الشيطان وسوساته على طريقين رئيسيين : الإيجاب و السحب, كلا هذين الخطين يؤديان للصناعي (الشر), مثلما أن الفقر يؤدي إلى سرقة وقتل كذلك القوة والتكبر قد تؤدي إلى نفس النتيجة, {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ, وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ}, فإذا صارت عندك ميزة بشيء ما سيؤدي بها الشيطان إلى الصناعي الموجب مثل الغرور والفخر والتكبر واحتقار الآخرين والإعجاب بالنفس, و الصفة التي فشلت بها سيؤدي بها إلى الصناعي السالب مثل احتقار آلذات والتذمر والسخط من قدر الله وما يؤدي إليه ذلك من تطرفات وجرائم وانتحار ومخدرات وغيرها.
و لو تتكبر في صفة ما و ينكشف لك عكسها سيؤدي بك الشيطان إلى احتقار الذات والتحطيم فورا, فأي فشل في الصناعي الموجب يحوله الشيطان فورا إلى السالب, وأي نجاح بالسالب يحوله فورا إلى الصناعي الموجب. وهذا ما يذكرك بعملية الطغيان وجنون العظمة, وأيضا عملية انهيار المعنويات لهذا من تأتيه مصيبة مفاجئة يحتاج إلى تعزية خوفا من أن يؤدي به الشيطان للانهيار وبالتالي صناعي الانهيار.
أي شيء تنجح به أو تجيده سيستغله الشيطان للكبر, ولو كنت معجبا بشخص سيكبره بعينيك إلى درجة التعصب أو التقديس والعصمة من الخطأ أو الغفلة, و إذا لم تعجب سيحقره و يهونه إلى أسفل سافلين بشكل يزعجك أنت وتكره هذه الوسوسة وتتمنى أنها تزول عنك, فالشيطان يعتمد أسلوب الرفع وأسلوب الحط ( النفخ والفش), هذا هو أسلوب الشيطان فيرفع من قيمة الشخص الذي تعجب به أو البلد الذي تنتمي له و الحزب أو القبيلة أو النادي أو الفنان أو غيرها إلى درجة التقديس, ويستخدم أسلوب التسفيل والحط من القيمة والذي هو مصدر التفرقة العنصرية ومقابلها التبجيل العنصري وهو من صور العنصرية و أساسها, فلا تحقير إلا ومقابله تعظيم والدافع إليه تعظيم من جهة مقابلة وكل شيء بضده يتبين, وكل من يمارس تفرقة عنصرية هو واقع في مرض التبجيل العنصري من طرف مقابل, فإذا وجدت تفرقة عنصرية ضد السود إذن مقابلها تبجيل عنصري للبيض, وإذا وجدت تفرقة عنصرية ضد العرب فاعرف أن هنالك تبجيل عنصري لليهود. وهذا التسفيل يجعل الشخص يلصق بمن يحتقره عيوب لا دليل عليها مثل نظرة الغرب الدونية للعرب والمسلمين وكأن ليس بهم ولا ميزة واحدة, وهذا خلاف للمنطق والواقع, وهذه الميزات المسلوبة اعرف أنها مضافة للطرف المبجل وبلا دليل مثلما سُلبت بلا دليل. أساليب الشيطان كلها تدور حول التجنين والانفصال عن الواقع, ولهذا سمي المجنون مجنونا. والرفع من القيمة هذا هو مصدر الفخر بالعرق أو العائلة أو غيرها. وكونه يرفع شيء ويعظم كل ما حوله بالتالي سيكسر بالمقابل عكسه, كل عملية ترفيع هناك عكسها عملية تسفيل وكل علمية تسفيل هناك عكسها من الترفيع, مثلما يرفع قيمة العنصر الأبيض عند الأوروبيين وبالتالي يحط من قيمة العنصر الأسود أو الملون.
الشيطان يضع هالة من التعظيم على الأكثر صناعي دائما, فيجعلك تعظم الغرب أكثر من الشرق أو الأفارقة, وترى أنهم هم أهل الإبداع وأن الطبيعة جميلة عندهم والجو الجميل, حتى تربتهم تكون أجمل! وحتى حطبهم أجمل! وكأنهم كوكبهم غير كوكب الأرض! مع أن الهند مثلا أكثر جمالا وأكثر تنوعا في الطبيعة, واليابانيين عندهم إبداع مثلما عند الغرب, ولكنه يقول الشرقيين عندهم تقليد فقط أما الإبداع والعبقرية فهي في الغرب! مع أن حضارة الصين أقدم من حضارة الغرب بآلاف السنين, ومع أن أكثر الإبداع في الغرب هو من عقول مهاجرة وليس من غربيين!
لما تصدق عملية النفخ والفش المقابل ستتصرف تصرفات غير واقعية وهوجاء و ستنصدم بأن تقييمك لم يكن في محله في كلا الحالتين.
كثير من الاعتداءات تحصل بسبب التحقير والتشيين الشديد الذي يوسوس به الشيطان بين الناس, فأحد يحتقر أحدا من جنسية أخرى ويعتدي عليه, أو من عرق آخر أو قبيلة أخرى, بموجب ذلك الاحتقار فيفاجأ بالعكس.
الترفيع والتعظيم المتطرف الذي يوسوس به الشيطان هو ما يجعل الشخص يتعصب لما يحب, وهذا هو أساس التعصب شدة التعظيم, والتعصب يجعلك غير قادر أن ترى أي ميزة في غير ما تتعصب له.
وضع التعظيم أو التحقير هو ما صار مع الأنبياء, فبعضهم نزل بهم إلى درجات الاحتقار وبعضهم أوصلوهم للألوهية, وكلاهما خطأ ومن كيد الشيطان, فالشيطان لا يحب الاعتدال ولا التوسط والتطرف لعبته المفضلة, كما أن التطرف في كل شيء من سمات الجنون.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق