السبت، 24 فبراير 2018

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 21



(الدقيقة : 2 الثانية : 20) يذكر الدكتور انه تحدث في الحلقات السابقة عن كائنات بسيطة عديدة الخلايا ظهرت قبل 600 مليون سنة على الارض، كالإسفنج والديدان وقناديل البحر، ثم عبر ملايين السنين استنوعت هذه الكائنات البسيطة عديدة الخلايا لتظهر رباعيات الاطراف، وقبل 400 مليون سنة كانت توجد الاسماك لحمية الزعانف في البحار والمحيطات.

الرد : هل لأنها ليست لها أطراف وشكلها بدائي صنّفت بأنها بسيطة وبدائية ومتخلفة قياسا على الإنسان؟ هل هذا رأي علمي أو رأي بشري اجتماعي؟ هذه المخلوقات فيها من العجب العجاب، لكن لا تُقاس بالإنسان، هي إبداع الإبداع وعظمة العظمة، ليس في خلق الله تخلف وتفاوت، وليس فيها نقص.

(الدقيقة : 8 الثانية : 10) بعد أن تحدث الدكتور عن بعض خصائص البرمائيات والزواحف، ذكر أن البرمائيات هي الاسبق ظهورا من الزواحف بـ 15 مليون سنة، وأن الزواحف سوف تتطور إلى فرعين، و أحد الفرعين تطور قبل الآخر بـ 50 مليون سنة، الفرع الأول هو الثدييات، ثم بعد ذلك الفرع الثاني وهو الطيور، فهي ظهرت بعد الثدييات بـ 50 مليون سنة. ويذكر الدكتور أنه من الاصعب ان يتحول الزاحف إلى طير ويغادر البر، ولذلك جاء هذا متأخراً. منذ 250 مليون سنة ظهرت اول الثدييات متطورة عن الزواحف، وبعدها بـ 50 مليون سنة ظهرت اول الطيور.

الرد : وماذا عن الحشرات الدّابّة و الطائرة؟ هناك جوانب مهملة في نظرية التطور، مما يدل على أن السعي كله من أجل الوصول إلى الإنسان، فلا يتكلمون كثيرا عن النباتات ولا الحشرات، كما رأينا في هذه الفبركة البشرية المضحكة، فالأكثر قربا لشكل الإنسان هو المتأخر وجوداً! والأبعد هو الأقل تعقيدا وهو البدائي أكثر! و رأينا مثل هذا التفكير المضحك عندما كان الداروينيون يقللون من شأن الخلية، و يرون أنها وحدة البناء البسيطة، وإذا بها ليست بسيطة، بل معقدة غاية التعقيد، كذلك يرون الإسفنج والرخويات بأنها بدائية، بينما الطيور مرحلة صعبة في نظر الإنسان فأعطاها 50 مليون سنة لتتطور من الزواحف، والثدييات جاءت قبل الطيور بـ 50 مليون سنة. إذن كل الكائنات خرجت من ديناصورات، والديناصورات خرجت من أسماك، هذا الخيال وإلا فلا، أما الحوت فلأنه يلد قالوا انه عِجل قفز إلى البحر! فعلا نظرية سخيفة تحتقر ما تشاء وتعظّم ما تشاء، بينما هذه الرخويات مُعجزات في الخلق. لكن المخرج إنسان، فبالتالي يسوّق الأمور في سلّم يتناسب مع عقل الإنسان.

(الدقيقة : 18 الثانية : 14) يذكر الدكتور أنه سيتحدث عن تطور الطيور من الزواحف، والتي تطورت من ديناصورات، ويذكر انتقاد الخلقويين لمسألة تطور الطيور من الزواحف، وهي أنه بحسب نظرية التطور، فإن الانتخاب الطبيعي يستبقي التراكمات التي تحدث للكائن الحي عبر ملايين السنين، مع أن هذه التراكمات في وقتها غير مفيدة، فلماذا استبقاها؟ وكمثال على ذلك، فالزواحف في حال توجهها لأن تصبح طيورا، لا بد أن يكون لديها بدايات ظهور الريش، فماذا يمكن ان تفيد هذه البدايات؟ ويذكر الدكتور أن التطوريون يجيبون بأنه لا بأس، فقد يفيد هذا الشيء البدائي الذي يبدو كبدايات ريش في شيء ليس للطيران، انما هو شيء قد يهيء هذا الكائن للطيران يوما من الايام، ولو بعد عشرات ملايين السنين، مثل الإنزلاق الهوائي من الاماكن العالية التي تتمتع به بعض الحيوانات كالكولوجو وبعض السناجب الطائرة. ويذكر الدكتور أن أي خطوة في سبيل التطور لا بد ان تكون مفيدة بطريقة ما، فلا تجعل تفكيرك محصورا فقط بنموذج الطيران التام، ويقول التطوريون أن هذا ما حصل، بقيت هذه الأشياء و رُوكمت فوق بعضها البعض وبعد ذلك انتهت إلى ان نشاهد الطيور لأول مرة.

الرد : ما دام الريش شيء غير مفيد فلماذا يبقيه؟ هذه مخالفة للمنهج الذي قرروه بأنفسهم وهو أن الانتخاب الطبيعي يستبقي المفيد ويحذف غير المفيد. وإذا كان كما يقولون أن يُستبقى شيء ليس لغايته بل لغاية اخرى، اذن يجب ان لا يقال ان الانتخاب الطبيعي يحذف ما ليس له قائدة، لأن كل شيء يمكن أن يكون له فائدة إما هنا أو هناك، فزاحف له جلد سميك وحراشف أضافوا إليه الريش ويقولون انه مفيد له، كيف يكون مفيدا له وقد عاش من قبل بدونه؟ الزيادة أخت النقصان، والكائن الحي لا يطيق أن تعلق بجسمه شعرة، فما بالك بكل هذا الريش الذي لا فائدة منه على زاحف؟ هذه افتراءات واختلاقات لا نشاهدها في الطبيعة أبدا.

اذن لو يظهر الريش على حصان سيقولون انه مفيد! اذن ماذا يحذف الانتخاب الطبيعي؟ لا بد ان يكون للنظرية قانون دقيق ومحدد. بهكذا حال فالمتضرر هو قانون التطوريين الذي اقترحوه، وهو ان الانتخاب الطبيعي يحذف ما لا فائدة منه. وهكذا نرى تهافت النظرية من ناحية المنطق والقانون، بل وحتى الشروط. هل الانتخاب الطبيعي يحذف بصرامة كما يقولون ما لا فائدة منه؟ لعل أن يستفاد منها في شيء غير مخطط له؟ محاولة التخلص هذه من التطوريين وداروين محاولة غير مجدية وغير ذكية، لأنه تخلص من مأزق على حساب كسر القانون، هذا يشبه تفكير الطفل الذي يريد أن يستفيد من كل شيء حتى لو كان متناقضا، فالأعضاء الأثرية يريدون الاستفادة منها لاثبات التطور، ونسوا ان هذا على حساب قانونهم الذي لم يعد صارما في تخلص الانتخاب الطبيعي مما لا فائدة منه. فأنت لا تستطيع أن تجعل الشيء ونقيضه كلاهما يصبان في صالحك. هذه صفة لا يتمتع بها إلا التطوريون والاطفال في تفكيرهم، ومن يضطر للتزوير لا يُستغرب عليه مثل هذه المغالطات التي يرون أنها سطحية وبسيطة في مقابل الهدف الكبير وهو إثبات عدم وجود اله، هذا الهدف السامي لديهم. 

تخيل عشرات ملايين السنين ولم يحذف الانتخاب الطبيعي هذا الريش الزائد الذي لا فائدة منه، وإن قيل كما قال داروين أن هذا الريش يفيد على الأقل في التدفئة، اذن ما الذي يحذفه الانتخاب الطبيعي؟ فكل زيادة فيها فائدة، لو ظهر له عظم طويل يسحبه من وراءه لقيل انه قد يفيده في جذب الأشياء او الدفاع عن النفس، وإذا كانوا لا يريدون هذا الشيء يستطيعون ان يقولوا ان هذا الشيء يعيقه ويكشفه ويثقل وزنه إلخ ، ولو ظهرت له غدد سمية لقيل انها تفيده في القتال، ولو تضخم حجمه لقيل ان هذا يجعله أقوى، ولو تضاءل حجمه لقيل أن هذا سيجعله استر وأخفى! كل هذا بالمزاج، فزاحف يعرف حدود جسمه وأطرافه ثم يمتلئ بالريش، كيف يكون في هذا فائدة له وهو غير محتاج له في التدفئة أصلا؟ لا يوجد زاحف يوجد فيه ريش، فلماذا قَبِلَ هذا الزاحف الخيالي ولمدة عشرات الملايين من السنين أن يمشي بريش يتعثر به ويمزقه بمخالبه؟ فالمعروف ان الزاحف تعيش في الاماكن الضيقة بين الصخور، وإذا ابتل الريش بالماء فسيكون هذا الريش جاذبا للبرد وثقل الوزن، هذا غير أن هذا الريش يفضحه ويجذب إليه صائدات الطيور من الصقور الديناصورية، لأنه سيكون يشبه طائرا لا يستطيع ان يطير، وهذا سيغري الصيادات الجوية خصوصا بصيده وافتراسه، ويعتبرونها فرصة ذهبية، لأنها تراه كطير معاق لا يستطيع ان يطير بسبب هذا الريش، أما جلد الزاحف فهو يشبه التربة التي هو فيها، ويشبه بيئته، كأنه قطعة من صخر، وينزلق في الشقوق الضيقة. هكذا نرى تهافت النظرية حتى في الرسم الخيالي، فهي لم تفلح فيه. هذا غير ان الزواحف تعيش في شقوق ضيقة وتلتصق بالصخور وتسير عليها، فلا شك أن الريش سوف يعيقها، ويمنعها حتى من الاستدارة في الشقوق الضيقة، لأن الريش سيتكسر اذا رجعت إلى الوراء بسبب انعكاس الاتجاه.

لاحظ ان الحيوانات المنزلقة في الهواء ليست تنزلق على ريش بل على جلد، ليس التطوريون بأذكى منهم، لأنهم يعرفون أن الريش يعيق ولا يتناسب مع الزواحف ابدا، لا يتناسب إلا مع الطيور التي تعيش في الفضاء المفتوح، لاحظ الزواحف والحشرات كلها تتمتع بملاسة ونعومة السطح الخارجي لها وعدم وجود شيء قابل لان ينكسر وينعكس، كيف فات هذا على التطوريين المهتمين بالتقنية والصناعة والطبيعة؟ لاحظ الحشرات ليس لها ريش، لماذا؟ لأنها تعيش في أماكن ضيقة، وأجنحتها محصنة بدرع قشري أملس. لا بد من ملاسة الجلد لكل من يعيش في الشقوق والأماكن الضيقة.

المنطق ليس مع التطوريين يلعبون به كما يشاءون. هم قالوا ان الانتخاب الطبيعي يحذف بصرامة ما لا فائدة منه، إذن فليستمروا على كلامهم، هذا غير أنهم يتلاعبون على كلمة (لا فائدة منه) ، فما يريدونه من زيادات يقولون ان له فائدة، فعلى الاقل الريش يحمي الزاحف من البرد، وما لا يريدونه يقولون انه شيء أزاله الانتخاب الطبيعي لان ليس له فائدة، على طريقة المنطق الدائري، فلأن الشيء موجود استبقاه الانتخاب الطبيعي لأنه مفيد، وإذا لم يوجد فقد حذفه الرقيب الصارم لأنه غير مفيد! هذا منطق اعمى، فالموجود هو الصحيح وغير الموجود هو الخاطئ، أين العلمية والمنطق الذي يقوم عليه العلم؟ 

كل هذا اختلاق سيناريوهات تعوّدنا عليه، لكن اين هي المنطقية والشواهد والتجارب حتى نصف هذا الكلام بالعلمي؟ والمشكلة ان السيناريوهات غير دقيقة ولا تنم عن معرفة حقيقية بالطبيعة كما بيّنا سابقا.

التطوريون يضعون مشكلة من لا مشكلة، فيجعلون الحيوانات لديها مشاكل وتريد أن تتطور، تتطور لماذا؟ ما الذي يدفعها وهي تعيش وتأكل وتشرب ولها مميزاتها وغذاؤها؟ ما الذي يدفعها؟ الفكر التطوري كله خاطئ لأنه يضع مشاكل لا وجود لها. النظرية مبنية على فرضية خاطئة وهي وجود مشكلة غير موجودة، الزواحف تعيش كزواحف و لديها حياتها وأكلها وبيئتها ووسائل تدفئتها، فلماذا تتطور؟ تبحث عن وضع أفضل وهي أصلا تعيش الوضع الأفضل؟ وعلى ذلك قس كل التطور. الإنسان أعلى سلم التطور، ماذا يعني الإنسان؟ هو في الحقيقة أضعف المخلوقات، هذا نتيجة كل التطور. إن أي نظرية تكون مبنية على مشكلة و تقديم حل، إلا نظرية التطور فهي مبنية على لا مشكلة. في المصانع يحتاجون للتطور، لذلك من الخطأ قياس الطبيعة على المصانع، لأن كل نوع يقوم بدوره في التوازن الطبيعي ولا يصلح أن يخرج من طوره إلى طور آخر، لأن الوظيفة ستَشغُر، وإذا شغرت الوظيفة تدمر التوازن وتدمرت البيئة، ولو كان التطور حقيقة لوجد شاهد، وهو أن الكل تطوّروا إلى مستوى متقارب بناء على الغاية وهي حل المشاكل، وهذا غير موجود، فكل نوع متميز عن الآخر، وهذا الطيران الذي ترونه أعجوبة نراه عند البعوض والنمل والحشرات، بل إن النمل يعيش أغلب حياته على الأرض ولا يطير إلا في فترة التزاوج. لو كان الطيران أفضل لاستمر عليه، لكن بالنسبة للرأسمالي فالطيران هو الأفضل لأنه يريد أن يصل من بيونج يانج إلى باريس بسرعة لينجز صفقة عاجلة.

بشرنة الطبيعة هي مشكلة التطوريين. إسقاط واقع الفكر البشري على الطبيعة هو القاتل بالنسبة لفكرة التطوريين. الطيور طيور وستبقى طيورا، والزواحف زواحف، أما الفبركة والتشكيلات فهذا باب ليس له حد. إن تصميم الطيور يختلف عن تصميم جسم الزواحف، وعظامها خفيفة وحواسها لها مميزات، وتتحمل برودة الجو ولها بصر حاد إلخ .

لم يخبرنا الدكتور متى طارت الحشرات، وهل احتاجت لخمسين مليون سنة أيضا؟ بل إن الريش الذي تحدث عنه موجود في مخلوق بحري لم يخرج من الماء أبدا كما في هذا الفيديو الذي صوره أحد الغطاسين:


وهنا نطرح سؤالا : إذا كانت بدايات الريش كما يبرر التطوريون لوظائف غير الطيران، فيا ترى ما فائدة هذا الريش الكامل لهذا المخلوق البحري حسب منطقهم؟ وكيف يقولون أن الريش ظهر مع الزواحف بينما هذا المخلوق في الفيديو اعلاه كائن بحري لم يخرج إلى اليابسة ويتمتع بالريش؟  

هذا خلق خالقٍ يخلق ما يشاء لكي يثبت للتطوريين خطأ فكرة التطور، لو كانت الطيور فقط هي التي تطير لقلنا أنه شيء عظيم، لكن حشرات صغيرة تطير أيضا، بل لا تستعمله إلا قليلا .. لماذا لم تستمر هذه المَلَكَة؟ لماذا الانتخاب الطبيعي لم ينتصر للحشرات ويجعلها طيورا؟ لا بد أنه كان مجنونا في تلك اللحظة، لأنه - حسب مقياسه - الطيران أفضل من عدم الطيران.

التطوريون يبنون فقراتهم التطورية بناء على مميزات، كالحالة البرمائية أو حالة الطيران أو المشي على أربع أو الوقوف على قدمين، أو التبييض والولادة، أو الجناح الريشي والجناح اللحمي، وهذه سذاجة، لأن الطبيعة تخترق كل هذه الحدود، فخِلْد الماء يجمع عدداً من هذه الحدود التطورية، والحيتان والدلافين تلد وهي كائنات بحرية، مما اضطر التطوريين عند هذا الحد أن يفترضوا ان الحوت لم يكن حوتا، بل كان عجلا سقط في الماء وعاش وأصبح حوتا، لأنه أفشلَ فرضيتهم أن كل من في البحر يبيض، وأن الولادة حالة تطورية خاصة بالثدييات المتطورة، لهذا فالحوت يعتبر من الزوار الجدد للبحر، وليس كائنا قديما قدم المحيطات، ولا ندري كيف كانت الكائنات البحرية متوازنة قبل أن يشرف السيد حوت بن عجل. هم يخرّفون على الزمن الماضي لأنه لا يوجد زمن ماضي حتى يدافع عن نفسه، على مبدأ "إكذب وانسب إلى ميت". كذلك طيران الطيور، فحشرات صغيرة جدا تطير وتكسر هذا الحاجز، وهكذا. لا حواجز في الطبيعة، هذا مخلوق بحري له ريش يشبه ريش الطيور تماما. بعد هذا ألا يمكن أن تموت هذه النظرية المحنطة وتموت فواصلها الوهمية؟ تقدم العلم ليس في صالحها أبدا، فالعلم هو الذي يفضحها كل يوم ويضطرها إلى تغيير الفبركة كأمثلة هذه الشواهد وغيرها، بل لقد أثبت العلم فائدة الزائدة الدودية والأعضاء التي يسمونها أثرية وبقايا تطور.

ترى لو لم تُكتشف مثل هذه الاكتشافات وعظمة الخلية وإعجازها، لكان موقف التطور أقوى، إذن عدو الخطأ هو العلم دائما، وإذا كان العلم يَزيده فهذا يدل على أنه صواب، وإذا كان ينقصه فهو خطا، والحقيقة أن اكتشافات العلم الحقيقية تسير ضد التطور، إلا ما يسمونه بالأحافير، فكيف يسير العلم الحقيقي ضد التطور بينما الأحافير مع التطور وتدعمه؟ حتى احافير العصر الكامبري ضده، ومن هنا يجب الشك في حقيقة الأحافير وليس في العلم. لو كانت الأحافير تُكتَشف والعلم يثبتها أكثر لكانا في خطين متوازيين، أما أن يكون خط العلم ضد النظرية وخط الأحافير يدعم النظرية، فهنا يجب أن يقف العاقل ليشكّ في الفبركة والإخراج، والشك واردٌ جدا، لو كانت الأحافير مكتشفة قبل النظرية لكان ذلك أدعى لتصديقها، لكن أن تُطرح النظرية ثم يبدأ اكتشاف الأحافير شيئا فشيئا تماما كما وَجَّهَ واقترح وافترض التطوريون، فيحق للعاقل هنا أن يشك في انها عملية هوليوودية كبيرة. بل إن التزوير قد ثبت وقد أُدينوا واعترفوا بالتزوير عدة مرات، إذن العلم الحقيقي - عدا الأحافير - ليس في صالح التطور كنظرية. أما الأحافير فهي تزداد يوما بعد يوم عددا وتفصيلا، وأدام الله مصانع الصين للأحافير وغيرها. ما معنى أن تكتشف عظام الديناصورات أثناء طرح النظرية مع أنها عظام كبيرة ويمكن لأي إنسان أن يكتشفها؟ خصوصا وأن أعمال الحفر لا تتوقف على وجه الارض ومنذ القدم؟ هنا يحق للعاقل أن يشك، أم أن عليه أن يطئطئ رأسه ويصدق الواقع المصنوع؟

فرق بين أن تكون الأدلة للنظرية سابقة عليها وبين أن تكون الأدلة لاحقة لظهور النظرية، خصوصا إذا كانت مُكتشفات كالأحافير. الأدلة عبارة عن مُصنّعات من عظام أو صخور منحوت عليها، بإمكان الفنان العالِم ان يصنع منها الكثير، وقس عمر الصخور لا مشكلة لديك، فكل الصخور والمعادن قديمة أصلا.

(الدقيقة : 19 الثانية : 45) يذكر الدكتور أن السجل الاحفوري يقدم معيارا للتصديق ومعيارا للتكذيب، فهل يمكن أن نجد احفورة لطائر بدائي، كالأركيوبتركس مثلا، تكون موجودة تحت أول زاحف؟ هذا مستحيل. دائما تجد الأحفورات والمتحجرات المنتمية للزواحف في الطبقات الأدنى، وبعد ذلك تجد أحفورات للثدييات، وبعد ذلك تجد احفورات للطيور. وهذا من اقوى الادلة على كل حال. لذلك يجب ان تخف الضجة والضوضاء التي تدور حول الحلقات المفقودة. وإلا فلماذا تأتي هذه الاحافير متوافقة تماما مع نظرية التطور؟ 

الرد : هذا ليس دليلا، لأن التطوريون أصلا هم الباحثون عن الاحافير والمحتاجون لها، و هم من يدفع الأثمان الباهظة لها، مما أحوج لوجود مصانع متخصصة للأحافير تطلب الربح السهل بشهادة تطوريين أنفسهم. البحث عن الأحافير وشرائها وتجميعها يحتاج لأموال طائلة، من سينفق على هذه الأبحاث؟ لكن الإلحاد له فائدة من إثبات النظرية. أما أتباع الأديان فهم مختلفون أصلا في دياناتهم ولا يعيرون الأمر أهمية، بل كثيرون منهم يقبلون بنظرية التطور، ويستطيعون أن يوفقوا بين الإيمان والتطور كما يفعل الدكتور، ولو باللصيق و لوي أعناق النصوص، فما الذي يدفع المتدين التطوري أن يدفع أموالا ويصنع متاحف وسجلات؟ لديه قضايا أخرى تشغله أكثر من هذا الموضوع الذي يستطيع أن يؤمن به ولا يتأثر إيمانه الديني كما يعتقد، فما دام انه آمن بالتطور فليفعل التطوري الإلحادي ما يريد، لأنه هو من بذل المجهود، لا توجد دافعية عند التطوري المؤمن، وخصوم التطوريين مفككين ومن ديانات مختلفة وليس كلهم ضد التطور، فما بالك بمن يكون ضده جذريا كحالتي؟ بالتالي لا توجد لهم منظمات تمول أبحاثهم، وبالتالي لم يساهموا في بناء السجل الأحفوري الذي نصيب الاسد فيه لعلماء الإلحاد والتطور ويدعمهم الكثير من الرأسماليين بشهاداتهم، إذن هو ليس سجلا محايدا ولا يُعتد به، هذا غير أن الاحافير بحد ذاتها ليست دليلا قطعيا من ناحية علمية. وأرجو ألا يعوّل الدكتور كثيرا على هذا الموضوع المليء بالشبهات والتزوير والاعترافات بصناعة الأحافير، فهو موضوع مشبوه بلا شك.

الرأسمالية الكبرى يعنيها دعم الإلحاد اكثر، لأن التاجر الكبير لا يريد أي شيء يقف في طريقه. والدين والأخلاق من أقوى الموانع نحو التوسع المالي وتعدد المهن والمغريات والمؤثرات، فالجنس والخمور والمخدرات هذه من أوسع أبواب الثراء، والدين يعيقها. هذا على سبيل المثال وليس الحصر. فمن مصلحة الرأسمالية الكبرى نشر الإلحاد لأن الإلحاد من ناحية اجتماعية يفكك الروابط ويصبح كل فرد مستهلك لوحده ويسهل خداعه وابتزازه، هناك كثيرا من الأديان تحرّم الربا الذي هو الوسيلة الأم للرأسمالية. كلما تحرّر المجتمع أكثر كلما زاد الرأسمالي ثراء، وكلما زاد هذا المجتمع المفكك استهلاكا وتنوّع استهلاكه، وأصبحت الكماليات ضروريات، لأن الدين دائما يدعو للترشّد والاقتصاد وترك الإسراف والبطر، بل هناك أديان تدعوا للزهد بالدنيا وزينتها، وهذا ما لا تريده الرأسمالية الكبرى.

إن المحتاج للنظرية بشدة هو الالحاد بالدرجة الاولى، لأن ليس لديه ما يسنده، و تليه الرأسمالية، أما الاديان فلها من يسندها، والناس تميل للدين أصلا. و في داخل كل ملحد مؤمن مختفي، ولكن ليس في كل مؤمن ملحد مختفي، والظروف والأزمات هي التي تبيّن، (إذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين وإذا نجاهم إلى البر إذا هم يشركون).

طبيعي أن يرتب التطوريون سجلهم الأحفوري كما فعلوا هم، ويستطيعون أن يحذفوا ما يتعارض مع وجهة نظرهم أو يسكتوا عنه، ألم يزور عدة علماء منهم؟ التكتم أهون من التزوير وأستر.

كل الأحافير وما يتعلق بها ليس من أقوى الأدلة، فالأحافير قالت للتطوريين أن الكولاكنث انقرضت منذ 70 مليون سنة، وجاء بها صياد اندونيسي ليثبت خرافتهم وخرافة الانقراض أيضا وخرافة سجلهم الأحفوري، فاحتاجوا لتعديل هذا السجل، وهكذا الوضع : التطوريون يفبركون تبعا لتقدم العلم، ونتائج تقدمه ليست في صالحهم، وتقدم العلم وحده كافٍ للقضاء عليها. فكيف تكون الأحافير أقوى؟ هذا غير أن الأحافير قابلة للتزوير ولا يمكن اكتشافه إذا قام به علماء مختصون، بل هو من أضعف الأدلة.

(الدقيقة : 42 الثانية : 15) يتحدث الدكتور عن أحفورة الأركيوبتركس، وأنه تم تأريخها قبل 145 مليون سنة، ويذكر الدكتور أن معرفة مثل هذه الارقام ليست اعتباطا وإنما من خلال وسائل قياس دقيقة جدا تتطور وتزداد دقة مع تطور العلم. وتحدث مطولا في حديث لا علاقة له بالنظرية والأحفورة المراد الحديث عنها، ثم بعد أن عاد للموضوع، قال بأن هذه الأحفورة تحوي ذيلا عظميا ولها منقار، وكون أن لها منقارا فهذا يلحقها بالطيور، لكن هذا المنقار له اسنان، وهذه الأسنان ستلحقها مرة أخرى بالزواحف. ولكن لها جناحان، والريش في الجناحين غير متماثل الاطراف، وهذا يؤهلها للطيران، لكن هل طارت؟ حتى الآن التطوريون لا يجزمون بذلك، لكنهم يرجحون أنها كانت تطير، بسبب الريش العريض غير المتماثل، طبعا طيرانا بدائيا عبيطا. وتوجد في آخر الجناحين مخالب، طبعا لا يوجد طير له مخالب، وهذا يلحقها مرة أخرى بالزواحف. وهذا يعني أنها زاحف أكثر منها طيرا، وهذا يعني أن هذه الاحفورة ديناصورية.

تم اكتشاف هذه الاحفورة عام 1860م وتوقف كل شيء، فلم يجد العلماء أي أحافير اخرى تثبت هذا التحول من الزواحف إلى الطيور إلا هذه الاحفورة، حتى عام 1970م ، وبعدها سال السيل، فبعد 100 سنة من اكتشاف الاركيوبتركس سال سيل المكتشفات، اذ بدأت تنشر الصحف والتلفزيون والمجلات العلمية والاخبار عن اكتشاف حلقات وسيطة كثيرة جدا، خاصة في الصين، اذ توجد في الصين رواسب بُحيرية، فيها مجموعة من الأحفورات للديناصورات الرشيقة، وجدوا على بعضها ريشا غطى الجسم كله، بدل الجلد المحرشف، والانتخاب الطبيعي استبقى هذا التطور.

الرد : طبعا بعد نجاح الأركيوبتركس ومرورها بسلام جاء سيل الاكتشافات، وكأنه قبل هذا لا توجد عمليات حفر ولا علماء ينقبون، ولاحظ سيل الاكتشافات في الصين ومصانع اعداد الاحافير في الصين، هنا نفهم تأثير الإعلام والمال الذي يبذله التطوريون والاهتمام في شراء هذه الأحافير والتي وصلت اليوم إلى حد مقرف بكثرتها، بل حتى توجد مصانع لصنع الأحافير، واعترف بهذا علماء تطوريون، لماذا يُسمح للعلم أن يُمتهن بهذا الشكل؟ الدافع واضح ومعروف، وهو فصل العالم عن أديانهم من خلال تكذيب كل كتاب مقدس يتكلم عن الخلق، وهذا شيء يستحق أن يُبذل لأجله.

المهم : علميا كل الأحافير ليست بأدلة، أحفورة الاركيوبتركس من يضمن أنها غير مزورة؟ يقول الدكتور وسائل قياس! كيف تقاس خطوط على صخرة قديمة؟ كيف نعرف أن هذا النقش على صخرة ما قديم أو حديث؟ أو أنه طبيعي أم انه صنع بآلة حفر؟ نقيس عمر الصخرة نعم قديم، لكن لا شيء يقيس آلة الحفر متى مرت على هذا الجسم الحجري، أو زادت فيه وعدّلته. إذن أي صخرة فيها شقوق أو نتوءات أخرجوا لنا عمر هذه النتوءات أو التجاويف! هل يستطيع العلم فعل ذلك بدون تخمينات؟ طبعا لا يستطيع، إذن أية احافير ليست دليلا علميا قطعيا، خصوصا مع حمى الأحافير المرتبطة ماديا بالكسب، وهذه أهم نقطة، إذ يوجد ناس خبراء وفنانون من الصعب اكتشاف تزويرهم، بل حتى علماء يزوّرون. وقد رأينا أحافير اكتُشف تزويرها بصعوبة، وبعضها استغرق اكتشافها 40 سنة كإنسان بلتداون، ومثل تزوير حجر سليمان في القدس، والذي ظل العلماء يتشككون فيه حتى استطاعت الشرطة اقتحام شقة المزوّر وكانت لديه مشاريع لمزوّرات أخرى غيره، فكيف للعاقل أن يثق بأن أحافير التطوريين غير مزورة؟ هذا هو السؤال، خصوصا وأن المزوّرين علماء كما حصل في جمجمة البلتداون وتزوير الدكتور هيكل للأجنة وهو عالم، وعادة لا يقوم بالتزويرات الدقيقة إلا علماء تطوريون ملاحدة بدافع ديني، إذن القضية فيها إيمان وأيديولوجيا وصراع اجتماعي وأحافير تُعرض وحمى أحافير كمصدر للثروة، فأين يقف العاقل هنا؟

كلمة علم تعني قطعي الثبوت، ولا تعني ما يتطرق إليه الشك، لهذا على التطوريين أن يستبعدوا كل أدلة التطور من الأحافير لأنها غير علمية ويتطرق إليها الشك بكل أنواعه، وليس لدينا استعداد أن نبتلع أحفورة يُكتشف بعد 40 سنة أنها مزورة، تماما كما زوّروا رحلتهم إلى القمر وفي الأخير اعترف المخرج نفسه أن الفيلم تم تصويره في استوديو.

أية أمور علمية لها دوافع اجتماعية ومصالح مرتبطة بها يجب الشك فيها حتى تثبت بالتجربة، وهذا احترامٌ للعقل وللعلم الذي باعه التطوريون بسهولة، فهم باعوا العلم حقيقة، لأنهم جعلوه عرضة لمن هب و دب، فهذا يُكتشف تزويره وهذا لا يُكتشف، ويُبنى العلم على أساسه. العلم تعرض لإنحراف في مساره على أيدي التطوريين.

ثم هذا المخلوق العجيب الأركيوبتركس هو قمة التطور، لأنه يطير وله أسنان ومخالب ويجمع ميزات الزواحف والطيور، السؤال : لماذا لم يبقه الإنتخاب الطبيعي؟ أليس يبقي الأفضل؟ هو أفضل من الزواحف بلا شك، فكيف يسمح الانتخاب الطبيعي بانقراضه؟ بموجب مفهومهم عن الأفضل؟ أليس الانتخاب الطبيعي يبقي الأصلح ويُنهي ما سواه؟ المفترض أن يبقي على الاركيوبتركسات ويقضي على الزواحف المتخلفة، لأن هذا اقدر على كسب رزقه، وتبعا لهذا المبدأ الفاحش الخطأ سيبقى نوع واحد لأنه سيكون افضل الجميع، واذا بقي نوع واحد اندثرت الحياة لاندثار التوازن، وهكذا الانتخاب الطبيعي بموجب هذا التعريف سيكون مسؤولا عن انقراض الحياة لا عن تطويرها ونشأتها. لأنه مع الأفضل فقط والباقي يمسحه، هنا مكمن الخطأ الفاحش. هذا هو الانتخاب الطبيعي الذي وضعوه بدلا من الخالق.

إذن هذا المكتشف هو ضد فكرة الانتخاب الطبيعي، لكنهم لا يهتمون لكل النقد أساسا ويتركون الإنتقادات بدون رد، لأنهم أصحاب أيديولوجية وليسوا باحثين عن العلم حقيقة. كم من التطوريين الذين قرأوا ردودي ولم يردوا، حتى الدكتور إن كان قد اطّلع على ردودي، هم يهمهم فقط أتباعهم ولا يهتموا بمعارضيهم، فهم في حلبة اجتماعية وليس علمية، والحلبة الاجتماعية هي لصاحب الصوت الأطول.  

(الدقيقة : 45 الثانية : 12) يعرض الدكتور صورا لطائر افتراضي مصمم بناء على أحافير، يدعى (مايكرو رابتر قاي)، وهذا الطائر كما في الصور المعروضة في الحلقة له أربعة أجنحة عند كل طرف من أطرافه. ويذكّر الدكتور أنه في النظرية التطورية التركيبية الحديثة في أحد بنودها ما ينص على أن التطور ليس بالضرورة ان يكون من الأبسط إلى الأعقد، بل قد توجد هناك ارتدادات او تدهورات للتطور، فتصبح من الاعقد إلى الأبسط، أي أن احفاد هذه الاحفورة اصبح لها جناحين بدل الاربعة التي كان يتمتع بها سلفها القديم. ويذكر الدكتور ان هذه الاحفورة لم تكن تطير، لكن ربما كان يستخدم ريشه في الإنزلاق الهوائي.

الرد : أين الانتخاب الطبيعي؟ اليس يبقي على الافضل؟ وعادة الأكثر تعقيدا هو الاكثر تخصصا وتفاصيلا. فكيف يكون هذا التطور التدهوري بموجب تعريفهم للانتخاب الطبيعي؟ لاحظ كلمة تدهوري، تعني انه تحول من الأفضل إلى الأردأ، هذه صورة من آلاف صور التناقض في هذه النظرية، والتي تبقى عادة بلا رد.

جسم هذا الكائن غير مهيأ للقفز أو الطيران، هذه تصاميم مركبة ومضحكة، الطبيعة أذكى من هذا المستوى الإخراجي.

نظرية التطور بخطها العام تبدأ من البسيط إلى المعقد، لكن أحيانا يرتد التطور، اليس كذلك؟ فيكون من المعقد إلى البسيط! طبعا هذا له غاية، ما هي هذه الغاية؟ أن تطير كل الكائنات الحية؟ أم أن تصبح كلها بشرا؟ ما الذي ينقصها حتى تتطور؟ هذا ضرب خيالات ليس إلا، كل حيوان له دوره في الطبيعة والمرتبط بغرائزه الذي لا يريد هو أصلا أن يتغير عنه، ولا ينقصه شيء، مثلا إن كان يمشي على أربع، فلا حاجة له بأن يطير. هذه من خيالات التطوريين. هل القرد يغار من النسر لأنه يطير؟

هذا تسخيف للطبيعة المعقدة جدا بكل صورها ونماذجها، والعلم يكشف ولا زال يكشف شدة الارتباط بالوظيفة وشدة التعقيد. بدأت نظرية التطور عندما كانوا ينظرون للخلية المفردة على أنها شيء تافه وبسيط، لكن العلم الحديث أثبت العكس، فلم لا تموت هذه النظرية القائلة بأن الحياة تنتقل من البسيط الى المركب والمعقد؟ هذه البديهية ضربها العلم حتى تكسرت، لكن النظرية لم تنكسر! مع أن المفترض أنها تنكسر! هناك رؤوس أموال تنتشلها حتى لا تموت، ليس حبا فيها بل في نتائجها الاجتماعية والاقتصادية والإدارية، صدّق أو لا تصدق.

نظرية مبنية على البقاء للأقوى، ولا تستطيع أن تحدد من هو الأقوى، هل هو الفأر أم الفيل، والعلم يثبت كل يوم أن الجميع أقوياء، حتى البكتريا. العلم اسقط هذا الافتراض البشري التجاري. نظرية التطور لم تسقط، لماذا؟ بسبب الدعم لأهداف غير علمية. إن أصول النظرية ساقطة، فلماذا لا تسقط ما دام أن جوهرها قد ضُرِب؟ لم يبق ما تتعلق به إلا افتراضات على مدى ملايين السنين، وما تحصل منه على أحافير مزورة، ولا دليل علمي يوجد.

لم تبلّغ المستشفيات عن وجود طفرة جديدة، من واقع ستة مليارات من البشر لم يحصل أي جديد، إذن هي مجرّبة، والتجربة تسقطها أيضا، ويكثّرون من ملايين السنين لئلا يُحرجوا بمثل هذا السؤال حتى يقولوا و هم يبتسمون : "وقت التجربة قليل، تحتاج الى ملايين السنين". هذا ليس علما، العلم هو ما يتبع المنطق ولا يخالفه ويقدّم تجاربه وإثباتاته الملموسة، وهذا ليس عندهم طبعا. لكن يُراد لها أن تتكرس أكثر بدلا من أن تُحفظ في متحف النظريات الخاطئة، لو أن العلم يُحترم.

ما فائدة وجود المخالب في أجنحة الأركيوبتركس ؟ لا نجد في الطبيعة مثل هذه التركيبات التي تشبه الكارتون، كل حيوان أعضاؤه مفيدة له، لكن مخالب الأركيوبتركس بماذا تفيده؟ أو أنياب الماموث التي كأنها صدّام سيارة أمامه لا يستطيع أن يأكل بسببها؟ أو أنياب السايبرتوث؟ إنها أعضاء من الواضح أنها مرسومة، لأن الطبيعة تكذّب هذا، وعمر التطور لم ينتهِ حسب هذا، أين هو الحيوان الذي يحمل أعضاء لا فائدة منها أو تعيق حركته؟ لا يوجد، إذن هي نظرية خرافية. لا يوجد مثال للتطور في الواقع أو الطبيعة، بل لا يوجد خلل أو زوائد في أي كائن حي، خلقة الله متقنة وبلا تفاوت. وصدق هارون يحيى عندما سمى كتابه المشهور (خديعة التطور).

هذا التشابه العجيب بين الأحياء يدل على وحدة الخالق، والتشابه الطبائعي بينها يدل على أنه ليس هناك تطور، فالنملة تغضب إذا حرفتها عن مسارها تماما كما الفيل يغضب وكما الإنسان يغضب، المفترض تطوريا أن الحشرة أقل وعيا ومشاعرا من الفيل، وبالتالي لا تغضب أو يكون غضبها أقل. كذلك النملة تهاجم كما يهاجم الفيل، و كل الأحياء تشعر بالخوف من المخاطر، كبيرها وصغيرها. هذه الوحدة المعنوية لم يلتفت لها التطوريون. كيف يكون التطور بالشكل بينما تتشابه الاحياء معنويا في الفرح والخوف والغرائز؟ أين خط التطور هنا؟ أم أنهم نسوا هذا الخط؟ المفترض أن من يتطور يتطور في كل النواحي.

إن هذا الأمر يدل على أنها كلها مخلوقة من خالق واحد وليست بصدف عشوائية، وأن كلٌّ منها مسخّر ليقوم بدور محدد في الطبيعة، ودورها يخدم المجموع الطبيعي كله، بحيث تحافظ الطبيعة على نفسها بنفسها من خلال أفرادها، فكثرة توالد الغزلان هي من أجل أن يبقى الأسد ولا ينقرض، لو قضي على الأسد فستختل الطبيعة، وهذه قضية أخرى لم يحسبوا لها حسابا وهي اختلال التوازن البيئي.

اذن الطبيعة ترفض التطور مثلما الواقع يرفضه والمنطق يرفضه، لا يثبت التطور إلا أحافير مزورة، لا العقل ولا العلم ولا الواقع يثبتها، فهي كلها ضد التطور. ماذا معهم؟ معهم فقط أحافير مفبركة وإعلام قوي وملايين سنين، وإذا ناقشهم احد قالوا : "قدّم نظرية بديلة أو اسكت!" ليس شرطا أن يقدم المعترض نظرية بديلة على إفتراءٍ كلُّ شيءٍ ضدّه. إذا المحامي برّأ المتهم من السرقة، لا يحق مطالبة المحامي بأن يقدّم من هو السارق الحقيقي.

(الدقيقة : 46 الثانية : 7) يذكر الدكتور عن أحفورة لديناصور وجدت في بحيرة في الصين، كان الديناصور فيها نائما واضعا رأسه تحت ذراعه. كانت ذراعه أشبه بالجناح المطوي، ولكنها ليست جناحا بل ذراعا، ينام تماما كما تنام الطيور، فهي تضع رأسها تحت جناحها إذا ارادت ان تنام، هيئة النوم هذه غير متوفرة في ديناصور عادي، لذا يبدو أن هذا الديناصور هلك وتحجر وهو نائم. هذه كلها خطوات للديناصورات في طريقها بأن تصبح طيورا يوما من الايام.

الرد : هل هذه أدلة تقدَّم؟ أن يُنتقى افتراض واحد من بين مئات الافتراضات؟ قد يكون سقطت عليه أحجار و وضع رأسه تحت يده ليحمي رأسه منها! كيف عرفوا أنه نائم قبل ملايين السنين؟ أم أن الأجهزة العلمية أثبتت ذلك؟

(حتى نهاية الحلقة) يذكر الدكتور انه عثر كذلك على أحفورة تنين انثى، وهي تقبع على عشها المتكون من 22 بيضة, ويذكر الدكتور أن بيوض الديناصورات منتشرة في العالم، اذ وجدوا عددا هائلا من بيوضها في الشيشان قبل فترة. لكن هذه الأحفورة تمارس سلوكا في الرعاية يشبه سلوك الطيور، اذ انها ترقد على بيوضها تماما كما يفعل الطير، بينما الديناصور لم يكن يفعل هكذا. وهذه خطوة جديدة لكي تتحول الديناصورات إلى طيور.

الرد : الديناصورات خرافة ، لم تكن هناك ديناصورات ولم تعرفها البشرية إلا بعد ظهور الإلحاد في القرن التاسع عشر, لم يذكر القدماء أي عظام ديناصورية رغم تحفيرهم للأرض للزراعة والتعدين من آلاف ومئات السنين, مما يعني أنها مصنوعة.

والديناصورات التي يتحدثون عنها غير منطقية في كل شيء ولا حتى في وقفتها وتناسق جسمها, فتلك الرؤوس الضخمة ستجعلها تكب على وجهها! وأوزانها الضخمة على قدمين لن تجعلها تستطيع شرب الماء، لأنها ستغوص في الطين وينقلب ذلك الرأس الضخم إلى الماء. لا يستطيع هذا النموذج رفع نفسه! إنه تصميم غير ناجح ..

وموضوع تباين أحجامها بين ما يعادل بناية من عشر طوابق و بين ما يمشي على رأس الإصبع ينقلنا إلى عالم رسومات الأطفال المتحركة. لا يوجد نوع حي بمثل هذا الاختلاف بين فصائله, فلا يوجد دب مثلا يمشي على رأس الإصبع و دب آخر يزن خمسمئة كيلوجرام!

ثم لماذا انقرضت هذه الأمة المسكينة بكاملها وقد كانت تعمر الأرض وحدها فقط ولم يبق منها احد؟ ما ذنبها؟ رغم اختلافها في الأحجام مما يسمح لبعضها على الأقل بالتكيف؟ كيف قبلتها البيئة ثم رفضتها بشكل كامل؟ والبيئة هي البيئة، والأكل موجود والهواء موجود والماء موجود.

من يصدق أن حيوانا بحجم بناية من عشر طوابق عاش في هذه البيئة التي نراها؟ إذا كان هذا صحيحا فإذن علينا أن نصدق أن حيوانا ساقه أطول من ناطحة السحاب عاش في نفس البيئة أيضا, ما الذي يمنعنا عن التصديق بأن حيوانا يزن مليون طن أو أكثر عاش في نفس البيئة؟ عندما نخرج من العقل فالفضاء واسع جدا للخيال وبأرقام فلكية. 

لاحظ أن مُخرِج خرافة الديناصورات اضطر لأن يجعلها وحدها تعيش على الأرض في تلك الفترة لكي يثبت أن التطور حقيقة, وأنها تمثل فترة من فترات التطور وهي فترة الزواحف العظام كما افترض داروين, والتي نشأت منها الثدييات وغيرها, لكن المخرج نسي موضوع توازن البيئة، لأن النوع الواحد لا يستطيع ان يعيش لوحده على الأرض. أي بيئة هذه التي طورت الديناصور ليكون بحجم البناية؟ وما هي المبررات لذلك؟ ثم لماذا ترفضه البيئة وتقول إن حجمه كبير وغير مناسب؟ البيئة كبّرته والبيئة صغرته كذلك حتى وصل لحجم الدجاجة! الانتخاب الطبيعي أصبح يبني ثم ينقض! ما هذ الرب البديل؟ إن البيئة تُجري تجارب على الديناصورات بناء على هذا الكلام! هذه أساطير المتأخرين وقد استفادت من أساطير الأولين. فمن أرض لا يسكنها إلا البكتيريا إلى أرض لا يسكنها إلا الديناصورات! وكأن الأرض شقة مفروشة كل يوم تسكنها عائلة مختلفة! 

وبعد أن أعلن الانجليز عن اكتشاف عظام الديناصور جاءت حمى اكتشافات الديناصورات، فصار يُكتشف في كل مكان، وصار يصور في وضعيات مختلفة تشبه وضعيات تصوير المشاهير، فمرة راجنا على بيضه، ومرة ينام على يده حتى يحاكي الطيور، رغم أن البشرية بكل تاريخها لم تتكلم يوما من الأيام عن عظام تشبه عظام الديناصورات.

النقطة الثانية هي خرافة الانقراض، الحقيقة أن الحياة تعاني من الاكتظاظ وليس من الانقراض، إلا بسبب الإنسان وصيده الجائر وهذا موضوع آخر، ما الذي يجعل نوعا كاملا من الحيوان ينقرض؟ هذا شيء لا يدخل العقل مهما وضعوا من الفذلكات والافتراضات، لكن الانقراض هو العكاز التي تحمل قدم التطور، إنه ركيزة أساسية عندهم، ويبالغون ويهوّلون في أن 90% من الأحياء انقرضت ولم يبق إلا 10% دون أن يذكروا ما هي مبررات الانقراض. إنهم لا يكلفون أنفسهم بتقديم مبرّرات مفبركة عن سبب انقراض هذا الكم الهائل والذي لم يبق منه الا 10%، وإن كانوا يقدّمون تبريرا سخيفا لانقراض الديناصور.

عقل الحيوان ليس مربوطا بمكتسباته كما تصور نظرية التطور, فالشاة مثلا لو تغطي رأسها تجدها لا تتحرك وتظل في مكانها وتستطيع أن تحلبها بسهولة أكبر, و السبب أنها تخاف من أن تتجه لخطر غير معروف أكبر مما هي فيه, هذه عملية منطقية أكبر من مستوى عقلها الذي لم يستطع أن يعلمها أن كل ما عليها لنزع الكيس هو أن تنزل رأسها فتطأه أو يسقط من حاله! فالحيوان إذا غطيت عينيه يتوقف عن الحركة, تماما مثلما يفعل الإنسان, إذن ما أبقى الإنسان هو نفسه ما أبقى الحيوان: الشعور وليس العقل, والمعرفة في هذا المثال غير مكتسبة. الماديون يتصورون أن كل شيء بالعقل الذي هو مكتسب مما حوله, فكل أحاسيس الكائن الحي وفهمه ناتج من احتكاكه فيما حوله, لكن هذا الفهم سقيم, لو طبق بحيث أن كل الكائنات الحية وُلدت ورقة بيضاء فلن تبق حياة, إذن هناك برمجة فطرية نسميها الشعور, وهو الحامي للحياة، مثلما الجينات مبرمجة كذلك الشعور مبرمج. وليس وليد تجارب موروثة من أجيال سابقة لأنه مشترك ومتساوي بين المخلوقات, والتجارب والظروف مختلفة. والشعور فيه جوانب مشتركة بين الكل تتعلق بالحماية والخوف، وفيه جوانب خاصة لذلك الحيوان هي ما تسمى بغريزة الحيوان المتعلقة بوظيفته، فهناك غرائز عامة وغرائز خاصة لكل نوع. فالقطط الصغيرة تمارس التخميش واللعب بينها، بينما فراخ البط تفقس وتذهب إلى الماء رأسا، هذه غرائز خاصة، لكن الغرائز العامة مثل الخوف من الخطر، لا تجد حيوانا يشعر بالخوف أكثر من غيره، الكل يشعر مثل الانسان، الكل اذا غطيت عيونه يتوقف، فمن علمهم ذلك؟

الغريزة مشتركة بين الحيوان و هم يقولون هذا, ولكن كيف تكون الغريزة مشتركة بينما الموروثات مختلفة بين الكائنات الحية حسب ما ورثتها من أسلافها؟ لو كان هناك تطور بسبب الظروف لوجدت بط مثلا لا يجيد السباحة تبعا لظروف أجداده! إقرار التطوريين بالغريزة يخالف نظرية التطور, فنظريتهم تتكلم عن ظروف وآثار تنتج عنها وتوارث لهذه الآثار, فكيف تكون هناك غرائز موجودة بأي ظرف ومشتركة بين كل الأحياء؟ لاحظ أن الغريزة متناسقة مع الحيوان، فغريزة السباحة متناسبة مع تكوين البطة الجسمي وريشها غير القابل للبلل ورجليها الشبيهة بالمجاديف. إذا أقررنا بوجود الطفرات المؤثرة ستكون النتيجة أن الغريزة لن تكون مشتركة لهذه الدقة, بمعنى أن كل البط بكل الظروف التي مرت فيها لم تغير فيه شيء لأن الغريزة واحدة ومرتبطة بالتكوين, فالمشكلة أن تغير الظروف يقابله ثبات حاد بالغرائز, إذن الأحياء تحمل بداخلها مقاومة للتغير وليس قابلية للتغير.

لولا وجود الغريزة الشعورية أصلا لاستحال أن يبقى الكائن الحي، لأن أي تجارب جديدة ستقضي عليه, الخوف مثلا مشترك بين كل الكائنات الحية وبنفس الدرجة, فلا يوجد حيوان يخاف على نفسه أكثر من حيوان آخر. إذا تكلمت عن تطور مادي عليك أن تتكلم عن تطور معنوي يصاحبه, بما أن الخوف هو أقوى الغرائز والخوف يعني بقاء الكائن كما هو لا يتغير, إذن التغير (التطور) من أخوف المخاوف! هذا غير أن كل نوع مهيأ بطبيعته أن يعيش وله دوره ووظيفته موجودة التي لا يقوم بها إلا هو, فأين يذهب في شبكة التوازن؟ أي تطور يعني اختلال في التوازن، وبالتالي تتدمر البيئة كلها. كيف يتطور إلى الأفضل وبقاؤه على حاله هو الأفضل بالنسبة له؟! الخوف يعني مقاومة أي تغيّر يطرأ عليه. و كيف يحس بذاته قبل التطور وبعد التطور؟!

لماذا الخوف مشترك بنفس الدرجة؟ و لماذا الحكمة مشتركة بنفس الدرجة؟ فلو تغطي رأس الفيل ورأس الفأر كلاهما سيقفان خوفا من أن يقعا في خطر أكبر, ولكن كلاهما لا يعرفان أنه حين يطآن على الكيس سيسقط.

الرضا بالوجود أيضا مشترك, فلا يوجد حيوان يريد أن يجرب أسلوب حياة حيوان آخر, بل راضٍ بوضعه ويعجبه جدا مع أنه يحتك بغيره. كل هذا يدل على الثبات, إذن الرغبة بالتطور أصلا غير موجودة، وعدم وجودها يعني عدم الحاجة لها, أي لا يوجد ولا مخلوق يريد التطور. إذن كل حيوان مجهز بما يحتاج ليبقى وإلا لمات, قال تعالى: {الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}, وكل حيوان يؤدي وظيفة في خدمة البيئة ويتغذى على مدْرج معين من مدرجات الطبيعة ولا يطمع بغيره, فإذا كان الضأن يأكل الحشائش الأرضية فالماعز يحب أوراق الشجر, مع أن كليهما تسمى أغنام.

هذا يقودنا إلى الشك في فكرة الانقراض الطبيعي من أصلها, مثلما هو الشك في فكرة التطور من أصلها, فلماذا ينقرض نوع بأكمله مع أن البيئة فيها وظيفة شاغرة له؟ ولماذا ينقرض دون غيره؟ و من كل العالم؟ أليست الأرض واسعة؟ لِم لم يهاجر؟ الفكرة تبدو غير منطقية, إلا الانقراض بسبب الإنسان فهذا موضوع آخر. فكرة الانقراض الطبيعي غير معقولة, فإما أن تتلف الحياة على الجميع أو يبقى الجميع، فكيف ينقرض كائن حي لوحده رغم وجود التوازن البيئي؟ ومن يأكل رزقه ويقوم بوظيفته إذا انقرض او تطور؟ خطأ التطوريين أنهم اهتموا بخط الشكل الخارجي للكائن الحي، ونسوا بقية الخطوط، مثل خط النمو المعنوي، ومثل خط المشترك الغريزي، وخط الوظيفة، وخط التوازن الطبيعي، وخط الذكاء، والذي بسبب إهماله افترضوا أن الطيور أغبى من الثدييات تبعا لسلسة التطور. وبالتالي هي نظرية فارغة كالشكل، لا تقدم نموا وتطورا في المجالات الأخرى، والكائن الحي ليس شكلا فقط وهيكلا. المقارنة بالشكل فقط طريقة بدائية.

كيف تكون الديناصورات موجودة و لوحدها ثم تنقرض رغم تنوعها في الحجم والطعام بل و المكان؟ وكيف تستطيع أن تعيش لوحدها بدون توازن مع أحياء أخرى وبدون حيوانات ولا حشرات؟ كيف ينقرض نوع من نفسه بدون تدخل إنسان؟ وجود انقراض طبيعي يعني عدم وجود توازن طبيعي. كيف تتغير البيئة على الكائن الحي و تجعله ينقرض؟ إذا تغيرت البيئة على هذا الكائن ستتغير على الجميع, و كل حيوان موجود في بيئة مناسبة له. هذا غير أن هناك قانون الهجرة عند المخلوقات كلها. سمك السلمون كل سنة تتغير البيئة عليه في الشمال فيهاجر للجنوب ولم ينقرض بسبب الثلج, وتلاحظ الهجرة موجودة في كل الحيوانات وهو تكيف مع أي تغير يحصل في البيئة, لماذا لم يتطور السلمون بدلا من التكيف؟ أو ينقرض؟ هناك ظروف كثيرة تقتضي تطور ولم يحدث تطور بل حدث تكيف غريزي موجود من الأساس, أما تغير خارق للعادة فهذا سيدمر كل الأحياء وليس فقط نوع معين, إلا إذا سقط شعاع متقصد لهذا النوع  من الأحياء وأفناها!

لو كان الانقراض الطبيعي (الذي لم يسببه الإنسان) حقيقي لكانت الأوبئة أدت إلى الانقراض, أليست تقتل وتنتشر بسرعة؟ مثلا مرض التسمم الدموي يقتل كل الأرانب الكبيرة ولكن الصغار لا تموت, لماذا؟ أليس الصغير ضعيفا؟ لماذا لم تقض عليه العدوى؟ 

وأكل اللحوم عند الحيوانات النباتية أو أكل النباتات عند الحيوانات آكلة اللحوم يعتبر مساحة تكيف تبعا للحاجة, وليس تطورا, ولا يوجد حد فاصل بين آكلة لحوم وآكلة نبات, فحتى الحيوانات التي تتغذى اللحوم بشكل أساسي يمكن أن تأكل من النبات والعكس, لو تقدم للقط الأرز واللحم لاتجه إلى اللحم ولو تقدم له الأرز فقط لتناوله أيضا من باب الاضطرار, وبالتالي ليس الإنسان متطورا لأنه يأكل النوعين، فالعصفور يأكل الحبوب ويأكل الحشرات, والجرذان تأكل الحبوب وتأكل أفراخ الطيور, وكذلك القرود كبقية القوارض، فهي تفترس أحيانا.  

هذه الغرائز المشتركة بين الكائنات الحية هي الكفيلة ببقائها. هناك غرائز عامة وهناك غرائز خاصة, غريزة الخوف من كل جديد عند الجميع بما فيها الإنسان, وغريزة التسلق عند القط جاهزة لكنها غير موجودة عند البط كمثال على الغريزة الخاصة. لو كانت الحيوانات سلالة من سلالة لبقي شيء من غرائز السلالة السابقة, لكن نرى الغزال مثلا لا يرفس وستكون رفسته قوية جدا وقاتلة وتنقذه من أخطار كثيرة لكنه لا يفعل هذا! وهذه ملاحظة أن كل نوع لديه وسيلة دفاع وهجوم رئيسية, فالغزلان والأبقار والأغنام وسيلة دفاعها النطح بالرأس, بينما الخيول والحمير بالرفس, والكلاب والضباع والثعالب بالعض, والقطط والفهود والأسود بمخالب اليد والقدم, مع أن الكلب يستطيع أن يستخدم يديه مثل الأسد لكن ليست فيه هذه الغريزة, لذلك لا يعرف التسلق, المصطادات بأيديهن هن القادرات على التسلق كالفهود والأسود والقطط، من الذي نهى الكلب أو الذئب أو الضبع عن التسلق مع أنه يملك يدين قويتين ومخالب؟ و لا يتسلق مثل القط والنمر مع أنه يحتاج لهذا ومع أنه أخف من النمر! فالذئب أو الكلب لو تربط فمه لقضيت على سلاحه, مثلما يفعل العقاب حين يصطاد الذئاب فيغرز مخالب قدمه في فم الذئب وحينها لا يستطيع الذئب أن يفعل شيئا سوى أن يفتح فمه له أكثر, فالعقاب يقتل الذئب بقدم واحدة ويمزق فمه بمخالبه حتى يموت (هذا مقطع فيديو لاصطياد عقاب لذئب http://www.youtube.com/watch?v=rgyqKgaULlU),

من علَّم العقاب هذا أن الذئب لن يستخدم مخالبه؟ وأن أفضل مكان لاصطياد الذئب هو فمه؟ وأن نقطة قوته هي نقطة ضعفه؟ إنها الغريزة, هذه الغريزة لن يعرفها إلا من خلق النوعين, وليست من تدريب الصياد طبعا وإلا فكيف يقنع العقاب أن يدخل مخلب قدمه بين أنياب الذئب؟! العقاب لن يستطيع أن يصيد النمر أو الفهد بهذه الطريقة وهو يعرف هذا دون أن يجرب, فمن علّمه أن هذا الأسلوب لا يناسب النمر و لا حتى القطط؟ و من هذا نعرف أيضا أن الكلب لا يستطيع أن يصطاد الأفعى بنفس دقة القطط والفهود، لأنه لا يستخدم يديه مثل القطط والفهود والوشق. عندما ترمي قطعة لحم على كلب وعلى قط من أعلى ستجد دقة التقاط الكلب ودقة التقاط القط بيده.

الظروف كانت كفيلة بتعليم الغزال أو الوعل أو المها أن الرفس مفيد خصوصا أن الذئاب والفهود تأتيهما من الخلف حين تهاجمهما, وملايين السنين كانت كفيلة بتعليم الكلب والضبع والثعلب كيف يستخدم يديه، لأنها دخلت في صراع مع قطط برية وفهود ونمور، لكنها لم تتعلم ولن تتعلم، لأن الوظيفة حتمت من خلال القصر أن يبقى كل نوع كما هو، لا أن يتطور. فتلاحظ الحيوانات المفترسة المستخدمة ليديها، تجد فيها العرض، حتى وجهها عريض وعيونها متباعدة أكثر لتعطيها مساحة أكثر لمشاهدة الحركات البينية والضربات الجانبية، لأن العَرض يعطيك فرصة أن تتحرك اكثر، وتقدم لها عضلات أقوى، بينما الكلاب والضباع والثعالب والذئاب اكتافها ضيقة لتسمح لها بالدخول أكثر، لأن سلاحها هو الأسنان، يمكن أن نسميها بالحيوانات الفموية، أي تستخدم أفواهها في الهجوم والصيد. وعيون الحيوان الفموي متقاربة لأن رأسه ضيق، فتعطيه فرصة للتركيز على الأمام. حتى كلمة حيوان مفترس فضفاضة جدا تحتاج الى توضيح التخصصات الحيوية. هكذا نرى أن الوظيفة هي التي رسمت الشكل وليس التطور العشوائي.

لو كانت الظروف تغير شيئا في الغزال او الكائن الحي أو كانت الحاجة تدفعه لأن يطور جسمه أو أسلوبه, خصوصا وهو يملك أقوى عضلاته بقدميه الخلفيتين التي يعتمد عليها في القفز الهائل, وخصوصا أن عينيه جانبيتين, فتخيل قوة القفزة على ذلك الظلف المدبب كأنه مسمار لو وُجِّهت على شكل رفسة بطريقة أفقية! حينها ستنتهي مأساة الغزلان مع الذئاب والأٍسود! أين الانتخاب الطبيعي ليخبره بهذا السلاح المهمَل والذي يصل إلى قلب الخصم إذا أحسن التسديد؟ قرون الغزال هذه أسلحة للاستعداد لكنها ليست للمفاجآت, فلو يستعد قطيع الغزلان للذئاب فلن تستطيع أن تصيد منها شيئا, لكن لو أتتها فجأة لاصطادت منها وهي تجري, لهذا تحاول الحيوانات الصيادة تجريتها، فمع الجري تتبين الطريدة الضعيفة, لتأتيها من نقطة ضعفها وهو الخلف والذي هو نقطة قوتها لو استثمرته, لكن الخالق أراد لها أن تكون نقطة ضعف, سبحان الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى, فكأن الغزال أُمِر أن الأرجل الخلفية للقفز فقط ولا يستخدمها للرفس وإلا لاختل التوازن ولجاعت الذئاب أو انقرضت. ومن هنا نفهم أن التوازن لم يصنع نفسه بنفسه وليست الظروف التي صنعته, قال تعالى {من كل شيء موزون} فالتوازن موجود بالخلقة أصلا ومنذ البداية.

لو كانت الخبرات المكتسبة تورَّث لورثت الحيوانات المرباة أجيالا لاحقة منها, فالكلب مثلا منذ القدم وهو مع الإنسان ومع ذلك لا تولد كلاب مستأنسة. الخيل مثلا كل أجداده تقريبا من مئات السنين مستأنسة ومع ذلك يحتاج لترويض, إذن الغريزة هي الأساس وهي متوائمة مع البيئة أصلا.

 ألم يقولوا أن سمكة الكولاكنث منقرضة من ثلاثمائة مليون سنة؟ وإذا بصياد يأتي بها قبل عدة سنوات؟ أليسوا يقّرون أنهم لا يستطيعون تقديم إحصاء كامل لكل الأحياء في البر والبحر، فكيف يتكلمون عن الانقراض و هم لم يحصوا الأنواع قبل أي شيء؟ أليس التاجر يقوم بجرد محتويات متجره قبل أن يقرر حاجته للسلع الفلانية او غيرها؟ أو خلو متجره من السلعة الفلانية؟ عليه ان يجرد الموجودات بدقة قبل أي شيء. لماذا ابتعدوا عن العلم وقوانينه؟ ثم ما حاجة الديناصور للطيران؟ ما دام ان أكله على الارض والسماء ليس فيها طيور لأنه لا يوجد إلا ديناصورات في تلك الفترة الغير متوازنة. الطيران خسارة لأنه يحتاج أن يكون جسمه ضعيف ونحيف حتى يطير، ويفقد مخالبه وأسنانه والفضاء ليس فيه شيء!

ثم كيف سيستطيع الطيران بهذا الرأس الطويل المليء بالأسنان؟ لا توجد طيور لها أسنان.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق