الاثنين، 23 أغسطس 2010

الإلحاد و التطور و المنطق "رد على موضوع : لا معقولية الوجود الإلهي .. لكامل النجار"





رد على موضوع  لا معقولية الوجود الإلهي – كامل النجار

اقتباس: كل الأساطير التي بين أيدينا من الشعوب القديمة، خاصةً شعوب ما بين الرافدين وقدماء المصريين واليونان وتراث الهنود الحمر في أمريكيا الجنوبية وتراث شرق آسيا وبلاد إسكندنافيا وغيرها، تشير إلى أنّ الإنسان اخترع آلهته وأديانه التي تحاول تفسير البيئة التي عاش بها.

الرد: كلمة تشير هنا غير علمية ، خصوصا عندما تخلط الغث بالسمين ، والديانات الوضعية بالسماوية ، وتستخلص حكما استئناسياً يوافق ما انت عليه . فلا يتناسب ذلك مع العقلانية التي تتطلب ان تتحرى الدقة والتمحيص وإفراد كل موضوع للبحث على حدة ، اليس هذا هو المنهج العلمي ؟

وهذا الحكم الذي اصدرته بعيداً عنه ، وإذا انطلقنا معك بنفس اللغة ( لغة تشير ) سنجد أنها تشير ايضاً إلى حاجة الإنسان إلى معبود ، وحاجة الفلسفة الأرضية إلى فلسفة سماوية مكمّلة لها ، لأن الأرضية لا تستطيع أن تكمّل دائرة بنفسها ، فهي كقدر بلا غطاء .

اقتباس: وليس هناك أكثر أو أجمل من التراث الميثولوجي الإغريقي بآلهته المتعددة وقصص حروبهم العديدة. وقبل بداية التاريخ الميلادي كانت الديانات عبارة عن تراث يخص المنطقة التي نشأ بها. وحتى ظهور ميثولوجيا موسى وبني إسرائيل لم يغيّر في الوضع شيئاً إذ ظلت الديانة اليهودية محصورة في منطقة فلسطين، باستثناء الفترة الوجيزة التي حدث بها السبي البابلي، ثم تحطيم الهيكل اليهودي عام 70 ميلادية مما اضطر اليهود إلى الهجرة حاملين معهم دينهم. وبظهور المسيحية واعتناق الإمبراطورية الرومانية لها أصبح الدين أممياً. وجاء الإسلام بسيوفه وخيوله ليجعل من الدين سبباً لفتح واستيطان مناطق شاسعة من العالم ونشر الإسلام بها. واقتسم الإسلام والمسيحية معظم العالم، جغرافياً، وظلت الديانتان- البوذية والهندوسية - الديانة الغالبة عددياً.

الرد: " بخيولهم وسيوفهم " هذه الكلمة غير دقيقة ، لأن اغلب المسلمين دخلوا الاسلام بلا فتوح ولا سيوف ، فأي فتح حدث لاندونيسيا او الملايو او الصين او غيرها ؟


اقتباس: وكان قدماء اليونان قبل الميلاد من أوائل الناس الذين حاولوا تفسير وجودهم ووجود العالم تفسيراً علمياً لا يعتمد على الغيبيات الميثولوجية. وقد أدى ظهور علم الرياضيات عندهم إلى اكتشاف بعض القوانين الحسابية والفلكية التي أثبتت لهم أن العالم تحكمه قوانين طبيعية ثابتة لا تتغير مع تغير الآلهة ولا تتأثر بحروبهم ضد بعضهم البعض. ولكن نسبةً لتفشي الأمية في العالم في ذلك الوقت لم تنتشر أفكار الفلاسفة وعلماء الرياضيات والفلك خارج نطاق ضيق جداً.
و قد أدي اكتشاف القوانين التي تحكم العالم إلى محاولة الفلاسفة
القدماء، وخاصةً أرسطوطاليس، إثبات أن لهذا العالم المحكم خالقاً ذا علم ومقدرة غير محدودين ويصعب فهم كنهه على العامة. ولكن أرسطوطاليس نفسه لم يكن يعرف كنه هذا الخالق فسماه "المحرك الرئيسي" Prime mover. وكان هذا المحرك الرئيسي بالنسبة لأرسطوطاليس هو المفكر والفكر نفسه في آن واحد. وهو أبدي وغير متحرك وروحاني. وكل ما يشغله هو التأمل المستمر في ذاته.
ويقول أرسطوطاليس: بما أن المادة ينقصها الكمال فلا يمكن أن يكون الخالق
مكوناً من مادة، فلابد أنْ يكون هذا الخالق قوى غير محدود بجسم. وبما أن المادة التي يتكون منها العالم لا تتحرك من تلقاء نفسها ولا بد لها من قوة خارجية تدفعها لتبدأ الحركة، فإن المحرك الرئيسي هو الذي يدفع العالم للحركة) (Karen Armstrong, A History of God, p48). وبالعكس من ارسطوطاليسن، يقول جيفرسون، الرئيس الأسبق للولايات الأمريكية المتحدة وأحد الآباء المؤسسين لأمريكا (أن تتحدث عن وجود غير مادي، فإنك تتحدث عن لا شيء. أن تقول إن الملائكة والروح والإله كائنات غير مادية، معناها أنهم لا شيء، أي أنهم غير موجودين. ولا يمكنني أن أقتنع بغير ذلك) (Richard Dawkins, The God Delusion, p42)

.
وجاء فلاسفة التنوير الأوروبيون وحاول بعضهم، مثل بيل Pierre Bayle، و ليبنز Leibniz و بوب Pope، إثبات وجود خالق للعالم، وجادل أكثرهم ضد وجود خالق للعالم ونفوا أهمية الدين، منهم فولتير وهيجل وكارل ماركس وبروش سبنوزا وجان جاك روسو وديفيد هيوم وعمانيويل كانط و بيرتراند راسل الذي سألوه لماذا لا يؤمن بالخالق فقال لهم (لم يقدم لي برهاناً كافياً بوجوده). أما عالم الرياضيات الفرنسي باسكال فقال: (الأفضل أن تؤمن بالإله كنوع من التأمين. فإن اتضح وجوده فيما بعد فسوف تكسب، وإن لم يكن موجوداً فإنك لا تخسر شيئاً) وهذا هو المنطق الذي يتبعه أغلب المؤمنين بوجود الإله.
وعندما جاء شارلس دارون بنظرية التطور عن طريق الاختيار الطبيعي،
Evolution through natural selection أي البقاء للأصلح في عام 1859م، ضرب العلم أول مسمار في نعش الإله إذ أثبت دارون بنظريته هذه أن الطبيعة تختار الأفضل للبقاء والتكاثر بينما ينقرض الأضعف الذي لا يتكيّف مع محيطه.

الرد: كيف أثبت داروين بنظرية ؟ أليست النظرية نظرية والحقيقة حقيقة ؟ هذا كلام يفتقر للدقة .. من المفترض أن يثبت بحقيقة ، لكن الهوى يجعل النظرية حقيقة والحقيقة نظريّة .
اقتباس: وقد أثبت علماء الأنثربولجي عن طريق الحفريات وبقايا الهياكل العظمية في الكهوف القديمة، أن الإنسان فعلاً قد بدأ حياته حيواناً من ضمن بقية الحيوانات الثديية وبالتدريج ازداد حجم دماغه وفقد الأجزاء التي لا يحتاجها من جسمه، مثل الذنب والشعر الكثيف، ومشى على رجلين بدل أربعة. وبدأ هذا التاريخ الطويل قبل حوالي 150 ألف سنة تقريباً.
  
الرد: هل من المنطق والحكمة أن يترك الإنسان شعره في المناطق المختبئة في جسمه كالابط والعانة التي لا تنفعه في شيء ، ويزيله عن البطن والظهر والرقبة التي هي مناطق حساسة ؟ أين الحكمة من التطوّر هنا ؟ لماذا يكون الشعر خشنا في مواضع وناعما في أخرى ؟ بينما القرد ليس كذلك ؟ وهل عينا القرد مثل عيني الانسان ؟ وحجمه ليس كحجمه ، وأطرافه ليست كأطرافه ، وذيله أيضاً ، هذا مع إختلاف أنواع القرود فيما بينها ، وحتى أنف القرد لا يشابه انف الانسان .

نظرية داروين نظرية سطحية لأنها مبنية على التشابه ، والتشابه هو أول ما يدركه الإنسان ، بينما هذه النظرية تتناسى الإختلاف . فالقرد يشبه الحيوان أكثر من أن يشبه الإنسان عندما تأخذ بالحسبان كل مناحي حياته .  فالقرد يشبه القوارض إلى درجة كبيرة ، فهو يتسلق الاشجار وياكل الثمار ويعيش في الغابات ، فهو يشبه السناجب حيث تسلق الاشجار واكل الثمار الجافة ، وحتى سرعة حركته ليست كالانسان ، فالقرد يأكل ويتحرك بسرعة أكثر من الانسان ، هو اشبه بالحيوانات المتسلّقة ، خصوصاً الشمبانزي .

وإذا كنا سنعتمد التشابه فقط كدليل ، فكذلك بعض النباتات تشبه الإنسان ، بطريقة او اخرى .

اقتباس: وهذا يتعارض تعارضاً تاماً مع الأديان السماوية الثلاثة التي تقول بنظرية بداية الخلق المتكامل Creation ex nihilo هذا الطرح الديني الذي بدأ بتوراة موسى يقول إن الله خلق آدم كاملاً وعلمه الكلام وخلق من ضلعه حواء. وتتعارض هذه الفكرة تعارضاً كاملاً مع الأدلة العلمية التي نستطيع أن نراها بأعيننا وتبين لنا أحجام وأشكال هياكل الإنسان على مر العصور حتى وصل إلى ما نحن عليه الآن.

الرد: هذه تم اكتشافها على أنها بقايا قرود ، واعترف كثير من الذين قاموا بالتزوير على أنها كذلك ، وأيا كان ، لا تستطيع أن تقول أن هذا دليل قطعي . لأنك لن تستطيع ان تجيب السؤال : اين هي النماذج التي تم التطوّر عنها ؟ لماذا كلها فنيت ؟ وبقي المتطوّر والمتطوّر منه فقط ؟ ولو كان هذا بين الانسان والقرد لهانيت ، ولكنها موجودة في كل المراحل ، مما يدل على أن النظرية ضعيفة ومتكلّفة جدا ، مع ان النماذج تلك على الاقل فنيت ، والحلقة المفقودة أقوى من القرد ، ومع ذلك بقي القرد وفنيت الحلقات المفقودة . وسمكة الكولاكنث تشهد على خلل النظرية .
 

اقتباس: ولما اعترف كاتب الإسلاميين المشهور الدكتور الفرنسي موريس بوكاي بهذه الحقيقة، حاول الإسلاميون الالتفاف حول هذا التناقض بأن قالوا إن الإنسان قد بدأ كالحيوان ولكنه كان إنساناً بدائياً غير مؤهل لتلقي الرسالة السماوية،

الرد: هذا تعميم ، فأنا والكثير غيري ننتمي للاسلام ولم نقتنع ونعترف بهذه النظرية ، لانها سطحية .



 اقتباس: ولذلك خلق الله آدم كبداية للإنسان العاقل ليتقبل الرسالة. ولكنهم لم يخبرونا ماذا حدث للإنسان الذي تطور من القرد، وأين هو الآن .
وقد أنكر جميع الفلاسفة مسألة الخلق المتكامل الذي بدأ بآدم قبل حوالي سبع
آلاف سنة من الآن كما تقول التوراة وكتب التفاسير الإسلامية.

الرد: القران لم يقل ذلك ، والتفاسير الاسلامية نقلت من الاسرائيليات ( التوراة ) . والله يقول : (ما اشهدتهم خلق السماوات والارض ولا خلق انفسهم ) ..

اقتباس: وحتى قبل هذه الاكتشافات التي لا يستطيع رجال الدين إنكارها، وجدت عقول الفلاسفة المتنورين صعوبة بالغة في تزاوج الأفكار الدينية عن العالم مع ما توصل إليه تفكيرهم الفلسفي. فنجد مثلاً الفيلسوف والطبيب المسلم أبو بكر محمد بن زكريا الرازي (توفي 930م) يقول إن المادة لا يمكن أن تتولد من الروحانيات أو حتى من إله روحاني يصعب تحديد هويته. ورفض فكرة المحرك الرئيسي التي قال بها أرسطوطاليس،

الرد: على هذا ، هل أنت تؤمن بتوالد الروحانيات والعقلانيات من المادة ؟ اليست هذه اصعب في التصديق من الاولى ؟

اقتباس: وأنكر فكرة الأنبياء والرسل وقال إن العقل هو الوحيد الذي يستطيع أن ينقذنا. وأخيراً قال إن فكرة وجود الله لا تتماشي مع العقل والمنطق. وقال الفيلسوف الفرنسي كارل ساجان (إذا كنت تعني بالإله مجموعة القوانين التي تحكم العالم، فإن الإله موجود. ولكن هذا الإله لا يُشبع العواطف والأحاسيس إذ ليس من المنطق أن تصلي للجاذبية) (Richard Dawkins, The God Delusion, p19)

الرد: لماذا انت تحتاج إلى كلام الآخرين لكي يثبتوا لك عدم وجود إله ؟ هذا يطيل الموضوع بلا فائدة علمية ، هذا مجرد استئناس ليس الا ، هناك الكثيرين ممن يعارضون الدين أيضاً ، عليك أن تنقل كلامهم باسمائهم وتعمل لهم مجرد بذلك ، وهذا لا دخل له بالحقيقة ، فالفكرة لا تضعفها أو تقويها الاحصاءات ، قل فكرتك انت ، هؤلاء ملّت الاسماع من اسماءهم كساجان وراسل وغيرهم ، فهم ملحدون وانتهينا منهم ، أين كلامك وإضافتك للموضوع ، بدلاً من ترديد كلامهم ؟

كثرة الاستشهاد بكلام الاخرين والاقتباسات تضيع الوقت بلا فائدة ، وإذا عرفنا ان الرازي أو ساجان ملحد ، فهل سيجعلنا ذلك نقتنع بالإلحاد ؟ نحن لا نعدد المؤمنين او الفلاسفة الذين نادوا بالايمان ، على اعتبار انه راي شخصي لهم . فلماذا نلزم بسماع اراء الاخرين الشخصية ؟ نحن نريد راي المحاور نفسه ، فالأفضل للحوار ان يكون بين اثنين بدلاً من أن يكون بين الف وألف .

هذه مشكلة الحوار العربي دائماً ، هو ضخم واسع بسبب الاستشهاد بالاخرين ، وإلا فالفكرة تستوعبها صفحة او اثنتان ، ولكن " قيل وقالوا" ليس لها نهاية .

ففكرة السلف واقوالهم سوف تلاحقك ، سواء كنت تناقش رجال الدين او الالحاد أو ربما عودة شيطان ايضاً ..


اقتباس: وعندما جاء علماء الفيزياء بفكرة وجود العالم نتيجةً للانفجار الكبير Big Bang الذي حدث وتكونت منه النجوم والكواكب ، اقتنع جزء كبير جداً من متعلمي ومثقفي العالم بصواب هذه النظرية التي يمكن على ضوئها تفسير تكوين الشمس والأرض ونمو النباتات ثم الحيوانات ثم تصديقاً لنظرية دارون، ارتقاء الإنسان من الشمبانزي الذي تتطابق 98 بالمائة من جيناتنا مع جيناته، فضرب العلم ثاني مسمار في نعش الإله.

الرد: هل الموضوع جاء بهذه السهولة التي اختزلتها في سطر واحد ؟ ليتك أن تفصّل هنا بدل أن تفصّل في اقوال السلف ! كيف بعثت الشمس الحياة ، ولماذا لم تبعثها مرة أخرى ؟ ولماذا بعثتها مرة واحدة فقط ؟ ومن أوجد الشمس ؟ ومن أوجد المادة التي انفجرت انفجارا ً عظيماً ؟


اقتباس: وبالطبع لم يقف رجال الدين وفلاسفته مكتوفي الأيدي، فقد أتى منظروه بفكرة أن هذا العالم الذي يسير على نواميس وقوانين طبيعية في غاية الدقة والثبوت لا يمكن أن يكون قد حدث عن طريق الصدفة. فلا بد له من مصصم ذكي Intelligent Design. وشاعت هذه الفكرة في أمريكا بفضل الأموال الطائلة التي جمعها رجال الدين Evangelists من وعظهم المستمر على قنوات التلفزيون وإقناع العامة بالتبرع لله وكنيسته، لكي ينتصر الله على أعدائه ويهب الخلاص للمتبرعين بأموالهم. وحاول جماعة نظرية التصميم الذكي منع تدريس نظرية دارون في المدارس لأنها تعارض نظريتهم التي لا يستطيعون إثباتها كما أثبت العلماء نظرية دارون،

الرد: لماذا لا زلت تسميها نظرية داروين ؟ أليست ثابتة كما تقول ؟

اقتباس: فلم يبق أمامهم إلا أن يحاولوا منعها كما يحاول الشيوخ في مصر منع كل ما لا يستطيعون رده بالحجة.

الرد: كذلك العلمانيون يحاولون منع مظاهر الدين كالحجاب والمآذن ، فأين الفرق ؟ كلكم سواء . فهؤلاء اتباع نظرية وأيديولوجيا ، وأنتم أتباع نظرية وايديولوجيا .

اقتباس: ونظرية التصميم الذكي التي يعتمد عليها رجال الدين ليبرهنوا بها على وجود الله تعتمد على أن الكواكب والنجوم تدور في مدارات منتظمة لا تخرج عنها وقوانين الحساب والفلك ثابته ولا تتغير، وهذا يعني لهم وجود الله.

وطبعاً كل هذا يمكن تفسيره بنظرية الانفجار الكبير الذي جعل الكواكب
والنجوم تدور حول نفسها بقوة الانفجار. وكل جسم كروي يدور حول نفسه بسرعة كبيرة يخلق جاذبية تجذب إليه بقية الأجسام القريبة منه. ونفس هذه الجاذبية تجعل الكواكب تدور حول النجوم الأكبر منها لأن جاذبية النجوم أقوى من جاذبية الكواكب. وهذه الحركة تصبح Perpetual أي دائمة بفعل الجاذبية. وما دامت الحركة دائمة وغير متغيرة فلا بد أن تتكون لها قوانين ثابتة قد اكتشفها علماء الفيزياء والفلك. فهذه القوانين لا تُثبت وجود إله خالق. القوانين تكونت بفعل دوران الأجسام حول نفسها ولم يخلق الإله القوانين أولاً ثم خلق الأجرام لتطيع تلك القوانين.

الرد: هذا غير صحيح ، فلو كان لديك مكان خالي ، فهل هذا يعني انه خال من القوانين ؟ إذا كنت ستبني بناية في هذا المكان الخالي ، هل تحتاج أن تحضر القوانين الهندسية معك ؟ ستواجهك القوانين كالطرد المركزي والطفو والاواني لمستطرقة والجاذبية ... إلخ ، فالخروج إلى منطقة اللاجاذبية تتعطل فيها قوانين الجاذبية فقط وما يتعلق بها من قوانين ، وعندما توجد كتلة في الفضاء فعندها ستعمل القوانين كلها . إذا القوانين موجودة قبل المادة ، لو صنعنا كويكبا خارج نطاق الجاذبية الارضية ، وهيّأنا له كل ما في الارض فسيكون ارضاً ثانية ، وبنفس القوانين . اي ان القوانين سابقة على المادة ، وهي موجودة قبلها . فالمادة خاضعة للقوانين .

 

اقتباس: ويقول رجال الدين إن المادة الأولية التي أحدثت الانفجار لا يمكن أن تكون قد أتت من لا شيء فلا بد لها من خالق. ولكن نفس الحجة يمكن أن نقدمها لتبرير أن الإله لا يمكن أن يكون قد أتى من العدم أو خلق نفسه. فلا بد له من خالق.

الرد: هذا السؤال لسنا بحاجة إليه على الأقل ، ما دمنا في هذه الحياة . كبقية الاسئلة عن هذا الإله وشؤونه ، لأن شؤوننا تمهنا أكثر وشؤون الاله لن تفيدنا لو عرفناها .

اقتباس: ويقول رجال الدين رداً على ذلك إن الله أزلي ولا يمكن لعقولنا القاصرة إدراك كنهه. ولكن ما معنى أزلي؟ الأزل يعني اللا محدود Infinity، ولكن مهما رجعنا إلى الوراء مليارات السنين، لا بد وأن نصل إلى نقطة ما لم يكن بها شي إطلاقاً، حتى إن كانت هذه النقطة قبل تريليون من السنين. ثم ظهرت المادة. فإذا كان للمادة خالق فالخالق نفسه قد كان لا شيئاً عند تلك النقطة التي ظهرت فيها المادة. فلا بد أنه خلق نفسه من العدم أو خلقته قوى أخرى. وكلا الافتراضين لا يتناسبان وذات الإله العالم الخالق. وعندما واجه مفكرو الهنود القدماء هذه المشكلة قالوا في الإجابة عليها: إنّ الآلهة نفسها لا تعرف كيف تكونت من الماء الأزلي. إذاً فحتى عقول الآلهة لا تعرف كيف بدأت حياتها.

الرد: المؤمن يعرف ان الله هو الذي خلق القوانين منها قانون السببية ، فحصرك لوجهة نظر المؤمنين بين أنه خلق نفسه أو خلقه غيره ، حصر لواسع ونحن لا نقرّ بهذا الحصر ، إذا علمنا ان الله خلق قانون السببية الذي على اساسه وضعت الافتراضين . وهذا قفز لا داعي له ، فإذا عرفت من هو مالك السيارة ، فلست بحاجة أن تعرف من اين جاءت إليه ، ما دام أن هذا هو السؤال الذي يهمك ، ونحن نريد ان نعرف من هو الذي اوجد الكون ، وقد عرفناه بالايمان ، وهذا ما يهمنا . وبالتالي فالمجهود الذي تبذله في التحقيق في أين درجة هذه السيارة إلى هذا المالك الأخير ، تمحّكٌ لا داعي له ولا يفيد بشيء . لأنك تريد أن تستفيد من مالكها وليس ممن سبقوه .

وهذا المنطق ساري المفعول حتى يصل إلى موجد المنطق ، ولو انه لم يوجده لسرى عليه . فهذا المنطق الالحادي مثل من يقول : لن اكتفي بملكية هذه السيارة لهذا الرجل ، بل أريد أن اعرف كل تاريخها من قبل ان توجد ، لكي أعترف بملكية هذا الرجل لها . ما موقفك انت من مثل هذا الشخص ؟ بماذا تصفه ؟


اقتباس: ثم أن العالم ليس مصمماً تصميماً ذكياً. فالعالم مليء بالأخطاء الجغرافية والمناخية ومليء بالجور والظلم والفقر والمرض.

الرد: هذا الكلام هو المليء بالخلط والعشوائية وعدم الدقة ، فهو فعلاً عشوائي وينقصه التصميم الذكي وبعد النظر.

اقتباس: ومليء بالأخطاء الجيولوجية التي تسبب البراكين والتسونامي اللتين يفتكان بالآلاف كل عام.

الرد: هذه البراكين والتسونامي والامراض كلها عوامل لتحقيق التوازن العام ، تخيل انه لا توجد امراض ولا براكين ولا تسونامي ولا آفات . لن تتسع الأرض لسكانها ، ولكانت دوافع الحروب اكثر مما هي عليه الآن ، ولكان الناس مجبرين على القتل والشر حتى يعيشوا ، حينئذ لن تستطيع ان تطالب احداً أن يلتزم بالخير والسلام ، لأنه مكره على الشر حتى يعيش . هذا التوازن جعل للانسان حرية الاختيار بين الخير والشر والتي سيحاسب الناس بموجبها يوم القيامة . وهذا الكلام ليس إنشائيا وأدبيا ، فلو حسبت مواليد الفئران فقط لو كانت بدون أعداء لاكتسحت العالم في مدة وجيزة . 


هذه الفيضانات والتسوناميات والبراكين مع غيرها كلها تساعدنا على تحديد نسل الفئران على سبيل المثال ، إذا ً ما هو حاصل هو التوازن والنظام ، وما تريده افكاركم من مثالية هو الفوضى . والإحصاء والعلم هما من علّما الناس النظام البيئي وقيمة التوازن الموجود في البيئة ، فما بالكم نكصتم على العلم ووصفتوا ما كان علماً بالعشوائية ؟ بنظرة سطحية قريبة الأجل ؟ مع أن العلم أثبت لكم التوازن البعيد الأجل . الفرق بين العقل العاجل والعقل الكامل هو التفكير في القريب والبعيد ، وهذا ما يسمى بالتسطح أو النصفية أو الظاهرية في التفكير ، وهي التي يعتمد عليها الخطاب الالحادي دائماً ، فكل قضاياه المطروحة هي من قبيل العاجل والسطحي والظاهر ، لهذا هم ماديون ولا يعترفون بشيء غير المادة ، مع أن عقولهم ليست مادة .ولم يثبتوا ذلك . هذا يدل على أن الإلحاد عبارة عن أيديولوجية ذات أهداف إجتماعية وسياسية واقتصادية  وليست ذات أهداف علمية . وجميع أهدفها معروفة ولا داعي لذكرها . 

اقتباس: فأين هو الذكاء في خلق أكثر من ربع اليابسة صحراء لا تصلح لعيش الإنسان أو الحيوان بينما يزدحم الناس في جنوب شرق آسيا لدرجة أنهم أصبحوا يعيشون في المراكب؟ وما هو الذكاء في خلق أرض يغطي سبعين بالمائة منها بحار مالحة لا تصلح للشرب أو الزراعة وهناك أناس يموتون من العطش والجوع لأن أرضهم لا تنتج ما يكفيهم؟ وما هو الذكاء في خلق مناطق كبيرة يغطيها الجليد طوال العام ولا يسكنها الناس ومناطق كل فصولها صيف حارق عند خط الاستواء؟

الرد: أنت الآن في مواجهة العلم الذي تتبجح به وليس في مواجهة الإيمان ، فاسئلتك هذه إجابتها في العلم وليس في الإيمان ، هكذا يكشف الإلحاد عن نفسه وعدميته وعداؤه للحقيقة ، لأن العلم يثبت قيمة كل هذه الظواهر الجغرافية التي تذكرها . فلولا 70% من الكوكب مياه مالحة لما تكونت السحب الثقال وحصلت الدورة المائية ولما كانت التجارة وصيد الاسماك الذي يعيل الكثير من سكان الارض ، ولما حصل التوازن في درجة الحرارة، إلخ .


تخيل لو كان السبعين بالمائة من نصيب اليابسة والثلاثين بحار ، رد هذا عند العلماء الذين يثبتون ان العقلية النصفية لا تصيب الحقيقة ابداً والقارتين القطبيتين هي التي تبرد الرياح الساخنة على ظهر الكوكب ، وعند العلم إجابات علمية أدق مما أقول ، وكل يوم يكتشف العلم الجديد في موضوع التوازن البيئي الذي يبدو أن الايديولوجية الإلحادية تنكره كأصل من اصول العلم ..

ولهذا يخاف العلماء من احداث أي تغيير في كوكب الارض وتركيبة غلافها الجوي أو توزيع الغابات فيها ، مما يدل على انه هو الأفضل ، ولو كان أسوأ لحرصوا على تغييره ، وهذا التنوع المناخي يعرف الطفل قيمته ، فكل مناخ له نباتاته وإنتاجه الزراعي والحيواني الذي لا يوجد في بيئة اخرى ، وكل بيئة تفرض ثقافة على سكانها ، كما قيل : الإنسان إبن بيئته ، ولو كانت كما تريد لتعطلت شركات السياحة والتجارة والترجمة والتبادل الثقافي والإعلام . هذا هو النظام الذي تريده عقولكم .



العقل النصفي لا يصلح لشيء ولا ينتج فكرا سليماً . ألا ترى أنه لو طبقت إفتراضاتكم لتدهورت حال الارض وأصبحت حالها سيئة ؟ ولتراكمت عليها الأحياء بعضها فوق بعض ، وهذا التنوع الجغرافي هو الذي قدم للناس وسائل العيش هبة من الله ، وما اشد الفرق بين ما ينتجه سكان الصحراء وما ينتجه من يسكن في اكواخ على الماء ، والكل يحتاج لما عند الآخر . 


ولو كانت كل الارض على مناخ استوائي مثلا لكانت الحياة مملة ولا شيء فيها مثير أو جديد حتى تراه أو تسمعه ، والناس يسافرون ليستمتعوا بهذا التنوع البيئي وما أسبغه على سكان تلك المنطقة من عادات وتقاليد ، ولفقدت الارض كثيرا من الفواكه والثمار والأحياء التي لا تنبت ولا تتواجد  في هذا المناخ ، ولا احتاجوا للتجارة ولا للتعارف بينهم ، لأن ما عند أحدهم هو نفس ما عند الآخر ، ولا ما عرفت ميزة شيء ، لأن بضدّها تتميز الاشياء ، ولولا الصحراء لما عرف جمال المروج الخضراء ، ولولا البحار لما عرف فضل اليابسة، ولولا البيئة الحارة لما عرفت ميزة البيئات المعتدلة أو الباردة ، 


وهذا شيء أراده الله لكي تُعرف كل نعمة بضدها ، والعافية تعرف بضدها وهو المرض ، فالأرض صممت يا عزيزي دار اختبار للناس : هل يشكرون أم يكفرون ، ولا توجد نعمة على ظهر الأرض إلا وبجانبها يوجد ضدها ، حتى لا يقول الإنسان أنني لم اعرف أنها نعمة ، فكيف اختبر بشيء لا اعرف ميزته ( ايشكر أم يكفر ) ، أنت في خصومة مع العلم يا سيدي وانت لا تدري ، وهكذا يتضح لنا أن الفكر المادي ضد العلم والدين والأخلاق والعقل . 

اقتباس: وما هو الذكاء في خلق جوف الأرض ساخناً لدرجة إثارة البراكين أو الزلازل وهدم المدارس على رؤوس الأطفال الأبرياء الذين لم يروا من حياتهم شيئاً؟ هذه التناقضات في العالم حملت الملك ألفونسو العاشر، ملك كاستيل Castile بإسبانيا في عام1252م إلى القول (لو كنت مستشاراً لله يوم خلق العالم لكان قد خلقه أحسن من هذا بكثير) Evil in Modern Thought, Susan Neiman, p15).

فلو سلمنا جدلاً أن هناك إلهاً خلق هذا العالم، ونحن نعرف الآن أن الأرض عمرها حوالي ثلاث عشرة مليارات من السنين، فإن هذا الإله لا بد أنه وُجد قبل خلق الأرض وجلس في سمائه كل هذه المليارات من السنين بلا شيء أو مخلوقات غير أرض ونجوم، ثم قرر قبل حوالي مليون سنة فقط أن يخلق الحيوانات ثم قبل حوالي 150 ألف سنة فقط قرر أن يخلق الإنسان وجعله يتطور من الشمبانزي ويمشي على أربعة ثم على رجلين ويكون قصيراً مثل البشمان أي الرجل القزم في إفريقيا، ويطول تدريجياً ويكبر رأسه ودماغه إلى أن صار الإنسان المعروف لدينا الآن. ووصل الإنسان إلى هذه المرحلة قبل حوالي 15 ألف عام فقط. فهل كان الإله يجري تجارب على الإنسان حتى وصل إلى الشكل النهائي له قبل حوالي 15 ألف سنة فقط. وماذا تساوي 15 ألف سنة من ثلاث عشرة مليارات من السنين التي وُجدت فيها الأرض؟ فإذا اعتبرنا أن الفترة منذ وجود الأرض حتى اليوم تساوي أسبوعاً واحداً، فإن وجود الإنسان القائم Homo sabiens عليها لا يساوي أكثر من دقيقة واحدة من كل الأسبوع، وهنا نسأل: لماذا ظل الإله الخالق جالساً بلا مخلوقات كل الأسبوع وفي آخر دقيقة من ذلك الأسبوع خلق الإنسان؟ ولو كان الإله قد خلق الإنسان فلا بد أنه خلقه لواحد من الأسباب التالية:
1-
خلق الإنسان ليعبده. فإذاً هذا الإله المغرور بقدرته خلق الإنسان فقط
ليعبده ويسبح بحمده، وهو قد عاش مليارات السنين بدون تمجيد وعبادة. وعندما خلق الإنسان ليعبده، فشل في خلقه إذ أن غالبية الخلق منذ وجود الإنسان على الأرض لم تعبد الخالق. وحتى يومنا هذه فإن عدد الذين يعبدونه يقل عن عدد الذين يعبدون الأبقار أو الأجداد أو لا يعبدون إطلاقاً. ولو فرضنا جدلاً أنه خلق الإنسان ليعبده، وهو المصمم الذكي، كما يقول أصحاب نظرية الخلق الذكي، أما كان في إمكانه أن يخلقهم موحدين عابدين بدل أن يضيع وقته في إرسال كل هؤلاء الرسل الذين يقول فقهاء المذهب الشيعي أنهم مائة وأربعة وعشرون ألف نبيٍ، ومع ذلك يقر الله في القرآن أن أكثر الناس لا يعبدون بعد أن رسل لهم كل هؤلاء الأنبياء والرسل؟ هل هناك فشلٌ أكثر من هذا؟

الرد: أنت تنطلق مع أفكارك ووساوسك دون النظر للطرف الآخر الذي أنت تدينه ، الله قال (ما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ، ونسيت أنه قال : (أنه هو الغني الحميد) ، وقال ايضاً : (الذي جعل الموت والحياة ليبلوكم) ، أي خلقهم للإختبار ، أي أوجدهم على الأرض للإختبار ، ومستغني عنهم وليس بحاجة لعبادتهم ، ولو شاء أن لا يكفروه لسلب مشيئة الإرادة عندهم وصاروا بالغريزة يعبدون الله كما تتحرك الحيوانات بغرائزها ، أنت تهمش فكرة الإختبار التي تكلم عنها القرآن . 


وتنظر للحكاية من وجهة نظر بشرية ، كأنه شخص يريد أن يصنع مشروعا وفشل فيه ، والقرآن أخبر أن أكثر الناس لن يؤمنون ، ولم ينتظرك لتخبره أن أكثر أهل الأرض لا يعبدوه، بل قالها من أول ما تنزل القرآن قبل أن يتبين عدد من آمن ومن لم يؤمن  . فأنت متصور أنه محتاج للعبادة ولم ينجح ، وكأنك تتكلم عن صاحب مشروع تجاري لم ينجح كما خطط له ، أما مسألة خلق الله للأرض وأنه لم يخلق عليها بشر إلا بعد حين فهو كلام لا يقدم ولا يؤخر ، فالله يخلق ما يشاء ومتى شاء ويخلق ما لا تعلمون (ولله جنود السموات والأرض) بل أخبر القرآن عن سبع أراضين لا نعلم إلا واحدة منها ، وكيف جزمت انه لا يوجد مخلوقات أخرى غير البشر وغير الأرض ؟  

اقتباس: وإن كان قد خلق الإنسان ليعبده، وهو الخالق العالم ببواطن الأمور ويعلم الغيب قبل أن يحدث، هل يحتاج إلى أن يختبر خلقه ليعرف أيهم سوف يعبده عبادة خالصة وأيهم لا يعبده عبادة خالصة، كما يخبرنا في القرآن أنه فعل الأشياء (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)؟ ثم أليس من العبث أن يخلق الإله الإنسان ثم يبعث له عدة رسل، كلٌ برسالة تختلف عن الآخرى، ثم يقول للذين آمنوا برسول معين، أقتلوا من لا يتبع رسولكم، كما قال لبني إسرائيل وكما قال لمحمد؟ فما الحكمة في أن يخلق الناس ثم يقول لهم اقتلوا بعضكم بعضاً؟

الرد: طبعاً هذا الكلام عاري من الصحة ، فأنت تصنع سيناريو وتصدقّه ، وأنت حر في صنع السيناريوهات كما تشاء ، لكن ردود الناس لن تكون كما تشاء دائماً ، فهو لم يرسل ديانات مختلفة ، (إن الدين عند الله الإسلام) ، ولو كان كذلك لسب القرآن الانبياء الذين قبله ، لأنهم مختلفون ، فكيف يمدحهم القرآن ويطالب بقتل أتباعهم ؟ وهو لم يطالب بقتل أحد إلا دفاعاً عن النفس ،


القرآن يطالب بقوة الشخصية وعدم الخضوع للمعتدين الذين يريدون ان يطفئوا نور الله بالقوة وليس بالكلام ، ولا يلزم القرآن أحداً بإتباعه (ليس عليك هداهم) (لا إكراه في الدين) ، فمبدأ إلزام الناس بالدين مرفوض في الأساس وبنصوص صريحة ، ودعنا من ممارسات بعض المسلمين عبر التاريخ أو اليهود أو المسيحيين جانباً ، فما أكثر ما خولفت النصوص ، إما عمدا أو تزويراً . 


وإذا حاكمت فحاكم النص الاساسي ، فالحوار العلمي يتميز بالتمييز والموضوعية والمرجعية الواحدة للنقاش وإفراد شريحة البحث ، أما خلط الأمور (النصوص والأتباع وديانات أخرى مختلفة لم يرد الله لها أن تختلف)  في سلة واحدة فهو لا يقدم صورة واضحة . ولا ينتج نتيجة علمية ، ويصلح هذا الأسلوب لمتبعي الهوى والكراهية ، لأن في هذه السلة الضخمة ما يروي ظمأه الحاقد .    


اقتباس : خلق الإنسان ليتسلى به ويراقب أعماله لأنه قد ضجر وملّ من الجلوس لوحده مليارات السنين. وفي هذه الحالة ليس من العدل أن يتسلى الخالق بمراقبة مخلوقاته ثم يحاسبهم على التسلية التي منحوه إياها لإزالة ضجره. وليس من العدل أن يخلق الناس ليتسلى بهم ثم يخلق لهم ما يجعل حياتهم نكداً من أمراض وزلازل وفيضانات

الرد: ليتك تترفع عن هذا التفكير الشخصاني ، فأنت تتحدث فيما يبدو عن أحد أصدقائك ، وليس عن خالق الملل نفسه ، وهذا النكد الذي تعانون منه يبدو أنه ليس بسبب الفيضانات والتسوناميات ، و ليته كان كذلك . فأن تتكلم عما لا تعلم بموجب ما تعلم لا يعني أنك تعلم . بقدر ما يعني ضيق الأفق و الأرنبيّة العقلية (لا يتجاوز أرنبة أنفه) . أنت تتكلم عن خالق العقل نفسه ، فهذا لم تضعه في حسبانك وأنت تتكلم ، دائما يصلح كلامكم عندما تتكلمون عن شخص من الاشخاص ، لا عن إله . 


فتشخيصكم للإله هو ما جعلكم تعجزون عن فهمه ، فأنتم تلبسونه ملابسكم وتسبغون عليه تفكيركم وتدخلونه محاكمكم وتقارنونه بساداتكم وكبراءكم ، لن تفهموه بهذا الشكل ، فما لكم وله ؟ وكلامكم عنه لن يقنع المؤمنين الذين لامس النور مشاعرهم ، والمؤمن لن يستبدل النور والهدى بأرنبية عقلية مادية لا تزيد حياته شيئاً ، بل تفقده اثمن وأجمل ما فيه ، شعور المحبة للخالق ورجاؤه وجمال الأخلاق التي يحبها ربه ، فالمؤمن لا يترك الجمال للقبح ، فالفكر الملحد ينقص للإنسان ولا يزيده ، فهو يحذف ولا يضيف ، والمتع التي تغرون بها يستطيع المؤمن أن يحصلها بالإيمان وبطريقة نزيهة لا تؤذي شعوره .


لا أحد يريد أن ينقص ، فالجميع يبحث عن الكمال ، وما تقدمونه هو نقص وحذف وعدمية معاكسة للإيجابية التي يبحث عنها الإنسان ، لهذا أنتم تخطّون قبر فكركم بأرجلكم ، فهو لن يكتب له البقاء ، وسيبحث الناس عما يرضي الشعور بشكل أو بآخر كارهين تعقيدات المادة ، التي تحصرهم في نطاق ضيق من دين أو غيره . بشرط ألا يكون المادية والأرنبية . كل ملحد يعاني من تكرار نفس الافكار غير الإيجابية ( يعانون من ألم العدم ) ، 


وليس الإله فقط هو العدم ، بل هو بداية العدم ، فإنكار الله هو بداية العدم المعنوي ، يبدأ الملحد بإنكار الله ثم ينتهي بإنكار وجود نفسه وعدم الجدوى منه ، مروراً بكل جميل في الحياة من أخلاق وفضائل وجمال ، حتى يكون الموت هو الأمل لهذه الروح المعذبة ، حيث يحلو التفكير بالإنتحار . وهذا ما يريده الشيطان .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق