحاصل هو أن الاسهر يرتفع ويلتف حول الحالب ثم يعود إلى مكانه في القضيب، وكذلك الأمر مع الأسهر الآخر يلتف حول الحالب الآخر ثم يعود إلى مكانه في القضيب، وهذا كما يعلم الجراحون يتسبب لدى الرجال بالفتق الإربي، وهو فتق إذا لم يُعالج فقد يقتل، وهذا خطأ كبير، هذا ليس تصميما، لو كان تصميما من أول الامر لما كان هكذا. هنا يدخل التطور ويقول أن المسألة مفهومة وسهلة تماما، فيجيبك أننا أبناء السمكة، وفعلا نجد الغدد الجنسية في الأسماك في الأعلى قريبة من القلب، والغدد الجنسية (الخصيتان) في أسلاف الإنسان كانتا فوق، في مكان موازي من الكليتين، وتطوريا نحن كنا كائنات رباعية الاطراف والعمود الفقري لنا كان افقيا، ولما انتصبنا عبر ملايين السنين نزلت الخصيتان، وقد نزلتا لأسباب، المرجح من هذه الاسباب هو ذاك السبب المتعلق بالحرارة، فكان من الأفضل أن تنزل إلى خارج البدن في كيس الصفن، أثناء رحلة النزول هذه حدث هذا الخطأ والتفّ الأسهر على الحالب من الجهتين. وهذا تفسير عجيب وذكي ومقنع إلى حد بعيد جدا، إذن المسألة ليست تصميما، المسألة سمكرة.

الرد : تم الرد سابقا على هذه النقطة في الحلقة 11 من سلسلة الردود.

بخصوص شبهة الأسهر، يمكن مراجعة مقال الباحث E.van Niekerk عبر هذا الرابط :


(الدقيقة : 41 الثانية : 40) يتحدث الدكتور عن المذيع روبن وليامز، وهو عميد المذيعين في سيدني، استراليا. له اهتمامات علمية وكاتب ولديه حس الفكاهة، وتقريبا يبدأ كل برامجه الصباحية بالشكوى من ظهره، ثم يقول أنه يستطيع كل ظهر أن يُقيم دعوى على من يدعي وجود تصميم مسبق للظهر، وذلك لكثرة متاعب الظهر، تقريبا معظم الرجال بعد سن الأربعين يعانون من آلام الظهر، وهذا لأن الظهر لم يصمّم كما قال روبن وليامز بل مسار تطوري وسمكرة غبية وليست جيدة، لماذا؟ عندما كنا كائنات رباعية الاطراف نمشي بطريقة أفقية، المسألة كانت محتملة ولا يوجد ضغط على العمود الفقري، فلما اضطررنا أن ننتصب لنسير في السافانا لنلاحق غذائنا بعد ان انحسرت الغابات واصبحت مساحات مكشوفة، فاضطررنا أن ننزل ونمشي على الأرجل، بعدها أصبحنا نعاني المتاعب، في الرقبة والظهر والعمود الفقري بشكل عام. وتذكر آخر الدراسات في عام 2015 لعميد الجراحين لأحد كبرى المشافي لجراحة العظام والعمود الفقري خصوصا، يقول فيها انك إذا أملت رأسك إلى الأمام بزاوية 60 درجة، فهذا بمثابة وضع ثقل على فقرات الرقبة يساوي 27 كيلوجرام، ومن هنا يوجد خطر على من يكتب ويدرس، وكذلك من يتابع الأجهزة الذكية، لمدة طويلة تصل إلى 4 أو 5 ساعات. وقد يستدعي تدخلا جراحيا، وهذا كله بسبب التطور. فالإنسان لم يُخلق ليعيش منتصبا وعموده الفقري عموديا، بل ليسير على أربع وعموده الفقري أفقيا. فطالما أحببت أن تعيش منتصبا فتحمل الضريبة. هذه مشكلة متاعب الظهر، فنحن غير متكيفين لنعيش منتصبين في الأصل، لكننا أردنا أن نتكيف مع هذه الوضعية إلى اليوم ولا نزال ندفع الأثمان الباهظة.

الرد : خُلق الإنسان ضعيفا، هل القرد والليمور والكنغر يعانون من آلام الظهر وهي تقف أوقاتاً كثيرة على قدمين؟ وهل الطيور تعاني من الضغط والسكر وآلام الظهر لأنها تقف على قدمين؟ طبعا لا، هذه أمراض تصيب الإنسان لأن الإنسان مسكين والقلق يضغط عليه من كل جهة، الحيوانات تعيش طبيعتها، ولذلك هي الأقل أمراضا. أيضا أوجاع الظهر ليست عامة عند كل الناس، لا تنس وجود لاعبي الجمباز والحركات البهلوانية و هي صعبة جدا، وكذلك رافعي الأثقال، ومع ذلك لم يتأثروا.

آلام الظهر تأتي في الغالب مع الإجهاد والبرد والانحناء الطويل مع رفع أشياء ثقيلة، وكذلك الإدمان الجنسي لأنها تصيب الرجال أكثر من النساء، لأن الذكر هو الفعّال في العملية الجنسية ويتحرك أكثر خصوصا منطقة الظهر، والعُري المصاحب في العادة يسمح بدخول البرد على عضلات الظهر بعد الإنهيار الجنسي. مع أن النساء يحملن أوزانا إضافية في فترة الحمل لمدة تسعة أشهر ولا يصبن بآلام الظهر بعد عدة بطون من الحمل كظاهرة. وهذه الآلام تصيب العضلات لا الفقرات، وهنا تصحيح للمعلومة التي ذكرها المذيع، والمشكلة ان كثير من الاطباء يقعون فيها. إنها آلام عضلات وليست آلام عمود فقري وفقرات.

لم يكن أسلافنا السابقين (اقصد الأجيال السابقة وليس أسلاف التطور) يعانون نفس المعاناة، لأنه بسبب تطور وسائل الراحة نتج عن ذلك ضمور في عضلات الظهر وزيادة في الوزن، مع حصول إجهاد مفاجئ. هذا ليس عيبا خلقيا، هذا عيب في اسلوب الحياة المادي. إذن قل هذا عن بنكرياس الإنسان أيضا أنه عيب خلقي، لأن نسبة المصابين بالسكر في العالم مرتفعة.

لو كان عيبا في التصميم لشمل الجميع نساء و رجالا، هذا هو المنطق، ولو كنا بنفس الظروف ومصاعب الحياة والقلق وراحة الجسم وتأنيب الضمير لآلمتنا ظهورنا حتى لو كنا أُفُقيين، أو نزل الألم إلى الركب والمفاصل أو الرقبة. الحيوانات لا تعاني من الصراع بين الخير والشر ولا القلق، ولم تعبث بطبيعتها وأسلوب حياتها الذي أبعد الإنسان عن الطبيعة، ولم تعبث بتغذيتها، و الأقرب للحياة الطبيعية بشقيها المعنوي والمادي نجدهم هم الأصح أجساما. واستقامة الإنسان بهذا الشكل الممشوق جعلته الأحسن تقويما من بين كل الحيوانات، وجعلت يديه حساستين، فلو كان يستخدمهما للمشي لما كانتا حساستين ومرنتين، تقريبا هو المخلوق الوحيد الذي يستخدم يديه لغير المشي. يوجد تناقض بين وظيفتي المشي والجري على اليدين وبين استخدامها في أعمال دقيقة كالرسم والكتابة وغيرها. إن آلام الظهر هي المنبه الأول للإجهاد والتعب، لو لم تكن موجودة لأرهق الإنسان نفسه دون أن يدري.

منطقة الظهر منطقة خلفية لا يهتم فيها الإنسان ولا حتى في التدفئة، فهو يدفئ نصفه الأمامي ويهمل الخلفي بشكل عام، لا تنس اللباس الغربي المنفصل وغير المتصل في منطقة أسفل الظهر، اذ تنكشف هذه المنطقة مع الانحناء وتتعرض للبرد. الجماعة يحبون العري والجنس بكثرة، بسبب قلة الإحتشام، مع أن أجواءهم باردة طيلة العام، بل إنهم يحتقرون البرد ولا يرون أنه يسبب أمراضا، بل يرمي بعضهم بنفسه في الأنهار والبحيرات المتجمدة، ثم يشتكي من ظهره بعد كل هذا، أو يشتكي من الإلتهاب الرئوي، إضافة لتأثير الخمور والمخدرات عليهم، فهي تتعب الجسم وتنهكه، فالخمر يحسّس الإنسان بالدفء الوهمي، بينما هو بارد. و لديهم أيضا عادة النوم نصف العاري وهذه تجلب البرودة للعضلات، خصوصا عضلات الظهر، ثم ينقلب فيصيبه الهواء البارد وتتقلص العضلات. وعلى هذا سنستمر في إحصاء العيوب، فأسنان الإنسان ضعيفة وتصاب بالتسوس، حتى الأطفال يصيبهم ذلك، مع أن الكثير منهم يستخدم الفرشاة والمعجون، بينما الحيوانات لا تصاب بالتسوس ولا تستخدم معجونا ولا فرشاة، اذن هذا عيب آخر، والصداع عيب ثالث يصاب به كثير من الناس، والحموضة عيب رابع، لماذا لم يبطّن المريء مثل ما بطّنت المعدة فلا يتأثر بالحرقان؟ وعلى هذا المنوال نستمر.. هذا ضربٌ في العمى، هذا جهل وليس علم، أولاً فليحددوا ما هو الإنسان وماذا يجب أن يكون وما هي غاية وجوده، وإلا فسنستمر بطرح العيوب، سواء على الإنسان أو الحيوان أو الأشجار، لماذا تنكسر غصون الأشجار؟ لماذا ليس فيها موانع صواعق حتى لا تحترق وتحرق الغابة؟ إذن لا يوجد اله! بهذه السذاجة الإلحادية تؤخذ الأمور وتسمى علما عظيما..    

(الدقيقة : 46 الثانية : 30) يتحدث الدكتور عن عيب تصميم آخر، عند حيوان الكوالا الجرابي أو الكيسي، والذي أصبح أيقونة وأوشك على أن ينقرض. عند الكوالا الاسترالي عيب كبير لا يمكن أن يحكي تصميما ذكيا، بل يحكي تطورا عن طريق السمكرة، وهي أن كيسه يفتح إلى الأسفل، مع أنه يتسلق جذوع الاشجار، وهذا سيجعل ابنها على خطر الوقوع، وسيكون متوترا وعلى أعصابه خشية السقوط، لماذا هذا يحدث؟ هنا لا يوجد تصميم، أي تصميم يفعل مثل هذا الشيء؟ بل هذا تطور من حيوان يدعى الومبت وهو حفّار، والكوالا تطورت من سلف شبيه جدا بالومبت، وهذا الومبت السلف الأول القديم للكوالا والذي كان جرابيا، طبيعي أن يفتح الجراب لديه للأسفل، فلو كان جرابه مفتوح للأعلى وهو يحفر، فسيدخل التراب إلى الجراب، ويتضرر الصغير داخله، بينما الفتحة إلى الأسفل لا تُدخل عليه التراب. وعلى هذا كيس الكوالا يفتح لأسفل لأنها مجرد تطور لحيوان حفار كيسي قديم شبيه بالومبت كان جرابه يفتح إلى الأسفل، وهذا الجراب المفتوح إلى الاسفل في الكوالا شاهد تاريخي على وقوع التطور.

الرد : هذا الكيس في الكوالا يفيد وقت النوم وفي البرد، لكن لو كان مفتوحاً إلى فوق فسيكون الطفل كسولا ولا يتعلم تسلق الأشجار ولا تسلّق ظهر أمه حتى، ثم كيف تحتضن أنثى الكوالا الأشجار والطفل في هذا الكيس المقترح؟ بالعقل يعني! ذلك سيعيقها لو كان علويا، لو كانت مثل الكنغر لما استطاعت أن تتسلق ولكان الإحتكاك يقع على الكيس من جذع الشجرة. لماذا الفكرة المسبقة بأن الطفل كأنه بيض موضوع في سلة؟ إنه طفل يتحرك ولا بد أن يتعلم ويشد عضلاته ويتسلق ظهر أمه إذا أراد أن يتسلق الشجر، أفضل من أن يكون محمولا في كيس فقط. حتى الومبت هل ستحفر الأم في التراب والإبن في كيسها؟ طبعا سيعيق حركتها ويتأذى من التراب حتى لو كانت الفتحة سفلية. مشكلة التطوريين في أفكارهم البشرية عن هذا الكيس، فالكيس فائدته عندهم حمل الطفل فقط، فلماذا يكون الكيس مقلوباً؟ إذن هذا خطأ بدليل لو أنك أخذت كيسا من السوبرماركت مقلوبا لوقعت الأغراض، اذن هذا خطأ في التصميم! اذن لا يوجد اله ولا تصميم، بكل سطحية إلحادية.

الطبيعة أكثر دقة من تفصيلاتنا كبشر، الوظيفة تحدد نوع الكيس وفائدته لكل نوع، قد يكون الكيس للمبيت فقط في هذا النوع وللحمل في النوع الثاني، الكنغر يحتاج إلى أن يجري وأن يهرب، لذلك يحمل ابنه في كيسه المفتوح من أعلى، الكوالا حيوان متسلق إذن ابنها يجب ان يتعلم التسلق، لا ان يبقى محمولا في الكيس مثل الكنغر التي تُبقي ابنها في الكيس، لأنها لو لم يكن محمولا معها لما استطاعت ان تنقذه، من خلال الجري السريع الذي لا يستطيعه الطفل، وهي حيوانات قفازة، فقفزة الكنغر تخبر عن مكانه، فيصعب عليه ان يختبئ مثل ما يختبئ الأرنب، فلزم ان تحمله امه في هذا الكيس، أما في حالة التسلق فلا يوجد خطر، فلماذا يُحمل في كيس؟ عليه أن يتحرك هو ويشد عضلاته ويتشبث بظهر أمه، لأنه عما قريب سيتسلق بنفسه، فهذا الكيس للنوم وليس للحمل، بينما ابن الكنغر يعيش في ارض مفتوحة ولا يملك القوة أو السرعة، لذلك تحمله أمه حتى يشب ويكبر، فينزل من الكيس ويجري ويقفز.

هذا العيب المزعوم في التصميم ماذا نتج عنه؟ هل يعقل أن يكون هناك عيب في التصميم ولا توجد عواقب ونتائج لهذا الخطأ؟ سيكون العيب في عقل الناقد وليس في الطبيعة، أن تفترض وجود عيب ولا توجد نتائج سيئة لهذا العيب! العيب اذن في عقل الناقد. لو كان عيبا حقيقيا لبانت آثاره، بينما الكوالا تعيش وعاشت من القديم ولم تتضرر.      

يمكن أن تخدش الجذوع ابن الكوالا لو كان الكيس مفتوحا إلى أعلى، فكيف أصبح هذا خطأ فظيعا؟ الخطأ الفظيع هو اقتراح التطوريين. لكل حيوان قوانينه، وليست هناك أخطاء في الطبيعة أصلا، الأخطاء فقط في عقول البشر. الطبيعة لا أخطاء فيها أبدا، لنَقِس على المُعجز والمبدع الكثير، كيف يحصل كل هذا الإعجاز والتماسك والتوازن المحيّر العجيب في خلقة الله، ثم يكتشف الملحد خطأ هنا وخطأ هناك في خلق الله أحسن الخالقين؟ هذا لا يمكن أن يُنسب للطبيعة، من باب احترام العقل على الأقل الذي رأى هذا الإعجاز الهائل في الطبيعة، ثم كيف يسمّون أنفسهم علماء و هم يقولون مثل هذا الكلام المستهجن على الطبيعة وغباء الطبيعة؟ العالِم رأى واستغرب واندهش، فكيف يأتي ويقول: هنا غباء وهناك غباء في الطبيعة؟ هذا غير متناسق. نعم إذا كان المنتج بشريا فالنقد وارد، بينما في عالم الطبيعة لا يوجد شيء اسمه خطأ. وبالتالي لا يحق للإنسان أن ينتقد إلا ما فعله وما صنعه أو ما قاله هو. كيف تنتقد الطبيعة ولم تعرف ما سر الطبيعة ولا ماهية الحياة ولا الوعي ولا القوانين؟ لماذا هذه الأنواع فقط في الطبيعة؟ ولماذا هي موجودة وتتناسل وتموت ويأتي غيرها؟ الإجابات كلها تَخرُّص، فكيف تأتي لتكشف خطأ وتقول أنه في الطبيعة بينما معلوماتك عن الطبيعة لا تساوي شيئا يذكر؟ وطالما سمعنا : "أن العلماء كانوا يعتقدون كذا، واكتشفوا أن الأمر ليس كذلك..".

التطوريون الآن يعتقدون، وسيأتي العلم ليدحض اعتقادهم. إذا لم يكن هذا فجورٌ وكفرٌ بالنعم والتسخير، فما هو الفجر والكفر؟

هل من الضروري أن يحمل الومبت ابنه أثناء العمل؟ وهل يقضي حياته كلها في التحفير؟ هو يحفر جحرا لكي يسكن فيه ويلد فيه، و الومبت أرضي يحفر، بينما الكوالا متسلق، لهذا قالوا عن الومبت أنه قديم، لأنه حفّار وكيسه خلفي، حتى يثبتون أن الكوالا متطورة عنه. كل هذه مزاعم، لأن هذا عالم الغيب لا يطلع عليه إلا الله. من يقول أن هذا النوع أقدم من ذاك النوع هو شخص غاطس في الميتافيزيقا، لأنه يتكلم عن الغيب بموجب افتراضاته، فلا هو شاهد ولا جرّب ولا يحزنون، فكيف يسمى عالم؟ وماذا بقي للمتفلسف والقاص؟ ما الفرق بينه وبين العالِم إذن؟ العالِم هو من يعطينا الحقيقة بالأدلة القطعية القابلة للتجريب، وما سوى ذلك فلا يُحسب في نطاق العلم. لكنهم بعّجوا ووسعوا مفهوم العلم لكي يدخلوا خرافاتهم وأوهامهم معتمدين على احترام الناس للعلم وانبهارهم به في القرن التاسع عشر والعشرينز

كيف تُحطَّم الوظائف في التوازن الطبيعي بكل سهولة ويقول التطوريون أن هذا ناتج من هذا؟ كل هذا لأجل الكيس؟ أين علم الجينات؟ لو كان علم الجينات دقيقا لما احتاجوا لهذه الشواهد. الومبت ربما لا يسقط طفله أثناء النزول، لكنه قد يسقط أثناء الخروج، إن الخطأ هو في افتراض أن هذا الكيس لنقل الطفل، بينما هو يفيد بأشياء كثيرة منها التدفئة والعزل عن الرطوبة والحميمية والحماية الخ .. لو كان هناك خطأ لانقرض النوع، لأن الأمر يتعلق بالطفولة، وإلا لانقرض من قديم، عندما تقول خطأ فسوف يدفع النوع ثمن هذا الخطأ، ولا نجد أن هذه الأنواع التي قالوا أن فيها أخطاء قد انقرضت أو حتى تأثرت وتضررت، الضرر فقط موجود في عقول التطوريين.

كون الكوالا يتشبث بظهر أمه وهو صغير فهذا يجعله يتدرب على التشبث بجذوع الأشجار، ولو كان محمولا بكيس كالكنغر لأعاق أمه في تسلق الأشجار بسرعة حركتها ولأدى إلى الإنقراض، بسبب بطء حركتها وخوفها أن يحتك رأسه بجذع الشجر. إذن تفسير التطوريين هو الذي سيدمّر النوع.

(حتى نهاية الحلقة) يتحدث الدكتور عن الجيوب الأنفية، هذه الجيوب فيها عيب، ويعاني منه كثير من الناس، في الجيبين الأنفيين الفكيين، طبعا الجيوب لها مصارف تنزيل، من المفترض ان تكون مصارف التنزيل متجهة باتجاه متوافق مع الجاذبية الارضية، أي تصب إلى اسفل، لكنها في الواقع موجودة في القمة، أي ضد الجاذبية، كيف سيتم التصريف؟ سيكون عملية صعبة، وحينها سيحصل احتقان، وهذه سبب مشاكل للكثير من الناس، وقد يتطور إلى دخول فطريات تتسبب بالتهاب فطري وروائح كريهة ومشاكل وآلام وقلق.

إن هذا ليس تصميما، بل ناتج عن أننا كنا كائنات رباعية الأطراف تسير أفقيا، والرأس امتداد للجسم أفقيا، ونقطة التصريف لم تكن في الأعلى، بل في الأمام، وهي نقطة منطقية ومعقولة جدا، وهذا مثال ذكي وموحي يؤكد أن القضية قضية تطور وليست تصميما.

الرد : إذن لنستمر على تعييب التصميم في كل مرة : "لو كان للإنسان عين خلفية لكان أفضل، إذن هذا خطأ في التصميم"، "لو كانت عظامه من حديد لكان أفضل، إذن هذا عيب في التصميم"، وهكذا على طريقة الرأسماليين الصناعيين. هل يريد الدكتور ألا تحتقن الجيوب الأنفية للإنسان أبدا؟ هذه أفكار ملاحدة وليست أفكار علماء. لو كان تصريف الجيوب الأنفية للأسفل مباشرة، ألا يحدُث جفاف وحالة سيلان مستمرة واستنزاف لرطوبة الجسم في حالة الزكام والإنفلونزا؟ وها هو الدكتور يقول (عند بعض الناس)، تماما مثلما قال عن الظهر ، ويُرجع السبب للتصميم، مع أنه لا يشكّل كل الناس. هل هذا كلام علمي أو حتى منطقي ؟ لو كان عيبا في التصميم لكان كل الناس يعانون نفس المعاناة من الظهر أو الجيوب الأنفية، مثل العيب المصنعي في سلع الرأسماليين التي ينتجونها، فيشمل العيب كل النوع. بل تبارك الله أحسن الخالقين الذي خلق كل شيء بميزان. هو لا يريد أن يصنع إنسانا قويا وخالدا كما يتخيلون في عقليتهم المادية الصناعية، بل هو من قال (وخلق الإنسان ضعيفا)، وقال (كل من عليها فان). دعونا من هذا الغباء : انظروا للشيخوخة والموت، لماذا لا يعدّ هذا هو العيب الأول؟ لأنه يشمل الكل، لماذا لم يعتبروها عيبا وهي أوضح ما يُرى؟ لأنهم يعرفون نتائج الخلود وتراكم الأحياء على الأرض وقلة الموارد، اذن هم يعرفون التوازن الطبيعي لكنهم لا يحبون أن يذكروه. إذن كل هذه العيوب تابعة للتوازن الطبيعي وليست عيوبا، مثلها مثل فكرة الموت، لأن العيوب ليست فقط ما ذكره، فكل شيء له عيوب، لكن هذه العيوب مقدّرة وضرورية للتوازن ولو تغيرت لتغير التوازن، صيد الأسد له عيوب، وهجوم الكلب له عيوب، هذه ليست عيوب بل قصر، فلماذا الكلب لا يستخدم يديه في الهجوم كما يفعل الفهد؟ ولماذا الفهد لا يستخدم فمه في الهجوم بل يديه؟ إنه القصر وليست عيوبا. القصر لأجل التوازن وليست عيوبا، لأنه لو أعطي أحد القوة المطلقة لما كان هناك توازن ولتدمرت الحياة. إنها حكمة الله وليست فوضى.

إذن أول إنسان يقابلك وهو يتكلم عن هذه العيوب اعرف انه فاقد للعلمية، حتى لو كان بروفيسورا. أول كلمة تقولها له هي : ما رأيك بالموت؟ أليس عيبا عاما على كل الأحياء؟ دعنا من العيوب الخاصة، سوف يسكت ويغيّر الموضوع. هل هذا عالم؟ يصل غباؤهم لقمّته إذا تكلموا عن هذه العيوب، وأنا أنصحهم نصيحة ألا يتبجحوا بهذه العيوب، لأن أول من يقابلونه وهو يفكر بحرية سوف يحرجهم بذلك. ثم لماذا لا يعدّلون هذه العيوب ما دامت عيوبا مضرّة؟ ولو على أنفسهم، فتجعل البروفيسور الملحد يدخل غرفة العمليات ويغير تصريف جيوبه الأنفية إلى أسفل، وننظر ماذا سيكون حاله ومعه لفائف المناديل بشكل مستمر. أما العيوب التي ذكرها الدكتور، فهو يقول (عند بعض الناس)، إذن التصميم سليم، لو كان التصميم خاطئ لعمّ كل الناس.

فعلا الإنسان من أضعف المخلوقات وبلا أي وسيلة دفاع وصاحب أطول فترة طفولة، إذن سمّ هذه عيوبا أيضا. الكلام في اكتشاف العيوب يُنسب إلى ماذا؟ إلى السوبرمان النتشوي الذي يخترق البحار ويطير في السماء وينتصر على الجميع ويُبقي جيناته فقط بعد أن يتم سحق كل البشر لأنهم ضعفاء كحق طبيعي، هذا عالم مخاريف وكلام خرّافين.

هل القرود والغوريلا والشمبانزي والليمور تعاني من نفس معاناة البشر مع الظهر والجيوب الأنفية وهي شبه منتصبة؟ طبعا لا، بل هل الحيوانات تعاني من عدد الأمراض التي يعاني منها الإنسان؟ أين هو القط الذي يعاني من السكر؟ والكلب الذي يعاني من الضغط أو من عسر الهضم؟ وأين الجمل المصاب بالكآبة؟ أكثر الأمراض من نصيب الإنسان، فهل كل هذا بسبب الوقوف التعيس؟

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق