السبت، 2 أبريل 2016

الكفر وآثاره على الكافر


الكافر من يكفر الحقيقة بعد ان عرفها، سواء دينيا ام غيره، وهم المقصودون في القران، و ليس كل من ليس مسلم، فالقرآن لا يحرّض على قتل من ليس مسلما، بل يحث على حسن معاملتهم، إنما يدعو للقتال دفاعا ضد الكفرة بشرط ان يكونوا معتدين ..

و الانتقائية علامة على الكفر، لأنها تخفي جوانب وتركّز على جانب واحد، والكفر إخفاء. و رفض الشكر للخالق و رفض شكر المخلوقين بدعوى جبرية الظروف او كما قال قارون (إنما اوتيته على علم عندي) هذا علامة على الكفر، أي كفر لحق الله وحق الناس. و نفي الشعور الفطري ونفي ميله للفضيلة، هذا كفر بالذات. فالكفر لا يأتي خاصا بوجود الله. الكفر صفة عامة و ليس مصطلحا اسلاميا فقط ، وهو إسم جامع لفساد الأخلاق، في حق الخالق والمخلوقين والمخلوقات. والقرآن استخدم كلمة كفر في مقابل كلمة إيمان، وهذا من بلاغة القرآن، لأن ضد الإيمان هو عدم الإيمان، لكنها كلمة تبيّن واقع الشخص واسباب ذلك الواقع في نفس الوقت، فنعرف أن الكافر عرف وجحد. لو كان الإسلام يحرض على قتل غير المؤمنين لما استخدم كلمة الكفار ، بل استخدم كلمة غير المؤمنين.

انظر الى المادية والالحاد ، أُسِّسَا على الكفر بكل شيء فاضل وجميل . إنهما يكفران بالانسانية ، وبالاخلاق، وبالروح ، وبوجود الخير، و بثبوت المنطق والعلم، وليس بالخالق فقط. هذا كله بعد ان كفرتا بوجود الله. اما الذي لم يعلم او الذي لم يتأكد وهو يبحث عن الحقيقة، و لم يتعمد الظلم والاساءة والانتقائية ، فلا يشمله معنى كلمة "كافر" الموجود في القران، حتى يحدد موقفه. مع ملاحظة أن القرآن لا يأمر حتى بقتال الكافر لكونه كافر، إلا إن اعتدى عمليا بشرّ، أي قتالهم دفاعا عن النفس، وهذا حق تقره كل الشرائع والدساتير.  

الكفر قصد و اختيار، و ليس جهل، فقد يتبنى طريق الالحاد شخص مغرّر به، ولا يعني هذا انه اطمئن قلبه به ، فما زال يبحث عن الحقيقة. و القرآن تكلم عن "الذين كفروا من أهل الكتاب" و ليس عن كل اهل الكتاب . الكفر صفة داخلية نفسية معنوية اكثر من كونها خارجية. هذا يعني ان عكس الكفر وهو الدين يعني الاخلاق، ويمكن تعريف الدين بأنه أخلاق منزّلة وموصّفة مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات، بما في ذلك الاخلاق مع النفس، هذا احسن تعريف للدين. وقبله تعريف الكفر.

لقد تحدّث القرآن عن كفار قريش و ذمّهم، ولم يذم بقية قبائل العرب مع انهم لم يكونوا مسلمين، القرآن لم يتحدث فقط عن رفض كفار قريش للنبوة بينما كانوا أناسا طيبين، بل تكلم مع هذا على كفرهم بالأخلاق والفضيلة، و اتِّصافهم بالمادية الصارخة : (الهاكم التكاثر)، (ثم ذهب الى اهله يتمطى) غرورا وتفاخرا على الناس ، (الذين هم يراءون ويمنعون الماعون) ، (الذين يكنزون الذهب و الفضة ثم لا ينفقونها) ، (اولئك هم العادون) الظالمون القاسية قلوبهم . وهذا دليل على ان الكفر له مستويات وليس مستوى واحد .

فالإلحاد كفكر - و ليس كأشخاص - لا يكفر بوجود اله و ينتهى الامر هنا ، بل يكفر بوجود الاخلاق كدافع ذاتي في الانسان ، و يسمّيها مصلحة مادية، اي يشرّع للنفاق و الاخلاق التجارية ، و يكفر بوجود الروح والروحانية في الانسان، و يؤمن بالصراع وبقاء الاقوى، و لا يعترف الا بالمادة والمصالح المادية فقط ، و يسخر من الاخلاق والرحمة ، و يؤمن بالفوضى ويشكك في النظام ، و يركز على الشهوات الحسية ويهمل حاجة الانسان الى السمو الروحي ، و يرفض وجود الحقيقة المطلقة ، فكيف يبحث عنها !! ويكفر بالمنطق وقانون السببية ، ويكفر بثوابت البشرية عن وجود الخير والشر ، وهكذا .. مجموع هذه الاشياء تنتج مستويات من الكفر و ليس كفرا واحدا ، وليست قضية وجود اله من عدمه فقط بينما في بقية الأمور كبقية البشر ..

لا يكون شخص بريء و مسالم لكنه لم يعرف الاسلام ، كافرا مثل ابي جهل او ابي لهب او الوليد بن المغيرة أو فرعون تحت مسمى واحد .. و الايمان ليس فقط الايمان بوجود اله، هناك ايمان بوجود انسان و انسانية، هناك ايمان بوجود خير يكافح عالم الشر، و وجود نظام للكون ، و ايمان بالفضيلة ، هناك ايمان بوجود الحقيقة حتى لو غابت.

الشهامة ايمان ، وعمل الخير للناس ايمانٌ بأنه لن يضيع ذلك العمل ، والشجاعة والكرم ايمان ، رغم الضرر المادي الذي قد ينتج. والدار الآخرة والجزاء والعقاب إيمان، فالإيمان سلسلة مترابطة من الجمال، أعلاها و أساسها الإيمان بالله .

حتى غير المسلمين هم درجات ، و ليسوا بمستوى واحد . و القرآن امتدح قسيسين ورهبانا و هم على دياناتهم (غير مسلمين) . بينما توعّد وبشدة الذين آذوا موسى وأصحاب الاخدود ، وتوعّد أشد التوعد للمنافقين ، مع أن مظهرهم أنهم كانوا مسلمين.

من صفات الكافر أنه يكذّب بالدين ، اي لا يصدّق بضرورة ان يكون هناك جزاء على الخير والشر و ادانة للظالمين، (مناع للخير معتد اثيم)، متخرّص و غير متثبت ولا يهمه ان يتثبت ، تغرّه الحياة الدنيا و طول الامد بالحياة، و غير عقلاني ولا يلتزم بالعقلانية والمنطقية . بهذا يكون اللاادري اهون من الملحد، واللاديني الذي يؤمن بوجود اله بلا دين اهون من اللا ادري. و القران تكلم عن الكفر و وصفه و وصف الكافرين في آيات كثيرة.

باختصار : الكفر سوء أخلاق ، وأساسه المادية. لا يوجد كافر ليس مادي النظرة والتفكير.

فرعون، كفار قريش ، قوم عاد ، قوم ثمود ، كفار اهل الكتاب ، المنافقين ، كل هؤلاء كانوا ماديي النظرة والتقييم.

هناك 10 تعليقات :

  1. هل فعلا يوجد من يعرف الحق ثم يكفر به ويحاربه؟
    يعني هو مؤمن بالحق ومؤمن "بالجحيم المرعب الابدي" عاقبة كفره ومع ذلك يكفر و يحارب الحق لطمسه؟
    من المجنون اللذي يفعل هذا ؟!!
    حقيقة اجد صعوبة في تصديق ذلك!!!

    ردحذف
    الردود
    1. الصورة موجودة ، ولكن ليست بهذا الشكل . كأنك تتكلم عن شخص هدفه الشر فقط . أقول لك : لا يوجد هذا الشخص ، إذن كيف يحصل الشر ؟ يحصل من عدم الاهتمام بالخير، فالخير والصواب له دروب ، والمصلحة لها دروب مختلفة، الشيطان يأتي على دروب المصلحة واللذة، ويفرح بمن ليس له محور يدور حوله، فيغريه بالبروق حتى يُبعِد، ولهذا سماه القرآن شيطان، والشيطان من الشطن، وهو البعد عن الصراط المستقيم، فتأتي الشياطين من الانس والجن لتزيين الباطل دون أن يسمى باطلا، بل ويُلبّس لباس الفضيلة ولو من بعيد، ويُربط بالمصلحة الشخصية، فيضع الانسان قدمه في الوحل فيحاول ان ينقذ نفسه فيضع قدمه الاخرى فيه، في الخطوة الاولى اختيار، وفي الثانية اضطرار، فيغوص في الشر اكثر وهو لم يقصد الشر بذاته، لأن حياته ليست للحق ولا للخير، بل للمصلحة، اذن كلُّ من حياتُه لأجل المصلحة سوف تقوده اقدامه خطوات الى عالم الشر، شاء أم أبى. وهذا يرد على فكرة ان الإنسان مُجبر بحكم الظروف، لأن الخطوة الاولى جاءت حرة، ودائما هي حرة، ويدفعها الفرح والتشفُّق، بلذة ومتعة، بعيدا عن حسابات الصواب والخطأ.

      باختصار : ترك الخير يعني اختيار الشر، حتى لو لم يختاره الشخص. الواقع يؤيد هذا الكلام . العالم مليء بالشرور، من الذي يفعلها ؟ لو رحت تسأل وتبحث، ستجد اناس لبقين ويبتسمون في وجهك ويقولون : انا ابحث عن مصلحتي ولا احب الشر ! الضرورة دفعتني لأن أكون قاسيا بعض الشيء، أو أكذب كذبة خفيفة مقابل الفائدة والسلامة، الظروف هي التي جعلتني هكذا وإلا فأنا لا أحب الشر ..

      وكلامهم هذا صادق، الشيطان يسُوْق من سلّم نفسه للمصلحة إلى الشر والتدمير، والمصلحة هي طُعْمُ الشر ، لكن ما الحل ؟ هل نترك المصلحة كما فعل بوذا والرهبان ؟ هذا تطرف ، الحل هو ان ندخل الحياة ومعنا مشعل وبصيرة ، أي نحب ان نكون صالحين وأخيار، ما الذي يجعلنا نلتزم بالصلاح والخير ؟ وأين مصدره ؟ هنا يجب أن نكون مؤمنين بالله، وإلا فإننا لن نستطيع. ومن هنا صار الإيمان بالله ضرورة لحياة سالمة من الشر ولحياة طيبة، لا يمكن للإنسان أن يكون صالحا وهو غير مؤمن بالله، لماذا ؟ لأنه ليست لديه اساسات ثابتة في أمور لا يعرفها ، و رائده المصلحة، فتـُقدّم له على انها خير، بينما هي تقحمه في عالم الشر. قال تعالى (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين) ، تقييض الشيطان لماذا ؟ لكي يقوده الى عالم الشر . اذن سيكون تحت نفوذ الشيطان، شاء أم ابى، لأنه غير محمي كالمؤمن الحقيقي الذي قال تعالى عنه (إلا عبادي ليس لك عليهم سلطان).

      العالم يكاد ينفجر من الشر، وسكانه لا يحبون الشر ! كيف ذلك ؟ إلا من خلال المصلحة + عدم وجود الهدف السامي (الصراط المستقيم) ، وهذا لا يمكن إلا بالإيمان بالله، مصدر الخير ومن يحاسب على الشر ويجازي على الخير ويعلم السر ، في حياة اخرى غير هذه الحياة، بدون هذا لا يمكن ان يتصف الانسان بالخيريّة، لأنه سيقع بالشر إما عن جهل او ضرورة حياة واعتياد، وهذا مصداق لوعد الشيطان الذي قال : ( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ (40) ) .. هذا اختصار لكل الكلام السابق ، التزيين والاغواء يدل على المصلحة ، وقال الشيطان (أجمعين) (إلا عبادك منهم المخلصين) ، أي المخلصين في إيمانهم وليس في التعوّد، لأن حتى هؤلاء معرَّضون لإغواء الشيطان .
      وشكرا لك .

      حذف
  2. وما رأيك اخي احمد بالذين لم يؤمنوا بالله وافادوا البشرية بعلومهم وأختراعاتهم وعلى خلق عالٍ ،،،هل يلزم لكي يطوروا من انسانيتهم او منظومتهم الأخلاقية ان يؤمنوا باحد الأديان التوحيدية ؟

    ردحذف
    الردود
    1. طبعا يلزم ، وليس أي دين من الأديان التوحيدية ، بل دين الإسلام كما هو في حقيقته ومن كتابه. لماذا اقول هذا الكلام ؟ اغلب موضوعات المدونة تجيب عن هذا السؤال، من الصعب ان اختصر المدونة بهذا الرد ، لكن نشير الى بعضها :

      أولا : ما شأن العلوم في هذا الموضوع ؟ العلوم تخدم المصالح ، والمصالح لا يُشكر أحد على حبها . أما عن كمال أخلاقهم كما يبدو لك، فهنا مشكلة في التقييم كما هي العادة في تقييم اخلاق العامّة في الغرب، فهو تقييم غير عميق ولا دقيق ولا طويل ، وهذا ما يقع فيه الناس كثيرا ، من يبتسم لك ويقدّمك في الدخول قبله يكون ذا خلق عالي ! المهم هو (من ثمارهم تعرفونهم) كما يروى عن المسيح عليه السلام، وليس من اسلوبهم فقط، فهل ثمارهم أخلاقية ؟

      أنت تقول انهم لا يؤمنون بالله ، أي ملاحدة ، تعال وانظر واقرا في الاخلاق في الالحاد ، الالحاد يهين الاخلاق ولا يفرق بين الخير والشر، وبالتالي عدم التفريق يلغي الاخلاق، لأن الاخلاق تابعة للخير. و هم علنا يسخرون من الاخلاق ، بينما الاديان تدعو للاخلاق، وهذا شيء عجيب ومضحك : ناس يهينون الاخلاق ويتبرءون منها ، وناس معجبين بهم ويصفونهم بالأخلاقيين !! هذا التناقض بسبب التقديس.

      تقول ما الذي يحتاجونه ؟ يحتاجون ان يحترموا الاخلاق اولا قبل ان يطبقوها ! هم لا يحترمون الاخلاق في دستورهم، وهذه هي المشكلة ، بغض النظر عن الافراد، ولا يحترمون الانسانية، لأنهم يجعلون مرجعها الحيوان، بل يصفون الانسان بأنه اذكى بقليل من الحيوان، هم ماديون ، والشخص المادي لا يهتم بالاخلاق ولا القيم، فقط المصلحة. اذن ما دام الالحاد موقفه هكذا من الاخلاق، وأمامنا شخص يريد ان يكون اخلاقي، أليس اول شيء عليه ان يبعد عن دين الالحاد لأنه اسوأ الاديان في النظرة للاخلاق، بل حتى الذوق . كلامي بشكل عام ولا ينطبق على كل ملحد، كثير من الملاحدة يأخذون الاخلاق من الاديان مع انهم ملاحدة، لكي يتقبلهم المجتمع، وبعضهم عنده دوافع فطرية للاخلاق، لكن لا يملك الطريق السليم لها، وتتعارض مع الحاده.

      يتبع ..

      حذف
    2. و اقول لك لماذا الإسلام بالذات هو الذي يتمم مكارم الاخلاق كما قال الرسول ؟ لأن الديانات التوحيدية الأخرى ، كاليهودية مثلا ، هي تدعم سوء الاخلاق وعدم احترام الاخر والتعصب، وتصور الانبياء بأنهم زناة وقتلة وسفاحين، طبعا الانبياء قدوة، بل حتى الاله متعصب لنسل إسرائيل ، وبقية الجوييم خدمٌ جاءوا من نطفة حصان على هيئة انسان ليخدموهم ولا يستوحشوا منهم، فهل هذا التصور ينتج اخلاق عالية ؟ طبعا لا . لكن ليس كل يهودي غير اخلاقي.

      الديانة السماوية الثانية : المسيحية ، التي تقول ان الله ثالث ثلاثة، تخالف المنطق. أيضا عندها مشكلة جوهرية في الأخلاق، وهي فكرة الفداء ، بحيث ان المسيح مات من اجل ان يتحمل ذنوبنا ويخلصنا منها، وهذا يعني اننا غير محاسبين، وهذه دعوة مفتوحة لفعل الموبقات، والموبقات تعني سوء أخلاق، هذا غير عدم وجود تشريعات ولا حلال ولا حرام، إلا قليلا، وإن كانت تدعو للتسامح. كذلك ليس كل مسيحي غير اخلاقي. وكذلك ليس كل مسلم اخلاقي.

      وأنا هنا لست بموقف الضد، ولكن لتبيين الحقيقة. مع أن كثير من مفاهيم الديانات السابقة دخلت على المسلمين وفكرهم، فلوثت المفهوم الإسلامي، لكن المرجع محفوظ، ففي الإسلام لا يوجد موقف الديانة الالحادية السيء من الاخلاق، ولا موقف الديانتين اليهودية والمسيحية، فالإنسان مسؤول عن تصرفاته، كما قال تعالى (سنكتب ما قالوا) ، (إن السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسؤولا) ، أي حتى النية التي لم تُفعل، ولا يوجد احد يفدي احد او يحمل وزر احد ، (كل نفس بما كسبت رهينة). والناس سواسية ولا يوجد تفرقة عنصرية كما هو الحال في اليهودية : (إن أكرمكم عند الله اتقاكم).

      الإسلام الحقيقي هو اخلاق مع الخالق بعدم الشرك به وتسليم النفس له ولما يريد ويرضى، وأخلاق مع المخلوقين بأن تود لهم ما تود لنفسك وتكف الاذى عنهم، وتتحمل اذاهم وتحسن إليهم، و اخلاق مع المخلوقات ايضا، من حيوان ونبات ، ورحمة وعدم افساد في الارض وتلويث البيئة.

      الإسلام الحقيقي هو اخلاق حقيقية مع الخالق والمخلوقين والمخلوقات. الاخلاق الحقيقية تظهر وقت الشدة، وتظهر في معاكسة المصلحة وليس مع المصلحة، فتبسّم التاجر وتحمّله لأذى الزبائن لا يعني انه اخلاقي ، بل هذه حاجة تابعة للمصلحة. من يستطيع ان يكون اخلاقي رغم مصلحته ؟ لا يستطيع إلا من هو مؤمن بالله حقا ويعلم ان الله يعوضه في الدنيا او في الاخرة، لكن الملحد ليس عنده من يعوضه، لهذا من مبادئهم : إكذب واصدق اذا في الكذب او الصدق مصلحة، لا تلتزم بالاخلاق على طول الخط، حتى لا تفرط بمصالحك وملذاتك، وما وجدت الاخلاق الا لخدمة المصالح المادية – كذا يقول كل ملحد مادي – إنك لا تجني من الشوك العنب، و انت بعد الموت ستتحول الى كومة تراب، ولا يوجد من يحاسبك على ظلمك وكذبك، وإذا أفنيت حياتك بالاخلاق ستموت وانت عطشان.

      الاخلاق المبتورة موجودة لدى الجميع، فكل انسان ستجد فيه شيئا حسنا، ايا كان، لكن هذا لا يكفي. المطلوب هو تكامل دائرة الاخلاق، فهل يستطيع الالحاد ان يقدمها ؟ لا يستطيع ان يقدمها الا الدين الحق ، ولو كان الملحد اخلاقي معك لا يعني ان يكون اخلاقي مع غيرك، وان كان اخلاقي معك ومع غيرك لا يعني انه سيكون اخلاقي مع الخالق او المخلوقات او مع من يتبع دين مختلف عنه، وإلى أي حد يمشي معك في الاخلاق.

      طبعا هذا لا يحصر كل ما قيل حول هذا الموضوع، وبإمكانك مراجعة موضوعات الاخلاق في المدونة.

      حذف
  3. ذكرت القتال للدفاع عن النفص وهذا مشرع في الإسلام ولا شك . فإن قال قائل لم شرع الإسلام الجزية على من لم يؤمن وشرع قتال الكفار الذين يلون المسلمين ؟ ولماذا كانت كل فتوحات المسلمين هل هي كلها دفاع عن النفس؟ اخي أنا لست في صف الإلحاد إنما طرحت السؤال لأنبه من يقرء على اضافة أحببت أن أضيفها هي ان عاقبة اختيار الكفر كعاقبة الظلم والعدوان فالكفر بحاله ظلم وعدوان اعتدى به الكافر على نفسه وحق ربه عليه لذا كانت عاقبته ان يذل ويهان ويصير إلى مثل ما يصير اليه أهل الذمة هذا ان لم يقاتل . فلابد ان يسود العدل بأي حال واكبر العدل أن لا يعدل الإنسان بربه

    ردحذف
    الردود
    1. اخي عليك بالقرآن الذي قال (وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم ابلغه مأمنه) ، ولم يقل اقتله لأنه جنى على نفسه بشركه وكفره ! ثم ان حساب الناس على الله وليس علينا، قال تعالى : (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) وهذا كلام واضح. بل أمر ببر من تقول أنه يجب قتاله و هم الذين لم يعتدوا، فقال : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا إليهم) ، لاحظ البر والعدل ، وهذا ما يريده الناس منا ، وهذا الذي يفتح قلوبهم ويؤلفها للإسلام وليس الاعتداء والشر، والله قال (لا تعتدوا) ، لماذا قال لا تعتدوا اذا كان يريدنا ان نقتل كل من يلينا من الكفار ؟

      أما قوله (الذين يلونكم من الكفار) فـ"أل" هنا للعهد الذهني ، المذكور سابقا، الذين كانوا يلون المدينة كلهم كانوا اعداء ، اعتدوا وأخرجوا الرسول وقاتلوه وحاصروا المدينة يريدون ابادة المسلمين بشكل جماعي ، هم واليهود ومجموعة من القبائل القريبة ، وتآمروا لحرب الإسلام والمسلمين، قال تعالى (الا تقاتلون قوما نكثوا ايمانهم وهموا باخراج الرسول وهم بدءوكم أول مرة) لاحظ أنهم نكثوا ايمانهم ، أي معاهدات السلام التي ابرموها مع المسلمين، اذن الآية تأمر بالحرب وتبرر اسبابها في الإسلام، وهي حرب المعتدين ناكثي العهود ، أي الذين يشكلون خطرا على حياتنا وليس على الاسلام، لأن الإسلام له الله، وليس لأنهم يسبون الإسلام، فهذا يتعلق بالله. ولم تقل الآية كما قلت بأنهم ظلموا انفسهم و ربهم بكفرهم ، فيستحقون ان يُعاقبوا في الدنيا ! هذا لا وجود له في القرآن، القرآن هو إمامنا.

      لا تعمم على أي احد غير مسلم، الله قال (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فأولئك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون). و في موضوع الكفر بينتُ ما هو الكفر ، وأنه عيب أخلاقي مع الخالق والمخلوقين، وليس في القرآن نص صريح على قتال غير المسلمين الذين لم يعتدوا، بل نجد العكس، بل مدح فئات من المسيحيين ومن اليهود ايضا ، قال (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه على قنطار يؤده إليك) وقال (ذلك أن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون) ، مثل هذا الثناء ليس دعاية للحرب ، ولو كان الاسلام على ما تتصور باب حرب مفتوحة على الجميع ، لما وُجدت معاهدات اصلا مع كفار ، والله يأمر بالوفاء بالعهد والمعاهدات، وبعض هذه المعاهدات تقتضي السلام الدائم، فكيف تعاهد من أنت تريد قتله ؟! ولكان قد بدأ الإسلام بالقتال من الاساس ، فالرسول له ثلاث عشرة سنة في مكة لم يقاتل هو واصحابه، و كان بإمكانهم ان يقوموا بعمليات إرهابية واغتيالات بمكة ، بل لم يقتل حتى المنافقين في المدينة رغم قوته هناك، لأنه يعلم ان الله هو المتكفل بحساب العباد، ولم يقتل كفار قريش بعد ان فتح مكة، فقال اذهبوا فأنتم الطلقاء، أي اسلمتم أم لم تسلموا، ولم يشترط عليهم جزية ولا إسلام. مثل هذا الموقف العظيم من رسول كريم سيجعلهم يسلمون من تلقاء أنفسهم، سيما و هم الذين آذوه و وضعوا الشوك عند بابه وقاتلوه وكسروا ثنيته الشريفة وجرحوه وطردوه واحتلوا بيته وبيوت اصحابه و اموالهم، أي عظمة هذه ؟ (اذهبوا فأنتم الطلقاء) ، تذكرنا بموقف اخيه يوسف عليه السلام ، النبي المصطفى الآخر ، مع اخوته الذين كرهوه حسدا وتآمروا على قتله ، فعدنا صاروا بين يديه قال (لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم). لم يشترط عليهم الرسول ان يسلموا ولا يدفعوا جزية ولم ينتقم منهم ولم يحرض اصحابه على الانتقام. هكذا انتشر الاسلام وليس بالسيوف والقتل والغدر. وهذا هو الجهاد الحقيقي ، جهاد هوى النفس، فرسول الله يرى في عيونهم الكراهية والاذى التي جاءت منهم، ومع ذلك يجاهد نفسه وهو المنتصر ويستطيع ان يشفي غليله وغليل اصحابه بتقطيع اجسادهم، وهم من مزقوا جسد ام عمار بالرماح ، ضعيفة مسكينة فقط لأنها آمنت، والقوا الصخور الحرقة على صدر بلال ، وقتلوا حمزة احب اعمامه إليه. (اذهبوا فأنتم الطلقاء) من يستطيعها وهو المنتصر ؟ لذلك الله اعرف بمن يصطفي. ولكي يقدم لنا قدوة، فالله امرنا ان نقتدي بالرسل. ورسول الله كان خلقه القرآن ، كأني به يتمثل قوله تعالى ( والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين) والذي قال (وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان غفر الله لكم) ، بأبي وأمي رسول الله .

      يتبع

      حذف
    2. هذا هو الإسلام، دين سلام وتسامح، وليس دين حرب وضرب إلا على المعتدي، والسلام مشتق من اسم الاسلام، واول آية هي اقرا أي هو دين العلم والثقافة، وليست كلمة اقتل واسبي واسرق، الإسلام لا يعلّم اللصوصية، بل في القرآن يقول (ولا تقولوا لمن القى اليكم السلم لست مؤمنا تريدون عرض الحياة الدنيا) أي تأخذوا ماله بحجة انه كافر، عبّر عنها بكلمة (عرض الحياة الدنيا) . التدخل فيما لله يعتبر من التكبر والطغيان.

      لو كان الإسلام هدفه قتل أي انسان ليس مسلم على وجه الارض ، لكان بدأ به منذ أول يوم. أما ان تدّعي السلام لأنك ضعيف، وإذا قويت ترجع لقتال الناس ، فهذا ليس من الاخلاق. الإسلام دين حق وصدق وليس دين تمسكن حتى تتمكّن .. كونك تعاهدهم على السلام وأنت تضمر ان تحاربهم ، فهذا خداع ، والله لا يأمر بالخداع. مثل هذه الفكرة هي التي يفرح بها اعداء الاسلام ويكبرونها ليقولوا يجب ان يدمر الإسلام لأنه مصدر الارهاب . ونحن ضعفاء و هم اقوياء . لكن الأخلاق أقوى من السلاح.

      المعاهدات تكون بعدم الحرب ، ولو كانت حربا مفتوحة على العالم لاتّحد العالم على المسلمين وقضوا عليهم، لكن الحرب في الإسلام هي كف اذى ، وقال تعالى (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله) أي لم يؤذوهم ولم يعتدوا عليهم ، لا بالنية ولا بالفعل، وحروب الرسول كلها دفاعية، حتى معركة تبوك حرب دفاعية، لأن الرسول ارسل رسائله للغساسنة وبقية الملوك، والغساسنة اتباع الروم ويأتمرون بأمرهم، وما فعلوه كان أن قتلوا الرسل وتوعدوا بغزو المدينة في العام القادم، وهذا اعتداء وتهديد واضح، فكان من الحكمة ان يغزوهم الرسول في الصيف حتى ، وهذه الغزوة – يبدو لي – هي التي مهدت لمعارك الفتوح التي تحولت فيما بعد إلى فتوحات امبراطورية كما يفعل اباطرة العالم القديم ، كعرف دولي في ذلك الزمان، فالذي لا تفتح بلاده له الحق ان يفتح بلادك، على مبدأ (إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب). فأبو بكر نفذ جيش أسامة المتوجه إلى الشام، وألحقه بجيش خالد والمغيرة وشرحبيل بن حسنة، ويبدو أنه بعد فتح الشام أحس الفرس بالخطر، فناصبوا المسلمين العداء ربما، فكان لا بد لهم من ان يفتحوا العراق ، فزادت العداوة بينهما، فاضطروا الى فتح نهاوند وخراسان واسقطوا الامبراطورية الساسانية الفارسية، ثم استمرت الفتوح على يد ملوك بني امية وبني العباس، مثلهم مثل الامبراطورية الرومانية وغيرها التي تمشي وتفتح. بينما المسلمين اليوم ثلثيهم تقريبا لم يدخلوا الاسلام بالفتوح، بل بالكلمة الطيبة والقدوة الحسنة، واكثرها من تجار المسلمين. مما يدل على أن نشر الإسلام بالسلام أفضل من نشره بالقوة، حتى في النتائج ايضا. لهذا قال تعالى (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة). ولم يقل بالسيف والرمح والقتل والسبي والمؤامرات. لأن مثل هذه الأعمال تشوه صورة الاسلام وتصد عن ذكر الله.

      فكرة الفتوح ليست موجودة في القرآن ، ولو كانت اصيلة في الاسلام لوجد لها أصل في القران. القرآن يأمر بالسلام وينهى عن الاعتداء ، أي ضد الفتوح. لكن نلتمس العذر بالسياسة في ذلك الزمان الذي جعلهم هكذا. هكذا يبدو ان الامور جرّت بعضها في اطار النظم السياسية والعسكرية في ذلك الزمان، حيث لم يكن هناك ترسيم حدود ولا اتفاقات دولية كما هو في هذا الزمان. حيث توجد منظمة الامم المتحدة واعضاؤها كلهم موقعون على بنودها ، والتي منها عدم الاعتداء وايقاف الفتوح، فيجب لا نسقط ما حصل تاريخيا على الدين الإسلامي وننسبه إليه رأسا، لأن هذه افعال وظروف بشر ، أما القرآن والثابت من السنة فهذا مرجع. والقرآن هو الاساس، وقد بيّن لنا من هم الكافرون ومتى يجب علينا ان نقاتل، بل إن القرآن أمر بقتال المؤمنين إذا بغوا. إذن محرك القتال هو البغي، سواء من كافر او من مسلمين حتى ، بعد الدعوة للصلح طبعا. والقرآن يقول (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها) فلم يأمر بالجنوح للسلم وهو يأمر بقتال كل الكفار ؟ هذا لا يستقيم .
      يتبع

      حذف
    3. اذا تبنينا مثل هذه الفكرة فكيف نلوم العالم اذا وصفنا بالعدائية والارهاب وعدم احترام الاخر؟ وهذا قرآننا نصوصه واضحة في الدعوة للسلام والدعوة لله بالتي هي احسن، وهو القائل : (لا يضركم من ضل اذا اهتديتم) أي لماذا تقاتلوه، دعوه يضل، اليس في جهنم مثوى للمتكبرين ؟ فقط علينا تقديم التبليغ بالتي هي احسن مع الصبر على الاذى وتقديم القدوة، وهي أفضل وسيلة للتبليغ. الله يقول (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) لأن الحساب في الآخرة وليس في الدنيا، والله لم يوكلنا كمسلمين أن نحاسب من كفر ونعذبه ، فقد قال تعالى (لست عليهم بوكيل) أي الله لم يوكّل رسوله مكانه، فكيف نوكّل أنفسنا؟ لأن الله هو من يعلم ما في القلوب، فقد نظلم أحدا بريئا وقد يكون أفضل منا ونحن لا نعلم ، والله هو من يعلم السرائر. وهذا يفتح الباب لأهل الأطماع كما ذكرت الاية (تريدون عرض الحياة الدنيا) ..

      (عليكم أنفسكم) هذا هو التوجيه المهم، وليس عليكم الناس ! (لا يضركم من ضل) لأنكم إذا اصلحتم انفسكم تكونون قدوة ومشعل للناس الآخرين. ثم كيف سيحب الناس الإسلام وهو يقتل ويسبي ويسمي ديارهم دار حرب ؟ الإسلام ليس دين إفساد وقتل للحرث والنسل، بل دين اصلاح ، ولكن لمن شاء ان يستقيم. الله يقول (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي احسن) ولم يقل تلاوح معهم بالمعارك ! ويقول سبحانه (ليس عليك هداهم) هذه قاعدة في الإسلام ، ليس علينا هدى الناس ، فما بالك بهدى يأتي بالقوة ؟

      علينا أن نتقيد بكلام الله حتى نكون خير امة اخرجت للناس، وإذا قال الله شيئا يجب ان يسكت الجميع، لأنه لا معقب لكلماته ، لا بس ولا لكن ، من أدوات التعقيب. الله يقول (واسمعوا واطيعوا لعلكم تفلحون) .

      هذا ما اراه، والله اعلم .

      حذف
  4. ..للدفاع عن النفس ..تصحيح خطأ كتابي أنفا

    ردحذف