السبت، 10 مارس 2012

آراء في أشهر الآراء : سيجموند فرويد (تفسير الأحلام) -1- ..

الحلقة الأولى :








16 – 17 : حلم ديلبوف :

لو كان الكلام صحيحا لكان كل شخص مرت عليه حالة ديلبوف ، وهذا الكلام يشبه كلام سقراط الذي يقول ان المعرفة تذكر بعد نسيان ، و كلاهما غير واقعي ، بدليل ان الاحلام تركب لنا اسماء لا يمكن ان توجد ولا في القاموس ، و تقدم لنا صورا لا يمكن ان تـُرى في اي البوم ، الصور التي ترد في الاحلام هي اوضح مثال ، ولو كانت مرت علينا في السابق لما اندهشنا كل ذلك الاندهاش . الدليل الاخر هو ان الاحلام تاتي على شكل سيناريو ، فهل من المعقول ان السيناريو هذا مر علينا من قبل ؟

اذا كان هذا صحيحا عند ديلبوف فهذا صحيح عن الجميع ، فشخص حلم في زمننا هذا انه يجلس مع نابليون وسقراط في مقهى على القمر ، فهل نقول انه حدث له هذا الحدث في الطفولة و نسيه ؟ هذا لا يمكن منطقيا ان يحدث ..

وما دام الحلم يقدم لنا سيناريوات جديدة ، فيستطيع ان يقدم كلمات و صور جديدة . ثم كيف يحتفظ عقل ديلبوف بكلمة لم يحفظها في وقتها ؟ واستعان باخصائي في علم النبات ليكتب اسم النبتة ؟ واذا كان قد حفظها بطريقة واعية ، فلا يمكن ان يقول انه لا يعرف هذه الكلمة بتاتا . لأنه لا يوجد نسيان مطلق ، بدليل تراجع النسيان كلما عرضنا الاختيار من متعدد ، فأنت مثلا نسيت اسم مؤلف كتاب ما ، وعندما اعرض لك مجموعة اسماء مؤلفين ، فتجد انك تتعرف او تقترب منه ، اذاً انت لم تفقد اصل المعلومة . اذا لا وجود حقيقي لمنطقة العقل الباطن التي يعتمد عليها فرويد في كل كتاباته . ولو كان الانسان بما فيه العقل الباطن المزعوم يملك هذه القدرة الخارقة على الحفظ من مجرد كلمة لاتينية تمر عليه واستوعبها العقل الباطن الخارق ، لاستفاد الانسان من هذا الشيء .

شعور الانسان ليس الة تصوير او مطبعة كما يتصور فرويد ، بحيث يصور كل ما مر عليه ! مهمّاً كان او غير مهم !




كلام هيلد برانت وحلم فرويد – الصفحة 18-19 و ما قبلها :

العكس يكون احيانا ، فلماذا يتم تجاهل هذه النقطة ؟ احيانا يكون الانسان في فرح و أنس و هزل ، وفي منامه يرى احلاما جادة .

ما مصلحة العقل الباطن من تركيب صورة اعور مع اعور ؟ هل هو لتحذير الشخص ام ماذا ؟ شعور الانسان غير عبثي ، والا لماذا اكثر الاحلام عبارة عن مخاوف ؟ هذا دليل على التحذير والتنبيه .



كلام يسن ص 19 - 20 :

هذا صحيح ، وهو نوع من الاحلام و ليس كلها ، ومنه نفهم ان مصدر الاحلام هو شيء واعي ، وليس شيئا مجنونا عبثيا .

ثم لماذا لم يحلم ماير ان عودا دخل بين اصبعيه ؟ ما دام ان الواقع هو اساس الاحلام ؟ ثم لماذا تجنح الاحلام الى التخويف ؟ ان التخويف والاحلام المفزعة وكثرتها دليل على قلق داخلي يشير الى خطأ في الوجهة العامة لحياة الفرد و طريقة تفكيره .



 
ص 21 - 22: يسن و ديفيدسون :

كلام يسن هذا يخالف الكلام السابق لديفيدسون . الضمير يدخل في الحلم ، بدليل ان الانسان يشعر بالضيق والالم لانه فعل فعلا مشينا في الحلم ، وعندما يصحو يشعر بالفرح لانه كان يحلم . اي ان ضميره كان يزعجه وهو في الحلم . وهذا النوع من الاحلام معهود عند كثير من الناس . و كون الضمير يدخل في الحلم ، هذا يدل على اصالته في النفس البشرية ، وانها ليست شريرة بالخالص و وحشية وشهوانية كما يعرضها فرويد ونيتشه و بقية الماديين .

البعض يبكي من الندم اثناء الحلم ، ويصحو و يجد دموعه على خده . اننا نبكي في احلامنا احيانا على موت احد مرتبط بنا ، ثم نصحو فرحين باننا كنا نحلم .

الحقيقة ان الاحلام كلها مشاعر مكبوتة و ليست جنسا مكبوتا كما يتصور فرويد ، وهي مشاعر تستعمل الصور والاصوات المركبة كوسائل للتعبير . ان الضمير احيانا يتحرك في الاحلام في حين لم يتحرك في الواقع ، مثل من يحلم انه يعتذر لاحد وهو يرفض ذلك الاعتذار في اليقظة . و هذه هي الحقيقة : الضمير والمثل والنفور من الخطأ و الخطرهي اغلب مادة الاحلام . اذا للاحلام دور ايجابي ، لان اكثر الناس يمارسون كبتا لمشاعرهم الانسانية بل و احتقارا لها بينما يمارسون إطلاقا للغرائز الجسدية ، فلا تجد المشاعر الانسانية متنفسا لها الا في الاحلام . اما الدوافع الجنسية فلها نصيبها القليل من الاحلام ، كحاجة من الحاجات البيولوجية ، ولو كانت الاحلام كلها بدوافع جنسية كما يتصور فرويد ، لما وُجدت الاحلام الجنسية الواضحة والصريحة .

 اذا اختزال فرويد للاحلام بانها بدوافع جنسية غامضة لا قيمة له ، بسبب ظهور الاحلام الجنسية متى ما دفعت الحاجة اليها ليس الا . وهي تشبه حاجة الدفء او الجوع او العطش . وهذه ايضا من الاشياء النادرة ، اما اكثر الاحلام فهي عبارة عن مشاعر انسانية يحيط بها القلق او الخوف او الفزع . مما يعني ان الحاجات الانسانية هي الاهم ، و حاجة الجسد موجودة ولكنها الاقل في خارطة الاحلام ، بل حتى الاحلام الجسدية تدخل فيها المشاعر ، كأن يحلم البردان بأنه يمشي على الجليد في ديار غربة ، ولا يعرف الطريق . فالمشاعر استغلت حتى الحاجات الجسدية .

لا يوجد اي حلم غير مسبغ بالمشاعر . بل قد ترى حلما مفزعا ، واذا نظرت فيما رايت لا تراه مفزعا في الواقع . وترى شيئا بارع الاثارة والجمال في الحلم ، وعندما تتذكره في اليقظة تجده امرا لا يستحق كل هذا . مما يدل على ان الأحلام تغطّس بالمشاعر .

وهذا الكلام يرد على دعوى فرويد بمادية الاحلام بحجة ان صور الاحلام موجودة في عالم المادة . وفي الحقيقة أن هذه الصور والمشاهد ليست هي المقصودة بذاتها بقدر المشاعر المرتبطة بها . بدليل تغيّر صور ومشاهد الاحلام التي تعبّر عن عدم الاحساس بالامن مثلا . فالصور تتغير والشعور لا يتغير . اذا تلك الصور المادية عبارة عن وسائل توضيح ليس الا . و بالتالي فالاحلام ليست مادية بل معنوية . وبالتالي تسقط فكرة مادية الانسان الكاملة .

فولكت ص 22 :

هذا ليس على الاطلاق ، ولا يعمم على كل الناس . والكثير يرى صورا جنسية يكبحها الحياء والعفاف والضمير ، والكثير من الناس يرى نفسه في الاحلام مظلوما او مقتولا و ليس قاتلا ، أو قاتلا بالخطأ ويخشى من المطاردة ، وهكذا نستطيع ان نعرف الناس من احلامهم . الشخص الحالم هو نفسه في اليقظة وهو نفسه في النوم . و فولكت لم يخبرنا عن موقفه من الجنس في اليقظة . هل لديه ضوابط و كوابح ام لا ، مع أنه لا يبدو ذلك .

كل شيء يعمل فيه ضميرنا في اليقظة ، فإنه يعمل في الاحلام . فالضمير لا ينام كما يتصور فرويد و باقته المنتقاة من رواة الأحلام .





ص 24 – 25 :

الم يتخذ فرويد نفسه الاسلوب الرمزي ايضا في التفسير للاحلام واعادتها الى دوافع جنسية من خلال صور الاحلام وما تحمله من رموز ؟ مع انه تأويل رمزي بعيد و مثير للضحك احيانا . بل لقد فسّر سلوك الصغار والكبار في اليقظة على طريقة الرمز كعادة مص الاصابع و هواية جمع الطوابع إلخ .. بنفس الطريقة الشاطحة والمغرقة في الرمزية . كل ما في الامر انه نقل الرمز من عالم الفضيلة الى عالم الرذيلة . و بدل ان تكون للرموز دلالات راقية ، جعل لها دلالات منحطة . 







ص 28 – 35 كل تحليل الحلم :

ليس صحيحا ان يكون دافع كل الاحلام هو تحقيق رغبات . خصوصا ونحن نعرف ان اكثر الاحلام عبارة عن مخاوف ومشاعر ، مما يشير الى نسبة الخوف و الرغبة ومساحة كل منهما في حياة الانسان .

في اليقظة الاكثر هي الرغبة في سلوك الناس ، وفي الاحلام الاكثر هو الخوف . مما يعني ان اكثر الناس مفرطين في رغباتهم ومهملين لمخاوفهم ، على العكس تماما من راي فرويد . (كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الاخرة) (وتأكلون التراث اكلا لما ، وتحبون المال حبا جما) (زين للناس حب الشهوات) ، هذه هو مجال الرغبات .

لاحظ من تحليله انه يكشف عن رغبات كلها انانية ، و كأن الناس في يقظتهم يفتقرون للأنانية ، والذات عنده في الحلم ذاتُ شريرة و منتقمة ، بموجب التحليل الذي قدّمه . أي ان في دواخلنا رغبات مكبوتة لا تعرف الحلال ولا الحرام ، وهي التي تظهر لنا في الاحلام لأن الرقابة تخف .

إن اقل مساحة في الاحلام هي للرغبات . والمشاعر التي يلفها الحذر والقلق هي الصبغة المسيطرة على الاحلام وليست الرغبات . ويمكن اجراء استبيان و سيجد من يجريه ان مثل هذا الكلام هو الاقرب للصواب ، فليست الاحلام نافذة ومتنفسا – و كأنها نادي ليلي – تمارس فيها الرغبات التي يرفضها المجتمع وتـُعرض فيه صنوف الرغبات والشهوات المكبوتة والمخالفة لمشاعر الفضيلة عند الانسان ، بما فيها الرغبات الاجرامية والشريرة كما يصور لنا فرويد و يريدنا ان نقبل بأن الإنسان عبارة عن شرير مهذب ، تُخفـّف الحضارة من حدة انانيته في النهار لتعود تلك الانانية على أوجها اذا هو نام . وكأن البشر يعيشون في جنة فضيلة مزيفة وهم في عالم اليقظة ، ليت هذا يكون على الاقل ، هذا ما يحاول فرويد ان يثبت انه هو الواقع ، ولكنه بعيد عن الواقع ومختلف تماما عنه . مما يذكرنا بقصة الدكتور جيكل و مستر هايد الخيالية . حيث يكون الدكتور جيكل طيبا في النهار ، وينقلب الى مجرم و وحش وهو المستر هايد في الليل بعد شربه للدواء الذي اخترعه هو . فالشرور مكانها هو عالم اليقظة وليس عالم الاحلام ، ولهذا اضطر الى اعتساف الرموز في الاحلام لأنه فشل في اثبات ان الاحلام تدعو الى الشر .

انتهت الحلقة الأولى .. 

وتتبعها الحلقة الثانية بإذن الله ..

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق