الجمعة، 18 مايو 2012

ايهما الاصل : الخير ام الشر ؟ ..


يـُلاحظ ان البعض – وهو يدري او لا يدري – يجعل الشر هو الاصل ، والخير و التهذيب هو الطارئ .. كما فعل فرويد ونيتشه  وبقية الماديين .. مع ان كلاهما ظواهر بشرية ، فعلى اي اساس تم التخصيص والتحديد بين الخير والشر ، بأن احدهما الاصل و الاخر هو الفرع ؟

هذا يشابه ان نقول عن قدمي الانسان ، بأن احدهما هي الاصل و الاخرى فرع منها و لا قيمة لها و بدون دليل !! و ليس من دليلٍ الا الرغبة ..

و مع هذا يسمى فرويد عالما ، و نيتشه فيلسوفا مبدعا قال عن شخص له عينان : ان احداهما اصل و الاخرى فرع لا قيمة لها ! فصار عظيما مبجلاً !! فكأن الوضع هكذا ..

عندما يثق الناس ببعضهم البعض ، يبيّن الناس افكارهم لبعض ، و تسقط صور التكلف و يذهب التحفظ والاحتراز والادعاءات والمناورات .. و تزول الشكوك التي تسبب العداوات و تخفّ الانانيات .. فلماذا لا نقول ان الشر و الانانية هي الطارئ و أن الاصل هو الخير ؟ بدليل ان الشر و الانانية يزيدان كلما قلت ثقتنا بالاخرين ؟!

اذن ليس الشر هو الاصل ، بدليل ان الثقة تضعف الشر و الانانية و تؤدي بهما الى التلاشي .. لكن مثل هذا التحليل لا يعجب اي صاحب هوى ، ولا صاحب لذة عاجلة دون الاكتراث بخير او شر ..

و أقصد بالخير والشر هنا : ما بين الناس من علاقات ، و ليس الخير والشر الفلسفيان .. بل ان هذه الفكرة تخدم الاشرار و تقدم لهم غطاءً فلسفيا ليمارسوا ما تتحفظ عنه ضمائرهم احيانا ..

و لو كان الشر هو الاصل ، لكانت النتيجة عكسية ، بحيث كلٌ ينتهك حقوق من احبه و من وثق به لزوال الموانع والكلفة والحذر .. لكن ما يحصل هو العكس .. الا في حالات شاذة لا يقاس عليها .. و ربما تكون بحاجة الى تقديم خيرٍ اكثر حتى تبدأ بالتغير .. 

لاحظ اننا نستطيع ان نحوّل الانسان الى الشر بسرعة ، فشخص لطيف عندما يـُعامـَل بسوء و شراسة ، فسيتحول اليها ، على اختلافٍ في المستويات و السرعة .. اسجن شخصا و عذ ّبه بدون سبب و اظلمه ، ففي ظرف اسبوع سيتحول الى وحش شرس او اقل قليلا .. فهل نقول عنه انه عاد الى اصله ؟ بينما هو لم يكن شرسا في يوم من الايام ، حتى ايام طفولته و بهذا الشكل !! ام نقول انه أ ُجبر على الشر ، و هي الانسب و الاقرب ؟

الحرب مثلا : اكثر الناس لا يحبونها ، ولكنهم يـُجبرون على أن يكونوا محاربين و قتلة ، و ربما بعضهم لا يستطيع ان يرى منظر دجاجة تذبح .. ! اذن كيف يكون الشر هو الاصل ؟ ليس الاصل فقط ، بل انه هو الرغبة كما يحاول فرويد ان يثبت ! اي ان الكل يرغب بالشر ، ولكنه يجامل المجتمع !! ..

وهذه دعوى رهيبة ، ومثل هذه الدعاوى المسيئة الى الجنس البشري ، تعبر عن اصحابها اكثر من كونها تعبر عن الجنس البشري . 

الشر هو بشكل عام من صنع البشر .. لكن هل هو من صنع كل البشر ؟ ونحن نرى سهولة إجبار الناس على الشر وإقحامهم فيه ؟

كشر في وجوه الناس وعاتبهم وأنّبهم واسخر منهم واستغلهم واظلمهم , سوف تحولهم إلى أشرار بسرعة معك وربما مع غيرك , إلا بعض الصابرين منهم , لكن .. كن طيبا ومعطاء وكريما لن تحولهم إلى الخير بنفس السرعة , لأن الثقة بين الناس مهتزة منذ القدم ومن الصعب أن يغيِّر سلوك شخص واحد نظرة مجتمع عن البشر , لكنه سيؤثر , وعلى درجات أيضا تأثيرا ثابتا إن لم يزدد فلن ينقص لأن الخير لا يخيف لكن الشر يخيف , إذا لنعوِّد الناس على الخير ونجعلهم يثقون بوجوده حتى يأتي خيرهم مادام هناك من يعودهم على الشر . أركَبَ رجل شخصا متعبا في الصحراء على جمل , ومشى بجانبه فما كان من ذلك المتعب إلا أن أسرع بالجمل ليسرقه , فصاح به ذلك الرجل الطيب : لا تخبر الناس بفعلتك , حتى لا يقطعوا فعل الخير والمعروف .

وهذه القصة لها شواهد في الواقع كثير , تدل على أن الخوف من أقوى أسباب توجه الناس للشر , والخوف يسبب انعدام الثقة , إذا الأشرار بحمقهم واختيارهم السيء أفسدوا الحياة على الجميع وعلى أنفسهم , سيأتيهم ظرف يحتاجون فيه إلى فعل الخير فلا يجدون من يساعدهم , ومعنى الحمق هو أن يفعل الإنسان ما يؤذي نفسه (تعريف) وهو أوضح تعريف للأحمق , وقالوا في الحكم : دع مؤاخاة الأحمق لأنه يريد أن ينفعك فيضرك . لهذا توعد الله أهل الشر بعذاب عظيم , لأنهم أثروا على وجود الخير نفسه , فإذا كان للخير قدمان , فإن للشر جناحان .

تعويد الناس على الخير يحتاج إلى الصبر والتضحية , على العكس تماما تعويدهم على الشر فهو يحتاج مزيد من الأنانية أو طلب الراحة والتخلي من المسؤوليات والطمع , ولهذا السبب صار الشر هو سيد الساحة , وبالتالي أصدر الحكم بأن الناس أشرار لأن الشر هو سيد الساحة عليهم , لاحظ أن إشعال الخصومة سهل , لكن تحويلها إلى محبة صعب ! وهذا لا يعني أن أصل الإنسان شرير , وكون الشر واضح عند الناس دليل على أنه ليس هو الأصل , أي نشاز والنشاز واضح دائما .

إذا ليس الفخر أن تنشر الشر لأنه سهل , بل الفخر هو أن تغير في الناس من الشر إلى الخير , وليس السهل دراسة الخير بل السهل دراسة الشر , ومن هنا ندرك صعوبة مهمة الأنبياء والمصلحين وتحملهم للأذى , ولكن تأثيرهم أطول وأبعد وأعمق .

التاريخ لا يعرف الذين آذوا الأنبياء إلا من خلال ما ذكر الأنبياء عنهم , بينما كلمات الأنبياء ما تزال تؤثر في الناس منذ آلاف السنين , فلو لم يذكر القرآن أبا لهب لم يعرفه أحد رغم حبه للشر , وهكذا الكلمة الطيبة تؤتي أكلها كل حين , والكلمة الخبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض تطير بها الرياح بلا استقرار .







****




يحدث أحياناً أن الفضيلة لا تصدر عن معرفة حقيقية للخير لكن المعول على القصد وقبول التذكير، فمن وقع في شر بنية الخير له حق نيته وقد يتحمل خطأ عدم حكمته لأن طلب الحكمة داخل في نية الخير فلا يكفي خير بدون فهم، أي: شعور بدون عقل، ولا يكفي عقل بدون شعور وهو الأسوأ، المشكلة في قولبة الخير والشر في أطر محددة بطريقة عقلية بحتة، هناك من يعتقد أن هذه القوالب هي الخير والشر فقط ونيته حسنة، فيقع فيما ذكرت ،الخير والصواب لا يحدد بشكل كامل ويفرغ منه ، والخطأ والشر لا يحدد، وليس لهما حدود يقفان عندها .


الأدلجة تصنع العكس ، فتحدد الخير والشر بأفعال محددة وأقوال محددة ومعددة أيضاً ، والقوالب تسمح للمندسين وتقمع الخيرين عن انطلاقهم، ويصعب تحديد الخير الحقيقي من المزيف إلا بعلامة واحدة وهي قبول التذكير والمراجعة والقدرة على التغيير نحو الأفضل، من الصعب أن نحكم بخيرية من لا يريد أن يسمع أحد ينبهه على خير فاته أو شر وقع فيه، فالإنسان الخير دائماً باحث ولا يعتقد أنه علمه اكتمل أبداً ، كما في الحديث أن الحكمة ضالة المؤمن.


طبعاً لابد أن يوجد خطوط عامة ومظاهر للخير وللشر لكن يجب ألا نعتبرها هي النهاية وبعد ذلك نفعل ما نشاء ،ولا يستغنى بها عن نية الخير، قال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) أي: لـيس نوع العمل كاف، بل نية الخير والتعبد لله + نية العمل نفسه، فالإنسان له مستويين في النية: نية كبرى ، ونيات صغرى داخلة في النية الكبرى.


فاختيار الخير هو خط حياة كامل وليس عبارة عن جزر محددة إذا فعلتها تكون خيراً وتبقى حراً في الباقي؛ لأن نظرية الاختيار تخبرنا أنه لا عبث في الحياة وأن كل لحظة تقدم لنا ثنائيات بين الخير والشر أو الصواب والخطأ وبما أن حياتنا الواعية كلها اختبارات نصفها خير ونصفها شر ، إذاً حياة مختار الخير يجب أن تكون كلها خير وليس فيها مساحات فارغة قد يفعل فيها شراً يستغلها الشيطان فيظهر حينها بمظهر المتناقض فلا يدرى أخير هو أم شرير! لأنها مفرغة من ثنائية الخير والشر، قال تعالى : {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين} .


الأخلاق من الحق والحق يجب أن يتبع وليست الأخلاق أمراً استحبابياً ، فالمسلم ملزم باتباع الحق أياً كان ، هكذا أمره ربه الذي خلق السماوات والأرض بالحق ونهانا عن اتباع أي باطل، والحق يتبع قدر الاستطاعة والإمكان لكن ما لا نستطيعه بالعمل لضعفنا نستطيعه بالنية والرغبة ، ونؤجر على ذلك ، فالله يمتحن نياتنا قبل أعمالنا ، قال تعالى {إلا من أتى الله بقلب سليم} ولم يقل: بعمل مكتمل غير ناقص.

ومن خلال الثنائيات يعرف الإنسان مدى اتصاف حياته بالخير ويعرف الشرور التي لم يستطع أن يتجاوزها، وغالباً تكون محصورة ومحددة ، وقابليتها للتآكل أكثر من قابليتها للسيطرة إذا كان مختاراً للحق.


الخير داخل في الحق والصواب،والشر داخل في الباطل والخطأ، وبين الخير والحق عموم وخصوص، فالعام الحق والخاص الخير، فمساعدة الضعيف خير وحق، خير بسبب الرحمة وحق لأن له حق في مالنا منطقياً وله دور فيه ولو من بعيد ونزيل عداوته ونكسب تعاونه ، وقد نكون في وضعه فنحتاج إليه.. المنطق السليم حق ، العلم المادي الثابت حق، يعني كعلوم الطبيعة والرياضيات والهندسة والجغرافيا ...الخ، إذاً الحق أوسع من الخير (قانون) ، لهذا القرآن عالج موضوع الحق والباطل أكثر من الخير والشر كما هو في المسيحية.


الصواب والخطأ خطان طويلان يشملان كل شيء حتى في عالم المادة ، ومنطقة علاقة الإنسان بالخالق أو المخلوقين والمخلوقات هي منطقة الخير والشر في هذه الخريطة الطويلة، لأن للإنسان نشاط وتأثير هنا بالإيجاب أو السلب، والله خلق السماوات والأرض بالحق ، إذاً كل من يتبع الحق والحقائق بدون انتقاء ولا هوى سوف يكسب الأخلاق والخير من ضمن ما كسب ، قال تعالى {إنما يخشى الله من عباده العلماء} إذاً الأخلاق والخير شيء واحد ، وحتى تعرف الخير والشر لابد أن تعرف الحق والباطل، وكلما بان الخير من الباطل صار للإنسان حرية اختيار، قال تعالى {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}.


وقال تعالى {إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون} وقال {إن في ذلك لآيات لأولي النهى} وقال {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}، والفصل هو بيان الحق من الباطل، واتباع أحدهما هو الخير أو الشر بعد انفصالهما، الشيطان يريد دمج الخير والشر وإلغاء الفوارق بينهما كما تفعل الأفكار الإلحادية والماسونية أيضاً ، بينما الله يريد أن يفصل بينهما ، وسمى القرآن فرقاناً يفرق بين الخير والشر بعد تداخلهما .


قال تعالى: {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين} أمة واحدة يعني أن وضعهم مختلط فلا الخير واضح ولا الشر واضح ، والسيادة للشر دائماً في الوضع الممتزج، وكلما تشوهت الرؤية ودخلت البشرية في الدين أو نُحّي الدين عن بقية أوجه الحياة أو استغل الدين للدنيا كلما عاد بحر الخير والشر إلى الاختلاط مرة أخرى وبقيت هياكل عظمية ترمز للخير أو الشر لا حياة فيها .

العقل والعلم صنوان لا ينفصلان ، فلا علم بلا عقل ، ولا عقل بلا تمييز ، والمنطق السليم مبني على التمييز ، ولا علم لمن لا عقل له ، ولا عقل لمن لا منطق له .




****


لا نستطيع أن نصلح أحداً من الخارج مالم يرد هو، وعلينا أن نشجعه على أن يريد، والهداية من الله، فالأعمال بالنيات، واتفقنا على وجود الاختيار الحر للإنسان، فمن يفعل خيراً وهو مكره فلا نستطيع أن نقول أنه فاعل خير، ومن ينوي فعل الخير ولكنه أخطأ و أضر لا نستطيع أن نقول أنه فاعل شر.

ربنا أخبرنا من هو عدونا وهو الشيطان ، وأخبرنا أنه يقودنا إلى خطواته بالتدريج، وطريق الألف ميل يبدأ بخطوة واحدة، إلا إن انتبهنا وتبنا، وعلينا أن ننتبه من خطوات الشيطان فهو يبدأ من السهل إلى الصعب، ووسوسة الشيطان تكون معنا باللحظة وعلينا أن نعرفها ونفرقها عن صوتنا الداخلي الفطري، فوسوسة الشيطان تقدم نشازاً كريهاً من الأفكار إذا تدرب الإنسان يستطيع أن يميزها، ولا يتدرب إلا إذا كان عدواً حقيقياً للشيطان..

قال الله {فاتخذوه عدواً} وهو الوحيد الذي أمرنا الله أن نتخذه عدواً بشكل دائم ، وأخبرنا الله أن الشيطان يزين لنا طريقه بالشهوات والمتع العاجلة على حساب الحقيقة والخير والأخلاق والإيمان والضمير .

قال تعالى:{ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم} ، وقال: {ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين} ..

الشيطان يستغل الضعف البشري ورغبة العجول والحصول على الثمرة قبل التعب ، أحسن ضحايا الشيطان هم ممن يدلعون أنفسهم ويتحايلون على الحقيقة لأجلها ولا يقولون الحق ولو على أنفسهم ، أي من الذين لا يحبون الصبر وثمرته الآجلة الطيبة الحقيقية.

ويزين الشيطان ما ليس بالحسن وكل من تهمه ذاتيته وأنانيته أهم من الحقيقة فهو معرض جداً وضعيف أمام وسوسة الشيطان ، فالشيطان يدور حول أصحاب الهوى (الغاوين) من تهمهم مصالحهم وأنانيتهم وراحتهم على حساب الواجب والحق والأفضل ، من تهمهم الراحة أكثر من التعب حتى لو كان ذلك التعب يقتضيه الواجب ..

وهم يحسبون أن الشيطان يقودهم إلى الراحة بينما هو يقودهم للعسر ، لأن طلباته بعد أن تمر بما له علاقة بحاجات الإنسان يبدأ بطلبات ليس لها علاقة بحاجة الإنسان بل ضدها، فيبدأ بسحبهم إلى الشر الخالص (المضاد للمصلحة) ويضرون حتى أنفسهم ، فكانت المصلحة مجرد وهم وطعم يقدمه لهم ، وإلا فالمصلحة مع الحقيقة والواجب ، ثم يذهب بهم إلى العنت وتكون صدورهم ضيقة حرجة وييسرهم الله للعسرى لأنهم استجابوا للشيطان ، ويحولهم في الأخير إلى خدم لأفكاره ، ويضحون بوقتهم ومجهودهم ومالهم لأفكار الشيطان ليس إلا ، بعد أن ودعوا مصالحهم ، وهذه المرحلة تتضح فيها عبادة الشيطان بدل الرحمن ، ويتحولون إلى شياطين إنس .





*******





الخير و الشر المقصود في قوله تعالى {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ } بمعنى النفع و الضر بالنسبة للإنسان ، وهي نسبية، و هو ما يسمى بالمصلحة ، لكن المشكلة في تعميمه بحيث يفضي بنا إلى فكرة المصلحة التي يتبناها الماديون والملاحدة  بأن كل الأخلاق -في نظرهم- عبارة عن مصالح مادية .. بينما الخير الذي أراده الله لنا هو عكس المصالح المادية ، أن ننفق وأن نضحي ولا نريد جزاءً و لا شكوراً ..

الخير والشر في الآية السابقة غير الخير و الشر الأخلاقيين ، فأن تكسب المال هذا يسمى خيراً ، ويقال : فلان عنده خير كثير ، أي: عنده أموال كثيرة . ويقال : فلان فيه خير ويحب الخير ، أي: أنه يعطي و يضحي ، وهذا عكس كسب المال ! فينبغي ملاحظة الفرق بينهما حتى لا يلتبس الأمر .

قال تعالى في ذم الإنسان {وإنه لحب الخير لشديد} فالخير هنا بمعنى الطمع والأنانية والمصالح ، و هو ضد الخير الذي مدحه القرآن وحث عليه {وافعلوا الخير} {فاستبقوا الخيرات} {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً و يتيماً و أسيراً} {فلا اقتحم العقبة} ، وهذا هو الخير الذين نتحدث فيه ، أما الآخر فمجاله في الاقتصاد والبراجماتية.

إذاً فالخير خيرين والشر شرين ، وينبغي التفريق بينهما ، فهناك خير وشر نفعيان ، وخير وشر أخلاقيان ..
الماديون سواءً في الأديان أو خارجها نظروا إلى النوع الأول فقط، لذلك وصفوه بالنسبية على مبدأ (مصائب قوم عند قوم فوائد) .







اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هديل يسمين مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في بعض النطريات أقوال ما أنزل الله بها من سلطان
خاصة إذا سلمنا أنها لا تحتاج إلى فلسفة
فالإنسان جبل على الخير وخبراته في الحياة هي من تصنع منه في الأخير شخصا طيبا أو شريرا ولن يكون طيبا بالكامل فلابد أن يكون فيه شيء من الشر ودعني أبدل هنا كلمة الشر بالحيلة فالمرأة بكل ما ترمز إليه من الحنان والرقة والعطف فيها ما يمزها أيضا بالكيد والرجل بالرغم ما يرمز له من قوة وشهامة وعزم وجلد فيه ما يميزه من الدهاء
كما أنه لن يكون شريرا بالكامل بل يجب أن يكون فيه جانب من الخير ولو كان بالرغم عنه لن تجد شريا من دون مشاعر فلابد أن يحب ويكره مثل غيره
ولا تستغرب إن رأيت وجودا لمثل هذه النظريا ورأيت من يؤمن بها ويدافع عنها في وقت انقلبت فيه كل المعايير حتى معيار الخير والشر وتغيرت فيه فطرة الإنسان من البحث عن الحسن إلى الركض وراء السيء
الرد:

أهلاً بك ..

لا أفهم كيف تكون الخبرة سبباً في جعل الإنسان خيراً أو شريراً فهذا يقودنا لفكرة جبرية الظروف التي تتبناها الفلسفة المادية الغربية، وأنا أختلف معك ، فالإنسان خير باختياره وشرير باختياره الحر، إذا اعتبرنا أن الخير هو نية الخير والشر هو نية الشر باسم المصلحة.. وحينها لن يكون الخير محدداً ولا الشر محدداً ..

وقلت أنه لا بد من وجود الشر مع الخير في كل إنسان فهل يكون ذلك الشر باختياره؟ ، إذاً كيف يختار الخير ويختار الشر في نفس الوقت؟ سيكون متناقضاً ، ولهذا يوجد الندم والتوبة بعد فعل الشر لأنها أعمال شذت عن القاعدة والاختيار الأساسي ، وإلا فلماذا الندم .

المصلحة الأنانية والخير إذا تعارضا هما المحك في اختيارنا لعالم الخير أو عالم الشر ..

ولا يمكن لأحد أن يكون شرياً بالكامل لأنه لا يستطيع أن يعيش ولن يقبله الناس لأنه حتى إبقاءه على حياته يعتبر خيراً .. (لهذا نجد عبدة الشيطان يمجدون الانتحار كي يقضي على آخر خير فيهم بعد أن مجدوا كل الشرور كما يحب الشيطان) .

لكن لا أصالة حقيقة لمثل هذا الخير الذي ذكرتيه لأنها ليست نتيجة اختيار وتضحية ، فكل ما في الأمر أنها لم تتصادم مع الأنانية ، فلو تصادمت فقد تزول ، وعلى هذا فكل إنسان مهما كان موصوفاً بالشر لا يخلو من جانب خير رغماً عنه ، لهذا أسميه الخير غير الأصلي ، لأنه ينتظر أن يتصادم مع المصلحة حتى يزول ، إذا طلبت ماء من أحد فقلما يمنعك ، لكن إذا ارتفعت أعار الماء فهل الجميع سيعطيك؟ حتى لو كان كثيراً عنده؟!!


إذاً الإنسان الخير هو من نذر على نفسه أن يسير على طريق الخير قدر ما استطاع وجعله هدف حياته الأول وطموحه الشخصي النفعي ثانياً ، حتى لو عارض الخير رغباته العاجلة وهذا لا يكون إلا تحت قانون العبودية لرب الكون والذي سيعوض ما تدفعه التضحية ، وسوف يبارك بالموجود وسوف يطمئن النفس فلا تأسى على ما فاتها ولا تفرح بما آتاها .. إذاً الخير الخالص لا يكون إلا بإسلام خالص يجعلنا نضحي ونتحمل مقابل أن يستمر اتصافنا بالخير كخط حياة لا رجعة فيه ..

والخير يأتي بالخير عاجلاً أو آجلاً ..

وشكراً على مداخلتك المفيدة..
 


هناك 6 تعليقات :

  1. ياعزيزي الخير والشر من الانسان نفسه فالمؤمن يقوم بالخير ليحصل على الثواب الاخروي والاخر يعمل الخير لاجل ان يحصل على المدح من الناس. احيانا يقوم شخص بعمل شيء شرير ليغنم من خلالها مايريده كأن يفتن بين قبيلتين ليبيع لهم سلاحه ويستفيد المال الظروف هي من تجبر الناس على الشر مثلا لو كل شيء متوفر للناس من مال وزواج وبيت لن يقوم بعمل شيء شرير لان ظروفه ليست سيئه لكنه لن يتخلى عن فعل الخير اما لرحمه في قلبه على الفقير او ماشابه الانسان بشكل عام تحيطه ظروف هذه الظروف هي من تدفعه لفعل الخير او الشر على حد سواء ويفعلها ملئ ارادته!! لاجل ذالك خلق الله الثواب والعقاب انت ياوراق مظطر لتسرق لانك فقير ولديك مولود ان لم يشرب الحليب سيموت اذن اسرق لتطعم صغيرك ولن تؤثر علبه الحليب المسروقه على المتجر الذي سرقت منه الحليب لكن صاحب المتجر غير مؤاخذ ان قطع يدك وبإمكانه ان يعفوا عنك ايضا رحمه بقلبه او يريد الاجر خلاصة حديثي ان الشر والخير من الانسان نفسه لكن الظروف تحده على الاثنان. الله خلقنا ووضعنا بالارض وجعلنا اسيادها والمتحكمين بها على سائر المخلوقات لماذا؟ ليختبرنا صحيح اننا نتعب ونبكي ونتألم لكن هذه ارادة الله ماذا نفعل ؟ الله لم يخلق لنا عقل جبّار عظيم لكي يتدخل ويساعدنا ويسعدنا بل لنقوم نحن بمساعدة انفسنا ونستطيع من خلال عقولنا ان نقتل الفقر والمرض ونستطيع ان نسعد انفسنا نحن نمتلك سلاح قوي ضد مأسينا وامراضنا هو العقل لكن للاسف بعضنا يتكاسل عن فرز عقله ليجد مخرج من ظروفه ويتحمل هو نتاج هذا الكسل ولايتحمله الله اطلاق هذا ما اؤمن به وهو اقرب للمنطق من اي شيء قاله الناس عن الخير والشر. شغل عقلك ايها الانسان وخلص نفسك من الامك ومأسيك صدقني تستطيع ذالك

    ردحذف
    الردود
    1. هذا غير صحيح مع احترامي لك ولا واقعي، اكثر الفسق والشرور يقوم به الاغنياء والاقوياء المكتفين. في الحاضر و في الماضي، والقران يشهد، لم يتحولوا الى اخيار وصالحين كما تتوقع وتتوقع النظرية المادية التي تنطلق منها. ايضا الشر ليس هناك اجبار عليه، كل مشكلة لها طريقتان في الحل وليس طريقة واحدة، بالعنف والشر، وطريقة بالتسامح والخير. وهذا من ضمن الثنائيات الطبيعية. (واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها) ولم يقل امرنا فقراءها.

      اقتباس:

      "الانسان بشكل عام تحيطه ظروف هذه الظروف هي من تدفعه لفعل الخير او الشر على حد سواء ويفعلها ملئ ارادته!"

      هذا كلام جبرية، الانسان له حرية ارادة، ويستطيع ان يختار طريقة التعامل اما بالخير او بالشر، الانسان المتكبر والعجول والاناني يختار ، والانسان المتأني العارف لقدر نفسه يختار ايضا. والله يحاسب الجميع بموجب حرية الاختيار، (ونفس وما سواها ..) لو كانت المسألة ظروف تجبر على طريق واحد فقط، لكان الاختبار ظلما، والواقع يشهد بهذا الكلام، فردة الفعل تجاه الموقف الواحد تختلف من شخص لاخر، وهذا ينفي فكرة ضغط الظروف. ولماذا يخلق الثواب والعقاب و هم مجبورون وهو عادل؟

      الظروف لا تجبر ، بينك وبين السرقة الاف الاميال التي تستطيع ان تفعلها، لو تستجدي ولا تسرق، هذا غير المؤسسات الاجتماعية والعمل والكسب. وكيف تتزوج وتنجب اطفال وانت لا تملك قيمة الحليب؟ وكيف ملكت قيمة المهر؟ تدفع قيمة السكن والمهر والذهب ولا تجد قيمة الحليب؟ اذا كنت لاتملك قيمة علبة حليب لطفلك فكيف تعيش انت ؟ عيّشه كما تعيش انت.

      يا عزيزي انت اول المتكاسلين عن اعمال العقل حسب فكرة سرقة الحليب للطفل، مع ان العقل يستطيع ان يجد الف حل و حل دون السرقة. العقل وحده لا يكفي ، لابد من الاخلاق، فالعقل وحده جعلهم يرمون الحليب الفائض في البحر لاجل حماية الاسعار، وليذهب اطفال الفقراء الى الجحيم، وهذا هو العقل الاوروبي، لم يحل المشاكل، بل زادها. وهذا الفائض من الحليب المرمي في البحر ينطبق عليه عنوان رواية "وليمة لاعشاب البحر" نتيجة فكرة "العقل بلا اخلاق" الغربية.

      حذف
  2. قرأت كلامك بالاعلى وتمعنت به وردي في اختصار هو كالتالي ، هناك بالفلوجه شعب يسكن وتمت محاصره المدينه من قبل الجيش ومنعوا عنها دخول سلة الاغذيه كنوع من الضغط وهناك امرأه لديها اربع ابناء شارفوا على الهلاك من الجوع الام امامها خيارين قد رسمها الظرف الطارئ اما ان ترى ابناءها يهلكون جوعا ببطئ بشكل مفجع واما ان تربط ابناءها بحبل ممتد من جسدها لجسد ابناءها الاربعه وتقفز نحو النهر لتنتحر مع اطفالها غرقا. الام اختارت الثانيه مع ان فعلها شر لكن لن تستطيع ان ترى ابناءها يموتون جوعا امام عينها وهذا ايضا شر. من وضع هذان الخياران الشريران امام الام ؟ انها الظروف

    ردحذف
    الردود
    1. أولا : كل ما يُعمل بدافع الضرورة الأكيدة وليست المحتملة، مثل من لا يجد بداً من أن يسرق خبزة لكي لا يموت، كأن يكون في سجن مثلا، لا يسمى شراً، وإن كان للخير أقرب، لأنه خسّر المسروق خبزة لكن في مقابل انقاذ حياة إنسان، وكل البشر لا يستخسرون خبزة في مقابل إنقاذ حياة انسان، ففي هذه الحالة لا يسمى سارقا. وعمر بن الخطاب أوقف حد السرقة في عام الرمادة، لأن الجدب والفقر انتشر بين الناس في تلك السنة.

      ثانيا : أين الصبر وانتظار الفرج من الله وإعمال العقل؟ فإذا هي اختارت الثانية فهي اختارت الشر، لأنها آثرت العجلة على الصبر، والإنتحار على إعمال العقل، وهي على كل حال في مدينة، و فيها أناس أحياء، لا بد أنهم يتساعدون، وعندها نهر تستطيع أن تصيد منه ما يسد رمق أولادها. وكان بإمكانها ان تزرع خضارا او بعض البقول أو ان تجمع من الارض من النباتات أو من البيوت المهجورة التي قتل أصحابها. أيضا الحصار ليس إلى أبد الآبدين، وقد يوجد ثغرات فيه، إذن هي اختارت الشر والعجلة والقنوط من رحمة الله، والله لا يحب القانطين ، والعجلة من الشيطان، وقتلت نفسها وأولادها. والله يقول (ولا تقتلوا اولادكم خشية املاق نحن نرزقكم وإياهم). هي قتلت اربعة اطفال بدون ذنب. لو أنها استسلمت لربما ساعدوها وخرّجوها، ما زال مثالك في نطاق الإختيار بين الخير والشر، وليس فيه إجبار. وهي اختارت الشر حسب المثال طبعا، ولا ندري هل هو وقع أم لا.

      أين إعمال العقل الذي تكلمت عنه ؟ من أول مشكلة على طول انتحار وقتل بحجة الجبرية ؟ العمل الذي يوصف بأنه شر إذا دفعت إليه الضرورة بحيث لا توجد أي فرصة أخرى وكانت الأقل ضررا، حينها لا يسمى شرا، وهذا صعب ونادر جدا، لأنه لا يَعدم العاقل من حيلة. ولن يكون منكرا ما فعله في تلك الحالة، مثل اناس حجزهم الوادي لعدة ايام، وانقطع طريق العودة إلى بيوتهم، فلهم أن يدخلوا البيوت او المزارع ويُخرجوا ما كان فيها من الدواب المحبوسة ويأخذون ما يسد رمقهم. وهذا العمل لا احد يعترض عليه، لأنه هو الأصلح في حينه. بعبارة أخرى : الخير والشر موجودان حتى في أحلك الظروف، قد يأتي احد يعترض ويرفع قضية : لماذا اطلقتم حيواناتي ودخلتم مزرعتي بدون إذني ؟ سيسخر منه الناس ويستنكرون دعواه، لأنهم لم يعتدوا عليها في ظرف عادي، ولو تركوها لماتت البهائم من الجوع والعطش، بينما بإطلاقهم لها أنقذوا حياتها مع وجود فرصة لإرجاعها أو إرجاع بعضها، والخير هنا أرجح، لأنه إعمال عقل كما تفضلت، فهم أنقذوا حياتها مقابل إخلال في ملكيته لها، وبموجب الظرف عملهم هذا خيّر. والناس يستنكرون ذلك المدّعي ويصفونه بالوقاحة، اذن الخير والشر معك حتى في أحلك الظروف، وأنت بالإختيار. لا فكاك ولا جبرية مطلقا، فلا وجود لها إلا في خيال الملاحدة والإتكاليين والضعفاء والباحثين عن مبررات لفشلهم.

      حذف
  3. ياناس ياعالم ياهو،، الشر والخير جزء من الحياه وفيه تبان المعادن بين الناس ويعرف من الخيّر ومن الشرير بدون الخير والشر لامعنى للثواب ولا العقاب لو كان الله شرير كما يدعي الملحدين لجعل الشر يجوب كوكبنا بشكل مطلق ولإختفى الخير واصبحت الحياه لاتطاق الله ينزل الامطار ويخلق الانهار وينبت الاشجار ويشرق الشمس ويغفر الذنوب ويمهل العاصي المذنب ويعفوا ويضحك وهو الجميل اللطيف لماذا ننظر للشر ولاننظر للخير لماذا هذه الانتقائيه ؟؟ اذا كان هناك شر ابكاك فهناك خير اضحكك كم مره شعرت بالالم ؟؟ مره مرتين ثلاثه كم مره شعرت بالسعاده كثير جدا اكثر من الالم بألاف المرات لماذا الجحود ؟ كيانك ياانسان مركب ليأتيك قوه بعدها ضعف بعدها اضعف لترحل بعدها عن الحياه وتذهب لحياة اخرى لو لم يكن هناك موت لدعوت الله ملحا ان يكتب على الناس الموت لماذا ؟ لانك ستعرف ان الموت نعمه وليس نقمه لولم يكن هناك الم لدعوت الله مرارا ان يكتب علينا الالم لماذا ؟ لانك لاتعرف اين مكمن الخطر لتبتعد عنه الا عن طريق الالم. ياملاحده لاتنشغلوا بهذه الامور لان قضاء الله ماض لو اعترضتم مليون مره لن تغيروا حكمة الله بالحياه ارضوا به طوعا قبل ان ترضوا به مرغمين اذا لم تقبلوا الالم أطفؤ المدفئات التي تحميكم من البرد لانها نار والنار الم ولاتذبحوا الخواريف لتأكلوها لانها تشعر بالالم ولاتضرب ابنك ليتعلم في المدارس لانه يشعر بالالم ولاتتزوج لتنجب اطفال لان المرأه الحامل تشعر بالالم عند ولادتها ولاتستخدم ليفه خشنه لتنظف جسمك حرام انت ستشعر بالخدش والالم ولاتستخدم السيارات احتمال تصدم بها ويحدث لك الم وموت ولاتمارس الرياضه التي تنظف جسمك من السموم وتحارب الشيخوخه لانك تتعب والتعب الم. هذا ماتريدونه اليس كذالك ؟؟ صاحب العقل بالنعيم يشقى بعقله واخو الجهالة بالشقاوة ينعموا. استغفر الله واتوب اليه ،، وتحيه حاره للاخ الوراق وبيض الله وجهك واسكنك الفردوس بما تقوم به من محاججة الملاحده اصحاب العقول الطفوليه المغلقه

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا على هذه العبارات المعبرة الواضحة غير المنقولة ، أسأل الله أن ينفع بك وبأمثالك، وأن تكتبوا كثيرا لأن السكوت يُفهم على أنه ضعف أو رضا. جزاك الله خيرا.

      حذف