الأربعاء، 28 مارس 2012

حوار في موضوع: احترام الشعور ..

مقالة : احترام الشعور .. مع حوار جرى حولها في منتدى مخرج :

الوراق :
الاستجابة السريعة للشعور تنتج العبقرية , لأن الشخص سوف يسمع كل أوامر الشعور فيقترب من سرعة الشعور السريع كسرعة الضوء, فالشعور سيعطي أوامر تخص الجسم وأوامر تتعلق بالأكل والشرب وأوامر تتعلق بوقت النوم , كما أنه يعطي أوامر عقلية, وغيرها كثير .

الاستجابة للشعور كلما كانت سريعة كلما أعطاك إحساسك أوامر أكثر , ففي الأكل مثلاً يجب أن يختار شعورك النوع والكم , فتعرض على الشعور الأنواع المتوفرة من الطعام أو الشراب وتجعله يختار منها ما يشاء , فكل شخص يحس أحيانا أنه يشتهي طعاماً مالحاً أو حلواً أو نوعا معينا من الخضار أو الفاكهة ... الخ .

كما أن من يستجيب لشعوره سيقوم بكل الواجبات أو الأعمال التي يأمره بها الشعور وبذلك سيتحول إلى إنسان نشيط , فتصور أنه عندما يقول لك شعورك : أصلح هذا الشيء , أو نظف هذا المكان , أو رتب هذه الأشياء وضعها في مكانها , أو اذهب وأحضر شيئا معينا ولا تؤخره , فإن هذه الاستجابات ستحولك إلى إنسان نشيط , وكل تأخير في الاستجابة للشعور فإنه مدفوع الثمن.
 
الإنسان أمام قضيتين : قضية الاستجابة , وقضية سرعة الاستجابة . لأن الشخص قد يستجيب ولكنه يتأخر في الاستجابة , وهذا محسوب لدى الشعور . والأوامر الشعورية تنطلق إما من الدوائر العليا أو الدوائر السفلى في الشعور , والاستجابة الأولى يجب أن تكون للدوائر العليا لأنها الأرقى , على حساب الدوائر السفلى , فمساعدة إنسان محتاج (وهي من الدوائر العليا) يجب أن تقدم على حاجة النوم (وهي من الدوائر السفلى).
 
كما أننا نجد شخصا يستجيب لشعوره بسرعة في جوانب , بينما تجد لديه جوانب أخرى لا يستجيب فيها لشعوره , لذلك يجب أن يحترم الإنسان كل الأوامر الشعورية , أي نحترم كل الجوانب الشعورية , ومن يريد ذلك فعليه أن يكون مع شعوره في اللحظة قدر الإمكان , فيكون على الدوام يأخذ رأي شعوره وينفِّذ ما يريده , وسيجد كل شخص أن تعامله مع شعوره سيكون أدق وأوضح تدريجياً.
 
كما أن الشعور كلما رأى منك استجابة سريعة أكثر , كلما أعطاك ثقة أكبر , بحيث تجد أمورا كان يمنعك شعورك منها , لكن لاحقا يسمح لك بأن تتعامل معها لأنه صار يثق بك بشكل أكبر . مثل أن تحس بأن شعورك يريد أن يبعدك عن أشخاص معينين أو يمنعك من الذهاب إليهم لخوفه عليك من تأثيرهم أو أفكارهم السيئة , وحين يثق شعورك بك وبعدم تأثرك , سيسمح لك بأن تتعامل معهم لأنه صار يثق بقربك منه وبعدم قدرتهم على التأثير عليك , فالشعور عندما يثق بصاحبه فإنه يعطيه مساحة أكبر للعمل الحركة.

ومن يستجيب للشعور بشكل دائم لا يمرض أو يكون أقل عرضة للأمراض , لأن الشعور يعطيك رسائل شعورية عن كل شيء بشكل مستمر, مثل الرسائل التي يعطيك حول جسمك , فتجد أنه لا يريدك أن تأكل طعاماً حلواً ويريد شيئاً مالحاً مثلا , أو يريد تغيير المكان الذي أنت فيه . فحقك من السعادة هو حقك من الاستجابة للشعور (قانون) , كما أن حق الإنسان من التعاسة أو الشرور هو حقه من كبته للشعور الفطري , لهذا فالإنسان الطبيعي أو من يريد الخير هو عكس الإنسان الصناعي أو من يريد الشر.  

.......................................................
ردود على الموضوع :

يتيمة حظ:
اوك طيب ماذا عن الشعور السلبي ؟؟
كره - بكاء - اكتئاب - احباط - رغبه في الادمان 
يعني لو استجاب لها الانسان راح تترك اثر سلبي على النفس 
هذا ان كانت الاستجابه للشعور استجابه مفتوحه غير محدده
 
.............................................
صدفة:
انا انصح بعدم الاستجابة للشعور ومخالفة هوى النفس ايضا


الوراق:

الالتباس حاصل حول ما أقصده من كلمة شعور في حالته المثالية الصافية من التشويش ، وهذا الوضع الصافي بالكمال نادر أو غير موجود ، لأن الكل عنده أفكار خاطئة ركبت على الشعور , حتى ما يسمى بالمشاعر السيئة هي أفكار ركبت على شعور وليست مشاعر بإطلاق الكلمة , لأن الشعور الصافي لا يحمل الشرور وهدفه أصلاً الوصول إلى الله , فلا يـوجـد شـيء اسـمـه شـعـور سـيء ولا خـاطـئ حـتـى ، وأنا أعتبر أن الشعور كله خيِّر في الأساس ، لكن بما أن الدنيا ليست كلها خيرة وجب أن يتحكم العقل في أولويات الشعور ، والعقل الراقي هو المبني على الشعور الراقي بالدرجة الأولى.

الشعور عبارة عن برلمان وأعضاؤه غير متساوين ، فليس القرار بالأغلبية دائماً , لأن هناك دوائر عليا في الشعور وهي ما تعطي الإنسان صفاته الإنسانية ، ودوائر دنيا تعطي الإنسان صفته المادية أو الحيوانية .

أنا طلبت الاستجابة للشعور من خلال محكمته ، فمثلاً شخص فقير يرى ما يمكن سرقته ، هنا سوف تُجرى المحاكمة في داخله ، فمشاعره المرتبطة بماديته تريده أن يأخذ هذا المال لكي يتنعم جسمه ويشبع شعور الجوع مثلا، أما مشاعره العليا فتقول له أن هذا ظلم والسرقة حرام ، وهنا يأتي دور العقل فيقيم المعطيات ويحسب النتائج وتبعات كلا الشعورين ويبحث عن بديل يرضي الطرفين ، كأن يقول له : اذهب واعمل بدلاً من السرقة فترضي شعورك الإنساني وشعورك الحيواني، والعقل السليم ينتصر للشعور الأعلى .

كل مشاعر سيئة تأتينا فهناك مشاعر حسنة تقابلها ، المشاعر السيئة سلبية أما الشعور بأصله فهو إيجابي ، فما قسونا مرة إلا وكان عندنا شعور يقول : ارحم . وما كذبنا مرة إلا وعندنا شعور كان يقول: اصدق . لكننا لم نختر الشعور الجيد واخترنا الأسوأ, أو بالأصح لم نختر الشعور وإنما اخترنا الفكرة . وهذا دليل على ما أسميناه شعوراً سيئاً ليس هو الشعور وإنما هو فكرة سيئة استغلت شعوراً منسحباً , والشعور لا يتحمل الانسحاب لأنه في أساسه إيجابي -بل هو الإيجابية فينا أصلاً- ويحاول أن يعود إلى سابق وضعه , وطبعاً لا يستطيع أن يعود من نفس المكان الذي انسحب منه فيحتقن يريد مخرجاً عقلياً , وهنا تأتي الفرصة للشيطان لتركيب فكرة سيئة على هذا الشعور المندفع من جديد بدون وجود فتحة عقلية مناسبة ليخرج من خلالها , والشيطان من الجن والإنس يصيد في الماء العكر ويستغل الفرص مثلما قال الشيطان :(لأقعدن لهم صراطك المستقيم) , فالشيطان يترصد للشعور وينتظر عودته ليوحي له بالأفكار السيئة بعد أن علم أنه ساحب , فانظر إلى دقة القرآن بقول "لأقعدن" أي أن الشيطان قاعد ينتظر حركة الشعور حتى يحرفها عن فطرتها السليمة.

ولا يوجد أي نشاط للإنسان إلا بدافع للشعور , فمثلاً تلميذ يرى أنه هو الأفضل في الفهم من بين بقية التلاميذ , فهنا شعوره إيجابي وغير منسحب في هذه الناحية , وانتقل فيما بعد إلى الفصل تلميذ جديد أُعجب المعلم بفهمه السريع , نرى أن الطالب الأول أصيب بالفتور وخف نشاطه وامتقع لونه , أي انسحب شعوره عما كان يغطيه بأنه هو أفضل تلميذ في الصف , وبما أن الشعور كما قلنا لا يحب أن يبقى منسحبا بل يريد الإيجابية, يأتي الشيطان ليركِّب فكرة شريرة على هذا الشعور الراجع بعد انسحاب من باب التعويض, فيوسوس له بالغيرة والحسد ليبني عليها أفكارا شريرة أخرى تحمل الإساءة لهذا التلميذ الجديد , ونلاحظ أن هذه الأفكار لم تكن معه عندما كان شعوره منسحباً , مع أن شعوره المنسحب يقول له : لا تفعل . وهو الذي يسبب له التردد , ويشعره بالذنب مما يجعل نظراته تتوتر وتدور من اليمين لليسار كلما أراد أن يشوه صورة ذلك التلميذ الجديد .

ولاحظ أن الشيطان أصبح شريراً لما أُمر بالسجود لآدم ولم يؤمر آدم بالسجود له , ولم يكن شريراً قبل ذلك , أي أن آدم أفضل منه . وهكذا الشعور ينبهنا في البداية على شكل ألم ثم يعود في النهاية ذلك الشعور الناصح ليظهر بقوة على شكل ندم بعد أن أهملناه. 

إذن ما يسمى بمشاعر سيئة ليست في حقيقتها إلا أفكاراً سيئة وليست مشاعر، وإنما جاءت من الشيطان أو من الناس الذين تأثروا بأفكار الشيطان ووسوسته ودخلت أفكارهم في عقولنا دون تمحيص ورُكّبت على الشعور . أما الشعور الخام فهو خير لا شر فيه ، فالزنا مثلاً فكرة خاطئة ركِّبت على شعور طبيعي أساسه بقاء النوع البشري ، لكن الزنا وما يؤدي إليه من شرور لا تعد ولا تحصى , هو فكرة شيطانية استغلت شعوراً طبيعياً. و مثلا شخص يريد أن يكسب المال ليطعم أولاده من خلال النصب على الناس ، فالشعور صحيح ، لكن الفكرة خاطئة . 

الغيرة والحسد مثلاً أساسها شعور سليم بأن نكون بالوضع الأفضل دائماً ، فهذا مطلب شعوري ، لكن ركب الشيطان عليها فكرة شريرة هي عداوة من نرى أنه أفضل منا فنحسده أو نغار منه ونقلل من شأنه وربما نؤذيه . وهنا نفهم أن الغيرة ليست أمراً طبيعياً كما يقول البعض خصوصاً من بعض النساء .

إذن ليس عندنا مشاعر سيئة بل تأتينا أفكار سيئة .

قال المتنبي :

كلما أنـبـت الزمان قـنـاة *** ركب الناس في القناة سنانا

ومراد النفوس أصغر من أن *** نـتـعادى فـيـه وأن نـتفـانـى

كذلك الكرامة من الشعور الفطري لكن يستغلها الشيطان أيضاً ، وربما حصلت جنايات فضيعة بسبب الإحساس بمساسها ، فشخص سب شخصاً آخر بكلمات بذيئة فيقتله بحجة الدفاع عن الكرامة , فيكون بهذا أساء لشعوره وشعور غيره . وكذلك مشاعر الغضب هي في أساسها شعور مندفع بعد انسحاب ليعود إلى ما كان يغطيه , مثل أن يكسر الطفل الكأس ويريق ما فيه هنا ينسحب الشعور للحظة بسبب هذه النتيجة السيئة , ثم يعود الشعور مندفعاً فتأتي الأفكار السيئة لأن الجو مناسب لإمكانية قبولها.

وهكذا يفعل الشيطان فيستغل ظروفنا لأنه هو عدونا كما أشار القرآن ولم يذكر لنا عدو غيره . أو مثل شخص أخافك فجأة فتجد أنك منسحب ومتراجع إلى الخلف ثم يعود شعورك مرة أخرى على شكل اندفاع لا يعرف الخوف ولا تحس بالألم , وهذا ما يحصل للجنود في الحرب فيحصل لهم سحب وخوف في بداية المواجهة وهذا ما يتسبب لبعضهم بالفرار , ثم بعد ذلك يأتيهم هيجان فلا يخافون الموت وهو الشعور المرتد لأن الشعور لا يطيق الانسحاب , -ومن هنا نفهم خطورة عدم احترام الشعور حتى على الصحة- . وهكذا لا شجاعة إلا بعد خوف , فالخوف انسحاب شعور والشجاعة انطلاق شعور , لهذا نجد الطفل الذي يريد أن يتصارع مع طفل آخر لا يهجم عليه مباشرة بل يستفزه ويتحرش به لكي يغضبه الطفل الآخر ليؤذيه أو يخيفه ثم ينطلق عليه هذا الطفل مرة أخرى , لذلك الحروب لا تقوم إلا بعد تحرش , وهنا نفهم سبب المبارزة في الحروب القديمة فهي لأجل تحفيز الشعور وانطلاقه بعد الخطبة العاطفية التي يلقيها القائد . فالشيطان يستغل الشعور المرتد بعد انسحاب ليُنتج منه المآسي من خلال الإيحاء بأفكار سيئة ينتج عنها العنف والطلاق والقتل إلى آخره من الشرور التي تلمع على شكل أفكار تستغل لحظة الغضب الهائج. 

وفي مجال الصحة نلاحظ أن مرض السرطان هو زيادة في الخلايا , وضغط الدم هو توتر في الأعصاب وفي العضلات يضغط على الشرايين ويضيقها , والصرع هو زيادة في الشحنات الكهربائية , والقولون هو تهيجات وتقلصات , والقرحة سببها زيادة في حموضة المعدة , كذلك الحساسية عبارة عن توتر وتهيج , أي كلها سلوكات إيجابية ومعروف ارتباط هذه السلوكيات والأعراض بالحالة النفسية للشخص أي ارتباطها بالشعور , أي أنها ليست إلا شعور راجع وتعبير عن عدم احترام الشعور وعدم تأمين ممرات ومخارج طبيعية له . حتى الأمراض النفسية بعضها يعبر عن انسحاب الشعور وبعضها يعبر عن اندفاعه , فالاكتئاب عبارة عن انسحاب والهيستريا عبارة اندفاع.


وهكذا نفهم خطورة التعامل مع الشعور , وخطورة عدم احترامه في كل مستوياته خصوصاً العليا منها , والتي لا يعتبرها الماديون من غرائز الإنسان مع الأسف مكتفين فقط بالغرائز الحيوانية , ولا أقصد بذلك الأفكار السيئة.

 
وشكراً ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق