الجمعة، 7 أبريل 2017

تأملات وأفكار حول الأمراض والبكتريا

الظروف البيئية السيئة (كالملاجئ في الحروب وعدم النظافة الخارجية أو حتى التعرض لبرودة مفاجئة) قد تسبب الأمراض الوبائية المعدية، بينما لو تحسنت هذه الظروف وارتفع مستوى النظافة، فسيقل انتشار مثل هذه الأمراض، بينما الأمراض الباطنية لا علاقة لها بمستوى النظافة في الأغلب، فهذه الأمراض كالقولون وارتفاع او انخفاض الضغط وارتفاع او انخفاض السكر وغيرها، من الممكن أن نسميها أمراض الأغنياء.

إن البكتريا تحوم حول الجسم وتدخل فيه إذا مرِض، وتخرج منه إذا تعافى، كما هي الحال في فيروسات الإنفلونزا، حيث تتكاثر وتنقسم لمدة أسبوع تقريبا، ثم تبدأ بالانحسار، أي هي عبارة عن زائر للتنظيف، فإذا شُفي الجسم لم يعد لوجودها فائدة فتغادره. إن وظيفة البكتريا بشكل عام تنظيفُ البيئة من الجثث، وهذا ما يحدث في حالة الشفاء من الأمراض التي ترافق البكتريا أو الفيروسات كالزكام، وإلا فكيف بعد أن تسيطر الجراثيم وتنقسم كل هذا الانقسام الهائل تخرج مهزومة؟ هذا طبعا بالنسبة لشخص لم يأخذ أي دواء أو مضاد حيوي.

و حتى الذباب الأزرق يضع بيوضه على الجروح، والعجيب أن يرقاته لا تتغذى على اللحم الحي، بل على ما يتعفن منه. حتى لو أن جزءا من الجسم يموت بسبب أمراضٍ كالغرغرينا والجذام، فستأكله تلك الكائنات المحلّلة، هذه الكائنات ليست هي التي تسبب المرض، بل هي مستفيدة منه وتعيش عليه، لأنه لو كانت هذه البكتريا والجراثيم هي المسببة لهذه الأمراض، لسببّتها مباشرة و في كل وقت، نظراً لأنها منتشرة في كل مكان، وتدخل في الأجساد، ولا يمكن القضاء عليها بالكامل أو الاتّقاء منها.

إن هذه البكتريا والجراثيم تؤدي وظيفة في توازن البيئة. فتجد كائن حي له طرف متعفن تعيش فيه البكتريا أو الديدان، بينما لا تجدها تعيش في الأطراف السليمة. وهذا ليس بسبب مناعة ومقاومة، بل هكذا هي السُّخرة والوظيفة. تماما مثلما أن الماعز لا يمكن أن تفترس وتأكل كائن حي آخر، لأنه ليس هذا دورها، فهي قد تموت من الجوع ولكن لا تفترس، مع أنها لو شاءت لاستطاعت أن تفرس دجاجة وتأكلها مثلا. بعبارة أخرى : لا توجد بكتريا مفترسة، كما أظن. بموجب المنطق السابق، وليس بموجب دراسات، فأنا لم أقم بذلك ولا أدّعيه.

إن البكتريا تنتظر أي إشارة من الجسد على المرض أو الموت، سواء داخل الجسم أو خارجه، لتهجم عليه. كالفم مثلا الذي يعتبر مليئا بها، وتنتظر تماما كما ينتظر الذباب أي شيء سيء يحدث للجسم، مثلما تنتظر البذور ملائمة المناخ والمطر لتنبت، وكما يقولون : فلانٌ مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح. و حتى النائم و الذي قد يترك فمه مفتوحا قد يمتلئ بالذباب، لأن رائحة العفن تجذبه، وهذا العفن بسبب البكتريا التي تتغذى على بقية الطعام في فمه و بين أسنانه، لكنها لا تتغذى على هذا الجسم الحي.

لماذا الحيوانات في البرية لا تأخذ تطعيمات لكي لا تصاب بأمراض ؟ وهل توجد بكتريا مهاجمة للأحياء ؟ النباتات والأشجار لا تصيبها البكتريا إلا في حالة المرض، كالعفن. ولو كانت هناك كائنات صغيرة تدخل الجسم لكي تفترسه وهو حي، لوُجد ما هو اكبر منها ويفعل نفس الفعل، ولكننا لا نجد ذلك إلا عند الطفيليات.

لو كانت المسألة مسألة وجود فرصة للدخول للجسم، لأصبح أي شخص مصاب بجُرح سيُصاب بكل أنواع الجراثيم، وليس بنوع واحد فقط، لأنها موجودة في الجو. المرض الخارجي هو ردة فعل الجسم على دخول أجسام غريبة, هذا في الجانب الخارجي فقط وليس في جانب الأمراض الباطنية أو الداخلية، فمثلا مرضى الجدري تختلف آثار المرض عليهم و شدّته من مريض إلى مريض آخر، و ردة فعل الجسم هذه أيضا مرتبطة بالشعور والعقل الوسيط، واختلاف ردّات الفعل هي التي تسبب اختلاف الحساسيات ومقدار التحسس، فبعضهم يتحسس من الغبار والأعشاب، وقد يدخل المستشفى، وبعضهم أخف، وبعضهم لا يتحسس أبداً. (نحن هنا نضع العقل الوسيط بديلا عن التبرير بالوراثة).

بعض الأفراد المصابين بالتحسس من أمور معينة تتغير حساسيته و قد تزول بالإقناع. وبعض الأمراض التي يقال أنها وراثية لا تظهر إلا بعد مراحل متقدمة من العمر، كالسكري وضغط الدم، فلماذا لم تظهر منذ الولادة ما دامت وراثية؟ مثلما تظهر الوحمات على الجلد؟ لأنها وراثية فعلا. ولماذا يزداد التحسس إذا كان الإنسان يمر بإجهاد وإرهاق جسدي أو نفسي ؟ عندما تصف شيئا بأنه وراثي فلا بد أن يكون ظاهرا مباشرة منذ الولادة.

التحسّسات أسبابها خوف ، وغالبا ينتشر في كل أسرة نوع من المخاوف، فتنشأ تحسسات من نوع معين، لذلك تتكرر بعض الحالات في بعض الأسر، وهي ليست وراثة.

يبدو أن كريات الدم البيضاء تقوم بوظيفة إحاطة الجسم الغريب وتطويقه. نرى ذلك في الشوكة إذا انغرزت في الجسم وبقيت لمدة طويلة، ومهما كانت كبيرة أو صغيرة، وذلك من اجل إخراجها وليس لمحاربة البكتريا والقضاء عليها، ويمكن إجراء تجربة للتأكد من ذلك بتعقيم شوكة وغرزها في الجسم. ستجد أنها تحاط بهذا الصديد أيضا، لأنها لن تخرج بدونه، وهي التي تسهل خروجه، وتصبح مادة عازلة ولزجة حتى لا يختلط الجسم الدخيل بالجسم.

هناك 5 تعليقات :

  1. توجد لدي مسأله يقول الله بالقرآن وماارسلنا من رسول إلا بلسان قومه ، ، ومعلوم أن الرسول محمد عربي فكيف تطلبون من الاعاجم الإيمان بمحمد مثل الإنجليز في أوربا وأمريكا ومثل الآسيويين الصين اليابان تايلاند وغيرها هذآ تناقض بالقرآن ومخالفة صريحه لكلام الله

    ردحذف
    الردود
    1. لا المسلمون ولا القرآن يطالبون الإنجليز وغيرهم أن يتحولوا إلى مسلمين، القرآن رسالة لمن شاء أن يستقيم ، بإرادة حرة ، (وأما من جاءك يسعى وهو يخشى) ، مثل هؤلاء حاجز اللغة لا يقف في وجوههم، وكما ترى أكثر المسلمين هم من غير العرب، الا يستوقفك هذا ؟ ومن كل القارات ايضا، لم يمنع حاجز الجغرافيا ولا حاجز اللغة، كذلك المسيحية نزلت باللغة الآرامية، بينما يتبناها الإنجليز وغيرهم. الأديان تخترق حاجز اللغات والجغرافيا، ماذا تريد أن يكون ؟ ان تُنزل نسخ بكل لغات العالم ؟ ومعها رسل من كل العالم؟ أيضا داخل اللغة الواحدة لهجات ، اذن كل منطقة يجب ان يكون لها رسول ! المنطقة عبارة عن عدد من القرى والمدن، لماذا الرسول جاء لهذه المدينة وترك القرية ؟ اذن هذا ظلم، وهكذا تضمحل هذه الفكرة، لأنها غير منطقية، الله سبحانه وتعالى راد أن يكون بنو إسرائيل هم أهل الكتاب ولا يكتمونه ويبينونه للناس كمنبر ينشر الوعي ويجيب عن أسئلة الناس في كل مكان، لكنهم طغوا وتجبروا وقتلوا الانبياء، فنزع الله منهم هذه الصفة وجعلها في الأميين. وحمّلها العرب والمسلمين. وإن فعلوا فعلهم سوف يعاقبهم مثل ما عاقب من قبلهم، المهم أن يكون هناك منبر ومثابة ، لأن الله حفظ القرآن بنفسه، أما التوراة فأوكل حفظها إليهم لكنهم خانوا وحرّفوا وزادوا من عندهم ونقّصوا ، اذن القرآن كلام الله المحفوظ لمن أراد أن يستقيم، إما بلغته او بترجمة معانيه.

      والله ارسل رسوله للناس كافة، و طلبك هذا غير منطقي، فكل جيل يريد ان يكون له نبي ورسول، وكل شخص سيطالب أن يكون له رسول، وبلهجته الخاصة. قال تعالى (وما ارسلناك إلا رحمة للعالمين) ومن حق العالمين ان يتعرفوا على هذا الدين الذي يمشي مع المنطق ومع الاخلاق ولا يتعارض، ولمن شاء منهم أن يستقيم، بدون إلزام. لأن الله يقول (أفنلزمكموها وأنتم لها كارهون) ويقول (لا اكراه في الدين) ويقول (إلا تذكرة لمن يخشى) إذا كنت لا تريده اتركه لغيرك، فقد يكون محتاج له، بما انك مستغني. يوجد بشر لا يستريحون ولا يطمئنون إلا بهذا الدين، و دعنا من الكارهين، فهم لا يستريحون إلا بعدم وجود الدين في حياتهم كما يبدو لهم طبعا. المهم أنه لا إكراه ولا إلزام. وهذا المعنى تكرر في خمسمائة آية في القرآن ، وهي حرية الإختيار. هي مسألة عرض وليس مطالبة، كما قال تعالى (وإن احد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) أي هو وشأنه.

      حذف
  2. كلامك لايجيب على حيرتني الله يقول وماارسلنا من رسول الا بلسان قومه يعني خصص العرب ولم يشمل معهم سكان الدول البعيده هذا كلام الله بالقرآن لايقبل التأويل على النصارى في الغرب أن يؤمنوا بدينهم الذي نزل عندهم وعلى العرب الإيمان بالدين الذي نزل عندهم طبقا لكلام القرأن والايه التي ذكرتها سلفا إذا غلط بكلامي اشرح لي الإيه وفسرها انا ارى تناقضات

    ردحذف
    الردود
    1. يا عزيزي لم ينزل دينهم بلغتهم ، المسيحية لم تنزل باللغة اللاتينية على اوروبا، بل باللغة السريانية الشرق أوسطية، فعلى كلامك يجب على اوروبا ان تتخلى عن المسيحية لأنها لم تنزل بلسانهم الروماني اللاتيني، بل تُرجمت إليها. نعم يقول القرآن (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم) فلو تكلم بلسان آخر لما قبلوه، والهدف هو التبيين بلغة يعرفونها وليس تخصيصا لهم بالرسالة، وكل الأنبياء أرسلهم الله للناس كافة، خلافا لمعتقد اليهود. وكذلك يقول أيضا (إنا ارسلناك للناس كافة) وقال (ولمن بلغ) ، فلا تقرأ آية وتترك آية. الرسالة تحتاج إلى شخص وإلى مكان وإلى لغة ، والأنبياء كما نرى أكثرهم حسب علمنا من منطقة الشرق الأوسط والحجاز وفلسطين واليمن، قال تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) ، ومنطقة الشرق الأوسط منطقة تواصل بين القارات. وأيضا للقرب من بيوت الله المقدسة كمكة والقدس. لأن الله يرسل ديانات بشكل تراكمي، وصار معروفا عند البشر أن الديانات السماوية نبعت من منطقة الشرق الأوسط. والديانات الأخرى أساسها ديانات سماوية ولكنها تحرفت، لأن البشر لم يخترعوا دينا من تلقاء أنفسهم.الديانات لا تُخترع بل تُحرَّف وتُعَلمن وتُخصَّص، ثم يبعث الله نبيا لكي يجدد ويعيد الأمور إلى نصابها، فكان آخر الانبياء محمد، وحفظ الله القرآن من التحريف، فلا نبي بعده.

      حذف
  3. شكرا على إجابتك المنمقه

    ردحذف