تدور
شبهة حول آية : (أتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) والتي قالها موسى لربه ، ويحتج بها
المخالفون بأن الله لا يفرّق بين البريء والمجرم في عقابه ، وأنه يعاقب الجميع بلا
تمييز بينهم ..
إن
سؤال موسى كان سؤال استغراب و رجاء و تحجّج بدافع الخوف ، لأنه يعلم أن الله لا يؤاخذ
الناس بما فعل السفهاء منهم ، والرجفة كانت تحذيرية ، و لم يهلكهم كلهم ، بدليل
انه لم يُهلك موسى معهم . ولو أهلكهم لأهلك موسى معهم . و السياق القرآني واضح في
هذه الآية وما قبلها ، أن العذاب يخص من فعل السوء ، من قوله تعالى (إن الذين
اتخذوا العجل سينالهم غضب ..) وهو مبدأ العدل الذي عليه القرآن كله ..
الذي
حدث أنهم اصابتهم رجفة ، فخاف موسى أن يكون هذا غضب من الله عليهم فدعا بذلك .. و ربما
قال بعضهم ما ذُكر عند المفسرين انهم طلبوا رؤية الله ، فجاءتهم الرجفة تحذيرية ،
مثلما طلب موسى من قبل أن ينظر الى الله فخرّ الجبل أمامه فصعق موسى ، وهي رجفة
بموسى لدرجة أنه صعق وأغمي عليه من الفزع . و هذه الرجفة آية لهم حتى تجعلهم
يتأكدون .
و
القرآن في كل موضع فيه عقاب ، يبيّن أنه لا يطال الأبرياء . و أنه ينجي المؤمنين
من العذاب . لهذا قال موسى : ( أتؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) ، لأنه يعلم ان الله
لا تزر عنده وازرة وزر أخرى ، و لأنه لو آخذ موسى لآخذ نوحا وإبراهيم وغيرهم ، و كل الانبياء كان أغلب أقوامهم سفهاء
. كما قال تعالى (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) ..
قال
تعالى (وأنجينا الذين اتقوا بمفازتهم ) ، وقوله (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم
وأهلها مصلحون) . و قصة نوح واضحة ، فالجميع غرق الا من آمن معه ، و كذلك لوط ومن
آمن معه ، إذ نـُجّوا بسحر .. مع أن الخبث كثر أكثر من الصلاح حتى حلّ غضب الله
عليهم ، ومع ذلك نجّى الله الصالحين .
كذلك
اعترض ابراهيم على الملائكة عندما قالوا انا ارسلنا لقوم مجرمين ، قال لهم إن فيها
لوطا ، قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجينه وأهله ..
فتعاملُ
الله : الخير يعم والشر يخص ، وليس العكس ، أما تعامل الناس فالخير يخص والشر يعمّ
.. ولاحظ الفرق بين العدل الإلهي والعدل البشري .. و الله يقول ( كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك
..) لذلك فالله له المنة على من آمن به ومن كفر .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق