الثلاثاء، 6 مارس 2012

الإلحاد هكذا يكون ديناً !

 نشر هذا الموضوع وجرت الحوارات فيه في منتدى الواحة المصرية :

إن أي ظن معنوي بحاجة إلى إثبات مادي (عقلي), فبحث الملحدين عن أدلة على إلحادهم دليل على أنهم مؤمنون (أو ظانون) يبحثون عن إثبات؛ إذاً الإلحاد هكذا يكون ديناً !

لا يمكن إيجاد أدلة قطعية على شيء غير خاضع لحيز الإنسان الضيق وتحت سيطرته, فالأسئلة عن الكون وعن وجود إله لا يمكن إيجاد أجوبة وأدلة قطعية عليها؛ فالعلم دائماً من كبير إلى صغير, أي أنه إحاطة بالشيء, فكلما كان الشيء تحت سيطرة الإنسان أكثر كلما كان علمه ومعرفته به تفصيلية أكثر, فكأس صغير بالنسبة لحجمك سوف تستطيع أن تحدد حجمه وهل هو فارغ أم لا وستعرف شكله ومادته وبقية تفصيلاته, لكن لو تضخم هذا الكأس الصغير مليون مرة فكيف ستعرف تفصيلاته؟؟! ستتكلم عنه بشكل تقريبي وليس دقيقاً دقة علمية.

فلا بد أن يكون أحد أكبر من الكون حتى يرى الكون بدقة مثلما ترى أنت الكأس بدقة, تلاحظ أن الأشياء كلما تكبر تكون شيئاً مهيباً يصعب السيطرة عليه, والكون ليس تحت السيطرة حتى يكون الحكم عليه بموجب أحكام علمية دقيقة, فالمنظر البعيد لا يمكنك إيجاد تفاصيله إلا إذا قرب , فأنت ترى قرية بعيدة فتحتمل أن يكون فيها 30 أو 40 بيتاً وفيها عدد متوقع من المزارع ...وهكذا, فهل هذه المعرفة تُرفض لأنها ليست تفصيلية قطعية؟

إنها معرفة لها أساس ولكنها ليست تفصيلية, وهذه المعرفة تسمى "المعرفة بدون إحاطة" وهذا نوع من أنواع المعرفة, فلا تستطيع أن تقول أنها ليست معرفة، ولا تستطيع أن تقول أنها معرفة كافية..

الملحدون يرفضون هذه المعرفة لأنها ليست قطعية، مثلما رفضوا وجود الله لعدم وجود أدلة قطعية, مع أن الملحدين يقبلون بالملعومات التآزرية في غير موضوع الإله؛ بدليل قبولهم نظرية التطور دون معرفة كاملة تفصيلية, فأدلة وجود الله تآزرية وليست قطعية.



على مدى السيطرة على الشيء تُطلب الدقة في معرفته ، فإذا كان الشيء قريباً منك مثل كأس الماء فستطالب بدقة كبيرة لوصفه لأنه تحت سيطرتك ، فليس مقبولاً وضع الاحتمالات حول هذا الكأس القريب فيما إذا كان يحوي ماءً أم لا!! أو أنه مصنوع من الزجاج أم لا!! , فإذاً تُطلب العلمية على قدر السيطرة, لكن الأشياء البعيدة والكبيرة لا تطالب فيها بنفس الدقة لأنها ليست تحت سيطرتك.


الملحد دائماً كلامه يعاكس واقعه, فهو يمشي بالإيمان ويرفضه, ويسير بالأدلة التآزرية وينكرها.



Adam:
 البينة على من ادعى وانكار أي معلومة هو الأصل. الأصل أن الأشياء غير موجودة حتى يثبت عكس ذلك.

فلا يمكن أن أسألك مثلا (لماذا لا تؤمن بوجود أشباح؟) بل أنت لابد أن ترد (ولماذا أؤمن بوجود أشباح؟)

هناك أعداد لا نهائية من الكائنات الخيالية غير الموجودة في الواقع.

لماذا لا تؤمن بوجود سوبر مان مثلا؟

السؤال نفسه خاطئ. الصواب هو (ما هو الدليل على وجود سوبر مان؟)

أنا مثلا لا أؤمن بوجود أشباح على كوكب بلوتو رغم أنه لم يذهب إنسان للكوكب ولا يمكن أن أكون متأكدا.

فهل تلومني على عدم الإيمان بوجود أشباح على كوكب بلوتو لمجرد أني لم أشاهد الكوكب بعيني؟

والله أعلم


الرد: 

المدعي هنا هو الملحد ، وبينته أن يثبت علمياً وقطعياً عدم وجود إله ، لأنه هو الخارج عن إجماع البشر ، منذ وجدت البشرية فكلهم مؤمنون بوجود إله ، إذاً منطقياً المدعي عليه البينة وهو الملحد . مثل من يدعي عدم فائدة الأخلاق فعليه أن يثبت علمياً ما ينفي هذا الإجماع البشري المعتمد على الإحساس .


كل من خالف الإحساس عليه أن يثبت مادياً ؛ لأن الناس احترموا الأخلاق بالإحساس ، وعبدوا الله وأحسوا بوجوده بالإحساس ، فمن يعارض الشعور الإنساني هو المطالب بالأدلة ، ولا يأتي أحد ويطالبنا بفائدة الماء للجسم بل نحن نطالبه بإثبات مضرة الماء للجسم . ومن نفى الإحساس في جانب عليه أن ينفيه في كل الجوانب ويعيش كالآلة المبرمجة بالحقائق المادية الثابتة علمياً فقط ولا يخرج عنها ، فلو كان الإحساس يؤدي للإلحاد لرأيت أن أكثر الناس ملحدون ومنذ القدم ، بل إن إحساس الملحد نفسه يميل به للإيمان لكنه يقاومه ، وكثيراً ما يهزمه هذا الإحساس خصوصاً إذا أحس بدنو الموت .


الإيمان لم يأت بإكراه لأحد بل جاء بتلقائية جعلت الناس في كل مكان وزمان يؤمنون بمعبود خالق للكون ، هذه التلقائية الشعورية هي التي جعلتهم يحترمون الكريم والشجاع ، ويفضلون العلم على الجهل ، والصدق على الكذب ، والأمل على اليأس ، والجمال على القبح ، والموسيقى على النشاز ، والنظام على الفوضى ، بل هو الذي جعلهم يضعون لهم فرداً واحداً يحكمهم حتى لو كانوا على نظام ديموقراطي ، وهي التلقائية التي أخبرتهم بإله واحد عظيم لهذا الكون ، فالناس لم يجبروا على التدين ، التلقائية بكل صورها هي مصدر الحكمة الإنسانية ، لهذا نرى سطحية الفكر المادي الذي لا يحترم الحكمة البشرية المعتقة ، مع أنه يحتاج إليها في حياته العادية ، بل لا يحترم الإنسان ويقضي بحيوانتيه .


من يرفض الحس الجمعي في جهة فعليه أن يرفضه في كل الجهات ، لهذا الملحد يقلل من شأن الأخلاق مقابل المصالح ، ويرفض وجود إله مخالفاً الحس البشري ، ويرفض قيمة الشكر لأنها ضد المصلحة مخالفاً الحس البشري ، ذلك الحس البشري العام الذي احترم الشكر رغم مخالفته للمصلحة البشرية .
فعلينا أن نحترم الحس البشري بالكامل أو نرفضه بالكامل ، وهذا مستحيل .


فمن يخالف الإحساس بجهة عليه أن يخرج من نطاقه ولا يأخذ شيئاً منه ، فلا يصدق إحساسه أو حدسه بشيء حتى يتأكد مختبرياً ، وهكذا نرى الفكر الإلحادي لا يحترم الإحساس ولكنه يضطر إلى خدماته !


ومثالك عن وجود أشباح حول كوكب بلوتو غير دقيق ، لأنه لا توجد أدلة غير قطعية على وجود هذه الأشباح في كوكب بلوتو، ولا الإحساس يشير إلى ذلك، وفكرتك هذه هي نفس فكرة إبريق (راسل) الذي يدور حول المريخ ، ويقارن (راسل) بين الإيمان بالإبريق والإيمان بالله بطريقة سطحية ، وكيف فات عليكما أنت و (راسل) اختلاف المثال وعدم مطابقته ؟!



أما موضوع إله ومسبب للكون والحياة فله أدلته من الحس والعقل وإن كانت غير قطعية ، إذاً المثال غير مطابق وشكراً ..
والله أعلم




ناصر الأول:

كلمة دين فى اللغة العربية تحمل معنى الأخلاقيات كما تحمل معنى العقيدة

كما كلمة مذهب فهى تعنى كافة المذاهب - أى ما ذهب إليه الناس - الفكرية و السياسية

و الإقتصادية , و ليس العقائدية و الطائفية فقط ,

يُقال أن مُحمداً النبى قال ( المرء على دين خليله , فلينظر أحدكُم من يُخالل )

و الأكثر منطقية هو أن كلمة دين هُنا تعنى الأخلاقيات و ليس العقيدة , فيصبح خليل

قاطع الطريق قاطع طريق مثلُه , و إن لم يفعل ذلك فسيراه الناس كذلك , و قس على ذلك

الفتاة التى تُخالل بائعة الهوى ( فتاة الليل ) إلخ....


الرد: 

 تعريف كلمة "الدِّين" هو الالتزام بالشيء قبل النتائج معتمداً على الظن، والإدانة نتيجة له ، ويوم الدين هو يوم حساب الالتزامات سواء كانت لله أو لغير الله ، أي نوع ودقة هذا الالتزام .

فالدين هو التزامات غير مؤكدة النتائج ، فالملحد هكذا يكون على دين ، فهو ملتزم بأفكار ونظريات وخرافات غير ثابتة (كتوالد الإنسان من الأسماك ، وخروج الحيتان من الثيران كما تقول الداروينية) قبل أن يتأكد بشكل قطعي منها ،

والأخلاق داخلة في الدين ؛ لأن الأخلاق أشياء نلتزم بها قبل أن نرى نتائجها ، مثلها مثل "الدَّين المالي" وهو أن يدين أحد لآخر مبلغاً من المال ، إذاً كل البشر لهم أديان ، فالدين ليس محصوراً بالشرائع أو أتباع الديانات المعروفة ، فكل تعهد دَيْن ،

والملحد له التزامات كاملة بدينه القائم على عكس الدين الإلهي ، فلديه التزامات عقدية على مبدأ الضدية؛ لأنه يكذب بوجد إله وليس لديه أدلة قطعية لهذا ، ولديه إلتزامات أخلاقية وسلوكية تفرض عليه أن يقدم المادة على الروح ، والمصلحة المادية على القيمة الأخلاقية ، وإلا لا يكون مادياً ملحداً وسيخون دينه هكذا .

والملحد لا يرى الأخلاق شيئاً ثابتاً في النفس البشرية ، ويقدم المصلحـة المادية على الأخلاق ، وهذا التزام بتنحية الأخلاق عن الصدارة وإحلال المصالح محلها .

والمؤمن لديه التزامات كالتزامه بوجود حياة بعد الموت دون دليل قطعي ، والملحد يلتزم بعدم وجود تلك الحياة دون دليل قطعي أيضاً ، فكل شيء غير مادي يتعامل معه البشر على أنه دين !

فشخص يؤمن بأهمية الحوار فهو يدين به ، وشخص آخر يؤمن بالقوة وأنها هي الحل الوحيد فهو يدين بها ، مع أنه لم ير النتئج النهائية لها ، وهكذا نجد كلمة "دين" غير خاصة بالعبادة أو بالمؤمنين فقط ، فهي موجودة لدى جميع البشر ، وهي موقف البشر من كل معرفة غير مادية ، أو أشياء مادية لم تصل إليها المعرفة العلمية ، كنهاية الكون مثلاً ، فيبقى حولها السؤال : هل تؤمن بها أم لا ؟!

فكلما قال أحد: (في اعتقادي ...) أو (حسب فلسفتي ...) أو غيرها فهو الآن يتكلم عن دينه تجاه هذه الأمور ، هذا عن الأصل اللغوي في كلمة دين ،

وتجد هذه الالتزامات عند البشر ، ولكنهم لا يختلفون بالثابت عن طريق العلم المادي كطلوع الشمس من الشرق وغيابها من الغرب ، أو أهمية الماء للحياة ، فلا تجد أدياناً ولا مذاهب ولا فلسفات أو وجهات نظر مختلفة حولها . فإحضارك لمسمار لتثبت به قطعتين من الخشب لا يعتبر ديناً لأنه معروف النتائج ، ولا تقول أتمنى أن تلتصق هذه القطعة بالأخرى ، مع أنك ثبت مسماراً بينهما !
لكنك تقول : أكلم هذا الشخص بلطف لعله يستجيب.

{ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} وهذه تشير إلى قوانين ملك مصر لذلك الزمان ، والقوانين التزامات غير علمية النتائج ، ولهذا سميت ديناً ، إذاً للملحد دين ،

يثبت ذلك أيضاً منافحته عن إلحاده كما ينافح المؤمن عن دينه ، وهذه الديانة الإلحادية تقوم على عكس الديانة السماوية جملة وتفصيلاً ،
فالمؤمن يقول: يوجد إله ،
والملحد يقول: لا يوجد إله ،
المؤمن: الأخلاق أهم من المصالح ،
الملحد : المصالح أهم من الأخلاق ،
المؤمن : الأخلاق مرتبطة بأعماق الإنسان وثابتة الأصل ،
الملحد : الأخلاق غير عميقة في النفس البشرية ومتحولة حسب المصالح لأن أساسها المصالح غير الثابتة ،

وهكذا ... فكلما يقره الدين من سلوك وعبادات يأتي الإلحاد ويعاكسه ..



  

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق