الثلاثاء، 25 يوليو 2017

سلسلة الردود على سلسلة نظرية التطور للدكتور عدنان إبراهيم - الحلقة 8



(الدقيقة : 6 الثانية : 20) يتسائل الدكتور عن سبب رفض داروين العنيف لمقالة الفريد رسل والاس التي اثبت فيها عجز الانتخاب الطبيعي لتفسير حجم الدماغ الكبير للإنسان والذي يكفي مقدار قليل منه للبقاء، حيث ألمح والاس أن هذا يدل على تحكم إلهي، إلى درجة أن داروين كتب على مقالة والاس كلمة NO كبيرة على كل المقال، وكأن داروين يريد أن يثبت أنها عملية ميكانيكية آلية في الطبيعة لا يتدخل فيها الإله، ويرى أن تدخل الإله يفسد النظرية كلها.

الرد : هذا الرفض بحد ذاته من داروين يُخرجه من اللا أدرية إلى الإلحاد، لو كان لا أدريا حقا لفكّر في أطروحة والاس كاحتمال ممكن، لكن هذا الرفض العنيف يدل على إصرار داروين على ألا يكون هناك إله في الموضوع وأنها مسألة طبيعية بحتة، وأن عقيدته الملحدة هي التي اعطته هذه العاطفة القوية للرفض بهذه الطريقة، فلو كان لا ادريا لكان خالي الذهن. موقف داروين من والاس هو الدليل الذي يؤكد على أن النظرية مصممة أساسا كعكاز للإلحاد وتبريره.

(الدقيقة : 9 الثانية : 20) يتحدث الدكتور أن توماس هكسلي (كلب داروين) عند قراءته لأصل الأنواع تقبّل التطور لكنه توقف عند الانتخاب الطبيعي وقال أن فيه نظر ، وقال "إني أتساءل : من رأى الإنتخاب الطبيعي يعمل؟ هل رأى السيد داروين الانتخاب الطبيعي يعمل فيخبرنا؟ حسناً : كلا"

الرد : ربما هناك شك في أن هكسلي قال هذا، بدليل أن الانتخاب الطبيعي هو المفتاح لإثبات التطور دون الحاجة لإله، وهكسلي أحد أعضاء نادي أكس الذي من أهدافه فصل العلم عن المعتقدات الدينية، فكيف سيقتنع هكسلي وغيره من معادي الاديان بالتطور بدون إقرار الإنتخاب الطبيعي؟ ولماذا هكسلي نفسه هو من طار بالانتخاب الطبيعي فيما بعد ؟ يبدو أنها حيلة لإثبات العلمية ، لأتشكك أولا ثم أندفع بكل عاطفة وأؤيد، ولا شك ان الانتخاب الطبيعي قدّم لهم طوق النجاة كما يعتقدون. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أن داروين كان أشد كراهية للدين و ربما أكثر إلحاداً من هكسلي عند كتابة كتابه اصل الانواع، لأن داروين وصل لقناعة ضرورة تبني الإنتخاب الطبيعي بينما هكسلي لم يصل لهذه القناعة بعد. وقد يكون هكسلي غيّر قناعته حول الانتخاب الطبيعي لاحقا.

(الدقيقة : 11 الثانية : 50) يذكر الدكتور من ضمن تساؤلات داروين ، وجود مناطق في الارض صالحة للحياة لكن لا توجد فيها أحياء، وأنه لو أن المخلوقات وُجدت بخلق إلهي خاص ، فهذا الموضوع ليس له تفسير.

الرد : هذا الشيء لا يمكن أن يكون، هل في هذه الاراضي الصالحة للحياة نبات ام لا ؟ هل يمكن أن يوجد نبات بدون وجود بقية الاحياء من حشرات وحيوانات؟ وإلا ففكرة التوازن الطبيعي ساقطة، مع انها ثابتة علميا، بل حتى التربة نفسها والقشرة الارضية تبدو لنا غير مأهولة بالحياة لكنها مليئة بالاحياء، إلى أكثر من مترين، بعضها مجهرية حتى. اذا كانت التربة نفسها لا تخلو من الحياة فما بالك بما على ظهر التربة ؟ كلام داروين قديم ويفتقر للتثبت، كلام شخص سائح يتكلم جزافا بلا تثبت، والعلم اثبت عكسه 100% كعادة العلم معه ومع تلاميذه.  

(الدقيقة : 13  الثانية : 26) يذكر الدكتور من ضمن تساؤلات داروين : لماذا بعض القارات متشابهة المناخ ومختلفة الانواع الحية ؟ لا بد في المناخات المتشابهة ان توجد انواع متشابهة، ولكن هذا غير موجود في الطبيعة، مثلا افريقيا وامريكا الجنوبية، متشابهتان في المناخ تقريبا الى حد كبير (استوائيتان) ولكن الكائنات الحية في احداهما مختلفة عن الاخرى.

الرد : هذا يثبت نظرية الوظيفة ، بمعنى حتى لو اختلفت الحيوانات فهي تؤدي نفس الوظيفة، والتثبت اكثر ينتج فروقا بين هذه القارات والاماكن المتشابهة، لأنه لا يوجد مكانين متشابهين 100% اصلا ، ولو اتفقا في مجموعة دوائر العرض سيكون هناك اختلافات في الرياح والامطار ودرجة الحرارة والسطح، اذن من الخطأ أن تصف مكانين في الطبيعة بأنهما متشابهان 100% فما بالك بمن يصف قارتين بالتشابه كما فعل داروين ؟ وكأن داروين يفترض على الخالق أن يخلق في هذه البيئة حيوانات تشبه حيوانات البيئة الاخرى التي تشبهها، وإلا فهو ليس بخالق، لكن الخالق يخلق ما يشاء ولا يُفترض عليه افتراضات. فمثلا حمار الوحش يوجد في افريقيا فقط، مع انه توجد بيئات في العالم تشابه بيئته، ولا نقول مثلها تماما، او قريبة من دائرة العرض التي فيها. وكذلك الكنجارو والبلاتيبوس لا يوجدان الا في استراليا. واللاما لا توجد الا في جبال امريكا الجنوبية. 

لو كانت البيئة ضاغطة لجعلت الكائنات الحية التي تعيش في نفس البيئة متشابهة بحتميتها وقوة الانتخاب الطبيعي, فهذه النقطة ضد نظرية داروين والانتخاب الطبيعي التي تعتمد على البيئة واصطفائها للأنواع التي تناسبها, فلو كانت البيئة هي التي تنتخب لانتخبت في البيئات المتماثلة أنواعا متماثلة, إذن فكرة أن البيئة هي التي تشكل الكائن الحي خاطئة, اي ان كلامه الموجه لله يوجه لإلهه البديل وهو الانتخاب الطبيعي، لماذا الانتخاب الطبيعي لم يزرع الانواع المتشابهة في البيئات المتشابهة؟ والانتخاب الطبيعي قائم على البيئة، إذن الانتخاب الطبيعي فكرة خاطئة.

في الأساس, الكائن الحي هو السيد على البيئة وليست البيئة سيدة عليه (قانون), فالكائن الحي هو الفاعل في البيئة وليس العكس, فالبيئة تقدم ثمارا والكائن الحي يأكلها ويحولها لشيء آخر لم تقدّمه البيئة حتى يستفيد منه, فالكائن الحي يغيّر في البيئة حتى يعيش, مثلما أنه يقاوم السقوط حتى يمشي، ولو سُمح للبيئة لبقي في مكانه, والموت ليس إلا تحكُّم البيئة في الكائن الحي.

المناخ يتغير على الكائن الحي في الفصول الأربعة, فكون هنالك فصول أربعة هذا يسقط فكرة أن المناخ يتحكم في الكائن الحي, فالفصول الأربعة تعني تقريبا أن كل فصول العالم تمر على الأحياء في البيئة الواحدة, الحار والبارد والممطر والجاف..إلخ, هذا غير الليل والنهار, فالكائن الحي قادر على التكيف, والطيور تهاجر لآلاف الكيلومترات وعبر مناخات مختلفة وتعيش, فلماذا يكبّر التطوريون موضوع المناخ لهذه الدرجة؟ بل هل يوجد اثبات تطوري واحد يربط صفة من صفات اي كائن حي ببيئته التي يعيش فيها؟ لاحظ على مستوى الانسان : في الدائرة الحرارية الواحدة حول الارض، تجد اجناسا مختلفة لم تفرض البيئة عليهم ولم تشكل اجسامهم، فمثل خط الاستواء اذا مر في افريقيا نجد الافارقة السود، لكن في اندونيسيا نجد عرق آخر من البشر في نفس دائرة خط الاستواء، وكذلك جنوبي الهند، وكل هؤلاء اشكالهم تختلف عن اشكال العرق الافريقي، فأين دور البيئة؟ بل العجيب ان الاسكيمو و هم في الدائرة القطبية لا يتمتعون بالبشرة البيضاء كما يتمتع بها من هم جنوبا عنهم ولا بالعيون الزرقاء، مع انهم يعيشون في مناطق قطبية متثلجة طيلة العام واكثر برودة وتجمدا من سكان اسكندنافيا، و هم شعب قديم وموجود، ومع ذلك السمرة باقية على وجوههم، فأين تاثير البيئة والانتخاب الطبيعي ليقلب عيونهم زرقاء وجلودهم بيضاء؟

كل الدجالين والكذابين يعتمدون على التكبير والتصغير, فيكبّرون جزءا من الحقيقة إذا رؤوا أنها تخدمهم ويتفِّهون الحقائق التي لا تخدمهم, و كل إعلام موجّه يعتمد على التكبير والتصغير حتى يقدّم الصورة التي يريد. الماديون يكبّرون التفاصيل لدرجة حساب تأثير رفّة فراشة على إعصار حتى يثبتوا فكرة أن الطبيعة فوضى, وحين يتكلمون عن نشأة الأرض والحياة يتكلمون ببساطة, فكل ما في الأمر بضعة أحجار تجمعت وأصبحت كوكبا هو الأرض, خرجت منه في إحدى المستنقعات خلية وتطورت لتنبثق منها كل الأنواع الحية والصدف تعمل عملها, وانتهى الأمر بهذه البساطة الساذجة!

(الدقيقة : 18 الثانية : 50) يذكر الدكتور من ضمن تساؤلات داروين : لماذا حيوانات الجزر القارية (التي كانت جزءا من البر الرئيس المجاور لها وانفصلت عنها عبر ملايين السنين) تتشابه مع حيوانات البر الرئيس، بينما حيوانات الجزر المحيطية (الموجودة في المحيط ولا يجاورها اي بر رئيس) لا يوجد ما يشابهها في اقرب بر رئيس لها؟ كذلك من ضمن التساؤلات : لماذا لا يوجد في حيوانات الجزر المحيطية أية برمائيات؟

الرد : تعريف الجزر المحيطية والجزر القارية ليس صحيحا دائما، فهناك جزر قريبة جداً من البر ولها خصائص الجزر المحيطية، مثل بعض جزر الجفتون في البحر الاحمر المجاورة للغردقة في مصر، والتي تبعد عنها مسافة 11 كيلومتر فقط، وهي جزر بركانية.

يذكر داروين أن حيوانات الجزر المحيطية لا تشابه حيوانات اقرب بر رئيس لها، بينما يوجد في جزر جالاباجوس المحيطية نوع من البطاريق يسمى بطريق جالاباجوس، هو البطريق الوحيد من نوعه الذي يعيش خارج الدائرة القطبية! التي تكاد ان تكون ابعد بر رئيس عنها.  

من الصفات الرئيسية للبرمائيات انها تعيش جزء من حياتها المبكرة في الماء ثم تنتقل للعيش إلى اليابسة بعد ان تنمو لديها رئتين ويتراجع ذيلها المائي. مثل الضفادع والسلمندر، كذلك تضع بيوضها في الماء، وبيوضها بلا قشور، ويتميز جلدها بالرطوبة والنعومة.

لكن هناك حيوانات مصنفة على انها برمائيات لكنها لا تحوي كل هذه الصفات الرئيسية، ففي عام 2007 اكتشف انواع من الضفادع لا تحوي على رئة اطلاقا، ويوجد نوع من البرمائيات يسمى Atretochoana ليس لديه عينين كما في بقية البرمائيات، وكذلك ليست لديه رئتين. وأيضا السلمندر المكسيكي Ambystoma mexicanum المصنف من ضمن البرمائيات ولكنه يعيش تحت الماء ولا يخرج من الماء إطلاقا لأنه ليست لديه رئتين، وشكله يشبه السمكة إلى حد كبير. يا ترى ما الفرق بينه وبين الاسماك؟ ومن المعروف أن اهم وسائل الدفاع لدى البرمائيات، والتي منها الضفادع، هي السّمّية، بينما الضفدع المشعِّر Hairy frog يتميز بمخالب طويلة تخرج من عضلاته يهاجم بها اعداءه وليس لديه سمّيّة.

مغالطة داروين هي في سؤاله عن عدم وجود برمائيات في الجزر المحيطية، مع ان السؤال العلمي يفترض ان يكون في سبب وجود الشيء وليس سبب عدم وجوده.

(الدقيقة : 20 الثانية : 10) يتسائل الدكتور لماذا المسلم ليس لديه اي تحرج في الاعتقاد بأن الله يجعل الاسباب أو القوانين (كوسائط) هي التي تعمل في الكون ، بينما يتحرج من أن يعتقد بأن آليات معينة كالتطور تعمل وتشتغل وتعطينا شيئا آخر وجديدا؟

الرد : ليست المشكلة في الايمان بالآليات، لكن أن تـُشعِر هذه الآليات بنقص في الخالق وضعف في القدرة واحتياج الى ملايين السنين لكي يصل الى هدف بسيط بالنسبة لإله، كإيجاد جناح لطائر أراده أن يكون طائرا، واحتاج لملايين السنين حتى يحصل عليه، هذه صفة نقص لا تليق بالله الذي يقول للشيء كن فيكون، مع ان وجود الطائر مهم للتوازن البيئي، فكيف يحتاج لملايين السنين حتى يحصل عليه بالصدفة والتخبط؟ هذا غير ان فكرة التطور متصادمة مع فكرة التوازن الطبيعي الذي يقتضي خلق الكائنات دفعة واحدة، لأنها محتاجة إلى بعضها للتوازن البيئي. وهناك تجارب أجريت على اختلال التوازن فأدت إلى كوارث، بشهادة علماء الطبيعة، فهل كانت الارض تعيش في كوارث حتى يحصل التطور؟

(الدقيقة : 22) يذكر الدكتور أن مئات أنواع الكلاب المختلفة الموجودة في العالم استنسلت من بعضها البعض، وترجع إلى اصل بعيد واحد، وهو الذئب، وأن هذا من الثابت علميا. وأن الأرانب باختلاف سلالاتها ترجع في الأصل إلى نوع واحد، كما أن كل انواع طيور الحمام ترجع إلى الحمام الصخري هندي الأصل كما يقول داروين، وهو الذي كان يربي الحمام بمختلف انواعها في مزرعته. 

الرد : يقول التطوريون أن الأصناف أو الأعراق المختلفة لنفس النوع هي من أصل واحد, فكل فصائل الحمام مثلا هي أحفاد نوع واحد من الحمام, مستدلين بإمكانية التزاوج بينها وإنتاج ذرية خصبة (حسب تعريف النوع في علم الأحياء). لكن المشكلة أن كل صنف من النوع الواحد يقوم بوظيفة لا يقوم بها الصنف الآخر, فالوظيفة التي يقوم بها الكلب الألماني في الطبيعة تختلف عن تلك التي يقوم بها الكلب الصيد (السلوقي) على سبيل المثال, وما دام كل منها يقوم بوظيفة لا يقوم بها إلا هو، فهذا يعني أن وجوده ضروري لتوازن البيئة ولولاه لاختل التوازن, وتطوره اختلالٌ للتوازن. إذن يجب أن يكون موجودا من الأساس وليس أنه ظهر لاحقا. هذا غير أن اختلاف الأحجام بين بعض الفئات من نفس النوع يجعل من المستحيل التزاوج بينها كما ذكر الدكتور, فكيف حكموا أنها من نفس النوع؟ وهناك أنواع لا تتزاوج أصلا وتصنّف بأنها نوع مثل الأميبا, إذن ليس التزاوج هو الذي يحدّد النوع, لأنه لو وُضع كل صنف من نفس النوع في الطبيعة وبوفرة فلن تتناسل مع بعضها.

كل نبات له مكان وبيئة جودة اساسية، فيمكن ان تنقل النبتة من مكان لآخر يناسبها اذا عرفت بيئتها، لكنها لن تكون بنفس الجودة في بيئتها الاساسية، وذلك بسبب حتمية وجود اختلافات بين البيئات، وإن كانت ظاهريا متشابهة. هذه النباتات لها بنفس الوقت نوع صحراوي، ويلاحظ ان طعم الثمار الصحراوية منها اركز طعماً من الثمار الاصلية واكثر عددا وأصغر حجما وأقل حاجة للمياه. من الامثلة على ذلك : اللوز اليمني واللوز الهندي، الحماط (تين صغير) والتين العادي، الموز اليمني والموز الافريقي، اليوسف افندي والبرتقال، الكمثرى الجبلية والكمثرى العادية، والتفاح الصغير الشامي والتفاح الكبير الاوروبي، المانجو العادية والمانجو الصغيرة. اذن النبتة ذات الثمر الكبير تنبئك عن الموطن الاصلي للنبتة، والحجم الصغير فرع منها للاكثر تصحراً. وكذلك الحيوان يقاس على النبات، فأكبر الابل مثلاً هو الموجود في صحراء الجزيرة العربية، وكلما تبتعد عن الصحراء لا تجده بنفس الحجم. الفيل الافريقي اكبر من الفيل الاسيوي، وهذا يدل على ان أجود بيئة للفيل هي افريقيا. ومكان الحصان الطبيعي هو في الاماكن المعتدلة والخصبة، كحوض البحر المتوسط وامريكا الشمالية. اذن الجودة ليست حكراً على البيئات والاماكن الخصيبة كما هو معتقد، بدليل الجمل والنخل، لا تظهر جودتها الا في الصحراء، كتسخير إلهي لا كمنطق، لأن الصحراء فقيرة الموارد والمياه، فمنطقيا يجب ان تكون اشجارها وحيواناتها اصغر حجما، وثمارها اقل سكّرا، بينما الحاصل هو العكس، فالجمل ضخم وكثير اللحم، والتمر هو اكثر ثمرة حلوة على وجه الارض، واذا جمعت لبن الابل مع التمر حصلت على شوكولاتة لذيذة وغذاء متكامل.


هذه النباتات الصغيرة بما فيها من ميزات تحمل العطش وتركيز الطعم والعيش في بيئة اكثر تصحرا، لا تاتي هذه الميزات من خلال التهجين، وهذا هو المهم في الموضوع، التهجين لا يأتي بميزات جديدة. التهجين ياتي بتنوّع بسيط وجزئي فقط، تنوع غير خارج عن الميزات. وبالتالي هو نتيجة خلق الهي وليس تطور ولا تهجين. ويدل على هذا كثرة التهجين في عالم الانسان، فهو الاكثر انتقالا والاكثر عددا من بين الثدييات ومع ذلك لم ينتج منه نوع أكثر ميزات من الاخر، ولا حتى فردا واحداً، رغم وجود الاختلافات التي نسميها سطحية، لأن شجرة التفاح الاحمر الاصلية مثلا لا تثمر الا في بيئة معتدلة وخصبة وارض غير ملحية، فكون ان يوجد نوع من التفاح يتحمل الحرارة والملوحة وقلة المياه ويثمر فهذا يعني اننا امام نوع آخر شبيه فقط، وليس نتيجة تهجين. قال تعالى (وأتوا به متشابها). وهذا يعني ان داروين أعطى فكرة التهجين اكبر من حجمها.

اختلاف الأصناف هو اختلاف في وظائف كل صنف, لهذا لا يمكن أن نعتبر هذه الأصناف ذات أصل مشترك، لأن لكل واحد منها وظيفة خاصة بها. ولو تزاوج صنفين أو نوعين مختلفين فلن تنتج وظيفة جديدة, بل ستنقسم الذرية لأحد وظيفتي الأبوين. التهجين دليل ضد نظرية التطور وليس في صالحها, لأن كل النسخ المقدّمة تميل لأحد الوالدين, أي لم تقدم نوعا جديدا, فهجين الحمار والحصان إما أن يميل للحمار أو للحصان وليس نوعا جديدا.

الطبيعة متوازنة وليست محتاجة لأن تخرج نماذج جديدة, ولو أنتجت نماذج جديدة لدمرت نفسها. في التهجين هناك منتقي واعي, لكن الطبيعة ليست واعية وليس عندها رغبة بأنواع جديدة أصلا, بدليل ناتج التهجين ينحى لأحد الأبوين, وأيضا غالبا يكون الهجين ضعيفا ولا يتناسل، هكذا تدافع الطبيعة عن نفسها من التطور والتغير، هذا هو قفل الطبيعة. الطبيعة مفتوحة وليست مغلقة و هي رتيبة ومتناغمة مع بعضها كما خلقها الله, ولا تقدم ظروفا ضاغطة تجعل أنواعا لا تستطيع العيش فيها. ما دامت الظروف الضاغطة تُغيّر لماذا لا يتم صناعة هذه الظروف في المختبر؟ لماذا حكاية ملايين السنين؟ هل لأجل أن يُعفَوا من التجربة؟ ولا يصح عسف التكيف الطبيعي مع التطور الخرافي، فالتكيف الطبيعي محدود ولا يورث. لابد أن لهم محاولات كثيرة لكنها تبوء بالفشل, ومن فشلها أنها ما تزال معتمدة على من أبدعها قبل مئة وخمسين سنة, هذا يدل على أنها لم تنمو أبدا، فأساسها هو نفس الذي قاله داروين, ولم تـُقدَّم أي تجارب ذات بال لمدة 150 سنة ، فقط ملاحظات داروين نلف وندور عليها, وهي ملاحظات تحتاج الى إعادة تثبت، خصوصا مع تقدم العلم، ولهذا ما تزال نظرية كما وُجدت نظرية.

التطوريون اتجهوا للأحياء ولم يتجهوا للبيئة و توازنها، ونظروا للأحياء بشكل مفصول عن التوازن وعن الوظيفة في التوازن. عندما نقر بحقيقة التوازن البيئي فعلينا أن نقر بالوظيفة لكل نوع بهذا التوازن. لكن الاعتراف بالوظيفة والتوازن الطبيعي يخالف نظرية التطور ويؤيد نظرية الوجود دفعة واحدة  (Theory of Simultaneous Existence). لهذا يهمشها التطوريون وقلّما تكلموا عن التوازن, ولم يدرسوا الوظيفة البيئية لكل نوع.

الوظيفة لا تقتصر فقط على الغذاء, فمثلا تسميد الأشجار وتقليمها من قبل الماعز والأغنام والغزلان والإبل داخل في وظيفتها, كذلك تبادل الأكسجين وثاني أكسيد الكربون بين الأحياء داخل في الوظيفة, والنباتات تقوم بوظائف كثيرة و كل نوع منها يقدّم وظيفة لا يقدمها الآخر. الوظيفة تعني مجموعة أشياء يأخذها الكائن الحي من البيئة ومجموعة أشياء يعطيها لها وليست تعني عملا واحدا محددا فقط, وبعض الوظائف يشترك فيها الكائن الحي مع غيره (مثل التسميد وإخراج ثاني أكسيد الكربون) وبعضها يستقل بها (مثل تخصص بعض الأحياء في أكل أوراق الأشجار وبعضها في صيد أحياء معينة أو أكل الخشب اليابس كالنمل الابيض). وتشابه الأنواع مرتبط بتشابه الوظيفة وليس بالأصل المشترك.

نلاحظ في الطبيعة أن كل نوع في دائرة التوازن له أعداء, والأقل أعداء هو الأقل أعدادا, فهل هذه صدفة؟ من وضع غريزة عند النمور والفهود ليكون عددها قليلا؟ من فرض عليها هذا و هي قليلة الأعداء؟ ومن جعل الكائنات الضخمة كالفيلة أعدادها قليلة؟ وهذا عكس منطق التطور الذي يقول أن نسل الأقوياء كثير لأنهم الأقل اعداء. اذن الطبيعة تخالف منطق التطوريين بل وتخالف المنطق نفسه، اذن هناك ارادة تدبرها وليست خبط عشواء. لماذا لا نجد حشرات ضخمة؟ لماذا كلها صغيرة؟ تخيل عقربا بحجم الحصان وخنافس بحجم الفيل ! ونمل بحجم الكلاب رغم كثرتها! أليست أقوى ومنتصرة؟ لماذا هي صغيرة؟ كيف سيكون العالم وكيف سيعيش الانسان؟ لماذا الحيوانات الصغيرة اعدادها اكثر واعمارها اقل؟ والحيوانات الكبيرة اعدادها اقل واعمارها اطول؟ هذا من التوازن الالهي. لو كان البقاء للاقوى لامتلك النمل لوحده العالم، وصار يضخّم نفسه مع انتصاراته، لأنه الأكثر اعدادا.

هذا غير ان التطوريون لا يستطيعون تفسير الغريزة لدى الحيوانات. إن الكائنات الحية مسخرة تسخيرا غريزيا لخدمة الوظيفة, والوظيفة نفسها خادمة لهيكل الحياة العام على الأرض, بحيث أن كل نوع يخدم غيره من خلال خدمة نفسه، أي يخدم غيره دون أن يدري. وهذا هو التسخير, فالقط وهو يصطاد الفأر لا يعرف أنه يساهم في بقاء الحياة على الأرض, فهو لا يدري أنه يخدم النباتات والمزارعين والحيوانات النباتية وينظف البيوت. التطوريون ليسوا فقط ينسبون وجود الكائنات الحية إلى الانتخاب الطبيعي، بل أيضا توازن كل تلك الملايين من الكائنات الحية مع بعضها ! هل الحيوانات والأشجار والأعشاب اجتمعوا وقرروا ألا يتناسل الفيل بأعداد كبيرة حتى لا يؤثر على باقي الأحياء؟ اذ لا يقارن عدد الأفيال بعدد الغزلان والفئران مثلا, كيف حتـّم عليها الانتخاب الطبيعي أن تكون هكذا؟ هل هو إله عاقل حتى يصنع هذا النظام المحكم؟
 
لا شك أن كل نوع مرتبط بوظيفته، بدليل أنه لا نوع يتغذى إلا على ما هو مرتبط بوظيفته, فغذاؤه يخدم البيئة ولو غيّره لضرّ البيئة, وهذا ينفي فكرة التطور، فالتطور يعني تغيّر وظيفي, مع أن الوظائف هي نفسها لم تتغير, ولا يستطيع أحد أن يُنتج في التهجين أو غيره ما يقدم وظيفة جديدة للبيئة, هذا فضلا عن أن التزاوج بين نوعين مختلفين ينتج وظيفة أٌقرب لأحدهما ولا ينتج وظيفة جديدة, كما حصل في التهجين بين الأسد والنمر الهندي، نتج منها نمر لكن مع بعض الاختلافات البسيطة, والتزاوج بين حوت ودلفين، أنتج دلفين وإن كان ضخما قليلا, ونفس الشيء بين الجاموس والبقرة انتج بقرة كبيرة, وهكذا, هذا غير أن بعض التزاوجات تنتج ذرية غير قادرة على التخصيب.

القط مثلا يرى الثمار المتنوعة حوله في الطبيعة ولكنه لا يأكلها بالرغم من أن جسمه يحتاجها, ويذهب لملاحقة فراشة او خنفساء بكل حرص ! هذا يدل على ارتباط بالوظيفة, لا تستطيع أن تمنع القط من ألا يعبث بأظافره ويقتنص الأشياء, فحتى لَعِب الحيوان متعلق بالوظيفة. إذا تغيّر الحيوان بموجب التطور فمعنى هذا أنه ترك الوظيفة لأنه سيكون له خصائص بيولوجية لا تناسب الوظيفة السابقة, والوظائف محددة وليست مفتوحة, إذن من غير المنطقي أن يترك نوعٌ نوعه لأن ذلك سيدمر البيئة.

الوظيفة مبنية على ما يأخذ الكائن الحي وما يقدم, بحيث لا يبقى كائن حي إلا و يُفيد ويستفيد. لو توقفت البكتيريا التحليلية عن وظيفتها لامتلأ سطح الأرض بالجثث, ولو توقفت الحيوانات آكلة اللحوم عن عملها لامتلأت الأرض بالحيوانات ولتدمرت النباتات, وإذا تدمرت النباتات تأثر الأكسجين وصار دمارا للحياة, إذن التوازن أمر حتمي.  نظرية التطور لم تنظر إلى الوظيفة, و لم تحدثنا عن الحلقات المتطورة ماذا كانت وظائفها و ما هي الوظائف التي شغلتها بعد التطور؟

أيضا مما يثبت حتمية الوظائف أنه لا يمكن استحداث وظيفة جديدة ولا مصدر رزق جديد لأي كائن حي, كل هذا أهملته نظرية التطور حتى تنطلق في التبدّلات والتغيرات لتصل للإنسان متخلصة من روابط حتمية الوظيفة الغريزية, وهذا منسف جديد لنظرية التطور. تخيل أنك في مصنع يعمل بشكل سليم ومنظم, هل يمكن لأحد من العمال أن يتطور عن وظيفته و يتركها شاغرة؟ طبعا لا, لابد من أن يوجد من يحل محله. نظرية التطور لم تقدم البدائل التي حلت محل الكائنات المتطورة, فلا يمكن للكائنات الحية أن تتنقل بين الوظائف. لو تطور الوزغ : من سيصطاد الحشرات الطائرة التي كان يصطادها؟ هذا سيُحدث خللاً في التوازن الطبيعي, ولو استطاع التطوريون أن يثبتوا هذا الخلل لأمكن إثبات التطور, فالخلل في التوازن الطبيعي من حتميات فكرة التطور. كثيرا ما تتحدث النظرية عن تطور نوع وانقراض البقية، اي انقراض الوظيفة بالكامل، سواء ممن تطوروا وتركوا الوظيفة او ممن انقرضوا من بقية عمال المصنع.

في الطبيعة رفض للتغيُّر, لأن هناك خوف على الوظيفة, فلا نجد في الطبيعة تزاوج بين ذئب وكلب ولا يتم إلا بتدخل بشري, هذا دليل على رفض التغير في الطبيعة, وهذا مضاد لنظرية التطور, فلا يوجد رغبة بالتزاوج، وإن حصل فالذكر يكون عقيما والأنثى لا, ماذا يعني هذا؟ يعني قطعا لطريق التغير، فلن يلقح الأنثى ذكر هجين وبالتالي ترجع الأنواع إلى ما كانت عليه. إذن التطور عن طريق التزاوج والتهجين مقفل بسبب العقم وبسبب عدم الرغبة به من قبل الأحياء. وكذلك ثمار التهجين تؤدي وظيفة أحد الأبوين. الهجين في الغالب يكون مناسبا لصفة نادرة يريدها البشر, لكن هو نفسه غير مناسب للطبيعة, لهذا التناسل مقفل, وهذا ضد نظرية التطور ويثبت بطلانها. البغل مناسب للإنسان, مثلما لو تم تهجين بين الكلاب حتى يخرج كلب طويل الشعر, فهذا مناسب للإنسان وليس للطبيعة, لهذا غالبا الهجائن عندها مشاكل تأقلم مع البيئة. اذن النظرية (نظرية الدفعة الواحدة والوظيفة المسخرة) التي اقدمها قدمت تفسيرا لسبب عقم الانواع الهجينة وعدم امكانية تزاوجها، بينما التطور وقف عاجزا عن تفسير هذه الظاهرة.

لا أحد من الأحياء حياته مستقلة, فالأحياء تحيا على غيرها من الأحياء, حتى النباتات تحتاج الأحياء الأخرى لتعيش، كنقل البذور وتسميد التربة. و كون أنه لا يمكن لكائن حي أن يعيش لوحده، فهذا ينقض نظرية التطور, لأنها مبنية على فكرة أنه كانت هناك خلية تعيش لوحدها على الأرض!

لا يوجد حيوان غيّر وظيفته مهما كان معزولا عن بيئته الأصلية, فالطيور التي ولدت في الأقفاص وآباؤها كانوا في الأقفاص، حالما تخرج تعود لوظيفتها الطبيعية بدون تعليم, وحدائق الحيوان خير دليل، فكل حيوان يأكل نفس الغذاء الذي كان يأكله في الغابة, و كل حركاته وهو في القفص من وحي الغريزة الوظيفية.

إذا افترضنا أن الإنسان مرّ بظروف ما و هي ما طوّرته, وتلك الظروف من البيئة, إذن منطقيا أنها مرّت على غيره, إذن يجب أن تكون كل الأحياء التي كانت معه تطورت ما دامت مرت بنفس تغير الظروف! وبالنسبة للطفرات, فكيف تتجمع الطفرات على سلالة واحدة وتترك باقي السلالات؟ كيف تركزت أخطاء الـ(دي إن آي) على أسلاف الإنسان من ذلك السلف المشترك مع الشمبانزي ولم تحدث أي طفرة للشمبانزي؟ لماذا لم يتطور الشمبانزي وأين نصيبه من الطفرات؟ مع ان الظروف كانت واحدة و أصلهما مشترك ويعيشان في بيت واحد مشترك ؟ ثم إن الطفرة لا يمكن أن تجعل الكائن الحي يبتعد عن وظيفته, حتى لو كان هناك تشويه خلْقي في الحيوان ستجده يحاول أن يؤدي الوظيفة الأساسية, لأن مجموع غرائز الكائن الحي يخدم الوظيفة, فغريزة التكاثر مثلا تخدم تكاثر النوع الذي يخدم الوظيفة، وكذلك النمل الابيض الذي يتغذى على الخشب اليابس الجاف، نجد أن غريزته حددت وظيفته، وهي تنظيف البيئة من بقايا الاخشاب اليابسة التي لا تتحلل بسرعة. إذن فالأنواع وجودها غائي وليس عبثي, ولو كان صدفة لوجدنا تراكبا وصراعا على الوظيفة. اذن الطبيعة لا صراع فيها، لأن كلٌ له نوعه الذي يتغذى عليه، ولا احد يطمع بما عند الآخر، هذا عدا انه لا يستطيع ان يتناول غذاء الآخر، لأن تصميمه يختلف عنه، وغريزته منفتحة على شيء آخر. تستطيع ان تجمع مجموعة من الحيوانات وتعطي كلا اكله ولن يكون هناك صراع بينهم، وهذا يعني بطلان فكرة الصراع في الطبيعة، لكن ان ترمي طعاما لمجموعة من البشر ستجد تزاحما وصراعا، أما الحيوانات فكل سيذهب الى اكله، اذن لا صراع في الطبيعة ويوجد صراع في عالم الانسان. اذن الانسان هو الوحيد الذي يصارع لاجل البقاء، والحيوانات لا تصارع من اجل البقاء، لأن طعام البط في البركة سيبقى للبط، لن يأكله القط ولا الدجاج ولا العصفور ولا الغنم، وهكذا.

مشكلة الأحيائيين أنهم لا يعتبرون الدور الوظيفي للكائن الحي في تصنيف الكائنات الحية, بل يركزون على التركيب التشريحي الظاهري والفسيولوجي, وهذه غلطة أساسية، لأن الكائن الحي ليس فقط يخدم نفسه بل يخدم التوازن البيئي بالدرجة الأولى, و لهذا يجب مراعاة دور الكائن الحي في خدمة التوازن. قد يتشابه التركيب الظاهري والفيسيولوجي بين حيوانين بشكل كبير و لكن يختلف الدور الذي يقوم به كل منهما من حيث طبيعة معيشته وغذائه و ما يقدمه للبيئة, فبالتالي لا يمكن أن نعتبرهما من نوع واحد ما دام أن كلاًّ منهما يقوم بدور لا يقوم به إلا هو في الطبيعة. على هذا يجب إعادة تعريف الأنواع على ضوء دورها الوظيفي في التوازن بدلا من تشابه تركيبها, وإن قمنا بهذا سنفصل بين أنواع كثيرة جمعها الأحيائيون تحت نوع واحد بسبب تشابهها مثل أنواع القطط أو النمل وغيرها, فالنمل صنفوه تحت صنف واحد مع أن بينها اختلاف في طبيعة المعيشة والغذاء، أي في الدور الوظيفي. في الطبيعة كل نوع يحوي أنواع متعددة ومختلفة, فالخيل يحوي عدة أنواع والقطط كذلك والكلاب ..إلخ, إلا الإنسان فاختلاف أعراق الإنسان ليست مثل اختلاف أعراق الحيوان. وهنا المفارقة عند بعض الداروينيين العنصريين، اذ نجد عدم الاهتمام بوظائف فصائل النوع الواحد في الحيوانات، بينما يوجد اهتمام بتحديد وظيفة عرق إنساني معين دون غيره مع أنه لا اختلاف في الوظائف، فالعرق الاسود الافريقي محدد عندهم بالاستعباد وخدمة العرق الابيض الراقي المتطور.

من الملاحظ أن كل الكائنات الحية لها أنواع محددة من الغذاء وطريقة معيشة غريزية لا تغيرها, وهذا ما يجعل كل نوع يقوم بوظيفة لا يقوم بها غيره, وبالتالي تعتمد كل الأحياء الأخرى عليه بشكل مباشر أو غير مباشر. لكن الكائن الحي الوحيد الذي ليس له وظيفة محددة في التوازن الطبيعي هو الإنسان, فليس للإنسان غذاء محدد ولا طريقة معيشة موحدة, فإنسان في صحراء الجزيرة العربية مثلا يختلف أكله كثيرا عن إنسان في جزر الفلبين, مع أن التركيب التشريحي و الفيسيولوجي هو نفسه تماما, فبسبب سعة التمييز عند الإنسان مقارنة بالحيوان استطاع أن يستفيد من كل البيئة التي حوله وصارت مسخرة له, فأكثر كائن حي سخّرت الطبيعة له هو الإنسان، ولذلك نجد الإنسان تقريبا في كل بقعة من بقاع الارض، بخلاف الحيوانات التي نجدها في بيئات دون اخرى، وكون الحيوان يوجد في بيئات محددة لا يوجد في غيرها هو دليل قوي على أنه مخلوق لتأدية وظيفة معينة يقوم بها في تلك البيئة ولا يقوم بها في غيرها، فالبطريق مثلا يؤدي وظيفة لا يستطيع ان يؤديها في المحيطات او الشواطئ، والجمل مثلا يؤدي وظيفة لا يستطيع ان يؤديها في الغابات الاستوائية، والفقمة لا تعيش الا في بيئات متجمدة طول السنة، اما الانسان يستطيع ان يعيش في بيئات صحراوية ومتجمدة ومعتدلة وعلى الجبال وعلى السهول وغيرها، وكذلك حيواناته التي يحتاجها، كالانعام والقطط والكلاب، تعيش في كل البيئات تقريبا. وهذا دليل على ان الارض بما فيها مسخرة للانسان، ولاحظ ان الانسان هو اضعف المخلوقات، والحيوانات اقوى منه ومع ذلك لا تستطيع ان تعيش في غير بيئتها، بينما الانسان يستطيع ان يعيش في كل بيئة، اذن العائق هو ان لها وظيفة هي التي عطلتها عن العيش في بيئات مختلفة، ودليل آخر على ان الارض مسخرة للانسان أن الحياة والطبيعة يمكن ان تسير بدون انسان, ولكن لا يمكنها ان تسير بتوازن بدون وجود قطط او ثعالب او حيتان او نباتات، بدليل الاراضي البكر كم هي جميلة ونظيفة ومليئة بالخيرات قبل ان يأتيها الانسان ، قال تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس).

لو أزلنا الإنسان من الأرض فلن يتأثر التوازن الطبيعي لأنه ليس له دور فيه. وهذه دلالة علمية على أن الإنسان ليس من أصل حيواني بل مخلوق مختلف. وأيضا يدل على أن الأعراق البشرية لا علاقة لها بالبيئة, فالإنسان الأسود البشرة ليس ذلك بسبب بيئته أو لأنه لا يستطيع أن يعيش في بيئة أخرى كالحيوانات, وكذلك الأبيض والأسمر إلخ.., فاختلاف أعراق الإنسان ليس له علاقة بالبيئة التي يعيش فيها, ويمكن أن يعيش أي عرق من الإنسان في أي بيئة كانت, وهذا يسقط فكرة الداروينيين بأن الفروقات العرقية كلون العينين أو شكل الأنف سببها اختلاف البيئة.

الاسكيمو مثلا يعيشون من الاف السنين في البيئات المتجمدة ولا نجد عليهم اثار البيئة التي يزعم انها هي سبب بياض بشرة اقوام شمالي اوروبا و زرقة عيونهم. الاسكيمو بشرتهم سمراء وعيونهم داكنة، مع انهم يعيشون في الثلج ويتوالدون في الثلج اكثر من سكان اسكندنافيا. ايضا الشعر المجعد عند بعض سكان افريقيا لا نجده في محيط خط الاستواء، مثلا في الهند واندونيسيا نجد شعورهم ناعمة، مع انهم يمرون بنفس الخط، اذن اين تأثير البيئة على الشعر؟ هذه فكرة قديمة مبنية على اوهام عند اليونان والرومان وغيرهم، وأكدها مونتسيكيو في كتابه (روح القوانين) وأكدتها اليهودية بروحها العنصرية.

وقول الملائكة في القرآن: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}, يشير إلى أن الأرض كانت عامرة بالأحياء قبل الإنسان, فالإنسان ليس له دور بالتوازن الطبيعي، لأن الأرض متوازنة من قبل وجود الإنسان, قال تعالى : {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها}. ولو خرج الإنسان من الأرض لصلحت الأرض والبحر وكل شيء، قال تعالى : {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس}. فمن ناحية التوازن الطبيعي ومصلحة الأرض : الأسد والقط وغيرها من الأحياء أهم من الإنسان, لأن الإنسان قد يُصلِح وقد يُفسِد لكن الحيوانات لا تُفسِد أبدا, فالأرض ليست بحاجة إطلاقا للإنسان بقدر حاجتها للنملة مثلا. وهذا يدل أن الأرض مسخرة للإنسان وليس الإنسان مسخّر لها, إذن الإنسان ليس من أًصل حيواني، وإلا لكانت له وظيفة كسائر الحيوانات التي يقال انها تطورت.


(الدقيقة : 24  الثانية : 30) يذكر الدكتور أنه تم تهجين الجمل مع اللاما وأنتج الكاما ، وتم تهجين النمر مع الاسد و أنتج هجينا بينهما بحجم كبير، ويقول الدكتور أن الإنسان قام بهذا ولم يقل احد أنه خلق، وأن هذه التهاجين لا توجد في البرية بل أوجدها الإنسان، وكمؤمنين نقول ان الله خلقها بنا، وإذا كنا نقول هذا ولا نجد حرجا ولا نراه كفرا، فلماذا لا نقبل ونتحرج من القول ان الطبيعة عملت عبر الانتخاب الطبيعي و أنتجت هذه الأنواع ؟







الرد : التهجين شيء ونظرية التطور شيء آخر, نظرية التطور تخالف القرآن نصا وتخالف الواقع وأساسها إلحادي ونتيجتها عنصرية, وتخالف قانون التوازن الطبيعي, أي تضرب الدين والعقل والعلم, تضرب الدين في نواحي عديدة منها مخالفتها لنص القرآن بخلق آدم بيدي ربه, والذي قال :{لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} ولا يمكن أن يخلق في تقويم ضعيف ثم يتغير.  

والتهجين لم ينتج أنواعا جديدة كما يتصورون, وما دام أن أي تغير يسمونه تطورا هذه تكفي دلالة على ضحالة هذه النظرية, فهم يعتبرون أن ولادة الابن عن والديه أنه تطور مايكروي ! مليارات البشر مازالوا في عالم المايكرو حتى الآن! هذا شيء مضحك! ولم توجد ولا طفرة حسنة واحدة في كل تلك السنين، وهذا شيء مضحك أيضا!

والتهجين لا يُنتج كائنات حية من عدم حتى تقول أننا أنتجناهم في مختبراتنا, بل هي عملية تزاوج و ولادة. ومنذ القدم والبغال تنتج من دون مختبرات وهي من نوعين مختلفين.

وحجة أنه لم يكن موجود في الطبيعة، فإذن أي طفل سوف يقال عنه هذا الكلام، أنه لم يكن موجودا بالطبيعة بهذا الشكل والتصميم, وأن والداه خلقاه، إذن هو نوع جديد إذا وسّعنا كلمة جديد حتى تشمل اللا جديد. لكن عمليات التهجين بين الانواع المختلفة التي يفخر بها الدكتور هي ضد التطور في حقيقتها وتنقض النظرية من جهتين ، الاولى : ان الهجين لا بد ان ينزع إلى أحد والديه تبعا للوظيفة، اي ينزع الى شكل ووظيفة احد والديه، الثانية : انها لا تتناسل ولا تعقّب، وتكيّفها صعب، وهذا يدل على ان للطبيعة قفل، نسميه قفل الوظيفة، فلا يمكن صناعة تغيير ويستمر طبيعيا. أما التهجين لتحسين الصفات من نفس النوع فهذا يستمر ويتناسل بلا مشكلة، لكنه لا يأتي بجديد على الوظيفة، لأنه لم يتم اختراقها. كل كائن مسخر لوظائف يقوم بها، ولا يمكن استحداث وظائف جديدة، اذن لا يمكن استحداث انواع جديدة، وهكذا نرى ان نتائج تجاربهم على التهجين بين الانواع المختلفة انتجت ميل الطفل الى احد والديه، اذن هم فشلوا في استحداث وظائف جديدة وبالتالي انواع جديدة، ونجحوا في افشال نظرية التطور بالتجربة، للسببين السابقين.

(الدقيقة : 27 الثانية : 11) الدكتور يقول عن نفسه انه ينطوي على اعتقاد أن الله يحب داورين، لأن داروين من العلماء، وأن الله اعلم بحاله إن كان لديه ارادة إلحاد، - مع أن ذلك مما لم يتبين من داروين حقيقة، وأن هذا لم يبن من سيرة حياته - وأنه فعل هذا عن استكبار، فهذا امر آخر ، لكن الله يحب العلم و البحث لأنه من تقدير وتوقير رسالة الله في الخلق. فإن توقير اي صاحب كتاب، فيلسوف او عالم او مفكر، ليس بتقبيل الكتاب ووضعه فوق رأسك، بل ان تقرأه وتحاول ان تفهمه وتناقش صاحبه بما فيه.

الرد : والاس أصاب النظرية في مقتل لهذا غضب صاحبنا وزمجر -صاحب التقبل-. و والاس أقرب للعقل من داروين الملحد الذي يحبه الله كما يقول الدكتور, وصار الله يحب الملحدين منكري وجوده ونعمته, إذن ما فائدة الدين؟ لم يعد له ميزة ما دام أن الله يحب شخصا كان مؤمنا ثم صار ملحدا, بل وأصّل للإلحاد وأعطاه أساسات يبني عليها. فهل الله يحب الملحد إذا كان عالما علما يخدم الإلحاد؟ مع أنه جمع خرافات ليس لها أي دليل ولا تجربة, وليست علما؟ العلم الحقيقي يوافق الدين الحقيقي وهنا اختلفا, فأيهما الصحيح؟

بداية التوقير تكون بنسبة الكتاب لصاحبه! داروين لم ينسب الطبيعة لعمل الله، بل يراها تعمل من نفسها. والفرع يشير للأصل, فإذا كان الفرع يطور نفسه فالأصل إذن طوّر نفسه من لا شيء!

داروين يحاول أن يتوقف عند الأحياء فقط دون أن يرجع لنظرية النشوء, يعني تاركها للشاطر حتى يفهم. إذا كان الفرع يتغير وينشأ بالصدف والظروف، إذن الأصل كذلك, وبالتالي لا يوجد خالق كما يقول الملاحدة. وما دمتم تمنعون ذكر عمل الله في الأنواع الجديدة، فمن المنطقي ألا يُذكر عمل الله في الأصل, وهكذا تكون نظرية التطور تضع المؤمن بها على حافة الإلحاد وإن كانت لا تقول له ألحد، لكنه يُفهَم بالمنطق, أي نظرية التطور تعطيك نصف الإلحاد والنصف الآخر على "ذكاء" المتلقي.

الإلحاد يرى أن كل شيء يتطور وليس فقط الأحياء, و تلاعب الداروينيين هو بأن يقفوا عند الأحياء فقط حتى يقبلها المؤمنون والملاحدة سوية, على طريقة من دخل الباب وصل المجلس. لو جُمعت افكار الملاحدة مع بعضها لكانت منفرة للمؤمنين, لكنها تُجزّأ لكي يبتلعوها دفعة دفعة. عملية النشوء يؤمن بها الملاحدة وعملية التطور والارتقاء تقدم للمؤمنين, فأصل النظرية المادية هي للنشوء والارتقاء والملاحدة يدرسونها على هذا الأساس، لكن داروين وقف عند الارتقاء وأهمل النشوء. ومن يؤمن بنظرية التطور يؤمن من حد الخلية الأولى ثم يقف بعدها, أي يؤمن أن الأرض لم يكن بها إلا خلية واحدة, لينحصر الخلاف على هذه الخلية : هل الله هو من قذفها على الأرض كما يؤمن الدكتور، أم أنها قذفت نفسها على الأرض او انسلت من احد الكواكب كما يؤمن الملاحدة! الدكتور يؤمن بأن الله خلق خلية واحدة فقط وقذفها على الارض، والباقي تطوّر بالصدف العمياء، اي يقف الايمان والاله عند حد هذه الخلية، والباقي داروينية، وهذا الفهم يختلف تماما عن فهم القرآن، ويقلّل من عظمة الاله الذي لا يخفى عنه ولا سقوط ورقة.

احترام العلم هذا شيء جيد, لكن لا يكون على حساب الإيمان والنصوص الثابتة الصريحة, أو أن يُختار بينهما بجدّ, لأنه لا يمكن الجمع بين نقيضين, هذا اذا ثبت انه علم اصلا، و كون القرآن قابل للتأويل بينما كلام داروين غير قابل للتأويل يبيّن الاختيار. القرآن أنزل ليُتبع كله، لا لننتقي منه ونؤمن به وبنقيضه أو نأوّل لأجل هذا النقيض, هذا التلاعب ضحيته القرآن الذي نؤمن أنه كلام رب العالمين, وبالتالي الإيمان, والله لم يقدم كلامه لكي نأوّله ونفهمه كما تفهم الطلاسم، بل قال انه كتاب مبين، وبلسان عربي، اي كلام يفهمه اي عربي بدون تأويل. وإذا كان القرآن يحتاج إلى التأويل فهو ليس مبينا، الطلاسم والالغاز هي التي تحتاج الى تأويل، والكلام المبين لا يحتاج لتأويل. والقرآن جاء ليعدّلنا ولم يأت لكي نعدّله, وجاء لكي نفهم على منواله، لا أن نلت ونعجن في مآله. إما أن نؤمن بوضوح أو نلحد بوضوح.

والدكتور لماذا لا يقرأ ولا يفكر ولا يبحث بموجب القرآن؟ أليس القرآن هو الصحيح؟ أليس نوراً يستنار به؟ والله أمرنا بعرض كل شيء على القرآن؟ قال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) والقرآن هو اساس العلوم. كيف يكون نقيضه هو الصحيح؟ ينتقد الدكتور التقليد وهو عبارة عن ناقل لكتاب داروين، أي مقلد للغرب في نظرية وليس في علم, يتكلم عنهم بشغف وإعجاب منقطع النظير لدرجة أن جعل الله يحب داروين, ولم يبق إلا أن يكون نبيا! وممن هذا الكلام؟ من رجل دين وخطيب جمعة وليس من صحفي! ولماذا نبحث ونتعلم ما دام أن داروين والداروينيون فهموا الحكاية كلها من ما قبل الخلية إلى يومنا الحاضر؟ ماذا سنزيد عليهم؟ هذا هو التقليد والتبعية بالضبط. وإذا كان علماء الدين يقولون للأمة مثل هذا الكلام، فكيف نضع اللوم على الأمة؟!

نحن لا نقف موقف الضد من علم ثابت, نحن نقف موقف الضد من نظريات تدعو للإلحاد ليس إلا, وإلا فالعلم الثابت على العين والرأس ولا يتعارض مع القرآن أبدا، بل يثبته. وهكذا يجب أن يفعل علماء الإسلام, لا أن يقفوا موقف الهارب ولا موقف المتلقي البالع, مع أنها مجرد نظريات. لماذا لا يبحثون في الاتجاه المضاد ما دام أن المسألة نظرية؟ كيف يضعون اللوم على الأمة و هم العلماء؟ وما دام أن الإنسان بلع واحدة سيسهل عليه ابتلاع الأخرى, الله يقول اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله, والنظريات عبارة عن سبل وطريقة عرض تصف مجهولا وليست حقائق ثابتة وقطعية, فكيف نقبلها ونروج لها وهي ضد القرآن إذا كنا مشائخ؟ إذا واجه الإنسان مثل هذه النظرية إما أن يتوقف أو يبحث في ضدها، لا أن يروج لها أكثر مما يفعل أهلها! واللوم على العلماء لأن الأمة تثق بهم وتستمع إليهم، وأي خطأ منهم سوف ينعكس على الأمة.   

(الدقيقة : 28 الثانية : 55) : يذكر الدكتور ان سبب عدم وجود برمائيات في الجزر المحيطية ان البرمائيات لا تستطيع السباحة في الماء المالح لمسافات طويلة وتقطع المحيط لتصل الى الجزيرة المحيطية، وذلك بسبب جلدها النفاذ للماء، والماء المالح الشديد الملوحة كمياه المحيط يقتلها، ويذكر ان تفسير داروين لوجود كائنات حية في الجزر المحيطية ، بالنسبة للطيور انها جاءت اليها طيرانا، وبالنسبة للكائنات التي لا تطير فقد جاءت عائمة على اجسام عائمة كأخشاب وغيرها ، و وصلت الى الجزيرة وعاشت هناك، وهذا جرى عبر ملايين السنين.

الرد : عندما يتحدث داروين عن جزر محيطية بركانية، فهو لا يعرف عمرها، ربما أنها نشأت حديثا ولم يتكامل وصول الاحياء إليها، اذن الجزر ليست مقياسا سليما، لأن عمرها قد يكون حديثا جدا، فالبركان في اي لحظة يثور وتبرد حممه وتصبح حممه جزيرة. فإذا كانت الحيوانات على اختلاف أحجامها جاءت على أخشاب - رغم خطورة تعرضها للغرق - لماذا لم تأتي البرمائيات على أخشاب هي الأخرى؟ كيف تأتي الحيوانات التي لا تعيش على الماء أصلا ولا تأتي البرمائيات التي تعيش في الماء؟! هذا علم أم وجهة نظر؟! والسؤال الآخر : لماذا تغامر هذه الحيوانات وتركب على اجسام عائمة الى المجهول بعد ان تركت اليابسة وهي تعيش عليها؟ اذا كان الانسان يحجم عن مثل هذه المغامرة البحرية، وسكان اوروبا احجموا عن السفر في بحر الظلمات لأكثر من الف سنة، فكيف بحشرة او بعوضة او نملة او قرد ان يقرر الذهاب في رحلة اكتشافية على متن خشبة الى المجهول؟ ماذا بقي لكولومبوس؟ اين غريزة الخوف والبقاء لديها ؟ ما الذي يضمّنها ان هناك جزيرة ستذهب إليها وأنها ستستقر هناك ؟ خصوصا وأنها تترك البر خلفها ! لماذا؟ هل روح المغامرة وصلت للديدان والحشرات ؟ وكيف لكائن بري أن يقترب اصلا من ماء المحيط؟ ما حاجته من ماء المحيط؟  ثم ان الخشبة يعيدها الموج الى الساحل، اذن لا بد ان تكون هناك سفينة غرقت و فيها بعض الحيوانات، ركب بعضها على ظهر خشبة قادها الموج الى ساحل تلك الجزيرة، هذا معقول، أما ان تركب من بلدها على ظهر خشبة قاطعة المحيط (وتذكرة الركوب) وتصل للجزيرة فهذا غير معقول، خصوصا ان الموج سيعيد اي خشبة الى الساحل مرة اخرى. هذا كلام غريب من رجل يعرف البحر.

التفريق بين الجزر المحيطية والقارية غير دقيق. هذا غير أن داروين في كتابه ذكر أن هنالك برمائيات في بعض الجزر المحيطية، كجزر الأندامان وجزر سليمان وجزر سيشيل (الباب الثالث عشر ، أصل الانواع لتشارلز داروين ، ترجمة المليجي) وهذا ما لم يذكره الدكتور, وهذا الاستثناء يكسر القاعدة الغير دقيقة أصلا لأنه لم يحط بكل جزر العالم وأحياءها, ويبني كلامه على ما تقوله الروايات عن تلك الجزر, لأول مرة نجد العلم يعتمد على الروايات الشفاهية ويعتبرها مرجعا!

الذباب والحشرات كيف انتقلت للجزر المحيطية؟ ولماذا لم يتغير ذباب جزيرة عن ذباب جزيرة أخرى؟ بل نملة جزيرة عن نملة جزيرة أخرى، حتى لا يقول من يقول أن الذباب يقطع المحيط ويهاجر. أليست هناك شروط بيئية ضاغطة على الجميع؟ بل إن الذباب يوجد في كل بيئات العالم تقريبا وكذلك البعوض والكائنات الدقيقة. لماذا لم يعمل عليها قانون التطور فنجد ذبابا في أحد جزر غالاباغوس لا نجده في جزيرة أخرى من الأرخبيل كما في الحسونيات؟ كأن يكون خرطومه يختلف عن خرطوم ذباب في جزيرة مجاورة، لأن هنالك طعام قاسي و هنا طعام ليّن ؟ أم أن الحبوب القاسية موجودة فقط للحسّونيات؟ هل الشروط البيئية تعمل على الثدييات والطيور فقط دون الحشرات والإنسان؟

داروين لم يضع فصلا للشروط البيئية وتأثيراتها على الأنواع، بل يركز على شكل النوع فقط ويهمل العامل المهم في تغييره وهو الشروط البيئية, بل لا يعدّد هذه الشروط ولا يفصّل فيها, مع أنها هي أساس نظريته التي بُني عليها الانتخاب الطبيعي, وكما يقول الدكتور أن أهم جزء في النظرية هو الانتخاب الطبيعي, أي أن أهم جزء فيها هو أكثر جزء مُهمَل! المفترض أن يركّز الدراسة على الشروط ويحدّد كل منطقة بشروط بيئية معينة, مثلما تحدّد المناخات ودوائر العرض, وطبعا لن يهتموا به أبدا مكتفين بملاحظة أشكال الحيوانات حتى دون الحشرات وكأنها ليست أحياء! وبصورة أخرى، داروين يتكلم عن الأحياء و يهمل أكثر الأحياء و هم الحشرات, و يهمل النبات وهو أكثر الجميع! إذن داروين ينبغي أن يسمّى عالم حيوانات ثديية وطائرة وليس عالم أحياء بإطلاق الكلمة!

(الدقيقة : 29 الثانية : 45) يذكر الدكتور من ملاحظات داروين : لماذا توجد حيوانات في قارة استراليا لا نظير ولا شبيه لها في بقية قارات العالم ؟ بالذات الثدييات الجرابية (الكيسية) كالكنغر؟

الرد : الثدييات الجرابية موجودة في الامريكيتين وبالذات في امريكا الجنوبية، وليست حكراً فقط على قارة استراليا. (راجع Marsupial في الويكيبيديا)

(الدقيقة : 30 الثانية : 36) يذكر الدكتور من ضمن تساؤلات داروين : لماذا طيور جزر كيب فيرد (جزر على الساحل الافريقي) تشابه طيور افريقيا أكثر من طيور ارخبيل جالاباجوس، مع أن مناخي كيب فيرد وجالاباجوس متشابهين إلى حد كبير؟

الرد : هل هي تشابه طيور افريقيا ام انها هي نفسها (نفس النوع)؟ وهل يصح عقد المقارنات بين الطيور التي من غريزتها التنقل والهجرة من مكان لآخر؟ لماذا لا يتم عقد المقارنات مع الكائنات الحية الثابتة على الارض، كالزواحف والثدييات ليكون الاثبات أوقع و أوثق؟

البيئة تختلف عن الاخرى حتى لو كانتا في دائرة عرضية واحدة، فما بالك في الاختلاف في خط الطول؟ سيكون اكبر، وكأن داروين بقوله ان مناخ كيب فيرد يشبه مناخ جالاباجوس، كأنه يقول ان مناخ السنغال يشبه مناخ فنزويلا، وهذا كلام غير صحيح، لان كلا الارخبيلين قريب من احدى الدولتين، هذا غير انه هناك فرق في خط الطول، والاختلاف في خط الطول يؤثر بشكل اكبر، هذا غير انه بينهما اختلاف في السطح، فارخبيل كيب فيرد نصف مساحته سهول والنصف الاخر جبال، اما جالاباجوس فهي جزر بركانية صخرية، هذا غير الفرق في الجوار لكليهما وفرق المسافة بينهما، فالاولى تقع في الاطلسي والثانية في الهادي، اي يفصل بينهما قارة ومحيط، فكيف يكون مناخهما متشابه؟ ومناخ وتيارات الاطلسي مختلفة عن مناخ وتيارات الهادي، كل هذه اختلافات لم ينظر اليها، فقط راى ان كلاهما جزيرتان في الماء. في الحقيقة لا توجد منطقتين متشابهتين تماما، لان عوامل المناخ كثيرة، ولا يكفي كون الجزيرتين في ماء او تقعان في دائرة عرض متقاربة لكي يقال ان مناخهما متطابق، فلا بد ان يكون هناك اختلاف في كمية الامطار والاعاصير والرياح ودرجة الحرارة، حتى لو كانتا في دائرة عرض متقاربة، هذا غير عامل اختلاف السطح وتأثيراته، اذن كلام داروين لا علمي ولا دقيق، والعجيب ان هذا الكلام يكرر بعد 150 سنة، ان عذرنا داروين فلا نعذر مقلديه، لان في هذه الفترة الزمنية الطويلة تقدم العلم كثيرا، وعليهم مراعاة فارق التقدم العلمي وترك تقديس داروين الذي يعذر بمستوى العلم في زمنه.

هذا غير ان الطرح اصلا لا دقيق ولا علمي، فقد يكون وجود طيور في جزيرة مختلفة عن طيور اخرى في جزيرة اخرى تشابهها عوامل اخرى، لان الطيور تهاجر وتطير، افرض ان عاصفة اجبرتها ان تقف في هذه الجزيرة فعششت واستقرت، او أن داروين رآها وهي في فترة هجرة، وقد تهاجر طيور اخرى منها لعوامل اخرى، كان على داروين ان يركز على الحيوانات الأكثر استقراراً لكنه مولع بالطيور، لان هوايته ومهنته وهي تربية الحمام وتطييرها غلبت عليه. بحثه يتعلق بالاستقرار ويجري بحثه على الطيور! مع ان الطيور هي الاقل استقرارا.

(الدقيقة : 31 الثانية : 37) : يذكر الدكتور من ضمن تساؤلات داروين، تساؤلاته عن الاعضاء الأثرية، مثل الزائدة الدودية والحلمات عند الرجل والعضلات المتليّفة خلف الاذن والتي لا عمل لها وعظم العصعص.

الرد : كيف تتحرك العضلة خلف الأذن بينما جذع الأذن الذي يسمح لها بالحركة داخل في جمجمة الإنسان؟ ما دام الأذن كلها دخلت فلماذا لم تزُل العضلة؟ وما دام أنها ضامرة فلماذا لا تعمل ولو قليلا؟ هل يمكن تدريبها؟ كل العضلات الإرادية لها ارتباط بإرادة الإنسان، حتى لو كان الشخص فقد هذه العضلة, فمن تقطع يده مثلا يظل يحاول تحريك تلك اليد. الطفل وهو رضيع يعرف عضلاته, فيعرف كيف يفتح عينيه ويحرك يديه و رجليه, كيف تكون عنده عضلة في أذنه وجاهزة ولكنها لا تعمل؟ لماذا توقفت و لم تعمل؟ أليس من الأفضل لو أنها تتحرك؟ 

ثم كيف نحكم أن عضواً ما في الجسم ليس له فائدة؟ قد تكون فائدة عضلة الأذن في تثبيت الأذن وليس للشد والحركة, لأن أذن الإنسان غير بارزة، لهذا فهي غير قابلة للحركة, فتكوينها أساسا ليس مهيأ للحركة. وهنالك أحياء آذانُها لا تتحرك كالطيور والقرود والضفادع, فهل لديها عضلات ضامرة في آذانها؟ وهل هي متطورة أكثر من الإنسان؟

أما بخصوص الزائدة الدودية فقد أثبت العلم الحديث خطأ فكرة أن الزائدة الدودية لا فائدة لها للجسم، فقد قدّم علماء المناعة دارسة تفيد أن الزائدة الدودية عبارة عن مكان تعيش فيه أنواع من البكتريا المفيدة في عملية الهضم، كما أن وظيفتها مرتبطة بمكانها وعددها الذي يجب ان يكون في جهاز الهضم، اذ انها تمده بهذه البكتريا بعد الاصابة بالامراض الطفيلية والكوليرا والزحار والاسهالات، تلك الاصابات التي تقلّص من عدد البكتريا في الامعاء. 

إن القول بأن عضواً معيناً ليس له فائدة لم تأت إلا مع داروين وأتباعه تبعا لمنهجهم, فيقولون أنه بلا فائدة بدل من أن يقولوا أنهم يجهلون فائدته! حتى وصلنا للجيل الجديد من الملاحدة الذين يؤمنون بنظرية الفوضى التي تُطلق على كل شيء لا يستطيعون معرفته, فالعالِم يقول : لا أعلم، والدارويني والملحد يقولان : فوضى، لأني لا أعلم ! ومع ذلك هم الذين يُسمَّون علماء وغيرهم يسمون بـ"المتأثرين بالأديان" التي شمعت عقولهم وجعلتهم لا يقولون فوضى ولا صدفة. مع ان الدكتور اشار إلى بعض فوائد الزائدة الدودية في الانسان في حلقات لاحقة لكنه لم يشر اليها في هذه الحلقة.

(الدقيقة : 32) يذكر الدكتور في اطار الاعضاء الأثرية : وجود اطراف ضامرة عند الثعابين كأنها أرجل ولكن لا وظيفة لها.

الرد : لا يوجد تشريحيا اي اطراف ضامرة للهيكل العظمي للثعبان، وبإمكانك استعراض صور الهياكل العظمية للثعابين في الانترنت، ولن تجد مثل هذه الاطراف المزعومة، ولا ادري من اين جاءوا بهذا الزعم إلا أن يكون جاء من احفورة مزورة، السؤال هو لماذا تطرح بهذا الشكل أن الهيكل العظمي للثعابين توجد فيه اطراف ضامرة، مع ان القارئ يستطيع ان ستعرض كل صور هياكل العظمية للثعابين ولن يجد فيها اي عظم زائد، لماذا هذا الاسلوب المخادع؟ لماذا يقولون : وجدنا في احفورة ولا يقولون : وجدنا في الهيكل العظمي للثعبان؟ هذه مراوغة، ومن لا يتثبت سوف يصدق انه في جسم اي ثعبان توجد ارجل صغيرة ضامرة كدليل على التطور. كما أن اعتبار هذه الاعضاء ارجل ضامرة او متحجرة كما وصفها الدكتور، يتوافق مع الرواية التوراتية بأن الحية عوقبت بمحو ارجلها وجعلها تزحف على الارض بعد أن كانت تسير بأقدامها بسبب إدخالها لإبليس إلى الجنة. وهذه تضاف إلى التشابهات بين رؤية نظرية داروين للتطور ورؤية الكتاب المقدس.

(الدقيقة : 33 الثانية : 30) يذكر الدكتور من ضمن حجج داروين، والتي فصّلها في احد فصول كتابه : مسألة الانتخاب الطبيعي، اذ قال داروين : اذا كان المنسّلون والمربّون ينتجون انواعا جديدة في وقت قصير، فهل الطبيعة تعجز من أن تقوم بذلك عبر ملايين السنين ووفق شروط وظروف معينة؟ بقياس الانتخاب الطبيعي على الانتخاب الصناعي؟

الرد : الحقيقة انهم لم ينتجوا انواعا جديدة، لا في وقت قصير ولا طويل، وهذه مغالطة. تسمية "انواع جديدة" تسمية مضللة، وإلا فلنعتبر كل مولود نوع جديدا! هم انتجوا تغيرا في اللون او تغيرا بسيط في الحجم ليس الا، اذا قلنا نوعا جديدا فهو نوع مختلف عن النوع الاصلي في اصالته، وليس في بعض الصفات الخارجية، لأنه اي طفل يولد هو مختلف عن بقية الاطفال، حتى مختلف عن بقية اخوانه، فهل نقول انه نوع جديد؟ من هنا التلاعب. النوع الجديد يعني خواص وميزات مختلفة عن الاصل، وهذا ما لم يستطيعوا ان ينتجوه ولن يستطيعوا.

نشاهد التهجين الذي يقومون به، نجده متعلق بحيوانات قريبة من الانسان ومسخرة له، وتحمل هذا الاختلاف في جيناتها، وهذا لحكمة إلهية، حتى يميز الناس دجاجاتهم وحماماتهم، وتخرج منها أنواع اجود من انواع واجمل، لكن كل هذا في اطار النوع، لكن لننظر الى الطيور والحيوانات البرية، فهيا هجّن الغربان ! ماذا سينتج ؟ غراب اسود. ألم يتسائل داروين عن هذه المفارقة خصوصا وهو مربي طيور؟ كذلك الغزلان ، كل قطيع بألوان واحدة تقريبا، وكذلك الحمام البري، نجد لونه واحدا، أما الحمام الاليف فألوانه مختلفة، وبالتزاوج تنتج ألوان مختلفة. ألم يتسائل لماذا طيور وحيوانات البر ألوانها واحدة واحجامها متقاربة؟ مع انها تتناسل وتتهجن طبيعيا؟ هنا يأتي التفسير بالتسخير.

لماذا لم يفسر داروين تشابه حيوانات البرية واختلاف الحيوانات الداجنة؟ نحن لا نجد هذا الاختلاف الا في الحيوانات القريبة من الانسان. اما الحيوانات والطيور البرية فنجدها ذات لون واحد، فسّر لنا تطوريا هذه الظاهرة. ثم : اين هو التنوع الطبيعي الذي يقول عنه؟ لأنه يقيس على تهجين يجريه البشر تهجينا مفترضا تجريه الطبيعة عبر ملايين السنين، لكننا نر ان حيوانات الطبيعة كلها بلون واحد! هذا بالنسبة للون فما بالك ببقية الصفات؟ اين الطبيعة التي تُجري التهجين؟ اين هي في الغربان مثلا؟ كل غربان العالم لونها اسود، والعصافير ذات اللون الموحد؟ كل الطبيعة موحدة الالوان ! اما الحمام والدجاج والبقر والغنم والابل والحمير والخيل والكلاب والقطط (أليفات الإنسان) فكلها متنوعة في ألوانها واحجامها. ما السر في هذا؟ هل لأن الإنسان يزاوج بينها؟ الحيوانات البرية تتزاوج في الطبيعة بشكل اكبر، وهي اكثر عددا في الطبيعة، انظر لأعداد الفئران والجرذان، وكثرة تناسلها، و كلها بلون موحد، لماذا هذا يحصل ؟ اين التطور الصغروي على الاقل قبل الكبروي فيما يتعلق بألوانها فقط؟ كيف ننتظر تطورا من مجموعات حتى لونها موحد ولا يوجد فيه ادنى اختلاف في اللون؟

هذا يقودنا لنقد فكرة الجينات والوراثة، لإنه اذا انطلقنا الى عالم النبات نجد نفس الحالة في التشابه، فآلاف الهكتارات من القمح كلها تتشابه، مع انها كلها نتيجة تزاوج. من اين يأتي التطور وهذا التوحد وعدم التشابه يزداد كلما ابتعدنا عن أليفات الانسان؟ اين عمل الجينات والتلقيح وعلم الوراثة هنا؟ حتى مقتنياته النباتية فيها تنوع. فالانسان لديه من التمر انواع، ومن الباذنجان انواع ومن الطماطم انواع ومن البطيخ انواع، لكن اي نبتة برية نجدها نوعا واحدا. النباتات القريبة من الانسان مسخّرات للإنسان. أليس اذا اختلف انسان عن آخر قالوا بأن ذلك نتيجة اختلاف الجينات نتيجة للتلقيح والتزاوج؟ حسنا : الارز يتلقح، لماذا لا تختلف حبة الارز هذه عن الحبة الاخرى؟ و كلها تزاوج وجينات؟ لماذا اختلف الجنين الانساني ولم يختلف الجنين الأرزي؟ لأن الاختلاف في جينات الرز لا فائدة منه للإنسان، بل التشابه أحسن. اما الاختلاف في الانسان فهو مفيد، لأجل التعارف والتمييز. بل نجد الفروق بين الناس اكبر منها بين الحيوانات حتى الاليفة. حتى الاخوين نجد بينهما فروق.

هذه هي المغالطة التي وقع فيها داروين وهي : بما ان تهجين الحمام انتج كل هذه الانواع فما بالك بالتهجين الطبيعي وعبر ملايين السنين؟ ونحن رأينا ان التهجين الطبيعي لا يقدم انواعا ولا حتى متميزة عن بعضها، في اللون على الاقل. اذن مقارنته كانت خاطئة، وما يبنى على خطا فهو خطأ. لأن الحمام تقدم الوانا كثيرة في التزاوج، لكن الغربان مهما تزاوج لن تقدم الا اللون الاسود. اذن الطبيعة لا تعمل مثل ما تعمل الحيوانات المسخرة للإنسان.واذا كانت لا تستطيع تغيير حتى الوانها بالتزاوج رغم كثرته وتعدده واختلاطها في الطبيعة وعبر ملايين السنين، فكيف يُنتظر منها ان تقدم انواعا جديدة؟ هذه الملاحظة بحد ذاتها تكسر عظم اقدام نظرية داروين عندما بناها من ملاحظاته على الحمام وإسقاط ذلك على الطبيعة. فقفص واحد من الحمام قد ينتج الوانا متعددة خلال سنة، لكن كل طيور الغربان في العالم وعبر ملايين السنين لن تقدم لونا مختلفا عن الأسود. هذه ملاحظة تحتاج الوقوف. قياس التطوريين لما يجري في الطبيعة على ما يجري في التهجين تكسره هذه الملاحظة. لأنه في الطبيعة لا يوجد تغير، فقط دعنا في موضوع الالوان.

اذا قلت ان هذا التنوع الكبير في الالوان بسبب التهجين البشري، اذن لن يكون هناك اي تهجين في الطبيعة، لأن ألوانها واحدة، وملايين السنين لم تقدم لونا واحدا مختلفا للغربان، وبالتالي لن تقدم في الملايين القادمة، وهذا يعني ان يغيّر الدراونة فكرتهم من فكرة الانتخاب الطبيعي الى فكرة الانتخاب البشري لأجل إحداث تطور صغروي، فالانتخاب الطبيعي لم يغيّر في لون أي غراب او أي عصفور او اي حمامة برية او اي اسد او اي فيل. اذن الانتخاب الطبيعي فقط يعمل في مزارع الانسان، وحينها يسمى الانتخاب البشري. ولا وجود للانتخاب الطبيعي الصغروي في الطبيعة، قياسا على موضوع الالوان فقط.

لماذا لون الطماطم احمر ولم يتغير؟ اين الطفرات عنه عبر ملايين السنين واين الجينات؟ الم تتعرض الطماطم لمؤثرات عبر التاريخ؟ لماذا لا نجد طماطم بألوان مختلفة نتيجة طفرات أو اشعة؟ ما دام ان اختلاف الانسان او الحيوان جاء نتيجة طفرات او اخطاء وراثية جاءت نتيجة ظروف ومؤثرات كما يقال، فهل النبات لم يصب بأي مؤثرات ولا ظروف عبر ملايين السنين وبقي الطماطم احمرا قانيا في كل مزارع واسواق الخضار في العالم؟ هذه الملاحظة تشكك بشكل كبير جدا في دور الوراثة والجينات والطفرات على الكائن الحي.

(الدقيقة : 35 الثانية : 15) يتكلم الدكتور عن الانتواع في الصنف الواحد، وأنه كلما كانت الفروق اكبر كلما كان كان الانتواع اقدم، و كلما كانت الفروق اقل كان الانتواع احدث.

الرد : بالرغم من خطأ الفكرة الاصلية وهي الإنتواع، إلا أن ربط فروقات الانتواع الكبيرة بقِدَم الانتواع ليست منطقية أيضا، فما الذي يمنع ان تكون الفروقات كبيرة والانتواع حديث ؟ خصوصا في ظل وجود طفرات غير محسوبة التغيير؟

(الدقيقة : 43 الثانية : 45) يذكر الدكتور السيناريو الذي تخيله داروين لتفسير اختلاف الحسونيات في ارخبيل جالاباجوس وهو : ان مجموعة من الحسونيات طارت من الاكوادور الى الارخبيل، وكانت تعيش هناك على نفس الغذاء (الحبوب الصغيرة مثلا) حتى تكاثرت وبدأ الصراع بينها، ومن حسن حظ بعضها انه استطاع ان يتغذى على غير ذلك الغذاء الاساسي (كالديدان والحشرات)، وذلك لتكيّف منقاره مع الغذاء الجديد، وكذلك من حسن حظ بعضها آلآخر أنها استطاعت ان تتغذى على غير ذلك الغذاء الأساسي (كالحبوب الكبيرة) وذلك لتكيّف منقاره المدبب مع الغذاء الجديد، وهكذا كل نوع فعل، واصبح كل نوع يتناسل مع افراد نوعه حتى اصبحوا 13 نوعا مستقلا. هذا مع ان داروين لم يوثّق من اي جزيرة اخذ كل طائر من الحسونيات من عيناته، إلا أنه استنتج لاحقا انه لا بد ان يكون كل نوع قد جلبه من جزيرة مستقلة. ويذكر الدكتور عن فلاسفة التطور أن الطبيعة كأنها تطرح مسبقا شروط البقاء الأفضلي لكل بيئة على الانواع، فالبيئة التي لا تحوي ديدان ولا حبوب صغيرة ولكن فيها حبوب كبيرة لا يمكن ان يعيش فيها سوى الانواع المتغذية على الحبوب الكبيرة، والبقية لن تبقى. وهذا ما جعل داروين يؤكد على ان الطبيعة بشروطها وتحدياتها توجد انواعا جديدة.

الرد : البيئة لا تطرح شروطا وتحديات، هذا كلام خيالي, في البيئة الواحدة تجد أنواعا من الحبوب والبذور، بعضها اللين وبعضها القاسي, قائمة الطعام في البيئة أوسع مما يتخيل داروين, فهي تقدم أنواعا من الحبوب والثمار والأوراق واللحوم أيضا. فكيف لجزر قريبة من بعضها أن تختلف بهذا الشكل المختبري الحاد في النبات؟ هذا خيال علمي وليس علما. حتى في الصحراء تجد بذورا ونباتات رقيقة، ولو كان على افتراضهم لكانت الطيور التي تعيش في الصحراء مناقيرها كالفؤوس! ثم كون بعضها كانت تأكل الحبوب فافترق بعضها ليأكل الديدان، هذا أيضا كلام سخيف, فالدجاج مثلا يأكل الحبوب والديدان، فلماذا لم تختلف مناقيرها بعضها عن بعض؟ إذن فسّروا لنا منقار الببغاء لماذا هو معقوف ومقوس بهذا الشكل؟ الاختلاف في المناقير لا يمنع من أنهم يأكلون نفس الطعام, إلا بحالات خاصة و كبيرة، مثل الطيور التي تأكل الأسماك والأخرى التي تأكل الحبوب, لكن لكل طير طعام مفضل بالغريزة وليس بالقيمة الغذائية، وليس لأن غيره غير متوفر, فكل شيء موجود لكن الأحياء مسخرة لخدمة الطبيعة والبيئة, مثلما أن النمل الأبيض يترك ثمار الطبيعة ويأكل الخشب اليابس كطعام مفضل, مع أنه ليس أفضل من التفاح أو المانجو لكن بالنسبة له هو الأفضل, لكي يفكك الأخشاب ويسهم في نظافة البيئة, أي مسخر لخدمة الطبيعة في ناحية معينة, قال تعالى : {وإذ أوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون}, وقياسا على النحل بقية الحشرات والأحياء كلها أوحى الله لها وليس فقط النحل. قال تعالى (الذي اعطى كل شيء خلقه ثم هدى). هل النمل الأبيض يعيش في بيئة فقيرة ليس فيها إلا أخشاب فطوَّر هذه الخاصية؟ ما هذه البيئة القاسية؟ إلا أن تكون منجرة ! الغريزة وحي الهي داخل في موضوع خدمة التوازن.

و كون النحل يعيش بهذه الكيفية ليس بسبب أن الظروف حتّمت عليها ذلك، بل الله أوحى إليها كما قال سبحانه, وإذا قلنا الله فنحن نقصد المدبر والمُوَازِن بين الأمور حتى صارت الطبيعة لوحة ضخمة وآية عظيمة تدل على أنه ليست الصدف العمياء هي التي جعلتها بهذا الشكل، هذا لا يقول به عاقل فضلا عن مؤمن. وما الطفرات التي تعتمد عليها كل نظريتهم إلا عبارة عن صدف عمياء ومحاسن حظوظ, أي يفترضون وجود هذا النظام والإتقان من العمى والتخبط والفوضى، وهذا لا يقول به عاقل إلا أن يُجبره هواه على إغماض عينيه.

اذا عممنا سيناريو داروين الخيالي هذا، فكرة وجود ازمة غذائية تجعل بعض القطيع يغير من نمط غذائه وبالتالي يتغير جسمه بناء عليه، لكان هذا اولى للحيوانات المفترسة، بسبب ندرة الصيد وصراعها على ما تصيده، كأن تتحول لأكل النبات مثلا، او اكل العظام والحوافر. ولحدث مثل هذا عند الاغنام والابقار وكل الحيوانات، فتختلف افواه الاغنام كما اختلفت مناقير حسونيات داروين، لأنها تجد زحمة على العلف الرقيق فيظهر لبعضها اسنان ضخمة وأفواه واسعة لتقضم الاغصان المتبقية! اذا قلت فكرة فعمّمها، أو لا تقلها. وهذا لم يحدث الا عند حسونيات داروين ! اي ازمة غذاء تنتج تغيرا في الافواه والمناقير ! اين التجربة؟ المشكلة ان الكلام على طيور، تستطيع ان تخفق باجنحتها وترجع للاكوادور مرة اخرى وبسرعة بدل المعاناة مع حبوب قاسية! سيناريو سخيف جدا وغير قابل للتعميم، ولم يعممه اصلا، بل لم يتكلم عن النباتات والحشرات، فقط عن الحيوانات والطيور.  والمشكلة الاخرى انه يتحدث عن ارخبيل جزره متقاربة بعضها من بعض، ومناخها واحد، ولم يحضر عينات من البذور التي سببت المشكلة، هل هذا كلام علمي او خيال؟

لاحظ جثة حيوان ما، منذ افتراسها إلى أن تنتهي ليست إلا عبارة عن وجبات مفضلة لأنواع متعددة, كل مرحلة فيها وجبة مفضلة لنوع معين. وهذا يؤدي لنظافة البيئة بشكل نهائي من الجثث وتحليلها. في الطبيعة تنظيف كامل أحسن من أي جهاز بلدية في العالم, فيا سبحان الله (وبدون NOOOO داروينية!).

بل إنه يوجد نوع من النسور يأخذ بقايا عظام الفريسة بعد أن أكل منها الجميع، فيحلق بها ثم يلقيها على صخور حتى يكسرها ويبتلع العظام ! - لكن هذا لا يعني أنه لو منعنا هذا النسر من أكل العظام لمات، وحتى لو وجد قطعة لحم فلن يأكلها, لكن العظام هي الغذاء المفضل له وهي تشكل 80% من غذائه - . مع أنه يستطيع أن يصيد، فما الذي يجبره على أن يصيد عظاما قاسية بهذا الشكل؟ مع أنه نسر ضخم ويملك مخالب! مثل هذا النسر يستطيع أن يصيد ويفترس لحوما طرية وطازجة، وهي متوفرة في البيئات الخصيبة التي يعيش فيها, فما حاجته في أكل العظام القاسية الصلبة وهو يعيش في أراضي خصبة جدا ومليئة بالأحياء ؟ لكن ربّك قدّر فهدى. إن نسوراً تعيش في الصحراء لا تأكل مثل هذا الطعام القاسي الذي يأكله هذا النسر, مع أنه يعيش في أراضي خصبة وغابات! وهذا يدلُّك على أنه مُسخَّر حتى لا تتراكم العظام في تلك البيئات المليئة بالأحياء, وهذا النوع من النسور قد لا نجده في الصحارى. أين ضغط البيئة عليه حتى تضطره لأكل عظام صلبة وقاسية؟ مع أنها بيئات فيها وفرة؟ هل كان أسلاف هذا النسر يعيشون في مقبرة ليس فيها إلا عظام حتى أجبروا على هذه الأكلة القاسية جدا والتي لا يأكلها غيرهم؟

أغنام الضأن تأكل الحشائش التي تنبت على الأرض كطعام مفضل لها, بينما أوراق الأشجار شيء ثانوي. والماعز على العكس من هذا : تفضِّل أوراق الأشجار على الحشائش, مع أنها كلها أغنام, و في الحظائر جميعها تأكل نفس الطعام المقدم لها. البيئة مفتوحة، وهنا موضع الاستغراب, أن تكون البيئة مفتوحة ومتنوعة ويأتي حيوان يبحث عن أكل معين لا يأكله غيره, هنا نفهم فكرة التوازن. وهذا يعني عدم وجود صراع بين الانواع، وهي كافية لإسقاط فكرة الصراع المزعومة. في تغذية كل الأحياء هنالك غذاء مُفضَّل وغذاء مفضول, هذا المفضول يَلجأ له الكائن الحي إذا لم يتوفر له المفضَّل كي لا يموت, فالكلب لاحم ولكنه قد يأكل الثمار الحلوة إذا اضطره الجوع.

كل كائن حي نباتي أو لاحم عنده قدرة تكيف في الأكل, فالقط إذا لم يجد لحما قد يأكل خبزة, والدجاج إذا أعطيته لحما مطبوخا يأكله، والدب يأكل الحشائش إذا لم يجد السمك، لهذا ليس هناك داع أن تتغير مناقير الحسونيات إلا أنه يُراد لها أن تتغذى على أشياء أكثر من غيرها، وإلا لغيرت الدببة والاغنام افواهها.

ثم إن عند الطيور اصلا حوصلة ليتجمع بها الطعام حتى يذوب, ألم يفكر داروين بهذا وهو يعرف الطيور؟ فكثير من الطيور تبتلع الحبوب القاسية وليست تكسرها, بل إنها تلتقط قطعا من الحجر مع الحبوب الذي هو أقسى من أي بذرة! ومن هذه الحوصلة تعيد الطيور تلقيم أطفالها. والحساسين تعيش على أشياء كثيرة مثل بقية الطيور النباتية, فتأكل أنواعا من الحبوب والأوراق والثمار والحشرات والديدان حتى, وليست المسألة حبوب فقط, فقائمة غذائها واسعة، والحسونيات من العصافير، فهي تأكل نبات وتأكل حشرات وفواكه وثمار، ليست فقط الحبوب غذاؤها الوحيد. فتخصيص الطيور بأكل الحبوب ليس دقيقا وهذا غريب على متخصص بالطيور والحمام كداروين أن يجهل ذلك, فلو تضع لطير قطعة جرجير أو بقدونس مثلا وحبوب، ستترك الحبوب وتأكل الجرجير, بل إن الحساسين أكثر شيء تحبه هو الفواكه والثمار اللينة، تنقرها تنقيرا.

العصافير من وظائفها التنظيف العام، مثل القوارض والقرود، لذلك هي كثيرة العدد وسريعة الحركة والطيران ومتنوعة الأكل وذلك لكثرة مهامها، اما الطيور والحيوانات التي تعمل في التنظيف الخاص فتتميز ببطء الحركة، كالغربان والديدان والنسر آكل العظام والحيات وسرطان البحر، غذاء المنظفات السريعة كالعصافير ما بين حشرات وثمار وحبوب. داروين اقتصر طيوره في غذاءها على الحبوب الديدان ومنعها من السفر والتنقل لكي يثبت ذلك السيناريو الغير واقعي. واذا تغير منقارها لأجل الحبوب سوف تتضرر القائمة الاخرى من الطعام، فلو جعل منقارها كبيرا لكي يكسر الحبوب القاسية - مع ان العصافير تبتلع وليست تكسر - فهذا سيعيقها عن التقاط الحشرات والديدان، أي صلّحها من ناحية وخربها من نواحي اخرى.

(الدقيقة : 48 الثانية : 48) يتحدث الدكتور عن ان الانعزال الذي فهمه داروين و أكدت عليه الداروينية الحديثة يقدم شروطا بيئية صارمة لكل بيئة، وهذا ما يفسر اختلاف طيور جزر كيب فيرد مثلا عن طيور جزر جالاباجوس مع ان البيئتان متشابهتان، إلا أن الشروط البيئية في كيب فيرد مختلفة عن الشروط البيئية في جالاباجوس، وهذا ما انتج الاختلاف في الطيور.

الرد: حسنا ، أرجو أن يقدم لنا داروين والدكتور الشروط البيئية الصارمة المختلفة تماما التي نتيجتها هذا الاختلاف الصارم؟ نحن نجد اختلافا صارما في الأحياء ولا نجد فروقا بيئية صارمة! كلها فيها هواء ومياه ونبات وأشجار، بل بعض البيئات لها نفس المناخ لكن أحياءها تختلف. هذا غير أن الأحياء عندها طاقة هائلة من التكيف والتصرف والهجرة والحلول الكثيرة, ليس بحاجة لأن تتغير عن أصلها, والبيئة لا تريدها أن تتغير. الأرض كوكب واحد وهو بشكل عام بيئة واحدة وكله يتعرض لما يتعرض له كله لكن بنسب مختلفة، فكلّه يتعرض لتيارات هوائية، و كلّه يتعرض لفصول حرارة و برودة، و كلّه تأتيه أمطار لكن بنسب مختلفة. يتصورون أن البيئة عبارة عن مختبرات مختلفة تماما عن بعضها ومعزولة و كل مختبر يصنع أنواعا مختلفة!

الحقيقة أنه بشكل عام لا توجد شروط بيئية, بدليل أن حدائق الحيوانات في العالم تأتي إليها حيوانات من كل العالم. الإنسان وهو أضعف المخلوقات يعيش في أي مكان في العالم، حتى بالقطب المتجمد, والإنسان هو أكثر الأنواع التي غزت كل بقعة في العالم. والطيور والحيوانات تنتقل من بيئة لبيئة, هذا غير أن البيئة نفسها تتغير دون أن ننتقل من خلال الفصول الأربعة. هذه هي النظرة الواقعية للحياة، أما كلام داروين فهو من سقف الخيال عن الطبيعة المتشابهة أصلا.

ثم هو يتكلم عن طيور، الطيور تتنقل بسهولة، ولا يمنعها البحر من الانتقال. وهو من أخبر ان حسونياته قدمت من الاكوادور حسب افتراضه، وما دام انها قدمت ألا تستطيع ان ترجع؟ فأين هي الشروط البيئية الصارمة؟ لم يضع في حسبانه البر المجاور وطيوره وحيواناته، ولم يضع في حسبانه هجرة الطيور، ولم يضع في حسبانه اختلاف المناخين اصلا، لأنه لا يوجد منطقتين بنفس المناخ تماما كما يتصور، هو يتكلم عن جزر في محيطين مختلفين، احداهما بالاطلسي والاخرى بالهادي، اذن كلامه غير علمي ولا يقوم على اساس علمي، فيمكن انها فرت من احدى السفن وتناسلت في هذه الجزر، الاحتمالات كثيرة، وأحسن ما يقال في وجهة نظر داروين أنها مجرد وجهة نظر غير دقيقة.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق