الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

العلم التسخيري والعلم التفسيري وحدود العلم


العلم انحرف عن الاستفاده الى التفسير ، كل شيء مسخر ، التسخير فعلاً كما قال الله في القران ( سخر لكم ) ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا )، وهذا الظاهر هو الذي أنتج علم الاستفادة وهو الذي أنتج التكنولوجيا وقدم الحضارة ، لاحظ العلم التفسيري يمر بنظريات مختلفه ومتخبطه وتناقضات بين العلماء التفسيريين ، ومن هنا يجب أن نسأل عن العالم هل هو عالم تفسيري أو تطبيقي؟؟ ، العالم التطبيقي ( التسخيري) عادة هو المحترم أكثر في العالم، والعلوم التسخيريه كعلوم الهندسة والرياضيات والطب والميكانيكا والكهرباء وغيرها كأمثلة لها .

دائما كل علم له جزء تطبيقي وله جزء تفسيري ، والناجح هو الجزء التطبيقي وهو المفيد ، بينما التفسيري كثير الكلام وقليل الفائدة للناس ، ويحاول تفسير العلم التسخيري، ونظرية التطور من النوع التفسيري ، لهذا نرى شدة حاجتها للعلم التطبيقي ليدعمها، وبما أنها لا تستطيع إجراء تجارب فلجأت الى الحفر والى التزوير علها تجد مايساندها علميا!! .

وهذا يعطينا مصداقية للقران لأنه ركز على التسخير وقلل من العلم بالنسبة للإنسان ( سخر لكم مافي الأرض جميعا) وكيف عرف محمد صلى الله عليه وسلم أن كل مافي الأرض مسخر أو قابل للتسخير ، هذا معجزة بحد ذاتها ، ولاحظ كلمة جميعاً ، وقال الله تعالى أيضا ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ) ، وهذه الحقيقة ، فنحن الى الآن لا نعرف الا الظاهر(الظواهر العلمية) phenomena  إذا تجاوزنا إدعاء النظريات .

الظاهر يناسب التسخير ، فنحن نعرف عن الحديد أنه قاسي لكنه قابل للثني وينصهر بدرجة حرارة معينه فاستفدنا منه ، مثلما عرفنا عن الزجاج والذهب ...الخ .

التسخير مثل أن تضع فر غرفة الضيف جهاز تلفزيون ومكوى وشماعة وسكر وشاي ...الخ ، قد لا يعرف كيف لا يستفيد من بعضها لكن لها مظاهر تساعده على معرفتها أو السؤال عنها ، وهذا مافعله ربنا لنا ، جعل للأشياء مظاهر نستطيع أن نعرفها من خلالها، مثلما عرف الضيف أن هذا العمود الذي له عدة رؤوس يصلح لتعليق الثياب ، لن يقول الضيف أنها جاءت بالصدفة رغم قلة ماوجد من كرمنا بالنسبة لكرم الطبيعة الذي هو كرم الله.

من جعل المغناطيس يستفيد من الكهرباء والعكس ، لوكان المغناطيس لا يستجيب لما صنعنا مولدات كهرباء ، ونحن لا نعرف ماهو المغناطيس ولا الكهرباء ، لأن معرفة الماهية تستلزم القدرة على تغيير الخواص والصفات .

انظر الى الاستفادة تكنولوجياً وطبياً من أنواع الضوء ، لكن انظر الى التخبط في تفسيرها ، وعلى هذا الأساس قس في بقية العلوم، وإذا كان الإنسان يستطيع تفسير ماهية شيء لكان نفسه أولى ( وفي أنفسكم أفلا تبصرون ).

 وضع الإنسان مضحك وهو يريد أن يعرف كل شيء لكن لم يعرف نفسه ، معنى ذلك أنه لا يوجد علم إلا علم الظاهر .
لو عرفت ماهية شيء لاستطعت معرفة كل شيء .


العلم ليس مفتوحا على كل شيء ، فلو تعرف ماهية الجاذبية لأمكن أن تعرف ماهية الروح أو ماهية الحركة أو ماهية البرودة أو ماهية الكِبر أو الصِغر ، لو أمكن معرفة البدايات لأمكن معرفة النهايات ، ولو أمكن معرفة النهائيات لأمكن معرفة اللانهائيات ، على الإنسان أن يتواضع وأن يأخذ من هذا الأدنى والمسخر ، وأن يترك مالله لله ، لأنه لن يفيد البحث في ماليس له ، وربه أعلم بالماهيات ، وأي إدعاء لكشف ماهيه هو كشف ظاهر قد خفي ، لا تستطيع أن تدرك أي ماهية ، هناك ظواهر لم تكتشف سابقا وتم اكتشافها ، ، لكن كل ماهيه مخفيه ، فعند كل محاولة لكشف ماهيه لو سؤلت عن نفسك فلن تجيب ، أنت ليس لك فقط الا الظاهر حتى عن نفسك ، ونحن لا نعرف ولا حتى معرفتنا بالظاهر من أين جاءت ولا كيف تمت ، إذا نحن نتيجة إعدادات ليس إلا، إذا نحن لله وليس لأنفسنا ، وعلينا أن نلوذ به كلما خفنا من أنفسنا ، ولو كنا نعرف أنفسنا لما خفنا منها ، وبالتالي الله أقرب لنا من أنفسنا ( ونحن أقرب اليه من حبل الوريد ).


 من أعد الإعدادات ومن منعنا من أن لا نعرف وسمح لنا بأن نعرف مايخدمنا فقط ، لاحظ أن مايمكن أن نعرفه هو مايمكن أن ينفعنا ، وأن مالا يمكن أن نعرفه هو مالا يمكن أن ينفعنا ، فمعرفة ماهية الأشياء تناسب إله ولا تناسب بشر ، ومثلها معرفة اللامنتهي ومعرفة الروح ، فليس ماينفعنا أن نخلق أرواح أو أن نحصي الكون اللامنتهي ، أو أن نعرف آخر الأعداد وأصغر الأجزاء ، وهذا كله يدل على وجود إله مدبر ، وكل هذا ينطق به القران الذي قال عن الروح أنها من أمر ربي ، إذا هناك أمور الهيه وهناك أمور بشريه ( وماأوتيتم من العلم إلا قليلا) وعلم الظاهر أو بعض الظاهر مقارنة بالعلوم المقفلة علينا كمعرفة الحياة والزمن والماهية واللامنتهي واللامحدود وماهية المكان والزمان سيكون علم الظاهر قليل بالنسبة لهذه الأمور الإلهيه.

معرفة الماهية هي أهم جزء في معرفة التكون ، فلكي تعرف تكون القط لابد أن تعرف ماهو القط وتستكر بالتقسيم حتى تصل الى الذرّة ، والذرة ماهي ؟؟ عليك أن تقسمها الى مالانهاية !!.

فالإنسان منطقيا لا يمكن أن يعرف غير الظاهر ، وهو سيوصلك للامنتهي ، وعنده يقف علم الظاهر ، وكيف منتهي يعرف اللامنتهي ؟؟!، لكن هذا القط إذا أردت أن تعرفه سوف تقسمه ، وتظل كذلك حتى تصل للامنتهي ، واللامنتهي لا تعرفه ولا حتى مادة القط ، دعنا من روح القط ، فهذا شيء مستحيل ، إذاً لا تعرف روح القط ولا مادة القط ، فقط تعرف ظواهر القط ، أي تعرف ماعُّلِمته ، فلولا البصر لم تعرف لون القط ، ولم يعرفه أحد من البشر ، ولولا المقارنة لم تعرف حجم القط ، ولولا الجاذبية لم تعرف وزن القط ، ولولا السمع لم تعرف صوت القط ، ولولا اللمس لم تعرف شيئا عن نعومة القط ، والسمع واللمس والبصر والجاذبية...الخ كلها لا تعرف ماهيتها ، إذا هل أنت تعرف القط أو تعرف ماعُرِفت عن القط؟؟!!

بالأخير نحن لا نملك إلا الإحساس .


العلم ينقسم الى قسمين علم تسخير وعلم تفسير

علم التسخير هو الذي احترم العلم لأجله ومن خلاله صنعنا السفينة والطائرة ومصابيح الكهرباء واستفدنا من مساقط المياه والجاذبية...الخ

لكن علم التفسير هو الذي دائما متخبط وضعيف ، فالمغناطيس استفدنا منه غاية الاستفادة ، ومن أيام اليونان الى الان لم نعرف عنه شيء ، وكأن المغناطيس يقول ( استفد مني ولا تسأل عني فأنا مسخر مثل غيري ) .

علماء الملاحدة حرفوا العلم عن التسخير الى التفسير فتخبطوا في مالا يمكن معرفته وأدعوا معرفته ظناً منهم أن هذا يسقط دور الإله وأن كل شيء جاء بالفوضى والصدف دون أن يقدموا أي فائدة تكنولوجية من أبحاثهم ، ومنعوا الناس من الفلسفة وأباحوها لأنفسهم باسم العلم ، وأن الكون صار مغلقا ومعروفا من كل شيء حتى من نقطة بدايته الأولى ، وأصبح لا داعي للإيمان ، وهكذا تحول العلم الى خيالات تفسيريه .

 القران يقول ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا ) وهذا الظاهر هو الذي أُظُهر لهم لكي يستفيدوا من الأشياء ويوظفوها دون أن يعرفوا كنهها ، مثلما عرف العلم الجاذبية والوزن وبنى هندسته عليها ، لكن في تفسير الجاذبية أنظر الى التخبط فيه ، مثلما الشيء المهم هو معرفة ذلك الظاهر ، فاكتشاف المغناطيس أهم من تفسير ماهو المغناطيس .

ومعرفة الجاذبية أهم من تفسير ماهو الجاذبية ، لاحظ أن العلمية تتجلى في التسخير أكثر من تجليها في التفسير ، وعلى هذا يجب أن لا تطلق كلمة العلم بعمومها ، بل تسأل هل هو علم تفسيري أو علم تسخيري ( تطبيقي) ؟؟ ، لأن العلم التفسيري أقرب الى القسم الأدبي الفلسفي من غيره من العلمي ، وبضاعة الملاحدة كلها من النوع الثاني .

لا يوجد مثل هذا التقسيم في الجامعات مع الأسف .

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق