كثيرون بحثوا عن
الثروة والوفرة لكن لم يستطيعوا الوصول إليها, والسبب أننا لا نعرف حاجاتنا
ومصالحنا, لكن حين ننوي أن نعمل الصواب ويكون هذا محركنا نجد أننا سلكنا طريق
الثروة النظيفة أو الوفرة النظيفة من دون أن ندري, التي لا ظلم فيها لأحد بل فيها
خير لكل أحد, وهذا لا يكون إلا لمن أسلم وجهه لله وصار هو هدفه الأول, لأن الله
يأمرنا بفعل الصواب والواجب والأفضل في كل شيء.
فعل الصح والحق
كله بركة و يثمر في كل حين للدنيا والآخرة, فمن يساعد المحتاجين بما زاد عن حاجته
ستجده كسب قلوب الناس و حتى مصالح وسمعة وثقة إضافة إلى أنه كسب في الآخرة, (من
يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العرف بين الله والناس). قصد الصواب يجعلك
في تجارة مع الله وقد تربح كثيرا مقابل عطاء بسيط, وإن خسرت سيعوض الله خسائرك.
نحن لا نعرف ما
نحتاج وأين تكون مصلحتنا, وما أكثر ما نكتشف أنا كنا محتاجين لذلك الشيء بعد أن
وجد ولم نكن محتاجون له قبل أن يوجد. لهذا الإبداع ليس دافعه الحاجة والمصلحة
دائما بل احترام الشعور.
الحضارة لم تقم
على حاجات كما يتصورون بل قامت على إبداع مبدعين احترموا شعورهم, لو ترجع لكل فترة
في التاريخ لقال لك أهل كل فترة عندنا حلول لكل المشاكل ومكتفون بما عندنا, فإذا
أرادت السفر اركب جمل أو سفينة, إذا أردت أن تتبرد افتح النوافذ ورش الأرض بالماء,
وفي ظلام الليل أشعل شمعة أو مصباحا ..إلخ, بل سوف يعارضون الجديد في البداية إلا
قلة منهم, فالناس لم يشعروا بحاجة لشيء, إلا إذا وقعت عليهم أزمة مثل حصار أو
غيره. لو كانت الحضارة تقوم على الحاجة لكان الفقراء هم أهل الإبداع والحضارة
لأنهم أكثر حاجة لكننا نرى العكس هو الصحيح, وإلى الآن نرى الإبداع والتكنولوجيا
يأتي أكثره من غير الفقراء.
ليس سبب الإبداع
هو الرأسمالية مثلما يفتخرون بل بالعكس الرأسمالية توقف كثير من الإبداع لأنها
تريد أن تمشي بضائعها, هذا غير أنها تشعل الحروب وتحارب مشاريع التنمية في البلدان
الفقيرة حتى لا تنافسها, بدليل أن الحضارة والعلم قامت قبل ازدهار الرأسمالية
وسيطرتها, فلم يكن بينهما ارتباط, وحتى المبدعين والمبتكرين كانوا أكثرهم بمجهودات
فردية وليسوا مدعومين من قبل رأسماليين, مثل أديسون وجيمس واط وفرانسس بيكون ولا فوازيه..إلخ,
فأكثرها مجهودات فردية, حتى مكتشف الاسمنت اخترعه بفرن منزله, فكيف نقول أن
الرأسمالية هي من تشجع الإبداع؟ بل إن هناك مبدعين تحاربهم الرأسمالية لأنها بنت
مصانعها على أساس معين ولا تريد لشيء أن يدمره. ولا زالت براءات الاختراعات تأتي
من أفراد وطلاب جامعات في كل العالم, حتى البحوث أكثرها يخرج من طلاب الجامعات مع
أستاذهم. ليس كل إبداع واختراع يتفق مع مصالح الرأسمالية, الرأسمالية ليست رعاية
موهوبين. بل حتى أن الرأسمالية تعيق التنمية في العالم وليس فقط الإبداع إذا كانت
تلك التنمية ستؤثر على المصالح الرأسمالية
والأسعار. علماء القرن السابع عشر والتاسع عشر لم يكونوا تحت رعاية مصالح
رأسماليين, لكنهم كانوا في ظروف مواتية وعندهم حد من التفرغ والكفاف المالي, فلم
يكونوا فقراء, لكنهم لم يكونوا رأسماليين كبار ولم ترعهم الرأسمالية. هذا غير أن
المبدعين يجدون مخاض وعنت حتى تشتهر وتسوق إبداعاتهم وأحيانا يحارَبون, إما بدافع
الحسد أو التعارض مع المصالح أو التوجهات السياسية والاجتماعية.
كلام جميل وفي مححلهه ♡
ردحذفسلمت أناملك
ردحذفاتفق معك كثيرا ولكن هناك نقطة اريد ان أبدي رأيي فيها وهي مسالة ان اكثر الإبداع والتكنولوجي يأتي من غير الفقراء .
اعتقد انه اذا توفرت الأساسيات الحيانية من مسكن و مركب و حياة كريمة يزيد قدرة الفرد على الإبداع لانه اصبح لا يشغل نفسه بالبحث ورائها مما يتطلب مجهود عقلي ونفسي . فنجد الدول التي توفر حياة كريمة و ترحب بالابتكار نجد ان أفرادها ينتجون و يبدعون . اعتقد ان قلة ابداع الفقراء هو لشغل افكارهم في اساسيات الحياة و ليس لعدم حاجتهم . سيكون لعدم حاجتهم المرتبطة بالوقت فقط
حذفشكرا على قراءتك ومتابعتك وتواجدك .. لكن يبدو أنك فهمت هذه النقطة خطأً , صحيح ما ذكرت أن الفقراء أقل إبداعا بسبب انشغالهم بلقمة العيش, وشعورهم بالنقص أيضا. لكن الفكرة التي ذكرتها في المقال هي أن الإبداع سببه احترام المبدع لشعوره وليس سببه الحاجة بالدرجة الأولى, لو كانت الحاجة هي سبب الإبداع لكان أكثره عند الفقراء لأنهم الأكثر حاجة, لكن الواقع ليس كذلك.
الموضوع ينص على أن أكثر الإبداع ليس من الفقراء, وقس ذلك على الإبداع الأدبي تجد أن أغلبه من بيئات غير فقيرة, مع العلم أن كثير الإبداعات المادية والأدبية يشتريها الأغنياء من الفقراء, والرأسمالية كلها أصلا لا تفكر بل تشتري أفكارا, حتى لا ننتقص قدر الفقراء فقد يكونوا هم المبدعون ونحن لا ندري, كما في حكاية أديسون والألف اختراع وهو الذي يعترف أن يسرق من أفكار غيره . مثلما سرقوا تراث وحضارة العرب والمسلمين دون أن ينسبوا ماسرقوه إلى أهله فظهروا كمبدعين, بينما كثير منهم يستحق تسمية أخرى..
فلا يغرك كثرة الإبداع فقد تكون مشتراة أو مسروقة وتخدمهم قوة الإعلام . وأمثلة السرقات العلمية والأدبية كثرة, فديكارت سرق من الإمام الغزالي مذهب الشك واليقين, ونيوتن أيضا من العلماء المسلمين, ومثله كوبرنيكوس بفكرة دوران الأرض التي أخذها من ابن الشاطر, كذلك سرقوا فكرة خطوط الطول ودوائر العرض, ومثل الكوميديا الإلهية لدانتي التي ليست إلا رسالة الغفران للمعري مع بعض التغييرات, وقصة روبنسون كروزو معمولة على نول ابن الطفيل في قصته حي بن يقظان, وغير هذا كثير جدا, لدرجة أنه ينخفض تقييمك لرواد الحضارة الغربية كلما ترى حجم المسروقات من الحضارة الإٍسلامية دون الاعتراف بها. فالقوة والمال والإعلام تشهر المقلَّد وتهمل الأصل, فيقدمون دانتي على سبيل المثال أنه مبدع عظيم بينما الفكرة الأساسية ليست فكرته ويهملون المعري لأنه عربي أعمى وفقير.
حتى العوام أنفسهم يحبون أن ينسبوا للأغنياء ما لم يقولوه وما لم يبدعوه على طريقة نسج الأسطورة والخرافة, فيجعلون من العيي شاعرا ومن الأمي عالما وهكذا .. وكأنه من غير المناسب أن يكون غير مبدع! والفقير من غير المناسب أن يكون مبدعا! على أساس لو أن الفقير عنده عقل صالح لأصلح فقره! وهذا أساس خاطئ. يروى أن بدويا أحمقا وغنيا كان يحمل كيسا ضخما من القهوة على جمله لكنه على جهة واحدة من الجمل, فكان الجمل يزور في مشبه ويتعب, فلقي صعلوكا فقيرا يمشي حافيا, فقال له اقسمه على جهتين حتى يرتاح الجمل, فأعجبته الفكرة لكنه نظر إلى رثاثة ثوبه فقال لن أمشي بكلامك وأنت بهذه الحال, لو كان عندك عقل لأصلح حالك! وأعاد الحمل كما كان!
بالشكل الظاهر والعام أكيد أن الإبداع في البيئات الغنية أكثر, إذا افترضنا عدم وجود البيع والشراء.
نقطة رائعة الان اتضحت الصورة شكرًا لك
ردحذف