من كتاب "من
الفوضى الى الانسجام" – ميخائيل لايتمان
ليس عن طريق الصدفة صاغتنا الطبيعة كمخلوقات
اجتماعية . إذا فحصنا بعمق تصرفاتنا،
فسنكتشف بأن أعمالنا تنفّذ بهدف الفوز بتقدير من حولنا. إن تقدير المجتمع
ينعشنا ، وعدم التقدير والذم يسببان لنا اشد معاناة. الخجل أمام المجتمع هو من
افظع الاشياء التي يستطيع الإنسان أن يشعر بها. لذلك نميل الى الانصياع للقيم التي
يضعها المجتمع أمامنا والعيش حسب هذه القيم . لذلك إذا استطعنا أن ننجح في إحداث
تغيير على سلم القيم للبيئة التي نتواجد فيها، بحيث تحتل القيم الإيثارية، مثل
الارتباط بالغير والاهتمام المتبادل،راس سلم الأفضليات، فسيغير كل واحد منا
معاملته لغيره. ص14
الرد :
هو صنف وحكم على كل البشر على انهم كذلك ، يخضعون للقيم لا حبا
فيها ولكن تقديرا للآخرين ! اي كلهم منافقون لأجل رضا المجتمع ! وهذا تطرف في
التفكير وتعميم غريب . ترى من وضع هذه القيم اذا اذا كان الناس كلهم يجاملونها ولا يحبونها ؟
هو يريد ان يكون الايثار هو القيمة الاولى ، ويريد أن يبنيها
على نقيضها وهي الأنانية ! كيف ياتي الشي من ضده ؟ هو اعطى مسلمة أن كل انسان
اناني ، أي يريد من الانسان ان يخالف طبيعته ! وكيف تكون الطبيعة ايثارية بينما
الانسان طبيعته غير ايثارية ؟ والانسان جزء من الطبيعة ؟ الا اذا كان جاء من كوكب
آخر .. تناقضان اثنان في وقت واحد . وكيف عرف الحاجة الى الايثار مع ان طبيعة
الانسان انانية وهو إنسان ؟ و الإنسان محكوم بطبيعته وقوانينها كما قدم هو ؟ وهذا
تناقض ثالث .
عندما يقدر المجتمع الانسان حسب إخلاصه
للمجتمع فقط، سنتطلع جميعنا بالتأكيد للتفكير في مصلحة المجتمع والعمل لمنفعته.
مثلاً : إذا أُلغيت الجوائز والنياشين التي تمنح في أيامنا للإعراب عن تقدير تفوّق
ما للفرد، والأشخاص يقدّرون فقط بفضل اهتمامهم بمصلحة المجتمع، واذا قام الأطفال
بتقدير والديهم بهذا الشكل، واذا قام الاصدقاء والاقارب وزملاء العمل بانتقادنا
حسب مقياس تعاملنا الجيد مع الغير فقط، فسنصبو جميعاً إلى التصرف بهذا الشكل كي
نحظى بتقدير من حولنا. وسنبدأ، تدريجياً، بالشعور بأن التعامل الإيثاري مع الآخر
هو شيء خاص و سامٍ بحد ذاته، حتى دون اي علاقة بالتقدير الاجتماعي نتيجة هذا
التعامل، سنكتشف بأنه مصدر متعة كامل وغير محدود ( ص 15)
الرد :
وماذا عن انانيتنا الفطرية الطبيعية كما يقول ؟ هل نسيها ؟
أيريدنا ان نهيم بتقدير المجتمع والغير وننسى أنانيتنا اللازمة فطريا كما يقول ؟ والانانية
ضد الايثار ، والجمع بينهما كالجمع بين الماء والنار .
وعلى الرغم من أن المجتمع الإنساني اليوم هو
مجتمع أناني، إلا أن هناك استعدادات واسعة النطاق للتقدم نحو مراعاة قانون الإيثار
في الطبيعة. يتركز تعليمنا و تربيتنا دائماً على مبادئ إيثارية. و نقوم بتربية
أولادنا في المؤسسات التعليمية وفي العائلة على العطاء والتنازل والأدب وإقامة
علاقات الصداقة. و ليس هناك من يقول أنه ضد هذه القيم. هذا و أيضا : بسبب ثورة
الاتصالات من الممكن اليوم نقل رسائل و قيم جديدة للناس بسرعة فائقة، في جميع
أنحاء العالم. وهذا هو السبب الحاسم لارتفاع وعي الانسان بالأزمة الآخذة في
التفاقم والحاجة لحل شامل.
و بالرغم من أن حل المشاكل الحالية هو الذي
يدفعنا لتغيير الوضع القائم ، الا اننا سنكتشف في المستقبل بأن الموضوع لا ينتهي
بذلك. الانسان الذي يبني بداخله التعامل الصحيح مع الغير يدخل بصورة تدريجية الى
وجود على طبقة مختلفة عما عرفناه حتى الآن، وجود سامٍ لم نتعهده من قبل، وهو
الشعور بكمال الطبيعة. (ص 16)
الرد :
كيف يشعر بكمال الطبيعة و هو يريد ان يخالف طبيعته ؟ وهل الانسان
اناني في العصر الحديث فقط ؟ وهل الانانية نتيجة تطور ؟ أم أنها موجودة منذ وجد
الانسان ؟ بموجب كلامه كلما نرجع للوراء والبعيد تكون الانانية اقل ، وهذا غير
صحيح ، فالخير والشر موجودان منذ وجد الانسان ، و هناك المؤْثر والمضحّي وهناك
الآخذ الأناني ، و إدخال البشر كلهم تحت حكم واحد هو أكبر خطأ فكري ، كل شخص يحكم
على كل البشر بحكم واحد في غير مادة أجسادهم فهو لم يدرك ، و إن كان يصلح ان يفكر
في المادة ، لأن للبشر حرية اختيار ، ولا يوجد الا نظرتان للوجود : من خلال الانا
، او من خلال الجمال .. اي الخير و الشر .. وكل فلسفة شمولية لا تنجح و لم ينجح
منها شيء . فالماديون يتصورون ان الناس كلهم مثلهم ، و يتفاجئون بالعكس ، وكذلك
الملاحدة ، والمتدينون أيضا ، والطيبون ايضا اذا عمموا نظرتهم ان كل الناس طيبين
يقعون في الخطأ ، والاشرار اذا عمموا نظرتهم ان الناس كلهم مثلهم طماعين وغير
مستعدين للتضحية يتفاجئون ..
ص22 : أعظم درجة من درجات إرادة القاء موجودة
لدى الانسان ، وهي درجة المتكلم. إن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعتمد كليا
وبشكل كامل على غيره من الناس . إنه الكائن الوحيد الذي يشعر بالماضي والحاضر
والمستقبل. ويؤثر الناس على البيئة تماما كما تؤثر البينة عليهم. وبناء على هذا،
فإننا كبشر نتغير بشكل دائم. ليس فقط لأننا نشعر بالسعادة أو الحزن في الحالة التي
نعيشها الآن، بل كذلك نتيجة الشعور بالغيرالذي يجعلنا نريد كل ما يملكه الغير. أضف
إلى هذا أننا نريد دائما أن نحصل على أكثر مما عند الآخرين، أو ألا يحصل الآخرون
على شيء مطلقا . وسبب ذلك أننا نريد أن نحسّن من أحوالنا ورضانا بالنسبة لأحوال
الآخرين. لهذا السبب فإن إرادة البقاء في الإنسان تسمى "بالأنانية" أو
"إرادة التمتع" أو "إرادة الحصول على اللذة والمتعة" .
ويقول في ذلك علاّمة الكابالا "صاحب
السلم" : "إن إرادة الحصول هي جوهر الخليقة، من البداية وحتى النهاية.
ولهذا فإن كل عمليات الخلق الكثيرة وأحداثها المتعددة والطرق التي تدار بها، سواء
إن ظهرت أم سوف تظهر، كلها تعتبر مقاييس وتغيرات في القيم العددية لإرادة الحصول
لا غير" .
الرد :
هذا خلط بين ارادة البقاء وبين الطمع ، و كأنه يؤصل للجشع
والراسمالية، مع أنها صفة مذمومة. والرد عليه بسيط : فما اكثر الذين ضحوا بمصالحهم
ومتعهم بل وحياتهم لأجل مبادئ معنوية يموتون لكي تبقى. اذن تاصيل الانانية في
الإنسان ليس أمراً علميا بقدر ما هو رغبة عند البعض .
ثم : إرادة البقاء : هل هي حاجة ؟ ام أن الخوف من الفناء هو
الحاجة ؟ هل نحن نبتعد عن الخطر بدافع الرغبة في الحياة ؟ ام بدافع الخوف ؟ في
الحقيقة ان الثاني هو المحرك ، و الخوف دائما يحركنا اكثر مما تحركنا الرغبة.
لكنهم اختاروا ارادة البقاء حتى تتناسب مع ارادة ما عند الغير ، لتكون في نسق
منتظم مع الأنانية والطمع الذي يملأ نفوسهم . كم من بشر يتمنون ان تنتهي حياتهم ،
و لكنهم يخافون ان ينتحروا ! اذن أين ارادة البقاء ؟ هناك خوف من الفناء هو المحرك
الغريزي الاقوى . فلا ينبغي التلاعب بالألفاظ . يجب تسمية الأمور بأسمائها وكما هي
.
شوبنهور بنى فلسفته على ارادة الحياة، ثم جاء نيتشه ليطور
الامر الى ارادة القوة، وجاء فرويد يفسّر الاحلام على اساس رغبات مكبوتة ، على
اساس أنها هي محرك الحياة، كل شيء عندهم عبارة عن رغبة ، لأن مناهجهم مادية
شهوانية : (أريد .. ارغب .. اشتهي .. أتلذذ ..) ، و فلسفاتهم بناها تجّار
رأسماليين أحضروا عقلية السوق إلى الفلسفة ، فالتاجر يرغب ويريد ان يمتلك كل ما
عند الناس ، مع أن فكرة الرغبة في حقيقة اعماقها عبارة عن خوف ..
و في الحقيقة : الإنسان يخاف من الموت ومن الالم ، و أحلامه في
المنام مخاوف وليست رغبات كما يحوّرها فرويد ، والامن نفسه ليس لذة بقدر ما هو
بُعد عن الخوف . و الصحة نفسها لا تُحسّ ولم تُعرف الا من المرض أصلا ، وإذا لم
يوجد المرض لم توجد الصحة ، ولم تكن متعة ، وإذا لم يوجد الخطر لم توجد المتعة
بالأمن. اذن مجال الحياة مجال خوف و ليس مجال رغبة. وقد صدق الله اعظيم : إِنَّ
الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً [المعارج : 19] . هذه هي أصل خلقته والدافع لبقائه . و
بضدها تتميز الاشياء،وهو عكس ما تقرره الكابالا المادية . لو لم يكن الضد السلبي
موجود، لما وُجدت اي لذة في الضد الايجابي.
الإنسان مخلوق خائف .. قال تعالى (أما من جاءك يسعى وهو يخشى)
{النبأ} ، وقال : إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً [المعارج : 19] . فالاصل أن
الإنسان هلوع وخائف .. حتى الطماع ليس دافعه الرغبة بقدر ما هو الخوف المتضخم من
الفقر.
و منطقيا : الحياة لها حد تنتهي به، وهذا يتعارض مع إرادة
البقاء . لأن ارادة البقاء لن تنجح ابداً ما دام هناك موت ، لكن فكرة الخوف من
الفناء هي المناسبة . لأن الفناء متحصل، أما البقاء فليس متحصّل .. و هذه
التفسيرات الغربية المادية التي تدور حول اللذة والمتعة و الرغبات المكبوتة
والإرادة منطلقة من أناس مشحونين برغبة التفوق الامبريالي والاستعماري والرأسمالي
والابيقوري ، يريدون تعميم حالتهم الخاصة والشاذة على بقية البشر.
في الحقيقة الإنسان لا يرغب في الحياة بقدر ما يخاف من الموت ،
ولا مقارنة بينهما .. نعم هناك من يرغب في الحياة اكثر ، لكن لا يوجد من لا يخاف
من الموت (يود أحدهم لو يعمر الف سنة) . اذا وجد من يرغب في الحياة، فلن يوجد من
لا يخاف من الفناء . و يوجد من يتمنى الموت ولا يرغب في الحياة، ولكنه يخاف من
الموت، لكن لا يوجد العكس .
نحن جئنا الى الحياة مجبرين ، و مجبرين على اكمالها بدافع الخوف
كأقوى دافع من بين الدوافع الأخرى، رغم اننا نعلم ما متاعبها التي تنتظرنا، لكن لا
سبيل الى الفرار ، كما قال ايليا ابو ماضي :
جئت لا اعلم من اين ولكني أتيت ..
ولقد ابصرت قدامي طريقا فمشيت ..
وسأبقا سائرا إن شئت هذا أم أبيت ..
مع التحفظ على بعض ما قال ، ولكنه يعبّر عن أننا لم نختر
وجودنا ولا حتى بقاءنا ، وما دمنا لم نختر الوجود، إذن البقاء من توابع الوجود،
إذن لسنا نحيا بالرغبة في الحياة بقدر ما نحيا بالخوف من الموت ومقدماته ومؤخراته
..
كل انسان يتمنى في اعماقه انه لم يوجد. اذن هؤلاء الرغبويون لا
يمثلون حقيقة البشر، بقدر ما يمثلون توجها نتشويا امبرياليا راسماليا يهرب من ألم
الحياة إلى التفوق على الآخرين، معتقداً أن هذا سيسعده، من خـُلـِق فقد تورّط، لا
أحد ينتظر مستقبلا مشرقا اذا تحققنا من الامور و تركنا الاحلام الدنيوية ، وفي
الأخير كل إنسان سيقابِل الموت والمرض وثروته تنظر إليه وتفوقه يضحك منه، وهو
يُسحب إلى التراب ليقول له أنني وهم كبير. ويجد الله أمامه فيوفيه حسابه. (وما
الحياة الدنيا لا متاع الغرور) .
وبالتالي : أين الروحانية في هذه الكابالا ؟ اين اختلافها عن
فكر نيتشه والماديين والراسماليين ؟ بل اين الفرق بينها وبين النتشوية ؟ اين
الروحانية في الكابالا وهي تنطلق من مبدأ الرغبة والانانية وتجعله اصل ألأصول
وجوهر الوجود ؟!
الكابالا تنطلق من رؤية دينية يهودية مادية محرّفة، مبنية على
حب امتلاك المادة والتفوق على الاخرين . وهذا تفكير دنيوي مادي مصلحي لا يختلف
ابداً عن العلمانيين الماديين. ولا روحانية ولا يحزنون.
ثم كيف يكون للجمادات ارادة ؟ الارادة تحتاج الى وعي،
والجمادات ليس فيها وعي، الجمادات تحكمها قوانين ثابتة خارجة عنها. والذي خلقها هو
الذي خلق الحياة ، وجعلها تخاف من الموت، مع أنه ملازم لها في الآخرة . ولو كانت
الامور بإرادة الاشياء لما وجد الموت.
حتى الآن لم تذكر ولا كلمة عن وجود له ، فاين الروحانية ؟
ليس البشر "مخلوقات متطورة أكثر من غيرها
بقليل فحسب" ، بل مختلفون بشكل أساسي عن الحيوانات. عند الولادة ، يكون
الإنسان كائنا عاجزا وضعيفا ، ولكن كلما كبرنا ، صرنا نرتفع و نسمو فوق كل
المخلوقات الاخرى. بينما العِجل الصغير حديث الولادة والثور البالغ (مثلاً) لا
يتميزان عن بعضهما البعض سوى بالحجم، وليس بالحكمة. ومن جهة أخرى، فإن الرضيع
البشري يكون ضعيفا وربما عاجزاً تماماً. ولكنه تدريجيا، على مر السنوات، يكبر
ويتطور.
الرد :
الثور البالغ اكثر حكمة من العجل الصغير وأدرى بمكامن الخطر،
فالحيوان له عقل وذاكرة وتفكير.
إن نمو جرو الحيوان يختلف عن نمو ذرية الإنسان
غاية الاختلاف. وقد قيل في ذلك : "إذا صار عمر العجل يوما واحداً فقط، سمّي
ثوراً". ومعنى ذلك أن العجل فور ولادته يسمى "ثوراً" لأنه ليست
هناك خصائص أساسية أو جوهرية تضاف إليه وهو في طور النمو. أما الإنسان، فيحتاج الى
نمو طويل الامد. عندما يولد طفل رضيع، فإنه بالكاد يريد اي شيء. ولكن، على مر
حياته، تنمو إرادة التمتع لديه أكثر فأكثر.
الرد :
أين الروحانية ؟ هذا طرح مادي ابيقوري بحت . هذا من ناحية ، ومن
ناحية اخرى : كل هذا التحليل خطأ ، الخوف هو من يعلم الانسان وليس الرغبة ،
بالدرجة الاولى ، هذا هو الواقع. أكثر ما يحرك الناس هو الخوف وليس الرغبة ، وأكثر
الناس يريدون ان يستقر وضعهم أكثر من أن يريدوا أن يتحسن وضعهم، انظر الى مجال
الصحة : من الذي يطمح بقوة خرافية يحصل إليها ؟ أكثر الناس يريدون بقاء حالهم على
حالها! ومن ناحية أخرى : ليس الطفل الانساني بهذا المستوى من الضعف الغباء الذي
يصوره هذا الكابالي المادي . فهو يملك الاحساس والتمييز اكثر من الحيوان، إنه يميز
الكلمات والاسماء و يعرف مدلولاتها ، مع أن للحيوان حنجرة ولسان وشفتين مثله تماما
.اذن ليست الرغبة هي التي تعلم الانسان.
كل تلاميذ المدارس لم يذهبوا ليتعلموا بدافع الرغبة بقدر ما هو
بدافع الخوف ، بدليل ان اهلهم حتى يشجعوهم على الدراسة يخوفهم من سوء المستقبل اذا
لم يتعلموا، وبالعقاب، اي بقليل من الترغيب وكثير من الترهيب تمشي الحياة. ودافع
التخويف اقوى دائما من دافع الترغيب، والعجيب أنه لا يعلم هذا أو أنه يتجاهله.
وعندما تظهر إلينا إرادة جديدة، فإن هذه الإرادة
تخلق احتياجات جديدة، يشعر الإنسان أنه بحاجة ملحة إلى سدها. ولكي يتم سد
الإحتياجات الجديدة بشكل ناجح، فإن الدماغ يتطور عندما نفكر في طرق لسد الاحتياجات
الجديدة. ومن هنا يتبين بأن تطور القدرات الفكرية والعقلية لدى البشر هو نتيجة
لقوة إرادة التمتع لدينا.
الرد :
لا زال يصر على حصر الدافعية في الرغبة فقط. مستشهدا بلعب
الأطفال.
الطفل ايضا يدفعه الخوف من أن يكون اقل من غيره، لهذا يعاني اي
طفل من شعور النقص ويحاول تقليد الكبار ويكبّر عمره، هل هذا بدافع الرغبة ام الخوف
؟ الطفل يشعر بالإحراج اذا كان اقرانه يعرفون شيئا وهو لا يعرفه، وتتكون عنده عقد
نفسية، والعقد النفسية اساسها خوف. انقل طفل من بلد الى بلد، ستجده حريص على تعلم
اللغة واللهجة، هل الرغبة دافعه أم الخوف ؟ خصوصا وأنه تعرض لمواقف؟ اذن الخوف هو
الدافع وليس الرغبة ، ولو بقي في بلده لما رغب بتلك اللغة او تلك العادات . وهذا
ينطبق على الكبير، أنت تتعلم عادات ذلك الشعب في الاكل واداب الجلوس واللقاء
والاستقبال، ليس بدافع الرغبة، بل حتى لا تحرج إذا تعاملت معهم، ولكي لا يُضحك
عليك. تستطيع أن تغالط نفسك وتقول : أنا لا اخاف ، انا اتعلم بدافع الرغبة ، وهذا
ليس هو الواقع ، والناس ليسوا هكذا ، فأكثر ما يحركهم هو الخوف. وأحلام اكثر الناس
في منامهم تدور حول الخوف وليس حول الرغبة. واسأل أي شخص عن آخر حلم له. والطفل
يريد ان يظهر بمظهر القوي والمنتصر في اللعبة بدافع الخوف وليس بدافع الرغبة .
لانه سيتواجه مع اقرانه ، فإذا كان هو الاضعف فنسبة الخطر أكبر.
وليس التفوق على الاخرين وسحقهم دافع فطري، بل الأمن هو الدافع
الفطري، لكنه يتحول عند البعض الى حالة مرضية متطرفة. يمكن تسميته بمرض
الإمبريالية.
ارادة التمتع اساسها من الروح الرأسمالية والامبريالية المبنية
أصلا على الرغبة كروح تجارية طامعة فيما عند الغير. وهذا خلاف للاصل والاساس، لأن
الاصل في دوافع الانسان الاقتصادية هو الكفاف حتى لا يحتاج الى غيره، لكن هذه
الروح تاخذ منحى متطرف عند البعض، فينسى الهدف من المال ويكون المال نفسه هدف
ورغبة. اي إدمان ، أو ما يسمى بالطمع كظاهرة.
اي امبريالي او راسمالي يتصور ان كل الناس يريدون ان يكونوا
مثله لكنهم عجزوا، وهذا غير صحيح. لأن هناك أناس لا يستطيعون أن يستمتعوا على آلام
غيرهم، ومستعدون للاكتفاء بالقليل دون ألم الضمير، وليس هذا شيئا فرضوه على انفسهم،
بل هم في داخلهم يكرهون أنفسهم في مثل هذا الوضع، ويعجبهم أن يكونوا في حالة
التضحية أكثر من حالة النهم و أكل أموال الفقراء. فالناس ليسوا شيئا واحدا، ومنذ
وجدوا لم يكونوا شيئا واحدا، ولن يكونوا شيئا واحدا. حتى في تاريخ الغرب ولا يزال
.
في حين كان يوجد من يهللون ويصفقون للفتوح الاستعمارية، كان
يوجد من يعارضون، مع أنهم سيستفيدون مثل غيرهم.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق