الخميس، 12 سبتمبر 2013

عقل الحيوان وعقل الإنسان والفرق بينهما (1)

س: هل للحيوان عقل؟ وهل يشبه عقل الإنسان؟ وما هو العقل؟ ومن أين جاء؟


ج: الذي وجدته في بحثي أن الحيوان له عقل وذاكرة ويتعلم ويفكر مثل الإنسان، لكنه مقيد بما يتعلق بحياته ومعيشته، أما الإنسان فهو مطلق التمييز، وبالتالي مطلق العقل -بالنسبة للحيوان وليس بالنسبة لكل مجال-، لأن العقل فرع من التمييز، والتمييز يكون بالبداهة الفطرية الشعورية، وهذا التمييز يخزن في الذاكرة ويتحول إلى عقل حتى لا يحتاج إلى إعادة التجربة الشعورية التمييزية..

 فأنت عندما تضع قلمين أمام الطفل ليس مثل أن تضع قلماً واحداً، لكن أمام الحيوان لا شيء اختلف، بالتالي نحن نعرف أن قلم + قلم = قلمين ، لكن لماذا قلمين وليس ثلاثة؟ لا ندري، كيف عرفنا هذه النتيجة؟ لا ندري، ما هو الفهم؟ لا ندري سوى أنه تمييز أوسع من حاجات الغرائز الحيوانية مُنحنا إياه، المهم أننا عرفناها. إنه التمييز الفطري الشعوري المنحة الإلهية للإنسان, قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر} أي كرمه على بقية الحيوان، ولولا هذا التمييز المنحة لما لاحظ الإنسان عملية الطفو وصنع السفينة التي حملته في البحر، ولما لاحظ أن بعض الحيوانات تصلح لحمل الأثقال. الحيوان لا يطور حياته وأساليبه بل يريدها تستمر، على عكس الإنسان، والفرق هو التمييز الفطري كونه مغلقاً أو مفتوحاً ..

الطفل أو الحيوان إذا لمس النار يسجل في ذاكرته أن هذا الشيء خطر فيبتعد عنها في المرة الأخرى، وهنا انبنى جزء من العقل، وبالنسبة للإنسان وتمييزه الواسع فهو يعرف أن ما يؤدي إلى الشيء الخطر خطر، أما الحيوان فلا يعرف، وهكذا ينبني المنطق عند الإنسان (وهو أحد أجزاء العقل) ولا ينبني عند الحيوان، من خلال قانون السببية الذي هو أساس بناء المنطق, والذي يتحايل عليه ويستخف به الملاحدة أعداء المنطق؛ لأنه يؤدي للإيمان بوجود صانع واعي لهذه الحياة المنظمة المعقدة التركيب وغائية البناء والعلاقات ..

 وهذه الأحاسيس المتمايزة والكثيرة جداً عند الإنسان احتاج لتحويلها إلى عقل؛ لاختصار التجربة بأن تعطى أصواتاً تميزها وتصف تميزها، ومن هنا انبنت اللغة من الأسماء وهي جزء من العقل البشري.. أما الحيوان فلا يميز بين النبات هل هو ملوخية أو برسيم! المهم أنه يؤكل أو لا يؤكل، ولا تعير الأغنام بالاً لزهور الورد وهي تمضغها، فهي مجرد علف!

 الإنسان ميّز فأعطى لكل منهما اسماً، ومع ذلك فاللغة غير قادرة على استيعاب كل أحاسيس الإنسان عن نفسه أو عن الأشياء. انظر إلى الألم.. نحن نحس بأنواع من الألم بينما اللغة تسميه باسم واحد أو تميز بين بعض أنواعه الواضحة منه بقلة حسب المكان كالصداع أو المغص.. بينما آلاف الأنواع من الألم نشعر بها، فآلام الأعصاب غير آلام المفاصل غير آلام الحرق غير آلام الأسنان أو العيون، وكذلك المتعة لها اسم واحد وهي لا تعد ولا تحصى ..

وكي يستفيد الإنسان من مدخلات الذاكرة أحسن استفادة أراد أن يربط بينها ويستنتج معقولات جديدة وهذا هو التفكير، وسرعة التفكير ودقته تعني الذكاء..

 وهذه مكونات العقل : 
1.    الذاكرة .
2.    اللغة .
3.    التفكير. 
4.    أدوات القياس وهي المنطق .
5.    الذكاء.

خمسة مكونات من وجهة نظري.. 

والتفكير له أنماط وكذلك الذاكرة وكذلك الذكاء، هذا جوابي باختصار عن سؤال ما هو العقل، وهذه الأشياء الخمسة هي من نواتج الشعور، أي أن الشعور هو الذي أنتج العقل، وهذا جوابي عن سؤال من أين جاء العقل..

والعقل ليس هو المخ كما يقول الماديون، فالمخ هو وسيلة وجهاز استقبال وإرسال، وبعد أن يتحلل المخ يبقى حفنة من التراب وليس معلومات وأفكار..

والشعور منحة إلهية مجهولة نعرف نتائجها ولا نعرف كنهها، وهذا مصداق لقوله تعالى {علّم الإنسان ما لم يعلم}, أي أن الله هو السبب وهو الذي أعطانا قبس الشعور المطلق فائق التمييز الذي بالتالي انبنى منه عقل فائق على بقية عقول الحيوانات إلا في مجال غريزتها، وهكذا الإنسان إنسان والحيوان حيوان ولا يصح الخلط بينهما، والشعور له مستويات أقسمها إلى قسمين كبيرين هما:
1.    الدوائر العليا . 
2.    الدوائر الدنيا .
وذلك تبعاً لطبيعتي الإنسان الإنسانية والحيوانية، فالإنسان ذو طبيعتين وليست طبيعة واحدة، يشترك مع الحيوان في الغرائز الحيوانية ويستقل عنه في الغرائز العليا كالأخلاق وحب الجمال ...إلخ, وهذا من روح الله، قال تعالى: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} ، أما الطبيعة الحيوانية فهي من تراب الأرض ، وهكذا سخر الله الحيوان للإنسان ، لا شيء ينقص الحيوان إلا سعة التمييز الفطري وإلا لكان بذكاء الإنسان أو أكثر. 

أما عقل الحيوان فهو مرتبط بغرائزه فقط, لأن شعوره الفطري غير مميِّز لكل ما لا يتعلق بحياته, الحيوان لا يمكن أن يهتم بشيء خارج عن بقائه وغرائزه, لهذا الحيوان لا يعرف قوانين المادة ولا يدرك علاقاتها وليس عنده أي علوم غير ما يبرمج عليه شعوره وذاكرته, وقد يسكن الحيوان في بيت آيل للسقوط لأنه لا يميز قوانين المادة ولا يعرف أن ميلان الشيء يؤدي إلى سقوطه، لكنه يعرف جيداً أين يجد طعامه وكيف يحصل عليه، وتعرف الطيور المهاجرة طريقها بلا خرائط مع أنها تطير في الليل وفي الضباب وتتبع قائداً منها وتعشش بنفس مكانها في العام الماضي، هذا الذكاء لا يملكه الإنسان الذي قد يضيع طريقه في بضع كيلومترات..!

إذن هذا الذكاء الذي عند الإنسان والذي عند الحيوان هو منحة من خلال الإحساس الشعوري. بعبارة أخرى: ما عند الإنسان وما عند الحيوان كله ذكاء وعبقرية أحدهما عام والآخر خاص ، انظر إلى براعة طيران العصفور إذا انحبس في المنزل، هل يستطيع طيار أن يتحكم بطائرته مثلما يفعل العصفور والأطفال يلاحقونه؟ إنه ذكاء، لكن هذا العصفور سوف يصطدم بالزجاج ثم يعود مرة أخرى ليصطدم بنفس الزجاج! فإحساسه لم يبرمج على معرفة طبيعة الأشياء وإن كان مبرمجاً على براعة التخلص وسرعة التصرف. حتى يتلافى العصفور تكرار ضرب الزجاج ينبغي عليه أن يعرف المادة والعناصر وأن منها ما هو شفاف للضوء ومنها العازل للضوء بعد أن يتلمسها ويعرف أنها صلبة كالحجر ولا يمكن النفاذ منها، وهذا ما لن يفعله العصفور المشغول بحياته وإلا لكان إنساناً من تلك اللحظة..

وتخيل حجم الرعب لو كانت الحيوانات والطيور تستطيع تمييز الأشياء التي لا تتعلق بحياتها مثل الإنسان، قال المتنبي:
لولا العقول لكان أدنى ضيغم *** أدنى إلى شرف من الإنسان

ماذا ستفعل أمام أسد يلاحظ ويفكر مثلك تماماً؟؟ بل ويتكلم؟!

وهذا ما ينفي فكرة التطور؛ لأن الإنسان ضعيف الجسم أمام كل الحيوانات حتى الصغير منها، فالنملة تستطيع حمل عشرة أضعاف وزنها والإنسان لا يستطيع أن يحمل مثل وزنه، وجسم الإنسان خالٍ من وسائل الدفاع، فكيف يكون قد عاش بينها عندما كان عقله ضعيفاً ورديئاً كما تقول نظرية التطور؟ لأن الإنسان له عقل واسع استطاع العيش بين الحيوانات منذ البداية بل ويسخرها لخدمته، ولو كان متطوراً منها لأبقى صفاته القوية، فالقوة مع القوة قوة ، وما دام متطوراً للقوة فكيف يتخلى عن قوته وقدراته في الهجوم والتسلق كما تفعل القرود؟ أليس تطوره لأجل القوة؟ فلماذا تخلى عن أجزاء مهمة منها ليجعل نفسه ضعيفاً؟

الحيوان بخلاف الإنسان الذي يستطيع أن يقف ويتساءل: لماذا أنا موجود؟ ولماذا التفاحة تسقط إلى الأسفل ولا ترتفع إلى الأعلى؟ كيف أستفيد من هذه القطع المفككة وأصنع منها شيئاً جديداً؟ أعني أن عقل الإنسان يحلل ويركب ويستنتج و يبدع , وكل هذا خارج حاجته اليومية.

 باختصار: عقل الإنسان يميز ويلاحظ أي شيء سواءً يتعلق به أو لا يتعلق, أما عقل الحيوان فلا يميّز إلا ما يتعلق بغرائزه ولا يُعنى بغيرها، فإنسان يقابل حيواناً لأول مرة سوف يتأمله ويحاول معرفته، أما الحيوان فسينظر إليه هل له علاقة بغرائزه أو أنه ضدها..

 مع أن للحيوان ذكاء وقدرات خارقة لا يستطيع أن يصلها الإنسان لكنه في حدود غرائزه. فمثلاً شخص يسير مع كلبه أسفل الجبل، وكلاهما يرى حجراً صغيراً تدحرج من الجبل، سوف ينتبه له الكلب لينظر هل هو فريسة أو عدو, فإذا لم يكن هذا ولا ذاك استدار الكلب وذهب لشأنه, انتهت حدود عقله هنا، أما صاحبه (الإنسان) مع أنه توقع مثل الكلب إلا أنه أيضاً توقع أشياء أخرى, ولما عرف أنه حجر متدحرج تساءل: من الذي أسقطه؟ لا بد أن هناك أحداً يمشي أو حيواناً أو عدواً أو ربما بداية زلزال..., هنا عمل المنطق من خلال السببية..

 لاحظ هنا أن الإنسان شغله الأمر أكثر من الكلب مع أنه فكر مثل الكلب في مصلحته ومضرته، هل هو شيء ينفعه أو طريدة يستطيع صيدها, لكنه لم يقف عند هذا الحد, أي عمل عقله خارج غرائزه, بينما توقف الحيوان بحدود غرائزه. رغم أن الكلب كان أكثر نباهة وأسرع حركة وأقدر على المناورة مع هذا الشيء المتحرك من صاحبه وانتبه له قبل صاحبه. 

أكثر الحيوانات تعيش بأسلوب الجماعة ولها حراس وتطلق أصواتاً تحذيرية وتخاف إذا رأت حيواناً مفترساً من بعيد ، بل إنها تتردد في دخول مكان ضيق لم تتعود عليه، وهذا من الحذر، والحذر من العقل, و تتعاون الأبقار وتصنع دائرة تضع فيها صغارها إذا هاجمتها الأسود, لكن أذكى الحيوانات لا يستطيع أن يعرف وهو في القفص أن سحب المزلاج كفيل بنهاية معاناته! مع أنه يرى الحارس كل يوم يفتح المزلاج ويغلقه؛ لأن هذا خارج نطاق تغطية تمييزه, والتمييز من الشعور..

الله سبحانه وتعالى وهب الإنسان شعوراً مميِّزاً تمييزاً عاماً، أما تمييز الحيوان فهو خاص, يستطيع الكلب أن يميز زوار المزرعة أيهم ألطف، وكذلك القطط والأغنام تعرف وتتوقع قدوم راعيها في الوقت المعتاد للوجبات, وتجد بعض الحيوانات أكثر خوفاً من بعضها في القطيع الواحد، وهذا يدل على سبق تجارب, لهذا صغار الحيوانات لا تحذر مثل كبارها التي مرت بتجارب قاسية جعلتها لا تثق بسهولة، وهذا عقل. إذن عقل الحيوان محصور به وعقل الإنسان غير محصور به, فيستطيع الإنسان أن يهتم بأماكن بعيدة عنه وأزمان قديمة عنه وأحداث خارجة عن نطاق ذاته وغرائزه ولا علاقة لها . 

ضع مجموعة ألوان أمام طفل وأمام حيوان, الحيوان لن يأبه بها, لأنه لم يلاحظ فيها شيئاً يعني غرائزه, أما الطفل فيشغله تمييزه لما يراه من اختلاف بينها ويتمنى أن يعرف اسم كل لون ويقارنه بما يماثله, مع أن معرفته للألوان لا تعني حليباً ولا نوماً ولا شيئاً بيولوجياً. لهذا الإنسان هو أتعس المخلوقات بسبب تمييزه, وأتعس الناس أكثرهم تمييزاً, وإن كان أسعدهم من نواحٍ أخرى.   

..............

س: نقرأ في القرآن الكريم أن النبي سليمان عليه السلام فهم كلام الهدهد والنملة فهل هذا يعني أن لها تمييزاً يماثل تمييز البشر؟

ج: الهدهد والنملة مع النبي سليمان –عليه السلام- هي حالات خاصة وسخرت له لأنه طلب من ربه ملكاً خاصاً , {ربِّ هَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِي} ولا نفهم منه أن الهداهد تعرف المشركين وتعرف المؤمنين وتسجد وتصلي كالبشر وتعرف المنطق البشري، وإلا كانت كالبشر، إنه هدهد مسخر ليكون عيناً لهذا الملك الذي أوتي ملكاً لم يؤته أحد من العالمين, وليس هدهداً عادياً , فالهداهد لا تسافر ولا تتأمل في أفعال البشر بل كل ما يهمها هو البحث عن الديدان والحبوب وإكمال دورتها الحياتية كما فُطِرت ..

ولنا أن نتساءل: هل يعرف الهدهد لغة البشر أيضاً؟! فضلاً عن العربية الفصحى؟! حتى نعرف أنه هدهد خاص فلا يقاس على هدهد سليمان بقية الهداهد؛ لأن الهدهد قال: { أَلاّ يَسْجُدُوا لِلَّـهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} والهداهد لا تسجد وإنما فقط تبحث عن الحب! فكيف يستنكر عدم سجودهم وهو لا يسجد؟! 

كذلك الريح سخرت للنبي سليمان، بينما الريح لا تحمل أحداً إلا الطيور والطائرات، مثلما سخر له الجن بمعجزة. يعني أن هذا الهدهد وهذه النملة معجزتان مثل بقية المعجزات الخارقة للقوانين التي مُنِحها سليمان استجابة لدعائه, فالقرآن لم يشر إلى أن كل الهداهد والنمل لها نفس العقل والوعي، بل كان الحديث عن هدهد خاص في ملك خاص . وكذلك النملة فهي نملة خاصة لأنها عرفت سليمان وعرفت أن من معه جنود وتكلمت أمامه لهذا تبسم ضاحكاً من قولها.

 أما كيفية القول هل بالصوت أو بالإيحاء فهذا أمر غيبي, لأن النمل ليس لها أصوات ولا رئة ولا جهاز صوتي ولا حنجرة, كل هذا تابع للملك الخاص بسليمان, فالملك العادي يبني له العمال والمهندسون، لكن سليمان تبني له الجن ويغوصون في البحر بحثاً عن اللآلئ بدلاً من الغواصين، ويسافر بالريح بدلاً من ركوب الدواب, وكل ملك سليمان غير عادي، فلماذا يكون هدهده عادي؟ لا أحد يسافر على الريح إلا سليمان عليه السلام، ولا أحد يعمل عنده الجن إلا سليمان، ولا أحد يحضر ملكة جالسة على عرشها في لمحة بصر إلا سليمان، بالتالي لا أحد عنده هدهد بعقل بشر إلا سليمان, وهذه الأمور من ركائز ملك سليمان الذي قال {لا ينبغي لأحدٍ من بعدي} إذن مثل هذا الهدهد والنملة لا ينبغي أن يكون لا  في عالم النمل ولا الهداهد ولا في عالم البشر.

ونجد أن الله شبه حياة الكافرين بحياة البهائم وقال {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً} مما يعني أن البهائم لا تعقل مثل عقل البشر ولا تعرف الخير والشر ولا تعرف المستقبل بعد الموت؛ لأنها مربوطة بالغرائز. ولاحظ أن البهائم لا تجد فرقاً بين الخير والشر وهذه من أسس الإلحاد والعلمانية الدنيوية ، فانظر إلى دقة التشبيه.

هناك 51 تعليقًا :

  1. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف
    الردود
    1. في الحقيقة تبدو بعيدا جدا عن التعريف الاصح

      حذف
  2. اشكركم على هذه التوضيحات التي اوضحتموه لنا. إنني لا انكر القرآن بل اؤؤمنها واؤمن كل ما فيها انه يخطر في بالي كل ما قرأت قصة النبي سليمان وما أوتي من الملك وأحاول مقارنته عما عندنا اليوم من الامكانية نسافر في أماكن بعيدة في وقت قريب جدا ولا نشعر بالتعب عن سفرنا. ألا يمكن أن نقول بأن انتقال سليمان من مكان إلى مكان بواسطة الهواء هو هذه الطائرة التي عندنا وهدهده هو الروبوات المعرفوة عندنا.

    ردحذف
    الردود
    1. فرق بين الروبوت الذي نبرمجه نحن، وبين الطيور الحقيقية والحيوانات. ثم هو سخرت له الجان يعملون له ما يشاء، فهل عندنا مثله؟ وهل يستطيع أحد أن ينقل مثل عرش بلقيس قبل أن يرتد اليه طرفه كما هو ؟

      حذف
  3. ونجد أن الله شبه حياة الكافرين بحياة البهائم وقال {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً} مما يعني أن البهائم لا تعقل مثل عقل البشر ولا تعرف الخير والشر ولا تعرف المستقبل بعد الموت؛ لأنها مربوطة بالغرائز. ولاحظ أن البهائم لا تجد فرقاً بين الخير والشر وهذه من أسس الإلحاد والعلمانية الدنيوية ، فانظر إلى دقة التشبيه.

    ردحذف
  4. دفاعًا عن المنطق واحترامًا لعقولنا - لا دفاعًا عن الإلحاد والعلمانية الدنيوية، ولا تهجمًا على الإيمان والدينية الآخروية ..
    قلتم: (( ولاحظ أن البهائم لا تجد فرقاً بين الخير والشر وهذه من أسس الإلحاد والعلمانية الدنيوية ، فانظر إلى دقة التشبيه.)) !!
    وهل ترى أن هذا منطق إله؟ .. أن يُشبِّه بالبهائم أناسًا هو الذي خلقهم لعبادته ..، وهو الذي كرمهم في آية أخرى!!
    ألا ترى أن هذا منطق بشري؟
    أليس الصانع مسئولاً عن صناعته؟
    أم أن إلهكم ليس قوة مطلقة، إنما هو كائن بشري مثلنا؟
    أليس الذي جعل البهائم لا تجد فرقًا بين الخير والشر، هو ذاته الذي جعل الملحدين العلمانيين لا يجدون فرقًا بين الخير والشر – حسب زعمكم وفهمكم للخير والشر؟
    يعني تقصدون أن البهائم قد تصنع يومًا واقعًا مثل واقع الإلحاد والعلمانية الدنيوية الذي صنعه البشر الجهلاء في هولندا والسويد وسويسرا وأمريكا وكندا .. الخ ..
    وأن الملحدين والعلمانيين قد يعقلون يومًا ويصنعون واقعًا إنسانيًا إيمانيًا آخرويًا مثل الواقع الإيماني الإسلامي الذي مازال يصنعه البشر العقلاء في العراق وسوريا منذ عهد معاوية وعلي والحسين وإلى يومنا هذا ..، والواقع الإنساني العقلاني في اليمن وأفغانستان والصومال ولبنان وليبيا ..، أو باختصار في كل بلاد البشر العقلاء الذين قادتهم عقولهم أو بالأصح قادهم السيف وحد الرِدَّة فأصبحوا بفضل الله مؤمنين مسلمين عقلاء ..
    يعني تقصدون بسلامة إيمانكم الذي هو دليل سلامة عقولكم وفهمكم أن الإنسانية والعقلانية واللا بهيمية هي ما فعله ويفعله المسلمون منذ عهد رسولهم إلى عهد طالبانهم وبوكو حرامهم والقاعدة وأبناؤها من أنصار شريعة وداعش وغيرها ، من كسر لخواطر الناس بسبي نسائهم وأطفالهم وقتل رجالهم واختطاف غافلين وطائرات وتفجير مؤسسات .. لإكراه العلمانيين والملحدين على دخول الإسلام كي يتحولوا إلى بشر عقلاء ..
    أفسحوا المجال يا أخي أمام عقول المؤمنين كي تعمل بحرية، وارفعوا عن رقابهم سيف الردة وسياط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتهديد والوعيد في كل جمعة وكل مناسبة وكل مادة تربية إسلامية ..،
    توقفوا عن تلويث فطرة الأطفال بتخويفهم بالنار وإغرائهم بالجنة ..
    دعوهم أحرارًا حتى يبلغوا سن الرشد ثم اعرضوا عليهم إيمانكم ..
    ودعونا نرى كم سيتبقى من المؤمنين المسلمين؟
    لا تقل لي إن الإيمان أو الإسلام ليس مسئولاً عن سلوك الغاب البهيمي الذي يتميز به المسلمون على مر تاريخهم .. وصولاً إلى سنة السبي الحميدة التي تطبقها بوكو حرام اليوم في نيجيريا بسبي الطالبات من مدارسهن والفتيات الصغار من بيوتهن لبيعهن وتزويجهن للمجاهدين رغمًا عنهن ..
    إذا تسمم الكل وقد شربوا من ذات الإناء، فمن التغابي والوهم والعبث تبرئة الإناء واتهام كل الأمعاء !!!

    ردحذف
    الردود
    1. لكن يا أخي أنت تدخل ما هو سياسي مع ما هو ديني !! المقال يعالج قضية وجودية فطرية إنسانية و إن استشهد ببعض الآيات التي كانت في محلا و منطقية جدا !!
      أخي أرجوك لا تخلط الأوراق نحن نعرف أن الإسلام ما أخره هو الإجتهادات البشرية المضافة و ( المقدسة ) بعد وفات النبي ص مباشرة و تلك الأحداث الدامية بين معاوية و علي كانت سياسي بامتياز
      الإسلام هو أكثر ديانة ميالة للمنطق و تدعوا إلى تشغيل العقل رغم ما تعرضت له من تشويه من طرف أصحابها قبل خصومها ( الإسلام = الفطرة )

      حذف
    2. الرد على هذا التعليق عبر الرابط : http://alwarraq0.blogspot.com/2014/05/blog-post_1571.html

      حذف
  5. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم / بسم الله الرحمن الرحيم

    1 - ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) .

    2 - ( وفي انفسكم افلا تبصرون ) .

    صدق الله العظيم

    http://www.goeng4u.blogspot.com

    ردحذف
  6. انت حمار وغبي الانسان حيوان ناطق

    ردحذف
    الردود
    1. تقول الانسان حيوان ناطق، وتتهمني بأنني حيوان ! تعترف على نفسك بأنك حيوان وتتهمني بأني حيوان ! إلى ماذا يشير هذا ؟

      حذف
  7. بارك الله فيكم على هذا التوضيح

    ردحذف
  8. راااااائع جدااا ودائما مميز

    ردحذف
  9. اشكر سردكم وشرحكم .. ولكن تفسير الايه بسورة الاعراف .. بسم الله الرحمن الرحيم .. ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ... انهم لا يفقهون بالفطرة والعقلانية مثل الانعام اي الابل والابقار والحمير .. بل هم اضل اي .. الانعام تنساق بأوامر اصحابه وتستمع اليهم بما يرغبون لكن الاخرين فقدوا الفطرة والعقل وايضا لا يستمعون حتي لاوامر ربهم .. اي ضلوا اكثر .. لغوا عقولهم .. نسوا فطرتهم .. والتشبيه ليس تقليل من الله بشأن البشر كما قال القاريء .. بل البشر هم من ضربوا بنعمة الله عليهم بعرض الحائط .. فيقول رب العزة .. اني خلقتكم بأحسن صورة وأعطيتكم كل الميزات التي تميزكم عن باقي مخلوقاتي التي خلقتها مسخرة بأمري لكم .. ففضلتم ان تكونوا مثل البهائم .. اذا الله يحب خلقه .. ويغضب من افعالهم .. التي جعلت منهم اجساد بشر .. بلا فطرة او تعبد .. اتقوا الله ولا تفتروا علي الله كذبا .. وشكرا

    ردحذف
  10. اشكر سردكم وشرحكم .. ولكن تفسير الايه بصورة الاعراف .. بسم الله الرحمن الرحيم .. ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون ... انهم لا يفقهون بالفطرة والعقلانية مثل الانعام اي الابل والابقار والحمير .. بل هم اضل اي .. الانعام تنساق بأوامر اصحابه وتستمع اليهم بما يرغبون لكن الاخرين فقدوا الفطرة والعقل وايضا لا يستمعون حتي لاوامر ربهم .. اي ضلوا اكثر .. لغوا عقولهم .. نسوا فطرتهم .. والتشبيه ليس تقليل من الله بشأن البشر كما قال القاريء .. بل البشر هم من ضربوا بنعمة الله عليهم بعرض الحائط .. فيقول رب العزة .. اني خلقتكم بأحسن صورة وأعطيتكم كل الميزات التي تميزكم عن باقي مخلوقاتي التي خلقتها مسخرة بأمري لكم .. ففضلتم ان تكونوا مثل البهائم .. اذا الله يحب خلقه .. ويغضب من افعالهم .. التي جعلت منهم اجساد بشر .. بلا فطرة او تعبد .. اتقوا الله ولا تفتروا علي الله كذبا .. وشكرا

    ردحذف
  11. مدونة رائعة متابع دائم

    ردحذف
  12. الإسلام هو أكثر ديانة ميالة للمنطق و تدعوا إلى تشغيل العقل رغم ما تعرضت له من تشويه من طرف أصحابها قبل خصومها ( الإسلام = الفطرة )

    ردحذف
  13. استاذ الوراق الحيوانات تملك عقل فعلا وتستشعر الخطر ذات مره كنت فوق سطح منزلي أطعم الحمام عندي ورأيت على الجدار اسفل السطح قطه تريد أن تدخل السطح فراقبتها دون شعورها واختبئت خلف باب السطح واراقبها من فتحة الباب الطوليه وليس من فتحة المفتاح يعني انا مختبئ خلف الباب هو مفتوح لتدخل القطه وأضربها بالعصى بيدي وقفت القطه عند عتبة الباب وانا انتظر ان تطل برأسها فأضربها مباشره لكنها لم تطل برأسها وقفت دقائق واحست أن هناك شيء خلف الباب ينتظرها فرجعت من حيث جاءت دون أن تراني وكنت اتنفس بهدوء لأن القطه تسمع صوت النفس سبحان الله عرفت ماينتظرها استشعاريا هذا الموقف اذهلني فعلا حيث أن الإنسان لايستشعر الخطر مثل القطه وهذا دليل ان الحيوانات تملك عقل لكن ليس مثل عقولنا وإجروء على القول إن الحيوان البالغ يفهم عقليا أكثر من الإنسان الطفل ذو العمر السنتين أو ثلاثة ، اتمنى التعليق على رأيي

    ردحذف
    الردود
    1. رأي جميل وواقعي، انا مرة اختبأت عن الاغنام ، على اني مختبئ، لكن الكل اكتشفني، وكلها تنظر الى مكان اختبائي بشكل يشعر بالخجل من هذا الاختباء المكشوف للجميع دفعة واحدة، فعرفت كما عرفت انت ان للحيوانات قدرات عقلية رائعة، لكن فيما يخص غرائزها فقط، لكن اذا انت دخلت على الاغنام حاملا اعلافا فلن تجفل منك، او تمشي وانت لا تنظر اليها فلن تجفل منك، اي حركة فيها ريبة تشك، كمحاولة ان تختبئ، وهذه قدرات لا يملكها البشر، ولديها غيرها من القدرات الخارقة، مثل هجرات الطيور كيف تقطع قارات ومحيطات في ظلام الليل والضباب ويهتدي كل طائر الى مكان تفريخه في العام الماضي، ماذا نسمي هذا؟ هل هي حاسة شم ام انها غريزة ؟ انها قدرة عقلية لا يملكها الانسان، كذلك حاسة الشم عند الكلب، يقال لان انفه طويل، ولكن ليس انفه اطول من انف الفيل ومع ذلك لم يشتهر انه يشم الروائح ويستدل بها كما يفعل الكلب. هذه القدرات نقول عنها عقلية، لان طول انف الكلب ليس لاجل كثرة الخلايا الشمية بل لاجل الفك، لانه يستخدم فمه فقط في الهجوم وليس يستخدم يديه. كل محاولات التبرير التي يقدمها الماديون فاشلة وبعيدة عن التصديق، هم يعتبرون ان كبر الانف يدل على قوة الشم، ولهذا قالوا عن انسان النياندرتال انه كبير الانف لانه صياد، والحقيقة انه لا يوجد نياندرتال ولا كبر الانف له علاقة بالشم، والا فان انف الحصان والحمار اكبر من انف الكلب، والحيوانات بعضها اكبر من بعض، بالتالي انوفها اكبر من بعض، اذن صاحب الانف الاكبر هو صاحب الشم الاقوى، وهذا غير صحيح واقعيا. الوظيفة والسخرة هي التي تحدد نقاط القوة في اي نوع من الحيوانات.

      حذف
  14. والله يااستاذ وراق أحيانا تصرفات الحيوان تشعرك انه ليس له عقل وأحيانا يتصرف بعقل كما قلت انت التفسير الوحيد ان عقلها بما يخص غريزتها التي حباها الله لها هذا هو التفسير المنطقي يقول استاذ اللغه العربيه وهو اخ عراقي مثقف جدا أن له صاحب يملك دجاج كثير ووجد بيض لطائر مائي ووضعها مع بيض الدجاج وعندما فرخت جميع البيض من بينها البيض الشاذ المائي ذهبت الفراخ كلها لتأكل من الأرض باستثناء الفرخ المائي ذهب مباشره للساقيه المائيه الموجوده وأخذ يغطس ويسبح من علمه أن أمه وفصيلته يفعلون هذا ؟ انه الله وفطرته فسبحان الله ، اضحكني موضوع اختبائك المخجل من الأغنام ولو فعلت هذا الاختباء ضد مجموعه من الناس اعتقد لن يكشفك أحد هههههه

    ردحذف
    الردود
    1. الحيوانات لديها ذكاء ، ولكن ذكاءها ليس كذكاء الإنسان، والفرق بينهما سهل و واضح : الفرق ان الإنسان يستطيع شعوره ان يميز ما لا علاقة له بغرائزه، أما الحيوان فإنه يميز ما له علاقة بغرائزه فقط. مع انه قد يضر نفسه من حيث اراد ان ينفعها، لذلك ليس للحيوانات لغة كلغة الانسان، تدلّك على مستواها العقلي، فلها عدة اصوات فقط، إما للتحذير من الخطر او الدعوة للطعام او تنادي صغارها ، هذا فقط، وهكذا.

      اما اللغة عند الانسان فهي عن كل شيء، سواء له علاقة به او ليس له علاقة. الانسان يستطيع ان يصف كل ما حوله. وأن ينقل هذه المعاني والافكار الى غيره. الطفل ليس كالحيوان، وإن كان إدراكه قليلا جدا، لأن الطفل شعوره يتحسس كل ما حوله، ويبدأ بالتقليد، سواء بالحركات او الكلام او العادات. بينما الحيوان في المنزل لا يأخذ مما يسمع او يرى إلا ما يتعلق بأكله او منزله. لذلك الحيوانات لا تعرف المنطق، ومع ذلك تبدي اعاجيب في غرائزها، ما هي القدرة عند الجمل التي يعرف بها موارد الماء في الصحراء؟ الإنسان وعقله وقدراته لا يستطيع ذلك، حتى إن القدماء إذا تاهوا في الصحراء يربطون انفسهم في الجمال حتى توردهم على الماء. وليس صحيحا انها تشم الرطوبة لمسافات وأميال، اذن لها قدرة عقلية في هذا المجال، مثل الطيور في مجال الهجرة ، والحيوانات أمم امثالكم كما قال القرآن.

      الإنسان فاقد لهذه القدرات العقلية التي تملكها الحيوانات، لكنه يمتلك القدرة الشاملة على التمييز الذي بنى عقله، لكن الحيوانات لا تميز ما ليس لها علاقة بغريزتها، لأنها مسخرة، والقرد كذلك لا يمكن أن يُبنَى للقرد عقل ولا لأي حيوان. وتصنيف التطوريين للإنسان والقرود بأنهم الرئيسات العليا هو تصنيف فارغ من الحقيقة، فكيف تصنف حيوان مع انسان ؟ القرد لا يملك شيئا من قدرات الانسان، والانسان لا يملك شيئا من قدرات القرد. والحيوانات لا تملك أخلاقا كما يتصورون، لأن الأخلاق تحتاج منطق، والمنطق يحتاج تمييز شعوري يميّز الاضداد ويعرف الخير والشر. الحيوانات لا تستطيع معرفة الأخلاق، مثلها مثل الطفل الرضيع، لم يكوّن عقله بعد، وإن كان ما يزال يلاحِظ ويبني عقلا. العقل مبني على الملاحظة، والملاحظة مبنية على القدرة على التمييز، وهذا ليس بمجهود الانسان، بل هو هبة من الله لكي يجعله سيدا و خليفة. قال تعالى (وعلّم ادم الاسماء كلها) لكنه لم يعلّم الحيوان الاسماء كلها، والاسماء هي اساس اللغة، أما الافعال والحروف فهي توابع. ولا يستطيع ان يتعلم الاسماء حتى يستطيع ان يميّز بين الاخضر والاحمر والصغير والكبير والجبل والساقية والرجل والمرأة الخ . اما القط فلا يميز بين رجل و امرأة، لكنه يميز بين صوت رِجل الفار وصوت آخر يشبهه.

      مرة رأيت منزل يُهدم، و قط يهرب من عندنا خوفاً ويدخل في هذا المنزل الذي تتولى الجرافة دكه بالأرض ! اين عقله ؟ هذا رغم ذكاء القط و دقة حواسه، لأن القط ينظر إلى الارض فقط ، ولكن لا يعرف القوانين الاخرى، فلو اسقطت عنده حجَرا من الاعلى و وقع في الاسفل فسينظر الى الحجر الواقع على الارض ولن ينظر الى الاعلى من حيث مصدر الخطر. وسوف يتابع القطع المتحركة، لأن هكذا سُخرته وغريزته، بدليل تكرر الأخطاء القاتلة عند الحيوانات، مثل الاغنام اذا اكلت طعاما دسما فهي تكثر منه كأنها تأكل برسيما، فيصير لديها تخمر وانتفاخ فيقتلها، لأنها خرجت عن اكلها الفطري لها. هذا يعني ان غباء الحيوان يظهر كلما ابتعد عن غريزته. ويظهر ذكاؤه فيما يتعلق بغرائزه.

      وعوداً على موضوع عدم وجود الاخلاق عند الحيوان إلا ما يتعلق بالبقاء والغريزة، مرة رأيت قطا يلاحق قطة يغازلها، لكنها تهرب عنه، فحدث أن انغلق الباب على قدم القطة وكانت تصرخ من الألم، فوجد القط فرصته الذهبية. أين الاخلاق عند الحيوان؟ هههههه

      وعذرا على الإطالة لأن الكلام معك ممتع، وشكرا ..

      حذف
  15. عقل الحيوان معجزه حقا هو ذكي وبنفس الوقت غبي شاهدت على أحدى القنوات برنامج عن الحيوانات وشاهدت صغير الجاموس لايستطيع المشي إلا قليل وأمه ليست عنده وإذ بأسد يتسلل شوي شوي وبتمويه مضحك نحوا هذا الصغير ويختبئ خلف غصن شجره لكي لايراه الصغير تخيل اسد ضخم يختبئ خلف غصن يابس ههههه وهو اصلا مكشوف من رأسه لذيله والصغير ينظر إليه ، ماذا تقول عن غريزة التمويه عند المفترسات ، لاحظت حتى لو كان المكان خالي من المخابئ إلا أن الحيوان لايصطاد إلا بالتمويه

    ردحذف
    الردود
    1. لابد ان نفرق بين الذكاء الغريزي والذكاء المنطقي، الحيوان يتميز بالذكاء الغريزي، لذلك يختبئ هذا الاسد بالغريزة، مع انه مكشوف، والمفترسات عموما وسيلتها الاختباء، وإلا كيف تستطيع الصيد؟ فأجسامها انسيابية وقابلة للانبطاح، اذا انبطح فكأنه مستوي مع الارض وكأنه سجادة. وأصابعه جلدية بحيث لا يصدر منها صوت اثناء الحركة.

      كلمة "غريزة" غامضة وتحتاج تفصيل، الاساس هو الغريزة، لكن الذكاء هو الذي يفرّق كل فرد عن الاخر من نفس النوع، والخبرة كذلك مهمة. فتجد مثلا قط يستطيع صيد كل الفئران في المنزل، بينما قط اخر بليد لا يستطيع ذلك حتى لو كان جائع. بعض القطط لديها براعة تسلق الشجر بسرعة وتخطف طائرا لحظة هبوطه على الشجر. ما سر هذه الاختلافات؟ انه الخبرة والذكاء، لكن كل القطط صيادة بالغريزة. ولذلك تختلف الحيوانات في الحذر، فبعضها حذرُها مبالغ فيه، وبعضها معقول، وبعضها لا تحذر، لهذا صغار الحيوانات هي الاقل حذراً لانها لم تمر بخبرة، اذن الحيوان لديه ذاكرة ويجمع خبرة، اي لديه عقل، وليس فقط غرائز، لكن يختلف عقله نوعياً عن عقل الانسان. فمهما بلغ من الذكاء لن يخرج الى طريقة تفكير الانسان، والسبب هو مساحة التمييز الضيقة عند شعور الحيوان، وهذا هبة من الله.

      حذف
  16. شكرا وبارك الله فيكم ع شرحكم الواضح والمفيد بس سؤال هل في منه هذا البحث نسخة إنجليزية

    ردحذف
  17. فهد السيابي2 أبريل 2020 في 3:19 م

    تحية طيبة أخي الكريم الورّاق.
    في الآونة الأخيرة، أصبحت أتردّد على مدونتك، وأقرأ ما فيها من مقالات وردود. وأصارحك بأنّ طرحك للمواضيع وردودك غالبًا ما تعجبني أمانةً.
    ذات مرة، وأثناء قراءتي لمقالة طويلة، وقد نسيت اسمها الآن، علق في ذهني تساؤل ملحّ، فقرّرت الآن أن أكتب لك لتشاركني رأيك.
    كانت المقالة تتحدّث عن الحيوانات وشعورها بالألم، وكيف أن المفترس "القوي" يأكل الفريسة "الضعيفة".
    لقد ذكرت حضرتك في المقالة، أن الحيوان لا يشعر بالألم نفسه الّذي نشعر فيه نحن. كذلك، أنّه لا يجب علينا أن نسقط مقياسنا للألم الإنسانيّ على الحيوان. ولكن ما أثار تساؤل لديّ، وهو قولك أن الحيوان لا يشعر بالألم؟ كيف للحيوان أن لا يشعر بالألم؟ بنسبة أو بأخرى، أي لا تكون هناك لديه لحظة معاناة!؟ طبعًا أعرف أنّه لن يشعر بألمنا الحسيّ نفسه، ولكن أعتقد أنّه يتألّم وقد لا يكون ألمًا لحظيًا فقط، وقد يبكي ولا ينسى. وهذا ما أكتشفته، سواء من خلال تجربتي الشخصيّة مع الحيوان ذاته أو من خلال بعض القراءات أو المقاطع التصويرية المتبادلة. وهنا أنا، لا أسقط مقياسي لشعوري بالألم عليه؛ أريد أن أخرج عن عاطفتي وأرى بمنظور حيادي غير متطرّف.
    عندما أعذّب حيوانًا ما أو أضربه بين الفينة والأخرى، قد يتولّد بداخله شعورًا قويًّا بالنفور منّي، وقد لا يقربني في المرة القادمة. صدوره لصوت الألم أثناء الضرب أو التعذيب دليل على شعوره بالألم (أو المعاناة). أو عند إصابته بمرض أو جرح كبير أو نزف مستمر أو بتر ما، وما إلى هنالك. حيوان الكلب والقط والجمل والحصان، أمثلة ليست على سبيل الحصر. أحيانًا، تجد أحدًا منها يبكي أو يصيح إثر بكاء أو موت زوج أو ولد أصيب بشيء ما.
    أنّني مقتنع أن مثلما الحيوان يشعر بالحبّ، كذلك يشعر بالضد. لا بدّ!
    هلّا شرحت لي من فضلك وجهة نظرك في هذا الموضوع يا أخي الورّاق؟ إذ أجدني عاجزًا عن أوافقك فيما يخص هذا الموضوع. وموضوع الذاكرة لدى بعض الحيوانات!
    ***
    الجزئية الأخرى، مختلفة تمامًا عن الأولى وسأطرحها باختصار شديد.
    لا بد طُرح عليك مثل السؤال مرارًا وتكرارًا وقد أجبته غيري (ولكنّي لم أقرأه بعد!)
    عزيزي الورّاق، من باب التأكيد على مسألة عدل الله، أريد تفسيرًا يطمئنني وأقتنع به (بالطبع) لإصابة أطفال صغار بأمراض مميتة أو تشوّهات جينيّة، أو تجبّر ظالم على مظلوم لدرجة الطغيان وقتل الأبرياء على العلن، من دون رادع ولا خوف من الله وعذابه. أحيانًا، يراودني خاطر أنّ الله على كلّ شيء قدير (وهذا بالطبع ما أؤمن به تمامًأ) لمَ لا يوقف ظلم هذا الظالم ويتصدّى له؟ ما ذنب أن يُقتل الأبرياء؟ وما ذنبهم في اختبار سلطة الظالم (إن كان ذلك اختبارًا من الله)، كذلك ما ذنب الأطفال في إصابتهم بأمراض وأن يمرّوا بمعاناة جسيمة وهم لا يزالون صغارًا ولم يرتكبوا ذنبًا يعاقبوا عليه؟
    في كلّ مرة، يخطر لي هذا الخاطر، أتخبّط بحيرة ولا أجد إجابة. كلّ الذين أتذكّر أنّني قرأت لهم أو سمعت ردودهم لم تكن مقنعةً كفايةً، بالنسبة لي، على الأقل. ويخيفني أنّني لحد الآن لا أعرف إجابةً عن هذا التساؤل. وخصوصًا عندما يفتح مثل هذا الباب للنقاش من المتشككين معي. أجد أنّ موقفي يكون ضعيفًا ولا أستطيع الإستنادة على دليل قويّ ومنطقي وشافي!
    أتمنى منك، فضلاً وليس أمرًا، أن تشرح لي هذه الجزئية بشكل مفصّل إن كان ذلك ممكنًا.
    وشكرًا لك على مجهوادتك الطيبة، فأنا محظوظ لأنني وجدت مدونتك الّتي تدعوا للتفكير.
    تقديري واحترامي لشخصك الكريم.

    ردحذف
    الردود
    1. أهلا وسهلا عزيزي فهد .. اعتذر عن التأخر بالرد، قمت بنشر تعليقك لتتم لي قراءته كاملا ثم لي عودة قريبة بإذن الله للجواب .. تحياتي لك

      حذف
    2. الضحك والبكاء من خواص البشر أصلا, فإذا وجدت حيوان يضحك فسوف تجد حيوانا آخر يبكي ولن تجد, المشكلة هي في التصورات, التصور السائد هو أن الحيوان مثل الإنسان ولكنه بدرجة أخف وهذا ما يردده التطوريون والعوام سواء بسواء, أي ان الإنسان فقط يتفوق عليه بالبكاء والضحك, والحيوان عنده رحمة وتعاطف وحنان وتقدير للصداقة حسب هذا الفهم السائد،, بل وعنده تضحية وإيثار, وهذا كثير في التراث الشعبي ومع الأسف في الثقافة الغربية والشرقية, وهذه عملية طبيعية لأن الانسان بطبيعته يحاول أن يفهم غير الانسان من خلال الانسان وما تعود عليه, وهذا ينتج الوهم في التفكير, نجد في مجال الادب هذه الحالة قد وصلت ذروتها مع الادب الرومانسي حيث كان الشاعر يسبغ كل مشاعره البشرية على الطبيعة, لكن الادب يبقى ادبا, المشكلة ان يكون هذا جزء من تفكيرنا, الحقيقة ان الحيوانات مخلوقة لوظائف تسخيرية وتوازنية, والانسان خلق آخر مختلف عنها، وان كان هناك تشابه في الجسم والعمليات البيولوجية مع الحيوان, وهذا التشابه هو الذي زاد في الوهم آنف الذكر.
      انا لا أقول ان الحيوان لا يتألم, بل يتألم, لكن هل ألم الحيوان مثل الم الانسان؟ أقول لك لا. لننظر للآلام, بعضها نفسي وبعضها جسمي, ننظر للآلام النفسية اولا, هل يعاني الحيوان من الملل الذي يكاد يقتل كثيرا من الناس؟ طبعا لا. هل يعاني من التفكير والقلق؟ طبعا لا. هل يوجد حالات انتحار في الحيوان؟ طبعا لا. هل يعاني من مشكلة الوجود؟ طبعا لا. هل تعاني الحيوانات من الخجل مثلا او الرهاب الاجتماعي او العقد النفسية او الشعور بالنقص أو من هذه الآلام الموجعة التي تجلد البشر في كل لحظة؟ طبعا لا.هل يعاني الحيوان من الندم والشعور بالفشل؟ طبعا لا. هل يعرف الحيوان كم عمره؟ طبعا لا. فكبار السن من الحيوانات نجد انها تمشي وتجري وتقفز وتطير مثل غيرها وكأنه لا يوجد حالة شيخوخة ولا مقتضيات سن. لاحظ الفرق بين اطفال البشر والراشدين في خف الحركة وكثرة الحركة واللعب والقفز, في الحيوان لا نجد هذه الفرق, ما السبب؟ هل اجسام الاطفال تضعف اذا كبروا, مع أنهم وصلوا سن الشباب ومن المفترض ان اجسامهم اصبحت اقوى؟ لكن الحقيقة ان المراهقين يتحولون للخمول ثم الى الترهل في الاربعين والخمسين, الذي حصل هو نقص لياقة ليس الا بسبب العادات الاجتماعية, لعلك تلاحظ لاعبي الكرة مثلا يجرون مثل الصغار لانهم لم يفقدوا لياقتهم.
      هل يعاني الحيوان من الحنين الى والديه او الى ابنائه؟ طبعا لا. اذا استثنينا فترة الحضانة والرضاعة, والا فالأم نراها هي التي تطرد ابناءها اذا كبروا, ولم نرى عصفورا يذهب للسلام على والديه او يشكرهم على ما قدموه له؟ طبعا لا. ولا رأينا بطئا في الطيران والحركة يميز كبير السن عن صغير العصافير.
      بعض الحيوانات تهرب وترجع الى مكانها الأول, هذا ليس بدافع الحب والحنين, بل بدافع الغريزة والعادة التي اعتادت عليها والارتباط بالمكان, لأن الحيوان لا يعرف الملل, والكلب الاليف مثلا تطرده من مربطه ويذهب الى الفضاء الواسع, لكنه يعود الى مربطه مرة اخرى, اذن الحيوان لا يريد الحرية بمعناها الذي نفهمه نحن.
      يتبع..

      حذف
    3. هل رأيت حيوانا يبكي؟ ستقول ربما رأيت دموعا تنزل من عين الجمل او الحصان, هذه الدموع لأجل غسل العين وليس لأجل مشاعر فياضة, اذن هي الغريزة التي تتحكم فيها وليس الظروف, لأنها ليس لها حرية اختيار مثل الانسان, والأخلاق تحتاج الى عقل، والعقل يحتاج الى تمييز، هل رأيت حيوانا يتعلم؟ لا, هل يقبل الحيوان التعليم؟ اقول لك لا. تقول لي: اذن لماذا يدربونها في السيرك وغيره. اقول لك: هذا تعلم شرطي بالترغيب والترهيب وليس تعلم حقيقي, لأنها اذا تُركت مع القطيع لا تمارسه ولا تنقل معلوماتها لبقية القطيع ولا لأبنائها وتنساه مع الوقت, فالحيوانات تقوم بأعمال بهلوانية في السيرك وهي لا تدري لماذا تقوم بهذه الاعمال ولا لماذا يصفق الجمهور, فقط تعودت على هكذا حركات بدافع الجوع او السوط, الحيوان خلْق آخر غير الانسان, ولكل حيوان وظيفة مختلفة عن وظيفة الحيوان الآخر, هذه مخلوقات تسخيرية, اما الانسان فليس مسخرا لشيء في الدنيا, بل كل ما في الدنيا مسخر له, الا ترى انك تستطيع فرضا ان تُخْلي الارض من البشر, هل سوف تتأثر الارض؟ نعم سوف تتأثر الارض لكنه تأثرٌ ايجابي, ستجد الارض نظيفة وجميلة وخالية من التلوث والاشكال القبيحة التي يفعلها الانسان, لكن تخيل لو ازلنا البكتريا او ازلنا الطيور او المفترسات, أي تدمير سيحل في الارض؟ من هذه الفكرة تعرف ان كل الاحياء والاشياء على ظهر الارض مسخرة للإنسان وان الانسان ليس مسخرا الا لعبادة الله وشكره على تسخيره وتكريمه للإنسان, وان هذا الانسان جُعل خليفة يختبر فيها, هل يُصلِح معنويا وماديا او يُفسِد.
      نأتي للناحية الجسمية, هل مر عليك حيوان يعاني من ضغط الدم او مرض السكري؟ بل لم أجد حيوان يعاني من تسوس الاسنان! وانظر لقائمة الامراض التي تصيب الانسان المسكين, وقارنها بالأمراض التي تصيب الحيوان الاليف, اما الحيوانات والطيور البرية فلا تسأل عنها وعن صحتها الدائمة وربما انها لا تأتيها الامراض اصلا, الا بسبب الانسان, مما يعني ان امراض الحيوان المعدية هي بسبب حياتها مع الانسان واسلوبه في تربيتها ورعايتها وتجميعها في حظائر ضيقة تسبب انتشار الامراض بينها, وبسبب ما يغذيها الانسان من كيماويات ومواد غير طبيعية, مع محدودية هذه الامراض في العدد, انظر الى سرب الجراد الهائل الذي يغطي الشمس, هل تتوقع ان هناك جرادة واحدة مريضة من هذه الغيمة الجرادية الهائلة؟ طبعا لا, والا لما طارت في الجو.
      انظر للنبات ايضا تجده بصحة افضل من الجميع, لماذا كل المصائب على الانسان؟ قال تعالى:(خلق الانسان ضعيفا) وقال تعالى:(انا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها واشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا). لو حمّلت الحيوانات والطيور الامانة لكانت خلقا ضعيفا, قال تعالى (لقد خلقنا الانسان في كبد). ولم يقل الله انه خلق الحيوانات والطيور في كبد, لماذا؟ لان الانسان تحمّل مسؤولية الاختيار, ومسؤولية الاختيار تحتاج الى شعور غير مرتبط بالغريزة، أي لا تفرض عليه الغريزة مثل ما تفرض على الحيوان, لماذا هذا؟ لان الانسان اعطي شعورا مفتوحا وواسعا بحيث يستطيع ان يشعر بما ليس له علاقة في حياته ولا غرائزه لكي يستدل على الله بعقله واحساسه لكي يعرف آيات الله, قال تعالى ( من آياته الليل والنهار والشمس والقمر) وكل شيء يميزه الانسان فيه آية أي علامة تدل على الله, (وفي كل شيء له آية = تدل على أنه الواحد.)
      يتبغ..

      حذف
    4. اما الحيوان فشعوره مغلقٌ على وظيفته وحياته وبقائه وتكاثره وسلامته, وكل الحيوانات تعرف ربها خالقها وتسبح بحمده حتى الجبال والاشجار وكل شيء يسبح بحمده. فقط الانسان هو المتروك له حرية الاختيار بعد إعطائه وسيلة المعرفة, وحرية الاختيار تتطلب ان يكون عنده اداة للمعرفة, والمعرفة هي التي تأتي له بالمخاوف والتردد وينعكس ذلك على جسمه, لذلك اصبح الانسان ضعيفا, حتى المؤمنين وصفهم الله بأنهم دائمي الخوف والقلق من غضب الله وعذابه وأنهم لم يدخلوا الجنة وهم يطمعون, وقال القرآن عنهم:(انا كنا في اهلنا مشفقين) اي خائفين وقلقين من شرور الناس وشرور انفسنا ومن غضب الله وخشيته.
      قال تعالى:(ولقد كرمنا بني ادم) هذا التكريم هو من خلال هذا الشعور الذي بنى هذا العقل البشري الرائع الذي لا يحتاج الى اعادة التجربة, وهذا معنى العقل (المنطق) وهو عدم الحاجة الى اعادة التجربة (وهذا تعريف المنطق), فالشعور يجرب والعقل يثبّت التجربة ولا يحتاج لإعادتها مرة اخرى, فانت لا تحتاج ان تجرّب ان الجزء اصغر من الكل.
      ومع الاسف من ايام اليونان وهي تردَّد كلمة ( ان الانسان حيوان ناطق) يعني بعضهم يفهمها انه ينطق بالصوت, وبعضهم يفهمها ان عنده منطق اي عقل, القرآن لم يقل مثل هذا بل أثبت ان الانسان خلق مختلف بل خلق بيد الرحمن ونفخ فيه من روح الرحمن وهذا فرق في التكريم ان يقال انه حيوان ناطق او متطور من قرد, كما ان الانسان مكرم بتسخير الاحياء والجمادات على الارض له, فقارن بين الفكرتين, والحقيقة ان الفرق بين الحيوان والانسان اكبر من هذه النقطة, فالانسان عنده اختيار بين الخير والشر, والحيوان ليس عنده اختيار, الانسان عنده منطق ولغة, والحيوانات ليس عندها منطق ولا لغة الا اصواتا محددة لا تسمى لغة, هي اصوات للتحذير او غيره, اذا قلنا لغة اي لها بناء منطقي وقواعد وحروف, الانسان مخير اي يعرف الاخلاق وتؤثر فيه, اما الحيوان فتؤثر فيه الغرائز الوظيفية التسخيرية, الانسان عنده ذوق, الحيوان ليس عنده ذوق, الانسان يقدر الجمال, الحيوان لا يقدر الجمال, قدم باقة ورد الى مجموعة من الاغنام, سوف تتسابق اليها ليس لتقديمها كهدايا وليس لشم رائحتها, بل لتأكلها, بل ربما عندها عمى الوان, لان تمييز الالوان داخل في التمييز الذي يملكه الشعور الانساني المفتوح, اما تمييز الحيوان فهو محصور فيما يتعلق بحياة ذلك الحيوان, الانسان يتألم نفسيا اذا توقع الالم او خاف, الانسان يخاف من عواقب هذا الالم, افرض ان حيوانا اصيب بجرح وانسانا اصيب بنفس الجرح, الانسان ينفجع بشدة اذا رأى الدم, اما الحيوان لا يلتفت ليرى الجرح, الانسان يخاف من مضاعفات هذا الجرح وعلاقته بمستقبله وهل سيتضاعف الالم وهل سيصاب ببكتريا او غرغرينا .. الخ, وقد يصل هذا الخوف الى الاغماء, بينما الحيوان يذهب ليبحث عن ما يأكله, اما الانسان اذا خاف لا يأكل, لان نصف او اكثر الالم يأتي من العقل والتفكير, الا تلاحظ ان الحماس في اللعب قد يجعل الدم يسيل من رجلك عندما تتعرض لإصابة وانت لا تدري انها بهذا الحجم حتى تجلس, بينما لو أشكُّ اصبعك بدبوس صغير وانت ترى هذا المنظر, لا شك ان الجرح الذي اصبت به وانت تلعب اكبر من شكّة الدبوس, هذا المثال يشبه التفريق بين حالة الم الحيوان والم الانسان, الم الانسان مشبع بالوعي والمخاوف والاخطار حتى البعيدة, اما الحيوان فيعاني من الم الجرح فقط, ويواصل الحيوان حياته وهو مجروح قدر ما يستطيع, انا رأيت قطا مشقوق البطن وامعاؤه تمشي وراءه, لكنه يتسلق الشجرة هاربا منِّي عندما حاولت ان انقذه وأُدخل امعاءه وأخيط بطنه, بينما القط الآخر يتفرج عليه وانا اتقطع من الالم, وربما ألمي الذي اشعر به اشد من ألم القط صاحب الامعاء المتدلية وسيبقى محفورا في ذاكرتي, كيف يقاتل وامعاؤه تتدلى وتتعلق بأعواد الشجرة, هذا مثال على ان الحيوان يواصل حياته, تصور لو ان انسانا اصابه ما اصاب هذا القط؟ ربما يقتله الخوف وكبده تتدلى خارج جسمه, لذلك الله قال:(خلق الانسان ضعيفا) وهو سبحانه القائل (لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم), هذا يظهر كأنه تناقض, لكن الحقيقة ان الضعف أتى الانسان بسبب وعيه وشعوره, لما تجلى الله للجبل خرَّ موسى عليه السلام صعقا, دائما الجهل يسبب قوة والمعرفة تسبب ضعف بالنسبة للحالة النفسية للانسان, فطبيب يصاب بمرض خطير ليس كمثل عامي يصاب بمرض خطير, لان العامي في باله ان هذا مجرد صداع مثلا ويزول, اما الطبيب فسوف يستحضر بذهنه تداعيات المرض الى ابعد حد والامراض التي قد تترتب عليه, وسيكون المه اكبر.
      يتبع

      حذف
    5. ارجو ان لا تفهم انني ضد رحمة الحيوان بل ادعو اليها, ولا افخر ولا أمنُّ في اي محاولة لي لاسعاف الحيوانات بل حتى الحشرات حاولت ان اسعفها, وصور الحيوانات التي تتألم مناظرها مطبوعة في الذاكرة وأتألم كلما خطرت على بالي, لكن يجب ان نعرف حقيقة الشيء من خلال الشيء نفسه وليس من خلال الاسقاطات, الرحمة تحتاج اخلاق والاخلاق تحتاج عقل, قال الشاعر:( انما يجزي الفتى ليس الجمل). حتى وفاء الكلب هذا من اسقاطاتنا, لكن الحقيقة ان غريزته هو مسخرة لخدمة الانسان وحمايته, فهو وان لم يكن له صاحب تجده يدافع عن مكانه الذي هو فيه وفيه طعامه, ولا يوجد اي شيء يدل على ان ام الحيوان تعرف اولادها بعد ان يكبروا, وليس لهم معاملة خاصة عندها ولا لغيرهم, ولا هي لها معاملة خاصة من ابنائها, الشاة عندما تخرجها عن القطيع او تخيّرها بين طفلها وبين القطيع فإنها ستختار القطيع, بل اذا كان لبنها قليل او في احد ضرعيها الم وولدت توأما فإنها تختار واحدا منهم فقط وتطرد الآخر حتى يموت دون ان تحنّ عليه اي شاة اخرى حتى لو كانت تعاني من ضيق ضرعها بالحليب, اين هي الرحمة في الحيوان؟ حتى ان الحيوان الآخر يموت امامهم ويذهبون ليأكلون, بل تضع العلف لشاة مريضة فتأتي زميلاتها وتأكله قبلها! وعندما تقتل نملة فإن بقية النمل سيحملونها كطعام دون دموع او عواطف, لان وظيفتهم التسخيرية هي للتنظيف وهذه جثة يجب تنظيفها سواء كانت نملة او غيرها.
      لماذا غريزة الحيوان هي المسيطرة؟
      لان غريزته تخدم وظيفته في التوازن البيئي التي خلقه الله لأجلها, لاحظ مثلا اصابات بعض ذكور الحيوانات في عمليات التزاوج, كذلك الحصان الذي ادمت الفرس صدره ولا يبالي مع ان دماءه تنزف مقابل عملية التزاوج, هناك نوع من القشريات ترصد اطفالها حتى تموت من الجوع لكي تقدم نفسها طعاما لهم, اين هو الالم مقابل الغريزة؟ هل الانسان يتحمل مثل هذا؟ طبعا لا. اما الحيوان فيتحمل اكثر من هذا, ليس لأنه لا يتألم, بل بسبب قوة الغريزة المسيطرة عليه, ما الذي جعل الغريزة اقوى من المصلحة والسلامة؟ انها الوظيفة التسخيرية.
      عندما يتعارك الجملان حتى يموت احدهما احيانا فإن هذا يحصل بدافع الغريزة او غريزة قيادة القطيع وليس غريزة الجنس كما يتخيلون في حالة التعارك بين ذكور القطعان, النحلة يقولون انها تموت اذا لسعت, ومع ذلك اذهب الى حفيز النحل وانظر كم نحلة مستعدة ان تموت مقابل حماية الخلية, اذن الغريزة اقوى من الالم عند الحيوان, لذلك الانسان ليس لديه استعداد ان يتحمل مثل هذه الآلام التي يتحملها مثلا النمل, النمل يقاتل جميعا حتى الموت, شجاعة الحيوان نابعة من قوة الغريزة, كل أمّ تصبح شرسة وتقاتل حتى الموت مقابل حماية صغارها, ومن الممكن ان تجد حيوانات غير شرسة تقاتل حيوانات شرسة دون الخوف من الالم, لذلك الحيوانات كأنها تعرف هذا القانون وهو عدم الاقتراب من الأم وصغارها, فتجد دجاجة مستعدة لقتال القط وتهزمه وتخيفه اذا كان عندها فراخ, وان لم يكن عندها فراخ تتحول الى جبانة, لان غريزة التكاثر اقوى من غريزة حماية النفس, وكل هذا يصب في الاخير في مصلحة الانسان لأنها كلها مسخرة للإنسان مباشرة او للبيئة التي يعيش فيها الانسان, ولو لم تكن الدجاجات بهذه الشراسة في حماية الصغار, قد لا يأكل الانسان عجة البيض مرة أخرى, قال تعالى: (الذي سخر لكم ما في السماوات والارض) والله كرم بني آدم,وليس من تكريمه ان يقال انه حيوان سواء ناطق كما قال اليونان ولا حيوان متطور كما يقول داروين واتباعه, بل هو مخلوق بيد الله وسخر له ما في السماوات والارض, وليس له اي دور في التوازن البيئي, وهذا يدلنا على انه ليس من اهل الارض بل نزل من السماء, فالأرض خلقت وخلق الله فيها اقواتها وتوازناتها قبل اي يأتي فيها الانسان, ولو ذهب الانسان منها لما تغير منها شيء الا للأفضل فقط, قال تعالى:(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس). لو كان الانسان من الارض او متطور من حيوان من الأرض, لكانت الارض بحاجة الى وجوده لأجل التوازن, لكنها بحاجة النمل والطيور والماء والاسماك اكثر من حاجتها للإنسان.
      الحيوان ليس عنده اي ذوق ولا يعرف الخجل ولا يعرف الامراض النفسية وليس عنده عقل مثل الانسان وليس عنده اخلاق ولا يعرفها ولا يتعلم ولا يقبل التعليم ولا يطالب بحقوقه, فكيف يقال ان الانسان متطور من حيوان؟ لذلك الحيوان اخف معاناة بشكل عام, وأخف آلاما حتى من الانسان المرفَّه المسكين.
      يتبع

      حذف
    6. بالنسبة للجزئية الاخرى:
      الحالة التي تأتينا إذا تمادينا في التفكير في شيء، لا يُخرجنا منها إلا عكسها، مثل هذه الخواطر المثيرة للشكوك مرت علي، اذن لنأتي بالعكس: وهو أن يكون الله يتدخل في كل مظلمة ويصلح الأوضاع ويعالج الاطفال المرضى وتخلو المستشفيات منهم ولا يُظلم أحد ولا يُقتل أحد وبالتالي يكون هناك اكتظاظ على سطح الأرض لتبدأ معارك على حيازة الأرض ومواردها! لا ننس ان الله صار ينقذ الموتى حتى لا تتألم قلوب ذويهم! الآن: ألا تصبح الدنيا بهذه الصورة جنة؟ الكل سعيد يعيش ويأكل ويشرب وبصحة دائمة ولا أحد يقوّص على أحد! هل الدنيا مؤهلة ان تكون جنة؟ هل مواردها تتحمل مئات وآلاف المليارات من البشر؟ هل مناخها وصحاريها تتحمل؟ ستكون جحيما! اذن الموت رحمة من الله والضعف رحمة من الله لكي يعطي فرصة لغيره، الله هو الحكيم والرحيم، لا نتدخل في شأن الله، هنا الراحة لا يأتي بها الا الايمان، لكن لنا حق التفكير، كلما ازعجتنا فكرة لا يصح لنا ان نهرب منها، بل نناقشها الى الاخر.

      وما فائدة وجود جنة ونار اذن؟ الدنيا أصبحت جنة وبدون اختبار! البر والفاجر في نعمة في جنة الدنيا ولا داعي لجنة الآخرة! هكذا غيّرنا ما يريده الله، الله انزل ادم على الأرض وانزل معه الشيطان لأجل ان يحصل صراع بين الخير والشر، ومن يعمل مثقال ذرة خيرا او شرا يره، اليس هذا هو العدل؟

      وجود أطفال يولدون بإعاقة، أولا: هم لا يتألمون، كونه يولد بإعاقة فهو لا يتألم لأنه لم يجرب العكس، فطفل يولد مثلا بقدم واحدة، هو لا يتألم الآن، بل يتأقلم ويتكيف، وقدمه الأخرى تعوض عن الأولى بدرجة كبيرة، بل حتى عضلات الكتفين تكون قوية، بل إن المعاقين يلاقون عناية خاصة من المجتمع، بل حتى يضعون لهم مواقف خاصة لهم في الأسواق، ويضعون لهم أعضاء اصطناعية وجمعيات خيرية للعناية بهم، وتلاحظ ان القلوب تُرقَّق لهم، حتى في الحروب لو وجدوا شخصا معاقا ربما لم يقتلوه. بل ان بعضهم يتحولون الى الطغيان بسبب المزيد من التدليع، لذا قالوا "كل ذي عاهة جبار" بسبب العناية الخاصة من المجتمع، والحقيقة انه ليس صحيحا، وهذا تعميم خاطئ، وحتى المتخلفين عقليا لا يستطيع احدهم تصور حالة افضل مما هو فيه، لذلك هو لا يعاني من الحسد، وكل نقصٍ يصاحبه تعويض من الله، كما أنهم يخدمون بكثير من الأمور. وهم سعداء في اغلب حياتهم اكثر من الناس العاديين، وهمومهم صغيرة جدا.
      يتبع

      حذف
    7. هذا لأنه يوجد قانون، وهو أن كل نعمة فيها القليل من النقص لكي نتذكر فضل الله ونعمه علينا، وهذا قد اسميته (قانون الاعتبار)، لذلك يوجد في كل مجتمع عدد قليل من الاقزام وعدد قليل من المصابين بمتلازمة داون، وعدد قليل من المعاقين عقليا، والقليل من البرصان، والقليل من العرجان، والقليل من الطوال، والقليل من السمان جدا، والقليل من العميان، والقليل من الصم والبكم، وهذه القلة هي التي تجعل الاخرين يهتمون ويعتنون بهم، هذا حتى نشكر الله على نعمة التوازن والوسطية ونمد لهم يد العون، لأن العقل لا يفهم إلا بالضدية، وهذا اختبار لهم بنفس الوقت، هل يسخطون ام يرضون من قدر الله؟ لأن هناك عدالة في الحسنات والسيئات، ولا تصدق ان الأغنياء كلهم في سعادة، ولا الفقراء كلهم في شقاء، طبعا الملاحدة ينادون بأن العدالة هي في المساواة، وانت ان شاء الله مؤمن بالله ولست منهم، ولكن أساس الفكرة وانتشارها قادم منهم، والعدالة من خلال المساواة دائما تصبح ظلما، مثلما نادوا بالمساواة بين الرجل والمرأة، فظلموا المرأة والرجل والطفولة، لأنها مساواة بين مختلفين. مع وجود اختلافات كبيرة بين الرجل والمرأة, اختلافات بيولوجية ونفسية ووظيفية في الحياة, كيف تساوي بينهم؟ هذا ظلم للاثنين, إن العدالة شيء والمساواة شيء آخر، بعض الظروف تستدعي العدالة من خلال المساواة، وبعض الظروف تستدعي العدالة من خلال التفريق، اذا كانت العدالة بين متساوين فالعدالة تكون بالمساواة، مثلا اذا قرر مدير المدرسة ان يعطي جميع طلاب الفصل نفس الجائزة بينما احدهم يأخذ انقص منهم، فهذا ظلم لأنه عدم مساواة، بينما لو قرر المدير تكريم المتفوقين في الفصل بجوائز، سيكون إعطاء البقية من التلاميذ نفس الجائزة ظلم للمتفوقين ولغير المتفوقين، للمتفوقين بسبب مساواتهم مع الكسالى والذين لم يبذلوا مجهودا، وظلم للكسالى لأنهم أخذوا جائزة بدون مجهود، وهذا يجعلهم يتعودون ان يُحمدوا بما لم يفعلوا. العدالة ينظر لها على أصل ما وضعت له ونِيَّتها، فإذا وضعت لمتساويين فالعدالة في المساواة، ويكون التفريق ظلما، واذا كانت وضعت لمختلفين فستكون المساواة ظلما.
      يتبع

      حذف
    8. والمشكلة ان الماديين هم أعداء المساواة كفكرة لانهم يؤمنون بالبقاء للأقوى, هم ينادون بشيء لا يطبقونه, اذا كان الله غير عادل, لماذا لا يكونوا عادلين ما داموا يتضايقون لهذه الدرجة من ظلم الله في التوزيع؟ فليوزعوا هم بعدالة وليبدأوا بتوزيع ثروتهم على بعضهم على الأقل، قال تعالى (والله فضل بعضكم على بعض في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ما ملكت ايمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون). أي انهم يطالبون الله بالمساواة بالرزق وهم لا يطبقونها على ما ملكت ايمانهم، إنهم يريدون ان يظلموا ويلصقوا ظلمهم بالله، ويضعون عيوبهم على الله، على مبدأ أصحابهم القدامى عندما قالوا (أنطعم من لو يشاء الله اطعمه)، ومبدأ كفار اليهود عندما قالوا (ان الله فقير ونحن اغنياء) (وقالوا يد الله مغلولة)، والملاحدة هم من ينادون بالبقاء للأقوى، وهم أصحاب الرأسمالية التي تعني التفوق والتميز وسحق الضعفاء, فها هو الملحد نيتشه يطالب بسحق الضعفاء وكبار السن والمجانين تبعا لمبدأ البقاء للأقوى, هذا ليس ظلما عندهم بل الظلم ان الله يختبر عباده بالخير والشر, لكي يعطي كل ذي حق حقه بالدار الاخرة القريبة وليست البعيدة, هم يلصقوا ظلمهم بظلم الله المفترض، فيقولون لو كان الله يحب هذا الضعيف لما تركه ضعيفا، فبالتالي نحن نظلمه لأن الله ظلمه، ناسين ان الضعف والقوة تدور على الجميع، وأن الايام تدور وتتقلب. وحينها اذا اصبح ضعيفا فستتغير أفكاره في سحق الضعفاء وسينادون بالرحمة وتتغير قيمة العدالة عنده، ويعتبر ما يقع عليه ظلما الآن، بينما اذا صار قويا لا يعتبر ما يفعله ظلما. نيتشه نفسه صار ضعيفا ومجنونا وأودع المصحة العقلية، واخته المسيحية كانت ترحمه ولم تطبق قوانينه عليه.

      إن الله سريع الحساب، ومطلبهم هذا ضدهم، لن يكون هناك اقوى، بل مساواة، وهذا تناقض في الطرح الملحد، لأنه سوف يذهب تميزهم ولن يكون هناك اقوى أصلا لو تمت العدالة بالمساواة، ولأصبح البشر نسخا متكررة ولم يعرف الطيب من الرديء ولكانت الحياة عبثا، ماذا عن الموت؟ هل هو ظلم أيضا؟ وماذا عن الشيخوخة؟ وماذا عن الطفولة وضعفها؟ (ومكلف الأيام غير طباعها = متطلب في الماء جذوة نار) وماذا عن الصيد وأكل لحوم الحيوانات وبيضها وحليبها وعسلها! أليس هذا حرمانا سوف يجئرون منه؟ أين العدالة؟ هم ينكرون فكرة التسخير, اذن هو اعتداء على الدجاجة بأكل بيضها الذي تعده لكي يفقس وليس لموائدكم, والنحل الذي يجمع الرحيق طعاما لصغاره تبعا لتفكيركم, الطبيعة ليست لكم وحدكم لكي تفسدوها وتعرّوها وتلوثوها تبعا لمبدأ القوة, اذن لا يجتمع فكرة المساواة مع فكرة البقاء للأقوى, وماذا عن النباتات التي تقلع من جذورها وتوضع على المائدة؟ ألست تلاحظ انها أفكار عبثية لو طبقت لمات الانسان؟ ماذا يأكل في النهاية؟ اذن لابد من الايمان بفكرة التسخير والا سيعيش الملحد الذي يريد ان يكون أخلاقيا بدون دين مخالفا لمبادئه الاخلاقية, هذه الافكار يراد منها ان يقدَّم الله كظالم ولا يريدون تطبيقها أصلا! وهي أفكار غريبة على البيئة الإسلامية أصلا ولا تتردد بينهم ان الله ظالم, اذن هي أفكار وافدة في الاغلب من ملاحدة أصحاب خلفية مسيحية او يهودية, لماذا نقول هذا؟ لان عندهم اعتقاد انهم أبناء الله, وان الدنيا يجب ان تكون جنة, وان الله يجازيهم في الدنيا على ايمانهم، وفكرة الاختبار ضعيفة عندهم، لان المسيح فداهم بنفسه فغفرت ذنوبهم, اذن يجب ان تكون الحياة جنة, ومن هنا تأتيهم مصائب شخصية او جماعية فيتشككون بوجود الله, وهذه من اكبر أسباب انتشار الالحاد بينهم، يقول لك: انا دعوت الله ان يشفي طفلي ولم يستجب؟ لماذا الموت يأخذ اختي؟ المسيح غفر لنا وانتهى الامر, لماذا لا يستجاب لي؟ خصوصا انني من أبناء الله؟ الله عندهم يمثل الرحمة والعطاء وهو خادم لهم ولا يبالي بذنوبهم لانهم يؤمنون بالمسيح, والمسيح قدم نفسه تضحية لذنوبهم, لكن المعتقد الإسلامي سالم من مثل هذا الخطأ في الافكار، بالذات المرتبط بالقران, وهو مبدأ ليس فيه محاباة لاحد والناس كلهم عبيد لله, والعدالة في الجزاء هي في الاخرة حيث الخلود في الجنة والحساب على كل صغيرة وكبيرة, والدنيا ليست دار جزاء ولا دار مكافأة إلا أن يشاء الله، والعدالة تأتي بعد الاختبار، لأنها عدالة تفريق، لذلك المسلم الحق اذا اصابته مصيبة لا يقول ان الله ظلمني, بل يقول ان الله يختبرني, كذلك اذا اتاه خير لا يقول ان الله يحبني, بل يقول ان الله يختبرني.
      يتبع

      حذف
    9. هل لا يريدون ان يأكلوا العسل والبيض والحليب والبطاطس والسمك؟ هم لا يريدون هذا لكنهم يريدون اتهام الله بالظلم، وهكذا نجد ان كل الذنوب تحمل ظلما في قدر الله، قال تعالى (وما قدروا الله حق قدره)، هم شَغَلَهم البحث عن ظلم الله ولم يشغلهم البحث عن عدله، وينظرون للناقص ولا ينظرون لنعم الله التي يتمرّغون فيها ليل نهار. هذا سبيل الكافرين، والكفر هو الجحد والانكار، واذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوبهم، لذلك الله يختبر الناس، فمنهم شاكر ومنهم كافر، ليميز الخبيث من الطيب، والدنيا قصيرة وسريعة الزوال، والاخرة هي دار الحق والبقاء والعدالة. لماذا لا يعدون غنى الظالم وقوته ظلما من الله؟ طبعا يسكتون عن هذه ويقولون هذا من حقه ومن علمه، ويوقفهم فقط وجود طفل ولد وهو معاق. نحن نطالب من يطالبون بعدالة الله ان يعدلوا هم أولا، هل شكروا الله على نعمه قبل ان ينتقدوه بما يرون انه ظلم؟ هل مارسوا العدالة كما يتخيلونها؟ لا، هنا يستبدلونها بقانون البقاء للأقوى، ولا يوزعون ثرواتهم بالتساوي، طبعا يسكتون وهم يزدردون نعمه، ولا يتأملون في حماية الله للأطفال وتسخير الاب والام لهم بل والناس كلهم مسخرين لحمايتهم. المشغول بشكر الله يبحث عن نعم الله بحثا، والمشغول بكفر الله مشغول بالمثالب التي يبحث عنها والعيوب، والكل يمده الله من نعمه، لو كانت الدنيا دار عدل وليست دار اختبار لما شرب الكافر منها شربة ماء. قال تعالى (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة)، اذن الدنيا ليست دار عدل ولا مساواة وليست دار جزاء، العدل ناقص فيها، لكن متى سيؤاخذهم؟ في الآخرة، فيعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء، وقد خاب من حمل ظلما، في الآخرة سوف يقال (لمن الملك اليوم) ويوضع الميزان، ويأخذ كل ذي حق حقه، ولا يظلم ربك أحدا.

      الله عادل، وسيقيم دار الأخرة للعدل الدقيق، أما إعطاء الكفار التمهيد والنعم فليس لأنهم يستحقونها، بل ليختبرهم لعلهم يرجعون، وإن لم يرجعوا فهذا المدّ يساعدهم على الزيادة في الشر والغرور حتى تقوم عليهم كلمة الله في دار العدل المطلق (الآخرة)، تستغرب من ملحد يطالب الله بالعدل، لو طبق عليه العدل ما شرب شربة ماء!

      لذلك القرآن يرفض فكرة العبث، ويقول (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) كل الدنيويين يريدون تهميش الأخرة ويريدون النظر في الدنيا فقط على أساس انها كل شيء امامهم، هم يريدونها ان تكون مستقرة وطويلة، ولكن الواقع يصدمهم في الجباه.

      فلو كان كل الأطفال يولدون بأقدام سليمة لقلنا هذا تحصيل حاصل، ولو كان المطر ينزل في كل مكان بنفس الدرجة على سبيل وهم العدل، لقلنا ان هذا تحصيل حاصل، ولما صار هناك تميز في البيئات ولا الثمار، ولا استدعى الامر السياحة، ولتعطلت، ولما شكر الله احدٌ على المطر ولما استغاث احد الله ان ينزل المطر، كل هذه التساؤلات تحلها حقيقة ان الدنيا ليست دار قرار بل دار اختبار، وهذه النظرة التي نأخذها من القران نجدها متطابقة جدا مع واقع الدنيا وسرعة تغيرها وتقلبها، فأمس صديقك معك كان يضحك واليوم تدفنه، ما الذي يستقر فيها؟ لا حياة ولا عافية ولا مال، هل المطلوب ان يوقف الله تعالى كل هذه التغيرات حتى يكون عادلا؟ لو كان الله يقول انه خلق الدنيا من اجل البقاء وأنها مكافئة لهم وبدون اختبار وليس هناك جنة ولا نار، لكان كلامهم حقيقة. مفهوم العدل الذي يُطرح على الله هو المساواة، وهذا يؤدي الى الظلم، شخص يعمل الخير ومتفوق، ينال مثل ما ينال الشخص المقصر! هذه فكرة رفض اختبارات الله، بل الله هو الذي يُختبر، وهذا قمة التكبر على الله الخالق الرازق، وهذه الفكرة التي يطنطن حولها الملاحدة كثيرا وللأسف تسللت إلى أفكار بعض المسلمين. المصائب التي تصيب الناس داخلة في النعم، لأنها تحمل تذكيرا. قال تعالى (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون) وقال (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون).
      وشكرا لك وأهلا وسهلا بك..

      حذف
  18. بارك الله بك أخي الورّاق ونفع بعلمك الناس.
    الجزئية الأولى واضحة جدًا وأستطيع القول أنّني صرت أتفق معها.
    ولكن ما لا أتفق معه هو قولك بأن الوعي هو ضعف، والجهل قوّة! صحيح، أنّنا أحيانًا عندما تغيب عنّا أشياء يكون في ذلك راحة لنا، لأنها كانت من الأجدر أن تغيب عنا. ولكن ذلك لا ينفي حقيقة أن الوعي نور يكسح الظلام الذي في داخلنا. أليس الدين هو وعي ضد الجهل؟ كيف يكون ضعفًا!
    شخصيًا، عندما كنت جاهلاً بأمور كثيرة، متعلقة بالوعي الذاتي وبالعالم حولي، كنت أعاني بشكل أشد، ولكن عندما تجاوزت واكتسب بعضًا من الوعي، صرت أكثر قدرة على الطفو فوق الألم أو المعاناة، وأكثر قدرة على تبيان الأمور وتفكيكها، وإتيانها بالطريقة الأسلم، الّتي تكون فيها المعاناة قليلة الشدّة.
    عندما نكون واعيين، ألمنا يصبح أقل، وصراعاتنا تكون أقل وحشيّة بكثير، مقارنةً بالسابق.
    أما الجزئية الثانية، والتي أشكرك على "تفصيصها" جاءت في بعض المواضع غير مقنعة كفايةً.
    ما ذنبي أنا، أن أتألّم ويتم تعذيبي، وتدمير حياتي، وقتل عائلتي، وإحراق الناس في فرن تحت الأرض، على يد طاغية، لأنّه هو فقط طاغية وظالم ولم يحسن اختيار الطريق الصحيح الّذي يقود إلى الله؟ ما ذنب هوؤلاء القتلى والمعذبون بما فيهم أنا؟ هل أنت قادر على تخيّل حجم المعاناة الّتي مرّوا بها في هذا الظرف، الّذي كانوا يدعون فيه الله لنجاتهم؟ كيف تفسّر هذا الاختبار؟ وقد كتبت في تعليقي السابق "ما ذنب الأبرياء في اختبار الظالم ذاك"؟ هل يعد هذا اختبارًا أيضًا لأولئك الأبرياء؟ ولكن ما لا أفهمه كيف يكون اختبارهم بهذه الصعوبة، وهم لم يرتكبوا شيئًا؟
    وشكرًا لك على رحابة صدرك
    ورمضان كريم عليك

    ردحذف
    الردود
    1. ما ترمي اليه هو ما ارمي اليه، لكن لم نتلاقى في التفاهم على هذه الجزئية، أنا قلت ان المعرفة تنتج شعورا بالضعف في الداخل، وهذا لا يعني شعورا بالضعف في الخارج، وبينهما فرق، فإنسان لسعته الكهرباء عرف ضعفه تلك اللحظة، وان الطبيعة اقوى منه بكثير، فاتخذ الإجراءات المناسبة فصار قويا، هذا يشبه حالة الوعي الديني.
      الوعي الديني هو وعي بالضعف، لذلك تجد المؤمن في حالة خشية ووجل، خوف من الله وخوف من عواقب ما يفعل ويفعل غيره، اما الجاهل فهو يتخبط خبط عشواء لا يبالي، لذلك الله يقول (انما يخشى الله من عباده العلماء) لاحظ ان العلم انتج خشية، والخشية شعور بالضعف بالداخل، ولكن في الخارج انتج تقوى، والتقوى قوة وسند وأمان، تماما مثل من لسعته الكهرباء فاتخذ الاحتياطات، اذ ادرك انه ضعيف فاخذ بالاحتياطات. يقول المتنبي (ذو العقل يشقى في النعيم بعقله = واخو الجهالة في الشقاوة ينعم)، الجاهل يشعر بالقوة وهو في حقيقته ضعيف، وبالتالي يضر نفسه وغيره، والعالِم يشعر بالضعف وهو في حقيقته قوي. مثل بعض قائدي السيارة المتهورين، يظن نفسه قادرا ولا تعلم إلا وهو مصاب في حادث، اما السائق الوجل الخائف فهو الأقرب للسلامة، اذن هنا (داخليا ونفسيا) هذا متهور وهذا حذر: ايهما يشعر بالقوة؟ طبعا المتهور الجاهل، لكنه شعور وهمي.
      والله اصدق القائلين يصف عباده الذين هم اشداء على الكفار ورحماء بينهم، والذين هزموا جيش قريش وهو اكبر منهم، يصفهم بأنهم يخشون ويخافون، لأن المعرفة والوعي بالضعف البشري هو عين العقل، وصار بحاجة الى التوكل على الله، والاخذ بأسباب القوة والاحتياط، وانتج ذلك قوة على ارض الواقع. لماذا سمى الرسول أبا جهل بهذا الاسم؟ لأنه متهور وواثق من نفسه اكثر من اللازم، بينما حساباته كلها خاطئة، وحتى حين كان (عبدالله بن مسعود) يقتله، قال له (لقد ارتقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم) حسب حساباته الوهمية عن قوته ومكانته، اذن ليست كل ثقة بالنفس تكون في موضعها الصحيح.
      ومع الأسف ان الثقة بالنفس صارت تغذى على اطلاقها كقيمة مستقلة بحد ذاتها، يقولون "كن واثقا بنفسك" مع ان الثقة الزائدة هي من صفات الجهل، ويتمادى الماديون والملاحدة اكثر الى فكرة السوبرمان القادر على كل شيء والخالي من الضعف، وهذا شطح بعيد عن الطبيعة البشرية التي لا تعدو عن قول الله (وخلق الإنسان ضعيفا) مهما بلغ ومهما ملك ومهما جمع.
      والعاقل هو الذي لا يستهين بأعدائه، والمتهور والجاهل هو الذي يستخف بالأخطار، لأن لديه ثقة زائدة في نفسه، هذا ما اقصده، وارجو ان يكون واضحا. وانا اعتبر هذا من اعجاز القرآن ان يصف محمدا واصحابه بالخشية والخوف من الله واخذ الاحتياطات، ولم يصفهم بأنهم شجعان واثقين من انفسهم واقوياء، بل وصفهم بالصبر ولم يصفهم بالشجاعة، لذلك الله لم يمدح الشجاعة في القرآن بل مدح الصبر والاستعداد، وهذا من الاعجاز النفسي في القرآن، قال تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل)، لو كان القرآن كلام بشر لمدحهم وحثهم على الشجاعة مباشرة، ومثل هذا الاستعداد والصبر لا ينتج الا من معرفة ووعي بالضعف البشري. التثبت والتأكد من صفات العقلاء الخائفين من الخطأ، وعدم المبالاة والتخرص وتبسيط الأشياء الصعبة وتصعيب السهلة على غير حقيقتها هو من صفات الجهلة. والجهلة دائما يصاحبهم الوهم، ورغم ادعاؤهم الواقعية فهم ابعد الناس عن فهم الواقع، لأنهم أجهل الناس واكثرهم تعرضا للصدمات. المشكلة ان ثقتهم بأنفسهم تجلب ثقة الآخرين بهم، على أساس انهم لم يثقوا بأنفسهم إلا على علم، ومن هنا الخطأ بالثقة بدون بصيرة.
      يتبع

      حذف
    2. الدنيا يا اخي دار اختبار وليست دار جزاء ومحاسبة، اذا نسيت هذه الفكرة سوف تفكر كما كنت تفكر سابقا. الجزاء وتطبيق العدالة بحذافيرها سيكون بالاخرة، مثال : أستاذ يختبر تلميذه، هل يضربه اذا اخطأ في الإجابة اثناء الاختبار؟ اكيد لا، الجزاء سيكون بعد الاختبار دائما. اذن متى ينتهي الاختبار في الدنيا؟ ينتهي بالموت. وتبدأ العدالة يوم القيامة، إذا وضع الميزان
      يا عزيزي، نسيت القاعدة التي ذكرناها في الرد السابق؟ هات العكس: افرض انك لم تقتل ولم تُحرق تحت الأرض كما تقول، في الأخير: هل ستخلد؟ لا، هل سيستمر شبابك ان لم يخطفك الموت؟ طبعا لا، اذن ما ذنبك ان تعاني آلام الشيخوخة وآلام النزع والاحتضار والموت وأنت لم توقعها بأحد؟ لو كان البديل هو الخلود لكان ظلما، لكن البديل مزيد من الألم وتحديات الحياة والقلق، ثم الضعف وربما الامراض وفي النهاية ستدفن تحت التراب، اذن هناك عدالة. تذكرها دائما: الموت هو بوابة العدالة، قال أبو تمام (من لم يمت بالسيف مات بغيره = تعددت الأسباب والموت واحد)، الحياة في الدنيا لا يمكن ان تكون سعادة دائمة، لأنها دار اختبار بالخير والشر، فلا يمكن ان تكون خيرا كاملا على احد ولا شرا كاملا على احد. وبتوزيع عادل، كلٌ سيأتيه شيء من الخير وشيء من الشر، لا تجد أحدا لا يأتيه اذى، ولا أحد محروم بالكامل. حتى الرسول واصحابه يقول تعالى عنهم (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص في الأموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين) هذا لأن الدنيا دار اختبار وليست دار جزاء ، ولو كانت دار جزاء لما كان هذا حقهم. قال تعالى (لقد خلقنا الانسان في كبد).
      أصحاب الأفكار والفلسفات التي غير طبيعية، يتخيلون انه يمكن ان تكون الدنيا جنة أرضية، وهيهات العقيق. مثل الابيقورية والنتشوية والشيوعية، كلهم تكلموا عن جنة أرضية وسوبرمان لا يتعب ولا يمرض ولا يقف في طريقه شيء، كل هذه محاولات عابثة لتغيير سنن الله. قال أحدهم (كل الذين وعدونا بجنة على الأرض، لم نر منهم الا الجحيم) ولن تجد لسنة الله تبديلا، الدنيا اختبار بالخير والشر وليست بالشر وحده، وليست بالخير وحده، وهذه عدالة الهية وهكذا سنها الله، ولن تتبدل، قلما تجد انسانا يريد الدنيا كما سنها الله، بل يريدها جنة أرضية! وهذا نقص في فهم الواقع. وهكذا تفاءل العلمويون بالعلم وانه سيقلب الدنيا الى جنة، وإذا العلم نفسه يعجز بل ويقدم مشاكل لم تكن موجودة من قبل، وخاب ظن الجميع في الجنة الأرضية، قال الشاعر (ومكلف الأيام ضد طباعها = متطلب في الماء جذوة نار). لكن الله وعد المؤمنين بالحياة الطيبة في الدنيا، أي الآمنة نفسيا، وهذا هو المهم، لدرجة انه يدخل ظروف الخوف وهو مطمئن، هذا لا يعني انه لم يخف ابدا، ولكن نفسه مطمئنة بأنه مع الله وان الله قريب وانه على الحق وان الحق سيجازى أصحابه، سواء في الدنيا او الاخرة، وأن مع العسر يسرا، لذلك المؤمن لا يتشاءم ولا يقنط من رحمة الله، والمؤمن بين الرجاء والخوف طول حياته، ولهذا تخف نسبة الانتحار بين المؤمنين وتزداد عند الملحدين، حسب الإحصاءات.
      قد نزع عن المؤمن قلق الحيرة والوجهة والوجودية، وحل محله قلق "هل انا فعلت ما يجب ام لا" "هل تركت ما يجب تركه وفعلت ما يجب فعله" "لماذا فعلت تلك الفعلة" ويشعر بندم ويتوب الى الله، وهذا قلق مفيد ويرجعه إلى الله بالاستغفار والتوبة والذكر حتى تصفو نفسه، واطمئنان قلبه هو انه على الوجهة الصحيحة، وقلق من بعض التصرفات والتقصير، مثل المسافر الذي يعرف وجهته تماما، ولكن يلوم نفسه لماذا تأخرت ولماذا اطلت الوقوف، أو لم اخذ بعض الاستعدادات وهكذا. لكن تخيل رعبه اذا كان غير متأكد من الطريق، مع أنه وقع بنسيان واهمالات تتعلق بمركبته، اذن هنا قلقه مضاعف.
      المؤمن في هذه الحالة هو قلق ومطمئن بنفس الوقت، وهذا لأن لديه معايير جاهزة، فلهذا يخاف من تقصير واهمال ونحو ذلك، ويعمل بمحاسبة نفسه، وهذا عمل إيجابي، أي ان المخاوف الكبرى تأمنت عنده، وهي مخاوف الوجهة، وبقيت المخاوف الصغرى العادية، لهذا هذا نسميه القلق الأصغر، والقلق الاخر هو النوع الأكبر (القلق الكلبي)، ولو فشل المؤمن في عمل او مشروع فلن يتأثر كثيرا كما نرى عند أصحاب القلوب الهواء، اذن هو يعمل وليس متوقفا مثل من عضه الكلب الاسود.
      يتبع

      حذف
    3. القلق الأول ينتج كآبة قد تؤدي للرغبة بالانتحار، والقلق الآخر ينتج إيجابية وعمل وتصحيح عمل. على هذا ينقسم القلق على نوعين: القلق الأول قلق وجودي، وهو ابغض أنواع القلق، فهو ينتج سلبية وقائمة من الامراض النفسية، وليس له حل إلا بتسليم النفس لله كعبد، وهو يفتح على فقدان طعم الحياة والكآبة وتحلية فكرة الانتحار، وهي التي يسميها ونستون تشرشل الكلب الأسود الذي عانى منه مع أنه رئيس وزراء لأكبر دولة منتصرة في الحرب العالمية الثانية، اما القلق الثاني فهو القلق الاجرائي العملي، وهذا يأتي بعد تجاوز القلق الوجودي بالتوكل على الله والاستسلام له والعلم الصحيح بموجب القرآن. لذلك المؤمن يعيش في خشية طول عمره، والخشية قلق لكنها قلق إيجابي ومفيد، لأن هناك اعمال يدفعك لها لتشعر بالأمن. هذا القلق الثاني قلق مفيد وجميل، ما دام موزعا على أشياء كثيرة وليس محصورا في شيء واحد، والا لأنتج الوسواس، وهكذا حياة المؤمن، مليئة بهذا النوع الإيجابي من القلق.
      من خرج من القلق الوجودي الى القلق الاجرائي فهو في سعادة ونعمة بالنسبة لوضعه السابق. قال تعالى (يا ايتها النفس المطمئنة ارجعي الى ربك راضية مرضية) الناس يخطئون، فيتخيلون الحياة اما سعادة او شقاء، ويغفلون عن الاطمئنان، وهذا ما ضيعوه علماء النفس جميعا، فانشغلوا بدراسة السعادة والكآبة عن دراسة الاطمئنان، حتى في الناحية المادية لا يشتم الانسان النار لأنها حارة او الجو لأنه بارد أو الماء لأنه يغرق، بل يتخذ وقاية، لأن الطبيعة لا تُقاوم، هذا لا يفعلونه في الطبيعة المعنوية! فيقولون للمحزون: انس احزانك ولا تبالي، مثل من يمسك الجمرة ويقال له: اضحك معنا ما دمت حيا! ولا تهتم بموضوع الجمرة! كما قال إيليا أبو ماضي (قال السماء كئيبة فتجهما = قلت ابتسم يكفي التجهم في السماء) هذه ليست حلولا، هيا قدم حلولا لكي نمسك الأشياء الحارة دون ان تؤذينا؟ لا يمكن ذلك الا اذا لبسنا ما يقينا من الحرارة. اذن مؤثرات الحياة تحتاج الى وقاية، وهذه الوقاية هي الاطمئنان، بحيث انها لا تضربنا في الصميم، سواء بخيرها او شرها. فالمؤمن اذا اصابته سراء شكر، واذا اصابته ضراء صبر. الله هو من خلق الانسان وهو من يعرف الطريق السليم لسلامته.
      الله لم يعد المؤمنين بسعادة، بل بطمأنينة. وهذا الكلام لا يعرفه حتى علماء النفس. الاطمئنان أرضية صلبة، اذا جاء المؤمن المطمئن خير شكر واستمتع به الى اخره، وان جاءه سوء لا يؤثر به تأثيرا كبيرا، ويعتقد انه يؤجر في صبره. هكذا يجب ان يكون علم النفس، يجب ان يؤسس على فكرة الاطمئنان من القلق الأول، أي وقاية، مثل ما تقدم الوقاية من الغرق. سؤال (كيف تجلب السعادة) أو (كيف تتعامل مع الحزن) هذه كلها حلول فاشلة واسئلة غير صحيحة أساسا، لأنه لا سعادة دائمة ولا حزن دائم، فالاطمئنان أرضية صلبة، فالشخص يسعد ويحزن ولكنه مطمئن، من ليست لديه هذه الأرضية الصلبة، فما يأتيه من سعادة او شقاء تضربه في الصميم، فإن جاءه خير قد يطغى ويصبح فرحا و"قادر عليها".
      الذي يسير في الحياة بدون اطمئنان مثل من يمشي حافيا، ان وطء ارضا ناعمة فرح بشدة، وإن وطء ارضا خشنة حزن بشدة.
      إن أكبر ثقل تعاني منه النفس البشرية، هو ثقل الوجهة، هل انا على صواب ام على خطأ، هل انا بعيد عن الله ام قريب، هل انا مع الخير ام مع الشر، هذه المشاكل الوجودية النفسية يحلها الاطمئنان الذي لا يأتي الا من الايمان والتوكل مع بعضهما، ومعرفة طبيعة الحياة الاختبارية.
      يتبع

      حذف
    4. كل انسان اخذ من الخير وناله شيء من الشر، سواء كان اغنى الاغنياء او افقر الفقراء، وهذا جاري على الناس كلهم وليس فقط المسلمين. وهذا من رحمة الله، فقد يكون الأذى يدفع الانسان لينتبه فيعدل مسيرته. يذكر ان احد أبناء الخلفاء تولى الملك فاستدعى أستاذا له عندما كان صغيرا، فعاتبه: لماذا ضربتني واوجعتني ذلك اليوم وانا لم اخطئ؟ قال: نعم أنا ظلمتك لكي تحس بألم المظلومين عندما تصل الى ما وصلت اليه. وكذلك الخير. الله يقول: ان مع العسر يسرا، لو استمر الشر مع الانسان لم يتحمل، فهي هكذا يوم حار ويوم بارد، ويوم لك ويوم عليك، وساعة سعيد وساعة متعب ومنهك، شخص يسعدك وشخص يؤلمك، ومنظر جميل ومنظر قبيح، كلها في يوم واحد، وهذا جاري على الكل، لم تصفُ لأحد بالكامل، قد يكون البعض تنمو تجارته وامواله، لكن اسنانه تتآكل وجسمه يتحلل وعمره يتناقص.
      اذن لا يوجد خلود في الدنيا ولا سعادة دائمة في الدنيا، ما رأيك لو تخلد في الدنيا؟ بآلامها وامراضها ومشاكلها وصراعاتها؟ هل تختار الخلود ام الموت والراحة؟ لا شك إذا تأملته ستجده سؤالا صعبا، تخيل ان يحكم عليك بالخلود لوحدك، الناس يموتون ومن تعرفهم وانت تبقى عجوزا خالدا، أي تعذيب سوف تتألم منه والقرون تتلو القرون وانت باقي؟ وان كنت تقول: اريد خلودا مع جماعتي واهلي، حسنا، ليُقطع النسل، وإلا لن تتحمل الأرض! اذن لندع الأمور تمشي في اعنتها، ونسلم الأمور لبارئها وهو الرحمن الرحيم، فقط ننظر لما علينا ولا نحاسب الله وهو خالقنا. لاحظ ان كل من أراد ان يرمي الله بالظلم، تبين انه هو الظالم وليس الله. فاذا كنت تريد الخلود، فقد ظلمت الأجيال القادمة لكي تبقى انت وجيلك، وقد قيل في الامثال : لو دامت لغيرك ما وصلت اليك، وان قلت ان الله ظالم لماذا لا يعطينا كلنا بالتساوي؟ سيكون هذا ظلما للطيبين، لأنهم سيساوون بالأنذال والسيئين، ولن يشعر احد بالتفوق، وهكذا كلما تقلّبها تجد انك تظلم نفسك او غيرك بفكرتك، ما ذنب الذي سلم من الفرن؟ ما ذنبه ان يتحمل الام الشيخوخة والامراض والحشرجة والنزع والموت وهو على فراشه؟ هل هذا ظلم عام من الله على الناس؟ اذن علينا بالعكس، أن يخلد كل الناس! وهنا كيف ستتحمل الأرض؟ وما ذنب الذين ملّوا من طول الحياة؟ وهكذا، اذن على الانسان الا يظلم، ولو كان كل انسان لا يظلم، تصور مدى جودة الحياة.
      انت الان ألست مظلوما عندما تموت بحادث سيارة أو مختنقا او غريقا او مقتولا او بصعقة كهرباء او نتيجة خطأ طبي او على فراشك بين احبتك أو أي سبب آخر؟ النتيجة واحدة: الموت. ام انك لن تموت؟ لا يهم القتيل ان يكون مات برصاص صديق او رصاص عدو. حاول ان تفهم الأمور بشكل شمولي، لا تقف عند جزئية تجعلها محور تفكيرك، كلما ضاقت وسّع الرؤية، ستجد في الاخير ان هذه هي الدنيا، وهي دار اختبار وليست دار قرار، لان كلاً سيغادرها بأي شكل من الاشكال، سواء كان مظلوما او ظالما او كانت تحف به القلوب الحانية الباكية عليه. والذي ظلمك : الن يموت هو ميتة لا يحبها؟ من الذي يحب أن يموت؟ قال المتنبي (ومن لم يعشق الدنيا قديما = ولكن لا سبيل الى الوصال)، كل الموتى ماتوا وهم عشاق للدنيا، وماتوا ولم تنقطع مشاغلهم وهمومهم، ماتوا وتركوها، ونحن مثلهم سنموت ولم تنتهي امالنا ولم تنتهي مشاغلنا ولا همومنا، انه قانون الهي وسنة الهية لا يمكن ايقافها، لأن الله قال ان الدنيا ليست دار قرار، بل الاخرة هي دار الخلود، إما في نعيم دائم او في عذاب دائم، ما دام الموت هو بوابة العدالة، والجميع مجبر ان يدخلها، اذن الله لم يظلم أحدا. وسيمرون منها الى دار الحق وتطبيق العدالة بدون اختبار.
      نحن ابناء الدنيا، لم لا نفهم ما نحن فيه ونترك الأوهام والرجاء والاماني تأخذنا عن واقعنا؟ يقول المتنبي (نحن بنو الموتى فما بالنا = نخاف ما لابد من ورده؟) (يموت راعي الضأن في جهله = ميتة جالينوس في طبه) الطبيب الكبير والجاهل كلهم يموتون. والغني والفقير، والظالم والمظلوم، يسحبهم هذا الثقب الأسود، ليخرجهم الى الحياة الحقيقية الدائمة، والعاقل هو من يخاف ويخشى، والجاهل هو من يمد بالحياة حبالا طويلة. ويتمنى على الله الاماني. الواقع شيء والامنيات شيء اخر.

      حذف
    5. شكرًا لك أخي الورّاق على التوضيح وبارك الله فيك.

      حذف