‏إظهار الرسائل ذات التسميات المادية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المادية. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 26 يناير 2012

من أسباب السعادة في الحياة التركيز على الجانب المعنوي

إذا علقت سعادتك بأشياء مادية كبيت أو لباس أو أكل أو مكان أو سفر أو ثروة , أو بشيء شبه مادي ككثرة الأصدقاء , فتأكد بأن الملل سيطاردك ..

 لكن الذين يعيشون حياة روحية ومعنوية بالرغم من أن وضعهم المادي قد يكون أقل من غيرهم إلا أنهم لا يحسون بالملل , فتجد المتصوف أو العابد يبقى سنيناً طويلة في صومعته ولا يشعر بالملل , فالذي يعيش الحياة وتركيزه على الجوانب المعنوية من تفكير وتحليل وابتكار وروحانيات وعواطف ومشاعر وإنسانيات هم أقل مللاً من الذين يعيشون حياتهم على الجانب المرئي والمادي فقط .. لأن المادة لا تقدم شيئاً ..

 فلو قمت بترتيب مكان الجلوس وتنظيفه، فسيشغلك سؤال أهم: ما الذي سيدور في هذا المجلس؟ .. لأن الإنسان هو الأهم وروحه أهم من جسمه . 

الحضارة المادية الغربية مثلاً يكثر بها الملل والإدمان والانتحار بينما لا تجد هذا في الدول المتخلفة؛ السبب في ذلك أنهم وصلوا لتشبع من الماديات، فهم يملكون المال والخدم والحريات التي كانوا يظنون بأنها سبب عدم سعادتهم, فتفككت عندهم الارتباطات وصار الشخص حُراً يفعل ما يشاء ويمارس الحب مع من يشاء ويعبر عما يريد , ومع ذلك يطاردهم الملل!
 

والملل هو نعمة بشكل عام , لأنه دافع للإنسان يستحثه لعمل الأفضل , فالوضع الاجتماعي المادي العادي والذي كان الغموض يجمِّلُه , بعد أن وصلوا له وانكشف غموضه لم يكن فيه شيء حقيقي , لكن الذي يتعامل مع الثابت وهو الله سبحانه , لا ينتهي ؛ لأنه لا يمكن للإنسان أن يحيط بالله فلا يشعر بالملل لأنه يعيش حلاوة ومتعة الإيمان الدائمة .
إن أول خطوة لعلاج الملل هو التوقف عن البحث في الأشياء الشكلية والمادية والاتجاه للناحية العقلية والشعورية , فيكسر الحواجز بينه وبين نفسه , فيبدأ بالتحدث والتفكير والاهتمام بهذه الحالة حتى يضعف اهتمامه السابق , حتى يصل لدرجة أنه يستطيع الجلوس في مكان واحد لوقت طويل دون يشعر بالملل , صحيح بأن المكان واحد , لكن الأفكار متجددة ..


 الذين لا يهتمون بالجوانب المعنوية تجدهم يحبون التجديد , فيحبون تغيير الملابس ومتابعة الموضات وتغيير الأماكن ؛ لأنهم يركزون على المادة , بينما لو كان هناك مجموعة فلاسفة , ستجدهم يطوفون العالم وهم جالسون في أماكنهم .

وبالمقابل تجد أناساً يزورون أماكن سياحية ولكنهم لا يرون شيئاً مهماً بنظرهم إلا إذا كان شيئا بارزاً , وتجدهم يشعرون بالملل من هذا المكان و لا يعودون له مرة أخرى , بينما الذي يجد متعة عقلية قد يقف عند معْلََم واحد يتأمله لسنوات ويبحث فيه ..

وكما يقول أحد الفلاسفة : "يكفيني فقط الجزء الخلفي من حديقة منزلي لأقضي فيه بقية عمري" , لأنه يتأمل ويبحث ويراقب الزهور والحشرات , ولكن نظرة واحدة من أحد التافهين لهذه الحديقة تشعره بالملل و لا يعاود النظر إليها مرة أخرى .



التغيير عبارة عن دافع روحي، ولكن العقل يترجم هذه الحاجة الشعورية بشكل خاطئ , فيربط ملله بشيء مادي ويبحث عن هذا الشيء ويتعب نفسه وربما يصل له وربما لا , قال تعالى : {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} .

إن روح الإنسان تبحث عن السكينة، وهذا ما يشعر به المؤمن بالرغم من أن نشاطاته قليلة , فالمؤمن يستطيع أن يتحكم بنشاطاته بعكس الإنسان المادي الذي يشعر وكأنه مدفوع للعمل , والمؤمن لا يقوم بعمل شيء إلا إذا شعر بأنه مناسب؛ فالأساس سلبي لأنه يعيش في سكينة ورضا بما قـدّره الله , ويؤدي ما يستطيع , والنفس المطمئنة هي عكس النفس القلقة المتوثبة التي كلما ذهبت إلى مكان شعرت بالملل ورغبت في البحث عن مكان آخر ودائماً تبحث , أما النفس التي وصلت للإيمان فقد استقرت.


يمكن للآلام الجسمية أن ينساها الإنسان بعكس الآلام النفسية التي لا تنسى , وحتى الأفراح تنسى لأنها هي الأصل، فالأصل أن الإنسان سعيد.

حينما يتكلم الناس عن المآسي تجدهم يتكلمون عنها من ناحية مادية كعدم وجود الكهرباء والطعام , ولكن لو تنظر في السبب الحقيقي الذي يتعبهم ستجده الجانب النفسي , فلو كانوا مليئين بالمحبة والثقة بالنفس لهانت عليهم أشياء كثيرة وتحملوا , قال الشاعر :


النفس من خيرها في خير عافية  ****  والنفس من شرها في مرتع وخم

فالناس مصرون أن المادة هي كل شيء , فيسألون عن وضع المنزل والعمل والصحة والمال ...الخ، وكأن سعادتك هي بالأشياء المادية، وهذا مقياس غير صحيح , بدليل أنه يوجد هناك أناس يعيشون بوسط النعيم ولكنهم تعساء بسبب الملل أو فقد أحد عزيز أو بسب شعور بالكبت ,
 وتجد أناساً من أثرياء العالم إلا أن المادة لم تضف لهم شيئا ,
 وقد تجد أناساً حالتهم المادية أقل منهم بكثير ولكنهم يعيشون سعادة أكثر منهم .

فكل إنسان هو عبارة عن شخصين , الأول يطمح لأن يصل للثاني , وكلما اقتربت من الثاني كلما اقتربت للسعادة وكلما ابتعدت عنه كلما زاد توهانك ؛ لأنه هو الذي يملكها , فالأول أرضي والآخر سماوي .

الاثنين، 23 أغسطس 2010

ماركس و الفلسفة و الواقع "الفلسفة وليدة عصرها - رد على كارل ماركس"


 

الفلسفة وليدة عصرها لكارل ماركس

اقتباس: سنة: 1842
في: جريدة كولونيا
تمهيد: يذهب كارل ماركس إلى أن الفلسفة يجب أن تُعبّر عن عصرها

الرد: المؤرخ هو الذي يجب أن يعبّر وبدقّة عن عصره ، والفيلسوف يجب أن يعبّر و بدقّة عن الحقيقة ، وأظنها بديهية بسيطة .

اقتباس:  باعتبارها تتولد عن ذلك العصر. أما الضرب في الآفاق البعيدة التي ليس لها مساس بالعصر فلا يُعتبر ذلك فلسفة.

الرد: هل العصر هو المرجع أم الحقيقة ؟ فالعصور تتغيّر والحقيقة لا تتغيّر . وكيف يستجيب الإنسان الراشد لمفكّر لا يبحث عن الحقيقة وليست مرجعاً له ، ويعلن هذا الإنفصال عن الحقيقة من البداية ؟


اقتباس: إن الفلاسفة لا يخرجون من الأرض كالفطر(1) بل إنهم ثمرة عصرهم وبيئتهم إذ في الأفكار الفلسفية تتجلى أدق طاقات الشعوب و أثمنها وأخفاها.

الرد: الحقيقة أن الفلاسفة الحقيقيون يخرجون من الأرض كالفطر ، فلسفة ثمرة عقلية لحقيقة طبيعية ، تماماً كالفطر أو ثمرة أية شجرة تحمل الخير وتحمل البذور الخيّرة للمستقبل ، والأرض ترمز للطبيعة والطبيعة هي الحقيقة ، ولو سألت أي شخص عن الواقع لقال لك أنه مليء بالصراع والغش والخداع وكثير التغيّر وليس ثابتاً ، أي لا أحد معجب بالواقع ، فهو يريد أن يربط هذه الفلسفة بهذا الشيء الذي لا يُعجب أحداً ولا يثبت على قرار .

وهذه محاولة لربط فلسفة الإنسان بالواقع والعصر وصراعاته وأخطاؤه ، أي يريد أن يربط العقل بالخطأ ، بعد أن فصله عن الحق وعن ارتباط الفلسفة بالحقيقة الثابتة .

وهذا الأسلوب الفكري المادي عند دعاة المادية – ماركسيين أو راسماليين - يقود من يفكّر من الناس بالمقدمات الفكرية الخاطئة ، ويقود من لا يفكّر بالنتائج بعد تزيينها وإخفاء عيوبها ، و هم أكثر الأتباع .

اقتباس: إن الفكر (2) الذي يضع الخطوط الحديدية بأيدي العمال هو نفس الفكر الذي يخلق المذاهب الفلسفية في أدمغة الفلاسفة.

الرد: هذا تقييد بغير قيد ، هو يريد أن تكون الفلسفة بهذا الشكل ، والفيلسوف بهذا الشكل هو فيلسوف سلبي و ردة فعل ، وخاضع للظروف ، وتصرّفه التيارات الواقعية وليس هو من يصرّفها . فما فرقه عن اي شخص عاميّ في هذه الصورة ؟ 
 

اقتباس: فالفلسفة ليست خارجة عن الواقع... وبما أن كل فلسفة حقيقية هي زبدة زمانها فلا بد أن يحين الوقت الذي يكون فيه للفلسفة عقد مع واقع عصرها و علاقات متبادلة بينها وبين هذا الواقع

الرد: ما دام أن كل فلسفة هي زبدة زمانها ، فلماذا يطالب بأن ترتبط بعقد مع واقع عصرها ؟ أين المشكلة ؟ هو يتمنى شيئاً موجوداً ، وأثبته في الجملة السابقة .

اقتباس: لا من الداخل فقط من حيث محتواها بل وأيضا من الخارج من ناحية مظاهرها (3)

الرد: هذه هي الأدلجة ، فهي نظم عقلي له صورة في داخل الاتباع وخارجهم ،


اقتباس: وعندها لن تعود الفلسفة تضاربا بين المذاهب بل مجابهة للواقع أي فلسفة العالم الحاضر...

الرد: أليست المذاهب في الواقع ؟ وكيف ستسْلَم من التضارب مع المذاهب ؟ هل هي احتوتها لكي لا تتضارب معها ؟ أم أنه يريد أن تهزمها وتصرعها وحينها لن تتضارب معها ؟ الكلام السابق لا يعني احتواءً للمذاهب ..


اقتباس: وإذا لم يهضم الأفراد المنعزلون الفلسفة الحديثة ويهلكون لسوء هضم فلسفي فليس ذلك دليلا ضد الفلسفة كما أن الضرر الذي يلحق بعض المارّة من جراء انفجار آلة تسخين لا يُعدّ دليلا ضد علم الميكانيك.

الرد: وكأنه الآن يخفي الصراع الذي سوف ينتج عن هذه الفلسفة ، وكأنه غير موجود بينما هو موجود . ويظهرها وكأنها علم مثل علم الميكانيك ، وهذا تلاعب بالألفاظ . على اعتبار انها هي الحقيقة وانها لم تتعارض مع المذاهب ، ولكن الذين شكوا منها مجرد افراد ، وكلمة الأفراد تصل في عدها إلى المليار أو أكثر .